عَـرَقٌ، عِصَارَةُ فِكْرِنَا مِـنْ رَيِّهِ/ كريم مرزة الأسدي


عَــــــرَقٌ ، عِصَارَةُ فِكْرِنَا مـِنْ رَيِّهِ *** وَرَدَتْ ، فَدَكّتْ خُدْعَةَ الْمُتَبَلَّدِ
يَا نِصْفَ قَرْنٍ صَدَّ مِنْ كَيْدِ العِدَى*** كَيْ تَقْفِزِيْ فَوْقَ الدُّجَى الْمُتَلَبِّدِ!!
فَتَثَقّفَي  بِالْهَابِطـَاتِ ، فَمَنْ دَرَى*** زَهْوُ الجّهُوْلِ يَضِيءُ مِمَّا يَرْتَدِي؟!
 يَا لُعْبةَ الأقْدَارِ لَا تَتَرَدّدِي *****    زِيْدِي بَلَاءً مـَـــــا بَدَا لَكِ وَانْكِدِي


مِن قصيدةٍ  لكاتب هذه السطور من ( البحر الكامل التام ) إلى مَنْ يهمه الأمر !!
  حرّكتُ كلّ حروف الأبيات الأربعة السابقة  حرّكتُ حروف آخر كلمات القصيدة  ، ووضعتُ الشّدات والتنوين لأهميتها في موسيقى الشّعر وإعرابها لتفهم المعنى بدقة ، وللإعرب عدّة وجوه أحياناً ، وتركت ما تبقى من أمر بسيط لنباهة القارئ الكريم  لضعف بصري الشّديد  !!!! 

 يَا لُعْبةَ الأقْـــــــدَارِ لَا تَتَرَدّدِي **** زِيْدِي بَلَاءً مـَــــا بَدَا لَكِ وَانْكِدِي

 وتهـوّري ما شئتِ أنْ تتهوّري**** صبّي جحيماً وابْرقي ثمّ ارْعدي

بيعي الشهامةَ والمروءةَ وَابْخسي**وبصولةِ الأشرارِ قومي وَاقْعدي

لاتختــــــشي منْ دهرِكِ متقزّمـــاً *** فإذا كبــــا قزمٌ بحوْلكِ صعّدي

وتثقّفي  بالهابطـاتِ ، فمنْ درى** زهوُ الجهولِ يضيءُ ممّا يرتدي؟!

وتعـلّمي بيــــــن الخرائبِ وحشة ً**** مــِــــنْ دونِ علمٍ نيّرٍ متجدّدِ 

أمّا الطفولةُ والبــراءةُ فاعلمي *****  أطفالُنا سعرُ الحليبِ الأفسدِ

ثمَّ اسْلبي قــــوتَ الضعيفِ ولملمي **أموالَ قـارونٍ إليكِ وحشّدي

أو صيّري الدينارَ سـعرَ الدّرهمِ ** ثمّ اســحبي منهُ صحيحَ العسجدِ

عَــرَقٌ ، عصارةُ فكرنا مـنْ ريّهِ *** وردتْ ، فدكّتْ خدعةَ المتبلّدِ

يا نصفَ قرنٍ صدَّ من كيدِ العدى** كي تقفزي فوقّ الدّجى المتلبّدِ!!

*******
يالعبةَ الأقدارِ: زيــــدي عدّدي *** مــــــا تأكليهِ اليومَ يُطرحُ في غدِ!!

إنْ قيلَ جدّكِ مــــــن أصولِ الأبعدِ *** فتناولي أجدادَ غيركِ وابعدي

وتتبّعي مَــــنْ تبغضينَ وعلّلي : *** أبناءُ قحطـــانٍ دمُ المستورَدِ

لا تخجلي وترنّحي وتهاتري *** ولِمَ الحيا  أمن الضعيفِ الأوهدِ؟!


ثمَّ اهْتكي حُرماتِ كـــلِّ مقدسٍ *** ما الفرق بينَ مراقصٍ أو مسجدِ ؟!

وخُلقتِ مــــنْ نورٍ وغيركِ طينةٌ ٌ*** لا تقبلي إلاّ بلفظةِ (ســــــيدي)

فدعِ  العروبةَ شعبَها وترابَها *** والنابغينَ  رهينة ً للأوغدِ !!

وتنصّري وتشيّعي و تسنّني *** وعليكِ بالعقبى ، وإنْ تتهوّدي

يالعبــــة الأقدارِ: زحفكِ زحفكِ *** بدءًا بآثارٍ، وثنّــي  بمرقدِ

وإذا خســـــرتِ تهــــــافتي للأجنبي *** فلـــعلَّ ينعمُ بالبقاء الأسودِ

أو وقّعي كلَّ الصكوكِ واكثري *** إنْ قالَ كفّاً ، قولي بل كلَّ اليدِ

******
يا لعبةَ الأقدارِ: مالكِ ضرّةٌ *** في سحقِ قومكِ فارقصي ثمَّ انشدي

فتعدّدُ الأحزابِ فوضى أمرهم *** حاشاكِ مـــــــن متدينٍ أو مُلحدِ

وإذا أتتكِ مذمّة ٌ منْ فاضلٍ *** قولي : فســــادُ الرأي أنْ تتردّدي

مَنْ قدّسَ الأوطانَ قبلكِ أحمقٌ *** فبنعمةِ الأوطان ذمّي واجحدي

وتعلّقي بالعرشِ وارثةَ الســــما *** إيّـــــاكِ مــــــنْ  متربّصٍ متصيّدِ

مَـــــنْ رقـّى مثلكِ للمعالي  خبثهُ *** أندى بــــــــــرفعِ نديدكِ للمقودِ

فتشرّبي نسغَ الخساسةِ ضامراً*** شوكَ القتادِ ، وكــــــــافراً بالمحتدِ   

******
يا لعبة َالأقدارِ: مالكِ في الورى *** مَثَلٌ فيا بؤسَ الزّمانِ الأنكدِ

فتكرّمي في قطرةِ الماءِ التي *** أضحت بعهدكِ  مثــلَ نيلِ الفرقدِ

أو وزّعي قرصَ الرغيفِ مقسّماً *** لليومِ نصفٌ ، ثمَّ نصفٌ للغدِ

بلْ صوّري للبائسينَ بأنّهمْ *** عاشـوا الحياةَ بظلِّ عهدٍ أرغدِ

يا لعبــة َ الأقدارِ مالك والعلا**لقـدِ التهمتِ الجرمَ ساعةَ مولدِ

                   ما كـانَ طبعك ِ للعلا فتمرّدي*** مّنْ حلَّ غيرَ مكانهِ لم يرقدِ

             مَنْ عاشَ عاشَ ومِنْ يمتْ فلهُ البقا * في ظلٍّ ربٍّ بالجنانِ الخلّدِ
         
          فـي ذمّــةِ اللهِ الذين  تهافتوا**  للمــــــوت أفواجـاً كسيلٍ مهتدِ


سدوم وعمورة الان/ لطيف شاكر

المتطاولون دون فهم او معرفة  واهالة التراب واسقاط مابداخلهم من الغباء والحماقة  علي امريكا واوباما  و يدعون  انهم حماة الشرف والاخلاق   وهم دعاة للشر تحت غطاء الدين ولحساب اجندة  مشبوهة.
امريكا ياسادة دولة مؤسسات ورئيس الدولة هو المناط بتنفيذ اجندة المؤسسات ان كان مجلس الشيوخ او الكونجرس او اللوبيات  المختلفة خاصة اللوبي الصهيوني  
وماتم  في الاونة الاخيرة من اقرار المحكمة العليا بالزواج المثلي انما لايدخل ضمن  اختصاص رئيس امريكا ,بل من اختصاص المحكمة العليا (السوبريم كورت) فقط و لاتتأثر بتعليمات  الرئيس او اتجاهاته فهي حرة في قرارتها وقضاتها لايستطيع رئبس الدولة اقالتهم وبالتالي فهم ليس تحت نير  الرئيس وغالبا يمثلوا حزبي الجمهوري والديمقراطي ,وان قرار الزواج المثلي جاء بعد بحث طويل استمر عدة سنوات وكانت الولايات المختلفة  دائمة ترفع هذا الموضوع امام المحكمة العليا بصفة مستمرة بناء علي الحاح من كثير من افراد الولايات لكسب ودهم .
وعندما يثار موضوع الزواج المثلي ارجو قبل ان تضرب امريكا بطوب الجهل دون معرفة او قراءة ان تعرف ان بيوتكم  من الزجاج القابل ليس للكسر فقط بل  هشا متناثرا في كل ارجاء الدولة.
فلو تصفح اصحاب الالسن  الداشرة  مواقع جوجل سيعرف مدي تفشي الزواج المثلي والسحاق واللواط  والشذوذ في بلادهم  والبلاد المجاورة بطريقة مقززة , وربما يكون  لحق  بيتهم دون ان يدروا  او ربما يدروا  وهم مجبرون  علي  الصمت  واسقاط  خيبتهم  علي الاخرين بالسب والشتائم لكي يخفوا  مايحدث في بيتهم من فساد.
حقيقة ان  الزواج المثلي لايتناسب مع عاداتنا وبيئتنا  وطبيعتنا  ويخالف تعاليم الاديان السمائية لكنه فُرض علينا نتيجة لاسباب تختلف من بلد لاخري ولكن النتيجة واحدة فكبت الحريات  في البلاد المقيدة للحريات يولد انفجار جنسي ربما لايجده مع الجنس الاخر ويستريح لبني جنسة الذي يشاركة في القيد  علي حريته  وحتي لايكون تحت شبهة  او عيون الناس مثل لو كان مع الجنس الاخر .
وفي بلاد الحرية  تؤدي الحرية الي الانطلاق الي اشباع شهواتهم البهيمية بطرق منافية  للحياة الطبيعية التي خلقها الله,  ويريد ان يجرب كل شئ ويكتشف مايشبع جوعه الجنسي الذي ربما لا يجده في الجنس الاخر فهو مولع بكل ماهو ممنوع , وعندما يكون الممنوع مشروعا سيبحثوا عن شئ ممنوع آخر ليشبعوا  رغباتهم و تجاوز كل ممنوع  وهذه حقيقة الشعب الامريكي والاوربي دائما ضد الممنوع بحجة احترام  حرية وحقوق  الانسان والحيوان .
وفي مصر علي سبيل المثال انتشرت هذه الآفة في كل الاوساط من وزراء ورؤساء شركاء  وشيوخ دين  مرموقين  وشخصيات يشار لهم بالبنان   حتي ان وزير داخلية سابق شهر بهم وفضح اعمالهم المشينة ,وذلك فضلا عن الشباب والشابات الضائع واليائس من الحياة ولايستطيع الاقتران بزوجة او زوج لضيق اليد فيلبوا رغبة شهواتهم من خلال اللواط او السحاق,والشذوذ الجنسي الضار.
 وفي السعودية انتشر هذا الوباء حتي ضارعت البلاد الاوربية وباتت الفتاوي تسن بطريقة او اخري وتشرع هذا العمل في صور مختلفة دون خجل ليس مع الانسان فقط بل مع البراعم الصغيرة والحيوانات ايضا .
اريد ان اذكر  الذين يتطاولون  علي امريكا الان بالمثل القائل : لاتعايرني ولا اعايرك فالهم طايلنني وطايلك وان كان بيتك من زجاج لاتقذف الاخرين باحجار حماقتكم.
ان قرار امريكا يثبت ان امريكا لاتفعل شئ في الخفاء امام شعبها بل كل قرارتها في  العلن بعكس  البلاد الاخري تظهر غير ماتبطن فتعودت الكذب في كل شئ وتدعي الشرف وهي لاتعرف طريقه وكأن الدين يعفيهم عن الاخلاق  واصبح الكذب سماتهم والتضليل عادتهم والفساد مرتعا لهم وكتاباتهم الممزوجة بالشتائم  اسقاط مافي داخلهم علي الاخرين   .
وبالرغم من  رفض  هذه الرذيلة  فى عينى الرب وهو ما عاقبهم الله بحرق سدوم وعمورة(المُدن الأُخر سَدوم وعَمورة أحرقهما، وحكم عليهما بالخراب، وجعلهما عِبْرَةً للمُنافقين الذين سيكونون ) رسالة بطرس الثانية الاصحاح الاول
 الا ان الدول التى تتبع النظام المدنى لا تحكم بحسب الدين ولكن تعطى الناس الحرية فى عمل ما يشاءون طالما لا يتعدون على حرية الآخرين. الدولة هنا لا تبيح ولا تمنع ولكن تترك للناس حرية التصرف طالما لا تطغى هذه الحرية على الغير.
اما الدول الدينية فلها شأن آخر فهي تدخل في حياة الانسان الدنيوية والاخروية وتكذب علي نفسها وعلي الاخرين وهو منغمسة لشوشتها في الدعارة والعهارة وتدعي الشرف والاخلاق و تقيد حرية شعبها باغلال الدين والجميع تحت نير عبودية الجنس وتبرره بفتاوي الشيوخ  وتشرعنه اسوة بالسلف الطالح ...
فلننظر اولا الي اخراج الخشبة من عيوننا قبل النظر الي القشة التي في اعين الغير ...ان هذه الآفة خاطئة جدا امام الله  ويرفضه المجتمع المحترم والنظيف ,لكن الاشد خطأ  وخطرا هو تقييد حريتي التي منحها الله لنا ,فاذا كان الله يرفض هذا الفعل المشين فهو  اعطانا الحرية  لنرفض هذا الخطأ ..      

ميلاد الفنون الجميلة ودلالاتها/ د زهير الخويلدي


" يريد الرسام أن يرى جمالا يفتنه إذ هو سيد خلقه"1[1]

تعود نشأة الفنون الجميلة وتبلور أنماطها المختلفة إلى النقلة المثيرة للدهشة التي أحدثتها وسائل التكيف مع الطبيعة ، والى التغييرات الجذرية التي حدثت في عملية خلق الجمال في العصر الوسيط في الجانب المادي من الفنون ومحاولة التحرر من وطأة تأثيرات العلوم النظرية والتصورات المجردة. لقد شملت الابتكارات الكبيرة مجال المادة والزمان والمكان وبدلت تقنيات الحالة الإبداعية لدى الفنان، ووصلت في نهاية المطاف إلى حد تغيير مفهوم الفن نفسه واستبداله بنوع أكثر جاذبية و سحراً.

لقد أصبحت الفنون الجميلة في عصر النهضة تنتمي إلى دائرة الحرفة والصناعة وتفيد بالمعنى العام العلم الحاصل بمزاولة العمل ونتيجة الممارسة ولكنها تدل بالمعنى الخاص على العلم المتعلق بكيفية العمل ويطابق الملكة العملية والمهارة. وإذا كانت الصناعات الحرة في عصر النهضة تفيد اللغة والبلاغة والمنطق والحساب والفلك وإذا كانت الصناعات المادية تشير إلى النجارة والحدادة من أعمال المصانع فإن الصناعات الجميلة تدل على الفنون الجميلة وهي الموسيقى والتصوير والنحت والنقش والعمارة والزخرفة وهي طرق تتعلق بكيفية تحصيل الجمال لاسيما في الفنون التشكيلية.

لكن متى ظهرت الفنون الجميلة لأول مرة في تاريخ الأعمال الفنية؟ وكيف ارتبط فن عصر النهضة بظهور النزعة الإنسانوية humanisme  وبسيطرة المدرسة الطرائقية maniérisme؟

لقد تمت ولادة الفنون الجميلة خلال القرن الخامس عشر ميلادي في ايطاليا وفرنسا وارتبط بالتحولات الجوهرية التي حدثت في أوروبا وسارعت من نسق التبادل التجاري الذي انطلق من القارة الفتية في اتجاه العالم وعكس موجة الإصلاح الديني والتوجه نحو إعادة تكوين الجسم السياسي على أسس دنيوية علمانية.

لقد تمثل المنعرج في عصر النهضة في الانتقال من الفضاء الثقافي المغلق إلى الانفتاح الأنثربولوجي قصد دراسة أشكال الواحد والآخر واتخاذ اللغة الفنية الوسيط الرمزي الذي يتكلم بلسان الإنسانية جمعاء وتم اعتبار تقدم العقل معجزة طبيعية مستمرة وتم منح الفنانين لأول مرة الكرامة التي تليق بهم وتم تثمين أسلوبهم المشاكس في الحياة ووضعت الطبيعة والتقنية والفن في لعبة مواجهة مع السلطات المتحكمة. لقد مثل عصر النهضة حدثا ثقافيا استثنائيا جاء بتصور جديد للحياة وللواقع جسدها في الفنون والآداب والعلوم والمهن والشيم وحققت قطيعة مع الماضي وأعادت الاعتبار إلى دراسة الجمال عند الإنسان.     لقد وقع التركيز في عصر النهضة على العلاقة بين النزعة الانسانوية والفضاء وصعدت على السطح أفكار القوة والإبداع والشباب وصارت الحقيقة وليدة عصرها وتجاوز الفن الطبيعة وقام الفنانون بإعادة إنتاج صورة عن الإنسان تنبض بالحياة وتشع بالحقيقة أكثر من العالم ذاته الذي ظل مصدر إلهامهم.

لقد تم إنتاج جملة من الآثار الفنية الرائعة ضمن إطار محاكاة الطبيعة والنظرية الانطباعية ولقد تميزت بالمهارة والدقة والجودة العالية وعكست رغبة الفنانين في الانتصار إلى قيم الدنيا وتحرير الجسد وتثمين ماهو مادي بتنشيط التأمل والإحساس والإلهام والتذوق والإبداع والبحث عن الإمتاع واللذة والسعادة.   

لقد اشتهر العديد من الفنانين وبالخصوص في الرسم والنحت والموسيقى والشعر وألف دانتي الكوميديا الإلهية وفاقت لوحات دي فنشي ورافيال وميكال أنج وألبرتي وبوتيسلي الخيال وتم تثوير الأدوات المستعملة في الإنتاج وذلك بالحرص على الاستمرار والثبات والصمود في مصارعة النسيان والتلاشي والانهيار والامحاء.وكان المحرك الأساسي لتطور الفنون الجميلة هو الرغبة في العودة إلى الطبيعة.

لقد أعلن ميكايل آنج أنه لن يعلم الفن إلا للنبلاء ولن يمنح أعماله ومشاريعه سوى للمتعاطفين معه والمعترفين بالكرامة الجديدة للفنان وانه يستلهم آثاره مما يشعر به من نقص ومن حرية خياله ووجدانه.

 لقد قاومت الفنون الجميلة في عصر النهضة النزعة اللاهوتية وحالة اللاّتحضر والفوضى والتوحش التي كانت عليها أوربا ودعت بطريقة رمزية إلى إعادة إنتاج قيم المدنية والتحضر عند الرومان والإغريق.

النزعة الإنسانية عكست موقفا فنيا وعبرت عن رؤية للكون وأعادت تعريف الإنسان وركزت على الكرامة وعلى الضمير وأعطت أهمية إلى الإحساس والخيال والوجدان ونادت بالاعتراف بالطابع الهش والخطاء والمتناهي للذات وحملت المرء مسؤولية صناعة مصيره ومواجهة ظروفه والتحلي بالتسامح2[2].

لقد نصصت الفنون الجميلة على مسألة تجديد الأصل بالعودة إلى الطبيعة وليس من خلال استنساخ القديم وعبرت عن الجمال الفردي وركزت على الشكل والأسلوب والبحث عن التوازن والتناغم والكمال وحققت المصالحة بين النزعة الطبيعية والنزعة المثالية وبين تجلي المظاهر الخلابة وتخفي الأسرار الغامضة.

لقد تأثر الفنون الجميلة في عصر النهضة بالفن الهيليني والفن الروماني والفن البيزنطي والفن الإسلامي وحاولت المزج بين وضوح الأسلوب وثراء المضمون وقوة الألوان وصلابة المادة وحدة الأشكال وبناء نظرة شاملة وبسيطة للمكان والمساحات الشاسعة والتأمل العميق في الزمان والسفر صوب أبعاده الثلاثة.

لقد تداخلت الفنون الجميلة مع تطور الفن الغوطي في الهندسة المعمارية والفن الديني في الرسم والنحت وتحولت إلى موضع للرهان السياسي ومكان لإظهار للقوة في الصراع بين الكنيسة وخصومها الاجتماعيين ومثلت التصورات الملكية المحافظة وكذلك أظهرت نزعة تحررية وواقعية دراماتيكية.

اللافت للنظر أن الثورة تجسدت في فنون الرسم والنحت والهندسة المعمارية وارتبطت بالرحلات الاستكشافية والاكتشافات الكبرى وجسدت روح المغامرة واقتحام المجهول والتقاط المدهش والغريب.

إلا أن أهم ما يمكن ذكره بعد ميلاد الفنون الجميلة إبان عصر النهضة هو البحث في النظرية الفنية عن مادية الجمال وجودة الإتقان ووحدة الأسلوب والتبشير بثقافة فنية جديدة تزاحم الرؤية اللاهوتية السائدة. فكيف تشكلت الحداثة في علم الجماليات على التفريق المنهجي بين الفن والطبيعة ؟ ولماذا تم تقديم الجميل الفني على الجميل الطبيعي؟ وماهي استتباعات هذا التقديم على نظرة الفنان إلى الطبيعة والأثر الفني؟

المراجع:

1. Leonard de Vinci, Carnets, percepts du peinture, Tome2, traduction servicen, édition Gallimard, Paris, 1942, p197

2. Loilier Hervé, histoire de l’art, édition marketing , Paris, 1994,p192

[1] Leonard de Vinci, Carnets, percepts du peinture, Tome2, traduction servicen, édition Gallimard, Paris, 1942, p197

[2] Loilier Hervé, histoire de l’art, édition marketing , Paris, 1994,p192

© 2015 Microsoft Terms Privacy & cookies Developers English (United States)

الوصايا العشر لمحاربة الإرهاب/ الدكتور ماهر حبيب

1 يجب أن يتوقف بوكيمون (اسم الدلع بتاع بان كى مون القلقان) عن القلق ويعمل دوره بعيدا عن الإخوانى أوباما بن لادن البغدادي

  2 أن يقوم مجلس اﻷمن بإعلان أن اﻷسد هو الحاكم وتكوين جيش عسكرى عالمي لمساندته وعودة سيطرة الحكومة الشرعية المدنية العلمانية على البلاد وإعلان كل المنظمات المحاربة للأسد كالجيش الحر وجبهة النصرة وغيرها منظمات إرهابية وقطع كل الإمدادات المادية والعسكرية عنها
 3 تقسيم العراق الي 3 دويلات دولة شيعية فى الجنوب ودولة كردية في الشمال ويترك لأهالي تلك المناطق حرية اختيار حكامهم ويمنع منعا باتا انتقال الأهالي بين تلك البلاد لمدة 10 سنوات حتى تندمل جراح الدم بين تلك الدويلات أما بالنسبة لدولة الوسط فتوضع تحت الوصاية الدولية حتى يتم تطهير تلك البقعة من التطرف ومحو الخلايا النائمة للقاعدة وداعش وتولى الأمم مهمة تعليم البشر فى دولة الوسط حتي يتم استئصال التطرف بشكل نهائي
4 القبض علي اوباما ووضعه فى منتجع جوانتانامو مصنع الإرهابيين
  5 عرض رؤساء الإتحاد الأوربي علي طبيب نفسي وعمل I Q لهم لمعرفة نسبة ذكائهم ومحاولة كشف السر فى مشيهم وراء أوباما زي الخرفان
 6 إعطاء فرصة للدول غير العلمانية للتحول إلي دول مدنية حقيقية وبعد هذه المدة يمنع التعامل نهائيا مع تلك الدول
7 سحب الجنسيات من الخلايا النائمة فى الاتحاد الاوربى وأمريكا وكندا وتجميع من يثبت انتمائه للمنظمات الإرهابية مع اوباما فى نفس المعتقل بتاع جوانتانامو
 8 وضع أردوغان فى نفس القفص مع اوباما
  8 منع الأحزاب الدينية على مستوي العالم 
10 تطوير الخطاب الدينى عن طريق مستشفى 5757 أو مستشفى 500 500

لا حكومة وحدة وطنية في الأفق/ راسم عبيدات

بدون أي "فهلوية " أو "جهبذبة" كفهلوية و"جهبذية" قادة المفاوضات والمشاورات واللقاءات،فلن يكون هناك حكومة وحدة وطنية،فكما يقول المأثور الشعبي" البعرة تدل على البعير"،فبعد اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الإثنين الماضي،تم تكليف الأخ عزام الأحمد رئيس كتلة فتح في التشريعي وعضو لجنتها المركزية بالتشاور مع قادة الفصائل الفلسطينية لتشكيل حكومة "وحدة وطنية"...وانا اعتقد بأن تلك المشاورات لن يكتب لها النجاح في تشكيل حكومة وحدة وطنية في ظل إنقسام مستعر وخلافات حادة سواءاً كانت حقيقية او مفتعلة على البرنامج السياسي،ولتجاوز هذه القضية هناك من يدعو الى ان تكون الحكومة بدون برنامج سياسي،لتجنب الحرج وعدم موافقة القوى التي لا تتفق مع البرنامج السياسي لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس،من حيث الاعتراف بالاتفاقيات السابقة والاعتراف بإسرائيل،رغم ان الجوهر في تشكيل أي حكومة قادمة،ليس شكل "الطرابيش"،بل البرنامج السياسي المتفق عليه بين كل مركبات ومكونات العمل السياسي الفلسطيني وطنية وإسلامية،ويجب ان يسبق ذلك اتفاق على إنهاء الانقسام،وإلا فإن أي حكومة قادمة مهما كان لابس"طربوشها "الأول و"جهبذيته"،فلن يكتب لها النجاح وستعيد انتاج العقم السياسي والمهني من جديد،ولن تحقق أي انجازات جدية او حقيقية لا سياسية ولا تنموية ولا تخفيف حدة التوتر والاحتقان بين مركبات العمل السياسي الفلسطيني وبالذات طرفي الإنقسام (فتح وحماس).

فالجهاد الإسلامي نأت عن نفسها من الإنغماس في أوسلو،والمشاركة في الهيئات والمؤسسات المنبثقة عنه ،وحماس أعلنت بشكل واضح بأنها لن تكون جزء من الحكومة القادمة،إلا إذا وقالت بأن شروطها للمشاركة في حكومة وحدة وطنية، هي: تغيير رئيس الحكومة الحالي رامي الحمدالله، وعدم تبنّي برنامج سياسي يعترف بإسرائيل،وأن تعمل الحكومة على تطبيق اتفاق المصالحة، بما في ذلك الاعتراف بموظّفي حكومة اسماعيل هنية السابقة.في حين الجبهة الشعبية كموقف سياسي وبرنامج،هي الأخرى ستكون خارج إطار الحكومة القادمة.

وكذلك التصريحات والمناكفات والتحريض الداخلي،يتصاعد والإنقسام يستطيل مداه ويتكرس،وكل طرف له مشروعه الخاص والضحية الشعب والقضية والمشروع الوطني،فحماس قطعت شوطاً كبيراً على طريق "الهدنة" طويلة الأمد مع "اسرائيل" من خلال محادثات طويلة ومعمقة أجرتها قيادة حماس ورئيس مكتبها السياسي خالد مشعل في قطر مع مسؤول الرباعية الدولية السابق "بلير" بموافقة أوروبية غربية وأمريكية وعلم ومعرفة إسرائيلية،ومشاركة عربية وإقليمية نشطه.وكذلك التحرك السياسي الفرنسي في هذه المرحلة بالذات يثير الكثير من الريبة والتساؤل،حيث أنه أتى في وقت تتحدث فيه السلطة عن جاهزية العديد من الملفات لتقديمها لمحكمة الجنايات الدولية خلال أيام ،ولذلك يفسر هذا التوقيت على انه من اجل قطع الطريق على السلطة لكي تجمد رفعها تلك الملفات الى محكمة الجنايات الدولية،تحت حجج وذرائع مللنها وخبرناها جيداً،وجود حركة سياسية دولية،وقد يكون تصريح صائب عريقات،بان السلطة لن تقوم بأي تحرك ضد اسرائيل على الصعيد الدولي حتى نهاية العام الحالي،خطوة في هذا الإتجاه.

لا أحد ضد أن يكون هناك حكومة وحدة وطنية فلسطينية،تنتشل الواقع الفلسطيني مما هو فيه،حكومة موحدة برؤيا وبرنامج سياسي واستراتيجية،ولكن التمنيات شيء والواقع شيء آخر،فحتى هذه اللحظة،والتي يراد فيها "سلق" تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال أسبوع،فالمعطيات تشير الى ان «المُتحكّميْن» بالبيت الفلسطيني «الداخلي»،وفي ظل نمو مصالح لمتنفذين ومستفيدين من الإنقسام عند الطرفين،وفي ظل تغليب الأجندات والمصالح الفئوية والإرتباطات العربية الإقليمية على المصالح العليا للشعب الفلسطيني،فإن هذين الطرفين ما زالا غير راغبين ومالكين لإرادة سياسية وقرار،في مغادرة مربع الانقسام والتقدم نحو تبني برنامج وطني واضح ومُحدّد،قائم على ما جرى الإتفاق عليه بين كل مركبات العمل السياسي الوطني والإسلامي،وثيقة الوفاق الوطني، نريد إتفاقاً يلجم كل المتنفذين والمستفيدين من إستمرار الإنقسام في الحركتين الحركتين اللتين لم تنجحا في شيء اكثر من نجاحهما في تحطيم الوحدة الوطنية الفلسطينية،وخلق حالة كبيرة وواسعة من الإحباط وفقدان الثقة واليأس بين الجماهير الفلسطينية،وإنفضاضها عن الفصائل والعمل الوطني،وهتك وتمزيق وتفكيك لحمتها ونسيجها الإجتماعي وخصوصاً نسيج المقاومة الشعبية المُتحررة من التبعية للانظمة العربية واملاءات المحاور وخصوصاً التحالفات الايديولوجية ذات الطابع الاسلاموي، التي ألحقت بالشعب الفلسطيني وبرنامجه الوطني «المُطاح» من قبل فتح وحماس، أضراراً جسيمة يصعب تعويضها او استعادتها، اذا ما استمر الخلاف العبثي بين قادة الحركتين على هذا التقسيمات والحقائب الوزارية "السيادية" وغير "السيادية" التي لا تضيف «فائدة» الى الشعب الفلسطيني أو تسهم في دفع مشروعه الوطني الى الامام بعد أن ظهر أن الحركتين ببرنامجيهما "المقاوم والمفاوض" لم تستطيعان تحقيق أي تقدم جدي على طريق إستعادة شعبنا الفلسطيني لحقوقه المشروعة ،وأستمرتا في النزف والخسارة من رصيديهما الشعبي والجماهيري،فكل منهما يرى بأن مشروعه السياسي،هو المقبول جماهيرياً وشعبياً والملتفة حوله الجماهير،وانه تحرري ممسك ومتمسك بالثواب وبالمرتكز الأساسي للمشروع الوطني،حق العودة،فاذا بنا امام مشروع فتحاوي واخر حمساوي يتعاطيان مع حقوق شعبنا على قاعدة المصالح وخدمة المشروع الخاص،وَهَمّ كل منهما هو الابقاء على تنظيمه / حركته والبقاء في دائرة السلطة الوهمية التي باتت عبئاً على الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني في هذه المرحلة اكثر من اي مرحلة سبقت.

في ظل إنقسام مستعر وخلاف كبير على البرنامج السياسي،تبقى الأولوية لإنهاء الإنقسام،على قيام حكومات تعيد إنتاج العقم السياسي والتنموي،وقبل إعادة إنتاج حكومة جديدة،لن تسهم في تجاوز الأزمة العميقة التي نعاني منها،من الضروري العمل على تفعيل الإطار القيادي المؤقت كبديل عن تشكيل حكومة جديدة،إطار يضم كل مركبات العمل السياسي الفلسطيني وطنية وإسلامية،ينضج موضوعة تشكيل الحكومة على أساس برنامج سياسي متفق عليه،ويشرع في فكفكة حلقات الإنقسام.

الحب/ أنطوني ولسن

 
الحب كلمة مكونة من أربعة حروف . لو أخذنا كل حرف من هذه الحروف ووضعناه في ركن من أركان الدنيا الأربعة ، لغلف هذه الدنيا بغلاف أبيض شفاف وتحولت من دنيا " أي سفلى " إلى معمورة " أي ممتلئة حياة وحركة " .

هذه الكلمة " الحب ، نجدها كلمة مقدسة مفضلة عند الله ، " الله محبة " ، هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد ... " .

الحب أذا هو البذل والعطاء . من يحب يعطي ، ويعطي بسخاء دون أنتظار كلمة شكر ، أو معايرة . لأنه أعطى من يحبه .

لا أظن أن أنسانا أحب وأخلص في حبه وأنتظر من المحبوب شيئا مقابل عطائه  . أقصد هنا الحب بمعناه الطاهر العفيف . وليس حب الشهوة والجسد .

كلما سمعت هذه الكلمة ترتبط معها في ذهني " قصة مدينتين " لشارلز ديكنز كانت مقررة علينا في الثانوية في الخمسيناات . لا يمكن أن أنسى هذا المحب الذي يشاء القدر أن يكون صورة طبق الأصل لزوج محبوبته المقبوض عليه ابان الثورة الفرنسية الدامية . يحكم على الزوج بالأعدام . والمحب صامت لم يفتح فمه ولم يبد شيئا مما ينوي أن يفعله .

لقد أخذ قرارا حاسما . فكر في من أحب . أنها لا تعلم عن حبه شيئا . لم يبح لها بمكنون قلبه ، كما يفعل محبو هذه الأيام من استخدام الكلمة وكأنها " لبانة / علكة " يتشدق بها مع كل امرأة أو العكس تتشدق بها كل امرأة مع كل رجل تشتهيه .

قرر وأخذ قرارا حاسما كما قلت . ونفذ القرار في ليلة الحكم بالأعدام . دخل السجن وقدم نفسه قربانا للحب . أخذ مكان الزوج . ليس في السرير. لا .  في السجن ونفذ فيه حكم الأعدام بقطع رقبته تحت المقصلة ونجا الزوج وعاد الى زوجته حبيبته هاربا من البلاد .

هذا هو الحب الذي قال عنه الكتاب المقدس . هذا هو الحب المعطي بدون مقابل . هذا هو الحب الذي يجب أن نحتفل به كل عام . لا أعتراض عندي على يوم الحب " فالنتين داي " . جميل جدا أن يكون لدينا هذا اليوم ليحتفل به المحبون والعاشقون . يتذكر كل محب حبيبه وتقدم الهدايا ويتعانق الجميع بقبلة الحب الطاهرة .

مع ذلك  يوم واحد للأحتفال بهذه الكلمة " الحب " في رأي المتواضع لا يكفي . أتمنى أن يدرك العالم كله أهمية هذه الكلمة . أتمنى أن يعي الناس معنى هذه الكلمة . أتمنى أن يتحول الأحتفال بها من يوم واحد الى ثلاثة أيام . لا .. أسبوع كامل . ليس فقط ليتبادل فيه المحبون القبلات والهدايا ، لا .. تتوقف في خلال أسبوع الحب الحروب في جميع أنحاء الدنيا . مهما كانت نتيجة الحروب في صالح من . عندما يأتي الرابع عشر من فبراير من كل عام ولمدة أسبوع ، يسكت صوت القذيفة ويبدأ نغم الحب الأصيل . بل أتمنى أكثر من هذا . أتمنى أن تتوقف أعمال الشر على وجه المعمورة في كل بلد وفي كل قرية وفي كل شارع وحارة . السارق ، لا يسرق . القاتل لا يقتل ، الزاني لا يزني ، الغشاش لا يغش ، المخادع الكذاب لا يخدع ولا يكذب . فقط لمدة سبعة أيام في العام يظهر العالم كله بجميع أجناسه وأشكاله وألوانه ولغاته ، أنهم أبناء أب واحد وأم واحدة . أنهم يعرفون هذه الكلمة " الحب " ويقدسونها ويحترمونها ويحتفلون بها . تقام المهرجانات والأحتفالات في كل مكان في العالم . من يضبط بفعل شر في هذا الأسبوع تتضاعف عقوبته . لا أكون مغاليا لو تمنيت أن تجعل كل دولة من هذا الأسبوع تكفير وتطلق سراح بعض من المسجونين حسني السلوك .

هكذا يترنم العالم بترنيمة الحب . هكذا يحس كل انسان بمذاق وطعم الحب النبيل الجميل المخلص والمضحي . لأن الحقيقة أن كان " الله محبة " . فالأنسان هو الحب الذي أحبه الله . وما أعظم محبتك يا رب.

إلا أن يكون معه نبيّ/ محمد رفعت الدومي

نجح "محمد بن عبد الله بن طاهر" في اصطياد هذه المقولة في لحظة مجردة فأرسلها مثلاً:

"ليس يفلح أحدٌ من العرب إلا أن يكون معه نبيٌّ ينصره الله به"! 

كانت هذه العبارة هي النغمة الأولي في هزيم الرعد الذي اندلع بعد قرون تحت اسم "الدولة العثمانية"، ذلك أنه قالها عندما بلغة انتصار الأتراك علي قائد عربي، ولا أتكلم عن أشخاص إنما المكان، "تركيا" لا العثمانيين فالغموض يحيط بأصولهم..

 آنذاك، كان تنامي وطأة الأتراك يبدأ من جرّاء رؤية سياسية خاطئة استراتيجياً تبناها "المعتصم" وأخلص لها دائمًا دون أن يدور بباله أنه بذلك كان يزرع ألغامًا سوف تفجر الدولة العباسية من الأمام ومن الخلف ومن الجانب الآخر! 

لقد استبعد "المعتصم" العرب من إدارة الدولة واستعان بغير العرب، لكن، لدهائه وفروسيته ظل خطرهم نائمًا حتي رحل وورث " الواثق بالله" مقعده وأكبر أخطائه، فبدأ ترهلهم الذي اكتمل في خلافة "المتوكل" إلي حد تخلو معه سجلات تلك المرحلة من الأسماء العربية أو تكاد، إنما، "وصيف"، "بغا"، "باغر"، وغابة من الأسماء المستوردة!

لقد هيمنوا علي مفاصل الدولة وأعصابها حتي أصبح الخليفة مجرد لقب مطليٍّ بظلٍّ باهتٍ من اللاشئ، وحتي قتلوا "المتوكل" ووضعوا ابنه "المنتصر بالله" مكانه، حينئذٍ، وحتي سقوطها الصريح، صارت الدولة العباسية دولة فاشلة أو تكاد! 

ليس الأتراك وحدهم، الديلم أيضًا، والفرس، وصاحب المقولة "محمد بن عبد الله بن طاهر" ينحدر من عائلة فارسية لتحولاتها التي لا تصدق قصة تعكس جسامة ما يمكن أن يحدثه الصراع بين الأجنحة السياسية من انقلابات طبقية تصب دائمًا في صالح المفردات البشرية الأكثر انحطاطاً..

كان جده "زريق بن ماهان" من موالي "طلحة الطلحات"، الأمويُّ الهوي، وأجود أهل البصرة في زمانه، وابن "عبد الله بن خلف" كاتب "عمر بن الخطاب"، وأمير "سجستان" الذي قال الشاعر في رثائه:

رحم الله أعظُماً دفنوها / بسجسْتان طلحة الطلحات

عندما تغير قانون الحياة بتغير النظام الذي يحكم تمكن أبناء "زريق"، بمباركة العباسيين، من تأسيس الدولة الطاهرية في "خراسان"، أول شكل للحكم المستقل في الإسلام، أو هكذا أظن، وأصبحوا ملوكاً يفد إليهم العرب للتسول!

لا أعرف لماذا فرض الكلام عليَّ بدايته بهذا الشكل، لعله ذلك الالتحام الحميم الآن بين ما هو ديني وما هو سياسي، وبين الماضي والحاضر وما يغرِّد لي به البومُ عن بشاعة وجه القادم!

وكما أن نشأة الدولة العثمانية ملتبسة كذلك سقوطها، لقد كان سقوطها في عشرينيات القرن الماضي خبرًا لمبتدأ يعرف في أدبيات أوروبا بمعركة "ليبنتو" البحرية في القرن 16، عندما عقد العثمانيون العزم علي احتلال "قبرص" فكان هذا سبباً كافيًا لاندلاع مخاوف البابا "بيوس" الذي أرسل كتابًا إلي ملك "إسبانيا"، الكاثوليكيِّ الأكثر تزمتاً، قال فيه:

"لا توجد دولة في العالم المسيحي يمكنها أن تقف بمفردها في مواجهة الدولة العثمانية، فمن الواجب على كافة الدول المسيحية أن تتحد لكسر الغرور التركي"!

وكسروه! 

من الجدير بالذكر أن "سرڤانتس" مؤلف رواية "دون كيشوت" كان أحد الأسرى المسيحيين في "ليبنتو"!

لكن الأتراك رمَّموا جراحهم سريعًا، مع ذلك، كان الأوربيون قد كسروا حاجز الخوف ولمسوا عمق الدولة التي ليس من الصعب أن تهزم كما كانوا يعتقدون، كما ظل الائتلاف الذي شكَّله "بيوس" قائمًا حتي أجهزوا علي "رجل آسيا المريض"، وما زال قائمًا!

لقد انسحبت الدولة العثمانية إلي ركنها بعد أن نحتت في ذاكرة "أوروبا" أفكارًا سوداء، ولقد لعب العرب في سقوطها دورًا كبيرًا، وكل العائلات  التي تحكم الآن الخليج ما هي إلا صديً لتلك المؤامرة، وما أشبه الليلة بالبارحة، ذلك أنهم، عندما استفحل أمر الرجل الذي أعطت إنجازاته "تركيا" وعدًا بدولةٍ محوريةٍ في العالم الكبير، يتآمرون الآن أيضًا للإجهاز علي هذا الوعد!

لا شك أن طعنة في الصميم وجهت إلي الظاهرة الأردوغانية في الانتخابات الأخيرة، لا شك أيضًا أن "أردوغان" ينحسر وتسيجه المتاعب التي سوف تتفاقم بمتوالية هندسية، النقطة الدالة في هذا الاتجاه هي شماتة دول لا تعرف الديمقراطية فيه لمجرد أنه فشل في إحراز أغلبية تمكنه من استئناف مشروعه وتصميم جسور "تركيا" الجديدة! 

إنها محنة الدهاء حين يضيع، فلا شك أن "أردوغان" كان يتعاطي مؤخرًا بخشونة أخرجته من السياسي إلي الديني في وقتٍ بلغ عنده حرج المشهد ذروته، مقارباته المتعلقة بسوريا تحديدًا، لا شك أيضًا أن لشيوخ الإمارات نبض في كل ما حدث وكل ما سوف يحدث! 

عندما تتأمل كيف يتصرف أولاد "زايد" سوف تتعب كثيرًا في التمييز بين البشر والشياطين، بل يصبح جوهر الإنسان نفسه محلاً للشك، تخيل، عائلة أفرادها لا يتجاوزون العشرات هم دائمًا كالأوتار المشدودة لتصميم الخطط التي يرسمونها لحماية عرشهم بدماء الملايين وحرياتهم وثرواتهم، وكلما ازدادت مشاعر الكراهية تجاههم من المحيط إلي الخليج سمكًا يزدادون تهورًا! 

فهل تمكن الغرور من زند "إسرائيل" الأكثر إخلاصًا وانصياعًا وغباءًا إلي هذا الحد؟

أياً كان عمق الكابوس، لقد انحسر "أردوغان" وهذا ليس كل شئ، فانحساره أول خطوة في الممر نحو عرقلة "تركيا" وانحسارها، كيف؟

لا أظن مسلمًا لم يسمع بـ "خيبر"، و لـ "تركيا" عند المسيحيين رمزية تتحد تمامًا بتلك الرمزية التي لـ "خيبر" عند اليهود، لكن الدول المعبأة بالحقد علي "تركيا" أكثر من غيرها، وتحرس أكثر من غيرها أوجاع الماضي هي دول البلقان، هذه الدول - بشكل أكثر عمقاً "صربيا" التي أضاءت للعالم بالمجازر التي ارتكبتها في حق مسلمي "البوسنة" ما يمكن أن تصنعه إسقاطات الماضي من الشر- هي العدو الذي تباشر "الإمارات" الآن برعاية إسرائيلية تربيته والعمل علي بدانته وادخاره لعرقلة "تركيا" عند الحاجة! 

وفي سياق متصل، "صربيا" هي الدولة التي منحت "محمد دحلان" وعائلته جنسيتها!

لماذا؟

عون والراعي في غربة عن لبنان ومارونيتهما وأحزاب لبنان شركات تجارية/ الياس بجاني

“كانَ في إِحْدَى المُدُنِ قَاضٍ لا يَخَافُ اللهَ وَلا يَهَابُ النَّاس وَكانَ في تِلْكَ المَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ تَأْتِي إِلَيْهِ قَائِلَة: أَنْصِفْني مِنْ خَصْمي وظَلَّ يَرْفُضُ طَلَبَها مُدَّةً مِنَ الزَّمَن، ولكِنْ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ في نَفْسِهِ: حَتَّى ولَو كُنْتُ لا أَخَافُ اللهَ وَلا أَهَابُ النَّاس، فَلأَنَّ هذِهِ الأَرْمَلةَ تُزْعِجُني سَأُنْصِفُها، لِئَلاَّ تَظَلَّ تَأْتِي إِلى غَيْرِ نِهَايةٍ فَتُوجِعَ رَأْسِي ثُمَّ قالَ الرَّبّ: إِسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي الظُّلْم أَلا يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ لَيْلَ نَهَار، ولو تَمَهَّلَ في الٱسْتِجَابَةِ لَهُم؟" (لوقا18/من01حتى08)

دون مواربة أو خداع للذات وللآخرين نقول بصوت عال أنه لا وجود لأحزاب في وطننا الحبيب الأم لبنان طبقاً لمعايير تكوين وأنظمة الأحزاب في الدول الغربية والديموقراطية.

عملانياً وواقعا معاشاً فإن كل ما يسمى زوراً أحزاب في لبنان وهنا لا استثناءات مطلقاً هي شركات تجارية وعائلية 100% بعضها يتاجر بالممنوعات والمحرمات أي ضد مصلحة الوطن وبتناقض كامل مع دستوره وهويته وقوانينه وكيانه، وبعضها يلتزم سقوف القوانين.

معظم هذه الأحزاب الشركات تعمل بوظيفة وكلاء لدول خارجية تماماً كما الشركات هي وكلاء لمنتجات مختلفة من سيارات ومفروشات وأدوية وغيرها.

الشركات الأحزاب هذه مرتبطة علناً ودون خجل بدول خارجية مالياً وممولة من قبلها وبالتالي تنفذ سياساتها وتخدم أجنداتها المحلية والإقليمية.

تمويل الدول للأحزاب حقيقة مؤكدة ومعلنة حتى من قبل بعض أصحابها، والسيد نصرالله واضح وشفاف في هذا الأمر وهو دائماً يؤكد بافتخار أن إيران هي مصدر تمويل حزبه.

لتكون كلبناني عضواً، أي موظفاً في أي حزب عليك الالتزام بقوانين وأنظمة الشركة الحزب، والأهم أن تحظى برضى أصحابها، وإلا لا مكان لك فيها. ومن أهم مقومات الرضى صفات الخنوع والتبعية والهوبرة لصاحب الشركة والسير خلفه ومعه على عماها ودون حتى سؤال وإلا يكون مصيره التخوين والطرد.

هذه حقائق ملموسة ومعاشة وبالتالي أي اعتراض على القوانين التي يفرضها صاحب أو أصحاب الشركة في أي إطار أكان تنظيمياً أو ترقيات أو غيرها هي عبثية ولن توصل إلى مكان.

إن نهاية كل من يعترض على قرارات وسياسات صاحب أو أصحاب الحزب هي الطرد والتخوين والتشهير، أو الاستغناء عن الخدمات بأسلوب ناعم ومهذب على خلفية الإحراج فالإخراج والأمثلة بالمئات.

من هنا كل ما ينشر عن انتخابات وقوانين وتحديث لأحزاب لبنانية هو مجرد تعمية للواقع وأحلام يقظة إن لم نقل أوهام وهلوسات ولنا في موجة التوريث الجارية على قدم وساق في الكثير من هذه الشركات الأحزاب خير مثال رادع لعدم التوهم بوجود أحزاب حرة وديموقراطية لبنانية فيها مبدأ تبادل سلطات ومواقع واحترام لرأي الأعضاء.

 في سياق مماثل، غريب أمر بعض الصحافيين والسياسيين السياديين فهم ورغم معرفتهم بأن عون ملحق بحزب الله 100% وفاقد لقراره ومربوط بحبال الجبن والمنافع والزبائنية ومحاط بالأقارب والعقارب وقد أمسى أداة لا غير وطبل وصنج، فهم يستمرون في تنظيرات وحوارات عقيمة ووهمية ويتوقعون من هذا العون الذي لا عون فيه مواقف هو لا يقدر عليها. احترموا أنفسكم يا سادة واحترموا ذكاء وعقول وذاكرة اللبنانيين وكفوا عن سياسة التشاطر والتذاكي فهي دائماً تودي بكم إلى حصاد الخيبات.

أما حال سيدنا البطريرك الراعي الشارد عن كل ثوابت صرحنا البطريركي التاريخية، والمغرب غربة قاتلة عن جوهر تعاليم كتابنا المقدس فحدث ولا حرج حيث تعشعش ثقافة المؤامرة وعلل الاستكبار بأبهى مظاهرها الصادمة والمخيبة للآمال.

بربكم يا ربع الإعلام السيادي هل فعلاً من منطق في مناشدتك عون اتخاذ مواقف لمصلحة غير عون الأوهام وأحلام اليقظة؟

فهذا العون العابد والركع "للأنا" ولكل موبقات النرسيسية والعهر السياسي والحربائية والجحود والفجور والوقاحة الأخلاقية لا يرى ولا يسمع غير عون، فبربكم كفوا عن التعامل معه بغير الإهمال والازدراء.

العون هذا هو متحالف مع الشيطان ويدعي أنه ملاكاً..

قابل ذليلاً بدور الأداة لدى المحتل الإيراني ويزايد على الأحرار..

زبائني يسرق الدولة ويدعي الإصلاح.. وأولويته أهل بيته والمنافع ويدعي العفة...

ينافق برفع شعارات حماية المسيحيين وهو لا يعرف ألف باء المحبة التي هي الله..

يدعي الفهم وهو آتٍ من عهود الجاهلية بعقله وفكره وخطابه وفجعه وما قبلها بعهود..

يدعي خوفه على الدولة وهو يخاف من قيامتها ويغطي مغتصبيها ويتملقهم..

يدعي الرجولة الوطنية وهو في الهريبة كالغزال..

ضرب موقع رئاسة الجمهورية بالتعطيل رابطاً مصير الكرسي بشخصه غب طلب الملالي، وها هو يسعي بإبليسيه لشل المؤسسة العسكرية بربطها بترقية صهره لقيادتها.

نسأل، ألم يحن وقت كشف عورات كل من هم حوله من الزلم والعصي والأتباع والأقارب والعقارب والودائع والتبرؤ منهم وطنياً وسياسياً؟

يبقى أن مصير حال صراخنا وصراخ غيرنا من الموارنة والسياديين المستمر في مواجهة هرطقات عون والراعي وغيرهما من قادتنا الشاردين هو إيماني بامتياز وكحال الأرملة المؤمنة بحقها في الإنجيل مع القاضي الظالم.

إن الله يرانا ويسمعنا وموجود إلى جانبنا ومعنا دائماً، فلنتكل عليه ونخافه في كل أعمالنا وأقوالنا وأفكارنا.

مناجاةٌ أخيرةٌ في ليلةِ قادمة/ كريم عبدالله

أنقضتْ ظهري سفنٌ محمّلةً بــ الرزيا وخزائني ضجيجٌ مِنَ الخواء ......../ تتراصفُ الرغباتُ على كؤوسٍ لطّختْها نزواتٌ تطفو على شهوةٍ عمياء ................/ وغصوني سوّدتْ إخضرارها حشود إشتهاءات محرّمة كمْ إقترفتها ........... !
مطرٌ في روحي مِنَ غواياتٍ تفترشُ ســــنينَ هذا التضاد المزدحم ....../ تعبتُ مِنْ سجنٍ ورغبةٍ تلحُّ أحسو بها رجساً يفضحُ عورةَ غاياتٍ جامحة ........../ تلهو الرياح تكرعُ الباقيَ مِنَ الحزنِ بلا هوادةٍ تتناهبني الخيبات .................................... !
تسلقتُ أسوارَ أيامي المضاعةَ مثقوبةً دوماً بــ خيبةٍ أفلُّ بها نثيثَ الشجون ................../ تطفحُ الأحلام الفارغة في صدرٍ أنهشتهُ الراجمات أتلمّظها في خريفٍ يبكي ......./ محتضناً رفاتَ أوزاري وأمنيةً تطوّقُ للآنَ شرفاتي بــ حفيفِ الأمل ..................
كسلُ الآلهة العاطلة شريطٌ لاصقٌ يُخادعُ صوتَ الندى في روحي ....../ الرمادُ الماطر منْ خرائب الشقاءِ يزوّرُ وجهَ الصباحِ الفقير ......../ تغلقُ السدنة أبوابها كلّما أحجُّ بــ ثقوبِ الــ لا تزقزقُ في حماقاتٍ لا تهدأ .................
خيوطُ الشمس تشاكسُ رقابَ أحلامي المتدلية على أبوابِ السماءِ ........../ الطرقاتُ فخخها جدبٌ يترعرعُ في طفولةٍ يسرقها دوماً فردوسٌ ماكرٌ ........../ تقرصني ريبةٌ شعثاءَ محشوة راياتها في كومةِ مدوّناتٍ مرتشية ....................
عدالةٌ مهزومةٌ في نفسي إنتظار يتقاســـمُ خرافةً تلبطُ في تلافيفِ الليل .........../ أُ سرجُ مواكبي يائسةً مذهولةً الى ذاكرةٍ صدّأها حنينٌ منهوب ........../ أبوابٌ عاليةٌ ترمي فصولي بــ حجارةٍ منْ رُفاتِ صرخةٍ غائمة ...............
أتهجّدُ أوزعُ الخرابَ على كــــــرةٍ ثلجيّةٍ تنزفُ سخريةً تغصُّ بها أرديتي ..../ تعسكرُ أدعيتي أحملها على كاهلِ صخرةٍ شقّقها حزنُ وطنٍ في آخرِ المطار ............../ فـــ مَنْ يذكرني عندكَ إنْ عدتُ مسلوبَ الحضارةِ اللاهثةِ وراءَ أزمنةِ الغياب .................. ؟ !
فــ أيّ الأبواب أقصـــــدها إذ الأهلّة تتخفّى خلفَ رئاتٍ مثقوبة منَ الزفير ................/ وهذا القلقَ المتعالي قصباً ينمو يعاندُ فطرةً شوّهها ولآة الأمر المتخمينَ بـــ الخطايا ............/ فــ هلْ أموت في شِباكِ الخطايا الضاجّةِ بــ الأرتيابِ تمضغني قطاراتُ المنافي ....... ؟ !
فــ مثلي ذاهبٌ  متجرّد منَ الأنا الصاهلة أنفضُ دمَ غربتي ..../ على أرصفةِ الذنوبِ أعمّدُ بقيّةَ أيامي .................... / فــ لقدْ
علّقتُ توبتي على أستارِ المرايا وأنتهى الأمر .....................

بغداد
العراق

لعبة الغولف/ نبيل عودة

تنافس النبي موسى والمسيح بلعبة غولف. ضرب موسى طابة الغولف بعصا الضرب فطارت إلى مسافة بعيدة، سقطت قبل الحفرة بمتر واحد، لكنها واصلت التدحرج، مرت بمحاذاة الحفرة على بعد اقل من سنتيمتر واحد، أثارت توتر موسى بأنها بالتأكيد ستدخل الحفرة.. لكنها استمرت تتدحرج إلى بركة ماء بلصق ساحة اللعب. 
ضحك المسيح سعيدا لأن الطابة تخطت الحفرة. 
قال موسى غاضبا: 
- “سنتيمتر واحد وكنت سأسجل الفوز الأول”.
 قال المسيح لموسى: 
- ” لديك ضربة أخرى من داخل الماء” وابتسم. 
قال موسى غاضبا:
- ”لا استطيع السير مثلك على سطح الماء”.
 قال المسيح:
- “اذن اعترف بخسارتك؟” .
فكر موسى قليلا ولم يجد حلا. أخذ عصى الغولف وخاض حتى ركبتيه داخل ماء البركة، وضرب الطابة باتجاه الحفرة لكنها طارت ابعد وهبطت على الضفة الثانية لملعب الغولف.
جاء دور المسيح ، ضرب الطابة بعصا الغولف فطارت بعيدا وراء الحفرة ، بل تجاوزت ملعب الغولف إلى الشارع المقابل، مرت بنفس اللحظة سيارة أصابت الطابة التي ارتدت عاليا نحو الملعب مرة أخرى، لكنها علقت فوق زنابق على حافة بركة الماء حيث رأتها ضفدعة، تناولتها الضفدعة بأسنانها، بنفس اللحظة انقض نسر على الضفضعة وامسكها بمخالبه وطار بها عاليا والكرة بين أسنانها، أسقطت الضفدعة الطابة من فمها وهي بين مخالب النسر في الفضاء فإذا هي تدخل الحفرة مباشرة.
 صفق المسيح ناظرا إلى السماء سعيدا بما أنجزه وقال:
- “شكرا يا أبي”. 
عبس موسى حائرا، ثم قال له : 
- “لا أحب اللعب مع والدك”!! 
nabiloudeh@gmail.com

رمضان فى عيون إرهابية/ أشرف حلمى

كل عام وانتم جميعاََ بخير بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك اعادة عليكم جمعياََ باليمن والبركات والذى يصوم فيه أخواتنا المسلمون حيث يقضوا معظم أوقات فراغهم بالصلاة وقراءة القرآن الكريم والذهاب الى المساجد للتعبد والقيام بأعمال الخير خاصة بعد مدفع الإفطار فيما يستمر الاغلبية بالإستمتاع  بمشاهدة البرامج والمسلسلات الترفيهة بينما يتمتع الاطفال بفوانيس رمضان وتعليق الزينات وتنشغل ربات البيوت بالتفكير وإعداد أطيب والذ وجبات الإفطار الشهية وسط فرحة أخوانهم المسيحيون الذين يشاركونهم بروح المحبة بالقيام بمزيد من العمل والجهد لتعويض الجهد المفقود نتيجة صيام اخواتهم المسلمون خاصة فى مجالات الصناعة والزراعة .
ففى رمضان من كل عام نتذكر فيه زكريات الماضى أفراحه واحزانه فكم كانت سعادة وفرحة المصريين جميعاََ مسلمين ومسيحيين فى هذا الشهر الكريم عندما أستعادوا كرامة الوطن المفقودة بإنتصارات السادس من اكتور 1973 الموافق العاشر من رمضان  1393 كذلك فرحتهم إحتفالات طرد جماعة اللصوص المتأسلمون الارهابية فى مليونيات جمعة تفويض الرئيس السيسى لمحاربة الارهاب فى 26 يوليو 2013 الموافق  17 رمضان 1434 والتى صام فيها الشعب المصرى بجميع طوائفه حتى مدفع الإفطار معلناََ تعانق مآذن المساجد وأبراج الكنائس والتى تغنى فيها آذان المغرب على انغام أجراس الكنائس جميع انحاء المحروسة . وكم كانت أحزانهم ايضاََ نتيجة الجرائم الإرهابية التى قامت بها دواعش العصر الحديث حمساوية وغزاويين , أخوان وسلفيين , وهابيين وجهاديين كذلك المتطرفيين دينياََ وفكرياََ على مر العصور والتى يراها هؤلاء الإرهابيون على انها إنتصاراََ لهم  ومنها على سبيل المثال  دواعش الخارج تعمدوا إستحلال دماء المصريين من قوات الجيش والشرطة فى سيناء منذ ثورة يناير بداية بمقتل 16 عسكرياََ لحظة تناولهم طعام الإفطار عام 2012 حتى هجوم اليوم اثناء استقبال شهر رمضان الذى استهدف مدرعات لقوات الأمن المركزى بمدينة العريش الذى ادى الى إستهاد ضابط وإصابة اخرين مروراََ باستشهاد 4 جنود من قوات الأمن المركزى برفح شمال سيناء برصاص مسلحين اثناء ركوبهم إحدى سيارات الأجرة بداية رمضان العام الماضى ولا ننسى أيضاََ دواعش الداخل الذين قاموا بالعديد من الجرائم تجاه أقباط مصر الفردية منها والجماعية كذلك إحراق الكنائس الذى كان أخرها عام 2013 بعد ثورة يونيو .
وبمناسبة رمضان هذا العام فى ظل الأجواء الملتهبة سياسياََ وتخبط حكومة محلب الحاضنة للسلفيين مع صدور أحكام القضاء ضد الإرهابية بالتزامن مع تفجيرات الاقصر الاخيرة لضرب موسم السياحة وتوجيه أنظار الجيش والشرطة صوب الاماكن السياحية والعامة لذا فسوف يستغل دواعش الداخل هذه الظروف وينقضوا على اقباط مصر الحائط المائل دائماٌٌ ويتكرر سيناريوات الماضى من إعتداءات على الاملاك والسطو المسلح على المحلات خاصة المجوهرات بهدف نشر الفوضى فى البلاد وإشعال الفتن الطائفية خاصة بصعيد مصر الذى يسيطر على معظم مساجده دواعش السلفية لوقف وتعكير فرحة المصريين بإفتتاحهم مشروع قناة السويس الجديد ومن هذا المنطلق احذر اقباط مصر والحكومة المصرية التى قررت بعدم فتح أو تشغيل الملاهى الليلية أو المحلات التى تقدم الخمور من اليوم وحتى نهاية شهر رمضان بتوخى الحذر فيما سيحدث على ارض الواقع خلال هذا الشهر والذى يعتبره الإرهاربيون شهر الدعوة للجهاد عبر مكبرات صوت المساجد التى يسيطرون عليها بالدعاء على النصارى ( اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم عليك باليهود والنصارى، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً ) مما سيؤدى الى شحن اتباعهم بالاعتداء على المسيحيين بحجة جلسوهم على المقاهى المغقلة تحت رعاية قوات الامن المدعشنة كما حدث فى غزوة بورسعيد عندما قامت الشرطة بالاعتداء على مواطنين أقباط داخل مقهى خاص بهم وسحلهم بالأقدام ردد الضابط كما رددوا عبارات السب والقذف لهم بحجة فتح المقهى في شهر رمضان منذ عدة سنوات وعقب ذلك قامت الشرطة بالحصول على قرار من المحافظ الداعشى بتشميع المقهى وتم القبض على ستة أقباط ذلك الوقت .
وفى النهاية أتمنى لجميع أحبائى المسلمين صياماََ مقبولاََ وصلاة مسموعة ودعوات مليئة بالحب كما أتمنى ان يصبح ما يدور فى فكرى مجرد أوهام لا وجود لها وكل رمضان وانتم جميعاََ بخير وبدون إرهاب إن شاء الله .

المطلوب عبادات تنعكس في الأخلاق والسلوك/ راسم عبيدات

الكثير منا يرجع الأزمات والأمراض المجتمعية التي تعيشها مجتمعاتنا العربية والإسلامية الى البعد عن الدين،رغم ان ما تبدو عليه ظاهراً هذه المجتمعات هو الإغراق والإفراط في التدين والذي يصل في بعض الأحيان حد الدروشة والشعوذة،وضمن هذه الرؤيا يتولد لديك اعتقاد وانطباع بأن الحياة الاجتماعية والجوانب السلوكية لأفراد ومواطني تلك المجتمعات يفترض ان تكون في ارقى أشكالها وصورها،وتعكس نماذجاً ايجابية يحتذى بها من قبل المجتمعات الأخرى،فهناك حدود شرعية ونواهي وعقوبات وردت في القرآن الكريم وفي السنة النبوية...ولكن في إطار عملية التطبيق والترجمة للعبادات وأسس ومبادئ ومرتكزات العقيدة تجد أنها قلما تترجم الى فعل أو عمل بها في الجوانب السلوكية والأخلاقية والمعاملات الحياتية بين الناس.

بل ما نراه ونشاهده ونلمسه على أرض الواقع،بأن الكثير من المجتمعات التي قطعت شوطاً على صعيد الحضارة والرقي وفصل الدين عن الدولة،ولم تبقى أسيرة الماضوية وعبادة والتمسك بالفعل الماضي الناقص  كان حد العبادة،وبنت أفرادها على أساس وعي وانتماء وطني،بعيداً عن سيادة مفاهيم العشائرية والقبلية والأبوية،واحترام الحريات الفردية والعامة والتعددية بمعناها الفكري والسياسي والديني والمواطنة الكاملة لكل أفرادها بغض النظر عن مذاهبهم وانتماءاتهم...الخ، كانت النتيجة بأن ما ترسخ عندهم من قيم ومفاهيم وسلوك ايجابي حضاري وانساني،نحتاج لمئات السنين كي نصل اليه،رغم اننا المدعين بأننا أصحاب رسالة سماوية لكل الناس،رسالة محبة وسلام وتسامح،ولكن عندما يشاهد أصحاب الأفكار والديانات الأخرى،او حتى المؤمنين والموحدين بنفس الديانة ولكن من مذهب آخر،ما نترجمه على أرض الواقع من قتل بطريقة وحشية،ليس فيها أي احترام للإنسان الذي كرم الله،وحرم قتله بغير حق،ناهيك عن التخريب والتدمير والنهب والسلب وتدمير منجزات حضارية عريقة لأقوام سابقة،يجعل العالم يتعاطى ويتعامل معنا على أساس أننا خارج البشرية العاقلة،نتستر ونتغطى بمعتقدات دينية،نستخدمها فقط لخدمة أهدافنا ومصالحنا.

المأساة أننا نعيش أزمات عميقة ومستديمة تنخر مجتمعاتنا نخراً،ونصر عن سابق إصرار على اننا خير امة أخرجت للناس،ونفسر بان كل مصائبنا مهما عظمت او صغرت هي في البعد عن الدين والعقيدة،من الهزائم حتى الكذب والدجل والنفاق،ولا نعطي أي قيمة لجهلنا وتخلفنا وقلة وسطحية وعينا وعبادتنا وتقدسينا للأفراد والنصوص أو الحجر على عقولنا وفكرنا،ونتهم أي عالم يخالف وجهة نظرنا او اجتهادنا بالكفر والإلحاد،ونتخذ مجموعة من المشايخ المتخلفين او مشوهي الوعي او المرتزقة عند السلاطين،كنماذج وأيقونات يجب تقديسها،فهي أقرب للنبوة لا  تنطق عن الهوى .

مجتمعات تعاني القمع والإضطهاد وتعشق التخلف كجزء من منظومة حياتها،فهو مكون أساسي في وعيها وثقافتها،وينظر الكثيرون من أفرادها لمظاهر السلوك اللامعياري على أنها "شطارة" و"فهلوة" وقدرة على تسليك الأمور،فعلى سبيل المثال لا الحصر جميعنا يعلم علم اليقين بأن انجاز أي معاملة في الدوائر العربية بدءاً من انجاز معاملات جواز سفر ودخول الحدود والخروج منها لا يتم الا عبر الرشوات و"البراطيل" رغم ان ما يتم رشوتهم و"برطلتهم" ربما بعد حصولهم على الرشوة او "البرطيل" يذهبون للجامع مباشرة أو يتهيب ويتخوف الحصول عليهما في رمضان معتقداً بأن صوم رمضان يغفر له ما تقدم من ذنبه،وبأنه بإرتكابه المعاصي من جديد يمحوها في صوم رمضان القادم،وهذه الثقافة ترسخت بفضل مشايخ ومفتين جهلة وجزء من منظومة الفساد...فهم يقولون للناس بصومكم وصلاتكم وحجكم تمحى وتغفر ذنوبكم....ولكن لا يجري تعليمهم بأن ما يجري تكراره وارتكابه من فعل وعمل لا أخلاقي ولا سلوكي ولا وطني يجب العمل على اجتثاثه من خلال خلق منظومة وعي جديدة تحدث ثورة وانقلاب اجتماعي يبنى عليها مفاهيم وعي وثقافة جديدة،حتى أن هذه المفاهيم والقيم المشوهة تتسيد والمفاهيم والقيم الحقيقية والإيجابية من صدق ومحبة ومحاربة الفساد ومظاهر البذخ والإسراف،والتوظيف على أساس الكفاءة والمهنية وغيرها،تصبح هي الشاذة ويتهم من يحملونها أو يتبنوها ب"المخابيل" او المغردين خارج السرب أو غير القادرين على تدبر امورهم.

السلطات والدول في بلادنا ملك لعائلات،حتى أن دولة كالسعودية هي على اسم آل سعود،يتحكمون في مقدراتها وثرواتها وأبنائها كإقطاعية خاصة لهم حق التصرف فيها،ومنها قس على باقي امورنا،مستعدين في إطار التجهيل وتأبيد التخلف واستمرار السيطرة على الناس والظهور بمظهر النساك والتقاة ان نبني في قرية صغيرة عشرة جوامع،ولكن لا مدرسة ولا عيادة صحية ولا منتزه أو ملعب.

معتقدين بان ثقافة الجوامع والكتاتيب ستخرج لنا علماء وقادة ومخترعين ومكتشفين،وبأن توفير ظروف وشروط حياة جيدة للناس،واحداث تنمية جدية وحقيقية ترفع من مستوى وعيهم وحياتهم،هي" رجس من عمل الشيطان" يدفع بالناس نحو المجون والفسق والإنحلال .

ما دمنا نمارس العقيدة كفروض فقط دون ان يجري ترجمة لروحها ونصوصها ومفاهيمها الى أفعال وممارسة في أرض الواقع،فلن تقوم لنا قائمة،ليس المهم لا الوتر ولا التراويح ثماني ركعات او عشرين ركعة،ما دامت لا تنهى وتردع من يمارسها عن الكذب والدجل والنفاق والسرقة والتستر على كل ما هو سلوك سلبي أو ظلم اجتماعي يقع على ضعيف .

استمرار مثل هذا الوضع سيقودنا الى اتساع الفجوة بشكل كبير بيننا وبين الشعوب الأخرى،لكي نبقى أمة أسيرة أمجاد ماضية تتغنى بها،دون أن نتقدم خطوة واحدة للأمام،او نقدم للبشرية ما هو مفيد وايجابي،فنحن في الألف سنة الأخيرة ليس لنا أي إسهام في الحضارة الإنسانية.

منظمة التعاون الإسلامي وإيران/ د. عبدالمدني

درست في مرحلة الماجستير مادة عن المنظمات الدولية والاقليمية ومواثيقها وحدود أدوارها وما يمكن أن تساهم به من أجل تحقيق الأمن والسلم الدوليين وتخفيف المعاناة الانسانية، ثم درّست هذه المادة لاحقا، لكني لم أتوقع بعد كل هذه السنوات أن يأتي عليّ يوم أكتب فيه منتقدا منظمة عزيزة على قلوبنا جميعا كونها من تركات الراحل الكبير الملك فيصل بن عبدالعزيز. 
والمقصودة هنا، بطبيعة الحال، هي "منظمة التعاون الاسلامي" الذي حلّ أمينها العام إياد  مدني مؤخرا ضيفا على منتدى الصحافة العربية في دورتها الرابعة عشرة في دبي كبديل عن الأمين العام للجامعة العربية الذي حالت ظروفه دون المشاركة في هذا المحفل الإعلامي السنوي الهام، فكان الأمر سيان لأن كلتا المنظمتين عاجزتان عن فعل أي شيء حيال ما تمر به الأمتان العربية والإسلامية من مشاكل وحروب ومؤامرات سوى إصدار بيانات الاستنكار والتنديد والتمني.
وكي لا نبخس منظمة التعاون الإسلامي حقها فإن التاريخ يشهد لها أنها قامت، منذ تأسيسها في ستينات القرن الماضي، ببعض الانجازات على الصعيدين الانساني والتنموي عبر بنك التنمية الاسلامي ومنظمة الإغاثة الإسلامية، ولاسيما في القارة الافريقية
ألقى مدني في المنتدى المذكور كلمة مطولة تطرق فيها إلى تاريخ منظمته وجهودها وانجازاتها متوقفا طويلا عند موضوع بدا أنه شغله الشاغل وهو تعديل الصورة النمطية للمسلم في المجتمعات الاجنبية التي تناصب المسلمين العداء وتتربص بهفواتهم كي تعلن على الملأ تخلفهم وجمودهم عند لحظة مضت. وهو لئن أجاد الحديث عن هذا الموضوع وحذر من الوقوع في فخ تلك الصورة التي يجري ترويجها، فإنه تجنب تحميل جزء من المسئولية ـ على الأقل ـ لبني دينه ممن استسلموا للأفكار الشيطانية الحمقاء أو صاروا وقودا لمؤامرات يحكيها الأعداء على نحو ما يفعله بنو داعش وأمثالهم.
بُعيد انتهاء الامين العام من كلمته حاورته الإعلامية البحرينية المعروفة  سوسن الشاعر في جلسة مفتوحة عن شئون منظمته وشجونها، فانقسم الحضور ما بين مؤيد للغة الصارمة التي استخدمتها الشاعر في حوارها، ومعارض لها. والحقيقة أن الشاعر لاتـُلام في ما قامت به ـ مع الاعتذار للأستاذ مدني الذي نكن له كل الاحترام والتقدير كشخصية مرموقة من الشقيقة السعودية ـ لأنها انطلقت من ألم يعتصرها ويعتصر قلب كل مواطن خليجي غيور جراء ما قامت به العصابة الحاكمة في طهران من تدخلات لإحداث الفتنة والفرقة وزرع الخلايا النائمة في البحرين المسالمة،  بل من يستطيع ان ينسى ارهابها في مواسم الحج، ومحاولتها اغتيال أمير الكويت الراحل، ووقوفها خلف تفجيرات الخبر، واحتضانها لرموز القاعدة الفارين من افغانستان، وغير ذلك من الممارسات الارهابية الموثقة، فيما كان ضيفها يحاول جاهدا في ردوده ألا يقسو على إيران باعتبارها جارة اسلامية كبيرة وعضو مؤسس في منظمة التعاون الاسلامي، ويكرر فكرة ضرورة التعاون معها من أجل إيجاد حلول لكل ما تعانيه منطقة الخليج وامتداداتها من توترات، رغم يقينه بأن طهران هي سبب كل البلاء منذ قيام الثورة الخمينية، ورغم علمه المؤكد أن الدولة الايرانية بشكلها الثيوقراطي الحالي ليست مصدر ثقة كي يُصار الى التعاون معها. فالقادة الخليجيون لم يتركوا بابا إلا وطرقوه من أجل ترغيبها في بناء علاقات ودية قائمة على حسن الجوار والتفاهم كي تنعم المنطقة الخليجية والعربية بالأمن والإستقرار بعيدا عن الحروب والضغائن والأحقاد والتدخلات، لكن إيران كانت ترد في كل مرة بالمزيد من الاستفزاز والتحريض وتمويل الجماعات الموالية لأجنداتها التوسعية المقيتة، وأحلامها في الهيمنة المطلقة على بلاد العرب.
وإزاء هذا المأزق ـ وكما يحدث في حالة الأمم المتحدة، وطبقا للشرائع الدولية ـ ألا يحق لمنظمة التعاون الاسلامي أن تحزم أمرها وتتخذ من المعطيات التي اشرنا اليها سببا لتصنيف عضوها الايراني ضمن الأعضاء المارقين كمقدمة لعزلها وتطويق شرها، خصوصا وأنها تخرق جهارا نهارا كل المباديء الاسلامية السامية التي يقوم عليها كيان المنظمة العتيدة، وإن إدعت خلاف ذلك؟
ألم تطرد الجامعة العربية سوريا عقابا على ما فعله نظامها المجرم؟ وألم يصدر مجلس الأمن عقوبات بحق إيران بسبب خروقاتهم المتكررة لمباديء الأمم المتحدة؟ فلماذا تتحاشى منظمة التعاون الاسلامي فعل الشيء ذاته بحق النظام الايراني المشاغب شرقا وغربا والباذر للأحقاد الطائفية يمينا ويسارا؟ بل لماذا تحاشت المنظمة حتى الآن تشكيل لجنة من علماء وحكماء المسلمين الكبار للضغط على عضوها الفارسي من أجل أن يرتكن إلى لغة العقل والحكمة ويمتثل لمباديء الدين الحنيف التي يتشدق بالدفاع عنها وعن معتنقيه "المظلومين" بحسب خطابه المؤدلج؟
وإذا كانت حجة المنظمة أن إقرار مثل هذه الاجراءات يتطلب الأغلبية، ففي اعتقادنا المتواضع أن السعودية وحدها، باعتبارها قبلة المسلمين ومهبط الوحي ودولة ذات مصداقية وثقل دبلوماسي وإقتصادي في العالمين العربي والإسلامي، قادرة على تكوين حشد هائل من الدول الاسلامية لعزل إيران وفرض العقوبات عليها كي لا نقول طردها من المنظمة. ولا نعتقد أن هذا الكيان الكبير سيتأثر بخروج عضو مارق لا يقيم وزنا لأدنى معايير حسن الجوار والقيم الاسلامية السمحاء.
د.عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: مايو2015 
البريد الالكتروني: Elmadani@batelco.com.bh 

القاتل الحر/ الدكتور ماهر حبيب

لو سمعوا ما قاله فرج فودة ما كان جرى ما كان

لو تنبهوا له ما تحول مصريين إلى إرهابيين

لو أنصتوا له ما كان جرى أن يقتل المصرى مصرى أخر وتلوث يده بدماء بنى وطنه يقتل ويفجر حتى أبراج الكهرباء وقضبان القطارات

لو أصغوا له ماكان للتدين الظاهرى أن يطغى وأن تختفى طهارة العقل ويحل محلها عقول قاتلة متوحشة لا تعرف للرحمة سبيل

لو فهموا ما قاله  لما تحولت المرأة المصرية لمخلوق يشعر بالضعف والمهانة وإحساس بالنقص  وتحولها لعورة وقطعة لحم يراد نهشها

لو وعوا ما قاله لوفرنا خرابا ودمارا ليس له حدود

لو أخذوا بما قاله ماكان لمحمد عطا أن يخرج ليقتل 3000 نفس ويشعل العالم كله حربا ودمارا

لو تنبهوا لما قاله لظل كل المصريين على قلب رجل واحد إسمه مصر

لو دقوا جرس الإنذار ما كان لخائن لوطنه أن يتحول لرئيس يدين بالسمع والطاعة لجماعته وليس لوطنه

لو لم يكفروه لغرس فكره المستنير فى قلوب تحجرت و قست حتى على بنى جلدتها

ولو ...ولو ...ولو ....فهل فهمنا الدرس وهل وعينا القول وهل تنبهنا وهل إعتبرنا بالتجربة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

لا أعتقد فنحن نفعل عكس ذلك

نخاف أن نسمع صوت فرج فودة من قبره يذكرنا بدم طاهر جرى من أجل نقاء الفكر وتعظيم العقل وتنقية الفكر ونحن ندفن أنفسنا كالنعام مغلقين أعيننا نسد أذاننا عن الدم الذى يجرى وعن الخراب الذى يسرى وعن الكره الذى يسود ....ثم ماذا؟

لا شيئ وتعرفون لماذا ؟

لأن من قتل فرج فودة مطلق السراح ومن أدان فرج فودة يمرح فى داخل العقول ومن سفك دمه يتبوء المنابر ويتصدر المشاهد ويتنصل من جريمته من أجل كرسى فى البرلمان أو لقاء فى برنامج شهير يرغى ويردد كلاما مرتديا بدلة بيضاء ولكنه كلما رفع يديه رأينا الدم يقطر منها... دم فرج فودة ودم ألاف من البشر وضمير الرجل مات بل أنه سعيد أن الدماء تسيل من بين أصابعه مفتخرا أنه قتل فودة وسيقتل مليون فودة لكى ما يظل هو البطل الذى يقتل ولا يدان

الحمير تعقد قمة طارئة/ نبيل عودة

1 -  

كثيرا ما ادعى الحمار الأبيض بقدرته على التمييز بين الخواص ذات القيمة والخواص الطارئة. طرح على عموم حمير الخان وحمير البلد والحمير من الزوار والبلدات الشقيقة، تفسيرا قريبا لما طرحه الفيلسوف الإغريقي أرسطو عن نفس الموضوع. الحق يقال ان الحمار الأبيض لم يسمع بأرسطو، أرسطو نفسه لم يفكر ان حمارا ما قد يصير قائدا لنظام خان عربي وفيلسوفا في زمن قادم  ويكون من الحكمة والذكاء على قدر يجعله بموازاة أرسطو نفسه.
ذكاء الحمار الأبيض أصبح حديث الحمير في البلدات المختلفة، بل وتناقل أخبار ذكائه أصحاب الحمير، كما يتناقل الناس اليوم أخبار الدواعش. صحيح ان بعض الحمير عبروا عن استهتارهم بهذا اللغو البشري، لو عرفوا النطق  كما يعرفون النهيق لأوصلوا الرسالة لأصحابهم ولينقلب فرحهم غضبا.. المسألة لم تعد تفرق مع حميرنا التي تعاني من اضطهاد وتقييد في حريتها،  تشغيل بالسخرة مقابل بعض العلف الذي لا يتغير ولا يضاف إليه ما يفتح الشهية..  لذا ليس بالصدفة ان يعرف الحمار باسم " أبو صابر". غير ان المقلق كما يتبادل الحمير الأسرار فيما بينهم ، بلغة مشفرة يعجز عن فك طلاسمها أشطر الناس .. ان يكون وراء ذكاء الحمار الأبيض الذي تزعمهم عنوة، حقيقة غيرت أسلوب التعامل معه، فحظي دونهم بما يحلم به سائر الحمير.. معاملة محترمة من أسياد العالم الملقبين ب "البشر" ، فقد بلغ بهم السيل الزبى من القهر والعنف غير الضروري. 
حسب المعلومات المنقولة من خان الحمير، حيث بات الحمار الأبيض يعامل باحترام حتى من مسئول الخان وعمال النظافة، بحيث لا يحملوه أوزانا مرهقة كما هي حال الحمير السوداء..ربما بسبب لونه الأبيض ؟ ربما بسبب فهمهم انه حمار على درجة من الذكاء النادر في عنصر الحمير؟ 
الواقع ان المسئول عن الخان ، قد يكون فك طلاسم هذه اللغة التي يتبادلها نزلائه بعد يوم عمل شاق، بسبب تواجده معهم يكاد يكون معظم ساعات الليل ، مستمعا لثرثرتهم من غرفته المجاورة لمدخل الخان .. إذ ليس من المعقول في عالمهم ان يعامل الحمار إلا بالعنف والضرب .. فلماذا هذه التخصيص والتكريم والاعتبار للحمار الأبيض ؟ هل ذلك بسبب اكتشاف مسئول الخان تميزه وعبقريته وقدراته العقلية ولغته الخاصة التي تشبه لغة الثقافة بوقعها على الأذن ، حيث ان نهيقه بالغ الأناقة كنهيق سائر زعماء ، ملوك وقادة  لا يتبدلون إلا بالعنف أو بقضاء الله؟  .. رغم ان السبب غائب عن فهم حتى زملائه الحمير ، فكيف يفهمها البشر أو حتى مسئول الخان ؟ معضلة لم يتوصل إليها مجلس الحمير الموقر إلى تفسير.

كان من عادة الحمار الأبيض ان يقف في الزاوية البعيدة داخل الخان ، مراقبا انتظام الحمير في أماكنهم ، شاعرا انه مميز عن سائر الشعب ،  يجيل نظراته بين حمير خانه ، قبل أن يخطو خطوتين للأمام ويبدأ حديثه المنمق شارحا فحوى فكرته الجديدة ، جاهدا لتفسيرها بلغة بسيطة وسهلة ، قائلا : ان الخواص القيمية هي التي لا يمكن ان يوجد الشيء بما هو عليه بدونها. ويسال :
- مفهوم ..؟
ويرد الشعب مهموما من الجهل والإرهاق بعد يوم عمل من شروق الشمس حتى مغربها:
- مفهوم !! 
الشعب لم يفهم بالتأكيد. لكنه موقف احتياطي حتى لا يتورطوا بالتحقيقات الجنائية والسياسية لدى مجلس التأديب داخل الخان ويتهموا بالعمالة لأعداء الوطن، فتنهال عليهم العصي أثناء راحتهم أيضا. ويواصل: 
- أما الخواص الطارئة فهي التي تقرر كيف يكون الشيء وليس ما هو الشيء.
ينظر بحدة بعيني حمير خانه منذرا من اللغط المتزايد دون ان ينبس ببنت شفة ، يمشي الخيلاء دائرا حول نفسه.. عارضا لونه الأبيض المميز . عندما يسود الصمت الكامل يقف مسلطا نظراته القاسية على الجمهور المحتشد  ويسأل : 
- الشرح واضح ؟
- واضح، واضح تماما  يا سيدنا...
ينهق الحمير بببغاوية مستصعبين استيعاب كلام ملكهم الأبيض .  لكنهن لا ينسون للحظة واحدة ان الطاعة واجبة لمن يولى عليهم حتى لو كان حمارا!! 
 لا أحد يعرف هل تلقى الحمار الأبيض الولاية بمرسوم من صاحب الخان، قاده تلقائيا لهذه المرتبة السامية ، حتى بدون تصويت ديمقراطي ؟
حتى مسئول الخان الذي وقف دون أن يراه الحمار الأبيض متأملا نهيقه الأنيق ، مثل حديث زعماء المعمورة الذي سمعه مرة في الراديو ... فشل في فهم أسرار كلامه.. والآن لا تسعفه خبرته بالمزيد من فهم ما يدلي به حمار خانه الأبيض.. تأمل ذهول سائر الحمير أمام شموخ الحمار البيض، أصابته الحيرة من  تصرفاته. كان هو المحبوب من عمال النظافة ، هو معشوق عموم أهل البلد .. لما يجلبه عليهم من حظ جيد عندما تكون مهمته في أحيائهم كما يروون.
  ليس سرا ان نساء الحارة وأطفالها المتواجدين خلال ساعات النهار في بيوتهم ، يخرجون لاستقبال الحمار الأبيض وملامسة عنقه وإطعامه الخبز الناشف أو بعض القمح وعرض الشرب عليه من مياه نظيفة ، بل ومد عامل النظافة ببعض أرغفة الخبز أو بعض القروش حتى لا يسرع بإبعاد الحمار الأبيض، ليفرح الأولاد بهذا اللون النادر للحمير ..وربما لهذا السبب تستمر زعامته على خان الحمير. 
 صحيح تماما ان مسئول الخان صار يعرف من علاقته طويلة السنين مع حمير الخان ، نهيق الغضب من نهيق الغرام ونهيق الألم من نهيق الفرح ونهيق المعاشرة من نهيق الرفض. ونهيق المرض من نهيق الصحة .. ولو كان يعرف الكتابة والقراءة لوضع قاموسا بلغة الحمير الصوتية، بحيث يصير التفاهم كاملا وشاملا بين البشر وأبو صابر..
لكن مثل هذا الحمار لم يشهد في حياته . الحق يقال انه يدير الخان بانضباط شديد ولا يقصر بالواجبات التي يكلف بها، وإلا لصار لحمه أزرق من العصي ولصارت عظامه مورمة من الحمولات المرهقة والركض من حي إلى حي لجمع الفضلات التي لا تنتهي من الأحياء .
صحيح انه في الشهر الأخير قصر في واجباته بسبب ضغط الموضوع الجديد على دماغه. لكن بغل جديد انضم لنزلاء الخان أنقذ الوضع بسد بعض العجز في عمل الحمار الأبيض ، حتى صار العمال أنفسهم يستثنوه من العمل المرهق ، ولا يجروه إلا لأحياء الفيلات الفاخرة ، حيث تبقى الشوارع نظيفة ، ولكن لا أحد يخرج لملاقاته والتربيت على عنقه وإطعامه وسقيه الماء .. والحق انه كان يفضل الأحياء الفقيرة وساكنيها رغم الإرهاق الزائد في العمل .

2 –  

لكل مضرة فائدة .. الراحة فتحت للحمار الأبيض المجال لتطوير نظريته ،  بدأ يجد الوقت ليحدث بها مسئول الخان الذي ينصت لنهيقه كما ينصت الحمير محاولا فك طلاسم لغته.
بدأ الحمار الأبيض يكرس وقت أكبر ليشرح للحمير الأشقاء العابرين من أمام الخان ما توصل إليه من معرفة. فيتعوقون رغم غضب راكبيهم وضربات العصي وصرخات " حاحا يا سايب " لحثهم على المشي .. لأن الاستماع للحمار الأبيض زعيم الخان المشهور، فيه من المتعة والفائدة العقلية ما يعلوا حتى عن آلام الضرب. بل وظن بعض الأغبياء من الراكبين ان الحمار الأبيض مجرد أتان شبقه ، لكن بان السبب وبطل العجب حين مرت قرب الخان أتان في عز توحمها ، لدرجة أن الحمار الأبيض نسي نظرياته والطابع الهادئ  لتصرفاته وقفز عليها موقعا راكبها أرضا ، وقامت طوشة كبيرة بين مسئول الخان وصاحب الأتان ، ولما انتهت الطوشة كان الحمار الأبيض قد قضى وطره منها وعاد لمجلسة هادئا سعيدا بأنه لم يفوت الفرصة السانحة..
وقد منح الحمار الأبيض تبعا لذلك شهادة تقدير من خان البلدة المجاورة ، مشيدين بدورة الوطني في خدمة القضية الوطنية العادلة.. إذ ان الأتان التي قفز عليها ولدت حمارا ابيض صغيرا وجميلا من صنف الزعماء ، لا بد ان يصل للزعامة بعد ان يرى الله أمره في والده ، وصار للخان ما يفخر به مثل خان حمارنا الأبيض. بل وأوعز لمجلس الأمة في الخان ان يمنح الحمار الأبيض شهادة بروفسور فخرية .. وقد راقت حمارنا هذه الفكرة ، وهذا ما كان فعلا. فصار الحمار الأبيض زعيما وبروفسورا وملكا على الحمير وفيلسوفا، أدامه الله .. وأدام عزه وأكثر نسله حميرا بيضاء ذكية لخدمة الوطن.
إرضاء لحمارهم الأبيض كرر حمير الخان أقواله ، التي انتشرت لسائر خانات الحمير في الوطن ، لدرجة ان أحدا لا يعرف هل كان التكرار عن فهم واستيعاب ، أم عن مراضاة لولي الأمر ملك الحمير الزعيم القائد الفيلسوف وبروفسور في العلوم من جامعة الحمير الوطنية ؟ كذلك أشادوا بمناسبة وبغير مناسبة بفكره العظيم . بل وقام بعض الحمير بكتابة دراسات معمقة وطويلة عن فلسفة الحمار الأبيض وتحفيظ سائر الحمير مقولاته ونظرياته خاصة كيفية إدارة نظام الخان ، ودور الحمير في مجتمع الخان، كيف تعامل أنثى الحمار وما هي حقوقها ، هل يصح ظهورها المكشوف أمام الحمير الغريبة؟ 
 يقال انه أقيم مركز أبحاث خاص لدراسة عبقرية الحمار الأبيض ، جرى نشر ابحاثه أيضا للفائدة العالمية في الخانات الدولية .. ووصل بعضها إلى أوروبا ...  لكن لأمر غير مفهوم لم يجدوا حميرا في دول أوروبا المتخلفة والغارقة بالجهل، فقيرة العقل والدين، إلا في حدائق الحيوان. مع ذلك نشر فكر الحمار الفلسفي بين الحمير في حدائق الحيوان ، تحضيرا لانتفاضة تعيد أوروبا إلى عصر الحمير ، بعيدا عن ضياعها الذي سيقودها إلى نار جهنم.
ازدادت حمير حدائق الحيوان ذكاء ويبدو ان انتفاضتها قاب قوسين او أدنى مما يتوقع الحمار الأبيض، لدرجة ظن بعض أطباء البيطرة ان الحمير في الحديقة أصيبوا بجنون البقر المشهور.او يستعملون الشيفرا لضمان سرية التحضيرات لإعادة أوروبا حميرية بدل ضلالها وكفرها!!

3 –  

في الواقع ان مسئول الخان رغم إعجابه الشديد بنزيل خانه الأبيض وانصياع سائر الحمير التلقائي لتوجيهاته السامية ، إلا انه لم يستوعب استعلائه حتى عليه ، كأن الأدوار تبدلت بينهما. عندما يدخل لإطعامه يبقى منتصبا في مكانه وكأنه يستعرض جحافله المقاتلة .. مع ان الخان فارغ من وسائل القتال .. وفكر مسئول الخان ان يكسر عصاه الغليظة على ظهر هذا الثرثار.. ليرى كيف تصير حاله .. لكن السؤال الأساسي كان عن مدى الارتباط العاطفي بين الحمير السمراء وحمارهم الأبيض ، خاصة ما لاحظه من صد الاتان لإصرار الحمير السمراء على الاقتراب منهن، والتنافس بينهن  للاقتراب من الحمار الأبيض، الذي يبدو انه أرهق بواجباته الوطنية، غير ان المستهجن ان معظم الجيل الجديد كان اسمرا، أو موشحا ببعض البياض؟ لكن الأمل ان يجيء الأحفاد بلون الجد . 
كان خوف مسئول الخان ان يسبب نكسة عاطفية للحمير، إذا استعمل العصي لإرجاع الحمار الأبيض إلى مكانته الحميرية، فيخسر أكثر مما يربح. فبدل ان ينقذ حميره من مُنظر، مُتذاكي ويتصرف كملك متوج ، يعرضهم لحزن شديد وطويل مسببا الفوضى والتسيب في  نظام حكم الخان ، وربما الى إضراب تباطؤي .. والانعكاس السلبي على إنتاجية العمل بالنظافة ... وقد يُحمل مسئولية الإضراب التباطؤي للحمير ، ويعزل من عمله  ويعين  بديلا له في إدارة خان الحمير. 
  تساءل مسئول الخان :
- لماذا يخلق الله الحمير ؟ .. هل للعمل الشاق والنهيق فقط ؟.. هل من فائدة أخرى لهم ..؟ حتى لحومهم لا تؤكل .. يمكن الاستغناء عنهم بعربات لا تجرها الحمير ... إلا يفهم هذا الأبيض انه جسم زائد في هذه الدنيا ؟ فلماذا هو مشغول دائما مثل أم العروس، لا شيء يعمله إلا القفز على الأتان وإطلاق نهيقه القوي مثل ساعة المنبه؟
كان الحمار الأبيض يتأمل مسئول الخان وهو يفكر .. ويقول لنفسه: " آه ما أتفهكم أيها البشر.. هذا ما يشغلكم كل نهاركم.. كم نقلة سيقوم فيها الحمير اليوم .. أما أن تفكروا وتستعملوا دماغكم، فهذا مرهق للعقل. ربما حان الوقت يا الهي لتتغير الأدوار. هم في الخان ونحن طلقاء .. لكن هل بقدرة البشر القيام بمهمتنا ؟.. 

4–  

في فجر أحد الأيام وصلهم خبرا مزعج. بأن اعتداء آثما وقع على خان أبي علاء في الحي المجاور من ذئاب داشرة .. على أثره جرت اتصالات عاجلة بين كبار الحمير للتشاور، وقر رأي الأكثرية على عقد مؤتمر قمة طارئ لزعماء الحمير من مختف الخانات في الوطن.. رغم ان التشاور لم يقد إلى موقف واضح بينهم. 
جرت الاستعدادات لاستقبال الحمير الأشقاء في خان الحمار الأبيض، الحائز على لقب بروفسور فخري. 
نبه الحمار الأبيض على أتان خانه بلهجة تحذيرية بأن لا يظهرن أمام الحمير الوافدة لحضور القمة، منعا لوقوع المحظور. ان التي تتهاون بتحذيره ستتعرض لمائة رفسة  وينسب نفوقها للذئاب.
تجمع الأشقاء لتدارس الوضع .. ورغم أهمية الحدث إلا ان عيونهم لم تتوقف عن البصبصة شمالا ويمينا.. لعل وعسى تظهر لهم حورية من خان الملك الأبيض ، ربما لها طعم مختلف عما اعتادوا عليه ، الأمر الذي جعل الحمار الأبيض بارزا على الجميع في دنيا الحمير  وشهرته عمت الشرق والغرب ..
افتتح الحمار الأبيض مؤتمر القمة  داعيا الجميع لإدانة العدوان وإعلان التضامن والأسى الشديد على الحمير النافقة في عدوان الذئاب الوحشي .. وذلك تنفيذا لأبسط بنود اتفاق الدفاع المشترك. وأعلمهم انه توصل لرؤية سياسية جديدة تماما في هذا الظرف المأساوي ، وقبل ان يسمع أي تعليق بدأ يشرح سياسته رغم زيغان عيون الأشقاء وراء مؤخرات أتانه ، اللواتي أخفين وجوههن حسب تنبيهاته .. .وقال شارحا، والله أعلم إذا أنصتوا لحديثه: 
- الخواص ذات القيمة هي الخواص التي تجعلني أنا نفسي الحمار الأبيض الذي أمامكم. صاحب الفكر والقدرات الصوتية والعقلية . إخواني، بدون عقلي لن أكون أنا نفسي. لو نزعتم لوني الأبيض الزاهي الجميل، لن يتغير الواقع، سأظل أنا نفسي. أما الخواص غير ذات القيمة فهي تتعلق بالشكل والحالة. من هنا اعتداء الذئاب على خان الجيران الأشقاء لم يغير مضمون الحمير في الحارة أو في البلد. ظل مضموننا سليما.. ما تغير هو الشكل والكم وهذا نتجاوزه بزيادة جهودنا المشتركة مع جماهيرنا الاتانية. قتل الذئاب 23 حمارا، الله لا يعطيهم عافية، لكن، وهذا المهم والجوهري.. ولد في الخان نفسه في نفس ليلة الاعتداء الإجرامي الغاشم، أكثر من 29 حمارا صغيرا جميلا يفرح قلوبنا جميعا.. لذا نحن لم ننهزم . بل انتصرنا على الذئاب، لأن القيمة الأساسية لم تتغير ولم تسقط. بل ازدادت. وهذا نصر عظيم !!
قام نهيقا كبير عاصف تأييدا لهذا الموقف السياسي القومي الجريء.
هذه الفلسفة المستحدثة في القمة الحمارية الطارئة أرضت جميع الحمير .. لدرجة ان عيونهم لم تعد تبصبص شمالا ويمينا. فقد وجد الحمار الفيلسوف الكلمات الدقيقة للتعبير عن الموقف السياسي الطارئ وإيجاد التعابير التي تلاءم الموقف الحميري المسئول . ومن لم يفهم صمت خوفا من فضيحة جهالته وقصر نظره !!
أعلن الحمير أنهم مساهمة في تعميق هزيمة الذئاب سيبدؤون بإعادة بناء ما تهدم من الخان .. 
وتساءل حمار تبدو عليه الوقاحة والجرأة، عرف نفسه كمراسل لإحدى الفضائيات:
- وإذا هوجم الخان مرة أخرى.. ما هي خطط المستقبل أيها السادة ؟
- سنعيد البناء مرات حتى تفهم الذئاب اننا لن نتخلى عن الأشقاء.. لأن النصر يجر النصر .
- لكن انتم سالمين بأجسادكم ، لا تتعرضون للتمزيق بأنياب المعتدين ، وعظامكم لا تكسر مثل عظامهم  وانتم لا تتعرضون لأي خطر في خاناتكم ؟
- هل تظن يا مراسل ان الانتصار يتحقق بدون تضحية ؟ وإذا تعرضنا للخطر من سيعقد حسب رأيك مؤتمر القمة القادم ؟ هل نستورد حميرا أوروبية أو صينية أو هندية لتعقد المؤتمرات نيابة عنا ؟
- هل التضحية هي من نصيب خان الأشقاء فقط ؟
- الله أكبر.. تستهتر بالشهادة أيها الزنديق ؟ .. هذا كفر.. هذه عمالة للذئاب .. 
صرخ الحمير صرخة واحدة.  لكن الحمار المراسل أصر متشجعا من تأييد الحمير المنكوبة:
- ما رأيكم ان تستبدلوا مكانكم بمكانهم لتعاركوا انتم الذئاب وتفخرون بالنصر القادم؟ ألستم أولي الأمر الأقوياء والشرسين ذوي الحوافر القاتلة ؟
- وقاحة .. خيانة قومية..
صرخ المؤتمرون الحمير. انتظر الحمار الأبيض  حتى هدأ غضب المؤتمرين . وقف متأملا جرأة المراسل مفكرا ، ترى لو رفسة بحافريه كيف ستصير حاله ؟ وقال :
- سيدي المراسل .. قلوبنا تبكي على إخواننا الحمير النافقة.. فلماذا هذه الأسئلة الاستفزازية التي تخدم أعداء الأمة..؟ اجتمعنا لنتخذ قرارات حاسمة ، مثل هذه التضحية لن تجدوها في خانات حمير الغرب الفاسدة . لذا نحن لا نتشبه بهم . إلا تعلم أيها المراسل ان للشهداء جنان لا يدخلها إلا معشر الصالحين ؟ اني أدعوك لنشر هذا الموقف وضمان آخرتك أنت أيضا. .
- يا سيدي أنت تتحدث من الصبح ولم نفهم إلا ان موت الحمير الأشقاء انتصارات.. ولكن الحمير المنكوبة تقول انها تريد الحياة وان لا يتكرر غزو خانهم وقهرهم وذبحهم من جديد ، فهل هذا مستحيل ؟
فغضب حمار من المؤتمرين ونهق :
- هذا استهتار بالنصر التاريخي .. هذه اهانة للنافقين الشجعان .. هذا استهتار  بانتصاراتنا القادمة..
وقام نهيق عظيم :
- لا تستهتر بالانتصار.. يجب طردك من الخان .. اذهب لخان أوروبي يا ملعون.. اسحبوا ترخيصه الصحفي هذا المغرور.. انه يعمل لصالح العدو..
علت الأصوات تشجيعا لهذا الموقف الثوري . واستنكارا لأسئلة المراسل الصحفية الاستفزازية.
وانتهى مؤتمر القمة بقرارات حاسمة. . على رأسها قرار لا يقبل التأخير.. استنكار وشجب قناة الفضائية غير الملتزمة بقضايا النصر ومراسلها الوقح، وسحب ترخيص عمله في وطن الأبطال.. وإدانة وشجب العدوان الذئبي ، والاستعداد لاستقبال أتان الخان المنكوب في ضيافة خانات الحمير المنتشرة في الوطن .. بذلك يستفيد الجميع ويكرس الحمير الأشقاء طاقات يومهم ونهارهم في إنشاء جيل جديد يسير على الدرب البطولي الذي شقه الآباء والأجداد النافقين .
وكلف الحمار الأبيض بصياغة نشيد قومي يعبر عن المرحلة الجديدة من التضامن والتآخي بين خانات الحمير!!
وانتهى المؤتمر بعاصفة النهيق الحماسي ...