نجاة فخري مرسي أديبة وكاتبة وإعلامية مرموقة ولدت في جنوب لبنان (بلدة الزرارية) وتعلمت في مدارس صيدا وبيروت وتخصصت في الصحافة وتدربت على العمل الصحافي في دار الهلال بالقاهرة حيث التقت شريك عمرها الطبيب المصري الدكتور أنيس مرسي وهو أيضًا كاتب وناشط سياسي.
عاشت نجاة مرسي ما بين 1962 – 1969 في القاهرة والأسكندرية ثم هاجرت مع زوجها عام 1969 الى أوستراليا، واستقرا في مدينة ملبورن الجميلة عاصمة ولاية فيكتوريا حيث تعيش جالية لبنانية وعربية كبيرة تبوأ عدد من أفرادها مراكز رسمية (أعضاء في البرلمان ووزراء ورؤساء بلدية) كما برز بينهم رجال أعمال معروفون، واعلاميون بارزون نشروا صحفًا ومجلات كان أبرزهم الناشط السياسي الإعلامي رودولف أبو خاطر الذي حمل من مسقط رأسه زحلة الكثير من الوفاء ومحبة الأصدقاء محتفظًا في مكتبه بقنينة خمر زحلاوية معتّقة. وقد بقي يدافع عن قضايا لبنان والعرب حتى الرمق الأخير من حياته. كما لعب ابن زحلة الآخر ابراهيم بخّاش دورًا إعلاميًا مرموقًا حيث أتقن لغة الضاد بأسلوب شاعري رقيق حيث حمل في حقيبة سفره من زحلة دواوين شعر لسعيد عقل مثلما وضع أمام مكتبه الخاص بملبورن في وعاء جميل بعضًا من مياه البردوني كي لا ينسى "دار السلام" ونبيذها المعتّق وكل تراث زحلة الثقافي والأدبي والسياسي.
استطاعت مجموعة من الأصدقاء والصديقات في ملبورن التصدي للفتنة خلال سنوات الحرب اللبنانية القذرة. أطلّت نجاة فخري مرسي وزوجها الدكتور أنيس مرسي بقوة على العمل السياسي والإعلامي. كانا وجهان لعملة واحدة هي: العمل الوطني الجاد حفاظًا على وحدة الجالية اللبنانية والعربية على السواء ومنع حصول تداعيات تؤدي الى نقل الصراع السياسي من لبنان الى بلدان الانتشار.
حملت نجاة مرسي القلم بيد وغصن الزيتون باليد الأخرى وصارعت بجدارة تنّين الطائفية ونجحت مع مجموعات لبنانية فاعلة، في تجنيب الجالية في ملبورن مخاطر الانقسام والتشرذم.
ساهمت الإعلامية نجاة مرسي في تدبيج مقالات في الصحف العربية الصادرة في سيدني وملبورن على امتداد أكثر من ثلث قرن دعت فيها الى الوعي الاجتماعي والوطني والتأقلم الصحيح في البيئة الجديدة. ونُشرت مقالاتها في العديد من هذه الصحف وخاصة في جريدتي "التلغراف" و"النهار" الأوستراليتين حيث كانت على اتصال دائم بالإعلامي البارز بطرس عنداري الذي عمل رئيسًا لتحرير "التلغراف" قبل أن يصدر "النهار" ويتولى رئاسة تحريرها لسنوات عديدة. واستطاعت نجاة مرسي مع مفكرين وناشطين وإعلاميين بارزين في سيدني وملبورن أمثال أنطوان مارون وبطرس عنداري وجان بشارة وكامل المرّ ورودولف أبو خاطر وآخرين، بإقامة لوبي لبناني قوي استطاع أن يقف سدًا منيعًا في مواجهة دعوات التطرف والانقسام بين أبناء الجالية في كافة المدن الأوسترالية.
أصدرت نجاة مرسي مجموعة من الكتب باللغة العربية (تُرجم بعضها الى الإنكليزية) أبرزها: "رحلة مع القلم"، "كتابات على مرآة الزمن"، "قبل الغروب"، و"المهاجرون العرب في أوستراليا" الذي تضمن معلومات واسعة عن شخصيات لبنانية وعربية بارزة في القارة الأوسترالية.
في كتابها الأخير "قبل الغروب" تتجلى مشاعر نجاة مرسي المرهفة بالإنسانية والوطنية. هي تبثّ لواعج من قلبها الكبير حيث "بدأت شمس العمر تقترب" كما تقول في مقدمة هذا الكتاب، وتضيف: "قبل الغروب" مجموعة من كل لون، منها المعقول ومنها غير المعقول، منها النسائيات والوجدانيات، ومنها ""الأقوال" النابعة من مشاعر، فاضت بها النفس وضاق بها الصدر، فخرجت تستنجد القلم ليستودعها الورق. والورق نِعْمَ الصديق لخواطر النساء وأفكارهن المتدارية والمتوارية، خلف حُجُب وسُحُب الأعراف والتقاليد في عالمنا العربي المحافظ. والأمل في طبيعة الحياة التي تقول أن بعد الغروب شروق".
نجاة فخري مرسي أديبة وكاتبة وصحافية لبنانية عرفت كيف تتواصل مع أبناء الوطن الأم في المهجر البعيد بواقعية، متسامية عن القضايا الصغيرة. ساهمت بقلمها في بلورة أفكار كبيرة نالت اعجاب القراء من كل الاتجاهات. وعرفت جيدًا كيف تتعامل وتنشط في الأوساط الأوسترالية المهتمة بقضايا لبنان والمنطقة.
كلام الصورة: غلاف "كتابات على مرآة الزمن" لنجاة مرسي.
0 comments:
إرسال تعليق