قضية فلم حلاوة روح أخذت منحى قضية راي عام لتلفت إنتباه الجميع حول الوطن العربي، مما لم تحسب له حساب الحكومة المصرية بتاتا، فالهجوم على هذا الفلم طال توقعات كل الطبقات المثقفة و النقاد و الكتاب ليتحول الى كابوس يطرح تساؤلا هاما عن مصير الدستور المصري و مدى استعداد الحكومة التَقَيُدْ به و ببنوده العديدة، مما دفعني لأكتب هذا الكتاب على البريد الإلكتروني لسعادة السفير المصري بالأردن بتاريخ 24-نيسان 2014 لأقدم له وجهة نظري بكل شفافية عن الظروف التي احاطت بهذا الفلم و رأي بصراحة حول قرار دولة الرئيس ابراهيم محلب بهذا الشأن، و اليكم نص الرسالة كما هي على بريدي الإلكتروني...
الى سعادة السفير خالد ثروت سفير جمهورية مصر العربية للمملكة الاردنية الهاشمية،
الى سعادة المستشار أشرف الكيلاني المستشار الإعلامي للسفير المصري بالاردن،
الى السيد جان قسيس نقيب الفنانين بالجمهورية اللبنانية
الى السيد مسعد فوده نقيب نقابة المهن السينمائية في مصر
تحية طيبة من الاردن الشقيق لكم،
أنا أديب من الاردن و اسمي فراس الور، و أسمي معروف لدى سعادة المستشار أشرف الكيلاني في السفارة المصرية بالأردن، و لا أسعى لإثارة أية مشاكل من هذه الرسالة بقدر ما اسعى لتسليط الضوء على كارثة محققة أصابت سمعة فنانة لبنانية لم تقترف اي ذنب سوى أنها مارست مهنة التمثيل بالجمهورية المصرية و التي هي أكبر منتج للفنون السينمائية و الدراما بالوطن العربي...مما يجعلها محط أنظار نخبة واسعة من نقاد الفن و الأدباء و الفنانين الذين يتواصلون مع مسيرة هذه الجمهورية الفنية و السياسية...أما بعد،
لم ألتقي بتاتا الفنانة هيفاء وهبي و لا تعلم عني شيئ هذه الفنانة، و لكن بالنسبة لفلمها حلاوة روح فأرجو العلم أنه هنالك نوعين من النقاد للمادة الدرامية، و هما الجمهور ثم نخبة من الأدباء الذين يتابعون المواد الدرامية التي يتم عرضها على التلفاز و دور العرض، و لا أعلم ما هو دافع دولة الرئيس إبرايهم محلب بمنع عرض هذا الفلم، فللفنانة هيفاء وهبي تجربة سابقة بفلم "دكان شحاته" و قد تم عرضه من دون هذا الهجوم عليها و على سمعتها الفنية، و لطالما قدمت الفنانة هيفاء فنونها و تم عرضها على المحطات الفضائية من دون هذا الهجوم الكبير عليها، و لكن فجأة عند فلم حلاوة روح و قبل حتى إنتشار المادة الدرامية بالأسواق تم إعدام هذا العمل الدرامي بصورة عشوائية من قِبَلْ نخبة كبيرة من النقاد و الكتاب دون بصيرة فنية و سياسية فنية واضحة، لينهي بعدها هذا السجال دولة الرئيس إبراهيم محلب بحكم إعدام آخر من دون اسباب مقنعة...ليصيب سمعة هذه الفنانة الضرر الكبير من دون أسباب وجيهة، كما أنه تم توجيه التهم العشوائية لهذا العمل قبل عرضه بصالات العرض ليحرم من نقد الجمهور له،
لذلك أظن أن ما حصل من شأنه أن يضيق الخناق على مفهوم الحريات و الإبداع بالجمهورية المصرية التي تستمد حيويتها من الدستور المصري الجديد الذي أقرته لجنة الخمسين و تصويت الشعب المصري، فلا يضم فلم حلاوة روح اية مواقف سياسية مناقضة لِتَوَجُه الدولة المصرية الحالي، كما لا يضم أية مشاهد تخل بالحياء العام و خارج عن ما نرى بالافلام و المواد الدرامية التي نراها على المحطات الفضائية العربية و المختصة بعرض الافلام السينمائية العربية و الغربية، كما ارجو العلم أن المواد الدرامية الغربية التي تُْعْرَضْ من دون قيود في دور العرض بالدول العريية و في مصر و البلاد العربية و ايضا على المحطات الفضائية العربية تحتوي على مناظر جريئة تفوق ما تم تقديمه في فلم حلاوة روح فلا نرى اية اعتراضات عليها من الدولة المصرية اي أية دولة عربية ثانية...فيتم ترويج هذه المواد بالاسواق العرية بالخليج و المحطات الفضائية العربية الأخرى من دون قيود، فلا أعلم لماذا هذه القساوة على فلم حلاوة روح و على الفنانة هيفاء وهبي، و ارجو العلم أن تاريخ السينما المصرية ضم عددا واسعا من الافلام التي إحتوت على مناظر جريئة و جنسية بحرية تامة و أطرح هذه الكلمات بكل أدب و إحترام، فقد تم عرضها و مازالت تعرض على المحطات الفضائية و على سبيل الثمال لا الحصر كفلم "العاصفة" للفنانة يسرا حيث يحتوي على مشهد تعري شبه كامل للفنانة يسرا يوازي ما تقدمه الفنانات بالغرب، و فلم ايضا "ما تيجي نرقص" للمخرجة ايناس الدغيدي احتوى على منظر جنسي للفنان تامر هجرس مع فنانة أخرى بالفلم، و فلم "بوبوس" حيث ايضا احتوى في آخره على مشاهده على قُبَلْ حميمة بين الفنان عادل إمام و الفنانة يسرا لا تتم إلا على أرض الوقاع بين المتزوجين فقط، و قد تقبلنا كأدباء و نقاد هذه المواد بصدر رحب من السينما المصرية تفهماً لاصول الإنتاج الدرامي التي تحيط باي عمل درامي مراعين طبيعة الحبكة و القصة للفلم، فلغاية هذه اللحظة تُعْرَضْ هذه الأفلام جميعها من دون قيود و رقابة، كما هنالك العديد من الافلام للفنانة نادية الجندي و الفنانة نبيل عبيد تضم مشاهد جنسية ساخنة و حميمة لم يتم منعها من العرض بتاتا، فسياسة الكيل بمكيالين مع الفنانة هيفاء وهبي ليست بمحلها إطلاقا،
ارجو العلم أن حركة الإنتاج الدرامي تنتج عن الحركة الثقافية السليمة و الصحيحة و الطبيعية بأي مجتمع إنساني و ايضا مفهوم الحريات و الإبداع بمجتعاتنا، و تكون صحيحة و سليمة إذا استطاعت أقلام الأدباء التعبير عن ذاتها بجرية من دون قيود تهدمها، و بالنسبة للمناظر الجريئة و الجنسية او مناظر الإغراء بالافلام التي ذكرتها فليست خطئ فنياً...بل الجنس و العاطفة الإنسانية طبيعة خلقنا الله عليها و ليست غريبة عن عالمنا الآدمي و هي لغة يختبرها الإنسان بحياته فالفنون تضم هذه اللغة لأنها واقع إنساني و ليست عيباً إطلاقا، فهذه نعمة خلقها الله بالإنسان و ما يَهِبَهُ الله للإنسان ليس عيب، و لا تتداول هذه الأفلام خارج عن ما هو مألوف لأعراف البشر حول العالم، فهي أمتداد للحريات التي أقرها الدستور المصري لكي لا يتحول هذا الدستور الى قابض للحريات بدلا من أن يوفرها بصورة كاملة متسواية لكي لا يبتعد عن مفهوم المثالية التي من شأنها دعم القوانين التي تنبثق عنه...فإن لم يوفر الحريات بمفهومها الكامل و الصحيح فلن يراعي الديمقراطية بأي ركن من أركانه العديدة و بنوده الكثيرة، و على سبيل المثال لا الحصر بالوقت الذي رأينا الإعلام المصري يهاجم الإخوان بشراسة قبل عزل الدكتور مرسي و بحرية تامة و من دون قيد مستمدين الإعلامين شرعية التعبير عن الذات من الحرية الممنوحة لهم بالدستورة المصري يأتي قرار منع فلم حلاوة روح ليعاكس مفهوم الحريات التي يدعمها الدستور المصري و التي تدعم الإبداع الفكري و الفني و الثقافي و الإعلامي بعالم الثقافة و المبدعين بمصر...ما هذا التناقض؟ لا يجب ان نسير عكس ميكانيك الدستور الذي ويوفر شرعية و مظلة للحركة الثقافية بمصر، فإن كان هذا القرار بدافع سايسي فقد كانت الفنانة هيفاء كبش فداء لهذا القرار من دون رحمة،
أخيرا أظن أن الفنانة هيفاء لم تمارس شيئا بهذا العمل خارج عن ما يمارسه اي فنانة مصرية...فقد مثلت فلم، فإن ستمضي الحركة الفنية بمصر بخوف من قرار منع من اية شخصية سياسية مع كل الإحترام لشخص السياسيين المصريين فأوقفوا الإنتاج الدرامي لأنكم بهذه الخطوة تسيرون بصورة غير دستورية، فهذا سيحفظ ماء الوجه أكثر بدل من العراك الإعلامي الذي احاط بفلم حلاوة روح...بل أوقفوا الإنتاج بكل وطن عربي فبالوقت الذي ينتج المنتج الأمريكي ما يريد و بحرية مطلقة لتصل الإبداعات الى اوجها بأمريكا نمضي يخوف من هذه الناحية في بلادنا العربية مع كل أسف، راجيا أن تكون هذه الكلمات بمثابت نقد بناء لهذه المشكلة و راجيا أن تتقبلها السفارة المصرية بالأردن بكل صدر رحب، فأكتب ما أكتب من غيرتي على مصر البلاد التي كَرًسْتُ لها جزءا كبيرا من كتاباتي و أنتم سعادة المستشار أشرف بالصورة عن طبيعة عطائي لبلادكم و حبي لها و تقديسي لعطائها لقضايا الأمة العربية...مصر بلاد عظماء السياسين مثل الراحل الكبير جمال عبد الناصر و الراحل الكبير أنور السادات و بلاد الضباط الأحرار...البلاد التي يحرسها الجيش المصري العريق و الذي أعطا ببسالة الشهداء و أجمل مشاهد سمو الكفاح لقضايا أمته العربية و لبلاده، مصر غالية علينا جدا و نريد لها كل خير و لن نقبل كمثقفين أن تكون اقل قدراً من البلاد الديمقراطية مثل الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الغربية الأخرى...
0 comments:
إرسال تعليق