التحدي الثقافي العراقي/ اسعد البصري

التحدي الوحيد اليوم أمام المثقف العراقي هو أن يكون محترماً
كن شيوعيا و كن بعثيا و كن جعفرياً رافضياً وكن سنياً ناصبياً
كن ليبرالياً و كن عبثياً و كن متمرداً على نفسك هذا كله غير مهم
المهم أن تكتب وأنت تسمع النشيد الخالد للشعب
ليس مهما متى و كيف و أين تسمع ذلك النشيد الوطني الخفي الخالد
المهم أن تكون في هذا الزمن غير المحترم مثقفاً محترماً
لا تكتب مقابل النقود والطمع ولا حتى مقابل الحب
اكتب بلا مقابل
ما معنى أن يكون المثقف محترماً ؟؟
معناه أن تكتب بشجاعة قل لا يعجبني النبي ولا يعجبني عمر ولا يعجبني علي
لكن لا تكتبها كما يكتبها طائفي جبان يستعين بالسلطة والغوغاء
بل أرسلها رسالة شجاع مستنير متوحد يتحدى بنور عقله و روحه
لقد كتب معروف الرصافي صراحة بأن شخصية عليّ بن أبي طالب لا تعجبه
وعلى النقيض من مرافعة طه حسين التاريخية
في ( الفتنة الكبرى ) و كتاب ( علي و بنوه ) حيث كان
عميد الأدب العربي منتصرا لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب
كان معروف الرصافي يكتب صراحة بأن عليّ قائد فاشل
بل قال إنه بنصف الجنود العرب الذين ذبحوا في عهد عليّ بن أبي طالب
والتي كانت كلها حروبا داخلية و فتنا أهلكت صناديد العرب المسلمين
فتح الوليد بن عبد الملك الهند والأندلس و كان يوزع الذهب والصدقات
على بيت المقدس
لم يخف ولم يجامل بل وضع ذلك في كتابه (( رسالة العراق )) بلا تردد
ثم كتب في كتابه (( الرسالة المحمدية )) كوارث في السيرة النبوية بلا تردد
مع كل هذا و رغم مشاغباته الكبيرة لم يرفضه الشعب
لأنه لم يكتب حرفا مقابل نقود أو منصب بل مات معوزا فقيرا
الرصافي لا زوجة ولا أبناء ولا مال لكنه كان مثقفاً محترماً
حين مات قرأ الجواهري الخالد أمام الزعيم عبد الكريم قاسم
(( لغز الحياة و حيرة الألبابِ
أن يستحيل الفكر محض ترابِ
أنا أكره الموت اللئيم و طيفه
كرهي طيوف مخاتل نصابِ
ذئب ترصدني و بين نيوبه
دم إخوتي و أقاربي و صحابي ))
فلم يتمالك الزعيم نفسه في حفل التأبين ذاك
فوقف حين سمع هذه الأبيات في الرصافي
و وقف معه الوزراء والضباط والمثقفون
ثم وقف الشعب كله للرصافي إلى يومنا هذا لأنه كان محترماً و شجاعا
قل ما تشاء والشعب سيعرف ما إذا كنت رخيصا أم محترماً

CONVERSATION

0 comments: