
الهزيمة العسكرية التي منيت بها "اسرائيل" في تموز /2006 ،لا توازيها سوى هزيمتها السياسية بتوقيع الإتفاق الإيراني- الأمريكي حول الملف النووي الإيراني في تموز لهذا العام،اتفاق أحدث زلزالاً في اسرائيل، وليصفه قادتها بالكارثة،اتفاق سيبني عليه تغيرات ومعادلات وتحالفات جيو استراتيجية في المنطقة،اتفاق سيكرس ايران قوة اقليمية متسيدة في المنطقة،وبإنتصار ايران سيتعزز دور حلف المقاومة في المنطقة،وسيكون العد النهائي للعدوان على سوريا،سوريا التي سيصبح دورها حاسماً في المنطقة،كذلك حزب الله سيصبح واحداً من المعادلات الهامة في المنطقة،لكي يتحول دوره من دور محلي الى دور عربي وإقليمي.
"اسرائيل" المصدومة من هذا الإتفاق،لم تنفع معها كل التطمينات الأمريكية،حول تعويضها عسكرياً عن هذا الإتفاق بتزويدها بأحدث ما هو موجود من سلاح في الترسانة الأمريكية،وكذلك أحدث المقاتلات (أف 35)،ولا التطمينات البريطانية والألمانية والفرنسية بالإلتزام بأمنها وحمايتها والدفاع عنها،فإيران قيادتها تقول بأنها لن تغير موقفها من "اسرائيل" وستواصل دعم حلفائها والوقوف الى جانبهم في سوريا ولبنان واليمن وفلسطين،والدول التي تبعث لها بالتطمينات قبل أن يشرع في رفع العقوبات الإقتصادية والمالية عن ايران يستعد قادتها ووزرائها للهرولة الى طهران،لكي يحجزوا حصصاً لهم في المشاريع الضخمة التي ستستثمر في القطاعات المختلفة الإيرانية من نفط وغاز وبتروكيماويات وصناعات مختلفة وإعادة تاهيل قطاع الطيران المدني والمصارف والبورصة..الخ.
ولعل الجميع يذكر كيف كانت فرنسا بضغط سعودي تقف بصلف وعنجهية ضد الإتفاق الأمريكي- الإيراني،ودفعت لها السعودية مليارات الدولارات كرشاوي،وابتاعت منها سلاحاً بالمليارات،لكي تلعب دور المعطل لهذا الإتفاق،من خلال التشدد في فرض شروط مذلة على طهران في المفاوضات،ولكن كل هذا التعطيل والعقبات لم تنجح في توقيع الإتفاق،ولكي تلتفت فرنسا الى مصالحها بعد توقيع الإتفاق،تاركة السعودية تغرق في وحل الحرب العدوانية على اليمن،تلك الحرب التي لن تستطيع أن تجعل منها لاعباً إقلمياً أو منتصراً في هذا الصراع،بل ستستنزفها مالاً وسلاحاً،كذلك سيتولد عنها حالة من عدم الإستقرار وعدم الشعور بالأمن والأمان في المنطقة،حيث حالة من الغليان تسود الوضع الداخلي السعودي،وأمريكا لن تقدم لها سوى جوائز ترضية بأنها مستعدة لحمايتها والدفاع عنها في حال تعرضها لعدوان خارجي،ولكن لن ترسل جيوشها لتحارب بدلاً منها.
حرّ تموز هذا الصيف كان لهيبه السياسي أشدّ على «إسرائيل» وحلفائها المعروفين والمتخفين منذ تموز 2006، فماذا جنت عربان مشيخات النفط والكاز الخليجية من موقفها العدائية تجاه ايران...؟؟ وماذا جنت السعودية وقطر على وجه التحديد من دعمهما المالي والتمويل لتهريب وإدخال عشرات الآلاف الجماعات الإرهابية والمرتزقة الى سوريا والعراق،ودفع أثمن احدث الأسلحة التي جرى تزويدهم بها؟؟؟ ماذا حصدت السعودية من حربها العدوانية على اليمن..؟؟ فحربهم العدوانية على اليمن والتصعيد العسكري ومحاولة تحقيق انتصارات في سوريا لصرف الأنظار وتعطيل توقيع الإتفاق – الأمريكي،لم تفلح لا برف اليمنيين لراية الإستسلام ولا إنجازات عسكرية في سوريا تحقق،ولا اتفاق عطل،الإتفاق وقع ضمن معادلة " رابح –رابح" وايران حصلت على أغلب ما تريد، وما سيحدث من رفع فوري للعقوبات سيكون له بالغ الأثر في التنمية وفي الصناعة العسكرية الإيرانية. وبالتأكيد ستكون إيران قادرة أكثر من أيّ وقت سبق على دعم حلف المقاومة، فاليوم هي في مجموعة الدول الكبرى ونجحت سياسة النفس الطويل في تجاوز كلّ العقوبات.
التداعيات للإتفاق النووي الإيراني ستكون كبيرة في المنطقة على المستوى الإقليمي والعربي،والمعادلات والتحالفات والتغيرات الجيو سياسية ستحصل، والأوضاع في المنطقة قبل تموز لن تكون على ما هي عليه بعد تموز،وتوقيع الإتفاق ترافق مع تقدم كبير في الحرب على الجماعات الإرهابية "القاعدة" ومتفرعاتها من "داعش" و"نصرة" وغيرها في العراق وسوريا،الانتصارات الميدانية سوف تضيف قوة جديدة للاتفاق الإيراني مع الغرب، وسوف تتبدّل المواقع ويتغيّر الخطاب السياسي، النجاح الذي تحقق في فيينا سيعطي روسيا وإيران وسورية أفضلية في العمل على إنهاء الحرب على سورية ووقف تدفق الإرهابيين وأموال الإرهاب. ولا بدّ أن يعيد المجتمع الدولي حساباته من أجل وقف العدوان على اليمن وإنهاء مجازر القتل الجماعي التي تُمارَس ضدّه.
0 comments:
إرسال تعليق