دروس سعدي يوسف كل يوم/ أسعد البصري

سعدي يوسف يعلمك أن تكتب كشاعر
تتمرن على الحرية و تطلق الأرواح من كل محظور
لا تكتب كما يفعل قس أو مفكر أو عالم
نحن في الحقيقة
لا نهتم لتبشير الناس أو إقناعهم أو برهان حقيقة أو محبة
سعدي يوسف يقول أنت شاعر
إذن عليك أن تصدم القاريء أحياناً بكل قوتك
هذه الصدمة هي الحرية وهي كذلك
من المضحك أن زوجتي نفسها تغضب
و تصرخ في وجهي أحيانا
بلا سبب سوى صفحتي هذه
سعدي يوسف لم يلهمني أفكاري
نحن مختلفان و لا شك
لكن دراستي له
جعلتني أخجل من نفسي
سعدي يقول لك بمليون طريقة
الشاعر يكون شجاعا أو لا يكون
إن اصطدام فخري كريم ب سعدي يوسف
له دلالة رمزية كبيرة
هو اصطدام العراق العربي كله
بالعراق الشعوبي كله
شيء مذهل حقاً لو رآه ميشيل عفلق نفسه
لاشترى زجاجة عرق ابتهاجاً
الدرس الأول الذي تتعلمه من سعدي يوسف
هو أن الكاتب يهدد و يخيف و يشتم و يتهم وليس السياسي
تتعلم من سعدي إن الكاتب لا يخاف القاريء بل العكس هو الصحيح
إنني أقدم هنا الشخصيات الثقافية
التي تساعد على توضيح أفكاري و نشر مبادئي
ولا أقدم شخصية شيوعية لأن أحدهم اتهمني بالبعثية
كما لا أقدم شخصية شيعية لأن أحدهم اتهمني بالطائفية
هذا النوع من السياسة الثقافية والموازنات الرخيصة
لا أقوم به أبداً أنطلق دائماً من مبادئي
ولا أبالي بظنون الناس
أنت كاتب ولست طبيب أمراض قلبية
تذكر ذلك دائماً
الثقافة المريضة معدية
ويجب دائماً الحفاظ على مسافة منها
على المثقف أن يكون صاحب عقيدة و موقف من التاريخ
أو على أقل تقدير عليه أن يمثل شيئاً ما
وإلا لماذا يكتب ؟؟
اقرأ للكبير سعدي يوسف :
(( مرّت عقود من ضخ أفكار تافهة عن ضرورة إبعاد الشعر عن السياسة
فالشعر ينبغي أن لا يكون معنيا بالشأن العام أو القهر
هذه المسألة أخذت وقتا طويلا جدا في المنطقة العربية
وقد نجحت في إبعاد الشعر عن الحياة
وفي إقامة قطيعة شبه تامة بين النص الشعري وبين الحياة.
لذا من حق الناس أن تبتعد عن النص الذي لا يُعنى بها.
نرى الآن الكثير من الدواوين تُطبع والناشرون عندما يأخذونها إلى المعارض
ويدفعون أجور نقلها يتفاجأون بأن لا احد يشتريها
ويتحملون مجددا دفع الأجور، لنقلها إلى المخازن أو الإلقاء بها في البحر
على سبيل المثال قصيدة النثر كانت رغبة في أن تكون قصيدة قريبة من الشارع
ولكن للأسف عندما ولدت قصيدة النثر العربية كانت تقوم على فكرة كيف تبتعد عن الشارع
وهكذا أصيبت الثقافة العربية بطعنة حقيقية في ابتعاد الشكل الجديد عن الحياة
وعن نقد الحياة العربية
في الوقت الذي كنا نأمل فيه أن يكون هذا الشكل
هو أكثر الأشكال ديمقراطية وتأهيلا ليعبر عن الحياة..
انقلبت الآن المسألة تماما وأصبحت قصيدة النثر هي شكل العبث
أنا لا أستطيع أن أعمم. رغم ما ورد عني من موقف سلبي تجاه قصيدة النثر
أرحب بها باعتبارها شكلاً، لا أقول جديداً، لأنها موجودة منذ القرن الـ19 في أوروبا
وفي الولايات المتحدة. أرحب بها كشكلٍ يضاف إلي أشكال التحديث الأخري
في القصيدة المعاصرة
اعتراضي أن قصيدة النثر عند «بودلير» في فرنسا،و«والت ويتمان» في أمريكا
كانت من أجل إنزال الشعر من برجه العاجي، والاهتمام بأحوال الناس
فـ»بودلير» ارتبطت قصيدته بفتح ميدان «البوليفار» في باريس
الذي أتاح للناس أن تمشي أكثر في الشوارع
وسلط الضوء في أول قصيدة نثر علي ناس فقراء
وهذا كان يعني شيئاً كبيراً.
و»والتويتمان» في الجهة الأخري من العالم أيضاً
اهتم في عمله الشهير «أوراق العشب» بناس عاديين في أمريكا
أما قصيدة النثر العربية في أكثر نصوصها
فليست لها علاقة بالشارع وإنما بهواجس ذاتية
وتهويمات شخصية، ليست لها علاقة بالناس، وإنما بالفرد
وهذا الشيء أبعد قصيدة النثر العربية عن الحياة
بدلاً من أن يهتم الشاعر بحياة الناس
الأوربيون يفضلون شعر التصوف العربي ويهتمون بترجمته
ويهملون القصائد التي تعبر فعلاً عن مشكلات مجتمعنا
وتاريخنا والموقف من الثقافات الغربية
و كأن الشعر العربي هو فقط شعر التصوف
إشارتي بأنني لا أعتد بشعر التصوف
سببها أولاً أن المتصوفة مؤمنون
ثم لأن الشعر نفسه ضعيف فابن الفارض مثلاً مقلد
وشعر التصوف الإسلامي محدود هو مجرد تمجيد للخالق
وليست لديه أسئلة
والفن دائماً يثير أسئلة
(( هنا ملاحظة هامة هذا الرأي تجميعي الشخصي
لآراء متفرقة للشاعر الكبير سعدي يوسف
أرجو أن يسمح لي بهذا التجميع / أسعد البصري ))

CONVERSATION

0 comments: