الكاهن في نظر رجل علماني الكاهن رجل غير عادي/ يوحنا بيداويد

ملبورن استراليا

في الاونة الاخيرة نشر بعض رجال الاكليروس عن ارائهم ومواقفهم في شؤون الكنيسة وقضاياها ومشاكلها في وسائل التواصل الاجتماعي . على الرغم من طرح هذه المواضيع في وسائل الاعلام لا تجلب فائدة كبيرة بسبب سوء الفهم واللغط الذي يحصل في تفسير البسطاء له الا انه اصبح امرا واقع الحال مع الاسف فلا بد ان نتعاطى معه.

ونتيجة علاقتي وقربي من رجال الكنيسة والمجتمع والاعلام وجدت من المفيد ان نتطرق الى نظرة العلماني عن الكهنة بكافة درجاتهم من البطريرك الى الشماس الانجيلي وحتى مدرس التعليم المسيحي. حاولت ان استقرا اراء الناس حول هذا الموضوع كيف ينظر البسطاء الى الكاهن او رجل الدين بصورة عامة؟ بماذا يشعرون حينما يتحدثون اليه او ينظرون اليه؟ او كيف يقيمون دوره في حياتهم الايمانية؟. هذه اهم الملاحظات والنقاط وجدتها مهمة وربما هناك اكثر واهم منها بحسب نظرة الاخرين:
•   ان الكاهن في نظر العلماني هو رجل خارق او سوبرمان، غير طبيعي، له مؤهلات لا يمتلكها الا القليل من الناس لهذا هو كاهن.

•   له امكانية عقلية كبيرة وذكاء عالي  يساعدانه في حل المشاكل او ايجاد  مفاتيح جديدة لها من خلال تقديم الاقتراحات وتوسيع الرؤية  في تحريك الامور المستعصية لاسيما في القضايا الاجتماعية والعائلية.

•   احيانا تصل مكانة الكاهن الى القداسة عند الشعب، بل يمثل العقيدة والمباديء بحد ذاتها، فإيمان الانسان البسيط مرتبط كثيرا بعلاقته بالكاهن ( الاكليروس في جميع درجاتهم) وحينما تشوب على علاقته بالكهنة بعض الفتور يخسر ايمانه بسرعة.

•   الكاهن في نظر الانسان البسيط هو رجل مثالي في قراراته، و اقواله وارائه مسموعة كانها منزلة من السماء او ان الروح القدس يتحدث عن طريقه كالانبياء في العهد القديم.

•   ان رجل الدين صلب المواقف لانه صلد في ايمانه، من الصعب تصديق ان رجل الدين يقع في خطيئة او يعمل اخطاء او ضعيف امام التجارب الزمنية في عالم الواقع لانه انسان غير عادي.

•   ان الكاهن هو شخص ايمانه قوي بحيث يتصورونه مثل المسيح حينما كان يحمل صليبه وهو يسير تعرجات مدينة اورشليم في طريقه الى قمة الجلجلة حيث   صلب، وهو مؤمن برسالته، يظنون ان الرجل الدين في كل لحظة مستعد للموت من اجل ايمانه الشخصي ومن اجل ان يشهد للعالم عن مدى اخلاصه وتعلقه بالصليب والمسيح ومحبته للاخرين.

•   رجل دين بعيد عن الميول الشخصية ولا يميز او ينحاز لطرف ما في اي قضية، لا سيما المشاكل العائلية مثل الطلاق، وان ما يسمعه من الاسرار الشخصية بين الطرفين لا يمكن ان يعلم بها غير الله، لهذا هم مستعدون للافصاح عن اسرارهم اماهم.

•   ان الكاهن ليس له عقدة نفسية او اجتماعية لهذا امكانيته فوق العادة فهو ينبوع العطاء والتضحية والسخاء والرحمة مثل المسيح. فعند الحاجة لا يذهبون الى احد غيره بل لا يثقون بغيره لان هو الطبيب الجسدي والنفسي والروحي وفوقها هواب رحوم لهم.

•   الكاهن له الثقافة العالية تؤهله للاجابة عن اي سؤال ديني او عقائدي وحتى غير ديني، ويؤولون الكثير على ارائه بل يعتبرونها جزء من عقيدة ايمانهم بها فيصدقونها بصورة مطلقة.

•   ان الكاهن لا يحسد ولا يحقد ولا يبغض، لا يزعل وليس عصبي المزاج متكامل وبشوش ويحب الاطفال والشبيبة بهدف ضخ فيهم روح الايمان والقيم المسيحية والانسانية.

هذه بعض الملاحظات المهمة قرأتها في عيون الناس من خلال حديثهم او تصرفاتهم او مواقفهم او تعابيرهم او عند مسائلتهم عن الكاهن في جميع مراتبه.

فالناس في الحقيقة ينسون ان الكاهن هو رجل عادي مثلنا لحم ودم تماما، وليس سوبرمان، كما يظنون لا ينقصه شيء عنا، ولا يزيد عنا باي شيء سوى الارادة والرغبة في التضحية من اجل الاخر، وبسبب ايمانه بالتعاليم والمبادىء المسيحية والتصاقه بها او انجذابه اليها نال نعمة خاصة من الله والمسيح، فاعطيت له الدعوة لحمل اكليل النعمة الذي قد يقوده الى اكليل الشهادة اوالقداسة.

لا يعلم الناس ان الكاهن لا يعطينا الخلاص لانه ليس الفادي لان هناك شخص اخر هو المسيح هو المخلص. لكن  يمكن ان يكون سببا لنا لنيل الخلاص من خلال تبشيره او التاثر بشخصيته او مواقفه .

فالذي اتمناه من ابائنا الاساقفة، من غبطة البطاركة الى اخر شماس ان ينتبهون الى رسالتهم الروحية ومواقفهم الشخصية ويكونوا مخلصين لها، لان الناس تنظر اليهم بنظرة قداسة، ينظرون الى اعمالهم واقوالهم او اختيارهم ، ينظرون الى كم منهم يجسد ما يقوله على المذبح  في عالم الواقع في حياتهم اليومية لانهم مقياسا ودليلا ودافعا لايمانهم. فاي خبر مهما يكون مفرح قد يفسر بصورة سلبية تماما ويترك اثر كبير على الحياة الروحية او ايمان الناس بكل بساطة.

كما ان الصراعات بين الاكليروس وطرح ارائهم في وسائل الاعلام احيانا تترك اثار سلبية كبيرة على ايمان الناس واستعدادهم في ممارسة اسرار الكنيسة لاسيما سر التوبة و المصالحة والغفران. المسيح كان واضح في مخاطبته للناس لا سيما المدعوون الى الحفل. فمن لا يوفر في شخصه مستلزمات الدعوة يا ليت لا يكون سببا لجعل الفتور طاغيا على ايمان الناس.

الكاهن جندي في معركة يوميا، يجب ان يكون شاهدا للحق، مانحا مواهب الاسرار بدون مقابل، يدرك بل انه اختار الطريق الذي لايسمح له للنظر الى الوراء.

في النهاية اختم مقالي بالتشديد ان حصول الاختلاف في المواقف او الاراء اثناء الخدمة امر بشري عادي، ولكن لكل واحد حدوده وصلاحيته وحقوقه يجب ان تصان لكن بشرط ان لا يكن سببا لتقهقر ايمان الناس بالقيم والمبادىء المسيحية التي منها انبثقت القوانين الانسانية في الرحمة والعدالة والمساواة.

 ملاحظة مهمة
كان بودي كتابة الجزء الثاني للمقال لكن نتبجة اراء الاخوة المعلقيين في موقع عنكاوا كوم  كتبت معظم افكار المقال لهذا نتكفي بالجزء الاولى. لمن يريد الاطلاع عليها مراجعة الرابط التالي:

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,770840.0.html


CONVERSATION

0 comments: