أرواحنا/ سامح عوده


أرواحنا .. 
أمنيات معلقةٌ ..
مركبٌ في وجه الريح 
سنابلُ قمحٍ مائجة
تسمو .. لسماء عالية 
لغيثٍ باغتها ..
فأهداها .. قبلةً دائمة..!!. 
أرواحنا .. 
ابتهالات صبحٍ .. يهمسُ للندى 
همسٌ متيمُ .. 
همسٌ يتجلى فوق عرش المروج الغافية ..
بتنا .. أمنيات .. وأغنيات 
ولحن .. مضى لأيامٍ خالية..!!.
أرواحنا .. 
رشات عطرٍ عابرة 
مسكٌ وعنبرٌ .. وانكسارات باقية
نحثُ الخطى لاهثين .. 
في دروب خاوية..!!.
أرواحنا .. 
ابتساماتُ طفلٍ 
" نغمٌ على نغم " .. 
شفةٌ على شفاه ..
صيحاتٌ وضحكٌ 
لأيامٍ آتيه ..!!.
أرواحنا .. 
رجاءٌ .. لرب السماء 
رجاءٌ .. لم يزل إلى الأزل
مناجاةٌ في ليلٍ أصم ..
وشكرٌ لنعمٍ  ساقية..!!.
أرواحنا .. 
جرحٌ عميق ..
لأوطانٍ أغلى من الأفئدة
ترانيم ٌ .. 
لأرض ..
لقدس..
لأمٍ .. ودعت شهيداً 
وظلت توصينا وصايا العهد 
من المهد .. 
حتى صارت الأوطانُ فينا ..
خالدة ..!!. 
أرواحنا .. 
قطرةٌ من مطر
غيمة .. عابرة 
موسيقى .. تائهة 
في حضن السماء .. 
قطرات تبللنا 
وغيثٌ يعمدنا ..
بشوق .. بحجم الغيث
يسقينا خيراً ..
ويلهمنا .. أن أصلَ الحياة 
قطرةٌ ماضية ..!!.  

أحيانا أحبك برغم السكر/ فاطمة الزهراء فلا‏

وفي الأعياد خبزت الكحك للأطفال
معجون بترياقي
فكان أمر من العلقم
ولا أعلم بأن  الفقر أحيانا
أصم كما الحجر  أبكم
 ولأنني أنثي أصحو مع الشمس
أنام  بالأمرأحيانا وبالسكر
ولا تعنيني الأخبار ولا حوادث الدهر
وفي قلبي ينام الهم والسأم
وأن الشوق يؤلمني
ويقتلني بالوجع وينام بالأحداق 
ويشطر الأعناق 
 لو يضيع الحلم
نتألق في الغناء علي الأوجاع
ونخسر أجمل ما في الحياة
ربيع العمر
بلا جدوي نعيش
ولعبتنا كما اعتدنا
ما بين حكمة الجدات
وبين آهات الصبر والأم
ولازلنا نطوي الصفحة
نعد السطر  خلف السطر
نبشا طواه الحزن
فأعود وأحرق كل أوراقي
بذاكرتي
وأوقد نارا علي الدرب
وأغزل من الشمس ضفائرا من اللهب
وأضع الكحل في عيني فينبهر العابرون
ويسألون عن السبب
وعن ريشات ألواني
وعنواني ومن يوقظني طوال الليل ؟
ومن يبني في خيمة الأحزان
صخري من اليأس ؟
وأنا لازلت أضع
رايتي الحمراء
علي بابي برغم أني امرأة
صارت في الخمسين من الهم ؟
وحائط النسيان أنهكها
وحر يوليو بلا تكييف أو حتي مروحة
علي الأحلام التي مرت لا تريق الدمع
علي الأسفلت قتلوها كما الهرة
ولا مرة  للتابوت حملوها
ولا الحنطة ولا الورد  تعرفها
وكل ما شهدته أمانيها

السلفيون يضحون بأقباط العامرية لإحراج السيسى/ أشرف حلمى


للمرة الثانية وفى أقل من اربعة أشهر يتعمد السلفيين إحراج الرئيس عبد الفتاح السيسى أمام دول العالم قبل ساعات من بدء زيارته الى الولايات المتحدة الأمريكية واسابيع قليلة من إنتخابات مجلس الشعب القادمة وذلك بإستخدام ورقة الأقباط الرابحة دائماََ بعد الإعتداء على أقباط العامرية وسط صمت حكومى وإعلامى متعمد فى هذا الوقت وذلك لعدة أسباب منها
أولاََ : إستفزاز مشاعر مصريين المهجر وخاصة الأقباط  الذين دعموا ثورة يونيو فى أمريكا وهم يجهزون أنفسهم لإستقبال السيسى وذلك لإحراجه امام زعماء دول العالم فى حال ما ترك الأمر فى أيادى قوى الامن المتواطئة مع السلفيين منذ موقعة التهجير الاولى فى فبراير 2012 وحتى الان  دون إتخاذ قرار رئاسى حازم تجاة الإجرام السلفى فى العامرية وغيرها من مدن الاسكندرية .
ثانياََ : ضمان عدم مسائلة المصريين بالخارج الرئيس السيسى عن موقف الرئاسة من السلفيين وما إذا كانت هناك ضغوط سعودية على الدولة بعدم حل الاحزاب الدينية ؟ حال اتخاذ الرئيس قراراََ حازماََ مثل ما سبق منذ ثلاثة اشهر عندما تم إعادة أسر الأقباط المهجرة لمنازلهم  بمركز" الفشن" محافظة بنى سويف بامر رئاسى قبل سفره لألمانيا .
ثالثاََ : بث الرعب والخوف السلفى فى قلوب الاقباط والعلمانيين والمسئولين الحكوميين ليس فقط فى الإسكندرية بل فى جميع انحاء الجمهورية خاصة صعيد مصر الذى يسيطرون على معظم محافظاته أثناء سير الإنتخابات البرلمانية  القادمة لتكرار السيناريو السابق تمهيداََ للفوز بغزوات الصناديق المعدة لهذا الغرض بمساعدة اجهزة الدولة بحجة الحفاظ على المواطنين من الغضب السلفى الوهابى  .
ما يعانى منه الاقباط اليوم بعد ثورة يونية هو نفسه ما عاناه اقباط الامس منذ عهد عبد الناصر وحتى عهد السيسى مروراََ بالمجلس العسكرى وحكومة عدلى منصور المؤقتة وكأن المصريين طردوا الاستعمار الإنجليزى من مصر ليحل محله الإستعمار الوهابى البدوى بدعم اموال المملكة العربية السعودية التى عملت الى تكميم افواة الإعلاميين وتعتيم وتزوير الحقائق عبر أجهزة الدولة الحكومية تجاة الحقوق الضائعة والمسلوبة للاقباط  وعدم التعرض للتجاوزات التى يقوم بها التيار السلفى لجعل مصر مستعمرة وهابية تابعة للمملكة العربية السعودية ونتيجة هذا صنعت من إجهزة الدولة خاصة الأمنية منها جهاز الامر بالمعروف والنهى عن المنكر الذى قام بإغلاق محلات تجارة الخمور والملاهى الليلية ايام الاعياد إضافة الى إغلاق المقاهى نهاراََ فى صيام رمضان ومحاكمة المفطرين واذا استمر تهميش وإضطهاد الاقباط المتعمد من جانب جميع مؤسسات الدولة التى اتخذت من محارب الإرهاب حجة لاقباط المهجر بعدم التعرض والمساس بسياسة الرئيس السيسى الداخلية فسوف يفقد الرئيس ثقتهم التى بدأت فى التنازل بالفعل وترجع ريما لعادتها القديمة وستبدأ ثورة جديدة نحن فى غنى عنها فالكرة الان فى ملعب السيسى نفسه كونه رئيساََ لجميع المصريين فإما ان يكون جاداََ فى القضاء على الإرهاب الدينى المسلح بكافة اشكالة واحزاب الشر الداعشية بالداخل ووقف سياسة الإنبطاح للسلفيين  واما الثورة من جديد .

الفلسفة بين سكون الليونة وعزم الصلابة/ د زهير الخويلدي

" الفلسفة لها ما يكفي من بعد النظر لنبذ كل استعباد لتفكيرها"1[1]

الفلسفة في عزلة، وهذا أمر لا يجادل حوله كثير. قد يتأتي ذلك من تجاهل النخبة المثقفة المتعلمة، وهذا مستغرب من رتبة اجتماعية مالكة ضرورة للحد الأدنى من التشريف للعقل والتحصيل للحقيقة، وقد تم تأييدها من طرف الجمهور، وهذه مسألة بديهية بعد العزل بوسائل الاتصال الحديثة عن المطالعة والنقد.

تطرح عزلة الفلسفة مشكلة كبيرة وتدفع الفكر إلى البحث في الأسباب والمعالجات واستشراف المستقبل. ولقد تميز الفلاسفة منذ ظهورهم على وجه البسيطة بالليونة من جهة النظر والصلابة من جهة العمل. إذا كانت الليونة تفيد المرونة والحذر والحيطة والفطنة والانفتاح والسلم والتسامح والعفوية والتنازل والإقبال، فإن الصلابة تدل على الاستقامة والاستماتة والمثابرة والمكابدة والإرادة والثبات والصرامة والالتزام.

لا تتحدد ماهية الفلسفة انطلاقا من حضورها في المجتمع وتأثيرها على الناس وإنما تتغير وظيفتها إذا ما فقدت صلتها بالحقيقة وانقطعت حبال وصالها بالوجود وتعرضت إلى هرسلة قيمية في رواقها التشريعي.

لا تفكر الفلسفة في تحرير الإنسان من الواقع الخارجي ولا في غزو هذا الخارج والسيطرة عليه وإنما تؤثر تخليصه من الواقع الداخلي وترويض ملكاته وعناصره وبناء الهيكل المصون لحقيقته الوجودية.

لقد بدأت الفلسفة حينما سيطر العقل على المغالطات المنطقية واجتاح الفهم السليم ضبابية الآراء الرائجة وحلت أسئلة الحكمة مكان أجوبة المعتقدات وانتبه الوعي إلى صدمة الواقع ومكر التاريخ ودراما الحياة.

توجد الفلسفة في موقف صعب ، من جهة يطلب منها الليونة درءا للتعصب والانغلاق والتحجر والتكلس والجمود والأحادية والتيبس ومن جهة ثانية تحتاج إلى الصرامة تفاديا للتذبذب والاستخفاف واللهو واللغو والثرثرة والنفاق والتعثر ولكن من مزالق الليونة أنها قد قادتها إلى التراخي والتقاعس والفراغ والميوعة ومن المآخذ على الصرامة أنها قد أخذتها إلى التحنيط والشكلانية والتعالي والنسقية والتجريد والتصلب.

لا تقف التساؤلات الفلسفية عند نقطة معينة مهما كانت قيمتها ولا تتعلق بالوجود فحسب ولا بالحقيقة وحدها ولا ترتكز على أرض الذاتية فقط ولا تنشد سماء الحرية بمفردها وإنما تحترم قوانينها الخاصة وتبرر نفسها بنفسها وتفتك مشروعية وجودها من خلال معاركها اليومية ضد الرداءة والابتذال والحمق.

ترفض الفلسفة القرارات التي تصدر من الخارج بشأنها وتجمع بين سكون الليونة وعزم الصرامة وتتخذ بنفسها القرار الحاسم بمصيرها ولا تصغي سوى لصوتها المنبعث من خطابها المزلل وتيارها الجارف.

تملك الفلسفة حقيقتها الخاصة وتعترف بكونها لا تمتلك الرؤية الشاملة والنظرة الثاقبة في اتجاه الهدف النهائي وإنما تبحث باستمرار عن الطريق الهادي إلى الحق وتلجئ إلى النظر متوجهة دوما صوب الفكر.

قد تتعرض الفلسفة للاختفاء والتعمية والتشويه والمحاصرة والاستبعاد ولكن تميزها بالصرامة اللينة والليونة الصارمة يجعلها تتجلى من جديد وتفتح الكهوف المظلمة والمسالك التائهة وتترك الكائن يكون.

لا تكون الفلسفة لينة الى حد السيلان والذوبان والتلاشي والسهولة والبساطة والخفة التي لا تحتمل ولا تكون صلبة الى حد الانكسار والتشقق والتصدع والتفتت والتفكك والانهيار والتحطم والتدحرج والزوال. بل" في الصرامة اللينة والليونة الصارمة التي تميز تركها الكائن يكون بماهو كذلك في كليته ، تصير الفلسفة تساؤلا لا يمكن أن يتوقف عند الكائن وحده، ولكن كذلك لا يمكن أن تسمح بأي قرار يفرض ذاته من الخارج."2[2] فكيف تحدد ماهية الفلسفة انطلاقا من البدئية وبشكل أصلي باحترامها لقوانينها الخاصة؟

الإحالات:
[1]  هيدجر (مارتن)، في ماهية الحقيقة، ضمن كتابات أساسية ، الجزء الثاني، ترجمة اسماعيل مصدق، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، طبعة أولى، 2003، ص75. 
[2]  هيدجر (مارتن)، في ماهية الحقيقة، مصدر مذكور، ص75.
المصدر:
هيدجر (مارتن)، في ماهية الحقيقة، ضمن كتابات أساسية ، الجزء الثاني، ترجمة إسماعيل مصدق، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، طبعة أولى، 2003،
[1]  هيدجر (مارتن)، في ماهية الحقيقة، ضمن كتابات أساسية ، الجزء الثاني، ترجمة اسماعيل مصدق، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، طبعة أولى، 2003، ص75. 
[2]  هيدجر (مارتن)، في ماهية الحقيقة، مصدر مذكور، ص75.

أبو ذكري راعي الفن العربي/ عبدالواحد محمد

هو احد القلائل في عالم الفن العربي الذين يملكون حلم لا يغادر اوطانه التي تتحدث العربية لأنه يؤمن برسالة الإنتاج العربي في احداث ثورة هائلة علي كل الكلاسيكيات القديمة في عالم الفن العربي تلفازا وسينما  ومسرحا    أنه أبن مصر العربية الدكتور  أبراهيم أبو ذكري رئيس اتحاد المنتجين العرب وراعي الفن العربي بمنهجية مثقف عربي جاء من رحم النيل ليكتب كثيرا من رسائل الإبداع العربي ؟!
والدكتور أبراهيم أبوذكري رئيس اتحاد المنتجين العرب يعرف قيمة العقل المبدع جيدا في أحداث  توازنات فكرية من أجل إبداع عربي متجدد فتجده في كل المحافل الفنية فارسا مقدادا يدافع عن اسمي الثقافات وهي ثقافة الفن والفنان العربي لذا كان الشقيق الأكبر لكل مبدعي ومبدعات الفن في الوطن العربي من المحيط إلي الخليج كما أنه من الشخصيات المثقفة جدا والتي لها مواقف خالدة ولا تنسي من ذاكرة وطن عندما تصدي للارهاب والتطرف في بلده مصر العربية وندد بالسياسة الاخوانية التي كادت  تقضي علي الأخضر واليابس ووقف موقف الرجال كعادته  ليقول كلمة حق لا لكل مدعي الدين من أجل السياسة من أجل ركب موجة الثورة !
 ثورة 25 يناير  2011 م  فجاءت ثورة 30 يونيو 2013م  نتيجه لجهود أهل الفكر والثقافة والفن والشعب الواعي بأخطار من حاولوا التسلق بأسم الدين إلي سدنة الحكم في مصر ( أخونة مصر العربية ) التي تؤمن بالرأي والرأي الآخر ! كان رجل مواقف الدكتور ابراهيم أبو ذكري في كل نداءات وطن وهو يعلن موقفه بكل وضوح لا للارهاب والتطرف  لا للرأي الواحد !
فكان المثقف والفنان الإنسان وصوت الفن في كل محافلنا العربية يدافع عن فلسفة وطن بمنطق مبدع كبير بمنطق رجل جاء من رحم النيل الخالد  ليبقي صوته مدويا عبر اتحاد المنتجين العرب الذي يشرف برئاسته  معبرا عن كل الافكار المبدعة العربية التي تؤمن بدور الفن بدور الإنتاج العربي في تسليط الضوء علي قضايا الوطن المحورية الهادفة إلي خلق فكر فني مستنير وجرئ في مواجهة التطرف  والارهاب في مواجهة التخلف ومحاولات العودة إلي الوراء !

فكثيرا من المهرجانات الفنية العربية شهدت عدة انطلاقات في كل عواصم الفن العربي وهو من مبدعيها الذين تحملوا المسؤولية بضمير وطني مستريح  لكونه المثقف المنهجي والموضوعي  ومع كثير من رسائل المبدع الكبير د  ابراهيم أبو ذكري رئيس اتحاد المنتجين العرب  نعيش في عالم مفتوح من الفن والإبداع من رحم فلسفة اسمها الإنتاج من اجل حاضر ومستقبل أفضل للفن والفنان العربي 
بقلم 
عبدالواحد محمد 
كاتب واعلامي وروائي عربي 
abdelwahedmohaned@yahoo.com

موسكو تطرق باب الآسيويين كبديل للأوروبيين/ د.عبدالله المدني

قيام موسكو مؤخرا باستضافة المنتدى الشرقي الإقتصادي في مدينة فلاديفوستوك السيبيرية، وحرص الرئيس فلاديمير بوتين على حضور المنتدى شخصيا، وإلقائه كلمة زاخرة بالوعود والمحفزات والاستثناءات للمستثمرين الأجانب، يمكن فهمه في إطارين لا ثالث لهما. الأول هو حرص روسيا الاتحادية على تحميل الأقطار الآسيوية مسئولية تنمية أراضيها الشاسعة المهملة في أقصى الشرق. ففي كلمته أكد بوتين أن شركاء بلاده المحتملين في تنمية الأقاليم الروسية البعيده في أقصى الشرق (مثل بريموري، وياقوتيا، وخاباروفسك) سوف يحصلون على فرص متميزة وإعفاءات ضريبية ومساندة من الدولة لجهة توفير البنى التحتية الضرورية لمشاريعهم، مضيفا أنه يتطلع إلى رؤية ميناء فلاديفوستوك وقد تحولت إلى قاعدة للصناعة والنقل والمواصلات تخدم منطقة آسيا الباسيفيكية بأكملها، ومؤكدا عزم بلاده على إنفاق نحو 7.5 بليون دولار من الآن وحتى عام 2017 من أجل تطوير وزيادة طاقة الخط الحديدي العابر لسيبيريا بغية تسهيل حركة نقل البضائع من الشرق الأقصى إلى أوروبا.
والمعروف أنّ موسكو شرعت منذ يوليو المنصرم في تعديل بعض القوانين بهدف منح فلاديفوستوك صفة الميناء الحر لمدة 70 عاما. وبموجب تلك التعديلات صارت الضرائب اقل، واجراءات الرقابة والتفتيش الجمركية أخف، كما تم تسهيل الحصول على تاشيرات الدخول وعبورشحنات البضائع.
أما الإطار الثاني فهو حرص موسكو على التوجه شرقا بدلا من الغرب لإقامة شراكة طويلة المدى مع دول شرق آسيا في مجال الطاقة، بدليل أن بوتين لم يخف أثناء المنتدى عزم بلاده، من خلال شركة "روزنيفت" الروسية المملوكة للدولة، على استثمار 19.2 بليون دولار في مشاريع الطاقة الآسيوية. هذا ناهيك عن الصفقات النفطية التي تمت على هامش المنتدى، والتي كان أبرزها صفقة باعت بموجبها "روزنيفت" 15 بالمائة من حصتها في شركة "فانغكورنيفت" الروسية للنفط إلى شركة نفط هندية مقابل 1.275 بليون دولار، وصفقة أخرى تتعاون بموجبها "روزنيفت" مع شركات حفر يابانية لتطوير حقول نفطية مغمورة في فيتنام.
على أن أكثر ما استرعى نظر المراقبين هو التمثيل الصيني الرفيع في المنتدى والذي تجسد في حضور عشرة وزراء وأربعة حكام مقاطعات بقيادة نائب رئيس مجلس الدولة الصيني "وانغ يانغ"، ناهيك عن مشاركة مدراء أو أصحاب 75 شركة صينية رائدة (15 منها صـُنفتْ العام الماضي ضمن كبريات شركات العالم لأنها حققت عوائد بلغت 1.7 تريليون دولار أو ما يعادل سدس إجمالي الناتج المحلي الصيني). وقد أعطى هذا مؤشرا واضحا على رغبة الصينيين في إقامة شراكة بينية طويلة المدى مع الروس، "بشرط أن تكون ذات فائدة للجانبين، وأن تخضع لقواعد السوق" على حد قول "وانغ يانغ" الذي برهن بقوله هذا أن العلاقات بين البلدين لا تخلو من طابع التنافس، ولاسيما في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية، وبيع السلاح وتكنولوجياته، ناهيك عن أن شقها التجاري يشكو من خلل بسبب أن معظم الصادرات الروسية للصين هو من المواد الأولية غير المصطنعة، بعكس الصادرات الصينية لروسيا.
من جانبهم، أعطى الروس إهتماما خاصا بالتعاون مع بكين في مجال النفط والغاز، خصوصا وأن الجانبين سبق لهما التوقيع على أكثر من صفقة في العام الجاري والماضي. ففي مطلع سبتمبر الجاري مثلا وقعت "روزنيفت" الروسية صفقة مبدئية مع السلطات النفطية الصينية بمبلغ 30 بليون دولار يستحوذ بموجبها الصينيون على 49% من أسهم شركة "تيومننيفتغاز" الروسية. وبالتزامن تقريبا وقع عملاق الغاز الروسي "غازبروم" إتفاقا مع مؤسسة النفط الوطنية الصينية لمد الصين بالغاز الروسي المستخرج من حقول روسيا في أقصى الشرق، كما تعهدت "غازبروم" في الوقت نفسه بالانتهاء من مشروع خط أنابيب الغاز ما بين سيبيريا والصين بحلول عام 2018. وكان هذا المشروع قد تم الاتفاق عليه بين الجانبين في مايو 2014 بكلفة 400 بليون دولار، من أجل أن تزود روسيا الصين بنحو 38 بليون متر مكعب من الغاز سنويا لمدة 30 عاما.
وهذا الإهتمام الروسي بتعزيز التعاون مع الصين لم يأت من فراغ. إذ أملته عوامل كثيرة أولها: إرتباط البلدين بمعاهدة تعاون وصداقة وحسن جوار منذ عام 2001 حينما قرر بوتين ونظيره الصيني الأسبق "جيانغ زيمين" تأطير علاقات بلديهما بإطار استراتيجي. وثانيها: تجاور البلدين عبر حدود يبلغ طولها 4300 كيلومتر، مما يسهل عملية التبادل التجاري بينهما والتي شهد قيمتها تصاعدا متواصلا ومضطردا، بدليل إرتفاعها من 4.3 بليون دولار في عام 1995 إلى 87.5 بليون دولار في عام 2012. وثالثها: السوق الواعدة في الصين في ظل تحقيق الأخيرة لمعدلات نمو مرتفعة منذ مطلع التسعينات، وتنامي القوة الشرائية لسكان الصين البالغ تعدادهم 1.3 بليون نسمة. ورابعها: المكانة التي تحتلها الصين كثاني أكبر إقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، إضافة إلى كونها أكبر مستهلك للنفط والغاز على مستوى العالم، وهو ما جعلها تنوع مصادر وارداتها من الطاقة وتبحث لنفسها عن طرق وخطوط إمداد جديدة، الأمر الذي يلتقي مع أهداف روسيا الغنية بالنفط والغاز والتي تحاول تقليل إعتمادها على دول الإتحاد الأوروبي لجهة تسويق مواردها من الطاقة والمنتجات الهيدروكربونية، وكذلك البحث عن شريك موثوق يستثمر في مكامن النفط والغاز الواقعة في أقصى سيبيريا، وبطبيعة الحال لايوجد شريك أفضل من الصين التي تقع جغرافيا بالقرب من تلك المكامن (20% من إحتياطات روسيا النفطية، و23% من احتياطياتها من الغاز موجودة في شرق سيبيريا طبقا لبيانات 2007). وخامسها: استراتيجية روسيا للطاقة حتى عام 2030، والتي تشتمل على هدف تحويل البلاد إلى أكبر مصدر عالمي للطاقة بحلول ذلك العام، مع زيادة حصتها في واردات الصين ثم اليابان وكوريا الجنوبية من النفط والغاز والبتروكيماويات إلى 27% صعودا من مجرد 8%.
د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: سبتمبر 2015 
الايميل:Elmadani@batelco.com.bh 

عبارة الهامش:
تحاول موسكو تقليل إعتمادها على دول أوروبا في تصدير مواردها من الطاقة، وتسعى إلى شراكة مع الآسيويين لتنمية أقاليمها البعيدة شرقا.

الأقصى يسلط الأضواء على دور المغرب/ نقولا ناصر

(من الواضح الآن أن استمرار المغرب في رئاسة لجنة القدس في وضعها الراهن لا يمكنه إلا ان ينعكس سلبا على سمعة دورها المستقل عن هذه اللجنة)

تصاعد وتسارع انتهاكات دولة الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لآلاف الملايين من المسلمين العرب وغير العرب، يضع المملكة المغربية في مركز دائرة ضوء سياسي وإعلامي لا يسعها الإفلات منها.

فقد حولت سبعة وخمسون دولة عربية وغير عربية أعضاء في منظمة التعاون (المؤتمر سابقا) الإسلامي لجنة القدس المنبثقة عنها والتي ترأسها المملكة إلى واجهة مغربية بائسة لفشل هذه المنظمة وعجزها عن تحمل مسؤولياتها في حماية بيت المقدس وأكنافه والأقصى في القلب منها.

ولا يتوقع احد طبعا أن تفعل المغرب ما عجزت عن فعله المنظمتان العربية والإسلامية، لكن استمرار المملكة المغربية في العمل كواجهة للمنظمتين وعنوان لهما ترسل إليه كل رسائل السخط والغضب الشعبي على فشلهما قد أصبح موضع تساؤل عما إذا لم يكن الوقت قد حان كي تضع المغرب كلتا المنظمتين أمام مسؤولياتهما بتخييرهما بين تحمل هذه المسؤوليات أو البحث عن دولة عضو أخرى ترأس لجنة القدس تتحمل وزر فشلهما.

إن رئاسة المغرب للجنة القدس يحمّل المملكة مسؤوليات جسام تعجز عن القيام بالحد الأدنى منها طالما استمرت المنظمة التي أوكلت إليها هذه المسؤوليات تريد منها فقط أن تظل مجرد عنوان خادع للرأي العام العربي والإسلامي يغطي على فشل المنظمة الأم ويعفيها من حمل العبء الثقيل لمسؤولياتها تجاه الأقصى.

فالرأي العام العربي والإسلامي، على سبيل المثال، استمع إلى العاهل الأردني عبد الله الثاني يوم الاثنين الماضي وهو يحذر من أن استمرار انتهاكات دولة الاحتلال للمسجد الأقصى و"الوصاية" الأردنية عليه سوف تؤثر في العلاقات الثنائية بالرغم من معاهدة الصلح المنفرد بين الأردن وبينها ولا يترك للأردن "أي خيار" آخر، ما دفع الأردن إلى تقديم مشروع بيان رئاسي لمجلس أمن الأمم المتحدة في هذا الشأن.

غير أن سقف التوقعات من المغرب أعلى من ذلك بكثير لأنها ترأس لجنة القدس باسم سبعة وخمسين دولة عربية وإسلامية أولا ولأنها ثانيا لا ترتبط مع دولة الاحتلال ب"معاهدة سلام" مماثلة، لكن لم يبدر عن المغرب حتى الآن ما يرقى إلى "أضعف الايمان" الأردني ذاك، ليحذر، مثلا، من أن استمرار انتهاكات دولة الاحتلال في الأقصى سوف ينعكس سلبا على علاقات التطبيع المغربية الثنائية الواسعة معها.

لقد تعهدت منظمة التعاون الإسلامي مثلها مثل جامعة الدول العربية ب"شبكة أمان" مالية تمكن حكومة منظمة التحرير الفلسطينية تحت الاحتلال من القيام بمسؤولياتها تجاه القدس والأقصى، ولم تتوقف منظمة التحرير وحكومتها عن الشكوى من عدم الوفاء بتلك التعهدات.

فالقمة الإسلامية الاستثنائية الرابعة بمكة المكرمة عام 2012 تبنت "خطة استراتيجية" ل"تنمية" القدس، ودعت القمة الإسلامية الثانية عشرة برئاسة مصر في السنة التالية إلى "عقد مؤتمر للمانحين على وجه السرعة" لتمويل هذه الخطة، وكذلك الخطة الخمسية (2014 – 2018) لوكالة بيت مال القدس الشريف، الذراع التنفيذية للجنة القدس برئاسة المملكة المغربية.

لكن الميزانية المخصصة للقدس من وكالة بيت المال في حد ذاتها تمثل دليلا ماديا على مدى استهتار واستخفاف منظمة التعاون الإسلامي بالخطر المحدق بالقدس والأقصى ودليلا لا يدحض على عدم جدوى استمرار لجنة القدس ووكالتها في وضعهما الحالي ودليلا كذلك على ان المنظمة غير معنية حقا بتمكين الرئاسة المغربية للجنة القدس من تبرئة نفسها من فشل المنظمة الأم.

فقد مولت الوكالة مئة وسبعة وعشرين مشروعا بقيمة (24) مليون دولار أميركي خلال أربع سنوات منذ عام 2010، دفعت المغرب (84%) منها، بينما خصصت ثلاثين مليون دولار لتمويل خطتها "الخمسية" التي تنتهي عام 2018 كما أعلن مدير الإعلام في وكالة بيت المال محمد سالم الشرقاوي في آذار الماضي.

لقد سبق لوزارة خارجية المملكة أن عدّت مثل هذه الانتقادات للجنة القدس "إنكارا غير مسؤول" لدورها من خلال اللجنة ووكالتها، حد أن اضطرت، مثلا، في سنة 2013 إلى إعلان سفير فلسطين لديها أحمد صبح "غير مرغوب فيه" بسبب انتقادات مماثلة، من دون التمييز بين دور المملكة في القضية الفلسطينية وبين دورها في رئاسة لجنة القدس.
ومن الواضح الآن أن استمرار المغرب في رئاسة لجنة القدس في وضعها الراهن لا يمكنه إلا ان ينعكس سلبا على سمعة دورها المستقل عن هذه اللجنة، وقد حان الوقت للفصل بين الدورين، إما بتمكين منظمة المؤتمر الإسلامي للجنة برئاسة المغرب من القيام بدور فاعل في حماية الأقصى أو بنقل رئاستها إلى دولة اخرى ترضى بتحمل وزر فشلها وعجزها، أو تستوعب المملكة استمرار هذه الانتقادات على مضض باعتبارها موجهة للمنظمة الإسلامية أكثر مما هي موجهة لها.

إن رسالة مغربية كهذه إلى منظمة التعاون الإسلامي التي ترأس المملكة لجنة القدس باسمها سوف تضع المنظمة في مواجهة مسؤولياتها وتبعث بمثل تلك الانتقادات إلى العنوان الصحيح الذي يجب أن ترسل إليه، وبغير ذلك تظل المملكة شريكا لها في فشلها وعجزها.

وطالما استمر الحال على ما هو عليه في لجنة القدس سوف تظل المملكة في مركز الضوء وحدها هدفا للانتقادات التي لا يعبأ أصحابها بحقيقة أن لجنة القدس تضم في عضويتها ممثلين لخمسة عشر دولة عربية وإسلامية إضافة إلى المغرب ينتخبهم وزراء خارجية المنظمة الإسلامية لمدة ثلاث سنوات.

عندما تسلم الكاتب العام للخارجية المغربية ناصر بوريطة أوراق اعتماد السفير الفلسطيني الجديد لدى المملكة زهير الشن الأسبوع المنصرم قال بوريطة إن "القيادة المغربية" تعدّ القضية الفلسطينية "قضية وطنية مغربية"، لكن استمرار لجنة القدس على حالها سوف يظل يشوش على هذا الموقف المغربي الأصيل.

يوم الثلاثاء الماضي دعت الخارجية المغربية "المجتمع الدولي إلى ضرورة توفير الحماية للفلسطينيين" تحت الاحتلال، وشدد المتحدث باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي على "أهمية إطلاق مبادرات عملية" تتجاوز بيانات الشجب والاستنكار والتضامن المكررة الممجوجة لدعم "صمود المقدسيين".

وكان الأجدى بهذه الدعوات المغربية أن توجه إلى الأولى بها في منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية اللتين ينشغل معظم أعضائهما ب"تحرير" صنعاء وبغداد ودمشق وطرابلس الغرب بدلا من القدس والأقصى متجاهلين حقيقة أن تحرير القدس هو وحده الكفيل بتحرير كل العواصم العربية من الهيمنة الأجنبية والاستبداد على حد سواء.

لقد رهنت المغرب دورها في لجنة القدس بخاصة وفي القضية الفلسطينية بعامة لما سمي "عملية السلام" التي كانت الولايات المتحدة ترعاها بين العرب وبين دولة الاحتلال، لكن هذه العملية والرعاية الأميركية لها قد باءتا بالفشل الذريع تماما الآن وآن الأوان للمغرب كي تعيد النظر في دورها على الصعيدين، وهذا احتمال ضعيف غير مرجح في أي مدى منظور لأسباب مغربية ذاتية.

غير أن استمرار قبول المملكة بمواصلة رئاستها للجنة القدس وعدم تمهلها لإعادة النظر في رئاستها لها ما لم تمدها المنظمة الإسلامية بالامكانيات التي تمكنها من القيام بدورها، بما يحفظ لها سمعتها في الأقل إن لم يكن خدمة للقضية الفلسطينية ودعما لصمود الأقصى، هو أمر يسلط الضوء بدوره على الأسباب المغربية الذاتية لاستمرار الوضع الراهن في لجنة القدس ورئاسة المملكة لها، ولهذا حديث آخر.

* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com

دستورنا وهابى ونوايته حسنة/ أشرف حلمى

من المعروف لدينا ان المشمش فاكهة لذيذة الطعم لذلك تستخدم فى صناعة العديد من المنتجات الغذائية ولكن نوايا المشمش شديدة المرارة وغير مقبولة الطعم ولكن يستخدمها الاطفال فى صناعة الصفافير للعب  بها هكذا كان دستور بلدنا الذى تم ترقيعه مرتان الاولى فى عهد الاخوان والثانية فى عهد السيد عدلى منصور رئيس الجمهورية المؤقت فظهر للناس فى صورة حسنة ولكن نواياه السيئة والمتعلقة ببعض المواد الدينية جعلها المتأسلمين صفارة يحشدون بها اتباعهم لمحاربة الاقليات لذلك قد كتبت عدة مقالات عن موضوع الدستور الاخوانى المعدل بطريقة السيد عمرو موسى وخطورتة من الوجهة الدينية كان آخرها بعنواناََ ساخراََ ( دستور وقضاء سكسونيا لحكومة دولة مناخوليا ) إضافة الى كيفية إستخدامة قانونياََ لتلفيق التهم من جانب السلفيين للاقليات ومعاقبتهم لنصرة الاغلبية  وكأن الدستور كتب لصالح السلف الداعشى الوهابى  الذى يحارب الان من جانب بعض رجال الدين والعلمانيين .
فمنذ ان اشار السيد عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية بان الدستور  صيغت مواده بالنوايا الحسنة اذ وخرج علينا العديد من اصحاب الاقلام والإعلاميين وذو الفكر التنورى تتحدث عن العوار الدستورى الذى اصاب دستورنا وما النتائج التى ستترتب عنه هذا فقط من الناحية المدنية خوفاََ من ان يسيطر فصيل سياسى على قرارات الدولة ورئيسها ومجلس شعبها وايضاََ تخوفهم من وصول السلفيين الى البرلمان دون التعرض لمواد الدستور التى وضعها السلفيين لخدمة مصالحهم ومنهم من طالب بتعديل الدستور مرة اخرى.
ولكن مع أحترامى الشديد لكل الذين عارضوا الدستور وموادة مؤخراََ  ويطالبون بتعديلة أين كنتم أثناء صياغته وتعديله بواسطة لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسى وليس برئاسة احد فقهاء القانون والدستور؟ وكيف سمحتم لأنفسكم كى ما تتركوا الشعب يصوت بنعم للدستور بحسن نية لثقة الشعب فى الرئيس المؤقت  عدلى منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا ؟ إلا انكم عصفتم باهم المواد الدستورية الدينية جانباََ التى ميزت فئة معينة عن باقى فئات الشعب الواحد وصنعت منهم دواعش يطبقون مواد الدستور الوهابية ويتحكموا فى بناء دور العبادة ويتعمدوا تكفير وتهجير المسيحيين من مدنهم تحت سمع وبصر المسئولين الحكوميين مما أدى الى إزدياد حالات إزدراء الدين المسيحى دون محاكمات كان أخرها إزداء الصلوات المسيحية وسط صمت حكومى وخاصة القائم باعمال النائب العام كما صنعت من مجموعات من رجال الشرطة بما يعرف بجماعة الامر بالمعروف والنهى عن المنكر تحت إشراف مديرى الامن كما حدث فى رمضان الماضى بمدينة الاسكندرية  .
اود ان اطرح سؤال لكم جميعاََ فى اى شرع ودستور مدنى لدولة محترمة علمانية متحضرة يوجد به كلمة تتعلق بالديانات السماوية ؟ فالذى يطالب بتعديل الدستور فهو ينتقض نفسه لانه يريد حماية فئه معينه واشخاص بعينهم دون باقى الشعب بل عليه ان يطالب بكتابة دستور جديد يقوم بصياغتة مجموعة من أساتذة القانون والدستور المدنى واساتذة الدستور الدولى قائم على المساواة والعدالة الإجتماعية بين ابناء الوطن الواحد بعيداََ عن اصحاب اللحى الداعشية البرهامية ذات التقية الشريعة والمنافقين اصحاب القلوب السواء والبعد عن المحسوبية الحكومية والدولية وبإشراك ممثلين قانونيين عن فئات الشعب المختلفة حتى نرتقى بالدولة المصرية متخذين دساتير الدول المتقدمة مثالاََ وليس دول التخلف الوهابى الداعشية وكل دستور وانتم طيبين اعزائى المصريين ولا حياة لمن تنادى.

معاً... وحدنا سنظلُّ/ فراس حج محمد


نذهبُ مشوار أناقةٍ وحدنا
فلا تتعجلي الوقت!
رغم أن الوقت أقصر مما نحتاج إليه
والساعة أسرع مما نريدْ!
وتحدثي عني أمام عقارب الساعة 
عندما تتأنق المرآة في وجهك الناعم
في خدك الزاهي 
كغصن الياسمينْ! 

نذهب في نزهةٍ وحدنا 
نعرّي الروح من أثقالها
ننسى استدارة الشمس رابعة النهارْ
ولن نلقي بالا للمتسولينْ 
والباعة المتطفلينْ
والأطفالْ 
وصفّا من مركبات الازدحامْ

نذهبُ إذ نسافرُ فينا 
نسمعُ ما تحدر من لغة القلبِ
قُبلة على ضم الشفاهْ!
نترك الماء الدافئ يسري 
نسردُ لحظة بدء الحكاية 
من جنون الحرفِ
إلى جنون الاتصالِ
إلى تفاصيل الخيالِ
ونضحك عند الرقصة الأولى 
ونبقى كأناقةِ ليلة وحدنا

مَنْ نَلُومْ؟/ أنطوني ولسن

نزوح هذه الأعداد الهائلة من الهاربين من دولهم نتيجة الحروب الدائرة في بلادهم من داعش، يثير الغضب والحزن؛ لما نشاهده كل يوم من مآسي الهاربين اللاجئين إلى الدول الغربية طمعاً في مكان يأويهم ويأوي أطفالهم ونساءهم من غدر هؤلاء الغزاة الجدد في القرن الواحد والعشرين!

 هروبهم من بلادهم الى الدول الغربية، مما لا شك فيه يعرضهم ويعرض الصغار من أبناءهم إلى موت محقق، إلى جانب وقوف حكام تلك البلاد في وجههم ومنعهم من الدخول للعيش في دولهم!

يسأل البعض: لماذا لم يلجأ الهاربون من بلادهم العربية إلى دول عربية أخرى تكون أكثر أمنا وآماناً من بلادهم التي فروا منها؟!

تكون الإجابة صريحة وواضحة عكس ما كنا نتمنى أن يحدث.

الدول العربية نفسها، شريك في التقاعس وعدم المساهمة في مواجهة الداعشيّة، وإنقاذ شعوبها، ومن ينتمون إليها، من مأساة النزوح غير الشرعي إلى الدول الغربية.

وكيف يكون هذا، وحكامها يتشدقون بالعروبة والتضامن العربي، وجامعتها أصبح اسمها ضد معانيها، حيث: التمزّق والتفكك والتفرّط، ولم يعد لها الحول والقوة، والتأثير، والتسلط الإيجابي على مجريات الأمور.. لم تعد فقط سوى هيئة تأكل من أموال شعوب هدها الفقر، وهزمها اليأس، وتاهت في عالم شرير! 

بل نجد أن بعض تلك الدول العربية يساهم في مد الجماعات التكفيرية والأرهابية، بالمال والسلاح لمحاربة حاكم أو حكام لا يتبعون ملتهم أو مذهبهم الديني "شيعي/سنة"، وتضطر شعوب تلك الدول إلى الفرار لطردهم من بلادهم دون مأوي أو مال، ويعرضون أنفسهم وعيالهم وزوجاتهم للخطر.

رأينا حديثاً، الجماعات التي  استطاعت اللجوء والدخول إلى أراضي أحد الدول الأوربية، وهجوم رجال الشرطة في محاولة إبعادهم والتحدي من بعض اللاجئين للشرطة بوضع أبنائهم وزوجاتهم وأنفسهم بين قضبان السكك الحديدية؛ ليلاقوا الموت الأرحمّ، خيراً لهم من العودة إلى ديارهم؛ لأن لا ديارهم ولا غيرها من ديار الحكام العرب ستقبلهم كلاجئين عندها. وحتى أكون منصفاً، هناك بعض حكام العرب يساهمون في مساعدة الهارب إليهم بالدخول إلى البلاد والسماح لهم بالعمل التجاري؛ ليتعايشوا منه.

أما الغرب فقد مر بحروب قضت على أخضره ويابسه، وموت أعداد كبيرة من شبابه. وكانت الحرب العالمية الثانية، أكبر دليل على الخسارة البشرية والمالية التي حلت عليه، مما أضطره إلى فتح أبواب الهجرة لكل من يرغب في الهجرة إلى دياره.

وكانت ألمانيا أكبر مستقبل للشباب، وبنوع خاص الأتراك؛ ليعيشوا في بلادها، ويستقروا فيها، ويتحدثون لغتها، إلى جانب لغتهم التركية.. ومنحتهم الحرية، وسمحت لهم ببناء المساجد، وأن يكون لهم رجال دين مسلمين!

إنجلترا تعرضت لنفس الشيء، بل إزداد إحتياجها إلى أصحاب رؤوس الأموال وليس من المهم من أين، وكيف امتلكوا كل هذا المال الوفير؛ بل لكي يزدهر الشعب البريطاني، وينتعش اقتصاده!

هي أيضاً، سمحت ببناء المساجد، وأن تكون للمسلمين مدارسهم الخاصة دون تدخل أحد من الحكومة فيما يدرس ويتعلم أبناءهم وبناتهم، ومنحتهم الحق في نشر الاسلام

في ربوع البلاد، وحقهم في عدم الإزعاج الذي قد يكون صادرا من أصوات المصلين من المسيحيين في البيوت والكنائس!

أمريكا هي الراعي الرسمي للإرهاب والإرهابيين، وقد بدأت في تحقيق حلمها القديم، الذي هدفه تفتيت دول الشرق الأوسط "العربي" إلى دويلات صغيرة كل منها يتربص للآخر؛ ليجهز عليه،  وليحطمه ويقضي عليه ؛  فيفوز الحاكم الموالي لعم سام السام بكل تقدير وإحترام؛ ليصل الحلم إلى نهايته، ونعيش نحن يقظة التفتت، والتبدد، والموت أحياء!

ماذا فعلت أميركا في العراق؟..

كل من عاش في تلك الحقبة الزمنية من حكم صدام حسين، يعرف أنه لا يمكن أن ينكر أنه كان دكتاتوراً.. وأنه ـ مع ذلك ـ،  رفع من شأن العراق وشعبه .لكن الخلاف السني/الشيعي، أعطى الحكومة الامريكية، أن تتدخل لحماية الجانب الضعيف ضد الجانب القوي!

وفي حرب غير عادلة، قسمت الأراضي العراقية  إلى دويلات صغيرة تُحكم بأيدي العراقين بعد القضاء على قوة العراق الحربية، وأنتهت بشنق صدام حسين!

نأتي إلى مصر، التي رفضت الدخول في حرب ضد العراق؛ لتمرير الغزو الأمريكي؛ فغضبت أمريكا من هذا التصرف؛ وانتهزت  الفرصة المواتية،  لتشجيع الأخوان المسلمين على تولي السلطة في مصر!

كلنا يعرف ما حدث في زيارة الرئيس الأمريكي أوباما للمملكة العربية السعودية، وإنحناءه وهو يمد يده لمليكها.. تلك الإنحناءة التي صارت محل نقاش كبير بين شعوب العالم كله!

بعد ذلك توجه إلى القاهرة ولم يستقبله مبارك في المطار.. ومع ذلك ذهب أوباما إليه وقضى معه وقتاً، لم يعرف الشعب المصري ما دار بينهما، لكننا لاحظنا عند مغادرة أوباما، أن مبارك كان واقفاً يودعه، ويشير له بإصبعه ما ترجمه الناس: " أوعى تنسى اللي قلتلك عليه"!

غادر أوباما مصر بعد خطابه الشهير في جامعة القاهرة بالجيزة، والذي أكد فيه أنه حفظ القرآن الكريم، بعد تحيته للجميع: "السلام عليكم"!

جاءت بعد تلك الزيارة السفيرة الأمريكية، والتي قامت بلقاءات متعددة لمرشد الأخوان ،والتقت بأفراد من الجماعات الإسلامية، وبدأت الصورة وكأن السفيرة الأمريكية تعد العدة لتسليم مصر للإخوان.. وقد تم لها ذلك!

استطاع المشير عبد الفتاح السيسي، الإلتحام بالشعب المصري، والقضاء على حكم المرشد،  وتوليه سدة الحكم، وتقديم الرموز الإخوانية إلى العدالة!

أذكر كل هذا، بعد ما شاهدت صورة الطفل الملقى فوق الرمال بعد أن لفظته مقبرة المتوسط، وأمواجه إلى الشاطيء..والعائلة التي تحدى عائلها الشرطة الأوربية عندما حاولوا إعادته إلى المركب الذي حمله!

وهنا أعود إلى تساؤلي: مَنْ نَلُوم؟!..

هل نلوم العرب على تقاعسهم، وعدم مد يد العون للمطرودين من ديارهم، تاركين كل شيء، ويبحثون عن مكان يحميهم عند الأوروبيين بدلاً عن العرب؟..

هل نلوم الغرب، الذي فتح الباب على مصراعيه للمهاجرين العرب المسلمين؛ حتى أصبحوا يطمعون في فرض عقائدهم ومذاهبهم وعاداتهم وتقاليدهم وفرض كل ذلك على الشعوب الأوربية؟..

ماذا عن أمريكا ومخططاتها؛ لإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط؛ حتى يمكنها من الهيمنة الكاملة على المنطقة، ووضع حكاماً يتبعونها كظلها، وينفذون أوامرها، وأوامر أذيالها؟..

هل تريد للدول العربية، بعد تقسيمها، أن تكون خاضعة لماما أمريكا؟..

وإلا لماذا تمد يد المعونة بالمال والسلاح والمعلومات الاستخباراتية لحملة الأعلام السوداء؛ والداعشيون الاسم والمخبر؛ ليقتلوا دون رحمة، أو شفقة،  ولا فارق عندهم بين طفل صغير، أو كهل كبير في السن، أو إمرأة تباع في سوق النخاسة؟!..

قد يكون السبب الحقيقي، أن الغرب يريد دماء جديدة، ولا يهم من يكون أو من أي بلد هو آتٍ منها؟..

ولكنهم بالتأكيد سيجنون وزر أعمالهم.. خاصة والغرب لم يعد متماسكاً كما كان، وقد فقد الغرب ـ وهذا هو الأهم ـ،  أجمل ما كان يُعرف به من جدية وإيمان  ونخوة الرجال، وأصبحوا يعشقون اللواط سوى بين الرجال أو النساء تحت قانون الحريات.. هنا يجب أن أنحني إحتراما لموثقة عقود الزواج بين المثليين في أمريكا، التي رفضت القيام بتوثيق عقود الزواج، وفضلت السجن عن تنفيذ أوامر حكومة، هي نفسها تحتاج لعلاج أخلاقي لبعدها عن إيمانها عن التعاليم المسيحية!

 أعود لعنوان مقالي : "مَنْ نَلوُمْ"؟!..               

إلى أين تذهب الهرمينوطيقا في الثقافة الراهنة؟/ د زهير الخويلدي

"الهرمينوطيقا ليست مجرد نظرية بل هي طريقة في تشييد ليس فقط وقائع أدبية وفنية وثقافية وإنما علاقتنا نحن بالعالم"[1]

تضمن العدد الأخير من مجلة "نقد" الفرنسية ملفا كبيرا أشرف عليه الفيلسوف الكندي جان غروندان حول الهرمينوطيقا أو التأويلية كما يحلو لبعض الناطقين بلغة الضاد أن يسموها وهم في ذلك يميزونها عن علم التأويل ويجعلونها قريبة من فلسفة التأويل ويضمون إليها تقنيات التفسير والتوضيح والإبانة وفن الفهم .

لقد عالج الملف قضية الهرمينوطيقا في المفرد أم في الجمع وبالتالي طرح مشكل هرمينوطيقا واحدة أم عدة هرمينوطيقيات، وهل هي عقيدة مترسخة أم منهج متبع، وهل هي مذهب قائم الذات أم اتجاه مازال يتلمس طريقه بعد، وتم الاستناد إلى تاريخ الهرمينوطيقا ومنزلتها من العلوم الصحية والعلوم الإنسانية والتطرق إلى الوجوه البارزة للتيار في الماضي والحضور الدائم لنظريات التأويل في اللحظة الراهنة.

لقد ركز العدد على المسارات القريبة والأفاق البعيدة التي تتحرك ضمنها هذه المدرسة وأشكال حضورها في الفلسفة والتاريخ والأدب والفنون المرئية وخاصة فني الرسم والسينما وخاض في عملية إعادة تجديد للدلالات التي تكتنزها الآثار الفنية والعوالم التي فتحتها وتصور الهرمينوطيقا بوصفها نظرية في المعنى.

ما هو متعارف عليه أن الهرمينوطيقا تمثل ملتقى تتجمع فيه اختصاصات علمية كثيرة وإطارا عاما يضم عدد كبير من الأنساق الفلسفية ، وتحرص على الانتقال من النظرية إلى التطبيق ومن المعرفة إلى الوجود وتعيد الحياة إلى الآثار الآتية من الماضي وتنفض الغبار عن النصوص وتمنح الكتب الصامتة القدرة على الكلام من جديد. كما احتوى العدد على مراجعة نقدية للهرمينوطيقا وورقات استشرافية بخصوص مصيرها ومستقبلها وتم وضع مقارباتها ونتائجها بين قوسين وتم التشكيك في مشروعية اقتصار الهرمينوطيقا على البحث عن المعنى ، وبالتالي لا يمكن وضع حد للمشروع الهرمينوطيقي مادام بالحث عن المعنى يشكل مبحثا أساسيا للفكر البشري.

لقد تناول غروندان في الاستهلال مسألة الحساسية الهرمينوطيقية وجاء في القسم الأول تذكير أعده جان غرايش عن الهرمينوطيقا بوصفها درب فلسفي يتوزع بين الأنطولوجيا وهرمينوطيقا الحدثية عند مارتن هيدجر والهرمينوطيقا من حيث هي أنثربولوجيا فلسفية عند بول ريكور.

أم القسم الثاني فقد تناول فيه جوهان ميشيل قضية الهرمينوطيقا بين الطريق الطويل والطريق القصير نحو الوجود وكذلك وضع مارك انطوان فاليه كل من جورج هانس غادامير وبول ريكور وجها لوجه في ما يتعلق بمسألة التصور الهرمينوطيقا للغة وبعد ذلك اهتم باسكال أنجل بالتأويل من حيث الوقائع والأسباب وتطرق كل من شايفر وهارتوق بعلاقة الهرمينوطيقا بالتاريخ . أما أولفييه أبال فقد أعاد النظر في المشروع الريكوري في تطبيقاته السردية والتحليلية النفسية حول الهوية والذاكرة والفعل والأخلاق.

في حين طرحت ماريال ماسيه مسألة الهرمينوطيقا بين أن تكون أسلوب قراءة أو كيفية في الكينونة وركز شايفر مجددا على تطبيق الهرمينوطيقا على الدراسات الأدبية وأعادت فرنسواز لافوكا التذكير بمساهمات بتر شوندي الرائدة في نشأة الهرمينوطيقا الأدبية وتطوره عبر التاريخ في المجلة الألمانية العالمية.

في القسم الثالث عاد دنيس تويارد إلى الجيل الأول وتتبع دروس فردريك شلايرماخر حول قواعد التأويل  وعلاقة المشروع الهرمينوطيقي بالنقد وجهود ولهايم ديلتاي حول الحياة التاريخية وصلة القراءة بالتفكير .

أما ايف سيتون فقد ضم الهرمينطيقا إلى الميديا المتعددة ضمن مقاربة تعيد مسألة التوسط والوساطة إلى حيز التطبيق ، بينما ناقش جوواكيم المشروع الهرمينوطيقي ورسم حدوده وكشف عن نزعة ألمانية مضادة. بيد أن المبحث الأخير الذي أثثته جوانا فولتور قد عرف إضافة نوعية وريادة بالكشف عن قيام هرمينوطيقا للسينما وخاصة في مجال النقد الاستيطيقي للأفلام السينيمائية والنقاش العمومي للمشهد البصري. لقد فكر هذا العدد بصورة استيعادية استشرافية في التجربة الهرمينويطقية والحاجة الماسة إلى التأويل والفهم والتفسير في الثقافة المعاصرة خارج منطق الوقوع في فخاخ الدوائر المغلقة والحلقات الفارغة. لكن لو عدنا الى ذواتنا وكشفنا عن تجربتنا التأويلية فإننا نكتفي بطرح سؤال واحد على أنفسنا:  متى تشهد الهرمينوطيقا الفلسفية في لغة الضاد وحضارة إقرأ استفاقة حقيقية وتحدث منعطفا نقديا ؟

المصدر:
[1] Revue Critique n°817-818 ,2015 : Ou va l’herméneutique ?

الرابط:

http://www.leseditionsdeminuit.fr/f/index.php?sp=liv&livre_id=3123
[1] Revue Critique n°817-818 ,2015 : Ou va l’herméneutique ?

الجنرال أنطوان لحد/ الكولونيل شربل بركات

يغادرنا اليوم اللواء أنطوان لحد الذي غاب عن الاعلام منذ الإنسحاب الإسرائيلي من الجنوب سنة 2000 وهو كان قاد جيش لبنان الجنوبي مدة 16 عاما وشغل خلال هذه المهمة جزءا كبيرا من هذا الاعلام.

اللواء لحد أحد الضباط اللبنانيين الذين عملوا بصمت وبدون ضجيج طيلة خدمته العسكرية في الجيش اللبناني وكان تخرج سنة 1952 وشغل في عهد الرئيس كميل شمعون منصبا مهما في المخابرات، ولكنه مع استلام الرئيس فؤاد شهاب الحكم أبعد عن العاصمة ليخدم في كافة المناطق اللبنانية متدرجا في الرتب والمناصب والمهمات حتى قيادة منطقة وكان قائدا لمنطقة الجنوب والبقاع والشمال تباعا في ظروف غير عادية. وعندما دخل السوريون إلى البقاع وكان يومها قائد منطقة البقاع سلم الامرة للرائد شاهين قائد ما سمي "بطلائع جيش لبنان العربي" بطلب من اليرزة وانسحب إلى القيادة التي عينته في صربا ليشكل من بقايا الجنود والضباط مع مساعده الرائد ابراهيم طنوس لواء جديدا استمر بتحمل مسؤولية ومشاكل المرحلة الدقيقة يومها. ويوم أختير العقيد طنوس لقيادة الجيش رقي هو إلى رتبة لواء وأحيل على التقاعد كونه لا يعقل أن يخدم تحت امرة مساعده.

اللواء لحد، الذي كوّن أفضل العلاقات وكسب احترام الجميع في تنقله بين المناطق اللبنانية كافة وتعاطيه مع مختلف الشرائح التي شكلت النسيج الوطني مدة خدمته الطويلة، لم يقدر أن يقف متفرجا بعدما رفض السوريون الاتفاق الذي ينظم انسحاب إسرائيل لا بل عادوا لضرب التعايش اللبناني وفرضوا حربا جديدة هجرت الجبل (مسقط رأسه) بأهله واسقطت العاصمة تحت أنظار القوات المتعددة الجنسية التي كانت تمثل العالم الحر، بينما بدأت إسرائيل تنسحب بدون اي تنسيق يحمي المواطنين ويمنع المجازر والتهجير.

عندما اختير الواء لحد ليشغل قيادة جيش لبنان الحر بعد وفاة الرائد سعد حداد كان أول ما قام به تغيير اسم الجيش إلى جيش لبنان الجنوبي لأنه لم يكن لديه طموحات تحرير أو توسع بل حدد مهمته بتنظيم استمرار العيش المشترك في الجنوب وتأمين الدفاع عن مواطنيه إلى أن تقوم الدولة وتهدأ الأمور وتعود إلى مجاريها. لكن الدولة وبعد اتفاق الطائف وبأمر من سوريا، ولكي تبقي ذريعة لسيطرتها وإيران على الطائفة الشيعية والبلد، لم تحل موضوع الجنوب بالرغم من اعلان اللواء لحد موافقته على الطائف والاستعداد لتسليم المنطقة لسلطة الدولة وقيامه بمراسلة الرئيس الهراوي عارضا عليه الحلول.

اللواء لحد كان رجلا وطنيا حاول بما أمكن التقليل من عناء الناس ونجح بذلك بالرغم من كل ما قيل وبالرغم من البدع التي تجعل من ينسق أمور الناس في منطقة محتلة،عميلا، بينما يسرح العملاء الحقيقيون والمرتزقة لدول تبعد آلاف الكيلومترات وينفذون لها مهمات لا تمت بصلة لشعبهم ووطنهم، هؤلاء الذين لا يعرفون إلا تهديم الوطن ومؤسساته ولا يزالون يضيعون الفرصة تلو الأخرى لقيام الوطن وعودة الاستقرار إليه.

اللواء لحد لم يحارب خارج المنطقة التي تعهد حمايتها ولم يقم نظاما تعسفيا يرهب الناس، ولا قسم الناس بحسب طوائفهم أو دينهم أو عقيدتهم السياسية بل كان الكل مشاركا في السراء والضراء. وهو حاول، بالرغم من وجود جيش غريب على الأرض، أبقاء مؤسسات الدولة تعمل بانتطام وبدون تدخل. ويشهد له بأنه سمح بأن تدخل بيته فتاة غريبة من المغرر بهم حاولت قتله ثم ما لبث أن أفرج عنها، بينما يسوّق غيره لثقافة قتل الأبرياء ومد اليد واسقاط القيم والاخلاق والعبث بالقوانين والشرائع.

نودع اليوم رجلا استلم مهمة وحاول الالتزام بها والسير بين "نقط" السياسات الدولية لحماية شعبه ووطنه بينما جيّر الآخرون وطنهم وشعبهم والطائفة لمشاريع اقليمية وأحلام توسعية لم تنجب سوى الدمار والخراب وأنهر الدماء ومسلسل العار المستمر تمثيله بطول المنطقة وعرضها وفي طن الأرز بالذات حيث لم يبق من الأسطورة التي حلم بها كل اللبنانيون ما يقيم بناء أو يستر عرضا أو يحمي طفلا في غابة الأحقاد التي تتخفى بظل الشعارات أو تحتمي بالكتب المقدسة التي هي براء منها.

ترطّبُ ذاكرةَ الحلم/ كريم عبدالله

الأحلامُ تترطّبُ ببريقِ أنوثتها ../ ولمسائها العذب ترتعشُ الظنون  ../ فتثمرُ الأهدابُ ضجراً يزخرفُ الأيام
عطرها المستوحد في ذاكرةِ الحلمِ ../ سوطاً يلهبُ نبضات أغنية منسيّةٍ ../ فتفرُّ المواويلُ تقدُّ ملابسها وتمضي
تبخّرُ صوراً كثيرةً بغبارِ الحرملِ ../ مراكبٌ منزلقةٌ تروّضها حشودُ الرغبةِ ../ تطردُ وصائفها وحيدةً تجدّفُ في صحرائهِ
خيالها يطيّبُ فانوساً حزيناً يتسكّعُ ../ بينما الثلجُ على سنامِ مخطوطاتهِ أشعلَ فتيلها ../ فهرعتْ معابدٌ مهجورة تضجُّ بأنفاسهِ
بعيداً عن قيلولةٍ مدهونةٍ بنعاسها ../ كانَ يبكي لئلا يلطّخُ بالحزنِ يقضتها ../ لا يلمّعُ أزرارَ صدرهِ إلاّ قصاصات شعرها
يتشبثُ بأنهارٍ تقدّسها مواسم فصولهِ ../ تعمّدُ شتاءهُ بتلويحةِ موائدِ السواحل ../ فترتجفُ الليالي البعيدة تتلوى
يومَ تأتي ينهضُ الغارُ بينَ طيّاتها ../ ستشفى ثقوب تحتَ قميصِ خرابهِ ../  وتصعدُ في أغصانِ خريفهِ نغماتٌ مرهقة
عجنتْ فقره برغوةِ إنتعاشها ../ نجومها عاريةٌ تحتَ هجعةِ الزَغَب ../ تنوحُ سنابلُ قمحها إذا هيّجتها الزفرات
تلكَ الضحكاتُ الغائرة بأرضها اليباب ../ نفشت تعاكسُ السقوطَ في بحرِ الهياجِ ../ على التلالِ شهيقها المعلول يترنّحُ
تقدّمي أيتها الماسكةُ ببقيّةِ العمرِ ../ وأقدحي شرارتكِ في بقايا تواريخٍ لوّثتْ الأناشيد ../ وهزّي صحراءهُ الذاوية بالهزائم
أيّتها النازلةُ منْ أعماقِ سماواتِ الروح ../ أكتسحي كلَّ القصائدِ العمياء منْ جذوري المتربة ../ وأستلقي مكللةً وتغطّي بسواحلِ الأستفاقةِ
أيّتها الطفلةُ المشاكسةُ ظلّلي بأزهاركِ الكلمات ../ ودعي العشقَ النافرَ بينَ الضلوعِ يرتوي ../ أعيدي مطروداً وثنياً خارجَ أفلاكِ
حضرتكِ
هيّئي الشفاهِ تغزلُ ثوبَ الفجر ../ فلقدْ طفا العطشُ يشدو غربةَ العُري ../ وناركِ المقدّسة تتشهاها سفائني
إشعلي زمنِ القدّاسَ بخمرةِ لذّتكِ السكرى ../ وأهبطي على أسرّةِ الشعرِ نشوةً ../ ودعيني أطلقُ العنانَ لخيولكِ الجامحة

بغداد
العراق

فر مني المعتصم وهل يعود؟ قراءة في ديواني الجديد/ بقلم فاطمة الزهراء فلا

الزمن هو العدو الأوّل والكبير لكل امرأة، فهذه الفتاة الغرّة الصغيرة التي تُريد مطاردة الزمن وانتعال الحذاء العالي وتجميل الوجه الصغير، والإصرار على أنها لم تعُد صغيرة على الحبّ، وافتعال دور المعشوقة المُطارَدَةِ من كل شاب، هي نفسها التي ستقف مُرْتَعبة من مرور الزمن وبداية ظهور تأثيراته القاتلة على وجهها وجسدها، وتركها وحيدة تُواجه ظلمَه وقسوته
تقول الشاعرة:
ذكريات قديمة
قميص أزراه تفتح لمن ينادي
والربيع أبوابه الخضراء
للشوق تجنح
مشاعرٌ طرية في نعومة الخس
عند الباعةِ في مارس
فتميل قلوبُ الحجر
علمتني جدتي أن الحب الأول
خرافةٌ مثل المستحيل
وأن ثوب الفضيلة
يعشقه الرجل حتي وإن كان
علي جسد امرأة قبيحة
وأن ذكريات أول حبيب
تدوم لأن الزوج
يعتير أن جسد امرأته حق شرعي
فغاصت تبحث في الخيال عن جسد مشاع
ومن ساعتها أصبح قلبي تلميذا عجوزا
يرتعد من المطر
ويرتدي الجوارب والسراويل و....  
معذرة أصدقائي , هكذا أنا حينما يسرقني الإبداع , أري كل شئ ملون , العصافير تغني , والبلابل تغني , والناس يحلقون في سموات الحب بدأ الأدب شعراً، فالشعر لغة العاطفة، والعاطفة لغة الشعر. وكما يبدأ الطفل بالشعور والاحساس، بالضحك والبكاء، بالألم والسرور، ثم ينتقل الى طور الفكر ودراسة الامور بالعقل.. كذلك تبدأ الامم بالشعور والاحساس وتعبر عنه بالشعر، الذي يولد من المعاناة والألم. ومع مأساة الإنسان في زمن الصراع ، انسكبت الشكوى داخل القلوب فاشعلتها كالنيران وفجرتها كالقنابل
ذات مرة .. استيقظت من نومي في ليلة صيفية طلع بدرها، وتهاطلت أنوارها من شرفات الصفات، وعزفت نجومها موسيقى الصمت على أوتار الحضور.
أرفع رأسي، وأتجول بعيني في أنحاء البيت الذي درست جدرانه فلم يبق منه غير سقف مرفوع وباب موضوع بلا مزلاج. بحثت عنك فلم أجدك , فتأهبت للفراق وهل تدرك معني أن تفر مني ؟ تهرب بلا رجوع ؟
إنها مأساة
أيقظتُ البلبل من نومه، وحملته معي في الفلك وانطلقت مبحرة من ميناءالحب إلي يم الفراق ، حتى إذا صرت وسط اللجة لجَّ بي الشوق إليك فهاج البحر،  وتقاذفتني أمواجه، وأحاطت بي حيتانه. ولفتني ظلمتان، فوقفت أرتجف في مقام  الخوف، وسمعت هاتفاً
يقول : 
- أنت التي  اخترت الطواف في بحر الفضول حيث الأمواج تتلاطم مركبك بين ردٍّ وقبول، لقد سلكت قبلك رابعة الطريق سبع سنوات زاحفة على جنبها فوق الأشواك لتلقى حبيبها، وتنعم بالقرار. فإن كنت لن تستطيع صبراً مع هذه الدوامة التي تدور في رأسك، فعد إلى الدار كي لا يحترق بيدرك، وإن أردت الاستمرار فتذكَّر، فإن الذكرى تنفع المبحرين في بحرالأحزان
.   تذكرت أنني تركت البلبل حبيساً في قاع السفينة، فأطلقته، وضرعت إليه أن يغني، فوقف على حافَّة الفلك، ورفّ بجناحيه المضيئين فتناثرت ذرات النور في السفينة وانطلق مغنياً.
من يجد حبيبي يدلني إليه..
يا سادتي أكتب لكم قصائدي مغزولة بدقائق العقيق , وذرات عشق كادت تذوب أقول في واحدة
هل للعمر..حبيب آخر؟
أيجئ اليوم ومن عمري تسافر
ابحث في الأيام عن حب آخر
حب يحملني إليه
عبر مطارات ومواني....وبواخر
ورسائل أخرى تخجل
لازالت من أقدام غريب
يتحسس في الظلمة طريقا
للأشواق
يتوارى أو يتناحر
بالفعل جاء اليوم وسافر الحبيب بإرادته هاربا بكل أدواته مع سبق الإصرار والترصد أتحدث إليك في دهشة وغربة :
بكل فجر مثل جمجمتي يصيح
كلما هم شهرياربذبح شهر زاد
ولماذا أنا ألقي ثيابي بأقدام الربيع
كلما تقدم الي الخريف ؟
وعنقودي تدلي علي صدر الوهن
ونزعوا مني الأظافر
والخواتم والأساور والقلم
تركوني عارية
وحين استغثت بالمعتصم
فر مني كالمتهم
فنكست العلم
ماذا تفعل امرأة هرب منها حبيبها وشالها الذي كان يغطيها من رياح الشتاء العاتية
إن الإحساس بالخوف يسكنها فتصرح بذلك :
  يأمرني وجهك أن أرحل
أتجول في أروقة أخري
غير أروقتك
لكن أشواقي إليك
لازالت مطبوعة
في صدر الحلمِ الخائب
وقعُ الخَطواتَ يشاغلني
والمطر ينهمر
حين يلمس كفي كفيك
يأيها الوطن الضائع
حين ترحل
وارتعاشات الغصن المهتز
بباب الريح
إنها المرأة العصرية التي ظلت تطلب الحرية وتدق بعنف علي باب الجرأة بلا ملل , وحين امتلكت الحرية ضاعت علي باب الشتاء ينهمر عليها المطر بلا رحمة
أشياء ترتعد منها المرأة وتقف في هلع
الزمن: عدو المرأة الذي تخشاه وتخافه وتحاول التهرّب منه ومُراوغته بشتى الوسائل مع إدراكها الداخلي بأنه المُنتصر أخيرا.
"وللحظة تجسّدت أمامها سنوات عمرها، المحور الأساسيّ في حياتها كان البحث عن الحريّة، وعن طريقة تحقيقها، كلّ هاجسها كان أن تتحرّر في العمق من كلّ ضغط خارجي يبغي تشويهها وتغريبها عن ذاتها إلى درجة الجنون تقول :
الريح تطن بأذني
فأنصت لصوتك
 فيحملني عبر البحار والأنهار
ومدن بلون الشوق الكامن في الصدفات
مجنونة تلك الصدفات
وشوشت وهمست وغازلت البنات
في أزمنة الشات
فضاع الحب وشيعناه في التوابيت
بلا ورود ولا تراتيل
وهمسنا البقاء لله
ولا عزاء للحلم الذي قد مات
قصائد جميلة كتبتها بإحساس أنثي في كل مراحل حياتها , عشقت قصائدها وهللت للحبيب حين منحها القبلات , وحزنت حين أكل الملح جدران قلبها..وتوسلت للمساء ألا يبيت خرج البيت..وكفنت ضفائرها باليأس حين فر منها المعتصم
لم أرو قصائدي علي لساني , ولكن روتها بطلات صغيرات بدلا مني قد تكون الإبنة وقد تكون الحفيدة لتُعطي نفسَها حيّزا أوسع من الحريّة في البوح والتّفاصيل وطرح الأفكار، وحتى لا يسم البعضُ أشعاري  بالسّيرة الذاتية، ليعيش المجتمع الشرقي
حالة من البوح ويحاول أن ينبه المجتمع من  محاسبته المرأة على كلّ تصرّف من تصرّفاتها.

المجلس الوطني الفلسطيني وفقدان البوصلة/ رائف حسين

منذ الإعلان عن إصدار الدعوه رسميا لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني بعد انقطاع دام حوالي عشرون عام وألحالة الفلسطينية في تخبط على جميع الجبهات. نقاشات وتصريحات تتضارب حول شرعية الدعوة ومن وراءها وحول الأهداف من الانعقاد الان بعد تغييب مقصود للمجلس الوطني ودوره منذ سنوات طويلة وحول من يشارك ومن له الحق ان يشارك وما الهدف من المشاركة او من عدمها... كل هذه النقاشات والتصريحات محقة وبمكانها الا انها لا تعبر لا من قريب ولا من بعيد عن الحقيقة المرة التي تمر بها القضية الفلسطينية والواقع الحرج الذي زجت به القيادة الفلسطينية شعبها وقضيتها. في مقالات سابقة أسهبت في تحليل حالة الانسلاخ والضياع التي تعيشها القيادات السياسية الفلسطينية بأطيافها عن هموم الشعب ومآربه. بالاسطر القادمة أودّ ان أضع الاصبع على الجرح وبشفافية حول الخطوة التي اقدم عليها الرئيس محمود عباس واهدافه منها وعن التكتيك المافيوي والابتزاز السياسي الذي سبق الدعوة لانعقاد المجلس الوطني. كما وسوف أتطرق الي التخبط الذي تعيشه الفصائل الاخرى في منظمة التحرير من التجاوب مع الدعوة والانتقادات عليها وعن فقدانهم للبوصلة السياسية رغم مصداقية مطالب بعض هذه الفصائل بإعادة بناء المرجعيه الوحيدة للشعب الفلسطيني  على أسس ديمقراطية عصرية تراعي الحالة الاجتماعية والسياسيه للشعب الفلسطيني في أماكن تواجدة اخذين بعين الاعتبار التقلبات التي تعصف بالإقليم منذ اربع سنوات.  
تصريحات القيادي الفتحاوي عزام الأحمد تعليقا على الدعوه لانعقاد المجلس الوطني بان أوسلو انتهى وتصريحات رفيقه عضو اللجنة المركزية في حركة فتح ابو العنين بان السلطة قادرة في كل لحظة إنهاء التنسيق الأمني مع الاحتلال تدل على ان السلطة ومن يدور في فلكها ما زالوا متمسكون باستراتيجيتهم القائمة على ان الشعب عبيط وبإمكانك كفصيل سياسي ان تلعب بعواطف الشعب بشعارات رنانة رغم انك مدرك تماما ان حبال العربة قد خرجت من يديك ولم يعد لك لا قوة ولا حيلة فالسلطة الفلسطينية وفتح الفصيل الأكبر والاهم في م ت ف ربطا مصيرهما بسياسة الدمار الوطني التي بدأت في مدريد وتوجت بأوسلو وزينت بالتنسيق الأمني. كلام الأخوة في فتح لم يعد ذَر الرماد في العيون وحسب بل اصبح تخبط كالغريق الذي يقاوم الموت والفناء. أوسلو لم ينتهي وانعقاد المجلس الوطني في رام الله تحت اعين الاحتلال وبموافقته ورعايته هو الخطوة الاخيرة في تحقيق كل أهداف أوسلو التي رسمتها غرفة العمليات الإسرائيلية بدعم أمريكي أوروبي وبقبول ساذج للقيادة المتنفذة في الحالة الفلسطينية وعل رأسهم قيادة فتح.
 لاوسلو قراءتين واحدة فلسطينية مبنية على التمني والانتظار واُخرى إسرائيلية صهيونية مبنية على برنامج مدروس وخطة مفصلة للوصول الى اهدافهم الاساسية التي لم يتمكنوا من تحقيقها بحروبهم ضد شعب فلسطين وقيادته الشرعية الوحيدة. الرئيس الراحل عرفات ظن ان حنكته السياسية وقدرته على التلاعب بأطراف الصراع كما فعل اربع قرون متتالية في م ت ف وفصائلها ومؤسساتها تمكنه من الوصول الى هدفه السامي بتحرير الارض والشعب ناسيا ان  الأطراف الاخرى التى مزجت مصل اوسلو الذي تجرعه، أحدق واقوى من فصائل م ت ف وما قدمته غرفة العمليات له ولحركة فتح من حلويات في بداية المسيرة كان هدفها أصلا  القضاء عليه وعلى القضية التي كان يحملها ويقاتل من اجلها. غرفة العمليات الاسرائيليه الامريكية كانت تعد للإجهاض على فلسطين شعبا وقيادة وأرضا ووجودا وها نحن الان امام مشهد مأساوي لا يختلف علية عاقلان. 
شعب فلسطين مشتت ومنشق على نفسه وأرض فلسطين مقسمة جغرافيا وسياسيا واجتماعيا والممثل الشرعي والوحيد لعموم الشعب الفلسطيني اصبح شبحا ليس الا. حركة التحرر الفلسطيني التي نقشت أسطورة النضال في تاريخ البشرية والهمت شعوبا وحركات في أنحاء العالم كانت حجرة العثرة الوحيد امام المشروع الصهيوني وكان هدفهم الإجهاض على هذه الحركه وخلق البديل لها.الصهاينة ومعاونوهم من عرب واجانب شنوا الحروب وفتحوا المعارك واغتالوا القادة  وفبركوا لبدائل من امثال روابط القرى واخرون لكنهم فشلوا وبقيت م ت ف العمود الفقري للشعب الفلسطيني وقضيته حتى أتى اوسلو وبدأ ببناء تابوت لمنظمة التحرير وكان انعقاد المجلس الوطني المنقوص في غزة تحت رعاية صهيونية ورقابة امريكيه تكملة لبناء التابوت الذي كانت خشبته الاولى في بناء السلطة الفلسطينية التي حلت محل م ت ف وأبعدت الاخيرة عن الساحة السياسية وهمشت مؤسساتها ودمرت بنيتها التحتية. وافلاس م ت ف وصل ذروته في التعامل مع قضية نهر البارد ومخيم اليرموك  ومخيم عين الحلوه ومتغيرات الإقليم كاملا.   
البرنامج الصهيوني بالقضاء على منظمة التحرير تمهيدا للقضاء على القضية الفلسطينية برمتها اصبح الان قاب قوسين او أدنى وانعقاد جلسة المجلس في رام الله بهذه الظروف وهذه الخلفية التي نراقبها منذ أشهر وفي ظل التوافق الحمساوي الصهيوني على سلام غزاوي هو بمثابة الخطوة الاخيرة في برنامج الإجهاض على م ت ف . حماس بتوقيعها للاتفاق مع الصهاينة ستصبح في نظر الطرفين، حماس وإسرائيل، ونظر العالم الغربي وايضاً في نظر من يقف وراء حماس من أنظمة داعمة للإخوان ومشاريعهم هي الممثل الواقعي والفعلي للشعب الفلسطيني الذي أقام دولته الفلسطينية في غزة. محاولة محمود عباس الاستنجاد بما تبقى من منظمة التحرير من سراب لإنقاذ سلطة فتح وحركة فتح من الاندثار ان اقدمت حماس على خطوتها المشؤومة، هي خطوة مفهومة الا انها ايضا خطة كما حضر في مطبخ الرئيس حتما ستكون فاشلة وطريقة الاستنجاد خاطئة ومدمرة. محمود عباس يدرك تماما ان التوقيع على الهدنة بين حماس وإسرائيل الذي وضعت خطوطها الاولى سنة ٢٠٠٥ في ورقة احمد يوسف قبل خوض حماس الانتخابات التشريعية سنة ٢٠٠٦، سيكون بمثابة النهاية لرحلة السلطة الفلسطينية وستبدأ النهاية بتقليص الدعم الغربي والعربي للسلطة ولا اجزم ايضا ان يتم حذفه بالكامل وملاحقة قيادات ونشطاء فتح وفصائل م ت ف في الضفة من قبل الاحتلال. وهو يدرك ايضا ان مشروع توسيع قطاع غزة، الدولة الفلسطينية، باتجاه سيناء سوف يتم بعد ان يكتمل سيناريو إخراجه وتسويقه عالميا وفلسطينيا واقليميا وايضاً بعد ترويض مصر وإغراؤها للقبول بالفكرة.
 هذا السيناريو ليس قضاء وقدر بل هو مشروع مخطط له وللقضاء والقدر حيز ومكانة في الغيبيات لا في السياسة. المشاريع السياسية التدميرية التصفوية يتم الإجابة عليها بمشاريع سياسية وطنية مضادة مدروسة ومحكمة ومستندة الى أوسع قاعدة جماهيرية وأوسع تكاتف فصائليي وليس بالتلفيق والدجل.  قبل الاستنجاد بمنظمة التحرير المهمشة ومؤسساتها الهلامية كان على محمود عباس رئيس اللجنة التنفيذية البدء بالعمل الجاد على بناء هيكلية قوية لمنظمة التحرير وكان على فصائل المقاومة وخصوصا فصائل اليسار الديمقراطي ان لا تتلاهف على القدوم الى رام الله بعد الإعلان عن إصدار الدعوة لتكون مجرد ورقة توت وشاهد زور على تثبيت الخشبة الاخيرة في نعش م ت ف. الرد على خلق البديل الحمساوي ل م ت ف والذي بدأ بمشروع الاخوان قبل انطلاقة الانتفاضة الاولى ما زال ممكنا وتحقيقه ممكن وواجب وطني على كل الوطنيين فصائل وافراد. بداية الجواب تكون بمقاطعة فصائل م ت ف وخصوصا اليسار الديمقراطي جلسة المجلس الوطني الملفقة في رام الله والخروج الى الشارع يدا بيد مع إبناء حركة فتح الشرفاء الذين سئموا من عنجهية قيادة تنظيمهم وأسلوبه السيء والفاشل في إدارة الصراع مطالبين بانتخابات فورية للمجلس الوطني وفقا لقانون انتخابي ديمقراطي عصري بعيدا عن انتخابات الكولسة وتوزيعات الكوتة الممقوتتين. خطوة كهذه يجب ان يسبقها مطالبة شعبية واسعة للسلطة بقطع كل الاتصالات بالاحتلال بدأ بوقف التنسيق الأمني مرورا بتعرية المتسلقين من ازلام السلطة الذين رغم علمهم من تكتيكات الصهاينة البديلة ما زالو يحجوا الى تل ابيب وعواصم أوروبية للقاء أصدقاءهم الصهاينة منتهيا بدعم الحراك الشعبي المفتوح ضد الاحتلال وقطعان المستوطنين واسناد هذا الحراك بما امتلكنا من مال وقوة. ولا ننسى هنا ان ابناء حماس الشرفاء وعلى رأسهم كتائب القسام العسكرية لم تؤيد بعد مشروع قيادة حماس بالخارج ومن المرجح ان لا تنساق وراء مشروع مشعل ومن المحتمل ايضا ان تنضم الى جبهة الرفض الحمساوية شخصيات بارزة من القيادة من امثال الزهار ليس حبا بمنظمة التحرير لكن كرها لمشروع قيادة حماس بالخارج ونزاع مع هذه القيادة على الخط السياسي الصحيح للحركة. هذه القيادة الحمساوية في الخارج التي أصبحت دمية بايدي مموليها وحجر شطرنج في لعبة تجزئة المقسم بالإقليم كله. وانا على ثقة تامة بان هؤلاء الشرفاء من ابناء حماس و كتائب القسام سيقفون مع ابناء شعبهم ومن اجل قضيتهم المقدسة وسيدوسون باقدامهم على مشاريع التصفية والتقسيم. نجاح مثل هذا الحراك مرتبط دون شك ببرنامج صمودي ردعي تحركي ضد الضياع والفناء.  يخطأ من يظن من فصائل وقادة اننا الان امام صراع حول الشرعية هنا او هناك... شعب فلسطين وقضيته في وسط معركة وجودية حقيقية تتطلب اكثر من تكتيك ضيق لا يعتمد على استراتيجية وطنية طويلة الامد. 
التصريحات والانتقادات التي ادلت بها قيادات من فصائل م ت ف ردا على خطوة الرئيس محمود عباس بالدعوة لانعقاد المجلس الوطني والتي كان فحواها ان الرئيس يريد تثبيت موقعه في اللجنة التنفيذية للانفراد بالقرار ويريد ان يضمن اكثرية موالية له ولطرف فتح الذي يمثله في المجلس الوطني الخ... كل هذه الانتقادات تأتي من باب " الحفاظ على ماء الوجه" ليس الا. فهي انتقادات بالية سمعناها مئات المرات ولا علاقة لها بواقع المنظمة بتاتا. الحقيقة هي ان الرئيس محمود عباس ومن قبله الراحل ياسر عرفات لم يراعوا رأي اللجنة التنفيذية او المجلس المركزي اي اهتمام. او هل يتذكر منكم متى استطاعت أية مؤسسة من مؤسسات م ت ف ان تنفذ قرارا مخالفا لرأي الرئيس حتى لو كانت اكثرية المؤسسة قد صوتت لصالح القرار؟ فتح وقيادتها تعاملوا مع م ت ف كقاعدة سلطوية وليس كإجماع وطني وهوية ومرجعية شرعية. هم يعتبرون م ت ف بمؤسساتها وكل ما يتعلق بها ملكا لهم وهكذا يتعاملون مع المنظمة ومن تواجد داخلها. في الخمسين سنة الماضية من عمر منظمة التحرير لم يتم تقديم أية تقرير مالي كامل لمؤسسات المنظمة وكان رئيس م ت ف يعتبر ان هذا امر يخصه وحده والتاريخ يشهد على المواقف التي تم بها استعمال أموال م ت ف من قبل فتح لابتزاز الفصائل الاخرى او لمعاقبتها على مواقفها السياسية . م ت ف بنظرهم وتعاملهم ليست الا قناع يتم لبسه واستبداله متى دعت الحاجة. والآن وبما انه يلوح بالافق ملامح اتفاق كامل وشامل وبرعاية إقليمية مميزة بين حماس وإسرائيل لإقامة "دولة فلسطينية على ارض فلسطينية محررة" يرى الرئيس محمود عباس ان البساط سوف يسحب من تحت قدميه. ولا استبعد ان ترد حماس على منتقديها من م ت ف بان ما تنوي القيام به ليس الا تجسيدا وتحقيقا للبرنامج المرحلي والتي لم تستطيع الاخيرة بتحقيقه على مدار العقود الخمسة الاخيرة. ولا استبعد ايضا ان تقوم قيادة حماس بابتزاز الرئيس وفصائل م ت ف ومحاولة مقايضة اتفاق الهدنة مع اسرائيل بالمشاركة ب م ت ف وفقا للشروط الحمساوية المعهودة ومطالبة مشعل الرئيس محمود عباس يوم الاثنين الماضي بتأجيل موعد انعقاد المجلس تجري في نفس المسار. 
الجواب الصحيح الان هو الرد الجذري على متطلبات المرحلة وليس رد الديكور لحفظ ماء الوجه والامتيازات التي يمكن الحصول عليها من المتنفذين في مؤسسات الشعب.  

Raif  Hussein
Raif@raif-hussein.de

عن عنترة/ ماهر طلبة

1
حين أنهى معركته الأخيرة لتحرير عبلة، رجع إلى سيده سعيدا ..
2
صبأ عبد شداد فقد خرج من عبودية القبيلة إلى عبوديتها.
3
حين سمع مالك بحبه لعبلة، لم يغضب كثيرا، لأنه كان يعلم أن حب العبيد مثل العبيد يمكن أن يباع. 
4
عندما حاول أن يخفى حبه لعبلة عن القبيلة اخفاه فى لون وجهه الصادم.
5
"فضلنى ربى".. "فالعبد الأسود أفضل من العبد الأبيض".. لا تظنوا به السوء، فلونه يحرره من مراقبة سيده له ليلا، مما سمح له بالتلصص  على عبلة 
6
طلبت عبلة أن يبارزها واستلت السيف.. فاظهر "سيفه"، فأخفت وجهها وقالت ليس عدلا.. فاخفى "سيفه"، فضحكت وقالت.. ليس عدلا.. فاحتار فى بحثه عن العدل.  
7
من تقبل النوق مهرا لها، تطلب العبد ليسوق هودجها.. لكنه لم يدرك الخدعة.
8
ذهب إلى عمه يسحب خلفه النوق، كان يظن أنها حل لعقدته، لكنه لم يكن يدرك أنه بهذا يرسخ عادات القبيلة ويعود بعبلة إلى زمن الهودج القبيح .
9
.
ذهب مع الرعاة عبد أسود.. فلما مرت على النوق الحمر لم تر رمحه المشرع. 
10
كم مرة حررها والقبيلة من العبودية بالسيف، فلماذا بخُلت عليه بالحرية من سجن عينيها.
11
ذبح كل اعدائها حتى عقله، ولم ترض
12
خرج الحزن من بيتها وسكن قلبه منذ حدد أبوها ثمنها بالنوق الحمر.
13
سألته كم ناقة – ترى – أساوى ؟
فلمح فى قول أبيها " حب العبيد مثل العبيد ... " الجواب. 
14
هَزَم كل أعدائه فى معاركه الطويلة حتى كاد أن يصبح الحُر، لكنه هُزم فى معركته الأخيرة أمام قلبه، فظل عبدا لها ولهم.
ماهر طلبة
mahertolba@yahoo.com

الشاعر ابراهيم مالك... تكريم مستحق/ شاكر فريد حسن


جرى ، مؤخراً ، في قرية عرعرة تكريم الكاتب والمفكر والشاعر الكفرساوي/ الجليلي / الفلسطيني ابراهيم مالك ، وذلك تقديرا لعطائه الادبي والثقافي ، وتثميناً لدوره الفاعل في العملية الابداعية ، ولمواقفه السياسية والوطنية الثورية التقدمية الجذرية .
وبلا شك ان هذا التكريم هو لفتة طيبة وكريمة وخطوة ايجابية ، وكذلك تكريم مستحق ، ووسام شرف لمسيرة انسان مبدع وشاعر ملهم قدم الكثير للحياة الثقافية الفلسطينية في الداخل ، وساهم في خدمة المشهد الادبي الفلسطيني ، وتطوير واثراء الثقافة الوطنية الفلسطينية ، ثقافة الانسان والتقدم والحرية ، ورفع مكانة الادب كاحد الفنون والعلوم الانسانية ، والعمل على رفعة ورقي المجتمع الفلسطيني ونشر القيم الانسانية العليا. 
وابراهيم مالك هو بالاصل من قرية سمخ الفلسطينية المهجرة الواقعة على ضفاف بحيرة طبريا ، هجر منها مع اهله وسكن في بلدة كفر ياسيف ، وفيها انهى تعليمه ودراسته ، وكان معلمه في التاريخ الاستاذ الناقد بطرس دلة ، الناشط في المجال الثقافي والنقدي ، الذي نتمنى له الصحة والعافية والعمر المديد . 
عشق ابراهيم مالك الكتابة ، وشغف بالقراءة  ، اغوته السياسة والهمه الفكر الاشتراكي العلمي التقدمي ، الذي اعتنقه اعتناقاً فلسفياً . 
انتمى للحزب الشيوعي،  وقضى في صفوفه عشرات السنين مناضلاً  ومحارباً  ومدافعاً عن القيم الثورية التي كرس حياته لاجلها . 
ابراهيم مالك من الشعراء الاواىل الذين كتبوا القصيدة في بلادنا ، ونشر قصائده في ادبيات الحزب الشيوعي ، ولكن انشغالاته. السياسية والحزبية ابعدته عن الشعر فتوقف عن كتابته فترة طويله ، ثم عاد بقوة ليرفد الساحة الادبية والثقافية   بالاشعار والقصائد الوطنية والانسانية العذبة المخملية ، واصدر مجموعة من الدواوين والمجاميع الشعرية لاقت الترحاب والاستحسان من النقاد  والقراء . 
كتب ابراهيم مالك في كثير من الموضوعات والاغراض الشعرية ، الوطنية والسياسية والوجدانية والعاطفية ، وتميزت قصائده بالدفء والحس الانساني والصدق الفني الجمالي ، وعمق التجربة وغناها . وجاءت اشعاره ملتهبة بالعواطف الجياشة ، ثائرة على الظلم والقهر والطغيان ، مغموسة بالوجدان ، تصور ما يعتمل في نفسه من انفعالات وحب وعشق لفاطمة / المعشوقة / الرمز / الحلم / المعادل الموضوعي . 
ويمكن القول انه كرس شعره صوتاً صافياً ومخلصاً لقضية وطنه المعذب فلسطين ، وقضايا التحرر والاستقلال . 
فللمكرم ابراهيم مالك الف تحية مع باقة ورد عطرة ، والتمنيات له بالعمر الطويل ،  ودوام العطاء لما فيه خدمة الانسان ونضاله ، لاجل الحرية والانعتاق.

الوصاية الأردنية على الأقصى في مأزق/ نقولا ناصر

(ملف القدس سيضع المملكة "بين مطرقة وصايتها على المقدسات هناك وبين سندان السلام الاقتصادي الذي يتجلى عبر المشاريع الأردنية الكبرى" مع دولة الاحتلال – طاهر المصري)

إن الانتهاكات المتسارعة والمتصاعدة التي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة، حدّ البدء عمليا بالتقسيم الزماني للمسجد الأقصى بين المسلمين وبين اليهود، تضع الوصاية الأردنية على ثالث الحرمين الشريفين على محك اختبار صعب وتثير التساؤل عما إذا لم تكن إعادة السفير الأردني إلى تل أبيب بعد استدعائه منها احتجاجا على انتهاكات أقل قرارا متسرعا وسابقا لأوانه ما زال يثير اعتراضات وطنية وشعبية واسعة سوف تزيدها هذه الانتهاكات اتساعا بالتأكيد. 

فهذه الانتهاكات الخطيرة التي تغير تغييرا جوهريا في "وضع قائم" منذ مدة طويلة في الحرم القدسي لم يغيره تعاقب الأيادي في السيطرة على القدس لا تمثل فقط انتهاكا للقانون الدولي (اتفاقيات جنيف ولاهاي) وقرارات الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية والحقوق الوطنية الفلسطينية بل هي تمثل انتهاكا واستهتارا بمعاهدة الصلح المنفرد التي أبرمتها المملكة مع دولة الاحتلال عام 1994 وبالعلاقات الثنائية المتنامية نتيجة لها حدّ الدخول في مشاريع استراتيجية ثنائية مشتركة (ناقل البحرين والغاز والكهرباء ناهيك عن التعاون والتنسيق الأمني) بقدر ما تمثل استفزازا للغيرة العربية والإسلامية على المقدسات لن ينعكس ايجابا بالتأكيد على الاستقرار في المملكة المحاطة بعواصف وأعاصير تهددها من كل جانب.

إن "اتفاقية الدفاع عن القدس" التي وقعها الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس في آذار/ مارس 2013 أجهضت محاولات دولة الاحتلال لتحويل الصراع العربي والإسلامي معها في القدس وعليها إلى تنازع أردني – فلسطيني على الإدارة والصلاحيات في الحرم القدسي، فاعترفت ب"ملك المملكة الأردنية الهاشمية بصفته صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدسة في القدس"، من دون الانتقاص من "ممارسة السيادة" الفلسطينية "على جميع أجزاء إقليمها بما في ذلك القدس"، لتتوج بذلك اعترافات أممية وعربية وإسلامية ب"دور" الملك وبخاصة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة.

ويتضح من هذه الاتفاقية المعلنة التي تعرفها دولة الاحتلال أن انتهاكاتها لا بد حكما وأن تستهدف الذات الملكية في الأردن التي تمارس المملكة وصايتها باسمها، ما يضع المملكة في موقف سياسي ودبلوماسي ووطني حرج في مواجهة هذه الانتهاكات.

فوصايتها تشمل "تأكيد احترام الأماكن المقدسة في القدس"، و"حرية العبادة" ل"جميع المسلمين" فيها، و"إدارة الأماكن المقدسة الإسلامية وصيانتها"، و"احترام مكانتها وأهميتها الدينية والمحافظة عليهما"، و"تأكيد الهوية الإسلامية" و"المحافظة على الطابع المقدس للأماكن المقدسة"، و"الإشراف على مؤسسة الوقف في القدس وممتلكاتها وإدارتها وفقا لقوانين المملكة".

فمنذ بدأت الرعاية الهاشمية للحرم  القدسي أوائل القرن العشرين المنصرم حتى قرار فك الارتباط الأردني مع الضفة الغربية المحتلة لنهر الأردن الذي استثنى القدس من أحكامه والأردن يتحمل ما وصفه نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ناصر جودة يوم الجمعة قبل الماضي ب"مسؤوليتنا التاريخية والشرعية" في القدس والأقصى.

لكن انتهاكات دولة الاحتلال في القدس والأقصى بخاصة تضرب في صميم هذه المسؤوليات الأردنية الجسام التي عجز العرب والمسلمون مجتمعين عن أدائها حتى الآن.

"لقد وضعتنا الوصاية في مأزق" كما سبق للمحلل السياسي الأردني فهد الخيطان أن كتب، موضحا أنه "في حال إلغاء المعاهدة" الأردنية مع دولة الاحتلال، كما هي المطالبات الشعبية والسياسية والبرلمانية الواسعة التي لا تتوقف، "يسقط تلقائيا حق الأردن" في الوصاية على المقدسات الإسلامية في القدس كونها "تحت الاحتلال"، ومضيفا أنه "لا يمكن أن نتخلى عن هذه المسؤولية الآن، خاصة بعد توثيقها بعقد جديد مع الرئيس الفلسطيني"، ليخلص إلى القول إن "الوصاية مأزق، ينبغي التفكير في مخرج لائق منه، قبل أن يداهمنا الوقت، وتلصق بالأردن تهمة التآمر على القدس مرة ثانية".

لكن الأردن يجد نفسه اليوم محاصرا بمعاهدته مع دولة الاحتلال وبانتهاكاتها الصارخة والمتسارعة والمتصاعدة من دون أن يجد حتى الآن "مخرجا لائقا" من "مأزق الوصاية" يمكنه من القيام بمسؤولياته لحماية الأقصى وغيره من المقدسات في القدس من جهة ويخفف الضغوط الشعبية في الداخل الناجمة عن انتهاكات الاحتلال من جهة ثانية.

ولم يكن الخيطان هو الوحيد الذي تساءل: "كيف بمقدور بلد أن يلغي المعاهدة مع إسرائيل من أجل المقدسات، بينما يدخل معها في شراكة اقتصادية عبر مشاريع استراتيجية؟" فهذه المشاريع، كما كتب، "ليست مصانع يمكن تفكيكها، بل بنى تحتية يعتمد عليها الاقتصاد الوطني".

ففي حوار مع وكالة "الأناضول" أواخر الشهر الماضي قال رئيس الوزراء ورئيس مجلس الأعيان الأسبق طاهر المصري إن ملف القدس سيضع المملكة "بين مطرقة وصايتها على المقدسات هناك وبين سندان السلام الاقتصادي الذي يتجلى عبر المشاريع الأردنية الكبرى" مع دولة الاحتلال.

وللحكومة الأردنية مسوغاتها لمثل هذه المشاريع. فعلى سبيل المثال علل رئيس الوزراء الحالي عبد الله النسور صفقة "الغاز" مع دولة الاحتلال بعدم وجود "أي مصدر لنا لاستيراد الغاز من المنطقة العربية"، وسوغ وزير الطاقة السابق محمد حامد الصفقة ب"عدم وجود بدائل للغاز الإسرائيلي".

وبينما يطفح الوطن العربي بالغاز الذي يصدر إلى أرجاء العالم كافة، لا يسع المراقب إلا أن يتساءل عما إذا لم تكن اكتشافات الغاز الضخمة الأخيرة في المياه الإقليمية المصرية التي أقضت مضاجع دولة الاحتلال سببا كافيا لإعادة النظر في صفقة الغاز الأردنية معها، خصوصا في ضوء وجود تعاون سابق مع مصر في هذا المجال.

إن الإرهاب الذي عطل إمداد الغاز المصري للأردن في شبه جزيرة سيناء حالة طارئة سوف تنتهي إن عاجلا أم آجلا، ولن يضير الأردن انتظار بضع سنوات لاستئناف إمداداته من مصر، ... أو لقبول عرض إيراني بذلك، أو السعي لدى الحليف الأميركي الاستراتيجي لاستخدام مساعيه الحميدة لدى دول عربية "غازيّة" "يمون" عليها لمصلحة الأردن. فالبدائل العربية والإقليمية ليست غير متوفرة.

فمثل هذه المشاريع الاستراتيجية مع دولة الاحتلال تنسجم مع استراتيجية أردنية للسلام معها أكثر مما هي حالة يفرضها عدم وجود بدائل عربية أو غير عربية لمثل هذه المشاريع، فالعلاقات الثنائية "قائمة على فكرة الشراكة مع إسرائيل، ولم يعد الأمر سرا مخفيا، وكأننا بتنا نرى في إسرائيل الحليف الأكثر قوة والأكثر ديمومة" كما كتب المعلق الأردني ماهر أبو طير أواسط الشهر المنصرم.

لذلك فإن تصريح وزير الأوقاف الأردني هايل الداود في أواخر شباط من العام الماضي بأنه لا يرى "مانعا من إلغاء اتفاقية السلام" مع دولة الاحتلال لأن "الوصاية الأردنية على القدس أولى من السلام مع إسرائيل" هو تصريح يعبر عن نية شخصية صادقة أكثر مما يعبر عن سياسة رسمية، ويعرف الداود أن توجهه الراهن لزيادة عدد حراس المسجد الأقصى لن يحميه طالما هو خاضع للاحتلال المباشر، ولا يمثل "مخرجا لائقا" من "مأزق الوصاية".

لقد أوكلت "اتفاقية الدفاع عن القدس" الأردنية الفلسطينية للوصاية الأردنية مهمة "متابعة مصالح الأماكن المقدسة وقضاياها في المحافل الدولية"، والأردن اليوم هو العضو العربي الوحيد في مجلس أمن الأمم المتحدة، فإذا لم يجد الأردن جدوى في عرض الانتهاكات لوصايته على مجلس الأمن الدولي فلا أقل من أن يتقدم بمشروع قرار بهذا الشأن  للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السبعين هذا العام، فهذا أضعف الايمان الممكن أردنيا.

فدعوة وزارة خارجية سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية يوم الاثنين الماضي إلى قمة إسلامية طارئة لبحث تصعيد دولة الاحتلال ضد المسجد الأقصى لا تعدو كونها صرخة في واد لا جدوى منها.