كانت أفكاري تائهة مشلولة تتمايل كخريف الأشجار..
تتأرجح كغواصة في عمق البحر....
حين سمعت أصواتً من قبب المساجد تدعو للصلاة، بينما ارسم الحاضر بأصابع الذكرى وسط السواد، إلى أن استدرجتني الذاكرة حين أتيت للمدينة السرية، وللأمل الساخر حيث انسحبت أطراف التاريخ الذي عرفته، ليصبح الماضي كصوت البوق اسمع صفاراته....
التفتت ويدي! بحركة بليدة من خلف زجاج العربة أشير للوطن بنظرات متمايلة مودعة الذكرى...
كلما اقتربت القافلة من المدينة
كلما ابتعدت رائحة الصنوبر عني
وانتشرت رائحة الأزقة والشوارع
قيما تقطع القافلة أميالا وأميالا صحراوية، إلى أن وصلت إلى هذه المدينة التي امكث فيها اليوم .
هذه المدينة التي لم أكن اعلم عنها إلا القليل، أو بالأخص لم اعرف سوى تاريخها القديم . حيث وجدت نفسي كالحية أدفء نفسي بالطمأنينة بين خيالات الليالي التي تفتقد للفوانيس الملونة كما رأيتها في بعض البلاد التي زرتها، والتي كانت تضيء الليل لتحيي عشاق الكسل فيها .....
هنا استبدلت الفوانيس بالبشر الجالسين عند عتبات البيوت وهم يتكلمون بصوت مرتفع، معبرين عن سعادتهم بقدوم أبنائهم العائدين من الشتات، والموزعين بين المنافي العربية والأجنبية .
في هذه المدينة التي تحمل ألواح الموت على أكتافها كل يوم، لا تستقر فيها روح الطفولة، كما لو أنها أصابع العبقرية تولد لتموت .
بعد بضعة أيام ذهبت صباحاً لأزور قبر بعض الأشخاص من بين الذين سمعت عنهم ولم أراهم من قبل أو أتعرف إليهم فيما مضى، هنا في هذه المقبرة
لوحات لقبور ...
وقبور بلا ألواح
وقبور ليس لها حتى أسماء
أسوار محطمة
مخربشة
ومهدمة .....
شردت عيناي في القبور العارية، مما أثار خيالي حول سكانها، وكأن الأموات فيها سيخرجون أو يظهرون من نحت التراب عند أول عاصفة هوجاء تنسف الرمال من فوق جثثهم .
هربت من خيالي، وعدت إلى المنزل في حالة من الاهتزازات الملم شرودي, او كالجراد حائرة ! أفكر بالوجوه الجافة والحزينة، وأسال نفسي كيف لو مت في هذه المدينة هنا من سيعرفني؟!
وهل سيأتي أحدً غيري يذكر العالم بمعاناة تلك المقبرة؟
إن الناس يعيشون هنا في حالة من الخوف والتساؤلات الدائمة.. .
جلست بتأملات واسعة ولاذعة.... أسال نفسي، كيف يمكنني أن أتغنى في خواطري وصوري؟! بهذه المدنية الغير صالحة للفرح .....
بينما كنت جالسة استنشق رطوبة الليل وأطلق لنفسي العنان، مستغرقة في ملاحظاتي... متكئة راسي على يدي...
تعرق وجهي...
دمعت عيناي...
بكيت! بكيت لحسابي وليس لحساب احدَ سواي، إلى أن رحل ضوء القمر من نافذتي لأغفو على أمل أن اصحوا على رؤية أشياء مفرحة فيما بعد .
هنا في هذه المدينة حياة البشر ليست كالبذور تنمو لتعيش، أنهم مجرد تكملة للسابقين، كي يكتبوا على الجدران والطرقات العزاءات، والأفراح، والمستقبلين، والمودعين، والراحلين منهم .
لم أكن اعلم أنني سأكتب يوماً عن هذه الأشياء لكنت احتفظت ببعض الأسماء المكتوبة على تلك الجدران، التي ما زالت كالخيال في راسي، لكني سأحاول حصر تلك المشاهد دون التملص حتى من الأشياء المحزنة والتي قد تلقي بي في غمرة أكثر حزناً....
إن تلك السياسات المأساوية التي تعيشها مدينة غزة تلغي الأمل من نفوس البشر....
فالبعض منهم يتغني بالماضي،
والبعض الآخر يلعن الحاضر...
أن " هذه المدينة لا يمكث فيها زائر ولا يطأ فيها عابر" كما قال بعض المواطنين اللذين لم يخرجوا من الوطن .
من داخل مربع الشارع في منطقة "الشيخ رضوان "اسمع صراخ الأطفال يأتي من خلف الجدران، كأصوات الفئران الصغيرة...، والطرقات تختنق بتنهدات
المارة التي تكاد أعضائها تقص عليك قصص الآلام .....
عالم ممزق من الخلف ...
أصوات مرتفعة بحناجر الرفض..
عاطفة ممزوجة بقلق يعلو الوجه...
براءة ضئيلة تشير لك بالصمت...
أنوثة النساء تحجبها الألبسة الزائدة...
خشونة الرجال مطبوعة بمشاكساتهم اليومية.....
تتأرجح كغواصة في عمق البحر....
حين سمعت أصواتً من قبب المساجد تدعو للصلاة، بينما ارسم الحاضر بأصابع الذكرى وسط السواد، إلى أن استدرجتني الذاكرة حين أتيت للمدينة السرية، وللأمل الساخر حيث انسحبت أطراف التاريخ الذي عرفته، ليصبح الماضي كصوت البوق اسمع صفاراته....
التفتت ويدي! بحركة بليدة من خلف زجاج العربة أشير للوطن بنظرات متمايلة مودعة الذكرى...
كلما اقتربت القافلة من المدينة
كلما ابتعدت رائحة الصنوبر عني
وانتشرت رائحة الأزقة والشوارع
قيما تقطع القافلة أميالا وأميالا صحراوية، إلى أن وصلت إلى هذه المدينة التي امكث فيها اليوم .
هذه المدينة التي لم أكن اعلم عنها إلا القليل، أو بالأخص لم اعرف سوى تاريخها القديم . حيث وجدت نفسي كالحية أدفء نفسي بالطمأنينة بين خيالات الليالي التي تفتقد للفوانيس الملونة كما رأيتها في بعض البلاد التي زرتها، والتي كانت تضيء الليل لتحيي عشاق الكسل فيها .....
هنا استبدلت الفوانيس بالبشر الجالسين عند عتبات البيوت وهم يتكلمون بصوت مرتفع، معبرين عن سعادتهم بقدوم أبنائهم العائدين من الشتات، والموزعين بين المنافي العربية والأجنبية .
في هذه المدينة التي تحمل ألواح الموت على أكتافها كل يوم، لا تستقر فيها روح الطفولة، كما لو أنها أصابع العبقرية تولد لتموت .
بعد بضعة أيام ذهبت صباحاً لأزور قبر بعض الأشخاص من بين الذين سمعت عنهم ولم أراهم من قبل أو أتعرف إليهم فيما مضى، هنا في هذه المقبرة
لوحات لقبور ...
وقبور بلا ألواح
وقبور ليس لها حتى أسماء
أسوار محطمة
مخربشة
ومهدمة .....
شردت عيناي في القبور العارية، مما أثار خيالي حول سكانها، وكأن الأموات فيها سيخرجون أو يظهرون من نحت التراب عند أول عاصفة هوجاء تنسف الرمال من فوق جثثهم .
هربت من خيالي، وعدت إلى المنزل في حالة من الاهتزازات الملم شرودي, او كالجراد حائرة ! أفكر بالوجوه الجافة والحزينة، وأسال نفسي كيف لو مت في هذه المدينة هنا من سيعرفني؟!
وهل سيأتي أحدً غيري يذكر العالم بمعاناة تلك المقبرة؟
إن الناس يعيشون هنا في حالة من الخوف والتساؤلات الدائمة.. .
جلست بتأملات واسعة ولاذعة.... أسال نفسي، كيف يمكنني أن أتغنى في خواطري وصوري؟! بهذه المدنية الغير صالحة للفرح .....
بينما كنت جالسة استنشق رطوبة الليل وأطلق لنفسي العنان، مستغرقة في ملاحظاتي... متكئة راسي على يدي...
تعرق وجهي...
دمعت عيناي...
بكيت! بكيت لحسابي وليس لحساب احدَ سواي، إلى أن رحل ضوء القمر من نافذتي لأغفو على أمل أن اصحوا على رؤية أشياء مفرحة فيما بعد .
هنا في هذه المدينة حياة البشر ليست كالبذور تنمو لتعيش، أنهم مجرد تكملة للسابقين، كي يكتبوا على الجدران والطرقات العزاءات، والأفراح، والمستقبلين، والمودعين، والراحلين منهم .
لم أكن اعلم أنني سأكتب يوماً عن هذه الأشياء لكنت احتفظت ببعض الأسماء المكتوبة على تلك الجدران، التي ما زالت كالخيال في راسي، لكني سأحاول حصر تلك المشاهد دون التملص حتى من الأشياء المحزنة والتي قد تلقي بي في غمرة أكثر حزناً....
إن تلك السياسات المأساوية التي تعيشها مدينة غزة تلغي الأمل من نفوس البشر....
فالبعض منهم يتغني بالماضي،
والبعض الآخر يلعن الحاضر...
أن " هذه المدينة لا يمكث فيها زائر ولا يطأ فيها عابر" كما قال بعض المواطنين اللذين لم يخرجوا من الوطن .
من داخل مربع الشارع في منطقة "الشيخ رضوان "اسمع صراخ الأطفال يأتي من خلف الجدران، كأصوات الفئران الصغيرة...، والطرقات تختنق بتنهدات
المارة التي تكاد أعضائها تقص عليك قصص الآلام .....
عالم ممزق من الخلف ...
أصوات مرتفعة بحناجر الرفض..
عاطفة ممزوجة بقلق يعلو الوجه...
براءة ضئيلة تشير لك بالصمت...
أنوثة النساء تحجبها الألبسة الزائدة...
خشونة الرجال مطبوعة بمشاكساتهم اليومية.....
بينما تشعر بابتسامات النميمة تعلو مع تنقل نظراتهم البشر كما إن الجميع هنا متساويين في ملامحهم الحزينة، والمتصنعة بالفرح...
ما زلت ابحث عن الفرح داخل البيوت المدهونة بالألوان القاتمة، والثياب المعلقة على امتداد خطوط أسوار المنازل، وكأنها تحمل طباع أصاحبها ومزاياهم.. .
بينما آخرون يرقصون في صالات الأفراح المخصصة للمناسبات، يحاولون إخراج أحزانهم مع ارتفاع صوت الموسيقى، يطلقوا عبارات نكاتهم، وكلماتهم المزدوجة المعاني، دون وضع حواجز لتصرفاتهم، يطلقون ضحكاتهم بما يناسب ملابسهم المزخرفة، محاولين صراخ بهجة أشكالهم من خلف المطابخ والمشاحنات اليومية .
قضيت أيامي الأولى بين الزائرين، والمتعارفين، والمتطفلين، والمتفرجين، وهم يتكلمون بأحاديث سطحية، وبنصف ابتسامة خاصة لأشكال البشر، والوجوه الغير المألوفة من العائدين، كان هذا ما يثير غضبي الداخلي .
هربت في أحد الأيام من فوضى الجدران لأتعرف على بعض الأماكن في المدينة، وأقتل جميع الأسئلة التي أصبحت كاختناق البحر في هديره... .
ولأدخل فلسفة التاريخ، بما أن الإنسان عامة لا يرى كل الأشياء على الخرائط، وإنما بالمخالطة والتجارب . لذا قضيت عدة سنوات وما زلت أحاول التجانس مع طباع هذه المدينة التي ما زلت اجهلها وما زالت تجهلني... .
وبينما تسترسل الأسئلة في داخلي عن المخاطر التي تهدد هذه المدينة.... راودتني الأفكار عما يريد هذا العدو المحتل من الشعب الفلسطيني؟! والى اين يريد ان يصل ؟!ا وماذا يريد من هذا الشعب أكثر من ذلك !؟
ألا يكفي انه يمتلك سماء غزة، وثلث أراضيها؟؟!!
إلى أن تزاحمت الأسئلة في خاطري حول سبب مجيئي إلى هنا، كنت طوال الوقت اشعر أن أحداً ما وراء قراري،! نعم هذا ما شعرت به في هذه المدينة، بينما ابتعد أمتاراً عن رجلَ واحد أحببته كثيراً من بين أبناء هذا الشعب...
أحاوره دون أن يسمعني ...
يحاورني دون أن اكلمه....
يأمرني بالقناعة والصمود...
له سحرًَِ ألحقني به أينما ذهب ....
سمعته
رايته
دون أن أقف أمامه...
كانت صورته تطمئنني، تشحن في صدري قوة التحمل، كلما رايته عبر التلفاز، أو سمعته من خلال الإذاعات التي تبث هدير نبرة صوته في أرجاء جسدي، كلما تكور الخطر حول أبناء شعبه...
ترتجف الكلمات بين شفتيه...
تبرق عيناه المدورتان ...
تلوح يداه بإشارات الغضب...
كان هو رئيس شعب هذا الوطن "ياسر عرفات" القائد الذي لم يكن يعرف اليأس، ولا الاستسلام...
لم أكن اعرف عنه الكثير قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان... . كنت في ذلك الحين قد تزوجت رجلاً من شعب هذا القائد لأدخل عالم "الرقم الصعب" عالم الشتات والمعاناة كمن سبقني من النساء .
كان زوجي طوال الوقت يحاول إن يشرح لي عن تاريخ الشعب الفلسطيني وقضيته...، هناك أشياء لم أكن اعلم عنها، وأشياء لم أكن استوعبها، لكن الشيء الوحيد الذي يمكنني أن أتكلم عنه! هو ما رسخ في ذاكرتي من ذلك العدوان الإسرائيلي حينما فرض سيطرته على أهالي بيروت لإخراج هذا القائد وجنود أمته من لبنان من خلال حذف المناشير المرمية من طائرات العدو، الرافضة لوجود الشعب الفلسطيني في لبنان ....، وبالقصف المتواصل على مدينة بيروت ....
رويداً رويداً وجدت نفسي أتعاطف أكثرً وأكثر مع هذا القائد وشعبه حتى لو اختلفت مع البعض في بعض المسائل .
لكن اليوم أصبحت ساعة الزمن أكثر وضوحاً بالنسبة لي، بعد حصار الرئيس في الضفة الغربية...،
في هذا الوقت حاولت أن اجمع جوانب التاريخ، ومعالم الأوضاع فيه، رسمت على وجهي ملامح الضياع بقلق شديد، حيث راودني حلم العودة إلى الوطن من جديد لو حصل مكروه للرئيس القائد ابو عمار، بعد محاصرته من قبل العدو المحتل، إلى أن أصبحت حياته مهددة ... هذا القائد الذي خرجت معه من لبنان إلى سوريا إلى قبرص وصولا إلى مدينة غزة .
هنا رأيت جميع أنواع الصور، والتناقضات والخرافات الخ ، لكن لم ينل من عزيمتي التحول أو الهروب ...، وما زلت احرص على نفسي وعلى هويتي....، لكني اليوم أحاول البحث عن طير يقودني خارج هذه الحدود .
يكفي أن عواطف البشر قد جمدت
يكفي معاناتي التي قلدت بالأحزان كفراغ أصبعي من الخاتم .
انتهي كل شيء بالنسبة لي هذا ما كنت من اكتئاب ذلك اليوم الذي أعلنت استسلامي فيه ... بعد أن حاصرت الحكومة الإسرائيلي الرئيس القائد الفلسطيني، في مقره ومنعته من مغادرة مدينة رام الله في الضفة الغربية، إلى أن ساءت صحته والتزم فراش المرض المفاجئ بعد ان ظهرت عليه علامات التدهور الصحي الشديد كما اعلن أطباؤه، انه يعانى من ضعفاً عاماً .... مما أدى إلى ضعف جسماني كامل، وتم نقله الى باريس مستشفى بيرسيي 29 اكتوبر 2004 .
ما زلت ابحث عن الفرح داخل البيوت المدهونة بالألوان القاتمة، والثياب المعلقة على امتداد خطوط أسوار المنازل، وكأنها تحمل طباع أصاحبها ومزاياهم.. .
بينما آخرون يرقصون في صالات الأفراح المخصصة للمناسبات، يحاولون إخراج أحزانهم مع ارتفاع صوت الموسيقى، يطلقوا عبارات نكاتهم، وكلماتهم المزدوجة المعاني، دون وضع حواجز لتصرفاتهم، يطلقون ضحكاتهم بما يناسب ملابسهم المزخرفة، محاولين صراخ بهجة أشكالهم من خلف المطابخ والمشاحنات اليومية .
قضيت أيامي الأولى بين الزائرين، والمتعارفين، والمتطفلين، والمتفرجين، وهم يتكلمون بأحاديث سطحية، وبنصف ابتسامة خاصة لأشكال البشر، والوجوه الغير المألوفة من العائدين، كان هذا ما يثير غضبي الداخلي .
هربت في أحد الأيام من فوضى الجدران لأتعرف على بعض الأماكن في المدينة، وأقتل جميع الأسئلة التي أصبحت كاختناق البحر في هديره... .
ولأدخل فلسفة التاريخ، بما أن الإنسان عامة لا يرى كل الأشياء على الخرائط، وإنما بالمخالطة والتجارب . لذا قضيت عدة سنوات وما زلت أحاول التجانس مع طباع هذه المدينة التي ما زلت اجهلها وما زالت تجهلني... .
وبينما تسترسل الأسئلة في داخلي عن المخاطر التي تهدد هذه المدينة.... راودتني الأفكار عما يريد هذا العدو المحتل من الشعب الفلسطيني؟! والى اين يريد ان يصل ؟!ا وماذا يريد من هذا الشعب أكثر من ذلك !؟
ألا يكفي انه يمتلك سماء غزة، وثلث أراضيها؟؟!!
إلى أن تزاحمت الأسئلة في خاطري حول سبب مجيئي إلى هنا، كنت طوال الوقت اشعر أن أحداً ما وراء قراري،! نعم هذا ما شعرت به في هذه المدينة، بينما ابتعد أمتاراً عن رجلَ واحد أحببته كثيراً من بين أبناء هذا الشعب...
أحاوره دون أن يسمعني ...
يحاورني دون أن اكلمه....
يأمرني بالقناعة والصمود...
له سحرًَِ ألحقني به أينما ذهب ....
سمعته
رايته
دون أن أقف أمامه...
كانت صورته تطمئنني، تشحن في صدري قوة التحمل، كلما رايته عبر التلفاز، أو سمعته من خلال الإذاعات التي تبث هدير نبرة صوته في أرجاء جسدي، كلما تكور الخطر حول أبناء شعبه...
ترتجف الكلمات بين شفتيه...
تبرق عيناه المدورتان ...
تلوح يداه بإشارات الغضب...
كان هو رئيس شعب هذا الوطن "ياسر عرفات" القائد الذي لم يكن يعرف اليأس، ولا الاستسلام...
لم أكن اعرف عنه الكثير قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان... . كنت في ذلك الحين قد تزوجت رجلاً من شعب هذا القائد لأدخل عالم "الرقم الصعب" عالم الشتات والمعاناة كمن سبقني من النساء .
كان زوجي طوال الوقت يحاول إن يشرح لي عن تاريخ الشعب الفلسطيني وقضيته...، هناك أشياء لم أكن اعلم عنها، وأشياء لم أكن استوعبها، لكن الشيء الوحيد الذي يمكنني أن أتكلم عنه! هو ما رسخ في ذاكرتي من ذلك العدوان الإسرائيلي حينما فرض سيطرته على أهالي بيروت لإخراج هذا القائد وجنود أمته من لبنان من خلال حذف المناشير المرمية من طائرات العدو، الرافضة لوجود الشعب الفلسطيني في لبنان ....، وبالقصف المتواصل على مدينة بيروت ....
رويداً رويداً وجدت نفسي أتعاطف أكثرً وأكثر مع هذا القائد وشعبه حتى لو اختلفت مع البعض في بعض المسائل .
لكن اليوم أصبحت ساعة الزمن أكثر وضوحاً بالنسبة لي، بعد حصار الرئيس في الضفة الغربية...،
في هذا الوقت حاولت أن اجمع جوانب التاريخ، ومعالم الأوضاع فيه، رسمت على وجهي ملامح الضياع بقلق شديد، حيث راودني حلم العودة إلى الوطن من جديد لو حصل مكروه للرئيس القائد ابو عمار، بعد محاصرته من قبل العدو المحتل، إلى أن أصبحت حياته مهددة ... هذا القائد الذي خرجت معه من لبنان إلى سوريا إلى قبرص وصولا إلى مدينة غزة .
هنا رأيت جميع أنواع الصور، والتناقضات والخرافات الخ ، لكن لم ينل من عزيمتي التحول أو الهروب ...، وما زلت احرص على نفسي وعلى هويتي....، لكني اليوم أحاول البحث عن طير يقودني خارج هذه الحدود .
يكفي أن عواطف البشر قد جمدت
يكفي معاناتي التي قلدت بالأحزان كفراغ أصبعي من الخاتم .
انتهي كل شيء بالنسبة لي هذا ما كنت من اكتئاب ذلك اليوم الذي أعلنت استسلامي فيه ... بعد أن حاصرت الحكومة الإسرائيلي الرئيس القائد الفلسطيني، في مقره ومنعته من مغادرة مدينة رام الله في الضفة الغربية، إلى أن ساءت صحته والتزم فراش المرض المفاجئ بعد ان ظهرت عليه علامات التدهور الصحي الشديد كما اعلن أطباؤه، انه يعانى من ضعفاً عاماً .... مما أدى إلى ضعف جسماني كامل، وتم نقله الى باريس مستشفى بيرسيي 29 اكتوبر 2004 .
المهم أنني دخلت هذا التاريخ وهذه الحياة وانتهى كل شيء، إلى أن توقف كل ما ورد في خاطري في تلك اللحظة التي شعرت فيها بخطورة السنين القادمة... وكأن أتاني شبحا ليخبرني ماذا سيحصل بعد سنوات عدة إذا توفي هذا القائد الذي يحمل صفة العجوز الشاب .... الرمز لحركة نضال الشعب الفلسطيني.. ياسر عرفات .
في هذا اليوم تحديداً 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، نهضت من سريري بين الوعي واللاوعي، ساعة أشعلت التلفاز دون هدف لأقتل قلقي وتوتير الذين أيقظاني، وساعة العب بأزرار المذياع... لكني لم اسمع سوى صوت الصمت صمت جميع المحطات وكأنهم في ترقب عام او صدمة أسكتت جميع المحطات التي زادت من قلقي وتساؤلاتي وشعوري بالخطر القادم .....!!
الى ان خرجت من المنزل دون هدف مترنحة النظرات دون تركيز انظر هنا وهناك....
فوجئت بصورة المدينة التي لبست حلة السواد
أملئت السماء برائحة الحرائق المتصاعدة !
هنا تحمل الناس الإعلام الفلسطينية... !
وفوق أسوار الشوارع شرائط سوداء...!
أعلام تخرج من نوافذ السيارات..!
أعين الناس منتفخة من البكاء...!
نساء تمسح دموعها بأغطية رؤوسها ...!
رجالاً بذقون ذابلة..!
كانت الشوارع مكتظ بالبشر... لم أرى منهم سوى وجوه محنية في تلك اللحظة، كانوا كالأشباح يلتفون بالحطات السوداء/
نظرات تائهة/
وجوه مختلفة/
مغتسلة بالتساؤلات/
المتاجر مغلقة /
والمحلات فارغة !
كانت صرخات البنادق تطلق من كل زوايا الشوارع والبلكونات والشبابيك ....في كل بقعة من مدينة غزة...
علمت أن قلب القائد قد توقف، كنبض محبيني في الشريان، ولم يعد يتكلم سوى حزن الرصاص والشوارع والسيارات التي كانت تسير سيراً مترنحاً دون هدف ....
زحفت جموع البشر كالنمل التفوا حول مقر الرئيس القائد أبو عمار، في مدينة غزة
ليتلمسون وجوده...
يشعرون برائحته...
ليسمعون هدير صوته ...
جثته التي ما زالت في باريس، وما ذلت انظر شرقا وغربا شمالا وجنوبا، إلى أن امتلأت الشاحنات التي لم أرى من نوافذها سوى البنادق المقوصة .....
سافرت عيناي لعام 1982، بصور متشابهة عندما كان وداع أبو عمار، في كل شارع من شوارع بيروت حيث الأهالي يودعونه بالزغاريد ورش الأرز، والرشق بالورود، على أمل اللقاء به يوما ما .
أما اليوم فالرصاص يطلق من اجل الوداع الأخير .
اليوم اغتيل من رسم في قلبي ...
اغتيل ما تبقى من فرحي ....
مع موت العزيز القائد ياسر عرفات
كان بكائي كاختناق الخنجر في الجسد.....
اليوم لحق أبو عمار بولدي الأول ..
كانت صدمة فراقه كفراق كل أحبتي الذين فارقوني وفارقتهم، وكأنهم اتفقوا جميعاً ومعاً على تركي وحدي أتعارك بقية عمري .
شعرت وكأن كل شيء قد انتهى، وان السياسة التي يريدها هذا الرجل لن تأتي....، لذا انتابني شعوراً بالخوف من المجهول .
إن القائد اليوم يمضي إلى أعماق الأرض لنسمع أنين روحه.....، فكيف يمكنني أن التحق بذيل كوفيته.... ! ؟
هل يمكن للإنسان أن يعلم ماذا سيحدث بعد اليوم؟
جلست أتأمل أدوات القتل التي يستعملها العدو والإسرائيلي !
من سينجح من بين هذين الشعبين؟
ومن سيلحق بالآخر؟
هل سيتحقق الحلم ؟ أم سيموت مع موت قائده!؟
هل سيصل العدو بعد ذلك إلى أهدافه!؟
والى متى ستظل هيمنة الغرب على الشعوب العربية !؟
أنها مسائل معقدة، أحاول نسجها بين الواقع والخيال....
لكن ها هي المدينة اليوم تنتقل لمضاجعة السياسة من جديد، هذه المدينة التي كادت أن تنسى الاحتلال في عهد هذا الرجل..
كادت أن تعيش ملذات الحياة.....
كاد أن يزدهر فيها الاقتصاد....
أتخيل اليوم أنها ستدخل معارك السيطرة التنظيمية لتتعلق بعنقود العبودية،
بعد أن أصبحت المدينة كإغراء بدون ذكرى، ترقص بأثواب متعددة....
تقف في مواجهة السيف الذي يغلق أبوابه.... .
في هذا اليوم تحديداً 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، نهضت من سريري بين الوعي واللاوعي، ساعة أشعلت التلفاز دون هدف لأقتل قلقي وتوتير الذين أيقظاني، وساعة العب بأزرار المذياع... لكني لم اسمع سوى صوت الصمت صمت جميع المحطات وكأنهم في ترقب عام او صدمة أسكتت جميع المحطات التي زادت من قلقي وتساؤلاتي وشعوري بالخطر القادم .....!!
الى ان خرجت من المنزل دون هدف مترنحة النظرات دون تركيز انظر هنا وهناك....
فوجئت بصورة المدينة التي لبست حلة السواد
أملئت السماء برائحة الحرائق المتصاعدة !
هنا تحمل الناس الإعلام الفلسطينية... !
وفوق أسوار الشوارع شرائط سوداء...!
أعلام تخرج من نوافذ السيارات..!
أعين الناس منتفخة من البكاء...!
نساء تمسح دموعها بأغطية رؤوسها ...!
رجالاً بذقون ذابلة..!
كانت الشوارع مكتظ بالبشر... لم أرى منهم سوى وجوه محنية في تلك اللحظة، كانوا كالأشباح يلتفون بالحطات السوداء/
نظرات تائهة/
وجوه مختلفة/
مغتسلة بالتساؤلات/
المتاجر مغلقة /
والمحلات فارغة !
كانت صرخات البنادق تطلق من كل زوايا الشوارع والبلكونات والشبابيك ....في كل بقعة من مدينة غزة...
علمت أن قلب القائد قد توقف، كنبض محبيني في الشريان، ولم يعد يتكلم سوى حزن الرصاص والشوارع والسيارات التي كانت تسير سيراً مترنحاً دون هدف ....
زحفت جموع البشر كالنمل التفوا حول مقر الرئيس القائد أبو عمار، في مدينة غزة
ليتلمسون وجوده...
يشعرون برائحته...
ليسمعون هدير صوته ...
جثته التي ما زالت في باريس، وما ذلت انظر شرقا وغربا شمالا وجنوبا، إلى أن امتلأت الشاحنات التي لم أرى من نوافذها سوى البنادق المقوصة .....
سافرت عيناي لعام 1982، بصور متشابهة عندما كان وداع أبو عمار، في كل شارع من شوارع بيروت حيث الأهالي يودعونه بالزغاريد ورش الأرز، والرشق بالورود، على أمل اللقاء به يوما ما .
أما اليوم فالرصاص يطلق من اجل الوداع الأخير .
اليوم اغتيل من رسم في قلبي ...
اغتيل ما تبقى من فرحي ....
مع موت العزيز القائد ياسر عرفات
كان بكائي كاختناق الخنجر في الجسد.....
اليوم لحق أبو عمار بولدي الأول ..
كانت صدمة فراقه كفراق كل أحبتي الذين فارقوني وفارقتهم، وكأنهم اتفقوا جميعاً ومعاً على تركي وحدي أتعارك بقية عمري .
شعرت وكأن كل شيء قد انتهى، وان السياسة التي يريدها هذا الرجل لن تأتي....، لذا انتابني شعوراً بالخوف من المجهول .
إن القائد اليوم يمضي إلى أعماق الأرض لنسمع أنين روحه.....، فكيف يمكنني أن التحق بذيل كوفيته.... ! ؟
هل يمكن للإنسان أن يعلم ماذا سيحدث بعد اليوم؟
جلست أتأمل أدوات القتل التي يستعملها العدو والإسرائيلي !
من سينجح من بين هذين الشعبين؟
ومن سيلحق بالآخر؟
هل سيتحقق الحلم ؟ أم سيموت مع موت قائده!؟
هل سيصل العدو بعد ذلك إلى أهدافه!؟
والى متى ستظل هيمنة الغرب على الشعوب العربية !؟
أنها مسائل معقدة، أحاول نسجها بين الواقع والخيال....
لكن ها هي المدينة اليوم تنتقل لمضاجعة السياسة من جديد، هذه المدينة التي كادت أن تنسى الاحتلال في عهد هذا الرجل..
كادت أن تعيش ملذات الحياة.....
كاد أن يزدهر فيها الاقتصاد....
أتخيل اليوم أنها ستدخل معارك السيطرة التنظيمية لتتعلق بعنقود العبودية،
بعد أن أصبحت المدينة كإغراء بدون ذكرى، ترقص بأثواب متعددة....
تقف في مواجهة السيف الذي يغلق أبوابه.... .
2005
0 comments:
إرسال تعليق