الحكومة فى الانعاش/ أشرف دوس

الحكومـــة تعلن يوميا عن توفير السلع وضبط الأســـواق، لكنها في الأغلب والأعم على ما يبدو تتحدث عن دولة أخرى !! أي ضبط أسواق هذا الذي تتحدث عنه الحكومة ؟ الأسعار ترتفع يوم بعد يوم وأحيانا خلال اليوم !!
ويجب  وبوضوح النظر للمواطن  المصرى  معدوم الدخل  حيث ان
إتباع سياسة ( الاقتصاد الحر ) ، لا يعنى بحال من الأحوال حالة السداح مداح  التى يعيش فيها الشعب الان، فكلنا يعرف ( بيل جيتس ) ، عندما أحدث خلل داخل السوق الأمريكي ، صودرت نصف ممتلكاته !! وهنا يحضرني مقولة لأحد أكبر رجال الصناعة يوم وقف في مجلس الشورى يحذر من الرأسمالية المتوحشة ، ومن المؤكد إننى لا أطالب هنا بالمصادرة ولكنى أطالب بتدخل الدولة كى لاتصل الأمور إلى  اكثرمما هي عليه اليوم ، قد يكون التدخل في صورة زيادة أعداد المجمعات الإستهلاكية والشوادر أو ما شابه ذلك ؟ وفى ذات الوقت أرفض شكلا وموضوعا  التلاعب باحلام وعقول الشباب المصرى وأن تعلن الحكومة عن إسكان إجتماعى يصل فيه ثمن الوحدة إلى أكثر من 400 ألف جنيه !! وعند تقديم الطلب يتم سداد حوالى 40 ألف جنيه !!

مثل هذه الأمور مرفوضة شكلا وموضوعا ، وعلى الحكومة أن تراعى ذلك . إن كانت لا تسعى إلى زيادة حدة الاحتقان .
أقول للحكومة كفى تهريج ، المواطن يئن ، وأنتم في وادى والشعب في وادى آخر !!

يا للروعة/ فراس حج محمد

يا للروعة أكاد لا أصدق! مسرور أنا هذا النهار سرورا بالغا، بالأمس القريب كنا بسيرة العظماء من أهل نابلس، وذكر المتحدثون إبراهيم طوقان، ونوهوا بإنجازاته الشعرية المهمة ومنها نشيد "موطني"، وأن هذا النشيد هو النشيد الوطني العراقي، ولم يكن المتحدث يعلم أن الجمهورية العراقية، قد غيرت النشيد العراقي، وتنازلت عنه وعن حقوق الطبع والترديد لصالح المغنية اللبنانية أليسا!
فلتفرح أيها الشاعر الكبير، اليوم فقط تقول: "وصلني حقي، وكرمت حق التكريم، وارتحت بتربة قبري"، ها هي أليسا ملكة الإغراء، وقائدة فريق "اشلح تنجح" على رأي "سُمْعة" تغني لك "مَوْتني"!!
عليك أن تستوعب التطور الصوتي، فقد أصبح الوطن أرق وأنعم كأنه العِهْن لذلك قالت أليسا "موتني"، وحق لها الترقيق أليست أنثى ويحق لصوتها ما لا يحق للشاعر إبراهيم طوقان؟ فضرورات الأنوثة تبيح محظورات اللغة والمنطق والشعر كذلك!
أيها الشاعر، يا شاعر الجمال قم وانظر كيف تكون الروعة إذن، عليك أن تحيا من جديد وأنت تغادر العراق، لتستقر في حوض ماء ساخن حيث تغتسل الكلمات بصوت أليسا. 
لعلك كنت تحلم بجمال لبنان وأنوثة اللبنانيات فأتاك ما كنت تبغي وتطمح، يا للعظمة كم أنت سعيد الآن يا أبا جعفر! و"مَوِّتني" في "موتني" الأليسية، ونعم الموت هو!!

المرجل المقدسي يغلي... ولا انتفاضة في الأفق/ راسم عبيدات

واضح بأن الظروف الموضوعية ممثلة بكل إجراءات وممارسات الإحتلال القمعية والإذلالية بحق المقدسيين ناضجة لخلق واقع انتفاضي،وهذه الإجراءات والممارسات والقوانين والتشريعات والقرارات ذات البعد العنصري والممتهن لكرامة المقدسيين والنافي والمقصي لحقوقهم،هي التي دفعت بالحالة المقدسية الى هبات جماهيرية متلاحقة تخبو حيناً وتعلو حيناً آخر ارتباطاً بحالة القمع الإسرائيلي،من جريمة خطف وتعذيب وحرق الشهيد الفتى ابو خضير حياً في 2/ تموز2014 وحتى اللحظة الراهنة،وهذه الهبات أتت وتأتي في إطار ردات فعل فردية وعفوية...مفتقرة للقيادة والتنظيم والمشاركة الجماهيرية الواسعة وتحديد الهدف...هبات تأتي في إطار حماية والدفاع عن الذات...بالمقابل الظرف الذاتي الفلسطيني،بدلاً من أن يلعب دور تصعيد الفعل الشعبي والجماهيري وتاطيرة وتنظيمه للوصول به الى حالة انتفاضية شعبية عارمة،وجدنا أنه في معادلة غير مستقيمه،وحالة مشوهة في عرف وفكر وحركات التحرر الوطني، لعب ويلعب دور المفرمل والكابح لتطور الفعل الجماهيري الشعبي المقدسي والهبات الجماهيرية الى انتفاضة شعبية واسعة تمتد شرارتها ومفاعيلها الى كافة ارجاء الوطن،فالحالة الفلسطينية عدا عن كونها ضعيفة ومنقسمة على ذاتها،وتمارس التحريض والطعن ببعضها البعض،فهي تستنفذ الكثير من طاقاتها وإمكانياتها في إطار مناكفاتها وصراعاتها الداخلية،مضيعة اتجاه البوصلة وحارفة لها عن اتجاها الصحيح...وكذلك ما افرزته وأوجدته السلطة من طبقة نمت داخل إطار السلطة أو من خارجها،نظرت لمشروع السلطة على انه مشروع استثماري يخدم مصالحها ونفوذها وتسيّدها للتراتبية السياسية والمجتمعية..وأي خطر على هذا المشروع من شأنه أن يفقدها مصالحها واستثماراتها ونفوذها...ولكن هي ليس فقط غير معنية بقيام حالة إنتفاضة شعبية شاملة،بل هي عمدت الى تطويع الكثير من الفئات الإجتماعية من خلال سلطتها المالكة للتوظيف كرب عمل معتمد على الضرائب ومؤسسات النهب الدولية (البنك والصندوق الدوليين) والقروض البنكية والمساعدات العربية والدولية المشروطة والمدفوعة الثمن،حيث شجعت الموظفين على  الإستدانة والإقتراض من البنوك،من اجل تحسين شروط وظروف حياتهم المعيشية،بحيث أصبح مصير هؤلاء الموظفين بيد السلطة ومدى قدرتها على صرف الرواتب،فالراتب من أجل تسديد تكاليف المعيشة والقروض من البنوك،قروض سكن،شراء أرض،سيارة،تعليم،زواج وغيرها،تجعل الموظف يعلي ويقدم شأن العامل الإقتصادي فوق أي عامل آخر،وبالتالي يطأطء الرأس ويستجيب ويخضع لما تريده السلطة أو ما تتخذه من مواقف وقرارات.

ولا يغيب عن بالنا عامل آخر في هذا الجانب على درجة عالية من الأهمية،بأن الأحزاب والفصائل والمفترض ان تشكل وتقود الإنتفاضة،اوضاعها محزنه،فهي تعيش ازمات عميقة بنيوية،واوضاعها الداخلية أقرب الى حالات هلامية منها تنظيمات صلبة ومتماسكة وموحدة الإرادة والفعل،وقيادتها مترددة وغير مبادرة،وهي أقرب الى التكلس والجمود والنمطية،وتعيش حالة من الإغتراب والإنعزال عن الجماهير في إطار الفعل والمبادرة والتصدي لجرائم ومشاريع الإحتلال.

رغم كل التموجات والغليان في المرجل المقدسي عبر حالة متقطعة من الهبات الجماهيرية،فنحن لسنا على أبواب انتفاضة شعبية  عارمة،رغم وصول الوضع في القدس الى حالة التأزم وذورة الأزمة،إحتلال يشن حرب شاملة على المقدسيين في كل المجالات والميادين،حتى أنه  يستهدفهم في تفاصيل ومناحي حياتهم اليومية،يتصدون ويقامون،يفشلون مخططاً او مشروعاً للإحتلال هنا او هناك،ولكن لا تصل الأمور الى مرحلة الإنتفاضة الشعبية العارمة،فالإنتفاضة ليست مسألة إرادوية أو إسقاطية،بالضرورة ان تتوفر لها أركان وعناصر،القيادة والتنظيم والهدف والمشاركة الشعبية الواسعة والكبيرة،كما حدث في إنتفاضة الحجر الأولى كانون اول/1987 ،مع التأكيد على أن إندلاع انتفاضة ثالثه لا يعني بأن تكون نسخة كربونية عن الإنتفاضتين الأولى والثانية،حيث تغيرت الظروف والأوضاع والتجارب والخبرات والحقائق،والمشهد الدولي والإقليمي والعربي،وكذلك الفلسطيني.

اذا كانت الأوضاع في القدس ناضجة لإنتفاضة شعبية،فهي على المستوى الفلسطيني العام غير ناضجة،حيث ان واحد من عوامل التحول في الوضع الفلسطيني في القدس والضفة الغربية نحو الإنتفاضة الشعبية ،هو إقدام السلطة الفلسطينية على تطبيق قرار المجلس المركزي في شباط الماضي بوقف التنسيق الأمني مع الإحتلال،هذا القرار الذي من الواضح انه لم يجر أية ترجمة عملية له،بل كل الدلائل تشير بان السلطة الفلسطينية ما زالت ترى بالرهان على العمل السياسي والمفاوضات والجهد او العمل المقاوم السلمي ،خياراً لها في مواجهة "التغول" و"التوحش" الإسرائيلي،وزيادة وتائر القمع والإعتداءات والإستيطان.

والعامل الفلسطيني،ليس وحده غير ناضج أو مالك لإرادة الشروع في إنتفاضة جماهيرية ناضجة ظروفها الموضوعية،بل الحاضنة العربية للفلسطينيين،هي الأخرى في أعلى درجة الأزمة والإنهيار
،حيث نرى بأن هناك حالة من التردي والإنهيار غير المسبوق،فلم تعد القضية الفلسطينية،هي قضية العرب والمسلمين الأولى،وكذلك بعض أطراف النظام الرسمي العربي المنهار،لم تعد ترى في اسرائيل العدو الأول والمباشر للعرب والفلسطينيين،بل عمق التحولات الحاصلة والجارية في بنية النظام الرسمي العربي غيرت من دوره،وظيفته،تحالفاته وعلاقاته واولوياته،حتى وصل الأمر بالعديد من اطرافه،ليس فقط التآمر على القضية الفلسطينية،بل حد التنسيق والتحالف مع الإحتلال،ولكي تصل الأمور  حد التنسيق والتعاون بالعمل على تهدئة الأوضاع في مدينة القدس.

إن المرجل المقدسي سيواصل الغليان صعوداً وهبوطاً،ولكن يبقى الحديث عن إنتفاضة شعبية الآن رهناً بالتطورات على الوضع الفلسطيني العام،وحالة الإشتباك والصراع مع المحتل ستبقى قائمة ومحتدمة،ما دام الإحتلال قائماً،ويخطط لطرد وتهجير المقدسيين،بسياساته العنصرية وقوانينه وتشريعاته وعقوباته الجائرة،والتي كان آخرها قرار محكمة العدل العليا "الإسرائيلية" تطبيق ما يسمى بقانون املاك الغائبين على أراضي وممتلكات المقدسيين المقيمين في الضفة الغربية،وحالة الإشتباك والفعل الإنتفاضي،قد تقلب الطاولة وتخلط الأوراق وتغير من المعادلات القائمة،في ظل حالة من التخبط والإرباك الإسرائيلي،لصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه ومشروعه الوطني،إذا ما احسنا الإستثمار،ويمكن أن تقودنا حالة التخبط وفقدان السيطرة،وغياب التنظيم والفعل القيادي الموحد والهدف إلى حالة من الفوضى بما يحقق الأهداف الإسرائيليّة. فهل نجرؤ على الاختيار الصحيح أم يقضي علينا الانقسام والخشية من المجابهة المفروضة؟.

جحود المتلقي مقابل كرم المانح/ د. عبدالله المدني

المتابع للتغريدات المتداولة في الخليج، ولاسيما بين شباب دوله الأكثر ثراء من تلك التي التزمت منذ عقود طويلة بمد يد العون الى الدول العربية والاسلامية، قروضا وهبات ونفوط مجانية ومساعدات تنموية، يلاحظ وجود حالة من التذمر لدى هؤلاء بسبب ثلاث حالات منفصلة ثبت فيها مجددا أنّ المتلقي أدار، في أوقات الشدائد والمحن، ظهره للمانح مبررا عمله بتبريرات واهية أو طارحا مواقف متناقضة.
كلنا يتذكر كيف عضّ صدام حسين اليد التي أعانته في حربه الطويلة مع إيران في الثمانينات، بغزوه الكويت وتهديده دول الخليج الأخرى. وكلنا يتذكر كيف كان الفلسطينيون يحتفلون ويوزعون الحلوى مع سقوط كل صاروخ عراقي على دول الخليج التي لم تقصر يوما في دعم قضيتهم. وقتها لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي متوفرة بشكلها الحالي، وإلا لكان المتداول من التغريدات أكبر حجما وأعنف خطابا. لكن هذا ليس موضوعنا، لأنه بات شيئا من الماضي الذي نحاول نسيانه.
على أنّ المشكلة تكمن في أنه كلما حاولنا النسيان تكرر الحدث نفسه بأبطال آخرين، وهذا ما سيقودنا إلى الحالات الثلاث التي أججت مواقع المغردين الخليجيين مؤخرا.
فاليمن تلقى مساعدات بلغت نحو 60 مليار دولار من المملكة العربية السعودية وحدها، دعك من استئثارها دوما بنصيب الأسد من برامج التنمية والقروض الخليجية. لكن طائفة من أبنائه ممثلة بالحوثيين طعنتنا في الظهر بالإصطفاف مع النظام الفقهي الايراني التوسعي، وترويج الأكاذيب عن دولنا، والاعتداء على الحدود الجنوبية للسعودية. والشيء ذاته فعله أنصار المخلوع علي عبدالله صالح  الذي كان على حافة الموت بسبب  ما أصابه في تفجير جامع النهدين في يونيو 2011، فامتدت له يد الرياض الحانية لتمكنه من البقاء على قيد الحياة، وهاهو يعض تلك اليد على رؤوس الاشهاد عبر تعاونه مع الحوثي والايرانيين، في ظاهرة يصدق معها قول الشاعر: إذا انت أكرمت الكريم ملكته وإذا أنت أكرمت اللئيم تمردا.
أما لبنان فقد كان طفل السعودية والخليج المدلل بدليل جهود الرياض المعروفة لجمع أطرافه في الطائف من أجل وقف نزيف حربه الاهلية العبثية، وبدليل دعم دول الخليج لمشروع إعادة تعميره بقيادة الشهيد رفيق الحريري، ناهيك عن الموقف الحاسم للرياض وشقيقاتها الخليجيات في دعم هذا البلد أثناء العدوان الاسرائيلي عليه في صيف 2006 حينما قال المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز: "إن دعم لبنان واجب علينا جميعا ومن يقصّر في دعمه فهو مقصر في حق نفسه وعروبته وانسانيته"، وهو ما عززه الملك الراحل لاحقا بتقديم هبة الثلاثة بلايين دولار من قوت شعبه لتسليح الجيش اللبناني. لكن بعض اللبنانيين ممثلين في حزب الله وحلفائه تنكروا لكل شيء وراحوا يديرون اسطوانة الشتم والسباب ضد عملية عاصفة الحزم ويروجون الدعايات المضللة. ولو أنّ الأمر اقتصر على هذا، لما كان الوضع مستهجنا ولقرأناه في سياق حقيقة أن زعيم دولة الضاحية الجنوبية هو بوق لأسياده في طهران ومنفذ لأوامرهم. لكن المشكلة هي أن لبنان الرسمي لم يتورع عن إيذاء مشاعر السعوديين واخوتهم الخليجيين وهم يخوضون حرب عاصفة الحزم، وذلك حينما قام تلفزيونه الرسمي، المفترض فيه عدم الانحياز إلى مواقف الجماعات والميليشيات السياسية، بإعادة بث مقابلة حسن نصرالله مع التلفزيون الرسمي السوري بكل ما تضمنته من بذاءة لسان ولغة شتم وسباب وأحقاد وعنتريات، دون أن تكلف الحكومة اللبنانية نفسها بشيء سوى تقديم وزير إعلامها لإعتذار باهت، سرعان ما تراجع عنه قائلا أنه اعتذار شخصي لا يمثل الحكومة.
لن نتوسع في كل ما سبق ونقفز الى الحالة الثالثة ممثلة في رفض البرلمان الباكستاني دعم تحالف عاصفة الحزم او المشاركة فيه بعدما كان رئيس الوزراء نواز شريف قد أوهمنا فور بدء عمليات التحالف بأن بلاده جزء منها. والحالة الباكستانية مثال آخر للدولة غير العربية التي غرفت من الخزائن الخليجية ما لم تغرفه أي دولة أخرى دون أنْ تقدم أي مقابل، بل التي ـ في الواقع ــ أضرت بأمن دولنا حينما خلقت ودعمت نظام طالبان الأفغاني، ولم تلجمه حتى بعدما تأكدت من احتضانه ودعمه لتنظيم القاعدة وتمكينه من الاعمال الارهابية. وهاهي باكستان نواز شريف الذي أنقذت السعودية رقبته من مشنقة برويز مشرف واستضافته في جدة تدير اليوم ظهرها لنا بحجج واهية مع تناقض في مواقفها. 
فتارة هي تفضل الوقوف على الحياد من أجل أن يشفع لها ذلك بلعب دور الوسيط، وتارة أخرى تقول أنها ضد القتال في اليمن لكنها مع الدفاع عن أراضي الحرمين وكأنما الأمران غير مرتبطين. ولعل هذا ما جعل مسؤول خليجي بارز يقول علانية لأول مرة في تاريخ العلاقات الباكستانية الخليجية " أن اسلام آباد بهكذا مواقف ستدفع الثمن غاليا".
وقد تبرع البعض فقدم تفسيراته الخاصة لهذا الموقف الباكستاني. فمنهم من قال أنّ السبب هو ضعف تواصل بلادنا مع قادة الرأي ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب الباكستانية. ومنهم من قال الشيء نفسه مضيفا إليه أنّ الايرانيين كانوا أذكى في هذا السياق فتمكنوا من شراء ولاء قيادات سياسية وحزبية باكستانية في وقت مبكر. ومنهم من عزا السبب إلى مخاوف باكستان من ردود فعل عسكرية إيرانية إزاءها، متناسيا أنها تملك قوة ردع نووية تستطيع التلويح بها أمام الايرانيين، وقت الضرورة. ومنهم من برر نأي باكستان لنفسها بالخوف من ردود أفعال شيعتها، متجاهلا أنّ شيعة باكستان لا يشكلون سوى 15 بالمائة من عدد السكان فقط وأنّ لا تأثير حقيقي لهم في التوازنات الداخلية. وكان هناك فريق آخر برر الموقف الباكستاني بالقول أنّ باكستان لا تستطيع مساعدة دول أخرى عسكريا لأنها في حالة حرب مع الهند والجماعات الجهادية في وزيرستان وانفصاليي بلوشستان. 
وأخيرا خرج من المحللين من حاول التذاكي وطمأنة دول الخليج، بالقول أنّ نواز شريف ليس ملزما بقرار برلمانه، وأنه سيرميه في سلة المهملات. 
 عبارة الهامش:
الحالة الباكستانية مثال آخر للدولة غير العربية التي غرفت من الخزائن الخليجية ما لم تغرفه أي دولة أخرى دون أنْ تقدم أي مقابل
د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: ابريل 2015 
البريد الالكتروني: Elmadani@batelco.com.bh 

لماذا هذه القوة العربية المشتركة/ نقولا ناصر

(أبرمت معاهدة الدفاع العربي المشترك لمواجهة العدوان الخارجي على الدول الأعضاء منفردة أو مجتمعة، مثل احتلال فلسطين والعراق والجولان وسيناء وجنوب لبنان وغزو ليبيا، لكن من الواضح أن القوة العربية المشتركة المقترحة غير معنية بذلك بتاتا)

عندما لا تكون "فلسطين" على جدول أعمال القوة العربية المشتركة التي يجري الإعداد لإنشائها الآن، وتكون القوى الأساسية الداعية لها في حالة "سلم" مع دولة الاحتلال الإسرائيلي ومتحالفة استراتيجيا مع راعيها الأميركي وتكون دولها الرئيسية في "شراكة" مع حلف "الناتو"، وتكون سوريا بما تمثله من ثقل استراتيجي في الأمن القومي العربي خارجها، ويتحفظ عليها العراق والجزائر، فإن مثل هذه القوة لا يسعها الإدعاء بأن هدفها هو حماية "الأمن القومي العربي" كما قال البيان الختامي لقمة القاهرة العربية في آذار/ مارس الماضي التي قررت إنشاء قوة كهذه.

ناهيك عن شبهة الاصطفاف الطائفي للقوة المقترحة التي تهدد بتوسيع الفجوة بين الوطن العربي وبين محيطه الإسلامي من ناحية وتهدد من ناحية أخرى بتعميق الاستقطاب الطائفي المهدد بدوره للوحدة الوطنية في كل قطر عربي على حدة.

وهذه ليست المحاولة الأولى لجامعة الدول العربية لإنشاء قوة كهذه. فجيوش الدول العربية السبع المسؤولة عن النكبة العربية في فلسطين عام 1948 بادرت بعد هزيمتها آنذاك إلى إبرام معاهدة الدفاع العربي المشترك في السابع عشر من حزيران عام 1950 التي انبثق عنها مجلس الدفاع العربي المشترك الذي تجري الآن محاولة إحياء جثته المحنطة في ادراج الجامعة العربية كمرجعية للقوة العربية المشتركة الجديدة.

والقيادة العربية المشتركة التي تم استدعاؤها على عجل من متحف الجامعة العربية قبل حوالي شهر من العدوان الذي شنته دولة الاحتلال على أربع من دول "الطوق" العربية عام 1967 هي المسؤولة عن "النكسة" العربية في تلك السنة.

و"قوة الردع العربية" التي أنشاتها الجامعة العربية عام 1976 لاحتواء الحرب الأهلية اللبنانية التي أشعلها استقطاب المحاور المتصارعة فيها أطالت أمد الحرب الأهلية حتى عام 1989 عندما تم التوصل إلى اتفاق الطائف لينتهي المطاف بقوة الردع هذه إلى مجرد وجود عسكري سوري بغطاء عربي لم يمنع "حرب المخيمات" الفلسطينية ولا منع غزو دولة الاحتلال لجنوب لبنان وصولا إلى العاصمة بيروت عام 1982.

وفي إطار عربي أضيق جاءت قوة "درع الجزيرة" التي أنشأتها الدول الست الأعضاء في مجلس تعاون دول الخليج العربية عام 1984 لتوكل مهمة الدفاع عنها في مواجهة "الجمهورية الإسلامية" في إيران إلى العراق وجيشه ليقاتلا حتى آخر عراقي طوال ثماني سنوات بينما اكتفت دولها بالدعم المالي والسياسي والإعلامي.

ولم يكد يتم وقف إطلاق النار في الحرب العراقية – الإيرانية حتى نشبت الأزمة العراقية – الكويتية لتجد "الجزيرة" أن "الدرع" الأميركي هو الوحيد الذي استطاع أن يحوّل "محافظة كاظمة" العراقية إلى "دولة الكويت" ثانية، فالقيادة العسكرية لقوات درع الجزيرة التي انضمت إليها قوات مصرية وسورية كانت مجرد قيادة "موازية" رمزية للقيادة العسكرية الأميركية في "عاصفة الصحراء" على القوات العراقية في الكويت عام 1991.

وكانت استجابة قوة درع الجزيرة للتدخل في البحرين عام 2011 بطلب من حكومتها الشرعية لاحتواء الحراك الشعبي الواسع المتواصل لتاريخه هو الانجاز الوحيد لها حتى الآن بينما أثار عدم مشاركة سلطنة عمان في "عاصفة الحزم" على اليمن والنتائج السلبية التي تمخضت عنها هذه "العاصفة" حتى الآن أسئلة جادة حول وحدة قوة درع الجزيرة ودورها الإقليمي.

واليوم يجري الحديث عن إنشاء "قوة عربية مشتركة" قوامها حوالي أربعين ألف جندي مدعومين بالمدرعات والطائرات والسفن الحربية، ومهما كان النقصان أو الزيادة في عديدها أو في تسليحها في حال تم الاتفاق فعلا على إنشائها فإنها بالتأكيد لن تكون ندا عسكريا لإيران ولا لدولة الاحتلال، لتكون مهمتها كما هو مخطط لها هي إنشاء "قوة للتدخل السريع" في صراع المحاور العربية من جهة وفي الشأن الداخلي للدول العربية كما جرى في "عاصفة الحزم" على اليمن كمثال دموي حديث لم تجف دماؤه بعد.

ففي الاجتماع الذي عقده ثمانية عشر من نظرائه العرب في القاهرة يوم الأربعاء الماضي برئاسة مصرية وحضور الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي كخطوة إجرائية أولى تنفيذا لقرار القمة العربية السادسة والعشرين قال رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمود حجازي إن الهدف من إنشاء القوة المشتركة هو "التدخل السريع بناء على طلب من الدولة المعنية وبما لا يمثل أي انتقاص من سيادتها واستقلالها" في حال كانت "المواجهة الأحادية من جانب القوة المسلحة الوطنية داخل حدود البلد الواحد غير كافية".

وفي هذا السياق لا يوجد ما يسوغ أي تشكيك في صدقية بيان المتحدث العسكري المصري العميد محمد سمير في ختام اجتماع رؤساء الأركان يوم الخميس الماضي بأن القوة المشتركة "ليست موجهة ضد أي دولة، ولا تمثل محورا أو تحالفا أو تهديدا لأحد، وإنما تهدف إلى محاربة الإرهاب وحماية الأمن القومي العربي".

فخلاصة هذا التصريح هي أن القوة المشتركة المأمولة تستهدف حماية أنظمة الحكم القائمة من أي تغيير لها فحسب وأنها موجهة للداخل العربي وليس لحماية الأمن القومي في مواجهة أي تهديد خارجي له، بعد أن ازدادت شكوك دول الخليج العربية التي تتحكم بقرار الجامعة العربية حاليا في الضمانات الأميركية لأمن أنظمتها في ضوء اتفاق الإطار الأخير على البرنامج النووي الإيراني.

وإذا كانت "عاصفة الحزم" على اليمن التي أضفت قمة القاهرة العربية شرعية الجامعة العربية عليها في آذار الماضي هي النموذج الذي سوف يحتذى به في ممارسة القوة المشتركة لتفويضها كما شرحه الفريق محمود حجازي فإن "الأمن القومي العربي" مقبل على مرحلة لم يشهد لها مثيلا من قبل من الصراع العسكري العربي بين الدول من جهة وبين الحكومات وبين شعوبها من جهة أخرى.

فهذه وصفة مثلى لحماية انظمة حكم قائمة تستمد "شرعيتها" من خارج أوطانها القطرية سواء بدعم من أنظمة حكم عربية مماثلة أو بدعم أجنبي وليس من شرعية انتخابية أو شرعية ثورية، لتتحول القوة المشتركة المأمولة إلى أداة لحماية أنظمة الحكم القائمة ولقمع أي حراك شعبي لتغييرها، كما أنها وصفة مثلى للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية بما يرقى إلى انقلاب على ميثاق جامعة الدول العربية الذي يحظر ذلك.

فعلى سبيل المثال، تحظر المادة الثامنة من الميثاق التدخل في الشأن الداخلي لأي دولة عضو في الجامعة، كما تنص معاهدة الدفاع المشترك لسنة 1950 في مادتها الأولى على تسوية المنازعات ب"الطرق السلمية" بين الدول العربية وبينها وبين غيرها من الدول.

والمفارقة أن معاهدة الدفاع المشترك تنص في مادتها العاشرة على تعهد الدول المتعاقدة عليها بعدم "إبرام أي اتفاقيات دولية قد تتناقض مع نصوص هذه المعاهدة" وبعدم إقامة "علاقات دولية بطريقة قد تتعارض مع أهداف هذه المعاهدة".

لكن الدول الأساسية الداعية لإنشاء القوة العربية المشتركة اليوم هي إما دول عربية موقعة على معاهدات منفردة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي مثل مصر والأردن أو ملتزمة من جانب واحد بالجنوح إلى السلم معها، وهي كذلك منخرطة في اتفاقيات أمنية مع الولايات المتحدة الأميركية أو في اتفاقيات "شراكة" مع حلف "الناتو"، وهذه المعاهدات والاتفاقيات تتناقض تناقضا صارخا مع بنود أساسية في معاهدة الدفاع العربي المشترك.

والأدهى أن هذه الدول ذاتها تدعي أيضا التزامها بمعاهدة الدفاع المشترك التي تعدّ في مادتها الثانية "أي عدوان مسلح ضد اي واحدة أو أكثر منها أو على قواتها المسلحة عدوانا موجها ضدها جميعا"، وهي الدول ذاتها التي دعمت ودعت إلى التدخل العسكري الأجنبي في دول عربية كالعراق وليبيا وسوريا وما زالت على استعداد للاستقواء به مجددا.

فقد أبرمت معاهدة الدفاع العربي المشترك لمواجهة العدوان الخارجي على الدول الأعضاء منفردة أو مجتمعة، مثل احتلال فلسطين والعراق ولجولان وسيناء وجنوب لبنان وغزو ليبيا، لكن من الواضح أن القوة العربية المشتركة المقترحة غير معنية بذلك بتاتا.

ويظل السؤال الملح قائما: هل الدول العربية الداعية إلى إنشاء القوة المشتركة الجديدة مستعدة لوضع هذه القوة في خدمة عرب فلسطين ومقاومتهم الوطنية وفي خدمة "دولة فلسطين" التي تعترف هذه الدول بها في مواجهة الاحتلال الذي لم يعد خطرا يهدد فلسطين وحدها بعد ان احتلها بكاملها بل على الأمن القومي العربي برمته؟!

لقد مثل "فلسطين" في اجتماع رؤساء الأركان العرب قائد الشرطة اللواء حازم عطا الله وقائد الأمن الوطني اللواء نضال أبو الدخان في "السلطة الوطنية الفلسطينية" بالضفة الغربية المحتلة، وليس من المتوقع أن تكون مشاركتهما أكثر من مجاملة بروتوكولية عربية لفلسطين تستهدف الايحاء المغلوط بأن القضية الفلسطينية ما زالت موضع اهتمام الدول العربية المشاركة، فهما ليس في وضع من هو مؤهل عسكريا أو سياسيا لأي دور فاعل في القوة المشتركة المأمولة.

وليس من المتوقع كذلك أن يكون الرجلان قد طلبا من قادة الجيوش الثمانية عشر وضع القوة المشتركة في خدمة النضال الوطني العادل لشعبهم من أجل مقاومة الاحتلال والتحرر وتقرير المصير.

* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com         

المشروع الوطني الفلسطيني في أوروبا/ علي هويدي

منذ أن تم التوقيع على إتفاق أوسلو في أيلول من العام 1993 وحالة الإستقطاب السياسي الفلسطيني الآحادي تأخذ شكلها العامودي والأفقي، سواءً على مستوى القيادة السياسية وعلى نسبة ليست بالقليلة من شعبنا الفلسطيني ممن تأثروا فيها ورددو كلماتها أحياناً دون وعي وإدراك، لتبلغ ذروتها مع فوز حركة "حماس" في الإنتخابات التشريعية في العام 2006 وتشكيل الحكومة الفلسطينية برئاسة "حماس"، لتأتي أحداث غزة في العام 2007، لتفاقم من حدة الإستقطاب بتكريس حالة من الإنقسام المقيت..! 
تلعب حدة التجاذبات السياسية دوراً بارزاً في التأثير السلبي المباشر على المشروع الوطني الفلسطيني بمعناه الجامع، فكان على حساب خسارة الوقت والجهد والإمكانات والرؤية الاستراتيجية للمشروع، وفي المقابل لا يبدو بأن هناك في الأفق ما يلوح بشيئ جِدي كمحاولة إلى رأب الصدع الوطني إلى غير رجعة..!
وعلى مدى سنوات الإنقسام، لم تتوقف الرحلات المكوكية للقيادة الفلسطينية وإبرام الإتفاقات وبرعايات كريمة من دول عربية وإسلامية، من الدوحة إلى اليمن إلى مصر فالسعودية وقطر وتركيا وإيران إلى وثيقة الأسرى وغيرها.. وآخرها ما تم التوقيع عليه وما بات يعرف باتفاق مخيم الشاطئ في قطاع غزة في 24/4/2014، لكن لا تكاد تجف حبر كلمات الإتفاق إلا وتبدأ جولة جديدة من التراجعات و"لحس ما تم الإتفاق عليه"، سواءً بسبب تدخلات خارجية، أو لحسابات سياسية داخلية، بحيث كل طرف يضع الملامة في التعطيل على الطرف الآخر، وبين هذا وذاك يدفع الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج أثماناً باهضة على المستوى السياسي والإنساني وآخرها النكبة الثانية التي يتعرض لها اللاجئون الفلسطينيون في سوريا في ظل غياب مرجعية فلسطينية موحدة قادرة لأن يكون لها دور مؤثر..!
في المقابل نجح فلسطينيو أوروبا بالتقاط منهجية الحصانة الوطنية واستبعاد – وإلى حد كبير - حالة الاستقطاب الذاتية والتركيز على الجامع الوطني والإلتقاء على المفاصل الوطنية الجامعة كرصيد كمي ونوعي تم تأصيله والتقعيد له بشكل إستراتيجي لينمو ويكبر ويوجِد مساحة من التفاعل على مستوى القارة الأوروبية وخارج حدود القارة، فمن مؤتمر قلسطينيو أوروبا الأول الذي عقد في العاصمة البريطانية لندن عام 2003 الى النسخة الجديدة المعدلة للمؤتمر رقم 13 الذي سيعقد في 25 الجاري في العاصمة الألمانية برلين، فخلال أكثر من عقد من الزمن شكَّل المؤتمر بديمومة انعقاده سنوياً محطة جامعة لكافة الفسيفساء والطيف الفلسطيني وغير الفلسطيني وبتوجهاته السياسية المختلفة وحمل شعار "فلسطين تجمعنا والعودة موعدنا"، وأنجب ولَّادات لها مكانتها وتأثيرها في الوسط الفلسطيني وفي العالم الغربي والعربي والإسلامي على مستوى إنشاء المؤسسات المتخصصة بقضايا اللاجئين والعمل النقابي والأدبي والفكري والثقافي والفني والأكاديمي..، لتكون فلسطين أكبر وأهم من الحزب ومن التنظيم، وإن كان هناك ما يُختلف فيه، فهناك الكثير مما يُتفق عليه، وعلى هذه القاعدة الذهبية يستشعر الوجود الفلسطيني في أوروبا الذين اختاروا هذا العام عنواناً لمؤتمرهم "فلسطينيو أوروبا والمشروع الوطني الفلسطيني" ليشكل حاضنة ورافعة معنوية وسياسية ووطنية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ومقدمة للعب دور رئيسي وأساسي من التمثيل الفلسطيني ولتكريس المرجعية الفلسطينية الموحدة، وبهذا المعنى ليس غريباً أن يحمل المؤتمر هذا العام ذاك العنوان، وأن يُهاجم وبشراسة على الصفحات الصفراء..!
*باحث وكاتب في الشأن الفلسطيني

ورحل (الخال) شاعر الغلابة عبد الرحمن الأبنودي/ شاكر فريد حسن

فقد الشعر العامي المصري والعربي أحد رموزه ورواده وأعلامه الساطعة ، هو الشاعر المصري الكبير عبد الرحمن الأبنودي المعروف بـ "الخال" ، الذي توقف قلبه عن الخفقان ولفظ أنفاسه الأخيرة مودعاً الكون ، بعد حياة زاخرة بالإبداع الشعري والنضال السياسي ، الذي جعله نزيلاً في المعتقلات والسجون المصرية في بعض مراحل حياته . ومن المفارقات أن يموت ويرحل في ذكرى رحيل صديقه الشاعر الراحل صلاح جاهين .
الأبنودي هو من أبرز شعراء العامية في مصر والوطن العربي ، ومعه وعلى يديه شهدت القصيدة الشعبية العامية تحولاً واضحاً وقفزة نوعية ومرحلة انتقالية مهمة في تاريخها . وقد تحولت قصائده إلى أغان أنشدها وصدح بها كبار المطربين المصريين أمثال العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ ومحمد رشدي ونجاة الصغيرة وشادية ومحمد منير وسواهم . وحملت أشعاره هموم الناس البسطاء وعبرت عن خلجات ونبضات قلوبهم ، وعكست مشاعره وعواطفه العفوية المتدفقة ، مواقفه السياسية والحياتية ، تجلياته وانكساراته .
جاء الأبنودي إلى هذا العالم سنة 1939 في قرية أبنود بمحافظة قنا بصعيد مصر ، وينتمي إل أسرة دينية محافظة ، أنهى دراسته الأكاديمية بكلية الآداب في جامعة القاهرة ونال شهادة البكالوريوس في اللغة العربية .
 برزت موهبته الشعرية منذ نعومة إظفاره ، وتفجرت قريحته في "قنا" التي عاش وترعرع فيها ،ولعب مع أترابه في أحيائها وأزقتها ، متأثرا بأغاني السيرة الهلالية التي كانت رائجة ومنتشرة في تلك الفترة ، وكان شغوفاً  بشعر المتنبي والمعري . أجاد وأتقن كتابة الشعر العامي القريب من الذائقة الشعبية ، وتميز بالأهازيج الشعبية والأغاني الحماسية ،التي تجسد الأصالة وحال الشعب المقهور المعذب المثخن بالجراح وواقع الأمة العربية المنكوبة .
امتاز الأبنودي بالطيبة والوداعة وخفة الدم والصراحة الشديدة ، والوفاء للمبدأ والموقف الثوري ، والإخلاص لقضايا الوطن والحرية والشعب والأمة . وكان قريباً من هموم الفقراء وبسطاء الشعب والمقهورين والمسحوقين ومن أحلام الإنسان المصري . 
عاش التحولات السياسية والاجتماعية في مصر،وعايش الانتكاسات والهزائم العربية ، وانتقد بشكل لاذع الرئيس المصري الراحل أنور السادات لمواقفه الانهزامية الاستسلامية الخنوعة ، وساهم في الدفاع عن القيم الجمالية والإنسانية ، وصقل شخصية المصري الثائر المتمرد الرافض للقهر والظلم والاستبداد والاضطهاد الطبقي . 
صدر للأبنودي 22عملاً شعرياً ، أهمها وأبرزها : الأرض والعيال ، السيرة الهلالية ، الاستعمار العربي ، الزحمة ، جوابات حراجى القط ، أنا والناس ، وبعد التحية والسلام ، وجوه على الشط ، صمت الجرس ، المشروع والممنوع ، المد والجزر، الأحزان العادية ، الموت على الإسفلت " وغير ذلك .
 قصائد الأبنودي وأشعاره الوطنية والسياسية والعاطفية والوجدانية تعكس روحه الشعبية وإحساسه المرهف ، وتنبض بأوجاع وآلام الناس الغلابة وتصف هموم الحياة القاسية ، وشكلت متنفساً لملايين الناس الجياع والمقهورين والمضطهدين الباحثين عن وطن الحرية والشمس والفرح والسلام والوئام . وهو لا يعيش محصوراً بين جدران ذاته وهمومه الفردية الخاصة ، فالإنسان دينه وديدنه ، والوطن دائماً في قلبه حتى وهو يتحدث عن أحواله الروحية .
الأبنودي شاعر شعبي صاحب ذهن عميق وثقافة واسعة ورؤية واضحة ، انغمس والتصق بهموم الفقراء والناس البسطاء ، وعاش أحاسيسهم وأوجاعهم وأحلامهم . إنه شاعر البساطة والبعد عن التعقيد ، وصاحب التعبير الفني الجميل ، والأسلوب السهل الممتنع . وهو يمتلك ناصية الكلام ويجيد سبك الكلام ، وظل مخلصاً لفنه ولما يؤمن به من رؤية خاصة للأدب والحياة ومن التزام سياسي وانحياز طبقي .
خلاصة الكلام ، عبد الرحمن الأبنودي قامة شعرية إبداعية ، وقيمة وطنية كبيرة ، وشاعر عظيم حظي بشهرة واسعة ، وأحتل مكانة رفيعة على نطاق واسع بين الأدباء والشعراء والمثقفين وبين صفوف الشعب ، الذي أحبه وانحاز إليه وانتصر لقضاياه . وإذا  كان مات جسداً فسيبقى حياً إلى الأبد بشعره الصادق العفوي الشفاف وسيرته الحياتية الطيبة النقية الصافية .

البسْطيّاتُ تتكىءُ على حزنِ دجلة/ كريم عبدالله

في ( نفقِ التحرير )* يدخلُ الصباحُ المهيّء للأجهاض .../ يومضُ الليلُ المنهكَ في عرباتِ الباعةِ الجوّالينَ ..../ تتعثرُ الأرصفةُ بــ الأمنياتِ تتدحرجُ على إسفلتِ الشظايا ........
(نصبُ الحريّةِ )* يئنُّ وقدْ جرّدهُ اللصوصَ يتفيّئونَ تحتَ أحلامهِ  .../ كلّما تشدُّ ( ساحةَ الطيران )* حزامَ الأمان يتطايرُ أشلاءاً على السطوح .../ (بسْ تعالوا .... )* مرّروا الجرائدَ على أنامل تشكو وطاويطَ صلَةَ القربى تهرُّ الأفكارُ تنبشُ إشاراتِ المدنّسةِ تنقضُّ محدودبة .../ أطفأَ غليونهُ ( فائق )* ولملمَ فراشاتهِ النازفة فرحاً أحمر ..../ حينَ زعقتْ سيّارة إسعافٍ شمّطاءَ تحملُ نهاراً أخيراً ............/ بينما واجهاتُ المباني دخّنتْ يُسكرها مكائد الآخرين .....
تجاعيدها الموحلةِ عشعشَ فيها الفارّينَ يحوّمونَ حولَ صدغيها ../ يفكّكونَ ساعاتها المتدلّيةِ على أبوابِ المآذنِ الملغومةِ .../  طارئون يشنقونَ خصلاتها على أبوابِ معابدِ الغيّ ....
أورقَ تابوتُ يرطنُ حقدهُ الدفينَ كـــ صرخةٍ عاليةٍ .../ يكتمُ ما يساورهُ منطوياً منْ وجعٍ يستثقلُ تأملهُ في مرآةٍ خشنة .../ يتغاضى عنْ ( صجمٍ )* مزروعاً في ( البابِ الشرقي )* يختبرُ زجاجَ ( الكيّاتْ )* .....
يرتبكُ العصفُ مدغدغاً خناقَ ( البسطيّاتْ )* ........./ تعتصرُ ( الخلّاطات )* العمياء غابات الحزنِ متورّدةً بــ الفوران .../ وأقداحُ الشاي ولّتْ منكسرةً ولمْ تعقّبْ خلفَ الصكوك ............
برتقالُ الجحيمِ ركضَ متعثراً على سكّةِ الفتيلةِ .../ رتّقَ عطشي على نقّالةٍ مهوسةٍ بــ الصدأ .../ أمضاني وحيداً متعكّزاً في شارعِ ( الشيخ عمر )* مجهولَ الرأس ...........

البسْطيّاتُ : اصحاب البسطيّات هم من يبع على الارصفة .
نفقِ التحرير: في ساحة التحرير في قلب مدينة بغداد يوجد هذا النفق .
نصبُ الحريّةِ : هو رمز لمدينة بغداد عبارة عن نصب كبير للفنان العراقي جواد سليم .
ساحةَ الطيران : ساحة في وسط بغداد يكثر فيها الباعة المتجولين ومن يتخذ الارصفة مكانا لعرض بضاعته , وهي تغصّ دائما بالمارّة .
بسْ تعالوا : مقطع من اغنية عراقية .
فائق : هو الفنان التشكيلي العراقي الكبير فائق حسن .
صجمٍ : قطع حديدية توضع في العبوات الناسفة وفي السيارات المفخخة .
البابِ الشرقي : وسط مدينة بغداد وهو كراج كبير للمسافرين .
الكيّاتْ : هي سيارات كيا .
الخلّاطات : الة تستخدم لعصر الفواكه
الشيخ عمر : شارع لذوي المهن والمحال التجارية يزدحم دائما بالمارّة .

بغداد
العراق

خلى بالك يا ريس/ الدكتور ماهر حبيب

السلفيين وأعوانهم خرجوا على السادات وقتلوه بالرغم من أنه أطلق لهم العنان ليفترسوا فكر الشباب وأطلق السادات على نفسه لقب الرئيس المؤمن وأسمى الدولة دولة العلم والإيمان وتركهم يمرحون فى الدولة حتى قتله نفس التيار الذى أنشأه وكان جزاءه مثل جزاء سنمار فخانوه وقتلوه.

وجاء مبارك وأخرجهم من السجون وأعطاهم الأمان وترك لهم الحبل على الغارب وحينما ظهرت بوادر تمرد يناير حتى أفتوا بتحريم الخروج على الحاكم ولكن بعد أن أفلت شمس مبارك تحولوا إلى النقيض وهاجوا على مبارك وقالوا فيه ما قاله مالك فى الخمر وفى نهاية الأمر خانوه.

وجاء مرسى وجاروه فى سعيه لتدمير الدولة ووقفوا معه طمعا فى تورتة الحكم وعندما إختلفوا على السلطة خانته قيادات السلفيين وتأخرت القواعد الشعبية عن خيانة مرسى وذهبوا إلى رابعة وكونوا العمود الفقرى لبؤرتى رابعة والنهضة وعندما بدأ الضرب خرجوا من الممرات الأمنة ليختفوا من المشهد الدموى ولأن  السيسى ظهر أنه هو المنتصر مع جموع المدنيين الذين يرفضون الإخوان وذهب السلفيين من رابعة إلى بيوتهم وغسلوا وجوههم من تراب معركة الفض ولبسوا حلة جديدة وذهبوا إلى التحرير تأييدا للسيسي وذهب قادتهم ليجلسوا مع قادة البلد الجدد وخانوا مرسى من أجل النفاق وليس ثباتا على مبدأ وإبتدأوا صفحة جديدة من نفاق الحاكم

وجاء السيسى وبات النفاق على أشده وإنطلقوا فى الإعلام أسرع من إنتشار النار فى الهشيم يمجدون فيه ويعلنون تأييدهم المطلق له ويبدأون حديثم برفع آيات الشكر والحمد والرفعة للسيسي قبل أن يقولوا بسم الله وبين كل جملة وجملة يعلنون هذا التأييد حتى يتوه المستمع ولا يعرف عن ماذا يتحدث السلفى وقد خال هذا النفاق على السياسيين السذج وتصوروا أن السلفيين هم مثل الخاتم فى صباع الرئيس وأنهم الجنود الأوفياء والذى سيتم بهم ضرب الإخوان والخلاص منهم مع أنهم يعملون سويا بطريقة  أنا وأخويا السلفى على الإخوانى إبن عمى وأنا السلفى والإخونى على الغريب وهم دعاة الدولة المدنية.

وهكذا خالت الحيلة على الحكومة ومخططى سياسة الدولة فأبقوا على حزب النور السلفى الدينى المتطرف وفرع داعش المصرى ويتعامون عنه ويقبلونه بسذاجة أو بتواطئ على الدولة وبتحايل على نص الدستور الصريح حتى وجدنا أننا أمام غولا سيلتهم الإنتخابات القادمة وسيكون الشريك الفعلى للحكم حتى تحين الفرصة ليطيحوا بالرئيس وينصبون أنفسهم حكاما جدد لمصر تماما كما حدثت فى أيام الإخوان السوداء.

لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين ونحن أدمنا اللدغ واللدغة القادمة من السلفيين وحزب النور الداعشى فخلى بالك يا سيسى فهذا التيار حاول قتل عبد الناصر و قتل السادات وباع مبارك وخان مرسى حليفهم فما الذى يمنعهم من خيانتك أنت وكلنا يعرف أنه يموت الزمار وصباعه بيلعب ويعيش السلفى ويموت مهادنا للحاكم حتى يسقط وعندها يقفزون على الحكم أو فى أسوء الظروف يصرخون مات الملك عاش الملك

مسرحية (انتبهوا ... القطار قادم) بعد اضافة بعض العبارات/ د. موفق ساوا

بدءا لا اقول احيانا وانما اقول دوما، تطرق ابواب الشعوب بمطارق لا تشبة مطارق العمال الذين يحولون الحديد الى سلعة ضرورية للشعوب، وكذلك مناجل لا تشبه مناجل الفلاحين الذين يحصدون ما يزرعون من حنطة وشعير ... وووالخ.

بل تطرق ابواب الشعوب، بين عصر واخر، مطارق تهشيم الرؤوس البشرية المتطلعة لغد افضل لغد فيه إضاءة في الشوارع وقبلها إضاءة في القلوب قبل البيوت.

انهالت في بداية هذا القرن الاسود اللعين، مطارق من نوع خاص تم شحنها وتصميمها حسب مقابض اشخاص وملـل مَنْ انطفأتْ الإضاءة بقلبوبهم وانقطعت خيوط الرحمة والمحبة لتحل محلها خيوط سوداء (لعناكب بيضاء) لترسم خريطة حسب المقاسات المطلوبة والمدروسة سلفـًا.

هذه مسرحية على خشبة الواقع ثم طبخ مشاهدها خلف الخنادق والسواتر الكونكريتية لا تصلها اصوات الشعوب وان كانت اصواتهم صواريخ عابرة للقارات.

يمثل هذه المسرحية شخصيات بلا قلوب ورؤوس محشوة بفضلات (حوريات دول الكفار) وعيون لا ترى سوى اسفل الحزام وخشبتهم مطلية بقير اسود وإضاءتهم احجارا مصنوعة من وادي الموت.

واما مسرحيتنا على خشبة المسرح (انتبهوا ... القطار قادم) تكشف الحقائق من خلال تمزيق الستائر السوداء لمسرحية الواقع وكشف المستور بدون ان نقترب في تقليد اسلوبهم بل عرضه امام الشعوب لتعريتهم وتشخيصهم ليتم لملمتهم وايداعهم في براميل القمامة لحرقهم بعيدا عن مدن العصافير التي لا تعرف سوى ان تزقزق وهي على الاشجار او محلقة في السماء.

في مسرحيتنا هذه لا نخاطب القلوب وندغدغ الاجساد ليضحكوا فقط، بل  نخاطب العقول التي نجعلها تفكر وتفكر وتسأل وتقول : لماذا هذا الذي حصل ويحصل..؟؟!!.

ونحفز المشاهدين خلال وبعد العرض على ان يبحثوا عن الضوء المفـقـود، في هذا الزمان وبقية الازمنة، من الأذهان وعن الخيوط الضوئية التي غادرت قلوبهم فكثرت الاحقاد وغرق قاربهم ببحر من المشاكل وابتعدوا عن افضل الاعزاء.

لنخلص الشعوب من حقد اسود وسحر اصفر ليخرجوا من الصالة مطهرين مرتلين "ان الانسان اخو الانسان" في هذا الزمان وفي هذا المكان، فلماذا اكرهه او اسلبه او اقتله.

سوف نقول في مسرحيتنا (انتبهوا ... القطار قادم) ما قيل في الواقع وما قرأنا في الكتب من افكار  نيرة ومن اناشيد الثوار واقوال وتراتيل المنشدين في اوبرا الحياة بشكل رسائل محملة بعطر الطبيعة ومرسلة بتشفيرنا للمتفرجين لفك شفرتها وبناء افضل منها وافضل ...

نلتقيكم يوم الاحد 24/05/ 2015. ولكم ومعكم السلام الدائم.

بحث فلسطيني عن مفتاح روسي لاستئناف المفاوضات/ نقولا ناصر

(من الواضح أن "الدور الهام" لروسيا الذي يطالب به الرئيس الفلسطيني ما زال مفقودا وليس مرحبا به لا أميركيا ولا عربيا)

لقد أجلت الرئاسة الفلسطينية القيام بمحاولة ثانية لاستصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي يعترف بدولة فلسطين وينهي الاحتلال، وأجلت تنفيذ القرارات التي اتخذها المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورة انعقاده الأخيرة وبخاصة قرار وقف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وأجلت أي تحرك جاد يستفيد من انضمام فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية، بانتظار تأليف حكومة جديدة في دولة الاحتلال على أمل أن تجنح هذه الحكومة إلى الوفاء باستحقاقات استئناف المفاوضات معها.

وكتحصيل حاصل لهذا الرهان على استئناف المفاوضات، كان لا بد أيضا من تأجيل تنفيذ "اتفاق الشاطئ" لانجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية، فهذه المصالحة سوف تظل معلقة عمليا طالما استمر رهان الرئاسة الفلسطينية على استراتيجية المفاوضات.

ففي الرابع من هذا الشهر أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عدم وجود "أي مشكلة" لديه في "العودة إلى المفاوضات مع (بنيامين) نتنياهو "كممثل للشعب الإسرائيلي من دون شروط مسبقة"، وفي مقابلة مع سبوتنيك الروسية اثناء زيارته الأخيرة لموسكو حرص عباس على التمييز بين نتنياهو وبين حكومته المرتقبة بقوله: "نحن نعرف توجهات نتنياهو، لكن لا نعرف توجهات ورؤية الحكومة الجديدة"، والدلالة غنية عن البيان.

ومثل عباس، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما أيضا "اننا ننتظر تأليف حكومة إسرائيلية فعلية". 

وكلاهما، عباس وأوباما، مدعومان في موقفيهما بجامعة الدول العربية، ففي الشهر الماضي قال أمينها العام نبيل العربي للأهرام إن الأميركيين يقدمون مقترحات جديدة لاستئناف "عملية السلام المتعثرة" وعدّ ذلك "فرصة ذهبية".

فحتى مشروع القرار الفلسطيني - العربي الذي فشل في الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي أواخر العام المنصرم اقترح إنهاء احتلال عام 1967 للضفة الغربية وقطاع غزة خلال عامين يستمر "التفاوض" خلالهما على قضايا "الحل النهائي"، متجاهلا أن العامين ينتهيان بانتهاء ولاية الإدارة الأميركية الحالية بحيث يجد مفاوض منظمة التحرير نفسه مضطرا للاستجابة لتهديدات وضغوطات ومشورة جديدة تنصحة بانتظار نتائج الانتخابات الأميركية ومجيء إدارة أميركية جديدة وانتظار اتضاح موقفها من الصراع على فلسطين وفيها، ليظل هذا المفاوض مرتهنا للانتخابات في دولة الاحتلال وفي الولايات المتحدة.

والآن توجد "لجنة عربية" وزارية "تتفاهم" مع فرنسا من أجل التقدم إلى مجلس الأمن الدولي بمشروع قرار جديد، كما قال عباس لسبوتنيك الروسية، ينص على استئناف المفاوضات.

ولم يعد سرا أن السبب في كل "التأجيلات" الفلسطينية هو إما التهديد بعقوبات من الولايات المتحدة التي تعد الخطوات الفلسطينية المؤجلة "أحادية" وتنعكس سلبا على المفاوضات التي يجري التخطيط لاستئنافها، وإما الضغوط العربية التي تسعى إلى استرضاء أميركا وتتحالف مع استراتيجيتها، وإما "المشورة" الأوروبية التي "نصحت" بانتظار نتائج الانتخابات في دولة الاحتلال وتنصح الآن بانتظار تأليف حكومة احتلال جديدة.

إن انشغال المجتمع الدولي بالحروب والأزمات الإقليمية في العراق وسوريا وليبيا واليمن وب"الحرب على الإرهاب" في المنطقة وبنزع فتيل ما يراه هذا المجتمع وكذلك جامعة الدول العربية "خطرا إيرانيا" قد همش قضية الشعب الفلسطيني العادلة بحيث تجد الرئاسة الفلسطينية في هذا التهميش مسوغا للاستمرار في مغازلة الحل التفاوضي حتى يفرجها الله.

إن "المجتمع الدولي" الذي تراهن عليه منظمة التحرير بديلا للمقاومة والوحدة الوطنية هو مجتمع يحاصرها أكثر مما يدعمها. ومانحوه يكافئون المنظمة على قبولها طوعا بهذا الحصار، لتظل منح المانحين سيفا مسلطا يضمن استمرار انصياعها لهم.

ففي الثامن من شباط الماضي أكدت اللجنة "الرباعية" الدولية (الأمم والولايات المتحدة والاتحادان الأوروبي والروسي) "أهمية ... استئناف المفاوضات في أقرب وقت ممكن" وبانتظار استئنافها دعت الرباعية إلى "الامتناع عن الأفعال التي تحطم الثقة" بين طرفي الصراع.

وفي رأي رئيس المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات"، هاني المصري، كما كتب مؤخرا، تكمن "المشكلة" في "أن رئيسنا وقيادتنا وجل فصائلنا لا يزالون يتوهمون أن الدولة ... على الأبواب ... وبعد أن يئسوا" من تحقيقها "عن طريق المفاوضات الثنائية برعاية أميركية تسلل إلى عقولهم وهم جديد بأن الحل سيكون عن طريق حل يفرض على الطرفين دوليا من خلال عقد مؤتمر دولي".

في هذا السياق جاءت زيارة الرئيس محمود عباس الأخيرة إلى موسكو برفقة "كبير المفاوضين" في منظمة التحرير صائب عريقات. وفي مقابلته مع "سبوتنيك" ذكر عباس أسباب زيارته وأولها أن روسيا "دولة صديقة منذ زمن بعيد"، وثانيها أنها "عضو في الرباعية الدولية"، وثالثها أنها "دولة عظمى"، ورابعها "أن نتشاور مع روسيا" حول مساعي التقدم إلى مجلس الأمن الدولي بمشروع قرار جديد "ستتبناه فرنسا"، وخامسها التشاور معها حول "مسألة" عضوية فلسطين في محكمة الجنيات الدولية، وسادسها سبب ذكره عريقات لوكالة أنباء "شينخوا" الصينية قبل الزيارة بيوم واحد وهو بحث موضوع "عقد مؤتمر دولي في موسكو".

والمفارقة هنا أن روسيا ومنظمة التحرير كلتيهما تحاولان الايحاء المغلوط بأنهما الوريثان الشرعيان للعلاقات الوثيقة التي كانت تربط بين حركة التحرر الوطني الفلسطينية وبين الاتحاد السوفياتي السابق، وهو تلميح تنقصه الدقة. أما عضوية روسيا في الرباعية الدولية فإنها لم تقدم ولم تؤخر في "عملية السلام"، و"عظمة" روسيا تتوقف عند حدود فلسطين المحتلة، بينما استضافة موسكو المرجوة لمؤتمر دولي لا يتوقع لها أن تتجاوز دور الديكور الدولي الذي وفرته مشاركة روسيا في مؤتمر مدريد عام 1991.

وقد نقلت وسائل الإعلام الروسية عن عباس قوله خلال لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين إن "الحضور الدائم لروسيا في المنطقة هام جدا لنا". وخلال زيارة مماثلة لعباس أوائل عام 2014 المنصرم قال الرئيس الفلسطيني إن مشاركتها في "محادثات السلام" سوف تعزز التوصل إلى "تسوية سياسية مضمونة ونزيهة ومتوازنة".

ومن الواضح أن مثل هذا "الدور الهام" لروسيا الذي يطالب به الرئيس الفلسطيني ما زال مفقودا وليس مرحبا به لا أميركيا ولا عربيا.

وروسيا عضو في "الرباعية" الدولية المفترض أنها "راعية" لما سمي "عملية السلام في الشرق الأوسط" لكنها تحولت عمليا منذ تأسيسها إلى شاهد زور على احتكار "الرعاية الأميركية" لمفاوضات "ثنائية" تحولت إلى آلية لإدارة الصراع لا لحله ولمنح دولة الاحتلال فائضا من الزمن يمكنها من استكمال تهويد الأراضي الفلسطينية عام 1967 بالاستعمار الاستيطاني.

لكن الدور الروسي في "الرباعية" لم يكن قياديا ولا ناشطا ولم يكن له أي تأثير يذكر في إحداث أي فارق ملموس أو نوعي لا على الأرض ولا في آلية التفاوض ومرجعياته، وفي ضوء خروج روسيا أو إخراجها من مجموعة الثماني الكبار (G8) على خلفية الأزمة الأوكرانية العام الماضي ليس من المتوقع أن تكون قدرة روسيا على التأثير قد تحسنت.

في الثامن والعشرين من آذار الماضي بعث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة إلى مؤتمر القمة العربية في القاهرة أعلن فيها أن للفلسطينيين الحق في دولة مستقلة قابلة للحياة وعاصمتها "في القدس الشرقية" وتعهد بمواصلة جهوده لتحقيقها من خلال "الرباعية" والقنوات متعددة أو ثنائية الأطراف.

وسبق لروسيا أن اقترحت ضم جامعة الدول العربية إلى الرباعية الدولية، وهو ما رفضته "الرباعية"، بالرغم من معرفتها الأكيدة بأن ضمها لن يمثل اي إضافة نوعية تغير في دور الرباعية التي نجحت الولايات المتحدة والعجز العربي في تحييدها إلى مجرد شاهد زور.

لقد كان الاتحاد السوفياتي عاملا رئيسيا في إقناع منظمة التحرير ب"حل الدولتين" على أساس قرارات الأمم المتحدة، لكن انهياره أفقد مثل هذا الحل قوة الدفع التي كان يوفرها وجوده على المسرح الدولي وأفقده توازن القوى الدولي الذي كان يجعل تحقيقه ممكنا، ليتحول الآن إلى مشروع أميركي خالص أفرغ الحل المرتجى آنذاك من أي مضمون له وحوله إلى مشروع يستهدف حماية أمن دولة الاحتلال فحسب، ليخلص الوزير والمفاوض والسفير الأردني الأسبق مروان المعشر إلى القول إنه "من الصعب اليوم تجاهل خلاصة ان حل الدولتين قد انتهى".

في تحليل للدور الروسي الراهن خلص ثلاثة من باحثي "معهد دراسات الأمن الوطني" في دولة الاحتلال في الرابع عشر من الشهر الجاري إلى أن "روسيا تهدف فقط إلى توقيع اتفاق من حيث المبدأ خلال فترة قصيرة – بضعة أشهر – وترك القضايا الجوهرية للبحث لاحقا، على مراحل"، وخلصوا إلى أن "قدرة روسيا على تقديم مساعدة عملية باتجاه التوصل إلى حل، على المستوى السياسي ومستوى الدعم المالي معا، هي قدرة محدودة".

وقد أيد هذا التحليل للموقف الروسي مدير معهد الدراسات الشرقية الروسي فيتالي ناؤومكن، الذي ينسق حاليا المحادثات بين الحكومة السورية وبين المعارضة في موسكو بتفويض رسمي من حكومته، عندما اقترح مؤخرا توقيع اتفاق بين منظمة التحرير وبين دولة الاحتلال على المسائل المتفق عليها ومواصلة التفاوض على القضايا التي لم يتفق عليها.

صحيح أن روسيا هي سند لفلسطين في الأمم المتحدة وغيرها من المنابر الدولية، لكن رئيسها بوتين يحتفظ بخط ساخن مشفر مع رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو بينما يتنقل المواطنون بين البلدين من دون تأشيرات سفر، وهي حتى الآن تحتفظ بعلاقات متوازنة بين الاحتلال ودولته وبين فلسطين المحتلة وشعبها، ولم تواجه حتى الآن بموقف عربي أو فلسطيني يشجعها على الانحياز الحاسم إلى الشعب الخاضع للاحتلال ضد القوة المحتلة.

إن الرئاسة الفلسطينية تبحث في الواقع عن مفتاح روسي لاستئناف المفاوضات في بلد لا تنفتح أبوابه حتى الآن إلا على حل "مؤقت" يكرر الرئيس عباس رفضه له.

في الثاني عشر من الشهر الجاري اقتبست "موسكو تايمز" من رئيس معهد الشرق الأوسط في العاصمة الروسية يفجيني ساتانوفسكي قوله إن "الأراضي الفلسطينية" بالنسبة لروسيا "مثل حقيبة من دون يد، من المتعب حملها لكن من المعيب رميها"، وينطبق ذلك على الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة العضوين الآخرين في الرباعية الدولية، فهؤلاء الثلاثة هم نمور بلا أسنان عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية.

* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com
         

لبنانبة لبنان (الخسارة في الربح والربح في الخسارة)/ سركيس كرم

نفتخر بأن كتاباتنا ومواقفنا تحمل توقيعنا الواضح في كل الأوقات وفي كل الظروف.. 
*****
يعز علينا أن يخرج من الدورة البرلمانية في ولاية نيو سوث ويلز او في أي ولاية أخرى في وطننا الغالي اوستراليا نائب من خلفية لبنانية بغض النظر عن إنتمائه الحزبي لأننا ندرك تماماً مدى الصعوبة البالغة التي يعاني منها مثل هؤلاء النواب والعوائق التي يتعرضون لها ليس فقط أثناء حملاتهم الانتخابية لبلوغ المنصب، وإنما ايضاً خلال ولايتهم البرلمانية من حيث ان هذه الصعوبات والعوائق لا تقتصر على ممارسات الخصم السياسي وحسب، بل تشمل كذلك ممارسات أعضاء تتحكم بهم العصبية العنصرية من الحزب عينه الذي ينتمون إليه. من هذا المنطلق ننظر بأسف وبخيبة الى خسارة نائب منطقة غرانفيل طوني عيسى مقعده في إنتخابات الولاية الأخيرة، ونعتبرها خسارة للجالية ككل وليست خسارة شخصية تعني طوني عيسى وحده.  
لا أود هنا الدخول في تفاصيل ما جرى وأدى الى تقليص فرص نجاح عيسى وقدرته على المحافظة على المقعد، لكنني أرغب بأن أستعرض بصورة مقتضبة كواحد من سكان دائرة غرانفيل الانتخابية وكأحد أبناء الجالية  بعض النقاط التي تتعلق بمسيرة طوني عيسى النيابية المشرقة:
- تمكن وبفضل جهوده المضنية من تحقيق ما عجز عنه سواه من حزب الأحرار على مدى قرن من الزمن بإنتزاعه مقعد غرانفيل من قبضة حزب العمال في انتخابات عام 2011 مما أعاد الروح الى الدينامكية الخدماتية وأكد دور الجالية كلاعب أساسي في السياسة الاوسترالية.
- حرص عيسى على المساهمة في خدمة الجميع في دائرته الانتخابية من دون استثناء ومن دون التمييز بين مواطن وآخر سواء أكان ذلك على الصعيد الطائفي او الحزبي. 
- بادر الى تأسيس اللجنة البرلمانية الاستشارية للجالية اللبنانية التي أعدت واقامت نشاطات تراثية وثقافية واجتماعية في برلمان الولاية وأماكن اخرى.
- حضر مئات المناسبات الاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية التي أقامتها الجالية من دون تفرقة  حرصا منه على علاقة جيدة مع الجميع، علما ان غالبية هذه المناسبات تقام خارج إطار الدوام الرسمي، ولذلك كان دوام عمله 18 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الاسبوع.
- خاض مواجهات كثيرة ضد تحيّز الاعلام الاسترالي حيال الجالية وكان رأس حربة في الدفاع عن سمعة الجالية وتاريخها. كما سعى الى تعزيز فرص المؤسسات الاسترالية اللبنانية بالحصول على منح حكومية. 
لقد سجّل طوني عيسى أسمه كأوسترالي لبناني من الطائفة المارونية بأحرف من ذهب في تاريخ السياسة الاوسترالية بعدما نجح في تجاوز العصبيات وتعاطى مع أخوانه من مختلف الجنسيات ولا سيما مع أخوانه وأخواننا المسلمين كمواطنين لديهم نفس الحقوق وعليهم ذات الواجبات مثلهم مثل أي شخص يحمل الجنسية الاوسترالية، لا أكثر ولا أقل. 
انه لمن المؤسف حقاً ان يخسر طوني عيسى مقعد غرانقيل وبالتالي ان تخسر جاليتنا احدى مقاعدها الهامة في البرلمان، لكنه من المؤكد ان طوني عيسى سيظل هو المنتصر حتى في الخسارة، فيما سواه سيظل يعاني من الخسارة حتى في "ربحه" المزعوم. 
*****
على صعيد آخر، أؤكد وبكل شفافية على محبتنا لسيادة المطران انطوان شربل طربية السامي الاحترام التي تظل أكبر واكثر متانة من أي محاولات خبيثة  ونميمة مغرضة وأساليب ملتوية تتلهى بها كالعادة حفنة من الوصوليين الذين لا يصلون يوماً الى تحقيق مرادههم. 
*****
في الختام أغتنم هذه الفرصة لأتقدم بأحر التهاني من نائب لاكمبا المنتخب الاستاذ جهاد ديب، مع تمنياتنا له بالنجاح والتوفيق.   

قصص قصيرة جداً/ فراس حج محمد

امرأة تسير في الضباب!
-١-
- لن أهجو امرأة مدحتها يوما سأكتفي بعتاب قليلٍ؛ إذ تورطتُ في ما لا يجب أن أتورط فيه!
ردت عليه صورتها المختزنة:
- وهل تستطيع هجاء امرأة عشقتك حد الكره الشديد؟! 

-٢-
تابع وهو ممتعض: "كيف تتنكر لي كل هذا التنكر، وهي التي ما زالت تقتات على أطلال علاقة مبللة متأخرة الظل في كل صباح"!

-٣-
يتوصل إلى عنوانها الإلكتروني الجديد، عاد إلى سيرته الأولى، وهي تعود إلى نهش أحشائه دون رحمة!

-٤-
تنفجر غضبا في وجه الفراغ احتجاجا على "اللاشيء" فيرد الصدى قادما من بعيد واضحا واضحا كأننا لم نرحل كل تلك المدة!

-٥-
تتفقد كل صباح بريدها الإلكتروني لتجد مناسبة لقذفه بأفظع حجارة من لغة عصبية، وهو لا يملّ من اختراع تلك المناسبات!

-٦-
ما زالت تحتفظ بي، ولكن بصورة negative وأنا ما زلت محتفظا بكل ذكرياتها دون تدخل من جنون الزمن!
-٧-
قررتِ السّفرَ، نسيتْ قلبها معي، وأنا نسيتني في عقلِها، وأرقام هواتفها، وبريدها الإلكتروني!

-٨-
كل شيء الآن واضح تماماً، والفرصة مهيئة لسقوط زخات من العصبية. 
- إياك أن تقترب أكثر فالعصب مكشوف والأسلاك جاهزة!

-٩-
سأنجح يوما في استفزازها، لتعود لي، عليها فقط أن تغتسل بمياه الغربة قليلا لتراني هناك على مرآة غرفتها عندما تنفرد بظلي عند العاشرة في كل مساء، ستراني إن حدقت في لغتها العابرة!

-١٠-
المحاولة الأخيرة في الشوط الطويل بعيدة المدى ما دام وجهها أبيض كالحرير والقلم ما زال ذا قدرة على اختراعها في كل وجه من قصيدة!

-١١-
سترى نفسها هنا إن إرادت أن تعبث بفراشة تحط على مصباحها الضوئي، وستراني قادما من شباك غرفتها المطل على وسادة نومها، عليها أن تفتح باب الحلم قليلا لندخل معا!

مشروع فصل غزة خيانة كبرى/ شاكر فريد حسن

لا شك أن مشروع فصل غزة الذي يجري الحديث عنه هذه الأيام ، والرامي إلى إقامة كيان أو حكم ذاتي منفصل في قطاع غزة ، هو مشروع تآمري خياني وتفريطي في غاية الخطورة ، ويشكل حلقة أخرى في سلسلة المشاريع الاحتلالية لفصل شطري الوطن وتكريس الانقسام على الساحة الفلسطينية وتمزيق وحدة شعبنا الوطنية ، وبمثابة إجهاض ونسف للمشروع الوطني وإقامة الدولة السيادية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف . وهو تنفيذ للسياسات الاحتلالية الإسرائيلية لما تريده وتسعى إليه حكومة اليمين العنصري المتطرف برئاسة نتنياهو ، حيث أن الإستراتيجية الإسرائيلية تقوم على تكريس الفصل لإجهاض المشروع التحرري الاستقلالي الفلسطيني .
إننا ننظر ببالغ القلق إلى ما يجري وراء الكواليس بين حركة "حماس" و"الاحتلال" ، ونحذر من خطورة المخطط الحمساوي لفصل غزة عن باقي أجزاء الأرض الفلسطينية المحتلة وتثبيته ككيان مستقل ، والانجرار وراءه تحت ذرائع ومبررات الإسراع في تعمير غزة ورفع الحصار .
أن شعبنا الفلسطيني وفصائله الوطنية المختلفة وقواه الحية الفاعلة  يرفضون بشكل قاطع هذا المخطط المشبوه ، ولن يقبلوا بأية مشاريع لا تلبي مطالبهم وأهدافهم وتطلعاتهم وأحلامهم في الحرية والعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة ، ومثلما تصدى شعبنا في الماضي عبر مسيرته الوطنية الكفاحية الثورية التحررية المعمدة بالدم والشهادة ، ووقف ضد كل المشاريع التآمرية التي تستهدف قضيته وتصفية مشروعه الوطني الديمقراطي ، فسوف يتصدى ويفشل المشروع الحمساوي الانفصالي الجديد .
المخرج الوحيد لما يعيشه شعبنا في قطاع غزة من أوضاع اقتصادية واجتماعية ونفسية صعبة جراء الحصار الاحتلالي وآثار الحرب العدوانية الاحتلالية الأخيرة ، يتمثل في إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية ووضع إستراتيجية فلسطينية موحدة والتمسك بخيار المقاومة الشعبية وصيانة المشروع الوطني الفلسطيني ، بهدف إنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة .
              

جرح اليرموك/ شاكر فريد حسن

مخيم اليرموك الفلسطيني في سورية محاصر وينزف دماً مثل غزة هاشم ، وغدا مجزرة مفتوحة ، وسكانه يئنون عذاباً ووجعاً وألماً وقهراً ، ويتضورون جوعاً ، ويعيشون مأساة وكارثة إنسانية ، بعد أن اجتاحه همج مرتزقة التكفير وعصابة الإجرام والظلام الداعشية ، وسيطروا عليه وحاصروه.
إن ما يحدث ويجري في هذا المخيم وما تقوم فيه هذه الجماعات السلفية التكفيرية بمسمياتها المختلفة "داعش" و"وجبهة النصرة" وغيرها ، من عمليات ترويع وقتل وحشي للاجئين الفلسطينيين في المخيم ، ليس بمعزل عن المخطط الاستعماري الذي يستهدف سوريا وطناً وأرضاً ودولة وجيشاً وقيادة ، بغية تخريبها وتجزئتها وتدمير مقومات نهوضها ، وإخراجها من دائرة الصمود ومعسكر المقاومة .
ولا يختلف اثنان أن تدمير المخيم وتشريد وتهجير أهله من جديد من قبل هذه العصابات والمجاميع الوهابية المجرمة ، يحمل أكثر من رسالة وبعد استراتيجي ، وله إفرازات وإسقاطات سياسية خطيرة ، وفي مقدمة ذلك تصفية وذبح قضية اللاجئين وإلغاء دور المخيم تاريخياً ووطنياً وما يمثله من رمز كعاصمة اللجوء والمنفى والتشرد الفلسطيني ، ورمز للكفاح والنضال والتصميم على العودة ، والشاهد على المأساة المتواصلة بحق شعبنا الفلسطيني في جميع أماكن تواجده .
وثمة أمر مستهجن وهو أن هناك اصواتاً وأوساطاً شعبية عربية وقوى فلسطينية إسلامية تضع "داعش وبشار الأسد " في قبضة واحدة ، وهذا خطأ فادح وكبير تقع فيه ، لأن سورية هي الدولة العربية الإسلامية التي منحت اللاجئين الفلسطينيين مكانة خاصة كالسوريين ، وهي التي تقف إلى جانبهم وتدافع عن قضيتهم وتسعى معهم ، لأجل العودة وتحرير أرضهم وإقامة دولتهم الوطنية الحرة المستقلة . ولا شك أن حماية سورية وتحصين جيشها ومؤسساتها السيادية يصب في صالح القضية الفلسطينية ، وهذا يتطلب ويقتضي صد وكسر الهيجان الإرهابي الداعشي في المخيم وسورية والعراق والمنطقة العربية برمتها ، ومن أنتج"داعش" وأخواتها ومولها وسلحها واعتبرها وما زال يعتبرها "معارضة " ..!
إن المجتمع الدولي وكل ألأحرار وأصحاب الضمير في العالم ، مطالبون جميعاً التدخل السريع لوقف نزيف الدم الفلسطيني ووضع حد للجرائم والمآسي التي يتعرض لها سكان مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين ، وتقديم الدعم والمساندة لهم لتعزيز صمودهم وبقائهم ومنع ترحيلهم وتشريدهم وحدوث نكبة جديدة  لهم ، وتحقيق حلمهم بالعودة إلى ديارهم في فلسطين .
وأخيراً فإن المطلوب الآن هو خروج جميع المسلحين فوراً من المخيم وفك الحصار عنه وتحريره من قبضة العصابات التكفيرية الهمجية ، فالمخيمات الفلسطينية في سورية وغيرها من الأقطار العربية يجب تحييدها وتجنيبها الحرب والاقتتال الداخلي . ولنهتف جميعاً مع صديقنا الشاعر الفلسطيني ابن نزلة عيسى بمحافظة طولكرم :
أيها القتلة
أخرجوا من رصيف جرحنا
من جوعنا
من صمتنا
من قهرنا
من حلمنا أو من حنين عمرنا
لا وقت للدماء
لا وقت للمواعيد المقدسة
بلغ الجنون ذروته الأخيرة
فاض حبر الكلام
ولا كلام
لن نصمت بعد
لن نرضى عار الطغيان
ليعود اليرموك حصيناً
رمزاً للثورة والثوار

عنوان كرامة شعب ينتظر العودة 

فوضى سياسية فلسطينية.. إرتباك "وازمة قيادة" في اليرموك/ راسم عبيدات

الساحة الفلسطينية منذ بداية الثورة والفلسطينية وحتى اللحظة الراهنة،وفي أشد المنعطفات واخطر المحطات والمراحل التي مرت بها،لم تعرف أسوء من هذه المرحلة،مرحلة  تغيب فيها القيادة...على كل الصعد والمستويات منظمة وسلطة وفصائل....فمخيم اليرموك وما يتعرض له من  مأساة انسانية وسياسية ذات أبعاد إستراتيجية...وما يجري في داخله ويرتكب من جرائم وحشية على يد عصابات "داعش" ومتفرعاتها ...والتفاهمات التي جرت ما بين رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله ونائبه زياد أبو عمرو أثناء زيارتهم الأخيرة لقطاع غزة وإجتماعهم مع  قيادة حركة حماس حول القضايا المعيقة للمصالحة وإستعادة الوحدة الوطنية ورفع الحصار وإعادة الإعمار،وفي المقدمة منها قضيتا إدارة المعابر ورواتب موظفي حكومة حماس،جرى التنكر لها  والإنقلاب عليها،كما تقول حركة حماس،وحماس شنت حملة شعواء على حكومة التوافق وعلى رئيس السلطة الفلسطينية،محملتهم تبعيات ما ينجم عن مثل هذه التصرفات والتنكر لهذه التفاهمات،وفي المقابل ردت حكومة التوافق،بأنه لا خلافات جوهرية مع حماس حول ما جرى التفاهم عليه،ولكن هناك عراقيل ومعيقات ومن يضع العصي في الدواليب،ولكن قيادي فتحاوي ذهب الى أبعد من ذلك كثيراً ،قال:-  بانه لا وجود لمثل هذه التفاهمات إلا في ذهن قيادة حماس،والتفاهمات تكون مكتوبة وليست شفوية،والزهار القيادي في حماس،رد على تصرفات الرئيس وحكومة الوفاق بالقول،بأنه يجري الحديث عن تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة،وأكثر من قيادي حمساوي اكد على ما قاله الزهار،وبالمقابل هناك في حماس من نفى وجود مثل هكذا توجه او قرار،لتشكيل لجنة حمساوية او بمشاركة فصائلية لإدارة القطاع.

مأساة مخيم اليرموك كشفت عورات الجميع، من المنظمة للسلطة للفصائل والأحزاب  من اكبر فصيل حتى أصغر فصيل منشق على ذاته،لكوننا شعب نهوى ونموت في الإنشقاقات،ونبدع في سوق الحجج والذرائع والأسباب لها،لكي نكتشف انها  ليست أكثر من مزاحمة على القيادة والمناصب،او خدمة لهذا الطرف أو ذاك.

المواقف الفلسطينية القاصرة والهزيلة والمتلعثمة والمرتبكة والمتناقضة،فيما يتعرض له مخيم اليرموك من جرائم وحشية وحصار وتجويع وقتل واغتصاب على يد عصابات "داعش"،وهذا ما اكد عليه موفد السلطة والمنظمة والرئيس الى دمشق الدكتور احمد المجدلاني،بأن "داعش" وتمددها وجرائمها بحق من تبقى من سكان المخيم،جعلت الباب موصداً أمام أي خيار للبحث عن حل سياسي لأزمة المخيم،وقال بأنه لم يبق خيار سوى خيار  الحل العسكري الذي توافقت عليه كل ألوان الطيف الفلسطيني (14) فصيلاً،"اللهم زد وبارك"؟؟ بإستثناء حركة "أكناف بيت المقدس" المحسوبة على حماس التي في الإعلام تتنكر لها وتتبرأ من أبوتها ومن جرائمها،وبالمقابل تبعث رسائل كما ذكر أمين عام الجبهة الشعبية القيادة العامة الرفيق احمد جبريل في مقابلة له على فضائية الميادين،بأنها طلبت من القيادة العامة،أن تساعد "أكناف بيت المقدس" في قتال ومحاربة "داعش"،وهذا الموقف الحمساوي النفعي والمصلحي،ليس بالغريب فقد تم تجريبه سابقاً مع النظام السوري،وحماس لم تلجاً لهذه الموقف،إلا بعد قيام تلك العصابة المجرمة بقتل واغتيال العديد من عناصرها،وتسليمها المخيم لعصابات النصرة،وخصوصاً ان المعلومات الأكيدة تقول بأن معظم أعضاء  جماعة "أكناف بيت المقدس" أعضاء سابقين في حركة حماس ومن طاقم حراسة رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل.

القيادة الفلسطينية الغائبة عن مأساة اليرموك،هي من تتحمل المسؤولية عن كل ما يتعرض له شعبنا واهلنا هناك،فإجترار الكلام عن ان ما يجري مؤامرة على حق العودة للاجئين الفلسطينيين كلام إنشاء،ورغبة في الهروب الى الأمام وعدم تحمل المسؤولية،قيادة تريد من شعبنا الفلسطيني التضحوي والمعطاء،ان يعمل في التنجيم،لكي يتعرف الى حقيقة مواقفها المتناقضة والخجولة بحق جريمة إبادة وتطهير ترتكب بحق عاصمة الشتات الفلسطيني وبؤرة نضاله وكفاحه وعمله المسلح،مخيم اليرموك،أي قيادة هذه التي تستخف بعقول أبناء شعبها وتقدم على مثل هذه "الحماقات" والتصرفات التي لا يمكن قبولها او تبريرها؟؟؟،عضو لجنة تنفيذيه وامين عام فصيل ووزير سلطة وموفد الرئيس،يقول بأن "داعش" أغلقت وقطعت الطريق أمام أي حل سلمي للأزمة،ولم يبقى سوى خيار الحل العسكري،والذي يجري التنسيق مع النظام السوري بشأنه لتحرير المخيم من تلك العصابات،ويتم الحديث عن تنسيق مع لبنان من أجل إستقدام وحدات من مقاتلي المنظمة في لبنان للمشاركة في تحرير المخيم،ومن ثم يجري التنكر لهذا الموقف،والقول بان المجدلاني إجتهد،فالمصيبة اذا كان المجدلاني قد تحدث باسمه واسم فصيلة،والمصيبة الأعظم،ان يكون متحدثاً باسم المنظمة والسلطة والرئاسة،وبالموقف الذي حملته اياه او وافق عليه،الموقف الذي يجب ان يكون،ولكن لم تمض ساعات حتى تبرأت المنظمة على لسان أمين سرها  ياسر عبد ربه من الموقف والقرار،قائلة بأنها تريد أن تنأى بنفسها عن التدخل في الشأن السوري،ولا تريد تحويل المخيم الى ساحة صراع بين النظام والمعارضة...سياسة النأي بالنفس هذه ،هل ستقود الى تحرير المخيم من عصابات "داعش" و"النصرة"..وهل الرهان على المؤسسات الدولية التي جربت سابقاً سيقود الى تحرير المخيم..؟؟ المنظمة لا تريد التدخل العسكري  والفعل الميداني من أجل تحرير المخيم..؟؟ هل هي مالكة لأدوات الحل السياسي؟؟؟ ومع من ستتفاوض سياسياً من اجل تحرير المخيم....؟؟،مع "داعش" و"النصرة" ام مع مشغليهم الذين ضغطوا عليها،قائلين بالحرف الواحد التدخل العسكري لتحرير المخيم،يعني اغلاق صنابير المال وعدم إقامة موائد الرحمن.

"داعش" و"النصرة" لا يعترفون لا بفلسطين ولا بسوريا ولا لبنان،ولا مصر،همهم الخلافة والدولة الإسلامية،ولا يؤمنون بالجهاد في فلسطين،فلربما "حسب الآية الكريمة "رجس من عمل الشيطان"،فجهادهم موجه للأقربين، فهم الذين يستحقون القتل والذبح.

هذا هو المشهد الفلسطيني على درجة كبيرة من العجز والإرباك والتعلثم والتناقض،وهذه القيادة الفلسطينية تدخلنا وتغرقنا في متاهات وخلافات،تظهر هذه القيادة على أنها دون مستوى التحديات،فقضية بحجم قضية مأساة مخيم اليرموك لا تحتمل الخلافات والمناكفات،وكذلك هي قضية قطاع غزة من رفع للحصار والإعمار وفتح المعابر...مواقف لا تليق بنا كشعب وقضية وثورة وحركة تحرر وطني،كنا قدوة ومثلاً ونموذجاً تحتذي به كل حركات التحرر الوطني على مستوى العالم،والآن أصبحنا مثالاً للتندر والبكاء على الماضي المجيد...قضيتا اليرموك والقطاع الوقت فيهما من دم وأشلاء وأنقاض وركام وتهجير وتوطين والغاء وإنفصال يا قادتنا...

شَـمّ النِسيم/ مهندس عزمي إبراهيم


شــَـم النسـيم عيـد الربيـع.. له في القلـوب رَنــَّـة ورَنيـن
شــَـم النسـيم.. دا عيـد زفــاف مَصــر إلى النيــل الأميــن
مولـد النـــبى وعيـد الميـلاد.. أعـيــــاد كُبــار للمؤمنيــن
في أي قــارة... وف أي دولـــة... مادام بيؤمنـــوا بِديــن
لكـن دا عـيــدها لـوحــدها.. ولأهـلــــها.. منــذ الســنيــن
عيــد احتفــال أولادهـا بيـها... على أرضـها وف حضنها
مسيحييــن أو مسلميــن أو آخريـن
والحلـو فيهم أنـّـهم... كلـهم
مصرييـن.. مخلصين 
***
مصر.. عظيـمة ف مجــدها
أمَّـــة عريقــة ف أصلـها
لا أمَّــة كانـت مثلــها
ولا في الوجـود "أخــتٌ" لـها
والنيــــل لمصــر في قـلبــها.. دايــــماً يلطــّــف جَــــوّها
لا عُمـره حــاد ولا انحـرف، ولا عُمـرُه بَصّ "لغَيـْـرِها"
منـــذ الزمـــن.. ترتــاح إليــه.. وهـــُــوَّ صايـــن سِـــرّها
هِيــَّـــا بهــــواهـا تمجـــــده.. وهـــُــوَّ مَسـْــبي بحـبـّـــها
ســلـِّـم لــها أمــــرُهْ
وهِيَّـــا ســلـِّمــت لـه أمــــرها
*******
مهندس عزمي إبراهيـم

عاصفة الحزم في سياقها الأميركي/ نقولا ناصر

(إن "حجم" الدعم الأميركي ل"عاصفة الحزم" يحول الولايات المتحدة عمليا إلى شريك فيها وهو دعم ما كان ليأتي لو كانت "عاصفة الحزم" قد هبت على فلسطين المحتلة أو لو كانت "القوة العربية المشتركة" موجهة نحو دولة الاحتلال الإسرائيلي)

المقابلة التي أجراها الرئيس الأميركي باراك أوباما مع الصحفي توماس فريدمان ونشرتها النيويورك تايمز في الخامس من هذا الشهر لم تحظ بما تستحقه من اهتمام في الإعلام العربي، بالرغم من انها كشفت الأبعاد الخطيرة لما وصفه فريدمان ب"مبدأ أوباما" الذي يوجه استراتيجية الولايات المتحدة في الوطن العربي ومحيطه الإسلامي.

لقد حث أوباما حلفاء الولايات المتحدة العرب على "بناء قدرات دفاعية أكثر فعالية"، وهو ما يعني إعادة تدوير المليارات من عائدات النفط والغاز العربية للمزيد من المشتريات العربية للسلاح الأميركي، وحثهم على "زيادة استعدادهم لإلزام قواتهم البرية بحل المشاكل الإقليمية"، وهو ما يعني "تعريب" الحروب الأميركية في المنطقة، متعهدا بدعمهم وب"ضمان عدم غزوهم من الخارج"، وهو ما يعني الحرص على إبقائهم تحت مظلة الحماية والهيمنة الأميركية.

وضرب أوباما مثلا "بما يحدث في سوريا" حيث "كانت توجد رغبة كبيرة للولايات المتحدة في دخولها ... لكن السؤال هو: لماذا لا يمكننا الحصول على عرب يحاربون الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان فيها، ... أو القتال ضد ما فعله (الرئيس السوري بشار) الأسد؟"

إن هذا التحريض الأميركي السافر للعرب على الحرب في سوريا يرقى إلى دعوة صريحة للاقتتال العربي ول"تعريب" حرب تريدها الولايات المتحدة على سوريا لكنها عندما عجزت عن شنها مباشرة كما فعلت في حربها على العراق وليبيا لجأت إلى خيار محاولة شنها بوكالة عربية.

ويجد المراقب صعوبة كبيرة في عدم وضع "عاصفة الحزم" على اليمن خارج هذا السياق الأميركي كسابقة يمكن تكرارها في سوريا أو في غيرها من الأقطار العربية المستقلة عن الهيمنة الأميركية، وفي عدم وضع إنشاء "القوة العربية المشتركة" خارج هذا السياق.

إنها ترجمة أمينة لاستراتيجية "القيادة من الخلف" كما تكرر وصف "مبدأ أوباما". 

إن الدعم الأميركي المعلن ل"عاصفة الحزم" التي تقودها العربية السعودية على اليمن و"القوة العربية المشتركة" التي قررت قمة القاهرة العربية السادسة والعشرين إنشاءها هو دعم لا تفسير له سوى أنهما تطوران في سياق "مبدأ أوباما".

وهذا الدعم الأميركي للتطورين ما كان ليأتي لو كانت "عاصفة الحزم" قد هبت على فلسطين المحتلة أو لو كانت "القوة العربية المشتركة" موجهة نحو دولة الاحتلال الإسرائيلي وليست ضد الإرهاب و"الخطر الإيراني".

ففي مقابلته، أكد أوباما على "التزامي المطلق بالتأكد من احتفاظهم (دولة الاحتلال) بتفوقهم العسكري النوعي وقدرتهم على ردع أي هجمات محتملة في المستقبل"، معربا عن "استعدادي لتقديم أنواع الالتزامات التي توضح للجميع في الجوار، ومنهم إيران، بأن إسرائيل إن هوجمت من أي دولة فإننا سنقف معها"، وموضحا أن "دخولنا في هذه الصفقة (اتفاق إطار البرنامج النووي الإيراني) يرسل رسالة واضحة جدا إلى الإيرانيين وللمنطقة بكاملها بانه إذا عبث أحد مع إسرائيل، فإن أميركا سوف تكون موجودة هناك".

كما شرح الرئيس الأميركي "مبدأ أوباما" حيال إيران، قائلا "إننا سوف نتواصل (مع إيران)، لكننا نحتفظ بكل قدراتنا" في الوقت ذاته، موضحا ذلك بالإشارة إلى أن ميزانية الدفاع الإيرانية تبلغ 30 مليار دولار أميركي بينما ميزانية الدفاع الأميركية تكاد تبلغ (600) مليار دولار، ليترك لحلفائه من العرب أن يعالجوا بأنفسهم مخاوفهم على أنظمة حكمهم من إيران والإرهاب اعتمادا على دعم الولايات المتحدة ل"قدراتهم الدفاعية" ولأي "قوة عربية مشتركة" ينشئونها لهذا الغرض بعيدا عن دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ويلفت النظر في هذا السياق قول أوباما في المقابلة ذاتها إن "المخاطر الأكبر التي يواجهونها (أي العرب) قد لا تأتي من غزو إيران، بل سوف تاتي من عدم الرضا داخل بلدانهم ذاتها" حيث "الشعوب مستبعدة، والشباب يعاني من البطالة، وحيث توجد ايديولوجية مدمرة وهدامة، وفي بعض الحالات لا توجد أية مخارج سياسية مشروعة للمظالم" بحيث "يشعر الشباب السنّي" بأنه لا خيار أمامهم غير [الدولة الإسلامية]، وهذا هو "الحديث الذي أريد أن أجريه مع بلدان الخليج" كما قال.

وكانت هذه رسالة أوباما إلى "حلفائنا العرب السنّة، مثل العربية السعودية" كما كتب توماس فريدمان.

إن توقيت هذا الحديث عن كون الخطر الداخلي في دول الخليج العربية أكثر تهديدا من "الخطر الإيراني" الذي تشن خمس منها حربا بدعوى التصدي له في اليمن ينبغي أن يثير شكوكا عميقة في عواصمها حول حقيقة أهداف الدعم الأميركي ل"عاصفة الحزم" في ضوء النتائج التي تمخض عنها الدعم الأميركي – الخليجي للعراق في حرب السنوات الثمانية مع إيران، بحيث يصبح التساؤل مشروعا عما إذا لم يكن الدعم الأميركي اليوم ل"عاصفة الحزم" يستهدف توريط العربية السعودية في مواجهة مع إيران عبر اليمن كما تم توريط العراق في إيران.

ومن المؤكد أن لا أحد عربيا يحرص حقا على "الأمن القومي العربي" يمكنه أن يقبل بأن تواجه المملكة مصير العراق، أو مصير سوريا أو ليبيا بعد الدعم الأميركي للحرب المستمرة عليهما، لكن "عاصفة الحزم" ليست إلا طريقا في اتجاه واحد نحو هذا المصير إذا لم يتداركها الحكماء قبل أن يزج "الدعم" الأميركي لها المنطقة في حرب خليج ثالثة سعودية – إيرانية هذه المرة.

فالحرب الكلامية التي صعّدها المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي يوم الخميس الماضي إلى أرفع مستوى ترافقت مع توجه سفينتين حربيتين إيرانيتين قبالة السواحل اليمنية أعقبه تحذير سعودي لإيران بالابتعاد عن المياه الإقليمية لليمن ثم منع طائرة إيرانية تقل حجاجا إيرانيين إلى مكة المكرمة من الهبوط، ما يهدد بانزلاق نحو احتكاك عسكري يضع البلدين على حافة الحرب.

ولم تتردد الإدارة الأميركية في صب الزيت على النار. فوزير خارجيتها جون كيري هدد سياسيا ليل الأربعاء بأن بلاده "لن تقف متفرجة بينما يجري إثارة عدم الاستقرار في المنطقة".

أما عسكريا فقد سرّعت الولايات المتحدة دعمها اللوجستي والاستخباري والتسليحي ل"عاصفة الحزم" خلال الأسبوع الماضي بالرغم من تحذير وزير دفاعها اشتون كارتر من طوكيو في اليوم ذاته بأن تنظيم القاعدة في اليمن "قد انتهز فرصة" عاصفة الحزم السعودية كي "يستولي على الأرض" وأعلن بأن هذه العاصفة وتداعياتها قد أوقفت الجهود الأميركية في محاربة الإرهاب.

وإضافة إلى تسريع التسليح الأميركي للجهد الحربي السعودي والإماراتي تدفق الكرم العسكري من واشنطن على مصر وباكستان الحليفتان للعربية السعودية، لتدور عجلة الإنتاج في مصانع السلاح الأميركية بتمويل "عربي" يساهم في إخراج الولايات المتحدة من أزمتها الاقتصادية.

إن "حجم" الدعم الأميركي ل"عاصفة الحزم" يحول الولايات المتحدة عمليا إلى شريك فيها. فطائرات الاستطلاع الأميركية من دون طيار التي تحلق في أجواء اليمن وتنقل المعلومات التي ترصدها إلى فريق أميركي للتنسيق العسكري موزع بين الرياض وقطر والبحرين بإشراف نائب قوات "المارينز" في الشرق الأوسط الميجر جنرال كارل إي. موندي، وإعادة تزويد طائرات سلاح الجو الأميركي لطائرات اف – 15 السعودية واف – 16 الإماراتية المشاركة في "العاصفة" بالوقود في الجو، تجعل استمرار هذه العاصفة صعبا جدا من دون هذا "الدعم".

في مقال له، لخص الأستاذ بجامعة تافتس الأميركية دبليو. سكوت ثومبسون في الثاني من هذا الشهر استراتيجية أوباما في المنطقة عندما كتب أن "واشنطن يسعدها ان تحاول ضرب الجماعات ببعضها، من دون حتى أن تشن الحرب مرة أخرى، أو تتدخل بنفسها مباشرة في المنطقة"، و"النتيجة هي أننا الآن موازن بين القوى بعيدا عن الشواطئ في الشرق الأوسط، بدلا من أن نكون لاعبا مباشرا في معظم الصراعات الكبرى" في المنطقة، و"قد حان الوقت كي تتحمل الدول السنّية الكبرى بعض المسؤولية عن شؤونها بنفسها".

وسواء كانت "عاصفة الحزم" و"القوة العربية المشتركة" بقرارات عربية خالصة أم لم تكن فإنها في نهاية المطاف تندرج في سياق هذه الاستراتيجية الأميركية.

ودولة الاحتلال الإسرائيلي ليست أقل "سعادة" من واشنطن بالتأكيد، إذ "لأول مرة منذ عام 1948 (عام النكبة العربية في فلسطين) نجح العرب في إنشاء ائتلاف عسكري (ائتلاف الدول العربية العشر في "عاصفة الحزم") موجه ضد دولة عربية وليس مرتبطا بالصراع العربي الإسرائيلي" كما كتب جاك نيرياه الكولونيل المتقاعد في جيش الاحتلال والمستشار السابق لرئيس الوزراء الأسبق الراحل اسحق رابين في السادس من هذا الشهر.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حذر الخميس الماضي من ان "العالم الإسلامي في هذه اللحظة يواجه خطر التفكك"، موحيا بأن هذا "التفكك" ناتج عن قوة قاهرة عواملها ذاتية، وكان الأدق أن يحذر من أن العالم الإسلامي وفي قلبه الوطن العربي إنما يواجه خطر "التفكيك" الأميركي له نتيجة لمبدأ أوباما في إشعال نار الفتن القاتلة النائمة فيه بالتحريض على الاقتتال العربي – العربي والعربي – الإسلامي الطائفي بينما يهدد بالحرب من لا يسالم دولة الاحتلال من العرب والمسلمين.

في السادس والعشرين من آذار الماضي اقتبست النيويورك تايمز من الباحث في مجموعة الأزمات الدولية بيتر هارلينغ قوله إنه "في اليمن وسوريا والعراق وأماكن أخرى تتحدث الإدارة (الأميركية) وكأنها تدعم عمليات الانتقال المنظم إلى بناء الدولة لكن أفعالها في الحقيقة تفكك الدولة المركزية" في هذه البلدان.

* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com