الراوية الفلسطينية بين استنساخ الماضي واستحضار الحاضر/ هدلا القصار

ابات الروائية والقصص الأدبية، هي العماد الذي تعتمد عليه لغاتنا في المنطقة، التي لا تخلو من التطورات. ولا شك أيضاً أن هناك كتابات لكتاب من الشرق والغرب كتبت منذ سنوات طويلة، وما زلنا نجري وراءها كلما فكرنا بإبداع الكتابة.

نأتي بها لندفع أقلامنا تجري على الأوراق كأحصنة السباق. وهناك أسماء ما زالت منذ بداياتها تغذي موهبتها بطريقة أكثر ارتقاءً، مما جعلت أقلام النقاد والكتاب والمثقفون يجرون ورائها حتى يومنا هذا، لكن ليس على طريقة بعض نقادنا اليوم الذين استنفذوا طاقتهم ومواهبهم وهم يكتبون عن الكمية الأدبية، لهذا الكاتب أو ذاك، متلافين الاهتمام بإبداعات الكاتب أو تصنيف نوعية ثقافته . نستذكر رأي والأديب الفيلسوف، جان جاك روسو، الذي قال: "إن الإنسان يجب أن ينمو داخل الانتربولوجيا كما هي طبيعته العامة."لعل الناقد يستفيد من هذه المقولة، لان من السهل المؤكد أن نعرف أسباب الحرب والاحتلالات والثورة في المنطقة التي نريد أو تخصنا، من خلال عالم التكنولوجيا الحديث، لكن من الصعب أن نحدد مزايا المجتمع وعقائده، وتحركاته الاجتماعية، والحضارية، معرفة صحيحة عن هذا المجتمع أو ذاك الشعب إلا عن قرب، أو من خلال كتاب تدفعهم الأمور الحياتية للكشف عن المجاهل التي تعترض لها الحياة العادية، والأحداث الحية الكامنة بالمفاجآت، مستذكرين عبر كتاباتنا يوميات الواقع الإنساني وتأثيره على المجتمعات من حولنا، مخاطبين الفرد من خلال عالمنا الأدبي، ناقلين له تفاصيل الواقع، معبرين عن لحظات أوجاع مجتمعنا في موقعه الجغرافي، من خلال القصص والروايات، لتعديل عروض سيرها بعد عرضها على المتلقي والناقد المبدع الشاهد على مجتمعات تتعدد فيه الظواهر، كتعدد اللغات، والموضة، والديكور، والتصوير، والأفلام السينمائية، أو كالأنظمة التي تعكس اتجاهات شأنها شأن تلك الكاتبة أو ذاك الأديب، كما يدور هنا من خلف ستائر قطاع غزة، في حلقات الندوات المخصصة للعلاقات الدعائية التبادلية، بدل أن تبقى الصلات المفترضة مفتوحة بين المجتمع وبين الكاتب الأقوى إيصالاً.

و لو حاولنا الدخول إلى "مطاعم" الروايات والقصص الحديثة، واستعرضنا "مأكولات" أدباء الحرب في فلسطين، وتحديدا في نتاج مدينة غزة، لبعض الكتب الروائية والقصصية، لوجدنا العديد من منها مستنسخة من الماضي الاحتلالي أو النضالي، الذي لم تتطور أقلام أدبائه، إلا من عنصرية بعض اللذين ما زالوا يؤرخون في صفحات منشوراتهم، مواقع بلداتهم وقراهم على جغرافية الحاضر المستمد من تاريخ الاحتلال "الفيتو مينو لوجي"، الممزوج بالصراعات، والألم، وضياع الهوية، المؤسطر في منولوج صور حلم استرداد ما فقده الشعب على أيدي المحتل، من حكايات وقصص حبكت بأقلام رواد كبار الأدباء تسابقة أقلامهم فيما مضى على رسم أعمدة الأوجاع والتشرد والهجرة واغتصاب الأراضي، وعواصف خيبات قضيتهم من جنون التاريخ، لأدباء فلسطينيين سابقين أمثال: أميل حبيبي، وحسين البرغوتي، وغسان كنفاني، ومحمد أبو النصر، ومحمود شقير، وخليل بسيوني، وعبد الله تايه، وجبرا خليل جبرا، ويوسف الخطيب، وعبد الحميد الانشاطي، ونواف أبو الهيجاء، واحمد عمر شاهين، وعلي فؤاد، وسميح القاسم، وزكي العيلي .

وهناك العديد من هؤلاء الأدباء يتخوننا ذاكرة اسمائهم، لا يحتاجون لتعديل قصصهم عن القضية الفلسطينية، أو تكرار قصصهم وموضوعات رواياتهم. كما لم يعد المجتمع نفسه بحاجة إلى مطبوعاتهم الفوتوغرافية، المعروضة في المطاعم الأدبية، المنشغلة باستحداث أشكال كراسيهم وكراساتهم، التي اكتسحت مؤسسات النشر في الضفة الغربية وقطاع غزة، معتقدين "أن لكل قائل مجداً مجدداً."

لقد ترددت كثيرا قبل الدخول لمطاعم هؤلاء الأدباء الحديثين، الهاربين بخفايا واقعهم الفسيولوجي، والسيكولوجي، لموروثاتهم الذكورية المؤثرة على مجتمعهم الذي ما زال يغرق فيه الكثير من الكتاب المتغاضين عن معالجة أهداف شعبهم من تأثيرات ثقافة الماضي على حاضرهم الايديولوجي، المتكئ على سلم التاريخ البعيد عن حياة الناس، وتفكير المجتمع في الذات الإنسانية. ساهيين بعيداً عن تحرك تفاصيل الواقع المنعكس على الفرد الذي يتمزق في مجتمعه وأمام وجوده . واضعين المتلقي والمثقف في حيرة من إبداعاتهم الحديثة، المتشتتة المواقف والاهتمامات . حرزنا منهم 40% من هؤلاء الكتاب لم يبتعدوا عن تسجيل متابعتهم التفصيلية لتطوير أشكال الاحتلال، ومنهم 20% من الكتاب دمجوا قضايا الاحتلال بأساليبهم الملتصقة بعلاقتهم بالنساء اللواتي حشرن صورهن لمقارنتهن بنساء الغرب في كتاباتهم عن الاحتلال، متناسيين حضور المرأة الفلسطينية المثقفة الأديبة، وما وصلت إليه قدراتها الأنثوية المتألقة في حروفها، واستعانتها بإحساسها المفرط للأشياء من حولها، في إبداعاتها الأدبية، لإيجاد مخرج للدوافع والأسباب التي أدت إلى فوضى تلك العلاقات الاجتماعية والأسرية والعائلية والإنسانية، وأسباب تفكك أوصال تلك العلاقات، وأهمها علاقة الرجل والمرأة والعوائق المصيرية المتصدية لهما.

أعترف اليوم أن ما دفعني للتوقف أمام هذا العرض الملخص في مساجلتي هو صدق المحبة والغيرة على الأدب الفلسطيني في مجتمعه، وعن علاقته في أدبه الذي من المفترض أن يسجل كل ما يمر به شعبه، من توتر وتمزق إنساني متيقظ في يوميات حياته الفكرية والاجتماعية والعشائرية والقبائلية والإنسانية والعاطفية، من خلال ثقافة أيديولوجية مؤثرة، بدل أن يكشفوا للمتلقي عن إبداعات عالمهم الداخلي لتلافي الترويج المخصص لهؤلاء الأدباء السائحين، قبل أن يظل الأدب الفلسطيني الحلقة الأضعف بين الروايات والقصص على الساحة العربية والدولية والفلسطينية، مهما كثرت مكونات تذوق الصحف والمؤسسات والسينما والمجاملات والمراعاة والمحاباة، والتعاطف مع القضية الفلسطينية.

ففي أثناء تراجع الأدب الذكوري في فلسطين، سارعن بغفلة بعض من الأديبات الفلسطينيات اللواتي لم يتخطين نسبة 40% بانتفاضتهن المنطلقة من الضفة الغربية، وصولا إلى قطاع غزة، بخروجهن من بالونات الكبت والصمت إلى العالم باحاييلهن لتفريغ مخزونهن الإبداعي، واضعين صمتهن المتفجر في كتاباتهن الناتجة من تأثيرات الحالة النفسية والاجتماعية، لارتقاء أشكال نتاجهن النسوي، بعقلهن المتفتح، وبتأملهن الذي يخص صحوة الأنثى، التي كسرت بعضاً من الحواجز الاجتماعية المعيقة، بسعيها لإخراج صورتها الحقيقية وتفعيل حياتها من خلال استحضار معاناتها الجاهزة في إبداعها ضمن قواعد تجربتها المنسوجة من خيوط الحاضر المجتمعي في المربع الفلسطيني، كما هو على ارض الواقع، الذي لم يكن يخرج سابقاً من أعمدة المنزل المختص بمناجاة الذات .

فمن بين هذا الخليط الإبداعي، انتقينا من قطاع غزة تقنيات حديثة تحمل أصواتا نسائية متميزة في قصصهن الحاضرة من مشاهد الحياة الثرية بالموروثات، وبأسلوبهن المتعدد الجماليات الممزوج بمنولوج رواياتهن الميكافيلية، في وظائفهن الفنية المتكئة على أناة الذات بانفعال معاناتهن وبقلبهن العاطفي المستدعي لوعة المرأة وعلاقتها الجدلية بين التحرر الوطني، والتحرر الاجتماعي، المتمثل في المرأة الفلسطينية الحبلى بالأمل، المستعينة بالعمق والمنطق لاستفزاز حواسها وتعاملها مع المأساة الإنسانية الملموسة، لتعطي نموذجا مضيئا ومميزا في الإبداع المحلي، الآتي من فنتازيا العالم المرمي على ارض الواقع، لتشكل وحدة موحدة لصورتها المنبعثة من صوتها الأنثوي، الخاص بكل قوة وشفافية، وبقناعات رؤيتها النابضة من حيوية تجربتها المتألقة في بوحها الدقيق والعميق، الآتي من أوتار لغتها الرقيقة في مركبها المتعدد الرؤى، المتجسد في تجربتها واتجاهات تشكيلاتها الأدبية، لتدخل أفاق الثقافة العربية والغربية في مقارنة مع عالمها المرتبط بتقرحات المجتمع، باعتباره المصير الغامض للإنسان، وانعكاسه، وسهاده، وأفكاره، وفلسفته، وآماله المعبرة عن روح العصر، المنفرد في كتابات المرأة الفلسطينية الأديبة، التي جمعت الحياة بالشارع والجامعة، والأستاذ، والطبيب، والعامل، والموظف، والبائع والمحامي، والشاعر، والراوي، في تشكيل ظروفها كتعبير عن الروح الميتافيزيقية، لدوامة ألم الإنسان المصور بالأحداث المتناغمة بين الداخل والخارج، وبين الزمان والمكان، والمرأة والرجل، والخطأ والصواب، والحب والكراهية، والخير والشر، لتتماشى قصصها ورواياتها مع "كراكتر" تلك الشخصيات، كنوع من الثقافة الحديثة القائمة بالشرح عن ذات الأناة، وانتقادها لتطوير المجتمع وتقديمه على أفضل حال، أو كنموذج لمصدر حقيقي لطراوة قضية الإنسان في بساطة حياته، وما يجول في ساحاته التي فتحت أمامنا آفـاقـا جديدة لرؤية مضمون القصة والرواية الأنثوية الجديرة بالنشر والجدل التحليلي، لارتكازها على أغوار اليومي في أدق تفاصيله وحيثياته التي تهدف إلى عامة المتلقي أمثال: الروائية والقاصة المتميزة بتمردها سحر خليفة، وأحلام بشارات، وبشرى أبو شرار، ومي سلامة، ونهيل مهنا، وسماح الشيخ، وكوثر أبو هاني، وسما حسن، وهداية شمعون، وهند جودة، وأماني الجنيدي، وعدنية شبلي، ومايا أبو الحيات، وبسمة تكروري ويسرى الخطيب .

هؤلاء الأديبات اللواتي تجاوزنا بعضاً من تأثير الموروثات السلبية الاجتماعية، بفرش أوراقهن فوق طاولات أدباء ما زالت ماركات أقلامهم تتغنى بأدوارها المصورة، علما أن هناك العديد من الكاتبات ما زلوا يعانيون في غزة من التحفظ على حقيقة أسمائهن، بسبب العائق الاجتماعي المترصد للمرأة الأديبة الكاتبة، فبالكاد استطعنا الدخول إلى موهبة بعضهن اللواتي لم يذكرن بالجريمة الأولى، بل بدأن من حيث بدأت النتائج المنعكسة على مجتمعهن سلباً . وبعضهن لم يتح لهن مجال النشر أو الإعلان عن وجودهن وظهورهن في الصالونات الأدبية الفلسطينية الغزيــة المحتكرة لاجترار وجوه كتاب وأدباء زهقنا التصفيق لهم، ومللنا حضور أسمائهم على أوراق الدعوات، أو عبر البريد الالكتروني. وهذا يقع أيضاً على عاتق كانتونات الساحات الإعلامية، المحتجبة انطلاقتهن المليئة من حرارة قصصهن وتفاصيل حياتهن ومعاناتهن، التي تحمل عدة سمات، أولاها الإحباط، والاتجاهات الرومانسية التي تنتهي بالكتابة المركزة لتعويض الذات مما تتعرض له في مجتمعها من تغيرات جسد الزمن، والضغط النفسي، والكبت الأسري، والسياسي، والمرأة والرجل، والظروف الموضوعية الأساسية بينهما .

من هذا المنطلق قامت بعض الأديبات بالتصدي لأقلام بعض الأدباء اللذين ما زالوا يتغنون بعلاقتهم بجسدها، وما يستفز غيرتها بـآرائهم المستوردة من الغـرب، الغير المروجة على ارض الواقـع خاصة في مجتمع شرقي حي، وتحديدا في مدينة غزة، قامت المرأة الكاتبة بتغير سير صفحات روايات الادباء باجتهادها النابع من شريان معاناتها، بسلاسة أسلوبها وتسلسل صور قصصها من تجارب الحياة، باستهلال تحرك رموزها التي دخلت إبداع رؤيتها للواقع القائم في مربع مجتمعها، دون أن تتجاهل إعطاء مساحة للجدل على أوراق قصصها الهاربة من الحاضر الساعي لقتل طموحاتها، وإجهاض رغبات بوح قلمها المتحدي المجتمع، مستغلة ثقافتها وخبراتها التكنولوجيا الحديثة، ابتداءً من مكانها وبكل من سجل مروره بمخيلتها الخصبة في نتاجها الأدبي، المتنوع في تقسيماته الإنسانية والاجتماعية، دون أن تتنافر من أوراقها الخالية من الترويج .

نقول لا بد من المؤثرات الحياتية والفكرية أن تترك بصمتها على إبداع الكاتبة بشكل خاص في كتاباتها القصصية المتوهجة من واقع اللحظة الحاضرة في خطواتها المزدحمة بالمفارقات، والمسؤوليات، لتطوير الجماعة، من خلال وضع مسائلتها على أوراق قصصهن المصممة للوصول إلى متطلباتهن، ورغباتهن، وطموحاتهن، لما ما بعد البوح الأول، في مركبات ذائقتهن الرفيعة التي لم تغلق أبواب رؤيتهن بعد نهاية كل قصه من رواياتهن دون كلل أو ملل، لا بل تركن نوافذ رؤيتهن مفتوحة على الحياة، والوجه الإنساني المترصد لجميع تفاعلات الصور المتغيرة على مجرى الأمور في نصفيه الوطني والأنثوي المتتبع علاقات المجتمع بأي تركيبة كانت: الزوج. الأب. المحب. المعشوق أو العاشق. الأخ. الصديق. الجار. المدرس. هو ذاك الرجل أو هذا الزوج، يبقى المحور قائما في كتابات المرأة مفتوحاً على جميع الاحتمالات.

لهذا نؤكد على أن لا يمكن إلا أن يكون وراء كل كاتب أو كاتبة دوافع جوهرية تذهب إلى أبعد من قضايا الإنسان في جميع تغيرات الحياة .

فمنهن من أجدن الهروب إلى منطقة الدفاع عن قضيتهن الشخصية والإنسانية والشرعية والاجتماعية بجميع أشكالها، ليثبتن هويتهن الفكرية والثقافية والأدبية المتحدي الأدب الذكوري الفلسطيني الذي لا يريد أن يكون في موقع التبادل والتجدد ألانتمائي. ومنهن من انفردن بتحدي الرجل الأديب من خلال تنوع تجاربهن اليومية بإشكاله المتعددة، للتواصل مع أصوات خلجات صدورهن، ومعاناة فكرهن من ألم مفاصل الموروثات، حيث العبء الثقيل واقع على تصميم المرأة، وهروبها من عقدة الخوف والانتقال إلى قول رأيها في الحقيقة المخبئة، عن أسباب تهتك العلاقات المجتمعية.

ومنهن من اتخذن طريق الواقعية التسجيلية والرمزية في تسجيل حكايات عن أسرهن في يومياتهن باللحظة. ومنهن من اخرجن المكبوت، وكشفن المستور عن أسباب انهيار الأعمدة المغطاة بستائر الصمت، وعن تناقضات المجتمع وأوضاعه، بطريقة إعلامية بسيطة وسلسة. ومنهن من حاولن إعادة تركيب طفولتهن، وتأثيرها النفسي والمعنوي على حاضرهن المرتبط بشخصية الزمن الحالي. ومنهن من تمردن بصوت عالي على الموروثات والتقاليد الواقعة على ظلم المرأة، ووجودها واضطهادها من قبل الزوج وما تتعرض له بين أسرتها، وعائلتها، ومجتمعها الذي ينصف الرجل ويتجاهل حق الزوجة في البوح.... ومنهن من كتبنا عن المحرمات الجنسية التي أبيحت للرجل على حساب الزوجة التي حجبت عن مطالبة اضعف حقوقها الإنسانية. وبعضهن كشفن عن تأثير الموروثات على واقعهن المقيد لحركتهن وتحررهن من قيود الرجل، دون أن يعتبرن متطلباتهن عائقاً لتطوير دورهن في المشروع الثقافي الفلسطيني الحديث .

لا يسعني بعد هذا العرض سوى التوقف والتمعن من جديد بأوراق تلك الأديبات الفلسطينيات الحديثات، اللواتي وضعن عفوية فطرتهن في وعاء وصالهن اللامع من أصابعهن، بعد أن اهتزت مسافة السنوات الممتدة من دفء جمرات قصصهن المخبئة، ليتحكمن بخروجهن من جبروت الاحتلال، والموروثات الذكورية، بأنامل تحيك ميلاداً جديداً من إبداعات أدب المرأة الفلسطينية في ثورتها الحديثة، التي أعطت أهمية مضافة لنهضة وثقافة المرأة الفلسطينية في الأدب المحلي حديثاً الجديرة بالاهتمام .

ولعل تلك الكاتبات الأديبات يصلن يوما ما في قصصهن إلى ما وصلت إليه الأديبة البريطانية درويس ليسنغ، أو الروائية والشاعرة الكندية مارجريت أتوود، أو الأديبة الفرنسية فرانسو ساغان، وغيرهن من أديبات الغرب اللواتي اشتغلن على ترميم الجراحات الإنسانية، والقضايا الاجتماعية في رواياتهن التي تؤكد على إن الأدب هو أدب إنساني بحت، ولا بد من قراءته وفق معايير سامية لا تساوم على الجودة، ولا تجامل على القوة.

هذا إذا تأملنا في قطاعات الحياة، فعندئذ سنكتشف كل يوم قطاعاً جديدا، يفتح أمامنا مسألة الواجب الأدبي الملحوظ الذي يستحق التوقف لما يمكن طرح نظرياته على الملأ، لننقب ما وصلت إليه إمكانيات الأدب الفلسطيني، كنموذج شاهد على أدق تفاصيل الحياة في صيغته الحديثة.

ومن الضروري لكتاب اليوم أن يخرجوا من رئة أدباء الحرب، و يتخلصوا من ترسبات الماضي، وان يكفوا عن دوراتهم العالقة بطواحين الهواء، كي لا يفقدوا شهية وتأثير القصة الفلسطينية في روايات مجتمعهم، وأن يشغلوا أنفسهم بما لديهم من أوراق شعبهم المستنزف من دم الواقع الإنساني المسيطر على مجتمعهم، من اجل أن يتاح للقصة الفلسطينية استقرارها المتحرك، لترسوا على ميناء تبادل الثقافة العامة لاعتدال واقعهم، ليتلافوا عيوب الاستنساخ وأغراض اتجاهاته المتخبطة في المتاهات والظلمات، قبل أن يضيع ما تبقى من الأدب الفلسطيني على الساحة الفلسطينية الغزية تحديداً، ويجب التعامل مع التغير الزمني، وليس مع الاجتماعي الثابت، "فالموظف الثابت غير الموظف المتعب."



CONVERSATION

0 comments: