حزب النور.. غَلق الباب عنه أو إسقاط مرشحيه/ مهندس عزمي إبراهيم

الانتخابات البرلمانية المصرية على وشك أن تكون على الأبواب. وقد بدأ تصاعد النشاط السياسي والاجتهادات الإعلامية، خاصة فيما يتعلق بالترشيحات للمقاعد الفردية وإعداد القوائم وتصيّد التحالفات من كل الأحزاب المصرية. وبالطبع "حزب النور" بينهم!!
وحزب النور، المُقام على أساس ديني بحت، هو الذراع السياسي للسلفية الوهابية المؤمنة بما خططه ابن تيمية وابن عبد الوهاب من معايير بدوية متقوقعة عنيفة، غير عصرية، ولا حضرية ولا حضارية ولا إنسانية. ولا يوجد بمصر من يجهل أن الوهابيين يزحفون كما تزحف الثعابين والعقارب في حنايا مصر تحت عباءة تقية غير خافية بإسم "حزب النور".
الوهابية قائمة على قواعد عنصرية دينية عنيفة ومتخلفة. كامتلاك الحقيقة وغيرهم باطل، فتدبير المؤامرات العدائية ضد من هو غيرهم فرض حلال. والجزية على المواطنين غير المسلمين فرض حلال. وإصدار فتاوي بمهاترات غير لائقة أخلاقياً ولا إنسانياً ولا يقبلها العقل. كإباحة مجامعة الزوج لزوجته الميتة، وإباحة رضاع الكبير، وإباحة نكاح الأطفال والعلاج ببول البعير وأجنحة الذباب، أمر سهل علي فقهائهم. كما أن الوهابية قائمة على احتقار المرأة وقصر دورها في الحياة على التفريغ والتفريخ.
فالوهابية تؤمن بقيود الماضي السلفي المتجمد والمتخلف. ولا تؤمن بمجالات البحث والتطور التكنولوجى والطبى والعلمى والأدبى والفني والقانوني والاجتماعي والإنساني. فتقوم بتنقيب وجوه النساء وعقول الرجال والنساء معاً عن العلم والفن والإبداع والإنتاج وكل شيء جميل. والوهابية السلفية تحاول دائبة أن تبذر سلفيتها البدوية المتخلفة وشرائعها المتعسفة العقيمة لتعرقل تقدم مصر المأمول نحو المدنية والديموقراطية والانتعاش الفكري والعلمي والفني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي، بل والأخلاقي.
ومن تاريخ السلفيين الغير وطني في مصر أنهم رفعوا أعلام القاعدة الإرهابية وأعلام دولة أجنبية (السعودية العربية) على أرض مصروهتفوا باسمها في صعيد مصر وفي أهم ميادين القاهرة. كما أنهم رفضوا القيام لتحية العلم المصري ورفضوا احترام النشيد القومي المصري، بينما وقفوا لتحية العلم الأمريكي وللسلام الوطني الأمريكي بالسفارة الأمريكية. كما أنهم أيضاً عاثوا فساداً في شوارع مصر بشعار "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، حيث قتلوا شباب أبرياء وهددوا نساء أشراف بإلقاء (مَيَّـة النار) على وجوه غير المحجبات وغير المنقبات ومن يسرن بغير محرّم، هادفين بذلك تحويل مصر الكنانة إلى نجدٍ بدوي جاهلي.
ومصر تعلم ما يكنه السلفيون لها من سوءٍ بتقييد الأدب والفكر والموسيقى والرقص والغناء والسينما والمسرح واالنحت والتصوير وما شابه ذلك من إبداعات وفنون. وأسوا من ذلك إعلانهم بضرورة هدم آثار مصر الروائع التي تبهر مؤرخي وعلماء وخبراء وشعراء وفناني العالم أجمع ويعشقها كل من رأها أو قرأ عنها أو علم بها. وأيضاً نواياهم السلبية من تكبيل السياحة وتطفيش السياح وتشويه شواطئ مصر الجميلة. وهو ما يهدد بل يهدم الاقتصاد المصري.
زد على ذلك أنهم يكفرون المصريين غير المسلمين في وطنهم ويتعمدون التطاول عليهم وعلي عقائدهم وإزدراء مقدساتهم جهاراً، وقاموا بحرق الكنائس ووقفوا ضد أعادة بنائها أو ترميمها وأنزلوا الصلبان من على قبابها في صعيد مصر. ويحرمون على المسلمين المشاركة في تهنئة أو تعزية (المواطن) غير المسلم. ويحرمون على سائقي التاكسي توصيل قسيساً أو قبطياً إلى كنيسته. والغريب العجيب الذي يكشف أن هؤلاء لا حياء لديهم ولا ضمير لهم ولا ثقة فيهم، فهم تحت خيمة النفاق والرياء وعباءة التقية يحاولون اليوم ضم أقباطٍ لعضوية حزبهم "حزب النور" لإيهام المصريين، حكومة وشعباً، أنه حزب مدني لا ديني. متلاعبين بدستور مصر وذكاء المصريين!!!
وجدير بالذكر أن نادر بكار عضو الهيئة العليا لحزب النور أصدر تصريحاً في جريدة الوفد في 8/1/2012 تحت عنوان "بكار: نرفض تولي قبطي لرئاسة مصر." حيث صرح أن رفض تولي قبطي للرئاسة أمرٌ محسومٌ داخل حزب النور. ثم في جريدة المصري اليوم في 1/10/2013 تصريح من شعبان عبد العليم الأمين المساعد للحزب بأنهم لا يرون مُشكلة في ترشح قبطي للرئاسة، أو لرئاسة حزب النور!! هذا التلون الثعباني ما هو إلا نفاق صريح ورياء وكذب وتحايل بتبني ما يتعارض مع عقيدتهم الدينية وأيدلوجيتهم السياسية، ليخرجوا الحزب من تحت العباءة الدينية شكلاً لا موضوعاً. فكيف لمصر أن تثق في حزب يتلون كل يوم بلون. ومن الناحية الدينية البحتة: ألا يُحَرِّم الأسلام الكذب؟
***
فكيف وتلك مبادئهم وعقيدتهم ونواياهم وأكاذيبهم، أقول كيف لمصر أن تثق فيهم، وفي أنهم يكنون لها خيراً، وأن تُشركهم في تشريع قوانين ترعى صالحها وترقى بها بين دول العالم الحرة المستنيرة!!! فالحذار يامصر. حزب النور ثعبان خبيث متلون، يلبس ويخلع جلد التقية كيفما شاء وشاءت الوهابية السلفية. فالخطورة ليست فقط في محاولات السلفيين لجذب مصر لجاهليتهم الخاوية المتخلفة، بل في مزجهم للعنف والنعومة سبيلا للوصول لما يأملون. فالسلفيين أخطر من الأخوان المسلمين بمراحل. لأنه، بالإضافة إلى ذلك فقد تعلموا واستفادو من أخطاء الأخوان وأسباب فشلهم.
السلفيين الوهابيين يعرفون أن الجولة السياسية القادمة ستكون بالنسبة لهم، ولمحض وجودهم بمصر، مسألة حياه أو موت. وهم يتوقعون أيضاً أن المعركة ستكون صعبة لوجود بعض الوعي (وليس كله) لدى بعض المصريين (وليس معظمهم)، ولذلك فهم يستعدون لدخول المعركة بروح (الاستموات). وروح الاستموات كما لمسناها مع الأخوان المسلمين أسلحتها كثيرة ودنيئة،  وأولها غلق الضمير وبعد ذلك كل شيئ مباح وحلال!!!
فالتقية والمعسول والرشاوي والضغط والتهديد والترغيب والارهاب وتشغيل المنقبات في التزوير والتلفيق.. وغيرها أسلحة خطيرة وفعالة خاصة حيث يكمن الجهل والفقر وضعف الوعي الوطني في حنايا مصر.
***
من قواعد الديموقراطية أن لا نقف في طريق أي حزب قانوني يرغب أن يساهم في مسيرة الوطن السياسية مادامت مبادئ الحزب تتفق مع مواد الدستور ومع قانون الأحزاب المعاصرين. ولكن وجود حزب النور يُعَدّ خرقاً للمادة رقم 74 من الدستور المصرى الصادر فى 18 يناير 2014 التي تنص على "لا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى، أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفى أو جغرافى، أو ممارسة نشاط معاد لمبادئ الديمقراطية."
كما أن وجود حزب النور يُعَدّ أيضاً خرقاً لقانون الأحزاب الصادر عام 1977 المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 2011 والذى يحظر قيام أى حزب أو استمرار نشاطه إذا كان يقوم على أساس دينى أو على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس.
لذلك أرى غلق الباب في وجه السلفيين وذراعهم السياسي، حزب النور، بقيام خبراء الدستور والقانون مع الأحزاب الأخرى بالطعن في دستورية وجود حزب النور لأنه حزب مقام على أساس دينيى وفي هذا خرق صريح لكل من الدستور وقانون الأحزاب. ويهذا نُغلق عليهم الباب قبل وُلُوجهم.
وفي ذات الوقت لابد من تأجيل انتخابات مجلس النواب حتى يستقر الوطن من محاورات الإرهابيين، وحتى يتم بعض الإصلاح بالوطن لسد حاجة الفقراء المعوزين للعمل والدخل، وبالطبع للسكر والزيت والرز والصابون (أسلحة الإسلاميين لجذب الأصوات) وحتى ينضج الشعب المصري سياسياً، أي ينفض عنه الشوائب الأيديولوجية. ويستعد لقبول الديموقراطية فيسهل تطبيقها.
لو لم تتم الخطوتين السابقتين (وحتى لو تمّا) فمن أجل نزاهة وشفافية الانتخابات، لابد من الاعتماد على الوعي العام والتوعية الاعلامية والمراقبة الواعية والحزم من رجال الأمن والقانون، فتلك عوامل مستوجبة ديموقراطياً ومجدية. ولو أضفنا إلى ذلك تكوين لجان شعبية من المثقفين الأحرار (مستقلين أو ممثلين عن الأحزاب المتناثرة بكل منطقة بها صندوق انتخاب لمراقبة السياق الخارجي، أي في مجتمع ومنطقة الانتخاب وتبليغ رجال الأمن والقانون عن من يقوم بخرق نزاهة التصويت ويخل بشفافية الانتخابات. بذلك نُسقط مرشحي حزب النور السلفي. فالسلفيين لا يعملون بنزاهة ولا يلتزمون بشفافية.
فالحل هو غلق الباب في وجههم، وإن لم يتم ذلك، فإسقاط مرشحيهم.

CONVERSATION

0 comments: