الملتقى الفكري العربي ودوره في العملية الثقافية الفلسطينية/ شاكر فريد حسن

بعد احتلال الاراضي الفلسطينية ،شهدت مدينة القدس في السبعينات من القرن الماضي، رغم الحصار والخنق الثقافي، اقامة العديد من الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني ومراكز البحث ودور النشر، وذلك بمبادرة من النخب الطليعية الفلسطينية الواعية والمثقفين الفلسطينيين الناشطين في مجال الثقافة والفكر والابداع.
ومن ابرز المؤسسات التي نشطت على ساحة العمل الثقافي والوطني والشعبي الفلسطيني "جمعية الدراسات العربية" او ما يعرف بـ "بيت الشرق"،التي انشأها المناضل الراحل فيصل الحسيني، وجمعية "الملتقى الفكري العربي" ، التي تأسست عام 1977 ، وترأسها منذ العام 1978 وحتى العام 1992المهندس ابراهيم الدقاق ، احد قادة العمل الوطني الفلسطيني، وسكرتير التوجيه الوطني في الارض المحتلة ، واحد مؤسسي الجبهة الوطنية الفلسطينية ، التي حملت اعباء تنظيم العمل السياسي الفلسطيني في السبعينات.
ساهم الملتقى الفكري في بلورة المشروع الثقافي الفلسطيني والنهوض بالحياة الثقافية والفكرية الفلسطينية ، من خلال اقامة الانشطة والفعاليات والندوات السياسية والثقافية والورشات الادبية ، وتدعيم الحوار الوطني حول القضايا المطلبية واليومية والوطنية والجوهرية والمصيرية لشعبنا الفلسطيني المشرد والمعذب في خيام اللاجئين .
كذلك ساهم الملتقى من خلال دائرة الكتاب ، التي اسسها وانشأها في بداية الثمانينات ، في دعم الحراك والنشاط الثقافي الفلسطيني ، ونشر الانتاج الابداعي القصصي الفلسطيني ، باصدار مجموعات واعمال قصصية مشتركة لكتاب الضفة والقطاع.
ولم يقتصر نشاط الملتقى على مبدعين ومثقفي الضفة الغربية ، بل انضوى تحت خيمته ابرز كتاب قطاع غزة في تلك الحقبة ، الذين كان لهم دور كبير وهام في نشاطاته وفعالياته ، منهم : غريب عسقلاني ، صبحي حمدان، عبداللـه تايه، محمد ايوب، زكي العيلة، وليد الهليس ، وغيرهم.
وكان لجمعية الملتقى الفكري ودائرة الكتاب فيها الدور الاهم والابرز في تشكل اتحاد الكتاب الفلسطينيين عام 1980، الذي ادى دوراً رئيسياً ملحوظاً في رعاية واحتضان الحركة الادبية الفلسطينية والنهوض بمسيرتها المباركة ، وتنظيم الامسيات والندوات والمسابقات الادبية .
ولكن الحدث الاكبر والابرز في حياة وتاريخ الملتقى الفكري هو المهرجان الوطني للادب الفلسطيني عام 1981، والمهرجان الثاني عام 1982 ابان حصار بيروت ومعركتها البطولية ضد الغزاة.
وفي المحصلة، جمعية الملتقى الفكري شكلت رافداً ثقافياً نوعياً مهماً على جبهة الكفاح والنضال ضد الاحتلال وجرائمه وموبقاته ، وفي سبيل التحرر والاستقلال الوطني . ولعبت دوراً ريادياً وحضارياً وتاريخياً في العملية الثقافية الفلسطينية وتطور المشهد الثقافي الابداعي والفكري في القدس والاراضي المحتلة. وعند الحديث والتوثيق للحياة الثقافية الفلسطينية تحت حراب الاحتلال ، لا يمكن تجاوز وتجاهل انجازات ودور هذا الملتقى، الذي توقف بعيد مجيء السلطة .

CONVERSATION

0 comments: