أضواءٌ على إبدَاعاتِ الشَّاعرةِ والأديبة دوريس خوري/ حاتم جوعيه

مقدِّمة ٌ : الشَّاعرة ُ والكاتبة ُ " دوريس خوري " أصلُها من لبنان ( لبنانيَّة  الأصل ) متزوِّجة ٌ وتسكنُ  في  قريةِ  " البقيعة " الجليليَّة  .   تكتبُ  الشِّعرَ  والخواطرَ  الأدبيَّة  والمقالات السياسيَّة  والإجتماعيَّة  والأدبيَّة ...وغيرَها .   لها  كمٌّ   كبيرٌ  من الإنتاج  الشِّعري  والأدبي،  ولكنَّها  بدأت  تنشرُ  إنتاجَها  وكتاباتها  منذ  فترةٍ  قصيرةٍ  في الصحفِ  والمجلاتِ  المحليَة  وفي  مواقع  الأنترنيت الكثيرةِ  ورغم الكم  والرَّصيد الكتابي  الكبير الذي لديها  تأخرت كثيرا  في صددِ  طباعة  كتباتِها ( كتبت هذه المقالة  قبل أن  يصدر لها  أيُّ  كتاب - شعرا أو  نثرا ) ... والكثيرون  من  الكتاب  والشعراء  والأصدقاء  كانوا يسألونها دائما  وباهتمام بالنسبةِ  لهذا الموضوع ( طباعة إنتاجها  في  كتب ) .. ولكنها  قد أجَّلت  طباعة  كتبها  ودواوينها  الشعريَّة  وتركت  هذا للظروف .   
   وَمِمَّا يُلفِتُ الإنتباهَ أنها كانت  دائما تنشرُ  مقالاتها وأشعارَها في الصُّحف  المحليَّة  من  دون  صورةٍ  لها ( في البداية )  فتضيفُ  وتلقي  على كتاباتِهَا وشخصيتِها وهويَّتها نوعا من الغموض والحيرة والإهتمام في نفوس القرَّاء   ، مَمَّا  يدفعُ  فضولَ وتطفلَ الكثيرين من القرَّاءِ إلى التساؤُل لمعرفةِ الحقيقةِ ولماذا لا  تنشرُ  صورتهَا  في الجرائد  بجانب  مقالاتِها... وكيف شخصيَّتها   وشكلها في الحقيقة ..هل  تتطابقُ مع  كتاباتها الإبداعيَّة ؟؟  وهل هي جميلة جدًّا  لكونها  لا  تنشرُ صورتها ..أم  على العكس ليست على مستوى مقبول  من الجمال .. إلخ  . 
     وهذه  الأشياءُ  الشكليَّة ُ لا  تعنيني  أنا  شخصيًّا  ( كاتب هذه السطور )    والمُهمُّ  لديَّ  هو المستوى  الكتابي  والإبداع   شعرا  ونثرا )  لدى  الزميلة  " دوريس خوري " .
  
مدخل :   الشَّاعرة ُ  والأديبة ُ دوريس خوري  من الشاعراتِ  والكاتباتِ المتميِّزات  فنيًّا  والمُبدعاتِ  على  الصَّعيد  المحلِّي  .  لقد  أتحفت الصحفَ  العربيَّة  بالكثير من  مقالاتها وكتاباتها الرَّائعة الخلابة  التي  تركت  أصداءً    واسعة ً على الصَّعيدِ  المحلِّي  بين الأدباءِ  والكتاب  والمُثقفين  وكافة  أبناء  المجتمع .  تمتازُ  كتاباتها بالشَّفافيَّةِ والرومانسيَّةِ وبالعباراتِ الحلوةِ  الجميلةِ   وباللغةِ القويََّةِ الصَّافيةِ الجزلة وبالمعاني الفلسفيَّةِ العميقةِ وبالرُّؤيا  الإنسانيَّةِ  السَّامية الشَّاملة .   ولا  أخطِىءُ  إذا  قلتُ  إنَّ  لديها  أسلوبا  وطابعا  خاصًّا   وَمُمَيَّزا في  كتاباتها  يختلفُ عن  جميع الكتابِ  محليًّا  وعربيًّا .   ولكتاباتِهَا   جاذبيَّة ٌ وسحرٌ أخَّاذ ٌ تشدُّ  القارىءَ.. ومهما كانت  نوعيَّتهُ  ومستوى  ثقافته   فسيقرأ كتاباتها  بشغفٍ وحُبٍّ  كبير ولا يستطيعُ  أن  يتركَ مقالا أو قصيدة ً   لها حتى يأتي على آخرها، وهذه الجاذبيَّة ُ العظيمة ُ التي  تتمتَّعُ وتتحلَّى  بها  والسِّحرُ الخاصّ  قد  نجدُهَا عند  بعض الشُّعراء  والكتاب  العرب  الكبار .. وخاصَّة ً عند بعض  شعراء المهجر، مثل: جبران خليل  جبران .. والجديرُ بالذكر انَّها قد  تأثَّرت  كثيرا من جبران  وببعض شعراءِ المهجر واللبنانيِّين الذين كانوا في طليعةِ المُجدِّدين في العصر الحديث للشعر والأدب العربي ،  وعالجوا في كتاباتِهم  القضايا  القوميَّة  العربيَّة  المصيريَّة  وجميعَ  الأمور  والقضايا  الإنسانيَّة  والأمميَّة  الشَّاملة .  فدوريس  خوري  مِمَّا  يُمَيِّزُهَا عن الشُّعراءِ  المحليِّين أنها  في  كتاباتِها   تهتمُّ   للجانِب  الإجتماعي  والإنساني ولعنصر الطبيعةِ  ولفلسفةِ  وأسرار  الوجود  والكون .. فنجدُ  فيها  الإنسانَ  بكلِّ  معنى الكلمة... الإنسان  الذي  على  أهبَةَِ  الإستعداد  لكيّ  يهبَ  ويقدِّمَ  كلَّ   شيىءٍ...جَسدَهُ  وروحَهُ  قربانا لأجل  شعبهِ ولأجل الإنسانيَّة . فكتاباتها ترفلُ  وتزهو  وتسطعُ  بالقيم الإنسانيَّةِ  المُثلى  وبالمبادىء  والمُثل السامية الرائعة  ويشوبُها  ويترعها روحُ  الإيمان العميق والعظيم . فهيَ  تكتبُ  من منطلقِ مبدإ  وضمير  حيٍّ  وَحِسٍّ  شاعريٍّ  قوميٍّ  وطنيٍّ  إنسانيٍّ  مُرهفٍ ومُؤمن ٍ . تكتبُ  ليسَ من أجل الإستهلاك  أو للشُّهرةِ  والمكسِب  كالكثيرين  من الكتاب  والمستكتبين  المحليِّين المُرتزقين ...بل  انها  تكتبُ  من منطبق رسالةٍ   إنسانيَّةٍ   خالدةٍ   لأجل   شعبها   وأمَّتِهَا   العربيَّة  ولجميع   شعوبِ الأرض..لأجل  إنارةِ  وهدي الناس  فكريًّا وثقافيًّا  وأدبيًّا  وسياسيًّا  وإنسانيًّا ... كتاباتها على  مختلفِ  أشكالها  وأنواعها  تدعو الإنسانَ  أينما  وُجدَ  إلى التمسُّكِ  بالقيم  والمبادىء وإلى  الثقةِ   بالنفس  والسير في  الطريق   القويم   والصحيح  والإستقامة   الأخلاقيَّة  وإلى الإيمان  بالخالق  جلَّ  جلالُهُ ...هذا إضافة ً إلى  كون  كتاباتها على مستوى  فنيٍّ  راق ٍ .  
    وبالنسبةِ  للقضايا السياسيَّةِ  نجدُهَا  جريئة ً  جدًّا  وصادقة ً. وقد أعجبني  مقالٌ  لها موضوعُهُ جائزة التفرُّغ السلطويَّة  التي تُمنحُ  كلَّ  عام  لمجموعةٍ من الكتابِ والشعراءِ المحليِّين، وهي كانت مقاطعة ً لهذهِ الجائزةِ  في البدايةِ كالعديدِ  من الشعراءِ المحليِِِّين الملتزمين الذين  لهم  موقفٌ واضح  من هذه الجائزةِ ..هذه  الجائزة ُ التي  يراها الإنسانُ الوطنيُّ  الحُرُّ والشريفُ أنَّها  لا تشرِّفهُ  وأنَّهُ  مشكوكٌ  في أمرها  من  ناحيةِ  مستوى  ونزاهةِ الحكَّام  ومن  الناحيةِ  السِّياسيَّةِ  والجهة  التي  تمنحُهَا... وهذه  القضيَّة  مهمَّة ٌ جدًّا، ولكنَّ القليلين الذين  كتبوا عن هذا الموضوع  بمصداقيَّةٍ  وأمانةٍ  وجرأةٍ .   ونحنُ دائما  نرى الكثيرين  من  الكتابِ  والشُّعراءِ المحليِّين  يتهافتونَ  ويتسابقون كالكلابِ المسعورةِ  الجائعةِ  لنيل  هذه  الجائزة  المشبوهة، والبعضُ  يُشَغِّلُ  كلََّ الواسطاتِ والمعارف والجهات التي يعرفها لكي  يعطوهُ الجائزة َ... وما هذه الجائزة  الماديَّة  في مفهوم كلِّ إنسان ٍ فلسطينيٍّ  وطنيٍّ  وصادق  يُحبُّ  شعبَهُ  ويحترمُ  نفسَهُ  سوى  الذلِّ  والعار والإنحناء  والتمرُّغ  على  أعتابِ  السلطةِ  وبيع   ماء  الوجهِ   والكرامة   والضمير   واستجداء   أذنابها   من المستأجرين الذين  لهم  باعٌ  ويد  في قراراتِ التحكيم لهذه الجائزة ..( هكذا   ينظرُ للجائزةِ بعضُ الكتاب الملتزمين  وكما  يشيرُ  فحوى  ومضمونُ مقال دوريس )... ولكنَّ  دوريس  غيَّرتْ   رأيهََا   وموقفهَا   في  الفترةِ  الأخيرةِ  وأصبحت  تقدِّمُ   لهذه  الجائزةِ  منذ  سنوات ولكنهم لم  يعطوها هذه الجائزة رغم مكانتِهاَ الأدبيَّة  ومستوى كتاباتها العالي شعرا ونثرا ) ..   
   وأمَّا  في كتاباتِهاَ الشعريَّة فنشعرُ  وَنحِسُّ  بروح  ونفس  شعراءِ  المهجر  والشعراء العمالقة  من  اللبنانيِّين  والعرب  الكبار . هي لا  تلزمُ  في الكثير من قصائدِها  بالوزن ولكن  يوجدُ عندها  موسسيقى  داخليَّة أخَّاذة ..وأحيانا  تأتي التفاعيل  متكاملة ( حسب  بحور الخليل)  كما أنها  تلتزمُ بالقوافي  في  شعرها  الذي معظمهُ يشبهُ  شعرَ التفعيلة . وفي الفترةِ الأخيرة  بدأت  تكتبُ  شعرا كلاسيكيا  تقليديًّا  ملتزمة  فيهِ  بالوزن والقافية...ولها  قصائد موزونة على  نمط  شعر التفعيلة )  فهي  متمكنة  جدا  من اللغةِ  العربية  وقواعدها  ونحوها ومن البحور الشعريَّة...وجميعُ  قصائِدِها في  منتهى العذوبةِ.. وقمَّة في الجمال  اللفظي  والمعنوي  وغنيَّة  بالصور الشعريَّة  الحلوة  المستوحاة  من الطبيعةِ ومن صميم الواقع  الذي  تحياه .  والجديرُ بالذكر أنَّ   شاعرتنا  درست موضوعَ اللاهوت والفلسفة  وتأثرت  به كثيرا وانعكسَ على مجرى حياتها  ... ونجد هذا  التأثيرَ أيضا في كتابتِها، ونشعرُ دائما  بروح  الإيمان  القويّ  والعظيم  يتراقصُ ويتماوجُ  في كلِّ سطر من كتاباتِهَا . في أشعارها  نحسُّ  بل نرى جمالَ  لبنان ( وطنها الأم )  متجليًّا  وَمُتجَسِّدًا  أمامَنا  ونرى شموخَ  الأرز  والجبال  والشلالات  والسهول  الخضراء  والزهور اليانعة  وننبهرُ  ونتِيهُ  بالجوِّ  الشَّاعري  السحري الأخَّاذ  وبالحياةِ  الجميلةِ  البريئةِ  الخالية من الكدر والحقد  يُترعُها الصَّفاءُ  والنقاءُ، فالطبيعة ُ عنصرٌ أساسيٌّ  هام  في  شعر دوريس  خوري فتستوحي شاعريَّتهَا منها  وتأخذ ُعناصِرَهُا ورموزها  وأسرارَها  وتوظفها  في أشعارها  وكتاباتِها ، كما  أنَّها  تستعملُ   بعضَ المصطلحاتِ والتعابير والرُّموز التاريخيَّة واللاهوتيَّة وتدخلها  بشكل  متجانس متناغم  في قصائدِها...فجاءت  قصائِدُهَا حلَّة ً جميلة ً  قشيبة  فاتنة ً كالرَّبيع في عنفوانِهِ  يزهو  ويتبخترُ في  ثيابِ السُّندس والجمال  والبهاء . 
وأخيرا :  إنَّ  دوريس  خوري  هي إنسانة ٌ ٌ قبل  كلِّ  شيىء  تتجَلَّى وتسمُو   بكلِّ المزايا والقيم  والمناقب المثلى  وكاتبة ٌ وشاعرة ٌ مُجيدة ٌ  وَمُبدِعَة  بكلِّ معنى الكلمةِ  وركنٌ أساسيٌّ  هامٌّ   في حركتِنا  ومسيرتِنا  الشِّعريَّةِ  والأدبيَّةِ المحليَّةِ ...فنتمنِّى  لها  العُمرَ المَديدَ  والمزيدَ  من  العطاءِ  الأدبي  والفكري والإصداراتِ الإبداعيَّة  الجديدة  .

الزلم.. في وطني: تعاسة وقلة الإيمان/ الياس بجاني

إنه لأمر مهين ومعيب ان يقبل أي انسان طوعاً دور "الزلمي"، أي دور النعجة ودور التابع المربوط بحبل حول رقبته ويتلذذ بأكل التبن من على المعالف وويهوى بفرح النوم في الزرائب. هذا المخلوق التعيس والبائس الذي يتزلم لزعيم أو لجماعة سياسية أو دينية يصبح مسيراً وليس مخيرا أي عبداً لا أكثر ولا أقل. من المؤسف أن أرتال كبيرة من ابناء شعبنا اللبناني في الوطن الأم وبلاد الإنتشار ومن المذاهب كافة هي غنمية بعقلها وثقافتها وذلها والغباء، وبعيدة عن كل مفاهيم ومعايير وممارسات الحرية والإيمان واحترام الذات، ولا وجود في دواخلها لشيء اسمه كرامة.

هذه الأرتال الغبية هي زلم الأحزاب وخدم الزعامات السياسة وعبدة رجال الدين المشعوذين، وهي السبب الأساس لكل مصائب لبنان والكوارث ولولا غنميتها وكفرها لما كان وطن الأرز المقدس على ما هو عليه اليوم من شقاء وفوضى وعذاب وتفلت واسخريوتية. 

هؤلاء الأرتال من المتزلمين والأغبياء عقولهم وعواطفهم مبرمجة عن بُعد وهم على هذه الخلفية التعيسة يفرحون مع الزعيم ويحزنون معه غب طلبه، ويتظاهرون ويتقاتلون مع الغير ويشتمونهم بناء لأوامره، ومن ثم يتعانقون ويتصالحون وأيضاً بناء لأوامره. إنهم أرتال من الإذلاء الذين لا فكر ولا ذرة عقل في داخل جماجمهم.

باعوا أنفسهم مقابل زر يعلق على صدورهم، أو فولار يربط حول رقابهم، أو مقابل مال أو وظيفة، وغرقوا في حياونية غرائزهم وفي عبادة مقتنيات الأرض الترابية الفانية.

هؤلاء البشر من ابناء شعبنا هم وراء استمرارية وجود قادة ورجال دين وزعماء واحزاب وسياسيين منحطين وأوباش يسرحون ويمرحون حالياً على الساحة اللبنانية ويتاجرون بدم وعرق وكرامة وأمن ولقمة عيش اللبنانيين.

هذه الطبقة المجرمة من القياديين ورجال الدين موجودة ومتحكمة بمصير وطننا الغالي، وسوف تبقى كذالك طالما بقيت أرتال من شعبنا على غبائها وغنميتها وقلة إيمانها وخساستها وعشقها للتبن والمعالف.

من هنا فإن القائد والسياسي والزعيم الأصيل يبقى ويستمر ويزدهر فيما المأجور والبديل والعبد والتابع يرمى في مزابل التاريخ. إن الزوال والاندثار هو الأجل المحتوم لكل الطرواديين والمارقين والمرتدين الذين يهجرون قضايا وتاريخ ووجدان ومصير وأمن شعوبهم وأوطانهم ويبيعون أنفسهم للغريب من أجل مصالح أو نفوذ أو منافع كلها أرضية وفانية.

السؤال الذي يُطرح في هذا السياق الجهنمي والترابي هو، لماذا يبيع الإنسان نفسه ومن أجل ماذا، وماذا يريح وماذا يخسر. والجواب الإيماني الثابت يقول بصوت صارخ "ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه"؟ والجواب، بالطبع لا يربح أي شيء وحسابه يكون عسيراً يوم الحساب الأخير

هكذا كان حال الإسخريوتي والملجمي وأقرانهما من الذين وقعوا في تجارب إبليس وساروا بغباء وراء غرائزهم، فعاقبتهم السماء وملائكتها وحلت اللعنة عليهم وعلى وأصولهم وفروعهم. بالتأكيد إن نهاية كل المارقين ستكون عاجلاً أم أجلاً كنهاية الإسخريوتي الذي علق نفسه على شجرة وانتحر لأن الله يُمهل ولا يُهمل.

في الخلاصة إن نهاية النظام السوري المجرم والإرهابي، نظام قتلة الأطفال واغتصاب النساء، لم تعد ببعيدة، وكذلك حزب الله الإرهابي الذي تعرى وتكشف من كل ما هو لبناني ومصداقية، وبالتالي المطلوب من أرتال شعبنا الذين تغربوا بفكرهم ووجدانهم وممارساتهم ومواقفهم عن لبنان وتاجروا بناسه ودمهم ولقمة عيشهم وأمنهم، المطلوب منهم وبسرعة أن يتوبوا ويعودوا إلى ينابيع الإيمان والوطن المقدس وترابه المبارك قبل فوات الأوان.

نختم مع: يوشع بن سيراخ 03/21 و24/ “لا تَطلُبْ ما يَتعَذَّر عَليكَ ولا تَنظُرْ في ما يَتجاوَز قُدرَتَكَ. بل تأَمَل في ما أُمِرتَ بِه فلا حاجَةَ لَكَ إلى الأمورِ الخفِيَّة. ما جاوَزَ أَعْمالَكَ لا تُكثِرِ الاْهتمام بِه لأَنَّ ما كُشِفَ لَكَ يَفوقُ إِدْراكَ الإِنْسان

فإِنّ كَثيرينَ قد أَضلَّهم تَأَمّلهم وزَلَّت أَفكاُرهم بِتَصَوّرِهمِ الفاسِد."

كتابةُ الشِّعرِ إنغماسٌ عميق في رحابِ أحزانِنا وأفراحنا/ صبري يوسف

إنَّ كتابة الشِّعر أشبه ما تكون حالة عناق لهبوب النّسيم، وتوهّجات بهجة العشق بعد حنينٍ طويل، وابتسامةُ فرحٍ لتلألؤاتِ النّجوم، انغماسٌ عميق في رحاب أحزانِنا وآهاتِنا وآمالنا وأفراحنا. أجل، إنَّ كتابةَ الشِّعر هي حالة تواصل فريد وتماهٍ بديع وشفيف مع روعة الحياة، بكلِّ ما فيها من حبٍّ وجمالٍ وأفراحٍ وأحلامٍ وأحزانٍ ومآسٍ وإنكسارات، فلا يجد الشَّاعر أجدى من الشّعر كي يترجم عبره مشاعره الفيّاضة، لأنَّ الشِّعرَ مشتقٌّ ومنبعثٌ من المشاعر المتدفِّقة من أعماقِ الرّوح، لهذا تنبع تدفّقات الشَّاعر من المشاعر العميقة الصّافية صفاء الماء الزّلال، وكلّما كان الشّاعر قادراً على ترجمة وتجسيد فضاءات مشاعره، نجحَ في تحقيقِ آفاق رؤاه الشِّعريّة وإيصال أهدافه وتجلِّيات مراميه للآخر المتلقِّي! 
لهذا ترتكزُ كتابة الشِّعر على الكثير من التِّقنيّات إضافة إلى الخيال الخلَّاق والموهبة الرّهيفة الّتي نبني من خلالها أبهى ما لدينا من حفاوة الشِّعر، وفي طليعةِ هذه الحيثيات تأتي الموهبة، والإطِّلاع العميق على تجارب شعريّة عديدة وعلى المزيدِ من  تجارب وخبرات الحياة، إلى أن يصل الشَّاعر إلى مرحلة الشَّغف العميق في ترجمة انبلاج بوح الشِّعر لديه، والإنطلاق من مماحكات تجربته الخاصّة في كلِّ ما له علاقة في تعميق توهّجات خياله في تجسيد انبعاث شهقة الشِّعر. 
وبرأيي أنَّ كلّ إنسان على وجه الدُّنيا هو بصيغةٍ ما شاعر عندما تتنامى لديه هذه العناصر، ولكن هناك شاعر يكتب ويترجم مشاعره وهناك الكثير ممَّن يضمرها ويجعلها حبيسة في داخله، وهناكَ مَنْ يركّز ويعمّق هذه الحساسيّة الشِّعريّة فتولدُ عبر تجلّيات باذخة إلى النّور، وهناك مَنْ يقفزُ عليها ولا يوليها أيَّة أهميّة فتضمر وتتوارى في ثنايا اللّاشعور. وهكذا فإنَّ تشكيل وصقل شخصيّة الشَّاعر تتبلور وتتكوَّن منذُ بدايته ومن خلال إهتمامه بهذه الجّوانب المتعلِّقة بالشِّعر، ومع كلّ هذا نرى أنَّ هناك عدداً لا يستهان به ممَّن يكتبون الشِّعر أو يحاولون كتابة الشِّعر، ليس لما يكتبونه علاقة عميقة بوهجِ انبعاثِ الشِّعر، من حيث البناء والوزن والقافية والمعنى والمضمون، فلا نرى شعراً لدى هؤلاء، بل نرى رصف بعض الكلمات بطريقة غير موزونة في الكثير من الأحيان! .. والغريب بالأمر أنّ بعضاً ممَّن يكتبون الشِّعر، ونقرأه يوميّاً في الكثير من الصّفحات، يكتبون ـ على الأساس ـ  الشِّعر "العمودي الموزون" وهو في حقيقة الأمر ليس موزوناً في الكثير من تفاعيله وهو مخلخل الوزن ممَّا ينعكس على المعنى والمضمون، فلا نجدُ نكهة للشعر ولا تحليقات شعريّة فيه، وهو يخلو من الموهبة ومن حرفيّة صنعة الشِّعر بإيقاعه الموزون. 
والسُّؤال المطروح، لماذا يكتب شخص ما شعراً موزوناً وهو غير قادر على الوزن؟! يستحسن أنْ يلمَّ كلّ مَن يكتبَ الشِّعر الموزون بقواعد الوزن وبحور الشِّعر وقواعد اللّغة، ثمّ يبدأ بخوض تجربة كتابة الشِّعر الموزون، لأنّه سيظلُّ طوال حياته يكتب شعراً مخلخلاً طالما لا يستطيع الإمساك بخيوط الوزن! 
إنَّ الشِّعر الجَّميل والرَّصين والجَّديد والخلّاق هو شعر بأيّة صيغة يكتبه الشّاعر، ويخطأ مَن يظنُّ أنَّ الشَّاعر الحقيقي والأصيل هو مَنْ يكتب فقط شعراً موزوناً وعموديَّاً، بل الشِّعر الحقيقي هو شعر سواء كان شعراً عموديَّاً أو شعر تفعيلة، أو الشّعر الحديث، قصيدة النَّثر! فكم من الشُّعراء يكتبون قصيدة النَّثر بشاعريّة عالية وراقية، وكم من الشُّعراء الَّذين يكتبون الشِّعر العمودي ولا نشتمُّ من قصائدهم أيّة عبق للشعر فلا شاعريّة ولا خيال ولا بناء ولا تحديث ولا تجديد ولا وزن دقيق في الإيقاع الشِّعري، فلو توقّف أي شاعر ونظر إلى نصّه وقيّمه بنفسه وحلَّل نصَّه بنفسه وتساءل هل نصِّي موزون، هل نصّي فيه روح الشِّعر والشَّاعريّة هل نصّي يصنّف شعراً، هل؟ ثمّ يتلو هذه الأداة الإستفهاميّة الكثير من التّساؤلات وإشارات الإستفهام ؟؟؟؟؟! وعلى ضوئها ليتابع مسيرته في كتابة الشِّعر! 
وبالمقابل هناك الكثير الكثير ممَّن يستسهلون كتابة قصيدة النَّثر، ويكتبونها على أساس أنّها لا تحتاج إلى الوزن والقافية ويأخذون إمتدادهم في رصف الكلمات على أساس أنّهم يكتبون قصيدة نثر، فنجد أنفسنا أمام كلام أقل من عابر، بل كلاماً فضفاضاً لا نكهةً فيه ولا روح الشّعر فيه، ولهذا أعتبر قصيدة النَّثر أو النّص النّثري من هذا المنطلق من أصعب القصائد، بما فيها القصيدة العموديّة، لأنّها لا تعتمد ولا تتَّكئ على الوزن والقافية، بل تعتمد على روح الشِّعر، بعيداً عن الوزن والقافية وتنطلق من حبق الشِّعر الصَّافي والخلّاق، فالجّملة الشِّعريّة أولاً وقبل كلّ شيء يجب أن تكون تحديثيّة وجديدة وتتضمَّن صوراً خلّاقة غير مطروقة من قبل شعراء آخرين بأيِّ نوع من أنواع الشِّعر وخاصّة الشِّعر الحديث، لأنَّ قصيدة النَّثر سمّيت بالقصيدة الحداثويّة لأنّها تتضمّن التّحديث والتَّجديد، فأين الحداثة والتّجديد والإبداع الصَّافي إنْ لم تتضمَّن هذه التّحليقات الإبداعيّة في الصُّور الشِّعريّة الحديثة والجّديدة وغير المطروقة من قبل؟! 
لهذا نجد الكثير ممّن يكتبون الشِّعر سواء العمودي أو التَّفعيلة أو الحديث ولا يستطيعون كتابة هذه الأجناس الشّعريّة ومع هذا يتنطّحون لكتابة الشّعر، وقد نسى هؤلاء أنّ لكتابة الشِّعر خصوصيّة رهيفة للغاية والشِّعر كائن فريد من نوعه لا يشبه إلا ذاته، وذاته الشّاعريّة هي الشّعر الخلّاق والفريد من نوعه، فأنصح الَّذي لا يستطيع كتابة الشِّعر العمودي أن يتعلّم أصول وقواعد وبحور الشِّعر ثمَّ يكتب نصّه على ضوء هذه القواعد والأسس، فهناك آلاف الشُّعراء الحقيقيين يستطيعون كشف عوراته وخلخلات شعره، ويتوجَّب على مَن يكتب شعر التَّفعيلة أيضاً، أن يكون ملمّاً بهذا النَّوع من الشِّعر كي تولد القصيدة بطريقة تناسب عوالم هذا الجّنس الشّعري الرّفيع، وما ينسحب على هؤلاء ينسحب على شعراء قصيدة النَّثر أيضاً، لهذا على كلِّ مَنْ يكتب قصيدة النَّثر أن يطّلع على مئات الدَّواوين الشِّعريّة لكتّاب قصيدة النَّثر الكبار، ثمَّ يكتب عن خصوصيّته كشاعر وعن تجربته وحداثته وتجديده، فلا يمكن لشخص متخلّف حتّى النِّخاع في الكثير من قضايا الحياة المعاصرة وليس له أيّة علاقة بمدنيّة وحضارة العصر وحداثة وتجديد الحياة المتسارعة أن يكتب نصَّاً شعريَّاً حديثاً، لأنّه سيكتبُ نصَّاً في قالب قصيدة النَّثر لكنّه شعر متخلِّف من حيث المضمون ومن حيث الرُّؤية ومن حيث البناء الفنِّي للنص الحديث، ولا أقصد أن يقلّد الغربي ويصبح غربيَّاً في فضاءاته الشِّعريّة، إطلاقاً لا، لكنِّي أقصد أن يحمل فكراً تنويريّاً عصريّاً حضاريَّاً متقدِّماً، وينظر إلى الحياة من منظور جديد ورؤية خلَّاقة في الجَّمال والعطاء والحبّ والإبداع، فهل من المعقول مثلاً أنْ يكتبَ شاعرٌ ما قصيدة عن الحبِّ والرُّومانسيّة والعشق ولا يؤمن بالإختلاط بين الجّنسَين في المجتمع والمدرسة والجّامعة والحياة؟! هل من المعقول أن يمطر علينا شاعر ما نصّاً شعريّاًعن العشق والهيام والحبِّ ولم يشاهد شابّة في حياته وجهاً لوجه وجالسها وحبّها وعشقها، ألا يكتب لنا شعراً من محض خياله ومن محض أوهامه المتصدّعة؟! 
الشِّعر ينبعُ من رؤانا وتطلُّعاتنا وآفاقنا وثقافتنا وتجاربنا الغزيرة في الحياة، وكلَّما كانت هذه المناحي غائبة وضامرة وغير متوفِّرة لدى الشَّاعر، نراه يكتب قصيدة نثر مهلهلة ومتصنِّعة وبعيدة كلّ البعد عن الرُّؤية الشِّعرية الخلّاقة، لأنَّه لا يمتلك أدوات هذه القصيدة الفريدة والجَّديدة والحداثويّة، فكلُّ ثقافة تعكس رؤية شعريّة معيّنة، لهذا أؤكِّد على ضرورة أن يتحلّى الشّاعر الَّذي يكتب قصيدة النَّثر رؤية بانوراميّة شاملة وعميقة في الفكر المعاصر والتَّنوير والتَّطوير والمدنيّة والدِّيمقراطيّة والعدالة والمساواة بين الجّنسَين وبالتالي يتمخّض من رحابة رؤياه الفسيحة والعميقة في الحياة، نصّاً شعريّاً حداثويَّاً! وممكن جدَّاً أن يكون لدى كاتب قصيدة النَّثر كلّ هذه الرُّؤى والأفكار والتَّطلعات والميّزات لكنّه غير قادر على كتابة الشِّعر سواء كانت قصيدة النّثر أو أي نوع من أنواع الشِّعر، لأنّه يفتقر للموهبة الشِّعريّة لهذا نحن إزاء منعطف هام وهو ضرورة أن يتوفَّر لدى الشَّاعر عنصر الموهبة ويصقل موهبته خطوةً خطوة، كما يستحسن مَنْ يكتب شعراً أن يكونَ قد قرأ كثيراً وكثيراً جدّاً، كي يشكِّل لنفسه أرضيّة غنيّة في قواعد وأصول الشِّعر، ويدقِّق ويمحّص ويعيد ما يكتبه عشرات المرّات، كي يخرجَ بنصٍّ عميق وجميل وفيه كل ما يستلزمه الشِّعر مع أهمّية توفّر الموهبة والخيال الإبداعي لديه! .. 
ولا يمكن للشاعر والقاص والكاتب والرِّوائي المبدع أن يصبح شاعراً وقاصَّاً وكاتباً وروائيّاً مبدعاً إلا إذا كان ناقداً دقيقاً وحصيفاً وموضوعيّاً لذاته قبل أن ينقده غيره وهذه القدرة على نقد ذاته أيضاً تتطلَّب قدرات عالية وعالية جدَّاً، كي يستطيع نقد ذاته ووضع ذاته في المسار الصَّحيح والدّقيق لما يصبو إليه، وهذا السُّؤال يتطلَّب الكثير من المعلومات والخبرات والتَّقنيات الأدبيّة والثَّقافيّة، ممّا لا يسمح المجال هنا للدخول في تفاصيلها، ولكن جوهر الإبداع ينحصر في أنْ يلمَّ الكاتبُ إلماماً عميقاً فيما يتطلَّب الجَّنس الأدبي الَّذي يكتبه ولديه معرفة عميقة بتقنيّاته وأدواته الفنّيّة، وإلا ستكون نصوصه وكتاباته زبداً فضفاضاً يطفو على هامش توهّجات الإبداع!

أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef56@hotmail.com               

بكاءُ الأيَقونَاتْ والنجمُ الوَاعد/ خالد الأسمر

(اذا هبت أمراً فقع فيه، فإن شدة توقيه أعظم مما تخاف منه). الأمام علي

ركبت البحر رهواً
قادني اليمام اليك،
من بين أعمدة شاهقة
في اليم وغلالة صدى،
وصرير ريح بارد،
أبرقت وسناً.

مليك الموج تتهادى
كما يليق بعاشق،
أوشك ان اعانقك،
لولا ومضة لحظك،
وصراخ النوراس،
وبكاء الأيقونات،
وقهقهة عرائس الأعماق،
أمسك بصارية السفينة بقوة،
خوفاً وطمعاً بك،
أرديك عني لأداري
صوتك الهادر.

ارتشف وجعك وأضمك،
أشتهي جزيرة تأوينا،
تداعب أناملنا، تشفينا،
تسعفنا بسعفة تيم تليد،
تلد بيننا أقماراً بنفسجية.
لقد وصلنا بعد كل هذا
التيه، فأسكبي يا سماء
لنا مطر وردي وعطر.

هذه القلوب مالت 
ولا تدور ألا في مسارات
الشهد.
لنا شهادة العشق،
ولكم ما يتسرى من نسائمنا
ان اقبل النجم الواعد.

ديمقراطية شعب/ ليلى حجازى

أصبح من الظاهر لكل مواطن مصرى بان الإصلاح ليس عملا سياسيا فحسب بل عمل حضاري شامل يتناول المفاهيم والأفكار 
وان الإصلاح الديمقراطي الحقيقي شيء مطلوب ومرغوب، والشعب المصرى  الآن وفي هذاالوقت  بعد قيام ثورتين متتاليتين فى وقت ليس بكثير.وبالتالي شكلت هذه الثورتين الداعية    للتغيير السياسي زعزعة لبنية الدولة التسلطية في مصر ، و كان لها دور فاعل في إحداث التغيير السياسي في المنطقة العربية بل والعالم بأثره
هذا بالإضافة إلى أن الإصلاح  وتحقيق الديمقراطية عملية مستمرة باستمرار . ذلك أن معالجة معوقات النهوض وبالذات في الإطار الاجتماعي لا يمكن أن يحددها سقف زمني محدد وذلك بكونها تمس القيم والأفكار وطرق التفاعل الاجتماعي فى المجتمع، ومن ناحية أخرى انه لن يأتي الوقت الذي يتم فيه معالجة كل شيء. لكن المهم في كل مرحلة التشخيص العلمي  والسياسى للواقع وتبيان المشاكل والإشكالات التي في بعض الأحيان تعبر عن حالة الأزمة والتي تتطلب فعلا إصلاحيا جذريا وسريعا وخصوصا عندما تكون المشكلة القائمة تهدد وحدة وسلامة المجتمع ويمكن أن تجره  الفوضى والاحتراب مما يسهل على الخارج قدرته على الهيمنة والتحكم بمصائر المجتمع. من جانب آخر، فلا بد من فهم  أن الإصلاح عملية صعبة ومعقدة وتحتاج إلى نفس طويل.. ذلك أن الإصلاح ليس عملية ارادية تحدث بمجرد الرغبة في تحقيقها بل هي عملية شاقة وطويلة 
  ومن ثم أصبح  المواطن المصرى أكثر إطلاعا وأوسع آفاقا، وعلى علم بكل ما يجري في العالم من أحداث، وبالتالي أكثر معرفة بواجباته وأكثر مطالبة بحقوقه، لذلك فانه لا يقبل بأقل من أن يأخذ حقوقه كاملة غير منقوصة 
فى الاهداف التى قامت من اجلها الثورة. وهذا لا يتحقق بسهولة ولكن يحتاج الى طريق طويل من الاصلاح . واول هذا الاصلاح الاصلاح الفكرى للمواطن عن طريق التوعية من الاعلام وجميع المنافذ الثقافية فى المجتمع.
ومن ثم الاصلاح والديمقراطية  بالنسبة للشعب المصرى  الآن لم تعد فقط  أسلوب الحكم، بل ممارسة سلوكية وطريقة الحياة، فالاصلاح  السياسي أيضا له مقومات أهمها البعد التشريعي، فلا ديمقراطية  وأصلاح بدون قوانين عصرية حديثة تراعي متطلبات التحديث والعصرنة ورغم أن العبرة ليست بالقوانين بل بدرجة تطبيقها والالتزام بها، لكن غياب القوانين الديمقراطية أسوء بكثير من وجودها مع عدم الالتزام بها. فالمطالبة باتخاذ التشريعات أكثر صعوبة من المطالبة بتفعيلها. كما أن لكل مجتمع خصوصيته وتركيبته وظروفه الاجتماعية و
فإجراءات الإصلاح التي  يؤمن بها الشعب المصرى  تكمن بالمشاركة الفعالة للمواطن، فى الانتخابات بإقرار القوانين التي تحميها، وتطبيق سيادة القانون ويأخذ بعين الاعتبار  توصيف القوانين التى تنحاز لصالح الطبقات الفقيرة ولا تقنن المزيد من  الربح والاحتكار .ايضا القوانين التى يجب ان تنصف الاطراف الضعيفة فى المجتمع .على سبيل المثال  (المرأة المعيله والطفل والمعاقين 
، ومحاربة الفساد، وإقرار مبدأ اللامركزية بهدف توزيع عادل للسلطة ولمكاسب التنمية على مستوى الإقليم. فان الديمقراطية هي مفتاح الترتيبات لمفهوم الإصلاح بمعنى أن حرية التعبير هي إحدى أدوات الديمقراطية فإذا لم يكن حرية للتعبير فكيف  للحكومة المصرية  أن تتعرف على الخلل لتقوم بإصلاحه وكذلك الرقابة، فالرقابة على أداء الحكومة من أدوات الاصلاح والدبمفراطية  فإذا  لم يكن هناك رقابة فكيف للحكومة أن تقوم بعملية التقييم والتقويم وتحاسب  المقصرين، فالديمقراطية أفضل آلية لتحرير المجالات والقدرات لتساعد المجتمع والدولة على التغيير للأفضل، فالديمقراطية  غاية وليست وسيلة كما في عبارات الإصلاح لترقية العمل السياسي والاجتماعى في النظام الحاكم الذي يعد بمثابة القلب إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله. لذا  الاصلاح والديمقراطية تمثل ارادة  كل فرد وفق 
مبادئ وقيم والحكم العادل المبني على الاستحقاق والجدارة

كذبة تحرير الجنوب اللبناني عام 2000/ الياس بجاني

باختصار شديد ومن دون مسايرة أحد وبضمير مرتاح نقول بصوت عال إن كل سياسي أو رجل دين أو مسؤول أو مواطن لبناني كائنا من كان يدعي باطلاً أن “حزب الله” الإرهابي والإيراني والغزواتي هو حرر الجنوب سنة ألفين, وأن هذا الحزب الدموي هو من مقاومة وممانعة ومحرر, هو إنسان غير صادق ومنافق ويغش ويخدع نفسه قبل أن يغش ويخدع الآخرين.
من هنا إن كل من يحتفل في 25 من الشهر الجاري بما يسمى باطلاً وتزويراً “عيد التحرير” الذي فرضه المحتل السوري خلال حقبة احتلاله للبنان على الدولة اللبنانية بالقوة والتخويف, يجافي الحقيقة, ويسوق بفجور وإبليسية للمحتل الإيراني, ويغض الطرف عن إجرام “حزب الله” في لبنان وسورية والعراق واليمن وباقي كل الساحات العربية والإقليمية والدولية التي يحارب فيها ويمارس اعمالا ارهابية نيابة عن ملالي إيران وخدمة لمشروعهم التوسعي والمذهبي والإمبراطوري.
كما أن كل من يحتفل بهذا العيد النفاق هو عملياً خانع وراضي وموافق على احتلال “حزب الله” للبنان, وبالتالي متخل عن سابق تصور وتصميم وبجبن وقلة وجدان وضمير عن كل ما هو لبناني من سيادة وحرية واستقلال وحضارة وتاريخ وهوية ورسالة وتعايش وحقوق.
نقول لكل مكونات “14 آذار” تحديداً خصوصا تيار المستقبل بكل تلاوينه: كفاكم مسايرة وتنازلات لـ”حزب الله” وخافوا الله واشهدوا للحق والحقيقة, وأعلنوا صراحة وعلنية إنكم ضد الاحتفال بهذا العيد النفاق, وان “حزب الله” قوة احتلال إيرانية وهو لم يحرر الجنوب ولا هو لبناني أو من النسيج اللبناني, بل قوة إرهاب تحتل لبنان وتهيمن بالقوة والمال والتمذهب على الطائفة الشيعية وتعزلها عن باق الشرائح اللبنانية وترسل شبابها ليموتوا في سورية دفاعاً عن نظام دمشق الكيماوي.
بربكم كيف يكون في مفهومكم الوطني والإيماني من غزا بيروت والجبل واعتبر هذه الغزوات الدموية أياما مجيدة هو محرر ومقاوم وتحتفلون معه وتسوقون لإعماله؟
هذا العيد النفاق يجب أن يلغى وفي الوقت نفسه يحاكم كل مسؤول وسياسي ورجل دين وافق على جعله عيداً رسمياً.
وعلى كل من يخاف الله ويوم الحساب الأخير ويحترم نفسه وصاحب ضمير حي من المسؤولين اللبنانيين الزمنيين والدينيين أن يعطي أهلنا اللاجئين في إسرائيل منذ العام 2000 حقهم بعدل وإنصاف, أولاً باعتبارهم أبطالا ومقاومين, وثانياً العمل على عودتهم المشرفة إلى لبنان من دون محاكمات أو أي إجراءات قضائية مذلة.
عملياً وواقعاً “حزب الله” لم يحرر الجنوب, بل هو يحتله وقد حوله إلى مستعمرة إيرانية, وقد هجر أهله ومن بقي منهم فيه حولهم رغماً عن إرادتهم إلى أكياس رمل وصادر حريتهم وقرارهم.
في الخلاصة إن اللبناني المؤمن وصاحب الضمير الحي, وإلى أي مذهب أو دين انتمى لا يمكنه أن يجمع ما بين الخير والشر, والحقيقة والتزوير في الوقت نفسه.
في الخلاصة, الكل اليوم في لبنان متخوف من مواجهة “حزب الله” عسكرياً, في حين أن جيش لبنان الجنوبي هو وحده من واجه هذا الحزب عسكرياً لسنين طويلة ومنعه من دخول ما كان يسمى في حينه الشريط الحدودي. من هنا على الجميع عدم النسيان أن ما يعجز عنه اليوم كل من يعارض “حزب الله” كان جيش لبنان الجنوبي قد قام به ببطولة ووطنية وقدم مئات الشهداء الأبرار, ومن عنده آذان صاغية فليسمع ويتعظ.

دورى الربيع العربى/ الدكتور ماهر حبيب

بمناسبة تصفيات كأس الربيع العربى تحت رعاية شركة بومة أوباما مازالت المباريات تجرى بواسطة تحكيم متحيز ومرتشى ولا يريد أن يحكم بالعدل ولكنه يمد المباريات بوقت إضافى غير مبرر وذلك لإتاحة الفرصة لأصحاب صاحب الكأس الحاج أوباما بن لادن البغدادى على أمل أن ينتهى الدورى بفوز كل الفرق التى يريدها البومة أن تكسب.

وعندما بدأت التصفيات الأولية لمباريات الربيع العربى إنتهت كل مباريات الدور الأول بالهزيمة لكل الدول التى تلاعب فريق الربيع العربى فكانت النتائج 6/ صفر حيث إنهزمت العراق وإنهزمت سوريا وإنهزمت اليمن فى التصفيات الأسيوية وإنهزمت مصر فى الجولة الأولى كما إنهزمت ليبيا وتونس فى التصفيات الأفريقية بهزيمة ساحقة فتصور الجميع أن دورة الإعادة ستنتهى بنفس النتائج وتخرج تلك الدول من التصفيات العالمية فلا تعود تظهر فى المجتمع العالمى بعد محوها بأستيكة بواسطة فريق الربيع العربى المدعوم بالمال الأمريكى والكوتش الأمريكانى أوباما ومساعدته كلينتون والتى تم إستبدالها لإصابتها بأعراض سن اليأس والألزهايمر بالمدرب المساعد كيرى.

ثم جاءت دورة الإعادة فتأكدت هزيمة العراق ب ثلاثة أهداف متباعدة أحرزهم مهاجم الربيع العربى أحمد سنى وعلى شيعى وبرزانى الكردى لينتهى الجيم العراقى الذى خرج ممزقا ومقطعا وفاقدا للأمل فى عودته مرة أخرى للتصفيات.

وتكررت الهزائم للفريق اليمنى والسورى وإن كان الفريق السورى مازال يلعب فى الوقت الضائع ويحتاج لمعجزة لتسجيل عشرة أهداف فى خمس دقائق بعد أن إحتسب الحكم الأمريكانى 11 هدفا من تسلل واضح رغم إعتراض المساعد الروسى الذى يشارك فى الماتش ولكنه لا يمتلك الصفارة أما اليمن فقد تم إحتساب المبارتين لصالح الربيع العربى والقاعدة وذلك لثبوت تعاطى اللاعبين القات السياسي.

أما فى ليبيا فقد إنتهت المباراة بهزيمة ساحقة للدولة الليبية ونظرا لإفتقار الليبين للخبرة والحنكة الدولية بعد أن منع عنهم القذافى أى معسكرات خارجية للتدريب وتم تجميع الفريق من عواجيز الفرح فتمت الهزيمة رايح جاى بعشرين هدف دون رد مما إستدعى الحكم الأمريكانى ومساعده الأوربى بإعلان فوز فريق القاعدة وداعش لعدم التكافؤ ومنح أبو مصعب الليبى كأس الربيع العربى على جثة القذافى المدير الفنى الخايب للفريق الليبى

أما فى تونس فبعد هزيمة غير متوقعة فى المباراة الأولى واحد صفر تم تغيير المدرب بمدرب عجوز إسمه السبسى إستطاع أن ينهى المبارة بخمسة أهداف نظيفة ليفوز الفريق التونسى ويخرج فريق الربيع بهزيمة نكراء ليثبت السبسى أن الدهن فى العتاقى

أما فى مصر فقد إنتهت الجولة الأولى بفوز فريق الإخوان والمدعوم بعناصر سلفية ونوشتاء سياسيين بخمسة أهداف نظيفة مما أعطى الإحساس بهزيمة فريق الدولة المصرية فى جولة الإعادة ولكن الشعب المصرى إستبدل المدرب النمساوى البرادعى بمدرب وطنى إسمه السيسي والذى أشعل حماس اللاعبين المصريين وإستطاع أن يقلب الطاولة على الفريق المنافس وأن يحرز 3 أهداف فى الشوط الأول وأن يحرز هدفين فى الشوط الثانى وفى الوقت الإضافى تصعبت المبارة حيث قام الحكم الأمريكانى أوباما بطرد 3 لاعبين مصريين دون سبب ومنع صرف المية المعونة المقررة للاعبين كى يعطشوا ليمنع المصريين من الفوز وأخذ يذيع الأغانى بميكرفونات قناة الجزيرة لبث الرعب فى قلوب اللاعبين المصريين و قد سجل الإخوان هدفا فى بداية الشوط الأول الإضافى فتكهرب الماتش وظهر وكأن الإخوان سيكسبون إلا أن الفريق المصرى سجل 3 أهداف متتالية لتصبح النتيجة 8/ 7 فجن جنون الحكم فإحتسب 5 ضربات جزاء صدهم الحارس المصرى جندى مجند مصرى إبن مصرى فهاج الحكم وأطلق عليه النار لقتله لكنه يتحامل على نفسه لتكملة المباراة ومازال الحكم الأوبامى يمد فى الوقت الضائع أملا فى أن يحرز الإخوان هدفا يحتسب بإثتنين فينهزم الفريق المصرى ويخرج من التصفيات إلا أن الجنود المصريين ثابتين بقيادة المعلم السيسي وسيخيب أمل أوباما وسينكسر فريق الربيع العربى الخائن على صخرة مصر كما تحطم على شواطئ تونس  ليتحد السبسى مع السيسي ويجيب نقطة للإخوان وراعيهم الحاج أوباما منظم دورى الربيع العربى

بطرس عنداري: ما زال القلم يبكي في ذكرى رحيله الثالثة/ سركيس كرم

(ما زال القلم يبكي في ذكرى رحيله الثالثة)                 
في ذكرى رحيله الثالثة أعيد نشر بعض ما ورد في مقالتي التي حملت عنوان "ويرحل أبو زياد ليبكي القلم" كعربون وفاء للراحل الاستاذ بطرس عنداري وذكراه الطيبة: عندما ألتقيته للمرة الأولى في مكتبه في دالويتش هيل منذ ما يناهز الـ28 عاماً، تعرفت عن كثب على كاتب مخضرم تلونت شخصيته باخضرار واقعيته وطيبته "القروية" وصراحته المتوازنة وبساطته العميقة بفلسفتها الحياتية. ومنذ ذلك الحين، زادتني الظروف معرفة بابي زياد وفكره وشخصيته وصفاته التي ضاعفت من احترامي له ومحبتي. فبطرس عنداري واثق من نفسه، حضوره محبب، راسخ في مبادئه، واضح في نظرته، هادئ، خفيف الظل، واسع الاطلاع والثقافة، جريء من دون حوربة، يكره الجدل العقيم، قليل الكلام عندما لا يروق له اسلوب النقاش وسخريته المهذبة لا توفر الكثيرين.

قد تكون "مشكلة" بطرس عنداري حينها انه لم يعشق مواقع قيادية مصطنعة ليست سوى وجاهات فارغة من اي مضمون مفيد، لذلك حافظ على ثورية تفكيره وارادته الساعية الى تغيير مفاهيم موبوءة أدت الى تفتيت المجتمع وشل قدراته. و”مشكلته” الاخرى كانت تكمن في كونه لا يحب المجاملة ولا يجود في توزيع شهادات المديح والاطراء على الاصحاب والزملاء والرفاق في سبيل تببيض الوجه. وبطرس عنداري لم يكتب الا من اجل رسالة تطوير المجتمع وتحسين احواله، وهو الذي لم يتردد طوال حياته في مد يد العون الى كل انسان موهوب وتشجيعه على ابراز ما يختزنه من مواهب وارشاده الى الدرب السليم مانحاً إياه الثقة والاحترام والصداقة الصادقة.
*****
ترحل يا ابو زياد لكننا لن ننساك وكيف لنا ذلك وما زالت جلساتنا معك راسخة في عمق أعماق وجداننا. أذكرك يا أستاذي وانت كنت أول من دعمني ونشر لي مقالة في صحيفته، وانت من كان لي شرف العمل معه في الجبهة العالمية لتحرير لبنان ولا سيما في إعداد "الملف اللبناني" الى العديد من المجالات الثقافية. وكيف أنسى فضلك في الأشراف على كتابي "يوسف بك كرم الأمير الثائر" وتقديم كتابي "تجربتي مع التيار". وكيف لي ان أنسى ارشاداتك التي ساهمت في تطوير عملي في الشأن العام.  تترجل يا استاذ بطرس، يا فارس الكلمة الراقية، لكنك ستظل دوماً في القلب وفي البال، وستظل أقلام الوفاء والانسانية تكتب اسمك ومسيرتك بأحرف النور والمعرفة التي كرّست حياتك من أجلها. 
*****
(لمحة عن تاريخ أهدن)
يطلق الأديب الدكتور جميل الدويهي في ملبورن كتابه الجديد "لمحة عن تاريخ اهدن –  المعارك الأكثر أسطورية التي خاضها الأهدنيون" وهو الكتاب الثاني للدويهي باللغة الانكليزية. وذلك مساء هذا الأحد 24 ايار 2015 الساعة الثالثة مساء في قاعة كنيسة سيدة لبنان، ثورنبيري، ملبورن. نتمنى حضور ولقاء جميع محبي الكلمة الأدبية المتميزة برونقها الثقافي المتجدد.
*****
(جمعية بطل لبنان الزغرتاوية)
تهانينا القلبية للاستاذ جوزيف المكاري على إعادة انتخابه رئيسا لجمعية بطل لبنان يوسف بك كرم الزغرتاوية اوستراليا. وتهانينا ايضاً للهيئة الادارية الجديدة مع أحر تمنياتنا بأن تحقق الجمعية المزيد من التقدم والنجاح. لقد أثبت جوزيف المكاري في عامه الأول كرئيس للجمعية الزغرتاوية جدارته في العمل المؤسساتي البناء الرامي الى رفع أسم الجالية محققاً نجاحات متعددة على هذا الصعيد، ومما لا شك فيه أنه سيواصل مسيرته المثمرة مثلما بدأها بإلتزام وحرفية وتألق. 

الإعلام في خدمة من وماذا؟/ صبحي غندور

تحوّل الإعلام في السنوات الأخيرة إلى صناعةٍ قائمة بذاتها، بل إلى مؤسسات تجارية كبرى مثلها مثل باقي الشركات والمؤسسات المالية التي تتحكّم في كثيرٍ من اقتصاديات العالم.
ويكفي الإشارة إلى أمثلة محدّدة حتّى ندرك خطورة ما يحدث على صعيد الإعلام وانعكاسه على بلادنا العربية وقضاياها المتعدّدة. فروبرت موردوخ، مثلاً، وهو من أصل أوسترالي ومعروفٌ بتأييده الكبير لإسرائيل، يملك امبراطوريةً إعلامية كبيرة تشمل الولايات المتحدة وبريطانيا وأوستراليا وأكثر من خمسين بلداً في العالم. وتضمّ إمبراطوريته، عدّة صحف ومجلات ودور نشر وشبكات تلفزيونية وشركات سينمائية معروفة عالمياً، كشركة فوكس (Fox) للقرن العشرين، وخدمات على الكمبيوتر للمعلومات.
مثالٌ آخر، شركة جنرال إلكتريك في أميركا، وهي نفسها مالكة لشبكة NBC ولعددٍ آخر من وسائل الإعلام الإذاعية، أمّا شركة "والت ديزني" فقد حازت منذ أكثر من عقدٍ من الزمن تقريباً على ملكية شبكة ABC الإخبارية المشهورة في أميركا..
طبعاً هذه الشركات لها مصالح وسياسات خاصّة داخل أميركا وخارجها، وهي تلعب دوراً كبيراً في صنع السياسة الأميركية وفي ترشيح العديد من الأشخاص للمناصب الحسّاسة في الولايات المتحدة. لذلك من المهمّ التساؤل عمّا يخدمه الإعلام وليس فقط عن من يملكه. 
فالإعلام، في أيّ مكانٍ أو زمان، هو وسيلة لخدمة سياسة أو ثقافة أو مصالح معيّنة. لذلك كان نشوء الإعلام العربي في مطلع القرن الماضي انعكاساً لصراعات السياسات والمصالح والمفاهيم التي سادت آنذاك. ولذلك وجدنا أنّ الدول الغربية الفاعلة آنذاك – خاصّةً بريطانيا وفرنسا- حرصت على موازاة تأسيس الكيانات العربية الراهنة، واحتلال بعضها، بتكوين مؤسسات إعلامية، تخدم الطروحات الثقافية الغربية وتعزّز أعمدة التقسيم الجغرافي الجديد للمنطقة. من أجل ذلك كانت الحاجة الغربية لمنابر إعلامية، ولأدباء وكتّاب لا ينتمون فكرياً وثقافياً إلى المدافعين عن "الهويّة العربية". فالغرب أدرك أنّ تجزئة المنطقة العربية، عقب الحرب العالمية الأولى، تتطلّب محاربة أي اتّجاه وحدوي تحرّري عربي مهما كان لونه، تماماً كما أدرك الغرب في مرحلةٍ سابقة أنّ إسقاط الخلافة العثمانية ووراثة أراضيها يستدعي إثارة النعرات القومية بين الأتراك وغيرهم من المسلمين في العالم. لهذا تميّزت الطروحات الثقافية لمطلع القرن العشرين بألوان قومية أولاً (في تركيا وفي البلاد العربية) مدعومةً من الغرب، ثمّ جرى الفرز الغربي فيما بعد بين تعزيزٍ للطرح القومي التركي وبين محاربةٍ للطرح القومي العربي بعد أن استتبّ الأمر لبريطانيا وفرنسا في المنطقة وأُقيمت الحدود والحواجز بين أبناء الأرض العربية الواحدة.
وفي المرحلتين، استهدِفت أيضاً الهُويّة الحضارية الإسلامية لأنّها تعارضت مع المشروع الغربي الاستعماري بوجهيه (هدم الخلافة العثمانية أولاً، ثمّ بناء الكيانات العربية الإقليمية والسيطرة عليها بشكلٍ لا يسمح بوحدتها في المستقبل). 
وأشدّد هنا على وجود المرحلتين في السلوك الغربي مع العرب لأنّ البعض يتجاهل هذه الحقيقة ويحصر انتباهه في المرحلة الأولى فقط، أي مرحلة إثارة المشاعر القومية العربية قبل سقوط الخلافة. وأذكر في هذا السياق، على سبيل المثال لا الحصر، ما ورد في مقالٍ للكاتب اللبناني المرحوم منح الصلح في صحيفة الحياة (19/11/1993) حيث جاء فيه:
"صحيفة البشير البنانية كانت وثيقة الصلة بالمفوض السامي الفرنسي على لبنان، وقد أشارت في أكثر من مقال صيف عام 1937 إلى ابتهاجها وغبطتها بوجود بوادر يقظة للتثقيف بالثقافات الأصيلة القديمة، مشيرةً إلى الثقافة الفرعونية في مصر والإسرائيلية في فلسطين والفينيقية في لبنان".
وأشير أيضاً إلى مجلة "المقتطف" (تأسّست في بيروت سنة 1876 ثمّ انتقلت إلى القاهرة سنة 1885 واستمرّت حتّى سنة 1952)، وقد أصدرها يعقوب صرّوف وفارس نمر بتشجيعٍ وإشراف من الدكتور كورنيليوس فان دايك عضو "الإرسالية المسيحية في بيروت"، التي أصبحت تُعرف فيما بعد باسم "الجامعة الأميركية". والدكتور فان دايك كان عضواً في الإرسالية ومدرّساً فيها منذ عام 1840، وأنشأ مع بطرس البستاني مدرسةً شهيرة في "عبيه" بلبنان. 
وأجد فيما قاله الدكتور أحمد حسين الصاوي، لدى تعقيبه على بحث الدكتور عبد الله العمر عن مجلة "المقتطف"، خلال ندوة مجلة "العربي" بذكرى يوبيلها الفضي (عام 1984)، ما فيه خلاصة كافية عن كيفية العلاقة بين نشأة الإعلام العربي وبين مصالح الدول الغربية المسيطرة آنذاك على بلاد العرب. يقول الدكتور صاوي:
"المقتطف والمقطّم كانا يمثلان تكتّلاً أو استقطاباً لجبهة واحدة، لأنّ التيّارات المتصارعة آنذاك في مصر اتّخذت شكل الاستقطاب. فمثلاً كانت المدرسة الفرنسية مركزها صحيفة الأهرام، حيث يتكتّل أولئك الذين يدينون بالانتماء الكاثوليكي، وخاصّةً الموارنة. القطب الثاني الذي كانت تمثله المقتطف كان يتمثّل في البروتستانت الذين كانت لهم جذور في ثقافة إنجليزية أو أميركية معيّنة، وهؤلاء كانوا يلتفّون حول المقطّم والمقتطف. فكان المحفل الذي تنتمي إليه المدرسة الفرنسية يختلف تماماً عن المحفل الذي كانت تنتمي إليه المدرسة الإنجليزية".

وهنا أودّ الإشارة إلى مسألتين تجنّباً للتعميم فيما سبق ذكره.
- المسألة الأولى: أنّ الإعلام العربي في مطلع القرن العشرين (وهو هنا إعلام الصحافة) لم يكن كلّه تغريبياً، بل ظهرت مطبوعات عربية كان لها الأثر البالغ في إحياء حركة الإصلاح الديني والدعوة للنهضة الحضارية العربية ("العروة الوثقى" و"المنار").
- المسألة الثانية: أنّ الكثير من الأدباء والكتّاب المسيحيين العرب قد لعبوا دوراً هامّاً في الحفاظ على اللغة العربية وتنقيتها وتخليصها من الشوائب التي لحقت بها في عصور الانحطاط، وكذلك في إعداد مجموعات كبيرة من كتب قواعد اللغة العربية (البستاني، اليازجي)، وكان لهم الفضل أيضاً في استيراد المطابع وتسهيل عمليات النشر والطباعة وتكوين النواة التقنية لمؤسسات إعلامية عربية كبيرة.
***
في النصف الثاني من القرن العشرين، وبعد استقلال الدول العربية عن الانتداب الأجنبي، تميّز الإعلام العربي عموماً بإخضاعه للرقابة الحكومية. وكان لبنان، في تلك الفترة، استثناءً إلى حدٍّ ما على صعيد الحريات الإعلامية خاصّةً في مجال الصحافة. ويمكن القول أنّ حصيلة التجربتين الإعلاميتين في المنطقة العربية (أي الانفتاح الكامل في لبنان والانغلاق الكامل في غيره بشكل عام) لم تساعد في صيانة وحدة المجتمعات العربية أو تذويب الانقسامات داخل البلد الواحد.
إنّ الاستثناء اللبناني في مجال الحريات الإعلامية العربية، خلال عقود ما بعد مرحلة الاستقلال، لم يمنع مثلاً من تفجّر الأزمات السياسية والأمنية داخل هذا البلد، بل على العكس، فالصحافة في لبنان تحوّلت في تلك الفترة إلى سلع تُباع وتُشرى من أطراف عربية ودولية لتكون منابر إعلامية تخدم هذه الجهات في صراعاتها ومشاريعها بالمنطقة العربية.
وللأسف ظهرت في مراحل مختلفة أصواتٌ وأقلامٌ عربية ارتضت أن تكون هي أيضاً عنصراً مساهماً في إشاعة مناخ الانقسام الطائفي والمذهبي بين أبناء الأمّة العربية، فراحت تكرّر تصنيفاتٍ وتسميات كانت في الماضي من الأدبيات الإسرائيلية فقط، فإذا بها الآن تتقدّم التحليلات السياسية لبعض الأقلام العربية، وأصحابها يتنافسون على الفضائيات وعلى صفحات الجرائد فيما يؤدّي إلى مزيدٍ من عوامل الانقسام والانحطاط في أحوال الأوطان والمواطنين!. فكيف يمكن بناء مستقبل أفضل للشعوب وللأوطان وللأمّة ككل إذا كان العرب مستهلكين إعلامياً وفكرياً وسياسياً بأمورٍ تفرّق ولا تجمع!.
هو الآن، في عموم العالم، عصر التضليل السياسي والإعلامي. فالتقدّم التقني، في وسائل الاتصالات والشبكات العنكبوتية وإعلام الفضائيات، اخترق كلّ الحواجز بين دول العالم وشعوبها. وأصبح ممكناً إطلاقُ صورةٍ كاذبة أو خبرٍ مختلَق، ونشره عبر هذه الوسائل، لكي يُصبح عند ملايين من الناس حقيقة. هو أيضاً، كما كان في القرن العشرين، عصر "المال والإعلام"، ومن يملكهما يملك قدرة التأثير على صنع القرارات السياسية. هكذا فعل "اللوبي الإسرائيلي" في الغرب عموماً، وفي أميركا خصوصاً، من حيث تركيزه على المؤسسات المالية والإعلامية في الغرب.
وجيّدٌ أن نجد الآن في المنطقة العربية من يدرك أهمية التفاعل الإيجابي بين الإعلاميين العرب، ومحاولة تجاوز حدود المهنة المشتركة بينهم إلى آفاق التعاون والحوار والتفاعل الدوري، كما يحدث الآن سنوياً في "منتدى الإعلام العربي" بدعوة من "نادي الصحافة" في دبي.     
فمن المهم أن يُعنى الآن المفكّرون والمثقّفون والإعلاميون العرب بحجم مسؤولياتهم في صنع الرأي العام العربي وبالتفكير في كيفيّة الوصول إلى "مشروع نهضوي عربي مشترك"، لا الاكتفاء بالتحليل السياسي للواقع الراهن فقط .. فالملاحظ هذه الأيام في وسائل الإعلام العربية هيمنة التحليل السياسي لحاضر الأمَّة، وأيضاً كثرة عدد "السلفيين" القابعين في ماضي هذه الأمّة، لكن عدد العرب المُعدّين والساعين لمستقبلٍ أفضل لأوطانهم ولأمّتهم، يتضاءل يوماً بعد يوم .. علماً بأنَّ الأمّة التي لا يفكّر أبناؤها لمستقبلها تنقاد لما يفكّره لها الغرباء.. وهاهم الآن في عقر الديار العربية!.


* مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
sobhi@alhewar.com

               

فورولو وعمر تحت ظلال الفقر/ عبد القادر كعبان

من أهم المشاكل التي عاشتها الجزائر قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية حالة الفقر التي أدت الى انخفاض الأجور و تفشي البطالة التي دفعت الكثيرين الى ركوب سفينة الغربة باتجاه فرنسا بحثا عن مصدر لإعالة أسرهم و كانت الهجرة بعينها أمرا شاقا لاسيما لشعب كثير التعلق بأرضه كالشعب الجزائري مما دفع كتاب الجزائر الى دخول عالم النفس الطويل الرواية و أول عنوان أثار الجدل حول تلك المعظلة رواية مولود فرعون الموسومة "نجل الفقير" التي تطرقت الى الفقر كظاهرة تناثرت على جبال القبائل الكبرى أثناء فترة الإحتلال و تعتبر هده الرواية سيرة ذاتية الى حد بعيد تصف طفولة الكاتب و مراهقته.
لم يعرف ضباب الجزائر متعة الطفولة الأولى و كانت أفكارها محصورة نحو الطعام ووسيلة الوصول اليه لذا قلما تخطر على فكرهم عملية الخوض في غمار اللعب و التسلية و كيف يمكنهم مجرد التفكير في ظل ظروف صعبة يعيشها أولياء أمورهم و هكذا نرى منراد فورولو بطل الرواية منشغل بالصعوبات المالية التي يواجهها والده فيستاء الى درجة كبيرة من كلمات معلمه الدي يظن أنه منشغل فقط باللهو و المرح مع رفاقه و هذا ما نجده عند شخصية أخرى برزت بقلم محمد ديب وهي شخصية عمر البالغ من العمر التاسعة فقط دائم الجوع٬ اهتمامه الوحيد ينصب على ايجاد طريقة للحصول على الطعام في رواية "الدار الكبيرة" ولكن عمر بعكس فورولو فهو يشترط على معظم زملائه في المدرسة مقابل توفير الحماية وعدم تعرضهم للمشاحنة من قبل الأولاد الكبار أن يعطوه شيئا من طعامهم و هذا لم يمنعه أيضا من التوجه الى وسائل مغايرة داخل الدار الكبيرة بحثا عن قطعة خبز يأكلها مقابل تقديم المساعدة للجيران.
رغم الفقر المدقع الذي يعيشه عمر نجده لا يتردد في تقديم العون و المساعدة للغير الذين هم بحاجته و لكن بعيدا عن التنازل عن مبادئه و المساس بكرامته كإنسان فقد كان دائم الاعتزاز بنفسه و يأبى أية حسنة يمكن أن تسبب له نوعا من الإذلال أو التحقير و يرضى بما يقدم له فقط بعد الالحاح الكثير من طرف العاطي.
إن كلا من عمر و فورولو يلجآن الى مختلف الوسائل للحصول على الطعام و كان فورولو أكثر حظا من عمر لأنه كان ينتمي لأسرة تميز بين الذكور و الاناث و نتيجة لذلك فقد كان مدللا يحظى دائما بنصيب من الطعام أكبر من نصيب أخواته البنات و مما لا شك فيه أنه كان دائم الجوع على العكس فإن عمر كان الأكثر فاقة و بؤسا دائم الجوع لكنه نجح في ترويض جوعه وعاش معه كرفيق عزيز بل و قد أكسبته تجربة الجوع دراية وفهما لإنعكاسات و مشاعر شعبه الجائع من خلال ما كان يسمعه و يراه داخل الدار الكبيرة و خارجها.
تكشف لنا سيرة حياة كل من محمد ديب و مولود فرعون الأوضاع المالية المقلقة التي عاشتها كلا العائلتين عائلة عمر و عائلة فورولو منراد ومدى واقعية أحداث الروايتين التي عكست بالفعل واقعية الشخصيات بإمتياز.
يمكن أن نختم قائلين بأن كلا من مولود فرعون و الى حد أقل محمد ديب قد تخطيا حدود الخيال من خلال شخصيتين وهما فورولو و عمر حيث وقف كليهما تحت ظلال الفقر و قد عمد الكاتبين الى وصف النضال الجزائري مقابل الحصول على رغيف الخبز اليومي.
*كاتب جزائري

زوبعة في فنجان/ جــودت هوشيار

في اوائل السبعينات من القرن الماضي ، كان لي صديق عزيز ، مهندس من مدينة الحلة ، المدينة ، التي قدمت للعراق ، عدداً كبيراً من خيرة العلماء والمفكرين والأختصاصيين في شتى حقول المعرفة . درسنا وتخرجنا معاً في الكلية ذاتها ، . كنا من عشاق المسرح ، وحين عدنا الى العراق  عملنا معاً في بناء القاعدة الصناعية للبلاد ، ضمن عدد كبير من المهندسين من خريجي الجامعات  الأجنبية . لم يضعف عشقي للمسرح في زحمة العمل ، وكنا نذهب سوية لمشاهدة المسرحيات ، التي تعرض على مسارح بغداد . ولكنني بعد فترة قصيرة ، قلت لصديقي أنني لم أعد اطيق هذه المسرحيات المفتعلة ، التي يعلو فيها صراخ حمورابي ، أو يتحول فيها هاملت الى مهرج يلقي المواعظ . ومنذ ذلك الحين ، ما زلت في حيرة من أمر المسرح العراقي . العراقيون ، أو لنقل ، الكثير منهم ، ممثلون بارعون في الحياة اليومية ، ولكنهم عندما يعتلون خشبة المسرح يتحولون الى مهرجين ، لو شاهدهم  مخرج مسرحي غربي لمات من الضحك .
قلت لصديقي ذات مرة ، وكنا قد شاهدنا تواً احدى المسرحيات الهزيلة على خشبة ( المسرح الوطني ) :
- لماذا لا يستطيع الممثلون العراقيون تقمص أدوارهم في حين أنهم ممثلون ، بارعون في الحياة.؟
قال صديقي لأن التمثيل عل المسرح يتطلب صدق المشاعر ، وقدرة الممثل على التعاطف والمشاركة الوجدانية مع الشخصية التي يمثلها .
ليس المقام في هذا الطرح الدخول في مناقشة حول المسرح العراقي ، بل تشريح المسرحية  ( السياسية ) الفاشلة والزاعقة، التي تعرض هذه الأيام على شاشات الفضائيات العراقية الرسمية وغير الرسمية ، التي تنفذ اجندة غيرعراقية تعمل على تعميق التقسيم الفعلي للعراق 

 حديثنا اليوم عن الضجة المفتعلة المثارة في بغداد ، حول تصريح رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور اوربان عن تأييد بلاده لأستقلال كردستان . الساسة الذين  يتبارون في بغداد اليوم في اصدار البيانات والأدلاء بالتصريحات الديماغوجية ، عن حرصهم على العراق ( الواحد الموحد ) ويعتبرون تصريح رئيس الوزراء الهنغاري تدخلاً في الشؤون الداخلية العراقية ، لم يعترضوا يوماً على التصريحات ، التي أدلى بها مسؤولون كبار في الجارة ايران ، وهي تصريحات تعد  انتهاكاً صارخاً لسيادة الدولة العراقية ، وتدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية .

 بعض هؤلاء صرح بأن بغداد أصبحت عاصمة للأمبراطورية الفارسية ، والبعض الآخر أعلن بأن طهران تحكم اليوم خمس دول ( عربية ) في الشرق الأوسط في مقدمتها العراق ، والأخطر من هذا كله هو تصريح أحد المسؤولين الأيرانيين ، بأن الخط المار على بعد 40 كم من الحدود داخل الأراضي العراقية ، هو الخط الدفاعي الأمامي الأيراني .
ولا يقتصر التدخل في الشأن العراقي على التصريحات الرسمية الأيرانية ، فبغداد نفسها باتت اليوم في قبضة 43 ميليشيا تعمل وفق الأجندة الأيرانية ، ورئيس الوزراء حيدر العبادي ، يتجنب الأحتكاك بهذه الميليشيات  ويحاول كسبها الى جانبه بمدها بالسلاح والعتاد بسخاء ، سواء من رصيد الجيش العراقي أو المرسلة من قبل دول التحالف الدولي الى العراق لمحاربة داعش .
اعلان رئيس الوزراء الهنغاري ، ليس تدخلاً في الشأن الداخلي العراقي ، لأن حق الأمم في تقرير مصيرها ، كبيرها وصغيرها ، مبدأ تقره الشرعية الدولية وتنص عليه قررات الأمم المتحدة .
المتباكون في بغداد اليوم على وحدة العراق ، هم الذين عملوا كل ما في وسعهم على تقسيم العراق بشتى الطرق ، وهم الذين يحاولون اليوم  ، تقديم السنة قرابين على مذبح ( داعش ) ويحاولون منع العوائل السنية من العودة الى المناطق المحررة ، تحقيقاً لسياسة التغيير الديموغرافي. وهم الذين دأبوا على القيام بمحاولات خائبة لخنق اقليم كردستان المزدهر اقتصادياً ، الذي أصبح نموذجاً ناجحاً وفريدا في المنطقة ، يفضح عجزهم وفسادهم وأدائهم السيء .
الشعب الكردي ماض في طريقه ، والعالم المتحضر يقف الى جانبه ، لأنه أصبح الواحة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يسودها الوئام والسلام بين مختلف قومياته وأديانه ومذاهبه ، دون أقصاء أو تمييز . العالم المتحضر يدرك أهمية ذلك ، كما يدرك أن قوات البشمركة البطلة تدافع اليوم ليس عن كردستان والعراق فقط ، بل عن العالم بأسره .

 لنتخيل للحظة ماذا كان سيحدث لو لم تقف قوات البشمركة سداً منيعاً ، امام تقدم ( داعش ) وتمدده ؟ ، قوات البيشمركة هي التي أنقذت كردستان والعراق من دولة الأرهاب الداعشية.
كان الأجدر باصحاب الضجة المفتعلة ، أن يقدموا الشكرلقوات البيشمركة ، التي مكنتهم من الأستمرار في حكم العراق .
 دول التقسيم فشلت في قهرارادة الشعب الكردي المطالب بحقوقه المشروعة ، طوال مائة عام في الأقل ،من عمر الحركة التحررية الكردية ،وصمد الشعب الكردي ، أمام الموجات العاتية  من التتريك والتفريس والتعريب .، وقدم تضحيات بشرية ومادية جسيمة لم يقدمها أي شعب آخر في المنطقة ، وهو لن يفرط اليوم في حقه في تقرير مصيره بنفسه ، ولن تستطيع أي قوة ان تمنعه من التمتع بهذا الحق .
الشعب الكردي اليوم ليس وحده في الميدان ، بل معه كل أحرار العالم . ثم أن العالم تغيّر وتحوّل الى قرية كونية يعلم كل من فيه ، كل ما يجري فيه ، وأصبح من المستحيل تكرار حماقات صدام ، لأننا نعيش اليوم في زمن يؤمن فيه المجتمع الدولي المتحضر بمباديء  التعايش السلمي والحوار وباحترام ارادة الشعوب وحقوق الأنسان .
 .
الضجة المثارة في بغداد ، حول تصريحات (اوربان ) ليست سوى ( زوبعة في فنجان ) . وهذه الحقيقة يعرفها حق المعرفة أصحاب هذه الزوبعة قبل غيرهم . واوربان ليس وحده من يعترف بحق الشعب الكردي في الأستقلال ، بل أن ثمة عدداً كبيراً من رؤساء الدول  والساسة والمفكرين الغربيين ،الذين  لا يقلون حماساً عن اوريان في تأييد حق الشعب الكردي في العيش حراً في وطنه. 

على أولي الأمر في بغداد أن يدركوا قبل فوات الأوان ، ان زمن فرض هيمنة مكون واحد على كردستان والعراق ، قد ولى الى الأبد ، وعليهم مراجعة سياستهم الخاطئة ، التي جلبت الويلات للعراق  ، وكلما كان ادراكهم لضرورة هذه المراجعة أسرع ، كان ذلك في مصلحة العراق عموما ومصلحة الأخوة الشيعة العراقيين في المقام الأول .

حكومة سيرك لتحضير الانتخابات القادمة/ نبيل عودة

عملية ولادة قيصرية. هذا هو  الانطباع العام عن حكومة نتنياهو الرابعة. غير ان المولود جاء مشوها ولا يبدو انه ابن معيشة. حتى اسما رسميا (برنامج حكومة) لم تكن له ضرورة، لسبب يمكن تأويله انها حكومة لزمن لن يكون إلا لتحضير الانتخابات القادمة.. أو لأن تركيبتها الهجينة سياسيا تجعلها حكومة "تصفية آخر الموسم" !! 
حكومة ستبيع وعودا بلا رصيد. كل من هدد استلم منصبا وزاريا، حتى أيوب القرا صار نائبا للوزير، رغم انه يستحق حسب رأيي ان يكون وزيرا هاما، مثلا وزيرا للخارجية. ان استعراض أسماء وزارة نتنياهو تكاد تكون استعراضا لتشكيل سيرك للألعاب البهلوانية!!
خطاب نتنياهو كان فارغا من أي مضمون سياسي، متجاهلا واقع دولة تتعرض للمقاطعة متعددة الأشكال، ونقدا دوليا واسعا ضد نهجها ألاحتلالي. ان عدم تقديم نتنياهو خطوطا عريضة لسياسة حكومته، قد يكون ساهم بإنجاح تركيبة السيرك الوزاري، وأنقذه من الإدلاء بتصريحات مثل ان "دولة فلسطينية لن تقوم ما دام هو رئيسا للحكومة"، وتراجعه رسميا في الكنيست في خطاب عرض حكومته، عن مقولته الاحتلالية الشهيرة تلك، ليرضي واشنطن رسميا على الأقل، كانت ستجر عليه غضبا من شركائه، ربما استقالات جماعية قبل التصويت على الحكومة. فهل يصل به الغباء ليغضب شركائه؟ ألا يكفيه ان واشنطن تهدد  بأنها لن تستطيع توفير الحماية لسياسة حكومة نتنياهو الاحتلالية في مجلس الأمن؟ 
أي خيار مختلف سيكون خيارا سيئا. إذن عدم طرح خطوط سياسية (او غير سياسية)  لحكومته الجديدة هي الحل لإنقاذ ما تبقى من ماء الوجه!! 
لأول مرة تُعرض حكومة بلا برنامج سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي، من يحتاج هذه البرامج ما دام الهدف حكومة إعداد لانتخابات قادمة قريبة؟!
لا بد من تسجيل إعجابي غير العادي من خطاب زعيم المعارضة يتسحاق هيرتسوغ.  لأول مرة أسمع مسئولا حزبيا صهيونيا يلقي خطابا لا تأتة فيه، جريئا في نقده لسياسة الحكومة، ومحددا اتجاها سياسيا يستحق بكل معنى الكلمة ان يكون بديلا لحكومة السيرك.
هاجم هيرتسوغ رئيس الحكومة نتنياهو  بوضوح وبرؤية صحيحة بكلمة هامة واعتقد انها أهم خطاب سياسي استمع إليه منذ خطاب رئيس الحكومة الأسبق يتسحاق رابين الأخير في ساحة رابين قبل مقتله بدقائق. اتهم هيرتسوغ نتنياهو انه "استغل كل الوسائل والطرق من اجل العودة إلى منصبه، مستخدمًا حربًا إعلامية وعنصرية وتمييزية". انتقد تحريضه على الأقلية العربية بجرأة لا أعهدها بالخطاب السياسي الصهيوني وأعلن انه سيقف بقيادة الدفاع عن حقوق الجمهور العربي ، قال موجها كلامه لنتنياهو: " لقد أهنت المواطنين العرب في إسرائيل الذين يشكلون 20% من السكان، وقلت أنهم يتدفقون في الحافلات للتصويت، انه العار عليك وعلى حكومتك وعلى الدولة اليهودية ان تتفوه هكذا بحق المواطنين وأنت رئيس حكومتهم".
انتقد الخطر على المحكمة العليا وجهاز القضاء ، وانه سيكون على رأس الدفاع عنه، انتقد خطط نتنياهو للسيطرة على وسائل الإعلام ، وأعلن انه سيقف بقادة النضال ضد سياسته.كان خطابة طرحا لرؤية سياسية عقلانية بأي مقياس كان، ويشكل هذا الخطاب ، حسب رأيي رؤية سياسية هامة للمستقبل ، المستهجن انه جاء متأخرا جدا، كنت أود ان اسمع مثل هذا الخطاب عشية الانتخابات، وليس بعدها.
 تابع قائلًا لنتنياهو: "لقد شكلت حكومتك بالكذب والتضليل، انها حكومة سيرك وما يحدث هنا عبارة عن فضيحة كبرى هدفها في النهاية البقاء على كرسيك كرئيس حكومة" 
ووجه هيرتسوغ كلمة لوزير المالية في حكومة نتنياهو موشيه كحلون (رئيس حزب كلنا) قال له :"لا يمكنك  في مثل هذه الحكومة ان تخرج مشاريعك وبرامجكم من الدواليب". 
طبعا انتهى عرض السيرك الأول بحصول حكومة نتنياهو على أكثرية صوت واحد، لتبدأ منذ تلك اللحظة التحضير للانتخابات القادمة.

الدين وَحدُه مش مِقياس/ مهندس عزمي إبراهيم


الديــن وَحــدُه مش مِقيـاس
مش مِقيـاس لثقافـة النـاس
ولا حتى لإيمـــــــان النـاس
الديـــن... بيعَلــِّـم الأخـــلاق
والأخـلاق... هِيـَّا المِقيــاس
ياما ناس هايجة بإسم الدين
بلســانـهم.. وبالسكاكيـن
وبيقطـَّـعوا لحـوم النـاس
***
ابني كنايـس وابني جـوامـع
واملا بيهم مُـــدُن وشـوارع
واملا الدنيــــا خُطـب دينيـة
لو مش بتعلـِّـم الأخـلاق
ولا بتعَلـِّـم إنسـانيـة
قبل صيـام وقبل صــلاه
ما يبقـاش فيها مكـان للــــه
***
لو أتهَـوِّد أو أتنَصَّـر
أو أتأسْـلِـم
واتعمَّـق في الديــن واتكلــِّم
وادخل في الأديان في سِباق
وانا مافيـش عنـدى أخــلاق
يبقى إيمـاني نِفــاق وريــاء
***
مَثَـلْ.. النـاس الحُكَـما قالـوه
عمـري ما يــوم أبـداً أنسـاه
اللي مالوش خيـر في أخـوه
إزاي حيكون له خير في الله
******
مهندس عزمي إبراهيم

العراق والدول الثلاث/ كفاح محمود كريم

     قبل اكثر من قرن كانت هناك ثلاث ولايات مستقلة في بلاد النهرين وهي ولاية بغداد وولاية البصرة وولاية الموصل، وحينما سقطت دولة ال عثمان بعد مرض عضال قام جراحان سياسيان لئيمان هما سايكس وزميله بيكو بعملية جراحية لرسم حدود كيانات جديدة من بقايا ارث ال عثمان، وتحويله الى امارات وممالك وفيما بعد جمهوريات.

     وفي البدء دمجوا ولايتي البصرة وبغداد ليؤسسوا منهما مملكة الهواشم الثانية بعد امارة شرق الاردن، بعد ان احتاروا في تسمية ملك على عرش الكيان الجديد من كثرة المرشحين العراقيين لهذا المنصب، حتى سئموا فارتحلوا صوب الحجاز، فاختاروا احدهم ليكون اميرا او مليكا على العراق وكان فيصل بن الشريف حسين الذي وصف هذا الكيان وما يحتويه بانه ليس شعب او وطن بل هو مجموعات من المكونات المختلفة والعشائر المتنافسة.

    في حينها لم تنتم الموصل الى ذلك الكيان الهاشمي الجديد حيث كانت تضم كل الاقليم الكوردستاني الحالي حتى شمال بغداد، بل ان التاريخ وحقائق الامور تقول إن اغلبية سكانها الكورد هم الذين منحوها عراقيتها ورفضوا الانتماء الى الدولة التركية مقابل الاعتراف بحقوقهم واقامة دولة المواطنة، ولقد صدق الكورد في وعدهم وكذب الاخرون في عهودهم، فما أن اصبحت ولاية الموصل جزءً من المملكة العراقية حتى تنصلت حكوماتها عن تعهداتها تجاههم عبر ثمانين عام واكثر، جُربت فيه كل النظريات والعلاجات واستخدمت كل الاساليب والطرق لالغاء المكونات او تهميشها، وحينما فشلت استخدمت  الاسلحة المحرمة والابادة الجماعية للسكان، وبعد ملايين الضحايا والاف المليارات من الخسائر وبمجرد انهيار قوة الطغيان، اصبحت بلاد النهرين ثلاث دول في واقع حالها وان لم تعلن رسميا، الاولى في اقليم كوردستان ذي النهج الديمقراطي المدني، وقد استقل منذ ربيع 1991م واصبح بقرار اممي ملاذ امن ومحمي، وهو اليوم لا يحتاج الا الى هوية انتساب الى نقابة او جمعية الامم المتحدة، والثانية دولة ولاية الفقيه التي تمثل الشيعة، وقد اكتملت مؤسساتها تقريبا بتشكيل جيشها ( الحشد الشعبي والميليشيات ) وتستخدم المؤسسات الاتحادية للتغطية والحصول على مكاسب اخرى قبل رسم الحدود، والثالثة دولة الخلافة السنية الداعشية، وقد سيطرت على معظم الاراضي التي تسكنها اغلبية سنية عربية وارادت التمدد في مناطق اخرى لتخفيف الضغط عليها او الضغط باتجاه الحصول على مكاسب اخرى.

     هذا واقع الحال بعيدا عن المزايدات والمهاترات هنا وهناك، وخاصة في موضوعة التسليح ومشروع القانون الامريكي في تسليح السنة والاقليم بالاسلحة مباشرة بعد أن ايقنت ان الفعاليات الشيعية تؤسس قوتها العسكرية مستغلة المال العام والمؤسسات الاتحادية والمساعدات الايرانية الوفيرة على حساب اضعاف وتهميش المكونين الاخرين بذريعة محاربة داعش، وللاسف لم يتحدث أي مسؤول في هذه الدول الثلاث بصراحة عن واقع الحال غير مسؤولي كوردستان، المتهمين دوما في ثقافة المزايدات والدولة العراقية المفترضة بالانفصاليين، ليس اليوم بل منذ تاسيس هذا الكيان المفروض على سكانه غصبا وحتى يومنا هذا، وغير ذلك ربما هناك فرصة للابقاء على اتحاد فيدرالي أو كونفيدرالي عراقي حقيقي بين دول واقع الحال الثلاث، ولكن بالابتعاد عن الكذب والتحايل والاستغلال، والتخلي عن المزايدات والمكابرات، ومحاولة استغلال تلك الشعارات المستهلكة لكسب مزيد من الامتيازات او النفوذ او الهيمنة على الاخرين.

     ان الاتحاد العراقي اختياري ولن يكون اجباريا ابدا الا بمزيد من بحور الدماء والدمار واضاعة أي فرصة للتقدم والازدهار.

دستور وقضاء سكسونيا لحكومة دولة مناخوليا/ أشرف حلمى

أعيش الأن وكإننى أشاهد فيلماََ ساخراََ وربما يعيشه معى فئة كبيره من عامة الشعب يحكى قصة شعب غرقت دولته فى ظلام التخلف وإنتشلها وانقذها حتى ترى نور التقدم من جديد وهى الأن فى مرحلة التغيير والإصلاح الإ انها دخلت مرحلة الترقيع والترميم دون ان تنظر الى تجارب الماضى مثل السيارة التى غرقت وإنتشلها صاحبها فبدلاََ من ان يقوم بتغيير محركاتها وأجهزتها وصالونها مع الإحتفاظ بجسم السيارة فقط فقام بعمل عمرة دون ضمانات لها حتى تسير لفترة ليست بطويلة حتى تتوقف عن العمل ويكون مصيرها الوفاة .
تعالوا معى نتأمل فى بعض المواقف الطريفة التى تدور حوله قصة الفيلم هذا التى لا تجدها الإ فى دولة مناخوليا التى ترى فيها العجب والصيام فى رجب ترى فيها الرئيس والشعب فى بحر الاحلام ورئيس الوزارة والظلاميين فى بحر الظلمات رئيس وشعب يسير نحو الامام وحكومة تشده الى الخلف .
١ - عندما ترى ثورة شعب نجحت فى إزاحة نظام دينى عمل على تكفير المجتمع من أجل نظام علمانى وتعيين حكومة جديدة كى تعمل على تغير دستور كسكسى وفى نهاية المطاف تفرز دستور كسكسى على  حمصى شارك فى وضعه حزب اللحية الظلامى المتخلف فاعلم انك فى دولة مناخوليا .
٢- تنحى قضاة فى محاكمة إرهابيين لإستشعارهم الحرج وأخرون يبرئون متهمين بإزداء دين معين فى حين يشددون عقوبة متهمين زوراََ بإزدراء دين أخر إستناداََ لدستور سكسونيا فإعلم انه قضاء وقانون حكومة مناخوليا .
٣- يتم القبض على سيدة ومحاكمتها فى المطار بسبب تهكمها على ضابط شرطة وتهديده بالتبول عليه وفى الوقت نفسه تجد قاضى محكمة سكسونيا يبرئ قائد دينى قام بسب وقذف شرطة هذه الدولة بل قام أتباعه بالهجوم على المواطنين وممتلكات الدولة للإسف فإعلم انك فى دولة مناخوليا . 
٤ - عندما تتم محاكمة طلاب مدرسة قاموا بتجسيد مشهد قصير لانتقاد  سلوكيات مجموعة إرهابية ينتقدها جميع شعوب ودول العالم بحجة إذرائهم الاديان وفى الوقت نفسه تسمح لرئيس حزب دينى معترف به حكومياََ يفتى بل يدعم أتباعه بعدم تهنئة من على غير دينه بانه واجب شرعى لأن عقيدتهم "كفر" فإعلم وتاكد انك فى دولة مناخوليا العظمى .
٥- عندما يصدر رئيس الدولة قراراََ جمهورياََ للحكومة بإنشاء مبنى دينى ويقف حزب ظلامى لدى الحكومة امام القرار بل ويملى شروطة لتنفيذه طبقاََ لدستور سكسونيا فإعلم إنك فى دولة مناخوليا .
٦- عندما يفوض رئيس الدولة أكبر مؤسسة دينية بتحسين الخطاب الدينى وتعديل مناهج التعليم بالتعاون مع الحكومة فتجد إنبطاح وتحالف  كل من الحكومة والمؤسسة الدينية مع حزب اللحية الظلامى فإعلم انك فى دولة مناخوليا . 
٧- عندما يحصل إرهابى على اكثر من حكم إعدام ومازال يحاكم على جرائم أخرى يعاقب عليها القانون حتى الان ولن ينفذ اى حكم منهم فاعرف انك فى محكمة سكسونيا لدولة مناخوليا .     
ومازالت تمر أحداث الفيلم وسط توقعات إما ان يعمل رئيس دولة حكومة مناخوليا بتصحيح مسار الدولة التى مازالت تعانى الفساد الدينى وتقاعس حكومتها فى القضاء على التسيب والإهمال الامنى واما البقاء والدوام لله وحدة وينتهى الفيلم بوفاة دولة مناخوليا ليتربع دستور سكسونيا وقضاة روبابكيا وتحيا مملكة مناخوليا الدينية  . 

أبو تريكة.. الوريث الشرعى "للشاطر"ممول الجماعة/ مجدي نجيب وهبه

** أكد المستشار محمد ياسر أبو الفتوح أمين عام لجنة حصر وإدارة أموال الإخوان أن هناك مجموعة من شركات السياحة تخصص جزء من أموالها لتنفيذ عمليات إرهابية ضد الجيش والشرطة، ومؤسسات الدولة.أحد هذه الشركات يمتلكها الكابتن محمد أبو تريكة، ومعه شخص يُدعى أنس القاضي، العنصر الإرهابي الخطير" هو أحد العناصر الإخوانية الإجرامية ومحبوس حاليًا على ذمة القضية رقم 14275 لسنة 2014 ، ومتهم في الجناية رقم 171 لسنة 2013 جنايات باب شرق
...كما ورد نص هذا الخطاب الصادر من مساعد أول وزير العدل هذا نصة :أنه نفاذاً لإجراءات تنفيذ الحكم الصادر فى تلك الدعوى، ونفاذاً لقرار السيد المستشار قاضى التنفيذ، الصادر بتاريخ 31 مارس 2015 المعلن للسيد المستشار مساعد أول وزير العدل «بصفته رئيس لجنتى التحفظ والإدارة» بالتحفظ على أموال «عدد 8 شركات سياحية» وكذا المالكين لها «وفقاً للبيانات والتفصيلات الواردة بالكشف المرفق صورته» مضيفاً سيادته أن قرار التحفظ والمنع من التصرف الصادر يشمل كافة الممتلكات العقارية والمنقولة والسائلة، وكذا كافة الحسابات المصرفية أو الودائع أو الخزائن المسجلة بأسمائهم طرف أى من البنوك. ويرجى التفضل بالتنبيه لاتخاذ ما يلزم قانوناً فى هذا الشأن والإفادة كتابياً بما يتم، والموقف لدى مصرفكم، حتى يتسنى إفادة السيد الأستاذ المستشار مساعد أول وزير العدل «رئيس لجنة اتخاذ إجراءات تنفيذ حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة» بذلك كطلب سيادته.
**أذن فنحن أمام تحريات واضحة ليس هنا اى لبس أو شبهات ضد اى جهة تسعى للتنكيل للأعب أبو تريكة .هذا ناهيك أذا اتهمت بعض الجهات أن هناك تربص باللاعب بسبب موقفة الداعم للاخوان أو موقفة الرافض رفضا باتا فكرة ثورة30 يونيو باعتبارها انقلابا عسكريا كما يراها هذا التريكة ..رغم امة واضح للعميان توجهات ابو تريكة الداعمة للاخوان وبالتالى ستكون داعمة للارهاب..من هذة الظواهر انة صاحب اختراع السجود فى الملاعب حتى اطلق على الفريق القومى المصرى "فريق الساجدين" رفضه ان يسلم على طاهر ابوزيد وزير الرياضة المصرى فى مباراة الاهلى المصرى مع بطل جنوب افريقيا والتى فاز فيها النادى الاهلى 2-صفر وتوج بكاس افريقيا وصعد لنهائى كاس العالم للاندية فى المغرب واثناء مراسم تسليم الكاس والميداليات ..قام بزيارة لأم احد السفاحين الذين تورطوا فى مذبحة كرداسة .!!أعلن انضماكة الرسمى للاخوان المسلمين فى عام 1998 عندما بدأ اللعب فى نادى الترسانة  .من مواليد قرية ناهيا التى مسقط رأس الارهابين فى مصر وقد تتلمذ هناك حتى ظهورة الاعلامى .أعلن عن تايدة الكامل للمعزول الارهابى الجاسوس محمد مرسى العياط وأكد دعمة للمشروع الوهمى الذى اطلقة الاخوان المسلمين مع بداية صعودهم للحكم وهو مشروع النهضة. بمعنى انة شارب وراضع من صدر الاخوان المسلمين ولسنا بحاجة ان نظل نسرد وقائع أكثر فأكثر من ذلك عندما تبدأ وتتكشف الحقائق ولكن اهم من هذا وذاك .هو سؤال بدا يطرح نفسة الان . هل ابو تريكة يقوم بدور خيرت الشاطر النائب الثانى لمرشد هذة الجماعة الارهابية ؟؟!!!!وربما يصل بة حلمة الى تنصيبة مرشدا عاما للأخوان المسلمين وخصوصا أن لة شعبية جماهيرية تؤهلة للقيام بهذا الدور .فما هلى قصة صعود خيرت الشاطر الملقب ب"خازندار الإخوان" أى وزير ماليتهم ...الشاطر من مواليد الدقهلية مايو 1950 حاصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة الاسكندرية عام 1974 ثم ماجستير الهندسة من جامعة المنصورة وحاصل على ليسانس الاداب من جامعة عين شمس قسم الاجتماع ثم دبلوم الدراسات الاسلامية وزاد على ذلك التحق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية للحصول على دبلوم المجتمع المدنى والمنظمات غير الحكومية.ثم انتقل بعد ذلك للتجارة .وحصل على دبلوم إدارة الأعمال من جامعة عين شمس, ثم دبلوم التسويق الدولى من جامعة حلوان ,عمل الشاطر بعد تخرجة معيدا بكلية الهندسة ثم مدرسا مساعدا بجامعة المنصورة حتى عام 1981 حيث اصدر السادات قرارا بنقلة خارج الجامعة مع اخرين ضمن قرارات سبتمبر 1981 . يعد الشاطر الفرخة التى كانت تبيض ذهبا للأخوان المسلمين منذ أن انخرط للعمل فى الجماعة عام 1967 .اسس بالتعاون مع حسن مالك القيادى الأخوانى شركة "سلسبيل" للتجارة فى أجهزة الكمبيوتر .وتصدت لهذا المخطط اجهزة الامن المصرية وأعدت أشهر قضية اخوانية خلال العشرين عاما الاخيرة والمعروفة بأسم قضية "سلسبيل"عام 1992, ووجهت فيها النيابة للشاطر واخوانة اتهامات بإستخدامها الشركة لإدارة الأنشطة السرية للجماعة’ وحكمت المحكمة بسجن الشاطر لمدة عام وقد قدمت احصائية على ابسط التقديرات لثورة الشاطر التى بلغت 250 مليون جنية اموالا خاصة بشركاتة فقط دون احتساب مساهماتة فى الشركات الاخوانية .وفى عام 1995 حكم علية بالسجن خمس سنوات فى قضايا الاخوان أمام المحاكم العسكرية .والرابعة كانت عام 2001 لمدة عام  .وكان من طباع الشاطر انة كان يهوى السيطرة على كل كبيرة وصغيرة داخل الجماعة تمهيدا للوصول الى كرسى المرشد العام ز رغم انة كان المرشد الفعلى للجماعة لانة يملك كل مفاتيح تحريك الأعضاء فى الوقت الذى يراة مناسبا .يساعدة فى ذلك عدد من أنصارة داخل تنظيم "القضبيون" ...هذة الاموال ساعدتة على زرع وإدخال أصدقائة الذين يدينون لة بالسمع والطاعة ..هذة بعض المعلومات التى تتفق كثيرا مع طموحات الاعب ابو تريكة ..فهل كان الاخوان يخططوان لاحلال ابو تريكة بدلا من الشاطر ليدير اموال الجماعة ويدعمهم وهو مطمئن الى شعبيتة الجارفة من جماهير الكرة المصرية ..ف. الايام القادمة ستكشف عن مفاجاءات مذهلة لبعض الاسماء والشخصيات التى خدعت ومازالت تخدع الشعب المصرى وتخون الوطن

صباح ميخائيل... كتاب نفيس من مكتبات شارع المتنبي الآثرية/ الأب يوسف الجزراوي

يقرأ كثيرًا لمختلف الاتجاهات من يسارها إلى يمينها، له أبحاث ودراسات واسعة في مجالات متعددة من المعرفة والثقافة والعلوم الإنسانيّة والسياسية.
سمعتُ بإسمه لأول مرّة يوم عُيّن أستاذًا للغة العربية في كلّية بابل الحبريّة للفلسفة واللاهوت ببغداد. وأذكر أنّني رأيته للوهلة الأولى إن لم تخنِّي الذاكرة في المركز الثقافي التابع للكلّية المذكورة آعلاه، إذ جلس بجانبي وتبادلنا اطراف الحديث لفترة وجيزة. ثمّ رحت أختلس النظر  إليه من حيث لا يشعر، كان أسمر اللون، مربوع القامة، ممتلئ الجسم، له كرش بارز، ذو طبقةٍ صوتية مرتفعة عند الحديث. ثم أَلفنَا اسمه كواحدٍ من الأساتذة،  منذ أن تولّى تدريس مادة اللغة العربية وآدابها لأبناء مرحلتي لسنةٍ دراسية كاملة.
ولقد تعمقت جذور العلاقة بيننا  بواسطة صديق مشترك هو الأب نادر اسماعيل حنّا الراهب، لا سيّما في أوقات ترددنا إلى مكتبة الكلّيّة، حيث كنتُ منهمكًا في كتابي العزيز البطريرك مار نيقولاس زيّا ( البطريرك المستقيل في ظروفٍ غامضة)؛ بينما كان الأب نادر يبحث عن مصادرٍ لبحثهِ السنوي، فيما كان الأستاذ صباح حينها يزود المكتبة بكمياتٍ هائلةٍ من الكتبِ النادرة في مختلف المعارف.
وذات يوم التقيتهُ دون سابقِ موعدٍ في مكتبِ  البحّاثة  العراقي  الأب د. بطرس حدّاد، وحين ابلغه الراحل الكبير عن شغفي في البحث عن مصادرِ الكتب التاريخية العراقيّة وولعي باقتناء المراجع التي تتصدى للتاريخ الكنسي  وتراثه الحديث عرض عليّ زيارة مكتبته الكبيرة في دارهِ الواقعة في حي الميكانيك بمنطقة الدورة البغدادية، فرحبت بالأمرِ بسرورٍ كبير، وانضممتُ إلى زملاء اخرين، نلجأ إليه للحصول على كتبٍ يصعب العثور عليها في أماكن تواجد الكتب، ومنذ تلك الأيام  أمسيت واحدًا من روادِ  مكتبته، أكان في بيته أو في شارع المتنبي،  وهكذا كانت الحال في سيدني.
إنّني حيال رجل  لا يعرف المرء من أين يبدأ الكتابة عنه، ومن أيّ طرف يمسك به، إذ تتزاحم الكلمات على قلمي. فهو كفاءة معرفية لا تعوض، وباحث نَهم يلتهم كلّ ما تقع عليه عيناه من قراءات ومشاهدات، وهو محلل سياسي أيضًا  ذو ذهنية نقدية، يُحلل كلّ ما يطالعه من أحداث. واستاذ لغة متمرس ينصرف في الجلسات العامة والأحاديث الثقافيّة لتصحيح لغة الكلام لهذا أو لذاك، وغالبًا ما اشاغبه في تصحيح بعض مفرداته، ليرد عليّ قائلاً: " تلميذ الأستاذ أستاذ ونص". والأهم في رأيي من كلّ هذا، إنّه قارئ متذوق، ومتبحر دقيق في بطون أمهات الكتب وصياد لؤلؤ ماهر يصطاد كلّ ثمين ونفيس، يجليه ويصقله ليلبسه حلّة قشيبة ومن ثَمّ يقدّمه للباحثين والقرّاء أو لمشاهدي سورويو TV. إنّه كصيادٍ رمى شباكه في البحرِ يصطاد السمكات الطيبة المذاق وليس غيرها.
كما أنَّ من الثابت والمعروف أنه مهتم منذ عقدين من الزمنِ بالدفاع عن قضايا أبناء شعبنا المسيحي العراقي، ومهمومٌ بالوضع العراقي العام والقضايا القومية للمكون المسيحي. يعيش منذ سنوات في استراليا حياة تؤرقها الذاكرة البغداديّة الموجعة ويؤلمه شأن الوطن المنحور. وقد سرّني ذات مساء بأنه يستفيق في الصباح على ذكريات الأمس، وفي المنامِ تطوف به الأحلام  في "عوجات" الموصل وأزقة بغداد، فلا عجب أن لقيناه  يقضي أوقاتًا طويلة من السنةِ الميلاديةِ  في  ربوعِ العراق، وكأنه أشبه بالسمكة التي لا تقوى على العيش خارج المياه. 
وِلدَ صباح برخو ميخائيل عام 1955 في محلة المحوديين / منطقة رأس الجادة بمدينة الموصل/ محافظة نينوى. درس المرحلة الأولى من دراسته الابتدائية  في مدرسة مار توما الموصلية، ثم انتقل للدراسةِ في مدرسة مار ميخا في ناحية القوش، لكنه  سرعان ما عاد مع عائلتهِ إلى مسقط رأسه وتخرج من مدرسة مار توما  الابتدائية في العام الدراسي 1966- 1967.
درس المتوسطة وشطرًا من دراسته الثانوية في الموصل وأَكملَ ما تبقى منها ببغداد في السنة الدراسية 1976- 1977. تخرج من جامعة بغداد/ كلّية الآداب/ قسم اللغة العربية عام 1981. وفي عام 1986 درس سنةً أضافية لتطوير اللغة العربية  في الجامعة المذكورة.
تزوج من الآنسة جونار متي وردة ، شقيقة سيادة المطران بشّار وردة راعي أبرشية اربيل الكلدانية عام 1994 ، فرزق منها بولدٍ واحد واربع بنات.
درس التاريخ الإسلامي/ قسم المخطوطات، وأكمل اطروحة الماجستير عام 1999، دون أن يتسنى له الدفاع عن اطروحتهِ لئلا  تشد عليه مضايقات النظام السابق الذي كان قد أصدر منذ أمد وثيقة توجبه بعدم السفر خارج العراق. عمل السيّد صباح في حقل التدريس في محافظتيّ بغداد وبابل لسنوات طويلة. وتولّى تدريس مادة اللغة العربية في كلّية بابل للأعوام من 2001 إلى 2004. يجد متعةً في التعليم، ولكن ليس في عراقنا المعاصر، لأنه من المؤمنين بأن التعليم  الحكومي قد رفع الرأية البيضاء أمام  التعليم الديني والسياسي في معظم المدارس العراقية، فمن الصعب اليوم، نعت التعليم الحكومي بالعلماني أو تسميته  بتعليم الدولة الرسمي، خصوصًا أنّ هناكَ، المُعلّم المتدين، وكوادر جرى تعينهم في مؤسسات التعليم وفق مُحاصصات طائفية ومنح سياسية وولاءات حزبية، دون أن ننسى غياب جودة المناهج،  وتواصل طرق التعليم التقليدية التي أَلفناها منذ عصور. ولقد باح لي يومًا أستاذنا القدير عن غصة قلب تنتابه من عدمِ تماهي المناهج التعليمية للغة العربية في المدارس العراقيّة مع مناهج التعليم في كلٍّ من سوريا ومصر، إذ يعدهما بحسب رأيه المتواضع أفضل المناهج في العالم العربي.
عندما بدأ يتوسع في قراءاته الأدبية والفكرية تعاطفَ مع الفكر الماركسي لأنه ينصف الكادحين، ويطالب بالعدالة الإجتماعيّة، ويدعو إلى تكافؤ الفرص بين الناس، فإنتمى في مرحلةٍ مبكرة من شبابهِ إلى إتحاديّ الشبيبة الديمقراطي والطلبة العام، ومن ثَمّ اليسار العراقي بشكلٍ عام، لكنه ظلّ متأرجحًا مترددًا بين قناعات شتى، إلى أن فلح سريعًا في تحديد مساره.  ورغم أنه مسيحي العقيدة، ارثذوكسي المذهب، عراقي الهوية والإنتماء، ماركسي النزعات، عربي الكتابة، قومي الشيوعية، إذ كانت هذه الأخيرة سببًا في سجنه سياسيًا. تأثر بالكثير من عباقرة الفلسفة والأدب والسياسة ويقبع في طليعتهم العبقري الاغريقي نيكوس كازنتزاكي (ت 1957)، الذي اشتهر براويته العالمية زوربا.
نشأ الغرام بينه وبين شارع المتنبي الواقع في وسط العاصمة العراقية بغداد بالقرب من منطقة الميدان وشارع الرشيد، منذ كان يؤمه لغرض إيجاد الكتب، ثم سهّلت دراسته في جامعة بغداد، الكائنة في باب المعظم، التردد إلى ذلك الشارع الغني بالكتب بشكلٍ شبه يومي. ومن بعد حين قاده عشقه للكتب وحبّه لشارع المتنبي ليكون من أوائل الذين ارسوا مفهوم "بسطية الكتب" عام 1988 على ارصفة ذلك الشارع العراقي الذي يعرفه القاصي والدني. ويعد أبو سارة أبًا روحيًا للكثيرين ممّن اشتغلوا في ذلك المجال، إذ تبعه المئات بعد أن اتخذوا من "بسطية الكتب" مهنة وهواية ورسالة. فقد ساهم صاحبنا  مع اخرين في إيصال الكتاب إلى الطالب والقارئ والكاتب والباحث والمستشرق. وتداول سرًا الكتب المحظورة التي شدد النظام السابق الخناق على تداولِها ومنع التعاطي بها، ككتب العلاّمة علي الوردي وكتب الشهيد محمد باقر الصدر والكتب الماركسية، خاصّة الكتب التي استهدفت الرئيس العراقي الأسبق، ومن تلك الكتب " صدام القادم من تحت الرماد". وبفضل تقاطعاته العلنية مع ذلك النظام، جرى اعتقاله والتحقيق معه في مراحلٍ متعددةٍ، حتّى وصلت الحال إلى تتبع خطواته بنحوٍ متواتر. إبّان تلك الفترة العصيبة حاول البقاء مهادنًا وساكتًا، ومَن يسكتُ يسلم، فالرّجل لم يُقدم نفسه مُناضلاً ضد العهد السابق، بل معارضًا جسورًا، لكنّه ظلّ قلقًا شارد البال، خائفًا من نظامٍ ظلَّ يركض خلفه ويلاحقه باستمرار، فطوى النفسَ على أمرٍ خشية على عائلته.
كان مثقفًا خارج نطاق الدولة، فهو المتمرد عليها، المنتقد لها علنًا، لذا وقف المحسوبون على الدولة ومؤسساتها الأمنية على الضد منه، فنحن أمام فرد جابه الممنوع. وليس من قبيل المغالاة إن قلت: له باعٌ طويل في عالم توزيع الكتب والمطبوعات الأخرى. حيث عمل على نشر الوعي لأكثر من 30 عامًا بين العراقيين، لا سيّما المهتمين بالسياسة والأدب والتاريخ والثقافة. وكذلك تمكن من التعرّف إلى الكثير من المبدعين ورصد مواهبهم ومساعدتهم قبل نبوغهم وذياع صيتهم.

ويوم أغتصبَ الأمريكان شوارع بغداد الجميلة، تنفس صباح الصعداء من نظامٍ كاد يخنق أنفاسه، فتنعمَ بالحريّة التي أفتقدها في الأمس الأليم ، ومارس دوره القومي والثقافي على أتم وجه، بعد أن عملَ  ككادرٍ متقدم ومسؤول عن العلاقات والإعلام في إتحاد بيث نهرين الوطني، ورئيسًا لتحرير صحيفة " نيشا- الهدف" الصادرة في العراق، والناطق الرسمي لإتلاف مكون من ثمانية أحزابٍ ( كلدانية- اشورية- سريانية).  لكن يا فرحة ما تمت!، إذ هُجِر وأُقلع من جذورِ موطنهُ الأصلي بتاريخ 30/12/2005 نتيجة لقائه مع السيّد أياد علاوي رئيس الوزراء العراقي يومذاك، إذ أكّدَ خلال ذلك اللقاء على غياب دور الدولة في حماية المكونات العراقيّة صغيرة التعداد، فاوعز السيّد علاوي إلى الاتصال بالقاضي وائل عبد اللطيف وزير الحكم المحلي يومذاك، ودارت الاحاديث في نفس الفلك بائحًا عن مخاوفه من أن يخلو العراق من سكانه الاصليين. فضلاً عن تهديدات بالقتل تلقاها على نحوٍ متواصلٍ من قبل اصحاب الفكر المتطرف يوم اقدمَ على نشرِ مقالاتٍ  في جريدة " نيشا"؛  اشار خلالها  إلى معاناة العراقيين عامة  واستهداف المسيحيين وتهجيرهم خاصّة، وذهب الأمر أبعد من ذلك الأمر، بعد أنّ منع من خوض مضمار الانتخابات، وتهديد أمن أطفاله.
 لقد عاصرتُ تلك السنوات الدامية عن قربٍ وأختبار، ورأيت بأمِّ عيني كيف كانت محبوبتي بغداد تحتضر على يد جنود الاحتلال، وتزهق روحها بفعل تنظيمات القاعدة وعصابات الأرهاب، وهم يطفئون أضواء مدينتي الجميلة المضاءة بنور الثقافات، إذ من تربتها جُبلت، وفي مدارسها ترعرت،  ومن مثقفيها نهلت العلم وأرتويت الثقافة، وفي أرضها الطيبة توارى والدي رحمه الله عن أنظارنا. لقد كانوا يعبثون بملامحها ويشوهون تاريخها عن سابق اصرار، ويستهدفون عقول أبنائها، ويلوثون عطر الورود برائحة البارود والمفخخات. وإلى يومنا هذا تنزف بغداد ويحتضر العراق، راقدًا في غرفةِ الانعاش بسبب الساسة الذين جرهم الترف واطماع بعض بلدان الجوار ومخططات الدول العظمى، إذ من خصائص الحياة السياسيّة في بلدنا أننا لا نستطيع أن نجدَ فيها عهدًا خاليًا من المساوئ والأزمات.
وعندما دشنت العمة أمريكا والساسة الجدد "الربيع الدموي" في العراق، بحجة الديمقراطية، غادر صاحبنا ارض أجداده مُكرها مع عائلتهِ الفاضلة متجهًا  إلى الشام وسكن في منطقة جرمانا- القوس، وشاءت الصدف أن نسكنَ في حيٍ واحد في باديء الأمر بعد أن واجهني المصير ذاته، وما كنت اتصور يومًا  انني ساكون  مواطنًا في بلدٍ سوى وطني العراق؛ حيث أهلي وكنيستي ولغتي واصدقائي وأساتذتي وكلّيتي وشاهد قبرَ أبي.
في الشام كان بيته على مرمى عصا من محل سكني ، فجمعتنا لقاءات مثمرة، حيث كان الرّجل يزورني باستمرار سواءً في بيتي أو في كنيسة القديسة ترازيا. وذات يوم أكرمني  بدعوة إلى وليمةِ غداءٍ في شقتهِ، ودارت بيننا أحاديث متشعبة  كان للذاكرة المثقوبة نصيب منها. وها هي تعود بي الآن لأتذكر تلك المسحة من الحزن التي لاحت على وجههِ الدائري حين أخبرني عن قيام الارهابيين بالإستيلاء على منزله والعبث بمكتبته التي تقدر بعشرةِ الاف كتاب مطبوع ومخطوط.
ولا تزال عالقة بذاكرة الجسد نبرة صوته  يوم هاتفني ظهيرة يوم 6 أو 7 آذار عام 2007 في الشام، حيث اجهش بالبكاء أثر التفجيرات التي طالت شارع المتنبي  بسيارةٍ مفخخةٍ أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 30 من روادِ ذلك الصرح الثقافي،  وتدمير العديد من المكتبات والمطابع والمباني البغدادية الأثرية فيه، فضلاً عن تدمير المكتبة العصرية قافي التي يعود تأسيسها إلى عام 1908. كما طال التفجير مطابع: المعارف، أولاد حياوي، غرناطة. فضلاً عن العشرات من محلات القرطاسية ومخازن الكتب، وامتدت نيران الإنفجار لتنال من  مقهى الشابندر الثقافي، الذي يُعد من معالم بغداد العريقة وملتقى الكتّاب والباحثين.
 أجل، لقد بكى بأسى ومرارة عندما  استرجع ذكرياته الخالدة في ذلك الشارع، فتحسر على تلك الأيام وكأنه يعلم أنها ذهبت بِلا عودة، فما أقسـى الأخبار عندما تكون أليمة، وما أطول الأيام في المحنِ، وما أشد وطأة الزمان عند الابتلاء. لقد آلمه كثيرًا أنَّ اصدقاءً اعزاء وزملاء مهنة رحلوا عن عالمنا هذا، جيث  سقطوا ضحية ذلك الإنفجار، سيّما وأنّ مكتبته الغنية التي كانت عامرة في المتنبي والمُقدرة بعشرة الاف مطبوع غدت رمادًا تحت أنقاض الأبنية!. لقد نعى اصدقاءه الأعزاء وبكى مكتبته النفيسة لأنهم جميعًا يمثلون إنتقاءات فريدة ومميزة لرحلة عمر أمتدت على مدار ثلاثين عامًا، يصعب تعويضها في زماننا هذا.  
وطأت قدمه أرض سيدني بتاريخ 15/6/2007، لكنه لم يتأقلم مع المجتمع الجديد وظلت صورة شارع المتنبي كابوسًا يؤرقه ويقض مضجعه ليلاً في سويعات المنام. ولم تمضِ إلاّ بضعة شهور على تواجده في بلاد الكنغر ليشد الرحال  إلى عاصمة العوام- بغداد، لغرض المساهمة في إعادة الحياة لذلك الملتقى الثقافي (شارع المتنبي) الذي نهل من معارفه العراقيون والعرب على حدٍ سواء.
عام 2009 أصبح رئيسًا وقتيًا لإتحاد بيث نهرين الوطني في العراق في حالةٍ خاصّة اثناء اجتماعٍ استثنائي للحزب، وفي عام 2012 أُنتخب رسميًا لرئاسة الإتحاد في المؤتمر الذي انعقد بشكلٍ شرعي.
في زيارته الأخيرة للعراق صيف عام 2014، كان يقطن في ناحية برطلة، محتفظًا بكتبِ ثمينة ومخطوطات نفيسة في مقر حزب بيث نهرين الوطني هناك، جلبها معه من الموصل وبغداد وقرقوش وأربيل، يسعى لشحنها جوًا إلى سيدني، ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان، إذ سقطت مدينة نينوى والقرى المسيحية المتاخمة لها بيد طاعون العصر (داعش) الذين وجدوا ببعض أهالي الموصل حواضنَ لهم، ففر بجلده قبل ساعة من امتداد قبضة الأرهاب إلى تلك الناحية. ومرّة أخرى عاد ليسقطَ في دوامةٍ جديدةٍ من الحزنِ بعد أن بكى مكتبته، وكأن التنظيمات الأرهابية وجدت لملاحقة كتبه. ورغم كلّ ما حل به من نكبات لا يزال متمسكاً بهوايته التي المته كثيرًا واحزنته مرارًا عبرَ سنوات الحياة.
بعد أن فرقت بنا الأيام، لم يدر في خلدي أنني سأتواصل معه مرّة أُخرى في الطرفِ الآخر من العالم وبالسياق نفسه، ففي سيدني لم تنقطع الزيارات بيننا، فكلّما سنحت الفرص اقصد مكتبة الرّجل أما بمفردي أو صحبة الزملاء الكتّاب أو بعض الأصدقاء من الوسطين الأدبي والكهنوتي نتبضع الكتب، ونتبادل الحوارات في جلساتٍ ثقافية قصيرة. وبدوره زارني الرجل في كنيسة مريم العذراء لكنيسة المشرق الآشورية بضع مرّات يرافقه السيّد شليمون الرهاوي ويوسف بيث طوري  والمسؤلون عن مكتب تلفزيون سرويو في استراليا إمّا لنقاشاتٍ ثقافية أو لغرض ظهوري في  برامجٍ روحيّة  عرضت على شاشة القناة المذكورة.  أضافة إلى ما سبق، لا بدَّ لي من أن أشير إلى مراجعته اللغوية لكتابي الموسوم " قصّة الحبّ العجيب بين الرحالة ديلالفالي والست معالي" بعد أن زين صفحات الكتاب بمقدّمةٍ لطيفة. ولا تسقط من ذاكرتي  احاديثه الأنيسة وإشادته الصادقة في لقاءٍ جمعه مع الصحافي صباح عبد الرحمن على مأدبة غداء صيامي في منزلي،  فاتحفنا الرجل بعددٍ من الطرائف العراقية والحكايات السياسية، ثم راحت  احاديثه تعزف وتغني حين مضى للقول شارحًا لضيفنا الصحفي:" لدينا كهنة كثيرون، ولكن الأدباء والمفكرين منهم قلائل، وصديقنا الأب الجزراوي أحد البارزين من أولئك القلائل، سيّما وهو كاتب مقروء يتحلى باسلوب غير مطروق، ينتقي المفردات، ويصوغ العبارات الرشيقة. يقدم ويؤخر الأفعال في جملٍ أنيقة، بلغةٍ محبوكةٍ وصياغةٍ مسبوكةٍ،  شكلت بصمته الأدبية".
ولعلّ الانكى والأدهى من ذلك أنه لم يكتفِ بذلك القدر من الحديث، بل عرج معبرًا عن رأيه بوضوح مطلق إزاء المطران المتقاعد جبرائيل كساب، إذ كان  شديد الحساسية في التعامل معه، فقال: "إنّ ذلكَ المطران ومع شديد الأسف لم يكن مؤهلاً لإدارة الكنيسة في استراليا... ولم ينسجم مع الكثيرين... وعندما كان يرى شخصية لامعة أو متميزة، كان يحاول أن يغلق عليها الأبواب.. فقد خسرت الكنيسة بسببه كهنة افاضل ومثقفين، اجتهدت الكنيسة خلال السنوات الماضية على تعليمهم وتثقيفهم، لهذا لم تشهد حقبة إدارته اعمالاً تذكر، سوى المشاكل بعد أن أفتعل الازمة تلو الأزمة... أزمات ستسيل الكثير من الحبر، فللتاريخ لسان لا يرحم أحدًا ".

نعود إلى حديثنا عن أبن ميخائيل  الذي منذ أن عرفته كان عاليًا في تفكيره ومندفعًا بحماساته، صادقًا بمشاعره لنصرة المظلوم، واذكر في الأعوام الأخيرة أنّني ألتقيته بمحض الصدفة بضع مرّات في مدينة فيرفيلد بسيدني، فوجدته كما هو يحب التجوال بين عامة الناس.. وقد كان صعبًا عليّ أن أسير معه مئة خطوة دون ان يلتقينا مثقف أو كاتب يستوقفه ليجتر معه ذكريات الأمس، لينبري أبن ميخائيل في إعادة تنشيط الذاكرة البغدادية عبرَ احاديث تطيل وقت وقوفنا، أو تصادفنا عائلة عراقيّة وفيها من الشباب بعمر أولاده وكبار السنّ من  أقرانه، كان معظمهم يلتفون حوله وينصتون اليه وكأنهم وجدوا كتابًا مفقودًا امضوا سنينهم يبحثون عنه، أو كأنهم يلتقون محاميًا يدافع عن  قضيتهم.
أحتفظ عبرَ سنوات العمر بمكتبةٍ كبيرةٍ تربو إلى خمسة الاف كتاب ومجلة وموسوعة، بلغاتٍ متعددة في مقر سكنه الواقع في مدينة مان دروت بسيدني، يسترزق منها أحيانًا، لانه لا يملك من حطام الدنيا شيئا إلا ما يكفيه وأسرته. ورغم أنه يبيع الكتب والموسوعات، لكنّه يقدم النصائح ويعرض عصارة تجاربه الثقافيّة والمهنيّة بالمجان.
ويرى أنَّ الاوضاعَ برمتهِا قد تغيرت، بعد أن أقدم الامريكان على جعل العراق الزهرة الاولى في الربيع الدموي، خاصّة بعد التغيير الثقافي الذي طال البلاد وطرأ لاحقًا على الشرق الأوسط جراء مهزلة ذلك الربيع؛ حيث اخذت تقل شريحة القرّاء لتختفي ملامح المثقفين الحقيقيين الذين كانوا يبحثون عن الكتب القيمة في شتى المجالات، ممّا دفعه للجوء إلى العمل الصحافي دون أن يتخلى عن عشقه في ترويج الكتب. 
نشرَ العديد من المقالات والكتابات الشعرية والنقد الأدبي في الصحف التالية: الزمان، الصباح ، المدى، طريق الشعب، نيشا التي يشغل فيها  الآن منصب صاحب الأمتياز. كما له مقالات سياسية وابحاث رصينة وكتابات ساخرة في مواقع الانترنيت. حبّرَ بعض المقالات في صحيفتيّ العراقيّة والفرات الأستراليتين. كما أقام المعارض الفردية للكتب وشارك بأخرى جماعية في سيدني ومالبورن... فكان العرض كثيرًا، والطلب قليلاً في زمن الشبكة العنكبوتية، كما اطلّ على المشاهدين عبرَ شاشة القنوات الفضائية: العربية، عشتار، سرويو.
تلك بعض اللمحات من حياة صباح ميخائيل برخو  التي تستحق أن نتوقف أمامها طويلاً. إذ كنتُ أهتمّ لحديثه واستمتع في الجلوس معه منذ أيام دراستي الفلسفية إلى يومنا هذا،  فقد عرفته ثاقب الرّأي، مستنير الرؤية، ضليع اللغة، لبق الحديث، صحيح اللسان، لا ينطق إلاّ في خير الوطن وصلاح الإنسان،  غارقا في هموم شعبه وقضية الوطن. لا يجلس ولا يرتاح إلّا  في ساعات النوم القليلة. انسان متفتح العقل، نير البصيرة، متحرر من عُقدِ التعصب القومي والعنصري والديني والطائفي، ومن كلّ هذه المُسميات التي جعلت الانسانيّة فصائل واحزابًا وحكمت عليها بالإنقسام والتشتت.
بقي أن نقولّ إنَّه شخص لماح، في جبينه لمحات تقرأ عليها آلام وطن وأوجاع بلد ينزفان من جرح غائر سببته عنجهيات حكام لم تدر بخلدهم إلّا مصالحهم. أما عيناه فتحكيان عن طول السّهر وعبء العمل. عاش ما مضى من حياته بضمير مستقيم، فكان نظيف اليد، رافضًا بيع كلمته وتأجير قلمه، ولم يكن يومًا متواجدًا في سوق بائعي الضمائر ومزوري الحقائق؛ فقد كان ولا يزال  يدعو لوطنٍ حرّ وشعب سعيد  ومواطنة سليمة ومكفولة وإلى مسيحية واحدة لا موحدة، مدافعًا عن حقوق الجميع بخلقٍ رفيع، ناشرًا المحبة المسيحيّة، موزعًا الطيبة العراقيّة، متفوهًا بعبق الإنسانيّة أينما حلّ، ممّا اهله ليكون في علاقاتٍ طيبةٍ مع الكثيرين وليتمتع بصداقاتٍ نبيلةٍ مع العديد من الساسة والمثقفين ورجال الدين المسيحيين والمسلمين والصابئة والإيزيديين. ولعلّني أعزو تلك الجودة في العلاقات إلى مهنته التي حققت له قدرًا  من الإنتشار، دون أن أنكر بأنّ الرّجلَ يمتاز بالصفاتِ الحميدةِ، ويتحلى بكمٍ كبير من الحكمة والطيبة والسخاء. كريم ومضياف، منفتحٌ على الجميع، حكاء بطبعهِ، له حصادٌ طيبٌ لتجاربٍ  واعيةٍ  جعلتهُ بعيد النظر، سديد الرأي، عميق الفكر، إنساني الخطوة، صادق النوايا. والحال، إنَّ الكثير من خصالهِ مصدر إعجاب وتقدير.
سأكتفي هنا بهذا القدر، فمهما أمطرت سحائب القلم  وعبّر البيان، ما هي إلّا صفحات من كتاب أنتقيت له إسمًا: " مبدعون عرفتهم عن قرب.