نلحظ في العقود الاخيرة كثرة الفتيات والنساء العربيات اللواتي يقرضن الشعر. فقد ظهرت على ساحة الأدب والأبداع اعداد هائلة من المواهب الشعرية الواعدة ، ممن ولجن رحاب هذا العالم الجميل من اوسع أبوابه ، لأن الشعر من الأصناف الأدبية الأقرب الى روح المرأة ونفسها ، وتستطيع من خلاله البوح والتعبير عن مشاعرها وأحاسيسها وخباياها ، وما يواجهها من كبت نفسي وجنسي وأضطهاد طبقي وقمع ذكوري.
ولا جدال في أن المرأة تختلف عن الرجل بشدة المشاعر ورهافة الحس ، ورقة العاطفة ، وعمق الاختلاجات ، التي تؤثر في سلوكها البوحي . وهي ضعيفة ، كثيرة البكاءوالعويل، وشديدة الحزن والكاّبة أذا فجعت بفقدان حبيب او قريب، وتحرص دائماً أن تكون قريبة من أهلها وأحبائها. ولهذا نجدها صادقة في التعبير عن خلجات قلبها وما تلاقيه من صنوف العذاب والألم الأنساني والمعاناة الحياتية، أكثر من الرجل.
والحقيقة أن غالبية القصائد التي تكتبها وتنتجها المرأة متحررة من القيود والأوزان ولا تخضع لبحور الخليل بن احمد الفراهيدي، لأنها تريد لقصيدتها أن تكون حرة ، طليقة، دون التقيد بالوزن والقافية والتفعيلة، وتريد لكلماتها الصادرة من الأعماق وسويداء القلب ورحم المعاناة ،الانسياب على الورقة كما هي.
أن قراءة سريعة بين خبايا القصائد النسوية كافية أن تبين بوضوح وجلاء، بأنها محاولات عاكسة للتجارب الحياتية والمشاكل اليومية والقضايا الاجتماعية الجوهرية، وفي صلبها الأغلال التي يفرضها عليها مجتمعنا العربي ، المتمسك بعاداته وتقاليده. وهي قصائد رومانسية وغزلية ووجدانية وعاطفية ناعمة تزخر بالحب الصادق ، الذي حرمت من التمتع به، فتحيا في دنيا الأحلام الوردية التي تراودها في ليلها ونهارها. كما وتفجر غضبها وكبتها وحقدها المتأجج على مجتمعها، الذي يظلمها ويحاصرها ويكبلها ، ويقف حائلاً بينها وبين الحبيب لمبادلته الحب العاطفي الجميل. كذلك نجد الكثير من القصائد تصف الطبيعة الخلابة في تلال وجبال بلدنا ، وتتغنى بالوطن الذي يشكل معادلاً موضوعياً للحبيب ، الذي يمنحها الدفء والحنان والحياة ، ويمدها بالامل والتفاؤل ، وتصور الشوق والحنين للأهل والأحبة ، وللماضي الجميل والذكريات الحلوة ، والوقوف على الأطلال مثلما كان الشاعر الجاهلي يفعل ذلك.اضافة الى لجوئها الى رثاء الأصدقاء والمعارف والأقرباء.
وخلاصة القول، أن القصيدة التي تكتبها المرأة العربية هي ومضات ونبضات اّتية من الحلم والواقع، ومشحونة بالحزن والألم والنقمة على المجتمع ، وتتفجر حباً للانسان العاشق المحب والوفي ، الذي يصون الوعد والعهد، وتلوّن حياتنا بالصدق والموقف الانساني الحقيقي المتفهم لمشاعرها ، والداعم لها في كفاحها من اجل تحررها الاجتماعي .وهذه القصيدة من النواحي الفنية والجمالية تتراوح بين الضعف والرتابة ، وبين القوة والاصالة.
0 comments:
إرسال تعليق