انتهت جولة الحرب الهمجية التي شنها العدو الصهيوني على قطاع غزة بعد ان اثبت الشعب الفلسطيني ومقاومته القدرة على الوقوف في وجه العدوان والصمود امام الة الدمار الصهيونية.
كل طرف من الاطراف سيدعي الانتصار، الطرف الفلسطيني لم يتأخر وفي اللحظة التي اعلن فيها عن وقف اطلاق النار اعلن سامي ابو زهري ان انجاز وقف اطلاق النار هو انتصار للشعب الفلسطيني، وتبع ذلك خروج الناس في قطاع غزة والضفة الغربية الى الشوارع ابتهاجا بوقف اطلاق النار واعلان النصر، ومن غير المستبعد ان يخرج نتنياهو ويعلن هو الاخر النصر ويدعي بأن اسرائيل حققت اهدافها في غزة، ولذلك وافقت على وقف اطلاق النار، ولكن مستقبل نتنياهو السياسي سيكون تحت المحك بسبب ادارته لهذه الحرب التي لم يقدر على تحقيق اي من اهدافها وتراجع الدعم له في استطلاعات الرأي العام الاسرائيلي.
بلا شك ان حركة حماس والمقاومة الفلسطينية بجميع قواها فرضت معادلة جديدة من خلال قدرتها على الصمود وتكبيد العدو خسائر فادحة والقدرة على قصف أي مكان تريده داخل هذا الكيان، وان هذا العدو في المستقبل سيأخذ كل هذا في الحسبان عندما تسول له نفسه بالاعتداء على قطاع غزة، وهذا يعتبر من احد انجازات المقاومة التي خاضت اطول معركة مع دولة الاحتلال التي لم تتوقع هذا الصمود الاسطوري للمقاومة وجر دولة الاحتلال الى حرب استنزاف غير قادرة على تحملها.
من ناحية اخرى فان حركة المقاومة في غزة تشعر بالنصر، والذي يمدها بشعور النصر هذا هو صمودها امام اقوى الة عسكرية واحدثها في المنطقة بالرغم من سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى والتدمير الممنهج الذي خلفته الة الدمار الاسرائيلية، وثانيها هو قدرتها على قصف مدن العدو البعيدة وشل حركة مطار اللد وشل الحياة في المدن الاسرائيلية وتهجير سكان المستعمرات، وان الانتصار الاكبر سيكون بفك الحصار عن قطاع غزة وفرض الشروط الفلسطينية بفتح المطار واقامة ميناء بحري واطلاق سراح الاسرى .
ومما لا شك فيه ان هذه الجولة من العدوان لن تكون الاخيرة، والكل يعي ذلك لان الصراع مع هذا العدو لم ينته لان غزة جزء من فلسطين، وما دام هناك احتلال للاراضي الفلسطينية ، فان هذا الصراع سيبقى مستمرا، فهذه الهدنة تعتبر استراحة محارب وان الهدنة مهما طالت فان جولة اخرى قادمة، ويكفي حادث قصف هناك او اعتداء هناك وينفجر الوضع مرة اخرى.
على الصعيد الداخلي الفلسطيني فان هذا العدوان الاسرائيلي لعب دورا في تقريب ووحدة الموقف والقوى الفلسطينية من بعضها البعض، ونسيان حالة الانقسام، لان القاسم المشترك الذي يجمع الفلسطينيين هو قضيتهم العادلة ومحاربة العدو الصهيوني وتحرير الاراضي المحتلة واقامة الدولة الفلسطينية.
ولكن من غير المعروف كيف سيكون شكل الوحدة الفلسطينية وعلى اي برنامج ستعتمد، هل ستعتمد على برنامج الكفاح المسلح لمحاربة اسرائيل ام على برنامج المفاوضات ام على الاثنين معا، بحيث تبقى غزة مسلحة والضفة الغربية منزوعة السلاح معتمدة على المقاومة الشعبية ، وتبدو هذه المسألة صعبة وتحديا مستقبليا امام القوى الفلسطينية.
ان الايام القادمة ستجيب على هذه الاسئلة المهمة، من ناحية كيف سيتصرف الفلسطينيون، وهل سيحققون الوحدة، وستكون هذه الوحدة ان تحققت على ارض الواقع من اهم نتائج العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة.
على الفلسطينيين ترجمة التصريحات التي صدرت عن القيادات الفلسطينية حول الوحدة وانهاء الانقسام خلال الحرب على غزة على الارض، ولا شك ان صمود المقاومة سيشكل ورقة قوية في اي مفاوضات مستقبلية مع العدو الصهيوني، ويعطي السلطة الفلسطينية حافزاً قويا للتشبث بالثوابت الفلسطينية وعدم التنازل عنها وعدم الاذعان للضغوط الاسرائيلية التي سعت وتسعى الى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وخلق كانتونات فلسطينية مقسمة دون وحدة جغرافية وسياسية موحدة.
القيادة الفلسطينية وعلى لسان الرئيس محمود عباس اخذت تتساءل ماذا بعد هذه الحرب ، هل سنشهد كل سنة او سنتين حرب على غزة، ان هذا التساءل يؤشر الى ان الفلسطينيين يريدون حلا دائما للقضية الفلسطينية وان التفاوض مع هذا العدو لم يحقق للفلسطينييين طموحاتهم بإقامة الدولة الفلسطينية، وانما بالعكس تقوم دولة الاحتلال باقامة المزيد من المستعمرات، ويريد هذا الاحتلال فرض الوصاية والاستسلام على الشعب الفلسطيني لكي لا يطالب بحقوقه.
ان المفاوضات الغير مباشرة التي ستجري بين الوفد الاسرائيلي والفلسطيني في القاهرة حول بنود اتفاق الهدنة في غزة ستكون صعبة، ولن تكون اسهل من المعركة العسكرية، ومن الممكن ان تتنصل اسرائيل من كل ما تعهدت به، وكل ما يهمها كان وقف اطلاق النار بسسبب الضغط الشعبي على الحكومة الاسرائيلية.
فالمطلوب من الراعي المصري ان يضمن تنفيذ الاتفاق، لان اسرائيل معروفة بنكصها المعاهدات والاتفاقات والهدن، ويجب على المجتمع الدولي والأمم المتحدة تحمل مسؤولياتها، والضغط على اسرائيل والزامها باحترام الاتفاقات وانهاء احتلالها للاراضي الفلسطينية.
0 comments:
إرسال تعليق