ويتفصد قلمي ضوءًا.. ذلك حينما أرسمك بالكلمات/ رجاء محمد زروقي


أنا وطني وإن مال عنّي
..خلــــــــيـــــل..
و أنا وطني وإن مال عنّي 
..إليه أمــــيــــــــــل..
.....،.....
و أنا وطني و إن ظمأ
 واحتّد به سُعار الشجْو
أفتكُّني من تكلّس الدّنيا
و أبرح صُوان موت الحرف
و يحيا فيّ التوقد
.. و أســــيـــــــل..
.....،.....
و أنا وطني و إن أبرحه
أُُودع له حماطة العقل
وكلّ ما بِرُشد
 براهين الدليـــــــــــل
.....،.....
و أنا و طني و إن خاصمته
ذرفت شوقا بكُمّ قُمصان
..الهـــــــــــــــوى..
و كفكفت تولها ببؤبؤ المناديــــــل
.....،.....
و أنا وطني و إن قبّلته
يدخل البحر و.. التاريخ و.. الأسماك
في إغماءة شهقة بوح .."هامات المستحيل"..
و حتى بارقات حبات كرز تشرين
فأًُطيل في عمر السّاعة 
و.. النّجم و.. اللّيل
 وغفـــــوتي بين ذراعيْ دنيا وطني
 .... قليــــــــــــــــل ....
 و أمدّد طوال إغفاءة أجفان " الرشاء" 
ليزيد تورد الحرف في ضمّ حبيبي
 و.. أزيدني وأُُحرضني 
على ارتكاب ياسمين الفرح 
رغم حزن أيْكتنا
 وجوْر ضنين البوح الكاشح العليل
ستبقى وطني حبيبي 
تِبْيان ما بوشاح تبرقع الرّوح 
و مُداراة إكنان سفوح القلب الأثيل


الخامس والعشرون من شهر يناير 2011 يشكل فارقا في تاريخ مصر .. ولكن/ أنطوني ولسن

نتقدم أولا بالتعزية الى الشعب السعودي وآل سعود والعالم لرحيل الملك عبدالله بن  عبد العزيزآل سعود عن عالمنا المليء بالأوجاع وندعو الله أن يتغمده في فسيح جناته .

كما نهنيء الشعب السعودي لأنتقال الحكم إلى جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود .

عزيزي القاريء .. قبل أن نتحدث عن ثورة 25 يناير 2011 يجب علينا أن نعود إلى أيام قليلة لنلقي الضوء على أحداث دامية مرت لكن أثارها لم يلتفت إليها أحد .

أحداث تفجير كنيسة القديسًين مار مرقص الرسول والبابا بطرس خاتم الشهداء بمنطقة سيدي جابر بالأسكندرية ، والتي راح ضحيتها ما يزيد عن 23 قتيلا ومايزيد عن 79 مصابا صباح يوم السبت 1 يناير 2011 عشية احتفالات رأس السنة الميلادية .

أيام مبارك ومن حكم قبله لا أحد ينكر تهميش المسيحيون " الأقباط " في مصر . بل والأعتداء عليهم سواء في الطريق العام أو في بيوتهم ومحلاتهم التجارية وبين زملاء عمل .

هذا التهميش والأضطهاد وسفك الدماء لم تتحرك لا الرئاسة ولا المسؤولين من رجال الدولة المصرية شرطة كانوا أو جيش للتصدي لكل من تسول له نفسه الأعتداء على المصريين المسيحيين .

في ظاهرة مفاجئة خرج شباب الكنيسة الى شوارع الأسكندرية مطالبين بحقهم في الحياة ومعاقبة الجناة مهما كانت إنتماءاتهم الدينية المناهضة للمسيحيين وسقوط مبارك وحكومته .

إستمر الغليان المسيحي في الشارع المصري إلى أن وصلنا إلى الخامس والعشرين من نفس الشهر " يناير " 2011 وخروج تلك الأعداد الهائلة من أبناء مصر رجالا ونساء وشبابا ، مسلمون ومسيحيون هتف الجميع بسقوط مبارك مطالبين بالقصاص لجميع الشهداء ومعاقبة وزير الداخلية في ذلك الوقت " حبيب العادلي " مطالبين بأستقالته ومحاكمته للشبهات التي كانت تحوم حوله في تفجير الكنيسة .. " كنيسة القديسيَن بمنطقة سيدي بشر بالأسكندرية " .

هذا الجزء من تاريخ الأحداث التي توالت بعد ذلك له أهمية خاصة . لأنه على الرغم من مرور 4 سنوات علي تلك الأحداث ’ لكننا مازلنا " محلك سر " ولا بصيص أمل في غد أفضل لكل المصريين . والسؤال هنا لماذا بدأنا نفقد هذا الأمل الذي حلمنا به طوال عقود كثيرة لم يشعر لا المواطن المسيحي ولا المسلم بأنه قاب قوسين أو أدنى لنوال حقوقه وتفعيل حق المواطنة للجميع .

لذلك نرى أن الخامس والعشرين من شهر يناير 2011 يشكل فارقا في تاريخ مصر. هذا الفارق في تاريخ مصر هو أول خروج لأبناء مصر  والتوجه ألى ميدان التحرير بهذا العدد الهائل من المصريين . لأول مرة يرى العالم هذا التلاحم بين المصريين من الشباب والشابات والرجال والسيدات الذي شكْلَ ملحمة نادرة الوجود خاصة في العالم العربي .

تلك الملحمة إشترك فيها بعض من شباب الأخوان غير عابئين بعدم السماح لهم بالمشاركة . لكنه الأحساس الوطني لأبناء مصر الشرفاء .

نجحت جموع المحتشدين بميدان التحرير من زعزعة عرش مبارك مما دفعه الى التخلي عن منصبه في 11 فبراير 2011 كما نعرف وتسليم السلطة الى القوات المسلحة التي كان يترأسها المشير طنطاوي . بعدها بدأت جموع المحتشدين في الأنسحاب مقتنعين بتحقيق هدفهم وإبعاد مبارك عن الرئاسة ... ولكن !.

ولكن حدثت خيانات ممن تولون إدارة البلاد . أهم تلك الخيانات التجمع الأخواني الكبير ومعهم السلفيون وأعداد غفيرة من الجماعات الإسلامية الأخرى . بل بسماح من المشير طنطاوي بعودة ثلاثة ألاف من الهاربين الأسلاميين الخارجين على القانون والمحكوم عليهم بأحكام يصل بعضها الى الأعدام . الأعتداءات التي بدأت تشكل خطرا على كنائس المسيحيين بجميع طوائفهم . خروج الأخوان الى الشوارع والميادين بهذه الصورة التي تعلن سلطتهم قبل أن تكون لهم سلطة أو سلطان . ذلك التجمع الغير مسبوق في مدينة قنا رافضين قبول محافظ مسيحي لهم . استمر التظاهر لفترة طويلة كانت الخسارة المالية كبيرة . تدخل بعض من رجالات الأخوان لفض الأضرابات لتعود عجلة الحياة الى دورانها الطبيعي .كل هذا وأكثر حدث دون إتخاذ قرار حاسم ضد المتسببين في كل ذلك التحدي للسلطة الحاكمة في ذلك الوقت " المجلس الأعلى للقوات المسلحة " . في وسط تلك الفوضى غير الخلاقة تم نسيان الأحتفال بعيد الشرطة في الخامس والعشرين من شهر يناير عام1952 وشهادة أكثر من 50 جندي وضابط غير العدد الهائل من المصابين والجرحي في مدينة الأسماعلية .

وهنا الفارق الذي أتحدث عنه . الشرطة هي أحد أضلاع مثلث حماية الوطن ، ولها أهمية خاصة لأن الشرطة جهازها جهاز توفير الأمن والأمان للشعب المصري سواء في الشارع العام أو في المحلات والأماكن السكنية . مع شديد الأسف تم نسيان ذلك التاريخ الذي تمت كتابته بدماء رجال الشرطة ، وحل محل " 25 يناير1952 " يوم " 25 يناير 2011 ". وبهذا نكون قد تعدينا الأصول وتهميش رجال الشرطة الذين أستشهد عدد كبيرمنهم مضحين بحياتهم دفاعا عن الوطن مصر والذين واجهو الأعداء بكل شجاعة وإقدام  في مواجهة الإنجليز بمدينة الأسماعلية.. و لم تنسى الدولة ذلك التاريخ فبدأت تحتفل به حتى احتل التاريخ الجديد " 25 يناير 2011 " محله وأطلقنا عليه " الأحتفال بالثورة .. ثورة  الشعب المصري في " 25 يناير 2011 " .

أنا هنا لا أقلل من قيمة ثورة المصريين بدءا من خروج المسيحيون " الأقباط " بعد تفجير كنيسة القديسيّن بمنطقة سيدي بشر بالأسكندرية مطالبين بالقصاص وإسقاط النظام إلى أن إمتد التلاحم بين أبناء المصريين الذي تم في " 25 يناير 2011 " وصمودهم حتى رضخ مبارك لمطلبهم العادل بتخليه عن منصب رئيس الجمهورية وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة لأدارة شئون البلاد . وكل من عاش تلك الحقبة الزمنية يعرف ما وصل إليه حال مصر خاصة بعد تولي الأخوان أولا البرلمان " برلمان العار في جبين مصر بين الدول " ، ثم توليهم لسدة حكم مصر برئيس " أترك للتاريخ وصفه " .

سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي .. صدقني نحن نعيش معكم ونشعر بالحمل الثقيل الذي تحملونه لأخذ مصر إلى الطريق الصحيح الذي تستحقه ويستحقه أبناء مصر .

لكن مصر محاصرة بين فكي ثلاثة دول " أميركا وتركيا وقطر " ويمكنني أن أطلق على حكامهم " وليس شعوبهم " القتلة وسفاحي دماء . انهم يستغلون الباقون من الأخوان والجماعات الأرهابية الذين مازالوا يعيشون خارج السجون ويعيثون في الأرض فسادا مستغلين فقراء الشعب المصري للقيام بأعمال عنف وتفجير  وقتل وتخويف الشعب المصري على مستوى الجمهورية .

قوات الشرطة سيادة الرئيس يقومون بكل ما يملكون من قوة ويسقط منهم شهداء الواجب الوطني مع استمرار هذا النزيف الدامي في الأستمرار .

القوات المسلحة أيضا تواجه إرهابا مدفوع له وممول بأحدث الأسلحة في سيناء .

الشارع المصري في جميع أنحاء الجمهورية يبذلون جهودا جبارة لتخويفه وبث روح الخوف في نفوسهم حتى يمكنهم القضاء على كل ما وصلت إليه مصر في خلال فترة وجيزة من توليكم سُدة الحكم .

مصر في أشد الحاجة الى أستخدام القوة في مواجهة قوات الشر في مصر .

سيادة الرئيس سامحني أنا لست رجل سلطة ولكن مصر تعيش داخلي وصلتي بأبناء مصر أحمدالله على المحبة التي في قلوبنا سواء في مصر أو أستراليا ، مسلمون أو مسيحيون ، لذا تجدني أخاف على مصر وعلى كل المصريين . ولا أستطيع أن أدلي برأي في أي شيء .

لكن أستحلفك بالله بأن تعلن الحرب على الطغاة ، وأن تعلن حالة الطواريء على مستوى الجمهورية لأصطياد كل من تسول له نفسه في محاولة إيذاء أبناء مصر وبناتها .

سيادة الرئيس كم أتمنى عليكم تشكيل حكومة جديدة يتولي إدارتها سيادتكم كرئيس للجمهورية ورئيس الوزاراء مع تعين أكبر عدد من رجالات الجيش المخلصين للوطن مصر مع بعض وزراء مدنيين يستمتعون بنفس الحب والعمل الدئوب لصالح مصر والشعب المصري .

مساندة قوات الشرطة بقوات أمن مركزي وقوات من القوات المسلحة ، لمواجهة أعداء مصر في الداخل .

أعود سيادة الرئيس الى يوم 25 يناير 2011 الذي أصبح عيد الثورة المصرية إعادته الى وضعه الأصلي " يوم الشرطة المصرية ، وجعل يوم 11 فبراير 2011 يوم تخلي مبارك عن الحكم هو يوم الثورة المصرية .

سيادة الرئيس نعرف أن الحمل عليكم ثقيل . لكنكم إختيار الله قبل الشعب لمعرفة الله أنكم قدر المسئولية ، فليكن الرب معكم ويساندكم ويؤازركم بقوة من عنده لتحرير مصر من الأرهاب للأستمرار في بناء مصر الجديدة .

في بداية مقالي تحدثت عن ما حدث لمسيحي كنيسة القديسَّين بمنطقة سيدي بشر بالأسكندرية وما حدث لهم دون أخذ القصاص من القتلة الذين فجرو الكنيسة صباح السبت الأول من يناير 2011 في الساعة 12.20 عشية احتفالات رأس السنة الميلادية ، نرجوكم سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي إعطاء مثل هذه الأحداث أهمية خاصة . لكنني أهتم أكثر بأمن وأمان جميع أبناء مصر في هذا الوقت العصيب وتحديات دول إرهابية تحاول إخضاع مصر وكسر أنفها أمام أولئك القتلة والسفاحين .

ندعو الله أن يسدد خطاكم وينصركم على من يعاديكم ويعادي مصرنا الحبيبة .

تـحـيـا مـصــر

28 يناير 2015

لقاءات القاهرة وموسكو هي الخطوة الأولى لوئد بيان جنيف1/ جمال قارصلي

إن الحالة المأساوية التي تمر بها المعارضة السورية تدعو إلى الأسى والحزن, وما يزيد المأساة حزناً وألماً بأن الذين يدّعون بأنهم من أصدقاء الثورة السورية وآخرون يدّعون بأنهم يمثلون المعارضة السورية هم من يقومون بتجزئتها وتفتيتها وشرذمتها.
قبل إنعقاد لقاء المعارضة التشاوري الأخير في القاهرة, من 22-24 الشهر الجاري, تمت إتصالات ولقاءات مكثفة بين فصائل وشخصيات من المعارضة السورية في الداخل والخارج وكان الهدف منها هو الدعوة إلى إجتماع موسع يضم كل أطياف المعارضة السورية لكي توحد صفها وتضع خارطة طريق مشتركة للخروج من المأساة التي يعيشها الشعب السوري. ولكن ما حصل قبل إنعقاد هذا اللقاء كانت هنالك عملية إستبعاد وتهميش للأغلبية الساحقة من المعارضة السورية, حيث تم وبشكل مقصود دعوة بعض أطراف المعارضة السورية وخاصة الذين معروف عنهم بأنهم سيسيرون مع التيار ولن يعارضوا ما يتم طرحه عليهم في هذا اللقاء وسيقولون لكل شيء نعم وآمين. العملية الإنتقائية كانت واضحة في عدد الأعضاء المشاركين لكل مجموعة من هذه المجموعات والبعض منها كان له النصيب الأكبر في الحضور بالرغم من صغر حجمه وتأثيره, وكان هنالك بعض المجموعات التي جاءت من الداخل والتي عدد أعضاؤها لا يتجاوز الأربعين شخصا, كان لهم تمثيلا قويا وصوتا مرتفعا في هذا اللقاء. 
أغلب مجموعات المعارضة السورية لم يتم دعوتها ومنها وعلى سبيل المثال لا الحصر, "مجموعة عمل قرطبة" والتي قامت بنشاطات كثيرة وبمؤتمرات تخصصية عديدة لمكونات المجتمع السوري, ولديها قاعدة شعبية كبيرة وهي تعمل على تنظيم مؤتمر وطني عام يجمع كل أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج. وكذلك تم إستبعاد قوى ديمقراطية وطنية عديدة بالإضافة إلى قوى إسلامية معتدلة وشخصيات وطنية كثيرة. لقد تم دعوة بعض الشخصيات الوطنية ولكنها لم تلب الدعوة لأنها فهمت اللعبة وما يكمن وراءها من مخاطر وإعتذرت عن المشاركة في هذا اللقاء. فمن الواضح بإن الذي دعى إلى لقاء القاهرة ليس هدفه توحيد المعارضة السورية بل تجزئتها ودق إسفين التفرقة والتناحر بين صفوفها.
أغلب فصائل المعارضة السورية متفقة فيما بينها على بيان جنيف1, والذي صدر بتاريخ 30 حزيران/ يونيو 2012, والذي ينص على تأسيس هيئة حكم انتقالى بصلاحيات تنفيذية كاملة، تتضمن أعضاء من الحكومة السورية والمعارضة، ويتم تشكيلها على أساس القبول المتبادل من الطرفين, ومشاركة جميع عناصر وأطياف المجتمع السورى فى عملية حوار وطنى هادف. والبدء بمراجعة للدستور, إضافة إلى إصلاحات قانونية، أما نتيجة المراجعة الدستورية فيجب أن تخضع لموافقة الشعب، وحالما يتم الانتهاء من المراجعة الدستورية يجب الإعداد لانتخابات حرة ومفتوحة أمام الأحزاب كافة ويجب أن تحظى النساء بتمثيل كامل فى كل جوانب العملية الانتقالية, بالإضافة إلى التمكن من إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق الأكثر تضرراً، وأن يتم إطلاق سراح المعتقلي, ويجب أن يتمكن ضحايا النزاع الدائر حالياً من الحصول على تعويضات أمام القضاء.
أما ما صدر في بيان لقاء القاهرة, والذي يتضمن 10 من البنود, تجاهل أهم أسباب إندلاع الثورة السورية, ألا وهي رأس هرم السلطة في سوريا وموقف أجهزة الأمن والجيش منها والتي تعتبرها أكثر مجموعات المعارضة السورية أهم شيء يجب معالجته في البداية وهذا يعتبر من أهم ثوابتها الأساسية التي لا يمكن التنازل عنها والتي تصر بأن لا يكون أي دور لبشار الأسد وجميع أركان نظامه الاستبدادي، في أي مرحلة انتقالية، إضافة إلى ضرورة إعادة بناء المؤسستين الأمنية والعسكرية، وإبعادهما عن أي دور سياسي في سوريا المستقبل. فإن من يريد أن يقف إلى جانب الشعب السوري عليه أن يعالج الأسباب وليس الظواهر ويعمل على وحدة صف المعارضة وليس على تفتيت المفتت وتجزيء المجزأ. 
أما بخصوص ما يتم في لقاء موسكو الآن ,من 26-29 الشهر الحالي, فسيكون له إنعكاسات سلبية أكبر على وحدة صف المعارضة السورية وسيكون أسوء بكثير مما حصل في القاهرة لأن مواقف موسكو منذ البداية إلى يومنا هذا كانت واضحة ومنحازة بشكل سافر إلى صف "النظام" وما يتوقعه كاتب هذه الأحرف هو بأن الضربة القاضية لبيان جنيف1 ستأتي من موسكو وربما سيتم دفن هذا البيان هناك. ما حصل في القاهرة وما يحصل في موسكو الآن هو الشيء الذي تعاني منه الثورة السورية والذي يرهق كاهلها كثيرا, ألا وهو ما يمكن أن نسميه تجاوزا ب"الأعدقاء", أي الأعداء الأصدقاء, لأن أغلب أعداء الثورة السورية صاروا يتسترون بثوب الصداقة لها ويطعنونها في ظهرها.
من الواضح بأنه تم تسمية أعضاء اللجنة التحضيرية التي ستقوم على تنظيم مؤتمر وطني سوري سيتم عقده في القاهرة في الربيع المقبل. على أعضاء هذه اللجنة وكذلك قادة المعارضة السورية أن يعلموا بأن الشعب السوري يراقب كل تصرفاتهم وهو يعلم بكل خفايا الأمور, وهو ليس بالسذاجة التي يتصورونها, وهو يعرف من باعه بقليل من الدولارات أو بقليل من الوعود والأنانية, ويعرف كذلك كل من يعمل من أجل تحقيق أجندات خارجية وأنه لن يتنازل عن محاسبة كل من خذله وغدر به وبثورته مثلما يصر على محاسبة الطاغية وزمرته وكل من تلطخت أياديه بدماء الأبرياء من السوريين. 
 / ألمانيا

تطهير عرقي جديد في "جبل البابا"/ علي هويدي

تتعرض تجمعات الفلسطينيين البدو في الضفة الغربية المحتلة لإعتداءات إسرائيلية مستمرة تكاد لا تتوقف، فبعد هدم تجمع "عرب الكعابنة" قبل أسبوعين وترحيل سكانه إلى تجمع سكني كبير في منطقة الأغوار الفلسطينية  بخلاف إرادة الأهالي ودون استشارتهم، يجري العمل على ترحيل سكان تجمع "جبل البابا" من "عرب الجهالين" شرق القدس. يسعى الإحتلال وبكل الوسائل للتضييق على العائلات ودفعهم إلى الرحيل التلقائي متذرعاً بحجج واهية كالبناء دون ترخيص، أو أن السكان يقيمون على أراضٍ يصنفها الإحتلال على أنها "أملاك غائبين".
تهدف الخطة لتوسيع أكبر مستوطنات الضفة الغربية "معالي أدوميم" لربطها بمنطقة شرق القدس المحتلة تمهيداً لإقامة القدس الكبرى، والضغط كأمر واقع أمام أي استحقاق سياسي في سياق التسوية مع الفلسطينيين في المستقبل، وبأن القدس هي خارج نطاق أي إتفاق "سلام" مستقبلي، وأن القدس هي "العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل" والعمل على إبعاد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين خارج المدينة لضمان الأغلبية اليهودية. بدأ المشروع الإحلالي العنصري التوسعي الجديد منذ العام 2007 ليهدد أكثر من 15 ألف فلسطيني بدوي، أكثر من نصفهم من الأطفال يقيمون في 45 تجمع منذ نكبة العام 1948.
استنكر الإتحاد الأوروبي عمليات الهدم وإجبار البدو على الرحيل وإقتلاعهم من المناطق التي تحتلها "إسرائيل"، وأعربت وكالة "الأونروا" عن مخاوفها "حيال التهديد بالتهجير القسري"، و"أن التهجير القسري للأشخاص من أراض واقعة تحت الإحتلال يعتبر خرقاً للقانون الإنساني الدولي"، ولتثبيت البدو في أماكن سكناهم أطلقت الوكالة مشروعاً خاصاً أسمته "معاً لحماية التجمعات البدوية"، لكن الإحتلال كعادته؛ لا يلقي أي إهتمام لأي من القوانين والقرارات الدولية، لا بل يضرب بها بعرض الحائط ولا يلتفت لأي حساب أو مساءلة مستنداً في ذلك إلى قوة حلفائه في المنظومة الدولية لا سيما الحليف الإستراتيجي أمريكا.
وتلاقي مخططات ترحيل البدو الصهيونية إستنكاراً وإدانة واسعة من منظمات حقوقية دولية كالأوكسفام ومنظمة العفو الدولية والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، وتضامناً مع سكان تجمع "جبل البابا" الذي يسكنه 350 فلسطينياً، زار التجمع قناصل هولندا وفرنسا والفلبين، ووصف خبراء القانون الدولي عملية الترحيل بأنها إنتهاكا فاضحاً لجميع الأعراف والمواثيق الدولية التي تضمن للشعب الفلسطيني كامل حقوقه الشرعية في أرضه، وتعد جريمة بحق الإنسانية، وعملية تطهير عرقي من الدرجة الأولى يعاقب عليها القانون الدولي، داعين لأن تكون واحدة من ملفات ملاحقة الإحتلال في محكمة الجنايات الدولية، فهذه ليست المرة الأولى التي يمارس على أهالي تجمع "جبل البابا" وبقية التجمعات سياسة التطهير العرقي، فقد سبقها التطهير العرقي الأول أثناء اقتلاعهم من أراضيهم وبيوتهم في فلسطين المحتلة على أيدي العصابات الصهيونية إبان النكبة في العام 1948.
في المقابل وكسياسة ثابتة يمارسها سكان الأرض الأصليين من الفلسطينيين، فلا تكاد جرافات الإحتلال تهدم تجمعاً، إلا ويعاد بناؤه من جديد ولو من التنك والصفيح أو من بقايا الأخشاب والقماش، هي معركة البقاء والإرادات وصراع الأدمغة التي يواجهها الفلسطيني مع الإحتلال وأدوات الاحتلال،.. خسارة ترحيل أهالي تجمع "جبل البابا" لا تقتصر فقط على العنصر البشري وما سيتبعه من معاناة..، بل كذلك سيسبب بإلغاء شارع أثري عمره يفوق 1400 سنة يمر من التجمع ويربط مدينة أريحا بمدينة القدس.
لزوال الإحتلال وإجباره على التوقف عن ممارساته التعسفية؛ نعتقد بأن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق السلطة الفلسطينية ودولة فلسطين العضو المراقب في الأمم المتحدة واعتبار عملية الترحيل قضية سياسية من الدرجة الأولى والدفع باتجاه تشكيل تجمعات ضغط دولية دبلوماسية إعلامية قانونية ثقافية جدية..، على التوازي مطلوب حراك عربي إسلامي موحد لمحاصرة وعزل دولة الإحتلال في المحافل الدولية واتخاذ مواقف ترتقي إلى مستوى الحدث. كذلك دور كبير يتحمله المجتمع الدولي وتحديداً الإتحاد الأوروبي بفضح ممارسات الإحتلال التي تتنافى والقوانين الدولية. مسؤولية كذلك تقع على عاتق المؤسسات الأهلية والمثقفين للدفع باتجاه التوعية.. وعلى أهمية المقاومة الشعبية ودورها، إلا أن هذا لا يلغي ممارسة جميع أشكال المقاومة لدحر الإحتلال، وفي المقدمة منها المقاومة المسلحة وهذا ليس بالجديد في القانون الدولي..
*المنسق الاقليمي لمركز العودة الفلسطيني / لندن – المنطقة العربية
كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني


الكاهن في نظر رجل علماني الكاهن رجل غير عادي/ يوحنا بيداويد

ملبورن استراليا

في الاونة الاخيرة نشر بعض رجال الاكليروس عن ارائهم ومواقفهم في شؤون الكنيسة وقضاياها ومشاكلها في وسائل التواصل الاجتماعي . على الرغم من طرح هذه المواضيع في وسائل الاعلام لا تجلب فائدة كبيرة بسبب سوء الفهم واللغط الذي يحصل في تفسير البسطاء له الا انه اصبح امرا واقع الحال مع الاسف فلا بد ان نتعاطى معه.

ونتيجة علاقتي وقربي من رجال الكنيسة والمجتمع والاعلام وجدت من المفيد ان نتطرق الى نظرة العلماني عن الكهنة بكافة درجاتهم من البطريرك الى الشماس الانجيلي وحتى مدرس التعليم المسيحي. حاولت ان استقرا اراء الناس حول هذا الموضوع كيف ينظر البسطاء الى الكاهن او رجل الدين بصورة عامة؟ بماذا يشعرون حينما يتحدثون اليه او ينظرون اليه؟ او كيف يقيمون دوره في حياتهم الايمانية؟. هذه اهم الملاحظات والنقاط وجدتها مهمة وربما هناك اكثر واهم منها بحسب نظرة الاخرين:
•   ان الكاهن في نظر العلماني هو رجل خارق او سوبرمان، غير طبيعي، له مؤهلات لا يمتلكها الا القليل من الناس لهذا هو كاهن.

•   له امكانية عقلية كبيرة وذكاء عالي  يساعدانه في حل المشاكل او ايجاد  مفاتيح جديدة لها من خلال تقديم الاقتراحات وتوسيع الرؤية  في تحريك الامور المستعصية لاسيما في القضايا الاجتماعية والعائلية.

•   احيانا تصل مكانة الكاهن الى القداسة عند الشعب، بل يمثل العقيدة والمباديء بحد ذاتها، فإيمان الانسان البسيط مرتبط كثيرا بعلاقته بالكاهن ( الاكليروس في جميع درجاتهم) وحينما تشوب على علاقته بالكهنة بعض الفتور يخسر ايمانه بسرعة.

•   الكاهن في نظر الانسان البسيط هو رجل مثالي في قراراته، و اقواله وارائه مسموعة كانها منزلة من السماء او ان الروح القدس يتحدث عن طريقه كالانبياء في العهد القديم.

•   ان رجل الدين صلب المواقف لانه صلد في ايمانه، من الصعب تصديق ان رجل الدين يقع في خطيئة او يعمل اخطاء او ضعيف امام التجارب الزمنية في عالم الواقع لانه انسان غير عادي.

•   ان الكاهن هو شخص ايمانه قوي بحيث يتصورونه مثل المسيح حينما كان يحمل صليبه وهو يسير تعرجات مدينة اورشليم في طريقه الى قمة الجلجلة حيث   صلب، وهو مؤمن برسالته، يظنون ان الرجل الدين في كل لحظة مستعد للموت من اجل ايمانه الشخصي ومن اجل ان يشهد للعالم عن مدى اخلاصه وتعلقه بالصليب والمسيح ومحبته للاخرين.

•   رجل دين بعيد عن الميول الشخصية ولا يميز او ينحاز لطرف ما في اي قضية، لا سيما المشاكل العائلية مثل الطلاق، وان ما يسمعه من الاسرار الشخصية بين الطرفين لا يمكن ان يعلم بها غير الله، لهذا هم مستعدون للافصاح عن اسرارهم اماهم.

•   ان الكاهن ليس له عقدة نفسية او اجتماعية لهذا امكانيته فوق العادة فهو ينبوع العطاء والتضحية والسخاء والرحمة مثل المسيح. فعند الحاجة لا يذهبون الى احد غيره بل لا يثقون بغيره لان هو الطبيب الجسدي والنفسي والروحي وفوقها هواب رحوم لهم.

•   الكاهن له الثقافة العالية تؤهله للاجابة عن اي سؤال ديني او عقائدي وحتى غير ديني، ويؤولون الكثير على ارائه بل يعتبرونها جزء من عقيدة ايمانهم بها فيصدقونها بصورة مطلقة.

•   ان الكاهن لا يحسد ولا يحقد ولا يبغض، لا يزعل وليس عصبي المزاج متكامل وبشوش ويحب الاطفال والشبيبة بهدف ضخ فيهم روح الايمان والقيم المسيحية والانسانية.

هذه بعض الملاحظات المهمة قرأتها في عيون الناس من خلال حديثهم او تصرفاتهم او مواقفهم او تعابيرهم او عند مسائلتهم عن الكاهن في جميع مراتبه.

فالناس في الحقيقة ينسون ان الكاهن هو رجل عادي مثلنا لحم ودم تماما، وليس سوبرمان، كما يظنون لا ينقصه شيء عنا، ولا يزيد عنا باي شيء سوى الارادة والرغبة في التضحية من اجل الاخر، وبسبب ايمانه بالتعاليم والمبادىء المسيحية والتصاقه بها او انجذابه اليها نال نعمة خاصة من الله والمسيح، فاعطيت له الدعوة لحمل اكليل النعمة الذي قد يقوده الى اكليل الشهادة اوالقداسة.

لا يعلم الناس ان الكاهن لا يعطينا الخلاص لانه ليس الفادي لان هناك شخص اخر هو المسيح هو المخلص. لكن  يمكن ان يكون سببا لنا لنيل الخلاص من خلال تبشيره او التاثر بشخصيته او مواقفه .

فالذي اتمناه من ابائنا الاساقفة، من غبطة البطاركة الى اخر شماس ان ينتبهون الى رسالتهم الروحية ومواقفهم الشخصية ويكونوا مخلصين لها، لان الناس تنظر اليهم بنظرة قداسة، ينظرون الى اعمالهم واقوالهم او اختيارهم ، ينظرون الى كم منهم يجسد ما يقوله على المذبح  في عالم الواقع في حياتهم اليومية لانهم مقياسا ودليلا ودافعا لايمانهم. فاي خبر مهما يكون مفرح قد يفسر بصورة سلبية تماما ويترك اثر كبير على الحياة الروحية او ايمان الناس بكل بساطة.

كما ان الصراعات بين الاكليروس وطرح ارائهم في وسائل الاعلام احيانا تترك اثار سلبية كبيرة على ايمان الناس واستعدادهم في ممارسة اسرار الكنيسة لاسيما سر التوبة و المصالحة والغفران. المسيح كان واضح في مخاطبته للناس لا سيما المدعوون الى الحفل. فمن لا يوفر في شخصه مستلزمات الدعوة يا ليت لا يكون سببا لجعل الفتور طاغيا على ايمان الناس.

الكاهن جندي في معركة يوميا، يجب ان يكون شاهدا للحق، مانحا مواهب الاسرار بدون مقابل، يدرك بل انه اختار الطريق الذي لايسمح له للنظر الى الوراء.

في النهاية اختم مقالي بالتشديد ان حصول الاختلاف في المواقف او الاراء اثناء الخدمة امر بشري عادي، ولكن لكل واحد حدوده وصلاحيته وحقوقه يجب ان تصان لكن بشرط ان لا يكن سببا لتقهقر ايمان الناس بالقيم والمبادىء المسيحية التي منها انبثقت القوانين الانسانية في الرحمة والعدالة والمساواة.

 ملاحظة مهمة
كان بودي كتابة الجزء الثاني للمقال لكن نتبجة اراء الاخوة المعلقيين في موقع عنكاوا كوم  كتبت معظم افكار المقال لهذا نتكفي بالجزء الاولى. لمن يريد الاطلاع عليها مراجعة الرابط التالي:

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,770840.0.html


دعوة للحب/ ايمان حجازى‏

اليوم , الآن , وسط هذا الخضم الهائل من الزخم السياسى , وسط هذا الطوفان الطاغى من العنف الموجه وغير الموجه , وسط ما صرنا نبحر فيه من أنهار الدماء تحيل حياتنا الى اللون الأحمر القانى , وسط أصوات تعالت بالصراخ والعويل , وسط كل التنهدات الحارة المشبعة بالألم والدموع والحزن . 
وسط كل هذا أجدنى أريد أن أنفصل عن الواقع , أريد أن أحلق بعيدا عن كافة الأحزان وأخلع نفسى من كل ما يدل على الآلام , وأبتعد نهائيا عن الدموع غير دموع لقاء الأحباب , أريد أن أتحدث وأفيض فى الحديث عن الحب . 
أريد أن أمتطى جواد الليل لأسافر عابرة للقارات لتصل مطيتى الى أرض الحب , أرض الصفاء , أرض نقية , لا تعرف من اللون الأحمر إلا خجل العزارى أو خدود الورد , أرض بساطها زروع خضراء وسماؤها تتلألأ بنجوم فضية ويسطع فى قلبها قمر يضىء الوجود . 
أريد أن أفرد شراع سفينتى وأبحر على بحر غير عاصف الأمواج , هادىء النسيم كأنه نهر النيل , ترانى على ضفافه النخيل , تلوح لى فأبتسم لها , تغرد لى بلابله فأغنى وأبدع فى الغناء على عزف الأرغول . 
لم أشعر منذ زمن بحاجتى الى هذا العالم , هذا الجو , هذا المناخ . 
كنت إعتقدت نفسى قد كبرت عليه , أو شاخت سنينى . 
كم إعتقدت أنه عيبا أن أتحدث عن المشاعر , عن الحب وخاصة فى هذه السن التى تخطت بمراحل أيام المراهقة وأحاسيسها الجياشة . 
كم وقعت فى أسر معتقدات بالية أورثونا إياها , كم قالو بأن إظهار الحب مناف للإحترام , مناف للوقار . 
كم أفهمونا خطئا أن الحب هذا حكر على الصغار ......... 
أبدا ..... نحن نحتاج للحب صغارا وكبارا . الحب ليس له سن ولا هو قاصر على مرحلة بعينها . 
أنت تحب لأن لك قلب يدق .
أنت تحب لأنك حى ما زلت . 
وطالما أنك تستطيع أن ترى الجمال فى الدنيا فأنت قادر على أن تعشقه وتحس به .. 
وهذا هو الحب . 
وحتى قلبك إذا سألته فستجده يحتاج دوما للحب ......يحتاج دوما لأن يدق فى فرح ,,, يحتاج أن يشتاق وأن يهفو ,,, يحتاج أن يتلوع , يتعذب , يتلهف . 
وهكذا عيونك إذا نطقت وأجابتك على السؤال ستقول بأنها تحتاج أن تنظر فتجد أمامها من تحب ,, تحتاج أن تبحث أحيانا عمن تحب ,, بل تحتاج أكثر أن تبكى من شدة الوله والعشق والشوق لمن تحب . 
كم تحتاج عيوننا الى أن تسهر مسهدة تناجى من تحب , وتغمض الجفون على صورته كلما إستجمعتها . 
ستخبرك شفايفك بأنه كم من بسمة ترسم على شفاهننا عندما تتخيل عيوننا ملامح , بسمات ,لفتات من نحب . 
سينبأك صوت الضميربأنه كم من ضحكة تنطلق رقراقة كلما تذكرنا تعليقا أو كلمة فى موقف فعلها من نهوى . 
وستخلص الى أن الحب دواء للقلوب المتعبة .
الحب راحة للنفوس الشاردة . 
وستنتهى الى الإيمان بأن همسات الحب لمسات الحب كلمات الحب والإحساس بالحب فريضة على كل إنسان قادر على أن يحب . 
لابد أن نصحح ما تربينا عليه ... لابد أن نغير مفاهيم بالية غرست فينا ... فنحن شباب , فنحن صغار لم نزل لأننا قادرون على الحب , وليس أننا نحب لأننا شباب صغير . 
دعونا نطلقها صريحة عالية مدوية , دعوى لكل من لديه رغبة فى الحياة , لكل من يشعر بأنه مازال قادرا على التعايش والتعامل والعطاء . 
دعونا ننادى بالحب للجميع ............ لكل الأعمار ولكل الأجناس . 
دعوة للحب .............

والله يا آمال، لا أعرفُ سرَّ هذهِ الدّراساتِ لقصائدِك! أُغبِّطُكِ على ذكاءِ علاقاتِك/ آمال عوّاد رضوان

هذه الكلمات وردتني من إحدى الكاتباتِ في رسالة مقتضَبةٍ، وبصيغةٍ لم أُدْرِكْ حقيقةَ كُنهِها، أهو مبعَثُ فرحٍ وغِبطةٍ، أم ......؟ 
دارتْ برأسي الصّغيرِ احتمالاتٌ عدّةٌ، ولم أعرفْ بمَ أُجيبُ، رغم أنّني كنتُ قد كتبتُ لموقعِ المُثقّف العربيّ في أستراليا، ملفًّا واسعًا وبإسهاب، حولَ عمليّاتِ النّقدِ والتّقييم الذّكوريّ والموضوعيّ، ولكن حينَ صَبَّ السُّؤالُ في مِياهي، شَرَقَ بَحْري، ودَارَ بلبلُ الاحتمالاتِ في حَلقةِ الـ ربّما المُفرَغة، وتاهتْ بيَ الإجابات؛
أربّما هو سُؤالٌ بريءٌ حقًّا، وتُريدُ السائلةُ أنْ تُغبّطَني بكلِّ ما في الغبطةِ مِن معنًى؟ أربّما هو سؤالٌ مُبطّنٌ، يحملُ ما يحملُ في مُتونِهِ؟
جالت الاحتمالاتُ اللاتنتهي، وظلَّ السّؤالُ يَشدُّني إلى معرفةِ ما وراءِ الأكمةِ، وحين ضاقَ بيَ فضاءُ المَعنى واستجلاءِ الحقيقةِ، كانَ همّي أنْ أُنصِفَ السائلةَ وأُنصِفَني، وأُنصِفَ كلَّ مَن كتبَ عنّي مِنَ النّقّاد، أو مَنِ استحسنَ حرفي برسالة أو بمكالمةٍ هاتفيّة! 
أخيرًا؛ 
حطّ فِكري على مَطارِ النّقّادِ مَن كتبوا عن قصائدي، وارتأيتُ أنْ أُجيبَها بأَلْسِنَتِهمْ هُم لا بلساني! ومن خلالِ ردٍّ صريحٍ أنشرُهُ عبرَ مَواقعِ النتّ، فقد يكون جوابًا عامًّا لسؤالٍ يجولُ في خواطرِ الكثيرين منّا، ولا بدَّ أنّ لكلّ ناقدٍ سرُّهُ. لذا سارعتُ إلى نسخ السّؤالِ، وتوْجيهِهِ إلى بعض مَنْ توفّرَتْ لديَّ عناوينُهم مِنَ النّقادِ الّذينَ كتبوا عن قصائدي:
(مساؤُكَ نورٌ وعفو.. أودُّ أنْ تُجيبَ إنْ أمكنكَ وبمُنتهى الصّدقِ، على سؤالٍ وَرَدَني مِن إحدى الكاتبات تقولُ: والله يا آمال، لا أعرفُ سِرَّ هذهِ الدّراساتِ لقصائدِكِ! أُغبِّطُكِ على ذكاءِ علاقاتِكِ! تحيّاتي). 

كانَ ردُّ رياض الشرايطي/ من سوسة تونس الخضراء: كلامٌ ملغومٌ وغيرُ بَريءٍ. 
فالجملةُ الأولى: "لا أعرفُ سرُّ هذهِ الدّراساتِ لقصائدِك"؟.. يوحي بتشكيكٍ في شاعريّتِكِ. 
والجملةُ الثانيةُ: "أُغبِّطُكِ على ذكاءِ علاقاتِك!"، جملةٌ مَحشوّةٌ بالحسَدِ والاستنقاص مِنْ قيمتِكِ!

وجاءَ في ردّ الشاعر وهيب نديم وهبة/ فلسطين: لو عرفنا سِرَّ سِحرِ الوردِ وعِطرِهِ، لعرَفنا تفسيرَ الكوْنِ. هكذا هي آمال، وكأنّها القصيدة!

أمّا ردُّ النّاقدِ عبد المجيد عامر اطميزة/ مِن الخليل فلسطين: تحيّاتي أستاذة آمال عوّاد رضوان، وبوركتِ يا العميقة، وسأجيبُ السّائلةَ وبصِدقٍ. أنا حلّلتُ أعمالَ آمال عوّاد رضوان لسَببيْن؛ 
السّببُ الأوّلُ: عُمقُ كتاباتِكِ، وقوّةُ تراكيبِها، وما تَحمِلُهُ مِنْ صُورٍ فنّيّةٍ عذبةٍ، ومَضامينَ كبيرة. باختصارٍ، وَجدْتُ في شِعرِكِ ما يَستحقُّ الدّراسة. 
والسّببُ الثّاني: بحاسّتي اكتشفْتُ صِدْقَكِ ومُروءَتَكِ. بوركتِ ووفّقكِ اللهُ.. معَ وافرِ التحايا.

وجاءَ في ردّ الأديب والناقد العراقي علوان السلمان: تحيّةً طيّبةً.. أسعدَ اللهُ وُجودَكِ، وأنزلَ غضبَهُ على تلكَ الأفواهِ الحَسودةِ الكاشفةِ عن ظنونٍ غبيّةٍ. عزيزتي، الحسدُ قائمٌ في كلِّ مَكانٍ، وهذا رِفعةٌ لشأنِكِ. 
أمّا الاهتمامُ بالنّصّ الشّعريّ الّذي تكتبُهُ آمال عوّاد رضوان، فيأتي مِن كوْنِها تكتبُ بوعيٍ شِعريٍّ، يَكشفُ عن مدى امْتلاكِها لأدواتِها الشّعريّةِ، فضلًا، عن أنّها تعكسُ الهَمَّ الإنسانيَّ في نصوصِها، ممّا يُوفّرُ شرْطَ انعكاسِ الصّورةِ الذاتيّةِ، وذوبانِها في الذّاتِ الآخَر.

أمّا ردّ الناقد والأديب إبراهيم جادالله/ من القاهرة جمهوريّة مصر العربية: إبراهيم جادالله معروفٌ عربيًّا بنزاهتِهِ وحِياديّتِهِ، فأهمُّ كُتبي الصّادر في حيفا، هو عن أسماءٍ لا أعرفُ أصحابَها بالمَرّة، وكلُّ مَواقفي النقديّةِ تعتمدُ مِعيارًا واحدًا معَ مَنْ أعرفُهُ، ومعَ مَن لم أعرفْهُ.    لا علاقةَ لي شخصيًّا إلّا بالكُتّاب الجادّين، وإنّني مُمتَنٌّ للإخراج الفنّيِّ لكتابِكِ النقديّ الصّادر عام 2014 "حتفي يَترامى على حُدودِ نزفي"، الصّادر به بعضُ دراساتي عنكِ، وعن أدواتِكِ الشّعريّةِ، وعن نَصِّكِ ومَوقِعِهِ في حركيّةِ النصّ الشّعريّ الفلسطينيّ، ومِن أسَفي، أنّني اكتشفتُ أنّ أدائي فى دراستي عن بعضِ قصائدك، لم يكنْ بالمستوى الطبيعيّ لرؤيتي النقديّةِ الثّابتةِ، ولم تكنْ مُتوازيةً معَ بعضِ الدّراساتِ المُمنهَجةِ، والجديرةِ بالاحترامِ عن دواوينِكِ وقصائدِكِ، وكانت الوثائقُ العابرةُ الّتي التقيتُكِ بها، كفيلةً بأنْ تُؤكّدَ لي، أنّ نصَّكِ الشّعريَّ الباذخَ لا يَتعارضُ في مَناخاتِهِ معَ تكوينِكِ الإنسانيِّ البليغ وجسارةِ الوعي، والشّغوفِ بالمُنجَزِ الشّعريِّ العربيِّ والعالميِّ الحديث. هذا الأمرُ يَبدو جَليًّا فى نصوصِكِ، إنْ مِن حيثُ التّناولِ، أو مِن جهةِ الرّؤيةِ القافزةِ على عوائقِ التّكلُّسِ الشّعريّ، الّذي يُصيبُ القصيدةَ العربيّةَ، أو التّقليدَ المُتغابي لبعض التجارب. أتمنى عزيزتي أن ألقاك فى معرض رام الله القادم، لأهديكِ ما صدرَ لي أخيرًا من كُتب، وأهمّها كتاب (كنت هناك)، و(ليسَ مَن شاهدَ كمَن سمِع)، عن رحلتي الأولى لفلسطين.

أمّا د. جمال سلسع فقد كتب: مساءُ الخير يا آمال.. وجدتُ في كتاباتِكِ لغةً جديدةً تحتاجُ إلى الرّعايةِ والاهتمام، خاصّةً جرأتكِ في تجسيدِ الصّورةِ الشّعريّة، وعندما تناولتُ قصائدَكِ، أشرتُ إلى المواقفِ الإيجابيّةِ، كما إلى بعضِ المَواقفِ السّلبيّةِ!

وردّت الرّوائيّة فاطمة ذياب/ فلسطين: عزيزتي الشاعرة آمال عوّاد رضوان.. باختصارٍ شديدٍ، استوقفتْني ضراوةُ حُروفِكِ، ورائحةُ مِدادِ حِبرِكِ الّذي يُعربدُ في مَملكة الشّعر، ورأيتُكِ كما الغوّاص الماهر بعُدّتِهِ وعِتادِهِ، تَغوصين بصِدقٍ وبإنسانيّة، قلّما نجدُها في هذا الزمنِ الغادر، وعرفتُكِ مِن خلال حَرفِكِ شفّافةً، تَنتقينَ الأعذبَ والأجمل، وتحيكينَ بخيوطِكِ الماسيّةِ كلَّ أصنافِ الوجعِ الخاصّ والعام. نعم؛ كانتْ لغتُكِ عصيّةً مُتمنّعةً، فقرّرتُ المواجهة وهكذا كان، ومِن هنا جاءَ تناوُلي الأوّلُ لكتابكِ (رحلةٌ إلى عنوانٍ مفقود)، حتى قبلَ أن تربطنا أيّةَ علاقةٍ خاصّة.
قلتها وأقولها لكِ، يا مَن تحتَ فيءِ اهتمامِكِ تستظلُّ الشّاعراتُ الواعدات.
نعم أيّتها الشاعرة الإنسانة. أنتِ وحُروفُكِ مُترادفان.. ولا بأس! فلا تُرجَمُ إلّا الأشجارُ المُثمرةُ! تابعي ولا تلتفتي لصغار النفوس، فما طالَكِ الأقزامُ ولن يَطالوكِ! لكن من حقّنا أن نَعلَمَ مَن صاحب هذا الرأي، ومِن حَقّكِ ألّا تقولي، لكن الأهمّ، أنّكِ تستحقّينَ وبصِدق، كلّ ما كُتبَ عنكِ يا مائيّةَ الحروفِ والنّبضات.

أما ردّ شيخنا الشاعر محمّد سمحان- عمّان الأردن فجاء فيه: لقد رأيتُ في لغتِكِ وصُورِكِ الشّعريّةِ، وفي مَجازاتِكِ وأسلوبِكِ، ما يُميّزُكِ عن سِواكِ، فانتبهتُ لكِ.

وفي رد د. إبراهيم سعد الدين- القاهرة جمهورية مصر العربية: أسعدَ اللهُ مساءَكِ بكلّ الخير.. أرجو أن توافيني بعنوان هذه الكاتبة، لأردّ عليها بنفسي قائلًا: إنّه في عالم النقد لا يمكنُ أن يَصحَّ إلّا الصّحيح.. وأنّ أيّة علاقاتٍ شخصيّةٍ لا تَرفعُ عملًا أدبيًّا قَيْد أنْملة في ميزان النقدِ الأدبيّ، وبالنسبة لي، كان اطّلاعي على قصائدِكِ المنشورة بموقع (الكلمة نغم) مفاجأةً كبيرة، ودون سابق معرفة. 
لقد كان لي موقفٌ مُتحفظ مِن تجارب (قصيدة النثر) في بواكيرها الأولى، التي حفلت بالصّالحِ والطّالح والحابل والنابل. أقولُ كانَ شِعرُكَ المَنشورُ مفاجأةً لي، لأنه أكّدَ لي بما لا يَدَعُ مجالًا للشّكّ، أنّ تجربة (قصيدة النثر) تحتوي على أعمالٍ جادّةٍ وأصيلة، وأنّ مثلَ ما فيها من حصًى وشوائب كثيرة، فإنّ فيها أيضًا الجوهرَ الثمين. فكان أنْ كتبتُ أولى مطالعاتي لشِعرِكِ (سحر الكلمات) عام 2004 بعنوان (سحر الكلمات.. عصفورةُ النّارِ ومُهرةُ الشّعر الأصيلة)، سجّلتُ بها انطباعاتي الأولى عن قصائدِكِ المنشورة بالموقع الإلكتروني، والّتي لم تكن قد نُشرتْ بَعْدُ في كتاب. 
كان هذا قبلَ أنْ أتعرّفَ على شخصِكِ الكريم (آمال عوّاد رضوان). ثُمّ أتبعتُ ذلكَ بكتابةِ تقديمٍ لديوانِكِ الثاني: سلامي لك مطرًا. بالنسبة لي لا أخلطُ مُطلقًا بينَ العلاقاتِ الشّخصيّةِ وبينَ النقد. ودليلُ ذلك، أنّ لي أصدقاء كثيرون من كبار المبدعين، ولم أكتب عن أعمالهم، وبعضهم عاتبٌ عليّ، والبعضُ الآخرُ تأثرت صداقتي له بسبب ذلك. لا بأس. لأنّهُ في النهاية لا يصحّ إلاّ الصحيح.

وفي ردّ الشاعر والناقد العراقيّ حسين الهاشمي: لا تُتعِبي نفسَكِ أو تُشغِلي وقتَكِ بالبحثِ عن إجاباتٍ لأسئلةٍ نسائيّةٍ، لا يَعنيها الجانب الفنّيّ، قدْرَ ما يَعنيها الجانب الشّخصيّ ! ومَن يُريدُ أنْ يَعرفَ رُؤيتي، فقدْ دوّنتُها في كتاباتي النقديّةِ عن نُصوصِكِ، وغيرُ هذا يُعتبرُ تسطيحًا للموْضوعِ كلّهِ! لا تستغربي، فهذه ضريبةٌ، لأنّكِ جميلةٌ ومُبدعةٌ ومشهورةٌ، وتلكَ (غيرة نسوان) أو (غيرة الوسط)، وللأسف، هي مُنتشرةٌ ولو بشكلٍ سِرِّيٍّ وغيرِ مُعلَنٍ! 

"لا أعرفُ سرُّ هذهِ الدّراساتِ لقصائدِك"؟! ليسَ هناكَ سرٌّ في الموضوع، إنّما هناكَ نصٌّ وقراءةٌ ومزاجٌ وفرصةٌ مُهيّأةٌ للكتابة، ولا يَعني ذلك بالضرورة، أنّ تناوُلَ النّصّ نقديًّا، هو تفوُّقُ هذا النصِّ أو ذاك، وصدارتُهُ فنّيًّا على باقي النّصوص، بقدر ما يعني توفّرَ الفرصة للاطلاع والاكتشافِ والرّؤية، إضافة إلى وجودِ المُبرّراتِ الفنيّةِ، وحُبّ العمل والقدرة على الإقناع.
ولكن المشكلة الحقيقيّة، أنّ الكتابة عن شاعرةٍ ما، سواء كانت معروفة أو غير معروفة، قد تُثيرُ لدى بعض الوسط الأدبيّ والثقافيّ تساؤلاتٍ وشكوكًا، وربّما تثيرُ بعضَ (الغيرة) هنا أو هناك، وهو ما يُدعى بـ (غيرة الوسط)، وهو موضوعٌ شخصيٌّ ونفسيٌّ، أكثرَ ممّا هو فنّيٌّ أو ثقافيّ. والنقاد أو الكُتّاب غيرُ مَعنيّين بهذا المستوى من التّداول السّطحيّ، لأنّ العمليّة النقديّة أو الثقافيّة عمومًا، هي أبعد من الأهداف ومن الأغراض السطحيّةِ غير الدّاخلة في العُمق القيميّ والفنّيّ للأشياء، وهو نوعٌ مِن التّجاوُز أيضًا، يعني أن تكتشفَ ما لا يراهُ الآخرون، أو يَجهلونَهُ في هذا العالم، وهذه مُهمّةٌ صعبة، تحتاجُ إلى مواجهةِ الكثير من التّشكيكِ والتّهم، وحتّى الإساءات ربّما، لأنّ الفنّ عمومًا يحتاجُ حياةً كاملةً، وليسَ جزءًا منها فحسْب، وهذا سِرُّ نجاحِكِ! وطز بكلّ المُشكّكينَ والسّطحيّينَ، فحتى أنّ (نازك الملائكة) رائدةَ الشّعر الحديث تعرّضتْ في زمنِها للتّشكيكِ والهجَمات!
وجاء في ردّ أديبنا البروفيسور فاروق مواسي: هناك عددٌ مِن الأسباب. أنا مثلًا أتناولُ حسبَ المحورِ المطلوب لمجّلةٍ، أو لمؤتمرٍ، أو لدَواعٍ سياسيّةٍ أو اجتماعيّةٍ، أريدُ أن أؤكّدَ عليها، أو لفكرةٍ أدبيّةٍ أريدُ أنْ أعرِضَها، فالكتابةُ انتقائيّةٌ، وليست لسَواد عيون فلان أو نكاية بفلان. وهناك أسبابٌ أخرى تتعلقُ بالظرف، فكتابتي اليوميّةُ في صفحتي تتعلّقُ بالرّاهن أو الحدَث، ومَن كتبتُ فيهِ شِعرًا أو قصّة أو نقدًا، لاحظت أنّني أُقانصُ المُناسباتِ والأحداث، وأعرضُ ما كنتُ كتبتُ فيها، ويومَ أنِ احتفيْنا بكتابِكِ الأوّل (بسمةٌ لوزيّةٌ تتوهّجُ) في مطلع عام 2006، في الصّالون الثقافيّ في الناصرة، كانت لي ملاحظاتٌ في الطّاقةِ اللّغويّةِ، الّتي كانتْ مَثارَ التّساؤُلِ، وتتّسمُ بجرأتها وجدّتها. 
وأنا لا أسألُ عن الشخص أبدًا، إنّما تهمّني الفكرةُ أو الظاهرةُ أو الموضوع. وعندما كتبتُ قصيدة وشاعر، عندها اهتممتُ بستة عشر شخصًا، فاخترتُ لكلٍّ منهم قصيدةً، وتناولتُها بشكلٍ موضوعيّ، وانتقيتُ الشعراءَ بسابقِ اطّلاعٍ وخبرةٍ دقيقةٍ وموضوعيّة. وكثير يرجونَ أنْ أكتب عنهم، وعمري ما فعلتها. 
وقريبا سأقدّمُ دراسةً عن شِعركِ لجامعة جدارا، وعندها سأرسلُ لكِ الدّراسة!

أما الشاعر العراقيّ جوتيار تمر صديق فجاءض في ردِّه: الجوابُ لا يكونُ قطعيًّا في هكذا سؤالٍ، فالمسألةُ ليستْ حظوظًا وعلاقاتٍ، إنّما هناك ما يَجذبُ الأنظارَ، ويُجبرُ النّاقدَ على الانقيادِ لروحِ النّقدِ تجاهَ النّصّ، فيتّخذُهُ مَسلكًا لدراستهِ، وهناكَ ما يجذبُ نظرَ الناقدِ ليقرأ، ولكن لا يُجبرُهُ أن يَكتبَ دراسةً، وأنتِ لديكِ إحساسٌ ومصداقيّةٌ في كتاباتِكِ، تجعلُ المُتلقي يعيشُ وقعَها، وتجعلُ الناقدَ يبحثُ عن حيثيّاتِها، فتُلزمُهُ بالكتابة! 
لكن واقعَنا الحاليّ يَفرضُ أحيانًا نوعيّةً من هذه العلاقاتِ، وبعيدًا عن تلكَ المِثاليّةِ الموضوعيّة، ومع أنّنا نحاولُ تجاوزَهُ، لكن يبقى الأمرُ بنظرِ الكثيرينَ مَرهونًا بالعلاقاتِ، فالواقعُ الأدبيُّ بعيدًا عن المثاليّة التي ربّما نحن قليلونَ جدًّا مَن نؤمنُ بها، فواقعُنا يَعيشُ حالة تَرَدٍّ غيرَ ما هو مفروض، فيهتمُّ بالكاتب، وإذا لم يكن الكاتبُ موجودًا، فلا داعٍ للنّصّ، ولهذا نعيشُ فتورًا في اختيارِ النّصوصِ والأدباء، ونعيش واقعًا متردّيًا، حتى في العلاقاتِ بين الأدباء، حيث الاستغلال، وحيث بعض المسائل الأخرى التي طفَتْ، وجعلتْ أسماءَ كثيرةً تسقطُ في وحلِ الواقع المُتردّي! 

وأخيرًا جاء في ردّ الأديب كتب فريد شاكر حسن/ فلسطين: برأيي المتواضع، أنّ أسبابَ هذا الاهتمامِ والتّناوُلِ يَكمنُ في: نشاطِكِ الأدبيّ والثقافيّ، وغزارةِ نِتاجِكِ، وفي عطائِكِ المُتواصلِ، وإبداعِكِ المُميّزِ، وجَماليّاتِ قصيدتِكِ النثريّة، عدا عن موضوعاتِكِ الإنسانيّةِ، وتركيزِكِ على الأنثى وجسدِها ومُعاناتِها وأحاسيسِها، وكذلك الإيجازِ اللّفظيّ، والتّوهُّجِ الإشراقيّ، والجمالِ الفنّيّ النصّيّ البارز في قصائدِك، ويُضافُ إلى كلِّ ذلكَ أنوثتك، وسِحرك، وجاذبيّتك الخاصّة، وعلاقاتك الإنسانيّة الحميمة، والمُتعدّدة مع أصحاب القلم ومتعاطي الكلمة .

وستبقى الحكايات/ ايمان حجازى‏

وستبقي الحكايات يا حبيبي حروفا علي ألسنتنا
كلمات تتردد صداها في ضمائرنا
وسنظل نحلم أننا يوما أطلقنا للعنان مشاعرنا 
يوما كانت أحلامنا سهاما إنطلقت لتهتك ستر الغرام 
يوما سارت بنا الخطي تعبر أفق السحاب 
تراقص النجمات علي أعتاب الغيمات
يوما تمادي بنا الحلم فكنا قاب قوسين أو أدني من جنة تقف علي بابها الحوريات
يعزف لنا الملائكة عزفا علي الربابة والنايات 
كان يوما مبهجا
وكان حلما براقا
حسبه الظمآن ماءا .......
هكذا يا حبيبي ستظل أحلام الليالي 
تنطلق بنا الي عنان السماء
وعندما نتحضر للقاء 
نتزين ونتعطر 
وتترجل عن ظهر جوادك لتلملم الليل عن شعري 
لتقبل النجوم في عيني 
لتحصد ثمار وجنتي 
تتلمس يدي أناملك......
توقظ أحاسيسا ظلت أعوام نائمات 
عن الوعي غائبات 
وشفاه لم يطأها الهوي
باتت لنداء القبلات متقبلات
مستجيبات
حينما تمد اليد لتأخذني في رقصة تعرف للعشق معناه
علي لحن هو الحلم يتردد للدنيا صداه 
نقبل 
وندبر
نتمايل ونترنح 
يغشي علينا بين خطوة وخطوة
وعندما نستفيق 
تذيبنا نظرات العيون الوالهة 
تصهرنا أنفاسنا الناطقة بالغرام
يشفق النسيم علي روحينا 
فيقبل ليطفئ نيرانا أضمرها الهوي في جوانحنا
ويطول بنا اللقاء 
ولم نكد نروي عطش قلوب أنهكها الشوق 
وعاندها البعاد
وكم غالبها الفراق 
حتي يؤذن ديك الصباح 
بالفجر الذي للأفق لاح 
عندما تضطر شهرزاد لإظهار الكبرياء 
والإنتصار للعناد
فتباعد بين عاشقين كادا أن يبدءا أول لقاء
فتلعب دور مفرق الجماعات وهادم اللذات
لنظل يا حبيبي ......
مجرد كلمات لحكايات الغرام 
لنظل قصة ترويها الجدات للصبايا في الأمسيات
وعلي ضوء القمر نحيي 
ومع أول خيط للفجر نرحل 
وترحل معنا الكلمات ......... 

شارلي.. وميوعة الخطاب الثقافي/ فراس حج محمد



ما زالت قضية الصحيفة الفرنسية غير المشهورة إلا بما هو سيء يتفاعل في المجالين السياسي والفكري، وما يتبعهما من مواقف سياسية وإعلامية وفكرية، ويظهر انقسام الناس في هذه المسألة إلى فريقين واضحين، فريق مهاجم وشاتم وغاضب ويستثير الحمية الدينية، وفريق يدافع عن شارلي أبيدو ويرى أنها تمارس حرية التعبير المكفولة في فرنسا والعالم الحر، غاضين الطرف مثلا عن اعتقال السلطات الفرنسية للممثل الكوميدي "ديودوني" بسبب تدوينة له عبر فيس بوك قال فيها "أشعر وكأنني شارلي كوليبالي"، منتقدا الصحيفة انتقادا مباشرا، علما بأن هذا الكوميديان فرنسي ذو أصول أفريقية.
ولم يحفل هذا الفريق أيضا بتجريم الغرب لأي فكرة تعادي السامية وتتعرض للمحرقة النازية لليهود، ولم تر بأسا كذلك باستهتار الصحيفة وغير الصحيفة بمشاعر ملايين المسلمين الغيورين على دينهم ورسولهم، وجرمت نفسها وأعطت للغرب مبررا لإعدام شخصياتنا الثقافية والعقدية من خلال خطاب خجول مائع، يصب جام غضبه على المتطرفين الإسلاميين وأنهم لا يمثلون الإسلام، ويرى أن الصحيفة تعمل ضمن معايير ارتضتها لنفسها، فعلينا أن نرتقي لمستوى الحدث ونحاورها بلغتها وبما يفهمون، فليس مطلوبا منا حسب ما يرى هؤلاء المثقفون أن نثور تلك الثورة التي تغضب الغرب وتجعله يتهمنا بالتخلف!
إذن علينا أن نكون أكثر عقلانية وتحضرا، ونبتلع الإهانات، ويجب ألا يكون حتى خطابنا حادا واضحا، يجب علينا أن نرواغ ونشتم الإرهاب والإرهابيين وندافع عن قيم الحرية والإخاء وحرية التعبير وحوار الحضارات وإخوة الأديان، لتصبح شارلي أبيدو ضحية إرهاب لا دين له!
لا بأس أيها المثقفون، تعالوا نر ماذا أحدث رسام الكاريكاتير الموريتاني، خالد مولاي إدريس، إنه يرسم شارلي أبيدو رسما كاريكاتوريا ساخرا، فلا تصلح الصحيفة سيئة السمعة والصيت كما جاء في الرسم الا كورق للحمام، والآن وقد استخدم تلك اللغة التي "يفهمونها" كما قال هو نفسه، هل سيكون بمقدور رسمه الكاريكاتوري هذا أن يتصدر نشرات الأخبار والصحف، لينافس منافسة حرة ونزيهة تلك الرسوم المسئية للنبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل يمكن للصحيفة أن ترفع دعوى قضائية ضد هذا الرسام بحجة التشهير بها وبإهانتها والاستهزاء بقدسية الصحافة؟ أم لعلك تقرأ غدا منشورا ثقافيا عربيا يقول إن هذا الفنان لا يتقن رسم الكاريكاتير، فالكاريكاتير لا يعبر إلا تعبيرا ساذجا عن قضية كبرى وعلى الفنان أن يترفع عن أماكن كهذه!؟
إننا سنجد الكثير من اللغط والغلط حول هذا الموقف، ولكن لا بأس، يبقى موقف هذا الرسام الواضح والعلني أفضل مليون مرة من مثقف مدعي الحكمة والحنكة واحترام حرية التعبير، وأحسن رأيا من كاتب يحرص على المشاكسة لتكون مقالته الشوهاء في صحيفة كبرى في بلاد الغرب، بلاد الحرية والعدالة الناقصتين!!

د علي المطيري والفن العراقي/ عبدالواحد محمد

لأنّي غريب
لأنّ العراق الحبيب
بعيد و أني هنا في اشتياق
إليه إليها أنادي : عراق
فيرجع لي من ندائي نحيب
تفجر عنه الصدى
أحسّ بأني عبرت المدى
إلى عالم من ردى لا يجيب
ندائي
و إمّا هززت الغصون
فما يتساقط غير الردى
(بدرشاكر السياب )

هو أحد المبدعين الجادين في الوطن العربي ومن الذين يمتلكون روح وجوهر إبداعي تجد له ترجمة  عملية علي الأرض  الدكتور علي المطيري رئيس اتحاد المنتجين العراقيين  والذي يواصل العمل  الدءوب والشاق  اسفارا ولقاءات ومؤتمرات وتنظيما  بوضع آليات إدارية جديدة ( كمنظومة ) ليل نهار من اجل استعادة بلده العراق دوره الإبداعي الكبير وعودته إلي موقعه الثقافي والفني العربي  بين اشقاء الوطن بعد سنوات غاب فيه  الفن بل  الفنون العراقية ( مجتمعة ) عن الساحة العربية  أمام تعطش جماهيري عربي من المحيط إلي الخليج  لرؤية  أبناء الرافدين في محافلنا الفنية والثقافية والعربية أبطال كعهد التاريخ العربي بهم فرسان من إبداع لا محل فيه للشطط والجدل بل فيه الفن العراقي باقيا  وخالدا؟!
ويعكف الدكتور علي المطيري رئيس اتحاد المنتجين العراقيين حاليا علي بث روح عراقية جديدة تنشل الجسد العراقي المبدع عبر تاريخه من الفتن والمؤامرات  والطائفية التي حاكت بالعراق ثقافة وإبداعا  في الاعوام الأخيرة من خلال شراكة عربية بعقد اتفاقيات متنوعة ومتعددة مع اتحاد المنتجين العرب ومقره القاهرة مع رئيسة الدكتور إبراهيم ابو ذكري  لمشاركة العراق في المؤتمرات الفنية علي الساحة العربية والعالمية  وقد شارك وفد المنتجين العراقيين مؤخرا برئاسة د علي المطيري في العديد من الفاعليات الفنية في عواصمنا العربية ومنها القاهرة وسط مشاركات عربية  تؤكد مدي استعادة العراق لمكانته الفنية وسط عالم مفتوح ؟
والدكتور علي المطيري من الشخصيات العراقية المثقفة والمشهود لها  بالقدرة علي رؤية الآخر وتجديد الدماء في الجسد الثقافي العراقي بمنحه حرية التعبيير كما أنه من المثقفيين الذين يمتلكون كاريزما  خاصة في عمله تجعل الكل قريب منه تأكيدا علي تلك الروابط الثقافية التي يتمتع بها في بلد الرافدين العراق التاريخي وخارج العراق  فالثقافة العربية تعكس فلسفته النابضة بالشباب والمؤمنة بالعمل ليل نهار لذا شهدت الثقافة العراقية نقلة كبيرة من خلال اتحاد المنتجين العراقيين مؤخرا في كل عواصمنا العربية الكويت  السعودية قطر سلطنة عمان القاهرة سوريا لبنان وتركيا الخ في اطار اعادة بناء البيت العراقي الثقافي المبدع عبرفلسفته المؤمنة بالآخر ؟!
ومن كلمات بدر شاكر السياب شاعر العراق الكبير استوقفتني تلك السطور التي تنادي الإنسان والآخر في رائعة من روائع الإبداع العراقي  !

أكاد أسمع العراق يذخر الرعود
و يخزن البروق في السهول و الجبال
حتى إذا ما فض عنها ختمها الرجال
لم تترك الرياح من ثمود
.في الواد من اثر 
أكاد اسمع النخيل يشرب المطر
و اسمع القرى تئن ، و المهاجرين
يصارعون بالمجاذيف و بالقلوع 
عواصف الخليج و الرعود ، منشدين 
مطر"
مطر
مطر
فالعراق التاريخي عائد بكل فلسفته المؤمنة بالآخر والقادرة علي منحنا جميعا فرصة السفر عبر ألفية جديدة إلي دروب الإبداع العراقي  ليكتب د علي المطيري رئيس اتحاد المنتجين العراقيين كثيرا من رسائل الإبداع العربي بدفئ  دجلة والفرات وعذوبة النخيل العراقي الخالد ومعه ومضات من ثقافة عراقية تشدو في سماء العروبة فنا راقيا ومعبرا عن الضمير العربي العراقي الإنساني في  ملحمة جديدة من الفيتنا الثالثة بعد غياب طويل ليبقي العراق الكبير في قلب كل عربي في كل سطور تاريخنا العربي  شامخا !!
عبدالواحد محمد 
كاتب وروائي  وصحافي عربي 
abdelwahedmohaned@yahoo.com

الجالية والزعماء المتوّجون ذاتياً/ عباس علي مراد

نعيش اليوم زمن العولمة بحسناته وسيئاته، ومن ضمن ذلك الإرهاب المعولم الذي يضرب في كل مكان.
مناسبة هذا الكلام، ردود الفعل والمواقف التي صدرت حول العمليات الارهابية التي حصلت في سدني، باريس، نيجيريا، ليبيا،العراق وغيرها.
حاول البعض المطابقة بين الإرهاب والمسلمين والجاليات الإسلامية جراء اعمال البعض الخارجة والبعيدة عن القيم الإنسانية.
جاءت بعض التصريحات التي ارادت ان تحمّل المسلمين تبعات الأعمال الإرهابية، وكأن الجميع مسؤول عن الإرهاب الذي تقوم به مجموعات معروفة العنوان والأهداف ولا توفّر حتى المسلمين والشواهد لا تُعد ولا تُحصى!
هل اصبح كل بريء متّهم حتى تثبت براءته؟ بينما القاعدة الذهبية القانونية تقول العكس تماماً ولا تختصّ بمواطن دون آخر او اذا اردنا استعمال اللغة الأكثر رواجاً هذه ألأيام لا تختصّ بجالية او طائفة او دين بعينه.
اولاً، وفي استراليا لسنا أقل التزاماً بأمن البلد ويجب الا نكون وهذه بديهة ومسلمة لا نقاش فيها، ثانياً لسنا أقل شعوراً بالأسى والحزن لخسارة الأرواح البريئة، ولسنا ضد وضع باقات الزهور، ولسنا ضد مواساة أهالي الضحايا ،وهذا ما لا نجادل فيه ايضاً ،لأن احدنا كان يمكن ان يكون احد هؤلاء الضحايا حيث اعمالنا غير منفصلة عن أعمال الباقين من الموطنين والذين نتشارك وإياهم حلو الحياة ومرّها. ولكن لنقولها وبصراحة لا بل بمنتهى الصراحة، يجب ان تكون مواقفنا غير مبنيّة على ردّات الفعل وان لا تُستغل من قبل الإعلام او بعض السياسيين وان الطريق الأسهل والأسلم والأقصر الى ذلك هو التصرّف بأننا مواطنين كأي مواطن آخر، وهذا ما تضمنه القوانين والانظمة المرعية.
يوجد في الجالية عدد ضخم  من الجمعيات والقيادات منها الانتهازية والجاهلة والتي لم ينصّبها او ينتخبها احد ، والأنكى من ذلك انه بين ليلة وضحاها أصبح الزعماء المتوّجون ذاتياً، نجوماً اعلاميين ومحللين وخبراء في شؤون الإرهاب والتحليل النفسي وعلم الاجتماع، يطلقون التصاريح ،ويتّخذون المواقف، متناسين انهم لا يملكون حق اختزال الجالية واطيافها وفئاتها بأي شكل وبأي حال، خصوصا أن البعض حاول وعمل على العزف على اكثر من  وتر، وهذا ما قد يوصل الى ازمات اكبر من قدرة هؤلاء على معالجتها لأنهم غير مهيؤون سياسياً ،قانونياً ،اجتماعياً او ثقافياً، والشواهد على ذلك كثيرة وان كان باستطاعتهم اداء دور بسيط يعملون على تضخيمه، بالإضافة الى ان لا الدولة ولا السلطات المختصة بوارد السماح بتجاوز صلاحياتها او تجييرها لبعض اصحاب المشاريع والغايات الخاصة والشخصية من الانتهازيين الذين يصوّرون انفسهم اهل حل وربط.
بانتظار النتائج التي ستضعها وتخلص اليها اللجنة المكلفة  التحقيق في حادثة مارتن بلايس، علينا ان نسأل بعض الأسئلة عن هذه القيادات وتصرفاتها.
 إذن، تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبين من ينصّبون انفسهم قيادات الجالية سواء كانوا رجال دين او دنيا، والذين كما اسلفنا ان بعضهم يملك حيثية تمثيلية معيّنة ونسبية، ولكن مما لا شك فيه ان معظمهم لا يعرفون ما هي الإنتخابات او عمل المؤسسات ولا المشورة على الاقل بالرأي. علينا ان ندرك ويدرك هؤلاء الزعماء او القيادات المتوّجون ذاتياً ان الأمور لا تدار بعقلية المصلحة والمنفعة الشخصية، وان السياسيين واجهزة الأمن والإعلام ينظرون الى الأمور كل من الزاوية التي تهمه ويعتقد انها تخدم المصلحة العامة ،فعلى اي اساس يتصرف بعض هذه القيادات؟!.
فهل كثير علينا ان نطلب وقف التصرفات الاستعراضية والمرتجلة لهؤلاء، لأنها لا تسمن ولا تغني من جوع، ولن تغيّر في شيئ ولكن من وجهة نظرنا المتواضعة قد يكون لها مردود سلبي لانها ليست على تماس مع الواقع والمواطنين .
أخيراً ،وليس آخراً ان من حقنا على هؤلاء الزعماء المتوّجون ذاتياً ان يعرفوا اننا نعيش في بلاد لا تجرؤ حكومتها المتنخبة على اتخاذ اي قرار دون أخذ الرأي العام بعين الإعتبار، وتستعين بالخبراء والمستشارين  واهل الاختصاص لدرء غضب الرأي العام الذي قد يطيح برئيس الوزراء او وزراء ونواب من مناصبهم.
خلاصة القول، ان الإرهاب يضرب يميناً وشمالاً، شرقاً وغرباً، وارهاب المجتمع بكل مكوناته ، ويجب ان لا يكون اداة وحجة لمصادرة اراء الاكثرية الصامتة ،وعلى من يريدون التزعم من اجل مصالح شخصية ان يتّقوا الله في عباده !لأنهم ليسوا هم المدافعين عن حقوقنا ولا المعبّرين عنها وكفى!
الارهاب، لا يمثلنا ولم ولن يعبرعنا وادانته معروفة مقدما، ومن حقنا ان لا نعيش بين سندان الارهابيين ومطرقة العنصريين والانتهازيين. 
abbasmorad@hotmail.com

الصّورةُ والرّمزُ في قصيدة- فُسْتَانُ زَفَافِكِ اعْشَوْشَبَ كَفَنًا للشاعرة آمال عوّاد رضوان/ عبدالمجيد عامر اطميزة

كَوْكَبَةٌ مِنْ وَسائِدَ ضَبابِيَّةٍ
تَغَشَّتْ أَمْواجِي.. بِأَشْواكِ الشَّمْسِ
وَلَمْلَمَتْ بِتَوْبَةٍ هادِرَةٍ حِبْرًا 
وَسَمَتْهُ أَلْوانُ فَراغِكِ 
بِمَواعِيدَ رَخْوَةٍ.. انْطَفَأَتْ صامِتَة!

عَلى إِيقاعاتٍ جَنائِزِيَّةٍ باهِتَةٍ
أَبْحَرَتْ أَهِلَّةُ الْكَلامِ.. بِكَوْنِ أَسْرَارِكِ 
لِعَمِيقِ مَجْدٍ عَتِيقٍ مَسْلُوخ!

مَنَادِيلُ أَمَاسِيكِ جَارِحَةٌ
تُ مَ زِّ قُ مَآقِيَ فَرَاشَاتِي 
بِتَنْهِيدَاتِ بِلَّوْرِهَا.. بِأَقْفَاصِهَا الْمُفَخَّخَةِ
كَيْفَ أُغَافِلُ مِحْرَقَةَ ضَوْضَائِكِ
وَفِي قَوَافِي هَوَادِجِي.. أَبْجَدِيَّةٌ تُزَمْجِرُ وَلاَ تَنْطَفِئُ؟
مَوَاسِمُ وَيْلاتٍ ذَابَتْ أَحْبَارُهَا 
فِي هَشِيمِ مَحَابِرِكِ الْمَغْدُورَة
دُوَاةُ الطُّهْرِ.. تَوَهَّجَتْ بِآثَامِهَا الشَّاحِبَة
وَعُيُونُ الْبَنَفْسَجِ اصْفَرَّتْ بِفُوَّهَةِ أَلَقِها
أَكَأَنَّمَا شُرِّعَتْ.. لِطَرْفَةِ احْتِضَارٍ لاَ يَرْمشُ؟

أَيُّ جُنُونٍ ذَا.. يَرْتَجِي خُطَى التَّمَاثِيلِ تَمَهُّلًا؟
أَيُّ فَجْرٍ ذَا..يَتَشَرْنَقَ دَيَاجِيرَ مَنْفًى
عَلَى جُفُونِ الْمَغْنَى؟
كَيْفَ لانْحِنَاءَةِ زَفْرَةٍ.. تسْتَقيمُ شَهْقَةً
فِي فُؤَادِ الْمُسْتَحِيلِ؟

وِشَايَةُ سِرَاجِكِ.. 
أَسْرَجَتْ تَجَاعِيدَ زَمَاني.. بِمَرَايَا الْخَطَايَا
غَطَّتْ أَرْوِقَةَ غُرْبَتِي.. بِأَدْعِيَةٍ ضَبَابِيَّة!

ضِحْكَةٌ مُتَثَعْلِبَةٌ ارْتَجَفَتْ.. طَيْشًا
وَ ا نْ هَ مَ رَ تْ 
خَلْفَ سُدُودِ هَوَاءٍ جِدَارِيٍّ
كم تَهَالَكَ صَدَاهَا.. 
عَلَى قَارِعَةِ نَهْدِ عَاصِفَةٍ!

سَلْمٌ.. يَصْعَدُ دَرَكَاتِ سُلَّمِهِ
يَفُكُّ خِمَارَ انْتِظَارٍ.. تَوَارَى خَلْفَ أَزْرَارِ أَدْرَاجِهِ
وَيسَقُطُ عَارِيًا.. إِلّا مِنْ عُرْيِهِ!
لكِنَّهَا
مُدُنُ غُفْرَانِكِ الْمُقَنْدَلَةِ بِفُصُولِ خُيُولِكِ
أبَدًا.. مَا طَالَهَا زَبَدُ يَأْسٍ
وَإِنْ عُلِّقْتِ.. عَلَى أَسْوَارِ أَعْرَاسٍ مُؤَجَّلَةٍ
وَإنِ اعْشَوْشَبَ فُسْتَانُ زَفَافِكِ.. كَفَنًا
لَيْلِي اتَّقَدَ.. بِظُلْمَةِ حِكَايَاتٍ مَخْمُورَةٍ
وَبِرَعْشَةِ بَدْرٍ احْتَلَكَتْ ضَفَائِرُ شَحَارِيرِي
تَتَوَسَّلُ بُؤْرَةَ ضَوْءٍ.. أَغْلَقَهَا طِينُ الْعَتْمِ
لكِن.. 
غُبَارَ عَيْنَيْكِ طَوَى آمَالِي
تَعَرْبَشَ أَدْغَالَ احْتِرَاقِي
وَمِنْ عُمْقِ الظَّمَأِ انْبَثَقَ سَاقِي أَتْرَاحِي
يَعْتَصِرُ صَوْتيَ الْمَحْشُورَ.. فِي أَوْرِدَةِ الأَقْدَاحِ!

كَمْ مِنْ لَهْفَةٍ جَذْلَى.. تَلصَّصَتْ خُصُلاَتُها 
عَلَى أَكْتَافِ الأَوْهَامِ.. وَمَا انْكَمَشَتْ!
أَيَا أَنْقَى الأَتْقِيَاءِ.. 
يَجْتَاحُنِي فَقْدُكِ التَّوْأَمُ!
كُوبُ  تَ بَ عْ ثُ رِ ي  
يَلْثَغُ عَلَى شِفَاهِكِ شَقَاوَةً: 
أمَّاااااااهُ.. قَاطِرَاتُ وَجَعٍ..
 تَلَوَّتْ عَلَى سِكَّةِ يَقِينِي الْمُهْتَرِئَةِ
ملَاءَاتُ خَرَائِطِي.. 
تَنْقُضُنِي.. تَنْفُضُنِي مِنْ تَحْتِ عِطْرِ أَكْفَانِي 
تُؤَرِّقُنِي.. تُورِقُنِي قَصَائِدَ عُمْرٍ مُقَنَّعٍ بِطَحَالِبِ طَلْعِكِ!
نَوَافِيرُ شِعْرِي مَا ازْدَهَرَتْ.. إِلَّا  بِحَرِّ حَرْفِكِ 
يُمَوِّجُنِي بِسَطْعِ نَقَائِكِ

أَيَا أُقْحُوَانَةَ الثَّغْرِ اثْغَرِّي.. 
أَسْقِطِي أَسْنَانَكِ الرَّوَاضِعَ
قَلِّدِينِي بِفَوْحِ مِسْكِكِ وَسَامَةً
شُدِّينِي وَمْضَ نَقَاءٍ إِلَى عَيْنِ رَبِيعِكِ
وَفِي تَهَاويمِ مَجْدِكِ
أَنْبتِينِي أَيادِي طُفُولَةٍ.. تُمْسِكُ بِالشَّمْسِ 
لِتَسْتَوِيَ عَدْلًا عَلَى جُزُرِ النُّورِ!
ثانيًا: التّحليلُ الأدبيّ: العنوانُ مُكوَّنٌ مِن مبتدأ؛ مضاف ومضاف إليه (فُسْتانُ زَفافِكِ)"1"، ومِن خبَرِ جُملةٍ فِعليّةٍ تلاها تمييزٌ منصوبٌ "كفنًا"، والفِعلُ سُداسِيٌّ "اعْشَوْشَبَ يَعْشَوْشبُ اعْشِيشابًا"، وبناؤُهُ لمُبالغةِ الّلازم؛ لأنّهُ يُقالُ عَشُبَ الأرضُ: إذا نبَتَ على وجهِ الأرض، ويُقالُ: اعْشَوْشَبَ الأرضُ إذا كثُرَ نباتُ وجْهِ الأرضِ. 
العنوانُ مُوحٍ بما فيهِ مِن مُبالغةٍ، وتَساوي جُمَلِ كلٍّ مِنَ المبتدأ والخبر في عددِ الكلماتِ والوزن، ومِن انزياحاتٍ مُتتابعةٍ، ولْنَرْصُدْها. الشّاعرةُ تُخاطِبُ حبيبتَها فلسطينَ، فلم تُسنِدِ الزّفافَ لحبيبتِها مباشرة، فقد عدَلتْ عن ذلك، ونَسبَتْهُ إلى ما لهُ اتّصالٌ بها، وهو الفستانُ، كنايةً عن نسبة؛ وأيُّ فستان؟ هو فستانُ الزّفافِ، وهنا الانحرافُ والانزياحُ الجَماليّ، فالمُتلقّي عندما يَسمعُ عبارةَ "فُسْتَانُ زَفَافِكِ"، يتوقّعُ أن يَسمعَ كلمةً دالّةً على الفرَح، لكنّهُ يتفاجأ بسَماعِ كلمةِ "اعْشوْشَبَ"، وعندما يَسمعُ كلمةَ "اعْشوْشَبَ"، يتوقّعُ أن يَسمعَ كلمةً دالّةً على النّماءِ والخُضرة، لكنّهُ يتفاجأ أيضًا بسماعِ كلمةٍ دالّةٍ على الفناءِ والسّوادِ "كفنًا": فالفلسطينيّونَ يتسلّحونَ بسِلاحِ الصّبرِ والأملِ والإيمانِ بعدالةِ قضيّتِهم، فالحبيبةُ ستحظى بعرْسٍ يليقُ بها، حتّى لو اعْشوْشَبَ فستانُ زفافِها، وعَلَتْهُ الطّحالبُ لطولِ انتظارِها لهذا العرْسِ. القصيدةُ مِنَ الشِّعرِ النّثريِّ مِن ديوانِ الشّاعرة الشّعريّ الثّالث "رحلةٌ إلى عنوانٍ مَفقودٍ"، حيثُ تخلّتْ عنِ الوزنِ ووحدةِ القافية. 
تقولُ: كَوْكَبَةٌ مِنْ وَسائِدَ ضَبابِيَّةٍ/ تَغَشَّتْ أَمْواجِي بِأَشْواكِ الشَّمْسِ/ وَلَمْلَمَتْ بِتَوْبَةٍ هادِرَةٍ حِبْرًا / وَسَمَتْهُ أَلْوانُ فَراغِكِ بِمَواعِيدَ رَخْوَةٍ انْطَفَأَتْ صامِتَة!/ عَلى إِيقاعاتٍ جَنائِزِيَّةٍ باهِتَةٍ/ أَبْحَرَتْ أَهِلَّةُ الْكَلامِ بِكَوْنِ أَسْرارِكِ / لِعَمِيقِ مَجْدٍ عَتِيقٍ مَسْلُوخ! ونلاحظُ أنّ الشّاعرةَ قدِ اتّكأتْ هنا على الفِعلِ الماضي: تغشّتْ، لملمَتْ، وسَمَتْهُ، انطفَأتْ، فالفِعلُ الماضي يَصلحُ للسّردِ القصصيّ والحوار. الشّاعرةُ تُحاورُ حبيبتَها، وتسرُدُ قصّتَها المأساويّة: بدأتْها بكوكبةٍ ضبابيّةٍ، تتمثّلُ في اتّفاقيّاتٍ وأوراقٍ وحِبرٍ أُبْرِمَتْ بينَ الفلسطينيّينَ والإسرائيليّينَ، ولكنّها غيرُ واضحةِ المَعالم، فهي تقولُ: 
(كَوْكَبَةٌ مِنْ وَسائِدَ ضَبابِيَّةٍ): كنايةً عنِ الاتّفاقاتِ الغامضةِ بينَ كلٍّ مِن إسرائيلَ والوفدِ الفلسطينيِّ المُفاوِض، فالوُعودُ والاتّفاقيّاتُ ساهيةٌ ونائمةٌ وغافيةٌ، والمُهيْمِنُ في الصّياغةِ الجانبُ الإسرائيليّ؛ للتّملُّصِ ممّا وَقَّع عليهِ والتزَمَ بهِ. وفي عبارةِ "وسائدَ ضبابيّةٍ" انزياحٌ إضافيٌّ، فالمُتلقّي عندما يَسمعُ كلمةَ "وسائدَ"، يتوقّعُ أن تُضافَ لكلمةٍ مناسبةٍ لها، لكن يتفاجأ بوجودِ كلمةِ "ضبابيّةٍ"، وهذا السّطرُ حافلٌ بالاستعاراتِ والانزياحاتِ، فللوسائدِ جَماعاتٌ، ولها ضبابيّة. 
(تَغَشَّتْ أَمْواجِي بِأَشْواكِ الشَّمْسِ): هذهِ الاتّفاقيّاتُ العائمةُ اجتاحتْ أفكارَ الشّاعرةِ المُتلاحِقةِ كما الأمواج، تَضربُ أحلامَ الحُرّيّةِ والتّحرُّرِ والانطلاق. 
(أشواكُ الشّمس): كنايةً عن الأشواكِ الحارقةِ؛ بسببِ الوسائدِ المُوخِزةِ والمُوجِعةِ، والشّمسُ كنايةً عن الحُرّيّةِ والتّحرّرِ، والرّمزُ سِمةٌ أسلوبيّةٌ، وأحدُ عناصرِ النّصِّ الأدبيِّ الجوهريّةِ في نصِّ شاعرتِنا، ونراها تُنوِّعُهُ وتُعمِّقُهُ، وتجعَلُهُ مُسيطِرًا على لغةِ القصيدةِ وتَراكيبِها، وصُوَرِها وبُنياتِها المُختلفة، والرّمزُ؛ بشتّى صُورِهِ المَجازيّةِ والبلاغيّةِ والإيحائيّة، تعميقٌ للمَعنى الشِّعريّ، وكأنّي بالشّاعرةِ تريدُ أنْ تقولَ، بأنّ الاتّفاقيّاتِ مُلتويةٌ وغامضة، فهي تقُضُّ مضجعَ العودةِ ومخدّاتِ الأعراس. 
(وَلَمْلَمَتْ بِتَوْبَةٍ هَادِرَةٍ حِبْرًا): كنايةً عن الاتّفاقيّاتِ المُلتويةِ الغامضة، ويتكرّرُ كلٌّ مِن صوتَي الّلام والميم مرّتيْن في لفظةِ (لمْلَمَتْ)، وللتّكرارِ فوائدُ إيقاعيّةٌ، والّلملمةُ تحتاجُ لبعضِ الوقتِ، تمامًا كما عندَ نُطقِها تحتاجُ لبعضِ الوقتِ، للانتقالِ مِن صوْتٍ إلى صوتٍ آخرَ مُتقاربٍ لهُ، في مَدارجِ الأصواتِ ومَخارجِها عندَ النُّطقِ بكلِّ واحدٍ منهُما والرّجوع للآخَر، وهُما صوتا الّلام والميم المُكرَّرَيْنِ في الّلفظة.. 
(بِمَواعِيدَ رَخْوَةٍ انْطَفَأَتْ صامِتَة!): كنايةً عن مواعيد تنفيذِ الاتّفاقيّات، الّتي يلتفُّ عليها مَن صاغَها، مَتى أرادَ وكيفما شاءَ، ومِنَ الانزياحاتِ الإضافيّةِ في السّطرِ السّابقِ، تَظهرُ في كلٍّ مِن "بِأَشْوَاكِ الشَّمْسِ" وَ "ألوان فراغك"، يَكمُنُ فيهِما عنصرُ المُفاجأة، الّتي يُنتجُها حصولُ الّلامُنتظر مِن خلالِ المُنتظر؛ أي أنْ يَتوقّعَ المُتلقّي مضافًا إليهِ يتلاءَمُ والمضاف. كأنْ يَتوقّعُ بَعدَ كلمةِ "أشواك"، وجودَ مُضافٍ إليهِ مُناسِبٍ للأشواك، لكنّهُ يَتفاجأ بمُضافٍ إليهِ الشّمس"، وهكذا يُصبحُ لدينا انزياحٌ إضافيٌّ شِعريذٌ بحت، يُوفّرُ المُتعةَ الجَماليّةَ للمُتلقّي. 
ويَظهرُ التّشخيصُ والتّجسيمُ والتّصوير: فللشّاعرةِ أمواجٌ كما للبحرِ، وللشّمسِ أشواكٌ كما للوردِ، وللتّوبةِ هديرٌ وحِبرٌ، وهو الحبرُ الّذي خُطّتْ بهِ الاتّفاقيّاتُ الغامضةُ العائمةُ، الّتي تَستهدِفُ سَلْبَ الفلسطينيِّ كلَّ بقيّةٍ مِن حقٍّ، وللفراغِ ألوانٌ، وللمواعيدِ شعلةٌ تَنطفئُ..، ومِن خصائصِ شاعرتِنا الأسلوبيّةِ، صُورُها الشّعريّةُ المُتّكئةُ على الاستعارةِ، ويَكمُنُ في الاستعارةِ المُبالغةُ في إبرازِ المَعنى المَوهومِ لصورةِ المُشاهدةِ كما رأينا. والقضيّةُ الّتي تُشغِلُ بالَ شاعرتِنا آمال، هي قضيّةُ الشّعبِ الفلسطينيِّ وواقعِ الاحتلال، فهذا هو المَعنى الأصليّ، وقد صاغتْهُ بطريقةٍ فنّيّةٍ جَماليّة، عبّرتْ فيهِ عن الواقع الّذي تُعايشُهُ الشّاعرة، وهناكَ مَعنيانِ للشّعر: معنى أصليٌّ، وآخَرُ فنّيٌّ يَهتمُّ بالوظيفةِ الجَماليّةِ، وهي سِمةٌ مِن سِماتِ شاعرتِنا، وخَصيصةٌ مِن خصائصِ شِعرِ الحداثة. (إنّ الفنّ هو الأكثرُ قدرةً على تبيانِ ذلكَ الوعيِ وتجْسيدِهِ وتَمثُّلِهِ، ولا يتبدّى ذلكَ في طبيعةِ المُعالجةِ الجَماليّةِ للواقعِ فحسْب، بل يتبدّى أيضًا في التّقنيّاتِ الفنّيّةِ، الّتي ليستْ في الحقيقةِ سوى تَمظْهُرٍ حِسّيّ لِما هو مَعنويٌّ جَماليٌّ مُجرّد،  فثمّةَ إذًا؛ علاقة جدليّة بينَ الوعي الجَماليّ والشّكل الفنّيّ). 
ومِن هنا، فإنّ مُقاربةَ ذلكَ الوعيِ لا تتمُّ على النّحوِ الأمثلِ، إلّا مِن خلالِ مُقاربةِ الشّكلِ الّذي هو الوعيُ مُتمَظهِرًا، أو لنِقُلْ: إنّ الشّكلَ الفنّيَّ هو شكلُ الوعيِ الجّماليّ، ولذلك، فإنّ أيَّ تبدُّلٍ في الوعي سوفَ يَنعكِسُ تبدُّلًا في الشّكل، غيرَ أنّ هذهِ المسألةَ لا تتمُّ ميكانيكيًّا، أو بطريقةٍ حتميّةٍ، فقد يَتمكّنُ الشّكلُ مِنَ استيعابِ تبدُّلاتِ الوعيِ غيرِ الجذريّةِ أو الجوهريّة.‏ وتأسيسًا على ذلك، فقد نظرنا إلى الحداثةِ الشّعريّةِ على أنّها حداثةٌ في الوعيِ الجَماليِّ أوّلًا، ولا يُمكنُ لنا فهمُ الاختلافِ والتّميُّزِ بينَ النّصّ الحداثيِّ مِن جهةٍ، والنّصِّ الكلاسيكيِّ والتّقليديِّ المُعاصِرِ مِن جهةٍ أخرى، ما لم نأخذْ بالاعتبارِ الاختلافَ والتّميُّزَ بينَ الوعي الجّماليِّ لكلٍّ منهما، ولكن، إذا ما كان الوعيُ الجَماليُّ هو المُنطَلَقُ في تبيانِ الحداثةِ، فإنّ هذا لا يُؤدّي بنا إلى إغفالِ الشّكل الفنّيّ(2).    
(عَلَى إِيقاعاتٍ جَنائِزِيَّةٍ باهِتَةٍ): كنايةً عنِ الموْتِ والدّمارِ والخرابِ الّذي يَحُلُّ بالفلسطينيّين.  
(أَبْحَرَتْ أَهِلَّةُ الْكَلامِ بِكَوْنِ أَسْرارِكِ): كنايةً عن موادّ الاتّفاقيّاتِ الّتي صِيغتْ، لتَحملَ مَعانيًا عميقةً وبعيدةً لصالح الإسرائيليين، يُؤَوِّلونَها متى شاؤوا ومتى أرادوا، وكيفما يحلو لهم. 
وتقولُ الشّاعرةُ: (أَبْحَرَتْ أَهِلَّةُ الْكَلامِ) وَ (بِكَوْنِ أَسْرارِكِ): وفي كلِّ جملةٍ مِن الجملتيْنِ انزياحٌ إضافيٌّ، ويتمثّلُ في المفاجأةِ الّتي يُنتجُها حصولُ الّلامُنتظرِ مِن خِلالِ المُنتظر؛ أي أنْ يتوقّعَ المُتلقّي مُضافًا إليهِ يَتلاءَمُ والمضاف، وفي المُحصّلة، جعَلَتْ شاعرتُنا مِن هذا التّزاوُجِ قيمةً شِعريّةً وفنّيّةً مُميّزة.  
(لِعَميقِ مَجْدٍ عَتيقٍ مَسْلُوخ!): كنايةً عن أمجادِ فلسطين وتاريخِها العريق الّذي ذُبحَ وسُلخَ بفِعلِ الاحتلال، ونَلحَظُ الانزياحَ الإضافيَّ وما فيهِ مِن جَماليّةٍ في هذا السّطر.  
مُجمَلُ السّطورِ السّابقةِ تَحملُ فكرةً؛ تتمثّلُ في المُفارقاتِ الجَسيمةِ بينَ الأمسِ واليوْم، بينَ الحاضرِ والماضي، فصورةُ البحرِ والشّاطئِ وما نتوخّاهُ مِنَ استجمامٍ ومُتعةٍ، بلوْنِهِ ورطوبتِهِ وهدوئِهِ، وهديرِ أمواجِهِ وإيقاعاتِها المُتلاحِقةِ، وبجَمالِهِ وبشاطئِهِ وشمْسِهِ، صوَرٌ تبعثُ الهدوءَ والرّاحةَ، والبحرُ يُعيدُنا إلى المَجدِ العَتيقِ إلى ما قبل النّكبة إلى يافا؛ عروسِ البحر ومينائِها التّاريخيّ. واليومَ تَنقلِبُ الصّورةُ رأسًا على عقب، فلْنَنْظُرْ إلى غزّةَ وما تُعانيهِ مِن ويلاتٍ، والشّمسُ رمزُ النّورِ والحُرّيّةِ وكلِّ ما هوَ جَلِيٌّ، لكنّها غدَتْ نورًا شائكًا وحُرّيّةً مُؤلمةً، وبينَ المُتوقّعِ والواقعِ هُوّةٌ عميقةٌ وصورةٌ عكسيّةٌ، فالشّاعرةُ توَلّتْ دوْرَ العاشقِ الّذي يُخاطِبُ حبيبتَهُ فلسطينَ؛ بَحرَها، وماءَها، وموْجَها، وهواءَها ....
وعندما نقرأ شِعرًا لشاعرتِنا آمال عوّاد رضوان، سنجدُ الغموضَ يَلفُّ ألفاظَهُ وتَعابيرَهُ، وهذا ليسَ بغريبٍ، والغموضُ يَحتاجُ لكَدِّ الذّهنِ لدى المُتلقّي، لتوليدِ المُتعةِ الذّهنيّة، وهنا يَبرزُ دوْرُهُ عندَ الرّمزيّينَ، فمِنْ سِماتِ شِعرِ الحداثةِ الغموضُ. 
(ويذهبُ خليل حاوي إلى أنّ ظاهرةَ الغموضِ ارتبطَتْ بتَحَوُّلِ الشّعرِ الحديثِ، مِن تقريرِ الأفكارِ إلى التّعبيرِ بالصّورة، فالشِّعرُ الأصيلُ يَقومُ على الإيحاءِ لا التّقرير والمباشرة، كما أنّ الشِّعرَ يَبحثُ عن الباطن، ولا يَقِفُ عندَ الظّاهرِ، لهذا كانَ الغموضُ صِفةً ملازمةً للشّعر(3).  
ويُرجِعُ أدونيس الغموضَ، إلى تَغيُّرِ مفهومِ الشِّعرِ في العصرِ الحديثِ، تبعًا لتغيُّرِ النّظرةِ إلى العالم، حيثُ "لمْ تَعُدِ القصيدةُ الحديثةُ تُقدِّمُ للقارئِ أفكارًا ومعانِيًا شأنَ القصيدةِ القديمة، وإنّما أصبحتْ تُقدّمُ حالةً أو فضاءً مِنَ الأخيلَةِ والصّوَرِ، ومِنَ الانفعالاتِ وتَداعياتِها، ولمْ يَعُدْ يَنطلِقُ (الشّاعرُ) مِن مَوقفٍ عقليٍّ، أو فكريٍّ واضحٍ وجاهز، إنَّما أخذَ يَنطلِقُ مِن مناخٍ انفعاليٍّ نُسمّيهِ تجربةً أو رؤيا"(4).  
وتقولُ شاعرتُنا: مَنادِيلُ أَماسِيكِ جارِحَةٌ/ تُ مَ زِّ قُ مَآقِيَ فَراشاتي/ بِتَنْهيداتِ بِلَّوْرِها.. بِأَقْفاصِها الْمُفَخَّخَةِ/ كَيْفَ أُغافِلُ مِحْرَقَةَ ضَوْضائِكِ/ وَفي قَوافي هَوادِجي أَبْجَدِيَّةٌ تُزَمْجِرُ وَلا تَنْطَفِئُ؟/ مَواسِمُ وَيْلاتٍ ذابَتْ أَحْبارُها/ في هَشيمِ مَحابِرِكِ الْمَغْدُورَةِ/ تَوَهَّجَتْ دُواةُ الطُّهْرِ بِآثامِها الشَّاحِبَةِ/ وَعُيُونُ الْبَنَفْسَجِ اصْفَرَّتْ بِفُوَّهَةِ أَلَقِها/ أَكَأَنَّمَا شُرِّعَتْ لِطَرْفَةِ احْتِضارٍ لا يَرْمشُ؟/ أَيُّ جُنُونٍ ذا يَرْتَجي خُطَى التَّماثيلِ تَمَهُّلاً؟/ أَيُّ فَجْرٍ ذا تَشَرْنَقَ دَياجيرَ مَنْفًى عَلى جُفُونِ الْمَغْنَى؟/ كَيْفَ لانْحِناءَةِ زَفْرَةٍ تسْتَقيمُ شَهْقَةً في فُؤادِ الْمُسْتَحيلِ؟/ وِشايَةُ سِراجِكِ أَسْرَجَتْ تَجاعِيدَ زَماني بِمَرايا الْخَطايا/ غَطَّتْ أَرْوِقَةَ غُرْبَتي بِأَدْعِيَةٍ ضَبابِيَّة!    
(مَناديلُ أَماسيكِ جارِحَةٌ): كنايةً عن مناديلِ الأعراسِ والأفراح، والأماسي هي ليالي الأفراح، لكنِ انقلَبَ الحالُ بسببِ المآسي الّتي تَحُلُّ بالشّعبِ الفلسطينيّ، وأصبحتْ مناديلُ مسْحِ البكاءِ تَجرَحُ المآقيَ والعيونَ، فلِلمآسي مناديلُ جارحةٌ. 
(مَناديلُ أَماسيكِ جارِحَةٌ): كنايةً عن الأفراحِ الّتي تحوّلتْ إلى أتراح، فـ"المناديلُ" رمزٌ للأعراسِ والأفراح، و"الأماسي" رمزٌ للَيالي الفرحِ في تلكَ الأعراس، والرّمزُ مَصدرٌ للإدهاشِ، والتّأثيرِ، وتجسيدٍ لجَماليّاتِ التّشكيلِ الشّعريّ، ولقد أحسَنَتْ شاعرتُنا بتوظيفِها للرّمزِ بشكلٍ جَماليٍّ مُنسجِم، واتّساقٍ فِكريٍّ دقيقٍ مُقنِعٍ، ليُسهِمَ في الارتقاءِ بشِعريّةِ القصيدةِ، وتَعميقِ دلالاتِها، وشِدّةِ تأثيرِها في المُتلقّي. (تُ مَ زِّ قُ مَآقِيَ فَراشاتي): و"الفراشاتُ" رمزٌ للعرائسِ الصّغيراتِ الثّكالى قبلَ أوانِهِنَّ، ورمزٌ للأطفالِ اليتامى، بسببِ الأسْرِ والقتلِ والنّفيِ والتّنكيلِ، ويُعَدُّ الرّمزُ أسلوبًا مِن أساليبِ التّصويرِ، أو وسيلةً إيحائيّةً مِن وسائلِهِ، فكِلاهُما- الرّمزُ والصّورة- قائمانِ على التّشبيهِ، وعَلاقتُهُما أقربُ إلى علاقةِ الجُزءِ بالكلّ. وهي تقنيّةٌ عاليةٌ، يَرتفعُ بها شأنُ الصّورة. 
الشّاعرةُ آمال مُجدِّدةٌ في لغتِها وأساليبِها، ونَلحظُ في جُلِّ قصائدِها ظاهرةً، الكلماتُ تَظهَرُ بحروفٍ مُتقطِّعةٍ أفقيّةٍ تارةً– كما في هذا السّطر- أو عموديّةٍ تارةً أخرى تُشكّلُ معناها، وهذا السّطرُ كنايةً عن كثرةِ البكاءِ، وفيهِ أيضًا انزياحاتٌ، فلِلمآقي فراشاتٌ تتمزّقُ، والفِعلُ "تمزّقت" جاءَ مُتقطِّعًا، ويَستغرِقُ وقتًا أطولَ أثناءَ النُّطقِ بهِ، فقد جزّأتْهُ الشّاعرةُ ومَزّقتْهُ لحروفٍ مُتناثِرةٍ، كما التّمزيقُ يَحتاجُ وقتًا ليَكتملَ. 
(بِتَنْهِيداتِ بِلَّوْرِها.. بِأَقْفاصِها الْمُفَخَّخَةِ): كنايةً عن الوجعِ الّذي يَكمُنُ في المآسي والفواجِع، وما يُحدِثُهُ مِنْ تدميرٍ للنّفسِ وهدٍّ للرّوح، ومآقي الفراشاتِ الجميلةِ اسْتُبدِلَتْ بمَآقٍ زُجاجيّةٍ شكليّةٍ، لا جدوى بها ولا تُبصِرُ النّور، وللبلّوْراتِ الزّجاجيّةِ تنهُّداتٍ، ولها أقفاصٌ تُفَخُّخُ وتُدَمَّرُ بفِعلِ الاحتلالِ ومُخطّطاتِهِ، وبنودُ الاتّفاقيّةِ مُفخَّخةٌ. 
(كَيْفَ أُغافِلُ مِحْرَقَةَ ضَوْضائِكِ): كنايةً عن الحُروبِ الحارقةِ، والمِحرقةُ رمزٌ للحربِ، وضوضاؤُها رمزٌ لويلاتِها، ولقد بدَأَتْ شاعرتُنا آمال نصَّها بأسلوبٍ خبَريٍّ، لتأكيدِ ذاتِها، وتبيانِ الفَواجعِ وفداحةِ المأساةِ، غيرَ أنّ هذهِ المآسي لم تنَلْ مِن عزيمتِها، وتنتقلُ للأسلوبِ الإنشائيّ، فالاستفهامُ يُفيدُ النّفيَ، وفي عبارة "مِحْرَقَةَ ضَوْضائِكِ" انزياحٌ إضافيٌّ، فللضّوضاءِ مِحرقةٌ كما للحُروب. وهذه الصّورةُ الّتي تَموجُ بالحركةِ والاضطرابِ والحيويّةِ والمَشاعرِ المُختلفة، مِن غفلةٍ وحرْقٍ وضوضاء ودهشة، هي وليدةُ الاستعارةِ الّتي بالغَتِ الشّاعرةُ  في استخدامِها، بطريقةٍ تسحَرُ لبَّ المُتلقّي، وتأسُرُ أحاسيسَهُ مِن هوْلِ الذّهولِ بالمَنظرِ الماثلِ أمامَها.
(وَفي قَوافي هَوادِجي أَبْجَدِيَّةٌ تُزَمْجِرُ وَلا تَنْطَفِئُ): في هذا السّطرِ تتزاحمُ التّحويلاتُ والانزياحاتُ أو ما سُمِّيَ بالتّوسُّعِ، وهوَ مِن أهمِّ الظّواهرِ الّتي تُميّزُ الّلغةَ الشّعريّةَ عن السّرديّة، معَ منْحِها شرَفَ الشِّعرِ وخصوصيّتِهِ، فإنَّ هذا النّوعَ مِنَ الانزياحِ يتّسمُ ببعضِ السِّماتِ المُصاحِبةِ لهُ، كالابتكارِ والجدة والنّضارة والإثارة، فذكرَتْ في سطْرِها السّابق القوافي "الجزء"، وأرادتْ بهِ الكلَّ "القصائدَ" مجاز مرسل علاقته الجزئيّة.  
ويَظهرُ الانزياحُ التّركيبيُّ، وهو مُخالَفةُ التّراتبيّةِ المألوفةِ في النّظامِ الجُمَليّ، مِن خِلالِ بعضِ الانزياحاتِ المَسموحِ بها في الإطارِ الّلغويّ، كالتّقديمِ والتّأخيرِ في بعضِ بُنى النّصّ، كتقديمِ الخبَرِ على مُبتدئِهِ، كما في نحو "وَفي قَوافي هَوادِجي أَبْجَدِيَّةٌ"، وهنا مَكمَنُ الجَمالِ الأسلوبيّ، فلِلقوافي هوادجُ كما للعَروس، والهودجُ هو أجملُ ما في خيالِ العروسِ، وهو تابعٌ لصورةِ العُرسِ ولا يكتملُ إلّا بهِ، ولها أبجديّةٌ كما الّلغة، والهوادجُ روحُ الشّاعرةِ ومَطلَبٌ رئيسٌ لها، فهي تُزمجرُ كما الأسد، ولا تتوقّفُ ولا تنطفئُ جَذوتُها، مادامَ الاحتلالُ يَتملّصُ مِن تعهُّداتِهِ ويُراوغُ، وهنا مَكمَنُ التّصويرِ والتّجسيمِ وبَثِّ الحياةِ في الجَماداتِ، وهذا النّهجُ وظّفتْهُ شاعرتُنا باقتدارٍ وبهاءٍ وفنٍّ وجَمال، فهذهِ الصُّوَرُ الرّائعةُ الخلّابةُ المُؤثِّرةُ ما كانتْ لتكون، لو أنّ شاعرتَنا آمال التزمَتْ في التّعبيرِ القولَ على الحقيقة. وتُخاطبُ الشّاعرةُ أُمَّها وحبيبتَها فلسطين قائلة: (مَوَاسِمُ وَيْلاَتٍ ذَابَتْ أَحْبَارُهَا فِي هَشِيمِ مَحَابِرِكِ الْمَغْدُورَةِ): كنايةً عن الغدرِ الّذي يَلُفُّ لغةَ الاتّفاقيّاتِ بينَ الفلسطينيّينَ والإسرائيليّين، فلقدْ أفرَغَ الإسرائيليّونَ المُعاهداتِ والاتّفاقيّاتِ المعقودةَ مِن مَضمونِها، فأصبحتْ قيمتُها لا تُساوي الحبْرَ الّذي كُتبَتْ بهِ، ولقد نجحَتْ شاعرتُنا بتوظيفِها للأساليبِ التّعبيريّةِ، وهي مِن مَظاهرِ الحداثةِ، فالأسلوبيّةُ التّعبيريّةُ والدّلالةُ في النّقدِ الحديث، ترتكزُ على أنماطٍ مِنَ التّحوّلاتِ الأسلوبيّةِ في الشِّعرِ، ومنها الانزياح بأشكالِه، الّذي وظّفتْهُ شاعرتُنا آمال بعنايةٍ فائقةٍ، فلِلمَواسِمِ ويلاتٌ، ولها أخبارٌ تَذوبُ، وللمَحابرِ هَشيمٌ كما النّباتِ، وتُغدَرُ كما يُغدَرُ المَخلوقُ، فمواسمُ الأعراسِ انقلبَتْ إلى مواسم ويْلات. 
 (تَوَهَّجَتْ دُواةُ الطُّهْرِ بِآثامِها الشَّاحِبَةِ): كنايةً عنِ المَحابرِ البريئةِ المُتمثّلةِ في عقودِ الزّواجِ والاتّفاقيّاتِ المُوقَّعةِ بالحبر، والّتي فرِحَ بها الفلسطينيّونَ، تتحوّلُ وتنقلِبُ بطُهْرِها إلى عقودٍ آثمةٍ شاحبةٍ؛ بسببِ تحويرِ بُنودِ الاتّفاقيّاتِ المُوقَّعةِ إلى بنودٍ خاليةٍ مِن مضمونِها، والّتي تُحلِّلُ للإسرائيليِّ سياسةَ استمرارِ القتلِ والسّجنِ والتّنكيل. 
(وَعُيُونُ الْبَنَفْسَجِ اصْفَرَّتْ بِفُوَّهَةِ أَلَقِها): شبّهتِ الشّاعرةُ البنفسجَ بإنسانٍ لهُ عينان، والبنفسجُ رمزُ الطّهارةِ والحُبِّ والنّقاء، واستخدَمَتِ الفعلَ "اصْفَرَّ"، ليُفيدَ المُبالغةَ في الاصفرارِ الّذي يَرمزُ للضّياع، وهنا سِرُّ المُفارقات، فالاتّفاقيّاتُ والمُعاهداتُ شيءٌ جميلٌ يَفضُّ الخصوماتِ بينَ الفُرقاء، لكن يجبُ أن يَتوفّرَ فيهِما النّيّة الصّادقة، لا أنْ يتحوّلا لغُبنِ طرَفٍ على حسابِ آخَر،  تمامًا مثلما البنفسج وأزهاره فيهما العذوبةُ والجَمال، لكن تحوًلا إلى اصفرارٍ ومرارةٍ وقُبح، وزالَ بريقُهما بفِعلِ الغدْر. ومِن خصائصِ أسلوب شاعرتِنا آمال، الصّوَرُ الفنّيّة الّتي وظّفتها لتجسيم الأمور المعنويّة، وذلك بإبرازها للعيانِ، في صورةِ شخوصٍ وكائناتٍ حيّةٍ، يَصدُرُ عنها كلُّ ما يَصدرُ عن المخلوقاتِ مِن حركاتٍ وأعمال.
(أَكَأَنَّما شُرِّعَتْ لِطَرْفَةِ احْتِضارٍ لا يَرْمشُ؟): الاستفهامُ خرَجَ عن معناهُ الحقيقيّ؛ ليُفيدَ التّقريرَ، والسّطرُ كنايةً عن أنّ هذه المُعاهداتِ صِيغَتْ مِن أجلِ ذوَبانِ وموْتِ الشّعب الفلسطينيّ. وهنا تُشبِّهُ شاعرتُنا انتهاءَ صلاحيّةِ هذهِ الاتّفاقيّاتِ وقُربَ التّخلُّصِ منها، بإنسانٍ يَحتضِرُ ولا يَرمشُ عندَ موتِهِ، استعارةً مَكنيّة. (أَيُّ جُنُونٍ ذا يَرْتَجي خُطَى التَّماثيلِ تَمَهُّلًا؟): والاستفهامُ يُفيدُ التّعجّبَ مِن فِعلِ تحويراتِ وتأويلاتِ اتّفاقيّاتِ السّلامِ المُبْرَمة، و"خطى التماثيل": كنايةً عن موْتِ روح الاتّفاقيّات، وكأنّما الشّخوصُ المتحرّكةُ القائمة على تنفيذِ الاتّفاقيّاتِ المعقودة، في عمليّاتِ السّلام، تماثيلُ مُتحرّكة، تُراوحُ مكانَها، فقد فقدَتْ كلَّ روحٍ وحياة، وللتّماثيلِ خطى. استعارةً مكنيّة.
(أَيُّ فَجْرٍ ذا تَشَرْنَقَ دَياجيرَ مَنْفًى عَلى جُفُونِ الْمَغْنى؟): الاستفهامُ هنا خرَجَ عن معناهُ الحقيقيّ؛ ليُفيدَ التّعجُّبَ مِن هذهِ الاتّفاقيّة، وعمليّةِ تحريفِها وتسخيرِها لخدمةِ أغراضِ المُحتَلّ، وتذويبِ الشّعبِ الفلسطينيِّ ونفْيِهِ عن وطنِهِ. وهنا المفارقاتُ، فالفجرُ يَرمزُ للتّحرُّر، لكن يتمُّ تحويلُهُ لسجنٍ وشرنقةٍ ونفيٍ، وتتزاحمُ الانحرافاتُ في السّطر تمامًا كانحرافِ اتّفاقيّاتِ السّلام، فالفجرُ يتشرنقُ، وللمنفى دياجيرُ، وللمَغْنى جفون.
(كَيْفَ لانْحِناءَةِ زَفْرَةٍ تسْتَقيمُ شَهْقَةً فِي فُؤادِ الْمُسْتَحيلِ؟): الاستفهامُ هنا أيضًا يُفيدُ التّعجُّبَ، فالشّاعرةُ تتعجّبُ مِن تحويرِ وانحرافِ اتّفاقيّةِ السّلام الّتي تهدفُ إلى تركيع الشّعب الفلسطينيّ، وهذا مستحيلٌ، والسّطرُ يَعجُّ بالاستعاراتِ والتّجسيم والتّصويرِ وبثِّ الحياة في المعاني، فللزّفرةِ انحناءة، ولها شهقة، وللمستحيلِ فؤاد. فالسّرُّ في قوّةِ تأثيرِ هذه الصّورةِ الشّعريّةِ وجَمالِها، راجعٌ إلى مفعول الاستعارة، هذا المفعول الّذي انتقلَ بالفِكرِة مِن عالم المعاني، إلى عالم المُدرَكاتِ. مبالغة. 
(وِشايَةُ سِراجِكِ أَسْرَجَتْ تَجاعيدَ زَماني بِمَرايا الْخَطايا): الشّاعرةُ هنا وفي كلِّ السّطورِ تُخاطبُ حبيبتَها فلسطين، ولكي يُسيطرَ الإسرائيليّونَ على الأرضِ والشّعب الفلسطينيّ، فقد بثّوا العملاءَ والجواسيسَ، وهذه خطايا تُدنِّسُ معالمَ الوجهِ الفلسطينيِّ بحضارتِهِ عبْرَ التّاريخ، وفي لفظتَيْ "سراج" وَ "أسرجت"، تتكرّرُ حروفُ السّين والرّاء والجيم؛ لإشاعةِ الإيقاع الموسيقيّ في ثنايا المقطوعة، والرّاء صوتٌ مُكرَّر، تمامًا كما الوشاية تكرارُ قوْل، والسّراجُ رمزٌ للنّورِ والحرّيّة يُثري الوجهَ وضاءة، لكنّهُ يتحوّلُ بفِعلِ التّخطيطِ الإسرائيليّ إلى قتامةٍ وتجاعيدَ في وجهِ الفلسطينيّ. 
في عبارةِ "تجاعيد زماني": كنايةً عن تاريخِ الشّعب الفلسطينيِّ المُناضِلِ وما يُكابدُهُ. "وشايةُ سراجِك": كنايةً عن ظاهرةِ بثِّ العملاءِ في صفوفِ الفلسطينيّين. "مرايا الخطايا": كنايةً عن الأضرارِ والآثامِ الّتي تُلحِقُها الوشاية. وهذا السّطرُ حافلٌ بالانزياحاتِ- كما في كلِّ سطورِ القصيدة- الّتي عِمادُها الاستعارة. وهذا جان كوهين  يعتبرُ الاستعارة: "تُشكّلُ الخاصّيّةَ الأساسيّةَ للُّغةِ الشّعريّة"(5). فللسّراج وشايةٌ، وللزّمانِ تجاعيدُ، وللخطايا مرايا، وتجاعيدُ الزّمان تُضاء. (غَطَّتْ أَرْوِقَةَ غُرْبَتي بِأَدْعِيَةٍ ضَبابِيَّة!): وتعودُ الشّاعرةُ للأسلوبِ الخبّريّ، لتأكيدِ الذّاتِ وتوضيحِ حالتِها النّفسيّة، مُظهِرَةً أنّ كلَّ هذهِ المحاولاتِ العبثيّةِ لم تنَلْ منها ومِن صمودِها قيدَ أنملة، وإظهارِ تقديرِها لمَن تخاطبُها وهي الحبيبةُ فلسطين، وهذا السّطرُ كنايةً عن الحالةِ النفسيّةِ الّتي تعيشُها الشّاعرةُ في غربتِها في وطنِها، وهي أشدُّ أنواعِ الغربة، وأنّ تلكَ الاتّفاقيّاتِ زادتْ مِن غربتِها اغترابًا، ومِن ضياعِها في وطنِها ضياعًا، ولغةُ الشّاعرةِ مُوحِيةٌ، والشّاعرةُ تُتقِنُ فنّ توظيفِ الاستعارة، فالاستعارةُ تُحلّقُ بكَ في عالم الخيال، وتَعرضُ عليك أشكالًا مِن الصّورِ البيانيّةِ الرّائعة، الّتي تَسبَحُ بك في بحرِ الألفاظِ، وتنتقلُ سريعًا مِنَ المعنى الحقيقيِّ للّفظِ المُستعار، إلى المعنى المَجاز الّذي صارَ عليهِ ذلكَ الّلفظُ، وتُكسِبُ الّلفظَ حلاوةً وجمالًا ورونقا.    
وتُعدُّ شاعرتُنا في قصيدتِها هذه وفي جُلِّ دواوينِها الشّعريّة، مِن أنجحِ الشّعراءِ الّذين أغرَقوا أنفسَهم في استخدامِهم الرّموز، فمِنَ الطّبيعيّ أنْ نجدَ الشّاعرةَ تُلبِسُ ألفاظَها حُلّةً جديدةً مَجازيّة، بعيدةً عن الواقع بطريقةٍ رمزيّة؛ لغرضٍ ما في نفسِها، والألفاظ الدّالة على الحزنِ، في هذهِ السّطورِ فقط، وليسَ في كلّ المقطوعة: أَماسيكِ، جارِحَةٌ، تُمَزِّقُ، بِتَنْهيداتِ، أَقْفاصِهِ، الْمُفَخَّخَةِ، أُغافِل،ُ مِحْرَقَةَ، تُزَمْجِرُ، وَلا تنطفئ، وَيْلاتٍ، ذابَتْ، هَشيمِ، الْمَغْدُورَةِ، بِآثامِها، الشَّاحِبَةِ، اصْفَرَّتْ، احْتِضار،ٍ ضَوْضائِكِ، أيَرْمشُ؟ أَيُّ جُنُونٍ ذا يَرْتَجي خُطَى التَّماثيلِ تَمَهُّلًا؟/ أَيُّ فَجْرٍ ذا تَشَرْنَقَ دَياجِيرَ مَنْفًى عَلى جُفُونِ الْمَغْنى؟/ كَيْفَ لانْحِناءَةِ زَفْرَةٍ تسْتَقيمُ شَهْقَةً فِي فُؤادِ الْمُسْتَحيلِ؟/ وِشايَةُ سِراجِكِ أَسْرَجَتْ تَجاعيدَ زَماني بِمَرايا الْخَطايا/ غَطَّتْ أَرْوِقَةَ غُرْبَتِي بِأَدْعِيَةٍ ضَبابِيَّة! ظهرَتْ أصواتُ الحزن أيضًا في الأساليبِ الإنشائيّة، فترتبطُ بانفعالاتِ الشّاعرة، الّتي غلبَ عليها الإنشاءُ الطّلبيُّ المُتمثِّلُ في الاستفهام: (أَيُّ جُنُونٍ؟) وَ (أَيُّ فجْرٍ؟) و(كَيْفَ لانْحِناءَةِ؟)، وهي استفهاماتٌ لا تُفيدُ بحسبِ مُقتضى الظّاهر، بل خرجَتْ عنهُ؛ لتُفيدَ معنى مُستلزمًا حواريًّا بحسَبِ مُقتضى الحال، وهي تُفيدُ التّعجّب. (ضِحْكَةٌ مُتَثَعْلِبَةٌ ارْتَجَفَتْ طَيْشًا): الإسرائيليّونَ مشهورونَ بالخداع، وجاءَ في لسان العرب في معنى "تثعْلَبَ": جَبُنَ ورَاغَ، على التّشبُّهِ بعدو الثّعلب، قال: فإنْ رآني شاعرٌ تثعلبا/ وإنْ حَداهُ الحينُ أو تَذايَلَهُ(6). 
و"ضحكةٌ مُتثعلبةٌ": كنايةً عن المُراوغةِ والمَكرِ والخداع، وشبّهَتِ الشّاعرةُ الضّحكةَ بشيءٍ يرتجفُ ويَطيشُ. استعارةً مَكنيّة. (خَلْفَ سُدُودِ هَواءٍ جِدارِيٍّ): وهنا الشّاعرةُ تَرمزُ إلى بناءِ الإسرائيليّينَ للجدارِ الفاصل، وهدفُ بنائِهِ خبيثٌ، فهو يُمكِّنُهم مِنَ الوصولِ أينما يُريدون، ولا يُمكِّنُ الفلسطينيّينَ مِنَ التّنقُّلِ أو حرّيّةِ الحركة، بل يُقسِّمُهم إلى كانتونات صغيرةٍ مُجزّأةٍ، مُحاصَرةٍ بجدارٍ أُقيمَ على أراضيهم، وابتلعَ منها ما ابتلعَ؛ ليُسهِّلَ السّيطرةَ عليهم. (كم تَهالَكَ صَداهَا عَلَى قارِعَةِ نَهْدِ عاصِفَةٍ!): "كم: كم للتّكثير، فللنّهدِ قارعةٌ كما للطّريق، ولها عاصفةٌ كما للرّيح.
(سَلْمٌ يَصْعَدُ دَرَكاتِ سُلَّمِهِ): كنايةً عن السّلامِ الّذي لا يُمَكِّنُكَ مِنَ الصّعودِ والاستفادةِ منه، بل مِنَ الهبوط، كما الجدارُ الفاصلُ لا يُمكِّنُ الفلسطينيّينَ مِنَ الحركة، بل شَلِّ حركتِهم، ويَخلو مِن معاني السّلام. (يَفُكُّ خِمارَ انْتِظارٍ تَوارى خَلْفَ أَزْرارِ أَدْراجِهِ): وللجدارِ بوّاباتٌ لا يَسمحُ الإسرائيليّونَ للفلسطينيّينَ بالدخولِ فيها أو الخروج منها، إلّا بأمرٍ منهم وبَعدَ طولِ انتظارٍ وامتهانٍ للكرامة، و"يفُكُّ خِمارَ انتظار": كنايةً عن التّفتيشِ الدّقيقِ للفلسطينيّينَ الّذينَ لا يُسمحُ لهم بالدّخولِ، إلّا بعدَ طولِ انتظار. وهنا تتزاحمُ الاستعاراتُ والصّورُ الفنّيّة، فللانتظارِ خِمارٌ كما للمرأة، وللأدراجِ أزرارٌ كما للقميص.
(وَيسَقُطُ عارِيًا إِلَّا مِنْ عُرْيِهِ!): كنايةً عن أنّ هذا الجدارَ سيَسقُطُ كما سَقطَ جدارُ برلين، فحُجّتُهم عاريةٌ، لا تُقنِعُ أحدًا سوى أنفسِهم. (لكِنَّها): وتستدركُ الشّاعرةُ عندما ظننّا أنّ صوتَها قد وهَى وخبَا وضعُفَ؛ فإذا بنا نُفاجَأ بأنّ معنويّاتِها ارتفعتْ عاليًا، وازدادتْ دفقاتُها الشّعوريّة، وازدادَ ألقُها، وقد تسلّحَتْ بالعزم والمضاء والإيمان قائلةً مُخاطِبة أمّها: (مُدُنُ غُفْرانِكِ الْمُقَنْدَلَةِ بِفُصُولِ خُيُولِكِ/ أبَدًا.. ما طالَها زَبَدُ يَأْسٍ): كنايةً عن أنّ المُدنَ الفلسطينيّةَ لن تُصابَ باليأسِ والإحباطِ أبدًا، بفِعلِ منعتِها وعِزّتِها ومَجدِها، ولن يَنالَ منها بناءُ جدارِ الفصل. سنتوقّفُ قليلًا عندَ هذيْنِ السّطريْن، لنرى بعضَ الصّورِ الفنّيّةِ المُتلاحِقة، وهي سِمةٌ مِن سِماتِ شِعرِ الحداثة. تقولُ الشّاعرةُ: "مُدنُ غفرانِكِ": فذكرَتِ المُدنُ "المكان"، وأرادتْ أهلَها الفلسطينيّين، مجاز مرسل علاقته المكانيّة. 
وشبّهَتِ الشّاعرةُ المُدنَ بالقناديل، استعارةً مكانيّة. كما شبّهَتِ الخيولَ بشيءٍ لهُ فصول. استعارةٌ مكنيّة. وشبّهَتِ اليأسَ بماءِ البحرِ لهُ زبَدٌ، واستخدَمَتْ لفظةَ "أبد"؛ المُكوّنة مِن ثلاثةِ حروف، لكن معناها كبيرٌ جدّا، وهو مدى الدّهرِ وعلى طولِ الزّمن، ويَمتدُّ زمانُها مِن لحظةِ النّطق بها إلى ما لا نهاية مستقبلًا، وفيها معنى تأكيدِ صمودِها وعدمِ استسلامِها، ولقد قدّمتْها لأهمّيّتِها، ولخلْقِ المُتعةِ والجَمال، وحقُّها التّأخير على كلٍّ مِنَ الفِعل والفاعل، "مَا طالَها زَبَدُ يَأْسٍ"، وقد أسندَتِ الشّاعرةُ الزّبدَ لليأس.
(وَإِنْ عُلِّقْتِ عَلى أَسْوارِ أَعْراسٍ مُؤَجَّلَةٍ)- (وَإنِ اعْشَوْشَبَ فُسْتانُ زَفافِكِ كَفَنًا): كنايةً عن أنّ جدارَ الفصلِ لنْ يَمنعَ الفلسطينيّينَ مِنَ التّحرُّرِ وإكمالِ أعراس نصْرِهم، حتّى وإن ظهَرَ أنّ ثوْبَ العرْسِ قد تغيّرَ وتبدّلَ، وتحوّلَ إلى ما يُشبهُ الكفنَ، مِن طولِ عهدِ العبوديّة، لكنّه سيزهو. والصّورةُ الفنّيّةُ عندَ شاعرتِنا عمادُها الاستعارة، وهي صورةٌ مِن صُوَرِ التّوسُّعِ والمَجازِ في الكلام، وهي مِن أوصافِ الفصاحةِ والبلاغةِ العامّة، الّتي تَرجعُ إلى المعنى.
(لَيْلي اتَّقَدَ بِظُلْمَةِ حِكاياتٍ مَخْمُورَةٍ/ وَبِرَعْشَةِ بَدْرٍ احْتَلَكَتْ ضَفائِرُ شَحاريري/ تَتَوَسَّلُ بُؤْرَةَ ضَوْءٍ أَغْلَقَها طينُ الْعَتْمِ): كنايةً عن عودةِ الأملِ لروحِ الشّاعرةِ، فالّليلُ رمزٌ للقهْرِ والسّوداويّة، لكنّه تحوُّلٌ عندَ شاعرتِنا يَتّقدُ، فمِن رحْمِهِ تولّدَ الأملُ، والشّاعرةُ تُحاولُ بناءَ مُفرَداتٍ جديدة، فبحسَبِ علمي، لمْ يَرِدِ الفعلُ "احتلَكَ" بهذا البناء، وجاء في لسان العرب: "الحُلْكة والحَلَكُ؛ شدّةُ السّوادِ كلوْنِ الغراب، وقد حَلَكَ الشّيءُ يَحْلُكُ حُلُوكةً وحلُوكًا، واحْلَوْلَكَ مثله اشْتدَّ سوادُهُ، وأَسودُ حالِكٌ وحانكٌ ومُحْلَوْلِكٌ وحُلْكُوك بمعنى، وفي حديثِ خُزيمة وذِكْرِ السّنة؛ وتركَتِ الفَرِيشَ مُسْتَحلِكًا. المُستحْلِكُ الشّديدُ السّواد كالمُحترِق، مِن قولِهم: أَسوَدُ حالِكٌ، والحَلَكُوك بالتّحريكِ الشّديدُ السّواد، وأَسوَدُ مثلُ حَلَكِ الغرابِ وحَنَكِ الغراب، وشيءٌ حالِكٌ ومْحْلَولِك ومْحْلَنْكِكٌ وحُلْكُوك، ولمْ يأْتِ في الأَلوان فُعْلُول إلّا هذا.." 
لقد ثارَ رُوّادُ الشّعرِ العربيّ الحُرّ على القاموس الشّعريّ، فلم يَعُدْ للشِّعرِ مُعجَمٌ خاصّ، لأنَّ "القصيدةَ لغةٌ وليستْ كلماتِ، وما دامت لغةً فهي علاقاتٌ، أو بعبارةٍ أدقَّ، نظامٌ خاصٌّ مِنَ العلاقاتِ، وبما أنّها كذلك، فهي لهجةٌ شخصيّةٌ غيرُ مستعارة"(7). 
"لقد حاولَ روّادُ الشّعرِ العربيّ الحُرّ أن يُجدّدوا الشّعر مِن خِلالِ تجديدِ لغتِهِ. وأرادوا أنْ يُجدّدوا لغتَهُ ويُغنّوها مِن خِلال احتكاكِهم بالحياةِ الجديدة. وجدوا أنّ الّلغةَ التّقليديّةَ جامدةٌ وعاجزةٌ عن مُواكبةِ حركةِ الحياة فثاروا عليها. ووجدوا أنّ القاموسَ الشّعريَ قد أصبحَ مُجرّدَ ألفاظٍ ميّتة تحملُ مَعانيًا مُحدّدةً مُكرّرةً، لا تمتُّ إلى حياتِهم بصِلةٍ. ثمَّ كانَ لا بُدَّ مِنْ تَجديدِ الّلغةِ، على ضوءِ تجربةٍ جديدةٍ وفهْمٍ جديدٍ للحياة. "لقد أيقنوا أنّ كلّ تجربةٍ لها لغتُها، وأنّ التّجربةَ الجديدةَ ليستْ إلّا لغةً جديدةً، أو منهجًا جديدًا في التّعاملِ مع الّلغة"(8). فالّليلُ يتّقدُ، وللحِكاياتِ ظُلماتٌ مخمورة، وللبدرِ رعشةٌ، وللشّحاريرِ ضفائرُ، وكلُّها استعاراتٌ وانزياحات.  
(أمَّاااااااهُ): وتنتقلُ الشّاعرةُ إلى أسلوبِ الإنشاء، ويتمثّلُ في النّداءِ، وحرْفُ النّداءِ محذوفٌ، والنّداءُ يُفيدُ التّقرُّبَ والتّحبُّبَ لحبيبتِها المَخاطَبة فلسطين، وللتّنغيمِ دوْرٌ كبيرٌ في خلْقِ إيقاعٍ مُناسِب، لهُ معنًى تقصدُهُ الشّاعرة، فقد أشبَعَتْ صوتَ الصّائتِ الألف في المنادى: "أُمّاه"، وكأنّي بها تريدُ أن تُخرجَ منها زفراتِ الألم والوجع، وتبوحَ لأمِّها بمُنغِّصاتِ حياتِها، وفي البوْحِ راحةٌ للنّفسِ والرّوح. (قاطِراتُ وَجَعٍ تَلَوَّتْ عَلى سِكَّةِ يَقيني الْمُهْتَرِئَةِ): كنايةً عمّا يختلجُ روحها مِن ألم جرّاءَ ما يَحصلُ في فلسطين، ولن أقفَ طويلًا عندَ الاستعاراتِ الّتي هي عمادُ الصّورِ الفنّيّة، بل سأشيرُ إليها إشاراتٍ سريعةً، فلِلوجعِ قاطراتٌ تتلوّى، ولليقينِ سكّةٌ مُهترئةٌ. 
وكما يقول عبد القاهر الجرجاني: "إنّ فضيلةَ الاستعارةِ الجامعةِ تتمثّلُ في أنّها تُبرزُ البيانَ أبدًا، في صورةٍ مُستجَدَّةٍ تَزيدُ قدْرَهُ نُبلًا، وتُوجِبُ لهُ بَعدَ الفضلِ فضلًا، وإنّكَ لتجد الّلفظةَ الواحدةَ قدِ اكتسبَتْ فيها فوائدَ، حتّى تراها مُكرّرةً في مَواضعَ، ولها في كلِّ واحدٍ مِن تلكَ المَواضعِ شأنٌ مُفردٌ، وشرفٌ منفردٌ.. ومِن خصائصِها الّتي تذكر بها، وهي عنوان مناقبها: أنّها تُعطيكَ الكثيرّ مِنَ المعاني باليسيرِ مِنَ الّلفظ، حتّى تخرج من الصَّدفةِ الواحدةِ عدّةً مِنَ الدّرر، وتجني من الغصن الواحد أنواعًا مِن الثمر"(9). 
وتقولُ: (ملاءاتُ خَرائِطي/ تَنْقُضُني/ تَنْفُضُني مِنْ تَحْتِ عِطْرِ أَكْفاني/ تُؤَرِّقُني/ تُورِقُني قَصائِدَعُمْرٍ مُقَنَّعٍ بِطَحالِبِ طَلْعِكِ!/ نَوافِيرُ شِعْري ما ازْدَهَرَتْ إِلاَّ بِحَرِّ حَرْفِكِ/ يُمَوِّجُنِي بِسَطْعِ نَقائِكِ): وهنا تتكئُ الشّاعرةُ على فِعلِ المُضارع الّذي يُوحي باستمرار الأسى والحزن والفواجع، مادامَ هناكَ عبوديّةٌ وتسلُّطٌ واحتلالٌ تعسُّفيّ. الأفعالُ المُضارعةُ كـ: (تَنْقُضُني/ تَنْفُضُني/ تُؤَرِّقُني/ تُورِقُني)، هذهِ الأفعالُ جميعُها تبتدئُ بالصّامتِ صوت "التاء"، وتنتهي كلُّها بصوتِ الصّائت الكسرة الطويلة، وهذا يدلُّ على التّوتّرِ الشّديدِ الّذي يَسري في روح الشّاعرة جرّاءَ هوْلِ ما يَحصل، وتِكرارُ الحرفِ يُولِّدُ إيقاعًا عذبًا في السّطرِ الشِّعريّ، فجاء الفِعلُ الأوّلُ والثّاني والرّابع على نفس الوزن. 
ويذهبُ مدحت الجيّار إلى: "أنّ الموسيقى نظامٌ أو قانونٌ، يَربطُ القانونَ الصّرفيّ والقانونَ الصّوتيَّ في نسَقٍ عامٍّ وقانونٍ أعمَّ، على مُستوى الجملةِ أو البيتِ أو المَقطع. ذلك أنّ القانونَ الصّوتيَّ يَخصُّ طاقاتِ الحرفِ الصّوتيّةَ، وقدرتِهِ على التّنغيمِ، كالجَهر والهمْسِ والشّدّةِ والرّخاوةِ والتّفخيمِ والتّرقيقِ وغيرها، وعلاقةَ الحرفِ بما سبقَهُ ولحقَهُ، ومدى تناغُمِ هذهِ الحُروفِ فيما بينها حتّى تُشكِّلَ الكلمة. ويأتي القانونُ الصّرفيُّ ليأخذَ الكلمةَ وبُنيتَها، وتَحوُّلاتِها الصّوتيّةَ، وعلاقةَ الكلماتِ معَ غيرِها مِنَ النّاحيةِ الصّوتيّة. ثمَّ يأتي القانونُ الموسيقيُّ ليُفجِّرَ هذهِ الإمكاناتِ الصّوتيّةَ والصّرفيّةَ في إطارٍ عامّ، أي مستوى السّياق، بَعدَ أنِ اهتمَّ الأوّلُ بالحرْفِ، والثّاني بالكلمة، واهتمّ القانونُ الموسيقيُّ بالسّياق"(10). 
إنّ مقطوعةَ شاعرتِنا آمال عوّاد رضوان كما في غالبيّةِ أشعارِها، تعتمدُ أفكارُها على نزعةٍ تصويريّةٍ، فيها كثيرٌ مِن الإحساسِ، تجري صياغتُها بلغةٍ شعريّةٍ، تتشكّلُ بدايةً مِن مجموعةٍ مِنَ الصّورةِ الجزئيّة الّتي تتكاملُ معًا، لتُشكّلَ بَعدَها صورةً كلّيّة. وتقولُ: أَيا أُقْحُوانَةَ الثَّغْرِ اثْغَرِّي/ أَسْقِطي أَسْنانَكِ الرَّواضِعَ/ قَلِّدِيني بِفَوْحِ مِسْكِكِ وَسامَةً/ شُدِّيني وَمْضَ نَقاءٍ إِلى عَيْنِ رَبيعِكِ/ وَفي تَهاويمِ مَجْدِكِ أَنْبتيني أَيْدي طُفُولَةٍ تُمْسِكُ بِالشَّمْسِ/ لِتَسْتَوِيَ عَدْلًا عَلى جُزُرِ النُّورِ: ففي السّطورِ السّابقةِ نرى أنّ البحرَ والجُزرَ والماءَ والسّماءَ والفضاءَ والشّمسَ والنّورَ رموزًا للحياةِ، وأنّ الطّفولةَ والأمومةَ هي مَباعثُ الحياةِ والدّيمومة. والرّمزُ مِنَ التّقنيّاتِ الّتي يَكثُرُ استخدامُها في الشِّعرِ المُعاصِر، وهو وسيلةٌ يَعتمدُها الشّاعرُ للإيحاء، بدلَ المُباشَرةِ والتّصريح، فيَنقلُ المُتلقّي مِنَ المستوى المُباشِرِ للقصيدة، إلى المعاني والدّلالاتِ الّتي تَكمُنُ وراءَ الكلماتِ، كما يقومُ باستكمالِ ما تَعجَزُ الكلماتُ عن تِبيانِهِ وتوضيحِهِ، فهو أبلغُ مِن التّصريح، "ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔُ ﺒﻴﻥَ ﺍﻟﺸِّﻌﺭِ ﻭﺒﻴﻥَ ﺍﻟﺭّﻤﺯِ ﻗﺩﻴﻤﺔٌ، ﻭﺘﺩلُّ ﻋﻠﻰ ﺒﺼﻴﺭﺓٍ كاﻓﻴﺔٍ ﺒﻁﺒﻴﻌـِﺔ ﺍﻟﺸِّﻌﺭِ ﻭﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺭِ ﺍﻟﺸّﻌﺭﻱّ(11).
(أَيَا أُقْحُوانَةَ الثَّغْرِ اثْغَرِّي/ أَسْقِطي أَسْنانَكِ الرَّواضِعَ): وتنتقلُ شاعرتُنا إلى الأسلوبِ الإنشائيّ، والنّداءُ هنا يُفيدُ تحبُّبَ الشّاعرةِ وتَقرُّبَها مِن محبوبتِها فلسطين، والمُنادى هنا أقحوانةُ الثّغر ترمزُ إلى فلسطين وجَمالِها. والأمرُ في كلٍّ مِنَ الفِعليْنِ: "اثْغَرّي" و"أسقِطي" يُفيدُ كلّ منهما الالتماس، والمُتلقّي عندما يقرأ هذا السّطرَ الشّعريّ، يُدركُ أنّ المخزونَ الّلغويَّ لدى شاعرتِنا واسعٌ وكبيرٌ، فلقد وظّفتْ كلمَتَي "الثّغر" والفعل "اثْغَرّي"، وأتبَعَتْهُما بجملةِ "أَسْقِطي أَسْنانَكِ الرَّواضِعَ"، بحنكةٍ ودرايةٍ ووعيٍ لمكانِ كلِّ لفظةٍ وعبارة. وعندما نتصفّحُ مُعجمَ لسان العرب باب "ثغر"، سنجدُ الكثيرَ، وسأكتفي بنقلِ النّزرِ القليل فقط، لنُدلّلَ على أنّ شاعرتَنا واسعةَ الاطّلاع: "عن ابن الأعرابيّ: وأنشد لجرير: متى ألق مثغورًا على سوء ثغره/ أضع فوق ما أبقى الرياحي مبردا. 
وقيلَ: ثغر وأثغرَ دقّ فمه. وثغر الغلامُ ثغرا: سقطت أسنانُهُ الرّواضعُ، فهو مثغور. وأثغر واتْغَرّ وادْغرّ، على البدل: نبتتْ أسنانُهُ، والأصل في اتْغرّ اثتغرَ، قُلبتِ التّاء ثاء ثمّ أُدغِمت، وإن شئتَ قلت: اتْغرّ بجعْلِ الحرف الأصلي هو الظاهر.. ومنهم مَن يَقلبُ تاء الافتعال ثاءً، ويدغم فيها الثاء الأصليّة، ومنهم مَن يَقلبُ الثّاء الأصليّة تاء، ويدغمُها في تاء الافتعال، وخصّ بعضُهم بالاثغار والاتغار البهيمة: أنشدَ ثعلب في صفة فرس: قارح قد فر عنه جانب/ ورباع جانب لم يتغر(12). 
 لقد أدركَتْ نازك" "أنّ تطوُّرَ الّلغةِ وحياتَها إنَّما يَنبُعُ مِن حياةِ الشّاعرِ وتجربتِهِ، وليسَ مِن الكلماتِ ذاتِها. فالشّاعرُ قادرٌ مِن خلالِ إحساسِهِ الجديدِ بالمُفردات، وتجربتِهِ في الحياة، أن يُعطِيَ لها دلالاتٍ شِعريّةً، مِن خلالِ توظيفِها في سِياقٍ جديد. فالشّعرُ ليسَ صناعةً، بل تجربةً، والشّاعرُ يَستطيعُ أن يُقدِّمَ للّغةِ ما يَعجزُ النّحاةُ عنه. إنّه قادرٌ على إحياءِ الألفاظ، بفضلِ حِسِّهِ المُرهَفِ واطّلاعِهِ على الأدب القديمِ والحديث، العربيِّ والأجنبيّ. فهو يَستطيعُ أن يُضيفَ لونًا إلى كلمةٍ، ويَصنعُ تعبيرًا جديدًا، وإنْ خرَقَ قاعدةً استطاعَ أنْ يَخلقَ البديل، ليُصبحَ ما أبدعَهُ قاعدةً جديدة(13). 
ونعودُ لسطرِ الشّاعرة: (أَيا أُقْحُوانَةَ الثَّغْرِ اثْغَرِّي/ أَسْقِطي أَسْنانَكِ الرَّواضِعَ): فالجُملةُ الثّانيةُ في هذا السّطرِ جاءتْ تأكيدًا للجُملةِ الأولى، والجُملتانِ بمعنى واحد، وهُما كنايةً عن أنْ تخلعَ حبيبةُ الشّاعرةِ ثوْبَ ماضي تجربتِها معَ الاحتلال، وما وَلّدَهُ في نفسِها مِن أسى وحزنٍ وإحباط، وأن تتسلّحَ بسلاحِ العزيمةِ والمضاءِ والوعيِ والبلوغ، وقد استخدَمَتِ التّرادفِ بينَ كلٍّ مِن "اثْغَرّي" وَ "أسْقِطي" وبنفسِ الوزن، والجُملتانِ فيهِما المُوازنة، كلُّ هذا، لتوليدِ الإيقاع الموسيقيِّ والبناءِ الفنّيّ الشّعريّ. 
لقد أجادتْ شاعرتُنا توظيفَ أدواتِ الرّبط "وجودًا أو عدمًا"، وهذه التّقنيّةُ الأسلوبيّةُ ظهَرتْ بشكلٍ جلِيٍّ في الشّعرِ العربيّ الحديث، حتّى باتتْ تُشكِّلُ أسلوبًا فنّيًّا، يُمكنُ أن يُفيدَ منهُ النّصّ، ويُحقّقَ لهُ مستوًى جَماليًّا فريدًا. وقديمًا، صُنِّفَ هذا النّوعُ مِنَ الأسلوبِ تحتَ مُسمّى (الوصْل والفصْل)؛ بمعنى أنّ الوصْلَ هو عطفُ جملةٍ على أخرى. وعكسُهُ الفصل، وهذا مألوفٌ ومُتّبَعٌ في الجُملةِ النّثريّةِ الإيصاليّة. أمّا على مستوى الشّعر فيُصبحُ الأمرُ مُختلِفًا، إذ يكتفي الشّاعرُ بربْطِ جزئيّاتِ السّطرِ، معَ احتماليّةِ ترْكِ العطفِ، بفِعلِ أنّهُ أبلغُ مِن ذِكرِهِ. وشاعرتُنا تركَتِ الوصْلُ بينَ الجُملتيْنِ وهذا أبلغُ، وهو شكلٌ مِن أشكالِ الانزياح.
(قَلِّديني بِفَوْحِ مِسْكِكِ وَسامَةً): والأمْرُ هنا يُفيدُ الالتماسَ، والسّطرُ كنايةً عن عبَقِ فلسطين وشذاها وجَمالِها. (شُدِّيني وَمْضَ نَقاءٍ إِلى عَيْنِ رَبيعِكِ): كنايةً عن جَمالِ فلسطين، كُنهِها ومَظهَرِها، وفعلُ الأمرِ "شُدّيني" يُفيدُ الالتماسَ، فللنّقاءِ وميضٌ كما الشّعاع، وللرّبيعِ عيونٌ كما الإنسان، فالاستعاراتُ هنا حقّقتْ غرضَيْنِ مِن أغراضِ الاستعارة هما: الإيجازُ والبيانُ، كما تضافرَتْ معًا في رسْمِ جَمالِ الحبيبةِ، وإبرازِها في صورةٍ تأسُرُ القلوبَ بعذوبتِها وجَمالِها، صورةِ مخلوقٍ جميلٍ، نقيِّ السّيرة، باسِمِ الوجْهِ جذّابًا، فالاستعارةُ هي الّتي لوّنتِ المعانيَ الحقيقيّةَ هذا التّلوين، وهي الّتي بثّتْ في ثناياها كلَّ هذا القدْرِ مِنَ التّأثير. 
(وَفي تَهاويمِ مَجْدِكِ/ أَنْبتينِي أَيادي طُفُولَةٍ تُمْسِكُ بِالشَّمْسِ): وهنا قدّمَتِ الشّاعرةُ شِبهَ الجُملةِ "وَفي تَهاويمِ مَجْدِكِ"، وحقُّها التّأخير، وأخّرَتِ الجُملةَ الفِعليّةَ "أَنْبتيني أَيْدي طُفُولَةٍ"، وحقُّها التّأخير، وسببُ التّقديمِ لأهمّيّةِ المُتقدّم، وللقيمةِ الجَماليّةِ، والسّطرُ كنايةً عن التّغنّي بالعِزّةِ والمَجدِ والتّطلُّعِ للحرّيّةِ والانعتاق، والشّمسُ رمزٌ للحُرّيّة، والطّفولةُ رمزٌ للبراءة. (لِتَسْتَوِيَ عَدْلًا عَلى جُزُرِ النُّورِ!): كنايةً عن التّحرُّرِ والانعتاقِ، فللنُّورِ جُزُرٌ، ومَطلَبُ الحُرّيّةِ والانعتاقِ عدلٌ. وبالنّظرِ إلى الشّكلِ والمضمونِ في قصيدةِ شاعرتِنا، يتبيّنُ لنا أنّ الشّكلَ لا يَظهرُ إلّا مِن خلالِ المَضمون، والمضمونُ لا نَفهمُهُ إلّا مِن خلالِ الشّكل، فهُما مُتّحِدانِ مُندَغِمان. 
و(يَتّفقُ يوسف الخال مع غيرِهِ مِنَ الرّوّاد على أنّ الشّكلَ تابِعٌ للمضمون وناجِمٌ عنه، فالشّعرُ الحديثُ ليسَ مُجرّدَ شكلٍ، بل مضمونًا جديدًا أيضًا، نابعًا مِن تجربةِ الشّاعر وفرادةِ شخصيّتِهِ، مِن خِلالِ رُؤيتِهِ للعالم، والشّكلُ هنا ليسَ مُنفصِلًا عن المضمون، بل هُما يَنمُوانِ في القصيدة معًا عندَ يوسف الخال، فهو يَقولُ: "ينمو مَبنى القصيدةِ الخارجيّ والمَعنى الدّاخليّ واحدًا، بمعنى؛ ولادتهما في عمليّة الخلق معًا"(14). 
وصفوةُ القوْلِ أنّ غرَضَ المقطوعةِ يَندرجُ في الشّعرِ الوطنيّ، وهو مِنَ الأغراض الشّعريّةِ الحديثة الّتي نتجَتْ عن تعرُّضِ بعض البلدان العربيّةِ للاستعمار الأوروبيّ، واستطاعتْ شاعرتُنا بنَصِّها أن ترتفعَ إلى مستوى الأحداث، وتُواكبَ نكبةَ فلسطين وما تَلاها مِن جِسام، وأخذَتْ تدعو للتّحرُّرِ والانعتاقِ مِن ربقةِ الذّلِّ والعبوديّة، ونصُّها يقومُ على تجربةٍ مزدَوجةٍ، وهذا النّصُّ يُصَوِّرُ مدى حبِّ شاعرتِنا لوطنِها، وتعلُّقِها بهِ تعلُّقًا يتجاوزُ الارتباطَ المَكانيِّ إلى التّرابطِ الزّمانيّ، فالوطنُ مُقدّسٌ، يبلغُ مرتبةَ القُدسِيّة، وهذا النّصُّ يُعتبَرُ سِجِلًّا تاريخيًّا، يُصوِّرُ بعضَ الأحداثِ المُهمّةِ والوقائع، وجديرٌ بالحياة.  

الهوامش: 
1. فستان زفافك اعشوشب كفنا، ديوان رحلة إلى عنوان مفقود، آمال عوّاد رضوان ص 32 – 36 ، دارِ الوسط اليوم للإعلامِ والنّشرِ، رام الله. 
2.   وعـــي الحــداثــة (دراسات جمالية في الحداثة الشعرية)، د. ســعد الـدين كـليب  ص 2، دراسة- من منشورات اتحاد الكتاب العرب- 1997
3. مجلة الآداب ع 8 ـ آب 1965 ( ص 15 ) 
4. زمن الشعر: أدونيس ( ص 278 )  دار العودة، بيروت، ط2، 1978 
5. الصورة الشاعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، الولي بن محمد، المركز الثقافي العربي، ط1، 1990، بيروت. 
6. لسان العرب، ابن منظور ص675 /ج1، دار الحديث، القاهرة، 2002  
7. الشعر رفيقي، أحمد عبد المعطي حجازي، ص 97، دار المريخ، الرياض 1988    
8. الشعر العربي المعاصر- قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية، عز الدين إسماعيل، ص 174، دار الثقافة، بيروت، ط 1
9. أسرار البلاغة، عبد القاهر الجرجاني، تحقيق محمود شاكر أبو فهر، ص 32 - 33 مكتبة الخانجي 1991، القاهرة.
10. موسيقى الشعر العربي قضايا ومشكلات، مدحت الجيار، ص 24، دار المعارف، مصر ط1  1995 
11. ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ: ﻗﻀﺎﻴﺎﻩ ﻭﻅﻭﺍﻫﺭﻩ، ﻋﺯ ﺍﻟﻴﻥ ﺍﺴﻤﺎﻋﻴل، ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﻭﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ، ﺒﻴﺭﻭﺕ، 195ﺹ، 1972. 
12. لسان العرب، ابن منظور ص677 /ج1، دار الحديث، القاهرة 
مفهوم الشعر عند رواد الشعر الحر، د. فالح علاق ص 211، 2002، اتحاد كتاب العرب. 
مفهوم الشعر عند رواد الشعر العربي الحر، د. فالح علاق ص192، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق 2005

من كتابي النقدي: من أعماق القول- قراءاتٌ تحليليّةٌ في شعر آمال عوّاد رضوان- الناقد: عبد المجيد عامر اطميزة-منشورات مواقف 2013- دار النهضة للطباعة والنشر في الناصرة