هلت علينا من غزة بشائر المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الفلسطيني بعد سنوات من القطيعة والتناحر والتجاذب ، هذا الانقسام الذي تسبب في شل الحياة السياسية ومزق النسيج الاجتماعي الفلسطيني ، وكانت له آثار سلبية مدمرة ونتائج وخيمة وكارثية على مجمل القضية الفلسطينية والمشروع الوطني التحرري .
ولا شك أن التوقيع على الاتفاق بين الطرفين المتنازعين والمتخاصمين "حماس" و"فتح" يطوي صفحة سوداء حالكة في تاريخ شعبنا الفلسطيني ومسيرة نضاله ، ويعيد الهيبة لحركة تحرره الوطني ، ومن شأنه تعميق لحمة ووحدة شعبنا بكل مكوناته وشرائحه وأطيافه وانتماءاته السياسية والفكرية .
إن هذا الاتفاق يلقى الترحيب والتأييد من جميع مناصري قضية شعبنا الوطنية ، وفي الوقت نفسه يغضب ويقلق الإدارة الأمريكية والمحافل الإسرائيلية الحاكمة ، التي تسعى إلى عرقلة مساعي المصالحة وتعمل طوال الوقت لتقويض وضرب وحدة شعبنا ليتسنى لهما تمرير المخطط الصهيوني العدواني الرامي إلى تصفية الحق الوطني الفلسطيني المشروع والعادل.
لقد دفع شعبنا ثمناً باهظاً لهذا الانقسام المر باستغلال حالة الشرذمة والانشقاق والاحتراب الداخلي والضعف التي اعترت الحركة الوطنية الفلسطينية خلال السنوات المنصرمة ، لتوسيع رقعة الاستيطان وتكريس الاحتلال ومواصلة فرض الحصار والتهرب من استحقاقات شعبنا السياسية .
إن تنفيذ بنود اتفاق المصالحة يحتاج إلى نوايا صادقة من الطرفين وتحمل مسؤوليتهم التاريخية ، والتعاطي بمنتهى الجدية مع هذه البنود ، وبذل أقصى الجهود لتنفيذها من أجل إعادة المياه إلى مجاريها والأمور إلى نصابها وبث روح الأمل والتفاؤل بين أوساط وقطاعات شعبنا ، باستكمال جهود المصالحة وترتيب البيت الفلسطيني من جديد ، ومواصلة النضال الشعبي والسياسي التحرري لأجل الخلاص من الاحتلال ونيل الاستقلال وإقامة الدولة الحرة المستقلة .
أخيراً ،كلنا أمل أن تكون المصالحة هذه المرة جدية وحقيقية وراسخة الأسس وليست كباقي المساعي والجهود السابقة التي ظلت حبراً على ورق ، ويكفي ما عاناه شعبنا من ويلات ومحن جراء الانقسامات والخصومات . والمصالحة كانت على الدوام مطلب الشارع الفلسطيني ، الذي يدرك تاماً مدى تأثيرها وانعكاساتها على النضال البطولي الذي يجترحه أبناء شعبنا في مواجهة ومقاومة الاحتلال والتصدي لمشاريعه الاستيطانية .
0 comments:
إرسال تعليق