زمن الصغار قادم/ عبداللطيف الحسيني


يا مَن تحاولُ فتحَ بابي بعدَ منتصف الليلة الليلاء حيث الظلمة والزمهريروالصمت المخيف , فأنا أدعوكَ لتدخلَ بيتي لتجدني أكتبُ أو أقرأ تحت ضوء شمعة راقصة  وتأخذ ما تشاء من منزلي , وبالمناسبة لو دعوتُكَ للدخول أودخلتَ أنت دون إذن منّي , فلن تجد في بيتي أيَّ شيءٍ تسرقه أوتأخذه غصباً عني ,ما أملكُه هوالبضاعةُ المنبوذة والكاسدة و(الفاسدة), تلك التي ابتعدَ عنها الجميع : كُتبٌ قديمة ماركسية وفلسفية وتراثية وعدّة أقلام برِيَشٍ سودٍ لأبيّض أو أسوّد بها سخافات وبشاعة الواقع المرّ والمريض , وأملكُ ثلاثة أولاد تأويهم غرفةٌ زمهريرية الأركان من جهات الأربع أوالست أوالمئة في هذا الشمال المعتوه والفقير والمظلم , أولادٌ تصطكّ أسنانُهم لا خوفاً , انتبهْ , بل برداً . يا مَنْ تطرقُ بابي بعنف لتثأر منّي , فأنا رجلٌ من حروف وكلمات وصرخات,انتبهْ : أنا رجلُ أفكار , ولستُ (المثقف) المكمّم والصائم والصامت, فهل تعلم بأنّ رجل الأفكار لا يُثأر منه ,بل يُناقَش ويُحاوَر ضمن اختصاصه أو إهتمامه ؟ . طَوَال عمري كنتُ أكتبُ عنكَ وأدافعُ عنك , بل كنتُ أتحدّثُ بلسانك لأنك – مثلي- مظلوم ومغبون ومقهور , أرجوك : ادخلْ بيتي وناقشني في أيّ موضوع تختارُه أنت وأنا سأناقشُك فيه , فلربما غلبتَني , فأنا رجلٌ تعوّدَ على الانهزام ورفع الراية البيضاء حين أجدُ الشراسة والغطرسة والجهل في السياسة والثقافة والفكر,والشارعُ امتلأ بالثالوث البغيض :الشراسة والغطرسة والجهل , لكن لو أردتَ الثأر مني , فأنا أدعوك أوّلاً لتقرأَ كتبي , وسهلٌ عليّ لأهديكَ كتابي الخامس من سلسلة إصداراتي , وبالمناسبة يا سيدي : دعني لأعيش سنة أخرى لأنجز كتابي السادس وسيكون بعنوان:( استراتيجية الإنسان الجديد)وهو بحثٌ مسحيّ – اجتماعي – نفسي أخذتُ إرهاصاته من نبض الشارع ( حيث أعيش , فأنا ابنُ الشارع , مدحاً - إنْ شئتَ - أو ذمّاً) – هذا الكتابُ غير المنجز يتحدّثُ عنك ويحملُ رائحتَك , فهو الكتابُ الذي يعرفُكَ أكثرَ منك , ألا هل استمعتَ ؟ اسمعْ إذن :"زمن الشعراء الصغار قادم. وداعاً ويتمان، دكنسون، فروست. مرحباً بك، يا مَنْ لن تتخطّى شهرتهُ محيطَ عائلته "

CONVERSATION

0 comments: