الصخــــــرة/ نورا السيد عبد الفتاح


استيقظ من نومه فجأه شاعرا بشئ ثقيل يجثم علي صدره .. تلفت حوله باحثا عن ساعته ليتعرف الوقت ..فوجدها ما تزال الخامسة صباحا وتناهي إلي مسانعه صوت المسجد القريب منه يقيم صلاة الفجر ..فتوضأ ونزل مسرعا إلي الصلاه ... وبعد انتهائها صعد إلي المنزل ، اخذ يتجول يمينا ويسارا باحثا عما يخرجه من حالة الملل التي أصابته والتي لا يعرف سببها .وعندما فشل في ايجاد هذا الشئ قرر ان يتغيب عن عمله في هذا اليوم ويذهب إلي العين السخنه .مكانه ا لمفضل والذي يجد فيه الراحه والهدوء وينعم فيه بالصفاء الذهني والروحي الذي يبحث عنه داخل نفسه ولا يجده .

استقل سيارته متجها إلي الشاطئ وقد انبعث من مسجلها صوت اغنية منير المفضله لديه عندما يكون في مثل هذه الحاله الغير مفهومه ( يا عذاب نفسي واخدني لفين ...قضيت معاك الليله بسنين) .

بعد مضي ساعه من الوقت بدأت تظهر أمامه رمال الشاطئ بلونها الذهبي وتتلالا صفحة الماء تحت أشاعة الشمس مما بعث في نفسه شعور بالراحه النسبية ...

اوقف محرك السيارة ونزل منها متجها إلي صخرته والتي يعدها صديقته ايضا !!ولما لا وهي تشبهه كثيرا أو انه هو من يشبهها ..نعم ..فلو تأملته لوجدته كالصخر حقا ، شئ ما في وجهه يجعله كذلك ولكنك لا تعرف ما هو .. اهي الوحده ؟ أم الزمن؟ أم المواقف التي تركت علامتها عليه كما الموج مع الصخر .. اعتقد إنها الاخيرة .. المواقف.. تلك التي صنعت منه رجلا حقا ولكنها انهكت روحه كثيرا.

تمدد بجوار الصخره كأنما يرقد بجوار حبيبته ..وأخذ يتطلع إلي السماء..فهذ هو الوضع الذي يشعر فيه بالراحه..وهو يري البراح يري كل شئ بدون حواجز ..بدون قيود...

وساعدته رقدته ان يغوص في ذاكرته.. يسترجع ذكريات ماض مرهق إلي اقصي حد ،
فتمر المشاهد سريعه متلاحقه أمام عينيه .
.بدايتها يوم خروجه من بيت عائلته بعد مشادته مع والده وطرده له وكان عليه هنا ان يتحمل مسئولية نفسه وهو مايزال صغيرا... صوت امه الحنون مازال يتردد في أذنه وهي تترجاه في الا يرحل ويترك البيت ..يومها فقط بدأ مرحلة تعليم من نوع اخر تعليم في مدرسة الحياه ... وكانت اولي دروسه في هذة المدرسه ان يتعلم معان جديده ..

معني كلمة العمل فقط من اجل لقمة العيش وليس من أجل الرفاهية وتحقيق الذات واستخدام ما تعلمه ..

معني ان يستغل موهبته الرياضيه في لعبة كره السله... فبعد ان كان يتدرب ليصبح لاعب اساسي في فريق اصبح يلعب ليتكسب منها .. فيلعب مباريات متفرقه للفرق المختلفه من أجل المال .. فينتقل في اليوم الواحد بين مباراة وثانية وثالثه..

معني ان يضطر لترك دراسته بكلية الهندسه برغم حبه لها واقتناعه وكل من حوله انه من الممكن ان يبدع فيها حقا لعدم توافر المال والوقت الكافي للدراسة فيكاد يفقد مستقبله..
وعند هذة النقطه لاح لو وجهان عزيزان عليه ..وجه والدته الطيب البشوش والتي ظلت تسانده حتي بعد خروجه من المنزل وتحاول اعادته ثانية بأي طريقه.. ولما فشلت في هذا لم تملك الا ان تحاول مساعدته بالقليل من المال عندما يتسني لها ذلك ...

والوجه الاخر كان وجه استاذه في الجامعه الذي ارغمه علي العوده إلي الكليه بعد لجوء والدته إليه كي يقنعه بأن يستمر في دراسته وبالرغم من عناد الشاب وترديده انه في كل الاحوال قد فقد هذا العام الدراسي الا ان الاستاذ اقنعه انه حتي وان كان هذا صحيحا فيجب ان يعاود مداومة الدراسة ولا ينقطع ...لقد كان الاستاذ مؤمن بمواهب الشاب وعقله ..
وإن من اجمل الاشياء ان نجد من يؤمن بنا حقا وبقدراتنا... فهذا يدفعنا دفعا الى الامام دون ان ندري ..

مازال الراقد يتذكر كيف سارت به الحياه علي هذة الوتيره القاسية عمل ودراسه وتدريب ..لم تكن حياة سهله نهائيا ..

وإن من أصعب الأوقات التي تمر علي الإنسان أن يحتاج إلي من يضمه.. يفهمه ..يهون عليه متاعبه..فيتلفت حوله باحثا.. ولكن !! لا يجد.. أن يشعر برهبة الليل عندما تمر ساعاته بطيئه ثقيله بارده فلا يجد ما ينتزعه من هذا الاحساس السخيف .. فيحاول التفكير في الغد عسي ان يجد فيه ما يقلل من توتره ..فيصطدم بالمجهول .. انه حتي لا يعلم ما يخبئه له الغد فيتمني لو ان الحال كان غير الحال ليس ضعفا وانما هربا مما لا يعرفه ...

فيعود ليتمني ان يجد من يسمع ويفهم ما لا يقوله ولا يبوح به ..يجد من يتفهم ما يشعر به ولا ينطق به لسانه..

يتخرج الشاب في كليته يمتهن الكثيرمن الأعمال لم يركن يوما إلي الظروف والملابسات ..لم يستخدم هذه الشماعه لتكون مبرر للفشل أو البطاله..

ذكريات قاسية ..ولكنه يعرف إنها مع ايلامها كانت السبب الرئيسي لما أصبحت عليه شخصيته من قوة وصلابه ... ذكريات لمواقف صنعت منه إنسان مختلف بكل ما تحمل الكلمة من معني وليس شبه من الأشباه المنتشرة في وقتتا الحالي
المشاهد أمامه مازالت كثيرة ومتلاحقه متألمة أحيانا باسمة قليلا ساخره منه أغلب الوقت ضاحكا عليها الان عندما قارب أن يصل إلي أمله ...عندما اصبح هو ...
هو .. المهندس الموهوب الذي آمن به استاذه قديما والذي يعمل في مكان مرموق الان وفي طريقه إلي أن يكون صاحب لشركة الكترونيات ...وهو لاعب كرة السله المحترف في أحد اكبر الانديه المصريه

ولكن!! واستيقظ من تاملاته فجأه علي رزاز الامواج التي تتكسر علي الصخرة فأبتسم عندما وجد قميصه يكاد يكون مبتل عن اخره بالماء وهو لم يشعر به من فرط استغراقه ..ويبدو انه لم يفق إلا بعد ان ئن جسده من بروده الماء التي فاقت احتماله ....

ابتعد قليلا عن الماء واذداد التصاقا بالصخره كأنه يحتمي بها وعاود التفكير مجددا في حياته، وسبب مجيئه إلي هنا ،وحالة الضيق التي تنتابه من حين لأخر دون سبب

فكر كثيرا كثيرا .. وبحث كثيرا ولم يهتد إلي جواب شاف

تري ما سر هذا الضيق الذي ينتابه؟؟ وما سر افتقاد كل ما حوله للبريق والمعني؟؟ وما سر فقدان الرغبه في عمل اي شئ بالرغم من حبه له ...

الكثير والكثير من الاسئله التي لم يعرف اجابة لاي منها فبدأ يضع احتمالات اجوبه لعله يجد بينها ما يجعله يهدأ ..

اتراها الوحده والاحتياج إلي دفئ وحنان جارف ينتزعه من بروده أيامه ؟؟
أتراه طموح كبير تئن تحت وطأته قواه ؟؟
أم رغبه في الأبتعاد عن كل شئ وأي شئ هنا والبداية بقوة من جديد في مكان اخر ؟؟
أو لعله عدم رضا بما هو عليه؟؟!! وعندما جال بخاطره هذا الخاطر نفضه مستغفر معاتبا نفسه .... فحاشا لله ان يكون غير راض ... حتما هناك سبب اخر غير عدم الرضا ولكنه لا يعرفه ..

وهنا قام منتصبا والقي نظرة اخيره علي صديقته قبل مغادرة المكان وكأنما يعاهدها علي لقاء اخر قريب متمنيا ان تكون عودته اليها وهو في حال غير الحال ...

واستقل سيارته عائدا إلي منزله مره اخري وفي هذة المرة ينطلق من المسجل آيات القرأن الكريم تبث فيه الطمأنينة... محاولا ان يستمد منها قوة جديده تساعده علي أكمال طريقه ...


CONVERSATION

2 comments:

غير معرف يقول...

ياعندليب متخفش من غنوتك
قول شكوتك واحكى على بلوتك
الغنا مش هيموتك انما
كتم الغنا هو اللى هيموتك

حبيبة شهريار يقول...

كل الشكر والتقدير للمرور والاهتمام... دمت بكل خير