"حذاري من عبد الباقي ...ومن مبروك" ...بالطلاء الاسود في كل مكان من مدينتنا الصغيرة كتبت بشكل سيئ وخط ركيك ،شوه منظر جدران المنازل وبعض المباني الحكومية.... أول مرة في مدينتنا الصغيرة يقرأ الناس كتابات حائطية سياسية !
في الماضي تعودنا ...على الحرف الاول من اسم شاب والحرف الاول لإسم شابة وبينهما اشارة بلوس والنهاية قلب كبير ...كلام عاطفي و حب.... واعلان هذا الحب على الملأ حتى يفهم الأخرون من المنافسين أن الفتاة محبوبة.... ونجد ذلك فقط على أسوار الثانوية أو على جدران بعض البنايات في الطريق المؤدية اليها.... لكن أن نقرأ كتابات سياسية فذلك أمر عجيب ! ...و بصيغة تحذيرية !
مضى على الانفتاح السياسي سنة1988سنوات ولم يفعل أحد ذلك و سير هذه المدينة الصغيرة ستة رؤساء...الأول مع بداية الاستقلال ،القليلون هم الذين يتذكرونه ...الثاني يقولون بأنه الاحسن ! وبعد انتهاء عهدته بسنين طويلة اغتيل في سيارته البيضاء اثناء الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد ...والثالث مات على الفراش حزنا وألما لأنه بعد انتهاء عهدته، لم يصر أحد يقول له السلام أو يحييه ! وهو لم يكمل عهدته لأنه كشف في قضية كبيرة قام بها احد المناوئين له سميت بقضية الاسمنت.... رحمها الله...الرابع حكم لمدة طويلة لكن اليوم الناس كلهم يكرهونه ...ولأنه حكم في سنوات الأزمة الامنية، فالأكيد أنه أساء للكثيرين بقصد أو بغير قصد ...وهو الأن يعيش معزولا بعيدا ...يتعجب من الناس الذين صفقوا له كثيرا ثم انفضوا من حوله بمجرد أن غادر دار البلدية...البعض أسر لي بأنه مصاب بالسكري !
الخامس لما رُشح كل السكان فرحوا من قلوبهم وأنا من بينهم، لأن المترشح متعلم...وينتمى الى قطاع التعليم....غير أن المتعلم فعل ما لم يفعله الاميون من قبل أو أصحاب المستوى التعليمي البسيط ! و صار الناس يترحمون على ايام الرابع والثالث....وكان أول واحد من الرؤساء الذين ينعت بالحمار ! وأنا كنت أحترمه لأنه كان جاري، ولأني أحترم رجال التعليم كثيرا...لكن كلمة سمعتها عنه جعلتني اكرهه واحتقره....قصدته ارملة مسكينة لأجل العمل، فقال لها بكل وقاحة :" اعملي بما بين فخذيك ! لا تزالين صغيرة وجميلة " وبكت المسكينة بحرقة...و انتهت عهدته لكنه لا يزال يأمل في الترشح هذه المرة..... سكان مدينتنا الهادئة مصممون على الرحيل جميعا لو زكي من طرف أمانة الحزب ! كلهم مصممون على الهرب، الكبير قبل الصغير ! والسادس ..أستاذ...درسني أنا بالذات ، وهو من الاساتذة الذين أحبهم واحترمهم ! وهو متحصل على شهادة جامعية في العلوم السياسية... ثم ترقى حتى صار مديرا...وكان عضوا في المجلس الولائي...وأنا ابتهجت كثيرا لما اعلن فوزه في الانتخابات .... فأستاذ في المتوسطة ليس مثل معلم ابتدائي ! وهو ذو عقل راجح وكثير الانتقاد لسوء التسيير في الجزائر أوداخل الحزب الذي ينتمي إليه ! لكن عهدته كانت الأسوأ فالأستاذ المتواضع صار متكبرا متجبرا لا يتحدث مع أحد ! و كل الناس يكرهونه وندموا لأنهم وقفوا معه وركضوا وراءه ! ومدينتنا الصغيرة في عهدته لم تعرف ولا مشروعا واحدا، والناس لا يتحدثون الا عن مغامراته العاطفية ! التي صارت الحديث الخاص والعام، الصغير والكبير ،في البيوت والمقاهي...وهو رئيسنا اليوم عبد الباقي الذي كتب التحذير منه ! أما مبروك فهو الأمين العام للحزب في مدينتنا الصغيرة....
الناس الطيبون في مدينتي الصغيرة لا يريدون شيئا غير العمل، ولا يطمحون الى شيئ سوى عمل محترم حتى ولو كان الأجر زهيدا ! وفي الحقيقة مصنع واحد يكفي لتشغيل كل الشباب ، ويحل المشكلة...الناس هنا يحبون الحزب ومرتبطون بالوطن ويحمدون الله على الأمن ولا ميول لهم للفوضى والتخريب ! حتى الاشخاص الذين سيروا مدينتنا الصغيرة لا يكرهونهم كأشخاص ، أو شخصيات أو أبدان وأنما كمسيرين....فعبد الباقي حكم خمس سنوات ولم يفعل شيئا....فلماذا يريد الحزب فرضه مرة أخرى؟ ماذا سيفعل ؟ الجميع يجزم أنه يستخذ عشيقة جديدة !
ورغم أن مدينتنا الهادئة مليئة بالشباب الجامعي، وأغلب شبانها وشباتها ذو مستوى ثانوي ! وفي كل بيت هوائي مقعر وأكثر من جهاز تلفزيون....والاغلب يتابع النايل سات، والبعض يشاهد الفرانس تيليكوم....ورغم صغر مدينتنا فإن فيها ست مقاهي انترنت، بدون عد الانترنت الخاصة في المنازل... وأغلب الموطنين عندهم شريحتي أو ثلاث شرائح هاتف نقال ! واهم الجرائد الوطنية توزع عندنا..... ورغم كل مظاهر التحضر التي نسمعها ونشاهدها في كل مكان.... فإن العروشية المقيتة هي التي تتحكم في مدينتنا الجميلة وتفسد علينا العرس الانتخابي ! كل عرش يتكتل وراء مترشحه، مدينتنا تتقاسمها خمسة عروش...وكل عرش يتحدث عن محاسن وبطولات عرشه ويعيب العرش الأخر ! وأنا ذاتيا في الغالب لا أحب الحديث المتعصب عن العروش، فغالبا لا أشارك في حديث أشتم منه رائحة العروشية، فكلنا أبناء هذه المدينة الصغيرة ونعتز بتاريخها ونحلم بمستقبل أفضل لها...وأنا لو مدحت عرشي وافتخرت به امام الاخرين فانهم يشعرون بأني أذمهم واحتقر عرشهم ...وهذا شيئ محرج ! والعجيب أنهم جميعا يصرخون كلنا جزائريون...والمتدين منهم يقول مبتسما : كلكم لأدم وأدم من تراب !
الناس هذه الأيام تشعر باليأس ويشعرون بالخيبة...لأن المدينة فُرض عليها خيارين...إما عودة عبد الباقي عن طريق تزكية الحزب ونفوذه القوي في الأمانة الولائية! والحزب محبوب في مدينتنا من طرف الصغار كما الكبار...أو ساعد المقاول الذي لا يمل من الحلف بإغلاظ الايمان أنه رئيس البلدية المستقبلي ! فهو مقاول ذو أموال طائلة وسيشتري الأصوات ..... سيشتري أصواتنا...الرجل بــ1000دينار، والمرأة بــــ300 دينار ! فهو يعرف جيدا أن النقود في كل الاحوال أفضل من لا شيئ!
من يعرف؟ ربما يكون رئيس بلديتنا السابع ساعد المقاول ، وهو موضوع جيد لكي ننشغل به في المقاهي وأحاديث النميمة، لأننا كلنا نعرف تاريخه وتاريخ أمه المغري بالنميمة !
2 comments:
يبدد من مقالك أنك تقصد مدينتنا الجميلة المفجوعة في اولاد ها عين كرمس وما قلته هو الحقيقة ويعتبر تأريخا ضغيرا لمدينتنا الحلوة لكن ما انتهيت اليه غير صحيح فميرنا المحتمل هو غير ما تتوقعه وهو الأسوأ لأنه فرض نفسه على الحزب بالقوة والمال...ونحن ننتظر أن يقوا الشباب كلمته ويتحما مسؤوليته وينتخب على القوائم الشبانية لكي نصنع تاريخا جديدا تكتب أنت عليه أو غيرك بسعادة...
يبدد من مقالك أنك تقصد مدينتنا الجميلة المفجوعة في اولاد ها عين كرمس وما قلته هو الحقيقة ويعتبر تأريخا ضغيرا لمدينتنا الحلوة لكن ما انتهيت اليه غير صحيح فميرنا المحتمل هو غير ما تتوقعه وهو الأسوأ لأنه فرض نفسه على الحزب بالقوة والمال...ونحن ننتظر أن يقوا الشباب كلمته ويتحما مسؤوليته وينتخب على القوائم الشبانية لكي نصنع تاريخا جديدا تكتب أنت عليه أو غيرك بسعادة...
إرسال تعليق