مصطفى عبود هو كاتب وناقد ومناضل شيوعي عراقي ، ارتبط منذ شبابه المبكر، وومضات الوعي الأول، بأحد معاقل الحركة الثورية والطبقة العاملة الكادحة ـ الحزب الشيوعي العراقي. وقد كرّس قلمه وفكره في خدمة القضايا الوطنية والطبقية والمصيرية للشعب العراقي والشعوب الكادحة والمضطهدة الطامحة والمتطلعة للحرية والاستقلال ، وفي سبيل السلم والعدل والتقدم الاجتماعي. وساهم في نشر الكلمة الثورية والثقافة الجمالية الانسانية التقدمية والديمقراطية والفكر التنوري النقدي الماركسي، وما من منبر ثوري وتقدمي في العراق خلا من اسهاماته المتميزة وكتاباته الابداعية العميقة الملتزمة ذات التوجه التقدمي والمضمون الانساني الطبقي والجمالي .
ولد مصطفى عبود سنة 1937 في الديوانه ، وأتم دراسته الثانوية في البصرة ، وتعرض هو وعائلته الى الملاحقات والمضايقات بسبب نشاطه السياسي والتنظيمي ومواقفه السياسية ونضاله مع قوى النور والحرية العراقية ، وكان والده لاقى حتفه في المنفى.
التحق عبود بكلية الآداب في سنوات الخمسين من القرن الماضي ولم يكمل دراسته الاكاديمية بسبب نشاطه السياسي المعادي للنظام القمعي الاستبدادي الحاكم . ثم التحق بكلية التجارة وعرف بحبه وشغفه بالادب والمامه باللغة الانجليزية. وفي سنة 1963 اعتقل وغمد في السجن اثر الانقلاب الفاشي الدموي ، وتعرض لجميع أصناف القمع والتعذيب الجسدي والتنكيل الوحشي، واصيب بامراض مزمنة عانى منها طويلاً ، واطلق سراحه في العام 1968.
عمل عبود في صحيفة "طريق الشعب" التابعة والناطقة بلسان الحزب الشيوعي العراقي وترأس أحد أقسامها. وفي سنة 1987 اصيب بنوبة قلبية وغادر العراق مع تصاعد القمع السلطوي الفاشي وعمل مترجماً في القسم العربي في مجلة قضايا السلم والاشتراكية في براغ. وفي عام 1986 توفي في احد مستشفيات براغ ،ونعاه مكتب "أعلام الخارج " للحزب الشيوعي العراقي .
ترك مصطفى عبود وراءه ثروة أدبية وسيرة نضالية مضيئة زاخرة بالنشاط والعطاء الثقافي ، ومن بين اعماله البارزة:"مرثية عامل القصب، حول الدور القيادي للماركسية في السياسة الثقافية، عاصفة الورق، في تجربة المجر، لينين والصحافة ، رباعيات اليوت". هذا عدا عن مئات المقالات النقدية والدراسات الادبية والترجمات الشعرية ، التي نشرها على صفحات الدوريات الادبية والفكرية والثقافية العراقية ومنابر الفكر التقدمي كـ "طريق الشعب" و"الثقافة الجديدة" و"البديل" و"النهج" و"الأديب المعاصر" وغيرها.
مصطفى عبود مبدع ومناضل ومقاتل عراقي كبير قاوم بالقلم والكلمة الشجاعة الواعية ، وقضى اجمل سني الابداع وسط السجون وفي الزنازين وأقبية التعذيب ، وعرف عن كثب كتلة ابداع لا تتوقف، وجمرة نضال لا تنطفئ . وأية جريمة أكبر من أن يموت هذا المفكر والعقل المشع نوراً وضياءً وهو في المنفى بعيداً عن وطنه العراقي ، الذي استباحه الفاشيون وحولوه الى دمار وخراب ، ولم تتكحل عيناه بنخيل البصرة ، بمنأى عن دخان وحرائق الحرب وكرباج القمع والكبت والاضطهاد السلطوي؟!.
0 comments:
إرسال تعليق