بيت النتَّاش/ محمد رفعت الدومي

رغبة الهروب إلي الركن تتفاقم ، أصوات داخلية مرتعشة تنمو بصوت مسموع علي أسوار العزلة تشكل جملاً أشبه بالجزر المنعزلة ، مثلها لا يمكن أن تصدر إلا عن نفس ممزقة ، هي الأخري أشبه بالجزر المنعزلة.. 

هل نجحوا في ترميم جدار الخوف القديم؟ 

هل دخل المصريون مرة أخري إلي حظيرة العسكر؟

الإجابة عن هذا السؤال "تونس" ، دائماً الإجابة هي " تونس" ، ولا يفوتني هنا أن أرسل أحر التهاني للإخوة هناك بنذر الديمقراطية التي تتهيأ ، لقد نجوا أو كادوا ، مع هذا ، أسأل كل  القوي الايجابية في الطبيعة أن تجعل بين "تونس" وبين دولارات النفطيين سداً من النار..

من جهة أخري ، وبنفس القدر ، ربما كانت الإجابة عن هذا السؤال "العراق" ، وتبقي للطرف الآخر الدخيل ، ربما لعام قادم أو أقل ، فقط ، رفاهية الخيار..

يجب أن أقول هنا أن هذا الطرف الآخر ، إذا أراد أن ينجو من الشرخ الذي يسعي إليه بعصبية شديدة ، لابد له من إرادة قوية للإبحار في العمق الحقيقي للمشهد الغير معقد علي الإطلاق ، والاستعانة بالتاريخ كمؤثر ذهني مبهر لإضاءة كل زواياه المعتمة ، و لسوف يكتشف ببساطة الماء أنه يسير بخطوات متهورة في طريق خاطئ ليس به موطأ لجسر واحد للعبور إلي الماضي دون خسائر باهظة ، ونهاية فاحشة مضرجة بالدم علي نحو أكيد ..

فالثورة حتماً سوف تنتصر ، شاء من شاء وأبي من أبي ، أقصد ثورة "25 يناير" طبعاً ، ذلك أن الثورة قبل كل شئ فكرة ، والفكرة فينيق ، مرشحة للانبعاث من تحت الرماد في أي وقت ، وكل وقت ، ما دام ثمة - ولو شخص واحد - يؤمن بها كفكرة بيضاء ، الأمثلة علي ذلك لا تعد ولا تحصي ، مثلاً: 

"الحركة الحوثية" في "اليمن" بدأت في "صعدة" منذ عقدين وبعض العقد برجل واحد ، وهو "حسين الحوثي" ، أو رجلين علي وجه الدقة ، وها هي الآن ترج الرعب في قامة "اليمن" كلها وأبعد من "اليمن " بآلاف الأميال، صحيح أن الدوران في الفشل سيكون مصير الحوثيين في النهاية ، لكن ، صحيح أيضاً أن جمرتهم لن تتحول إلي رماد قبل أن تغير الكثير من شخصية "اليمن" كدولة أولاً ، وبطبيعة الحال ، كمجتمع قبل كل شئ..

ومثلاً..

جماعة "الإخوان المسلمين" الآن تعود بالأساس إلي فكرة نبتت في ذهن متوقد تصور أن أستاذية العالم ممكنة ، ذاك "حسن البنا" ، وها هي الفكرة الآن حية تمد جذورها في معظم دول العالم ، بل وصلت إلي سدة الحكم في "مصر" فعلاً..

كما أن السيد "باراك أوباما" ، أهم شخصية الآن تسعي فوق هذا الكوكب البائس ، هو ذروة النقطة لحلم أبيض داعب ذات يوم ذهن رجل أسود اللون يسمي "مارتن لوثر كينج" ، استوعب القانون العميق للحياة ، فأطلق ذات يوم صيحته الشهيرة في غير موسمها:

- لديَّ حلم..

فلم يلهم السود إمكانية ميلاد عالم جديد فحسب ، وإنما ألهمهم الحاجة إلي ميلاد ذلك العالم..

والآن..

ليس من السهل على الذين لم يمروا بهذا الاختبار أن يدركوا تماماً ماذا يعني ألا يذوق المرءُ من جراء الذعر طعمَ النوم بمعناه المتعارف عليه ، بل هو نوم ملاحق ومشوبٌ بأفكار سوداء من كل جانب! 

ليس من السهل أن يدركوا ماذا يعني ألا يعيش الإنسان حتي في ظلال أبسط قيم الحرية ، إنما الديكتاتورية بكل تجلياتها وصورها ، حيث الخوف هو الرياضة الوطنية ، وحيث لا صوت يعلو فوق صوت الدولة البوليسية بكامل أدواتها ، وبكامل عنفوان لهجاتها المتشفية..

ذلك الشعور بالبهجة في إذلال العاجزين لا يجب الاستهانة به!

وككل ليالي "مصر" ، ليلة أخري مزدحمة بالأحداث العصبية.. 

في مثل هذه الليالي الدامية تصل الأرواح البيضاء ذروة هشاشتها ، تتوالي الأحداث طازجة وحية، أصداء متضاربة وملتبسة حول حادث "33" جندياً مصرياً من أبناء البسطاء سافروا في مساحات الغياب جراء تفجير كمين "الخروبة" بـ "شمال سيناء"، "33" هدفاً حراماً تم العصف بأرواحهم نخباً لمعركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل..

يحاصرني الآن هاجس قذر بأن أخي قد يكون من بين الضحايا المؤجلين ، أوشك علي الاختناق ، فألوذ بـ "الريموت كنترول" لتحريك الأفق الخانق ، يصافح أذنيَّ علي الفور صوتُ الفنان "جمال سليمان" ينبعث من برومو مسلسل " سيدنا السيد " حاداً ومؤلماً:

- بلد ايه يا افندي ؟.. أنا هنا البلد ذاتها..

نعم ، الكل في واحد ، "90" مليون رقبة في رقبة ، ليس من الغريب إذاً أن يرد هذا المعني ، " الكل في واحد" ، في نشيد الموتي عند قدماء المصريين ..

يتنحي صوت "جمال سليمان " خلف صوت الفنان "جمال عبد الناصر" يتردد دون خجل من برومو مسلسل "الصفعة":

- اسرائيل بتصدر الوهم عن أرض الوعد!

لا تعليق ، فإن في الصمت السلامة أحياناً..

والآن ، قليل من السلام النفسي يستحوذ مع أصوات كورس تتردد من خلفية مسلسل "الخواجة عبد القادر" بأبيات "الحلاج":

-  ما لي وللناس كم يلحونني سفهاً / ديني لنفسي .. ودين الناس للناس ..

فضائية أخري وإعلان لوزارة الصحة:

- طعَّموا أطفالكم مع كل حملة لنحافظ علي بلدنا خالية من شلل الأطفال!

تعصف بي رغبة لست أدري هل هي رغبة في الضحك أم في البكاء ، وأتسائل بصوت مسموع ، ما فائدة أن تكون "مصر" خالية من شلل الأطفال ما دام أفقها ، بشتي صوره ، مشلولاً؟ 

بمعني آخر ، ما فائدة الأرجل السليمة في بلادنا؟ ، هل فقط ليكون المصريون لائقين لخدمة الجيش؟

قناة مهجورة أخري ، وأحد الغربان الذين أتي بهم الغزاة المحليون ليتسلقوا حنجرة الإعلام ويزيفوا وعي المصريين يصرخ من كل أعماقه ، بلهجة تحريضية ، وبحقد حقيقي:

- عاوز أشوف دم للركب!

المشكلة الحقيقية أن هذا الفأر الفضائي كريه الرائحة لا يغرد خارج السرب ، إنما هو يتبرز كلماته هذه من خلال موجة من السفاهة والجنون ، هي الأعنف علي الإطلاق ، تضرب "مصر" من رأسها حتي قدميها ، وبلا هوادة.. 

تنتابني رغبة في القئ ، تزداد حدة عندما أقرأ عن غير عمد علي شريط القناة التالية هذا الإعلان:

- الدكتور "يوسف فتوني" ، أعظم الفلكيين في العالم ، معالج روحاني ، يساعدك علي فك السحر ، وجلب الحبيب ، وفك المربوط ، والقرين ، وأم الصبئان.....

هل نحن نعيش حقاً في دولة؟

ومتي يحق لنا أن نطلق تسمية دولة على هذه الدولة وليس على تلك؟ 

نحن نستطيع بسهولة أن نقول عن دولة لا تحترم الحريات بالقدر الكافي بأنها دولة مستبدة ، لكن لا نستطيع أن نقول عن دولة تؤمن بأن أبسط ألوان الحرية ترفٌ لا يستحقه مواطنوها ، وهي لا تحرك ساكناً في نفس الوقت ، لوقوعهم أهدافاً مشروعة للدجالين إنها دولة مستبدة ، بل نقول إنها ليست دولة علي الإطلاق ، إنما تجمع بشري علي حافة الصدفة الجغرافية ، لا أكثر ولا أقل..

فضاء آخر مسكون بفيلم "بيت النتاش"، بطولة "شرفنطح " و "زينات صدقي" و "شادية" و "اسماعيل ياسين" و "عبد السلام النابلسي" و "عبد الفتاح القصري"، أدهشني أن أكتشف علي الفور أن ذاكرة صباي لم تزل تحتفظ بالخطوط العريضة لهذا الفيلم الجميل الذي الآن لا يثيرني..

وسأكتشف بعد قليل أن الفيلم من انتاج عام "1952"، ما أغرب هذه المفارقة ، إنه إرهاص مبكر والتقاط لوحي شديد الدقة بالمأساة التي الآن ، وانطلاقاً من ذلك العام الأسود ، تعيشها "مصر"..

المعلم "غندور" يخدع "نفوسة العراقية"، ويزوِّر عقد شراء قطعة أرض لصالحه ، ثم ، بدافع خوفه من أن يفتضح الأمر ويسقط تحت طائلة القانون - أيام كان القانون لا يرتفع عن الأرض غابات من الأميال - يصارحها برغبته في الزواج منها ، لكنها تشترط ألا يحدث هذا قبل زواج ابنتها "ملبسة".. 

وفي محاولة ماكرة للقفز فوق هذا الشرط ، يقترح "غندور" أن يزوج "ملبسة" من ابنه "ميمي"، أو "عبد السلام النابلسي"، صحيح أنه حل مقنع ، لكن ، صحيح أيضاً أن الحياة ليست بسيطة إلي هذا الحد ، فلولا تقاطعاتها الحادة لما كان لها جمال ولا قيمة ، إنها الصراع ، الاشتباك ، ذلك المخاض العسير لوجه القادم من رحم الاختلاف ، وهذا فقط ما أحبط كل مخططات المعلم "غندور"!

لقد كانت "ملبسة" متيمة بحب ابن خالتها "سكر" ، تاجر اللب العائد من "السودان"، إنه "اسماعيل ياسين" طبعاً ، الشئ الوحيد الذي اتفق علي حبه كل نزلاء الفندق الممتد من المحيط إلي الخليج الفارسي!

وككل نهاية سعيدة ، سوف يردد الكورس في نهاية الفيلم:

بيت النتاش عمره ميعلاش ...

وكلامه كلام واحد غشاش ...

عمر الغالي ما كان ببلاش ...

وسوف لا نجد ، مهما أطلنا التنقيب عن غالٍ ما هو أغلي من الدم..

لذلك ، يحق لي أن أؤكد:

- عمر الدم ما كان ببلاش!

اسألوا التاريخ عن تعريف الدم المراق خارج القانون ، سوف يجيبكم بأنه نسغ الحياة لكل الثورات عبر العصور الإنسانية ، فاطمئنوا ، إنكم علي الدرب المؤدي لاكتشاف الحرية أرض "مصر" ، مع ذلك ، ولسوف أستعير هنا سؤال تردد علي لسان "ريتشارد قلب الأسد" في فيلم "الناصر صلاح الدين":

- لكن ، بكم من الضحايا؟

بكم من الضحايا ، هذا هو السؤال المتطلب..

حين يحلم عمر بالحصاد/ جواد بولس

كانت زيارتي هذه المرّة، إلى سجن "مجدو" قاسية ومزعجة. فلوهلة أخافتني فكرة أنني لم أعد ذاك الشاب الذي شاكس ظلّه إن أبدى هو علامات تعب، فكنت أنهره كي يبقى "يقظًا مثل حمار الوحش"، وخفيفًا كالسهم؛ فها هي العقود تمضي وأنا على عصاي ماض، من سجن إلى سجن، ومن مقارعة إلى مقارعة، لم أعرف فيها اليأس، تمامًا مثل ناي، كلّما صُبّ فيه وجع، يصير أعند وأعذب.
أبعدت عن ذهني ذاك الهاجس، فكيف يشيخ من يعيش على يقين بأن العمر ماض، ولن يبقى منه إلا قصص صغيرة "عم بتشردها الريح"، ويذرف في كل صباح دمعة ويصلي، من أجل من حرموا ويدعو: فلتعش يا حب! وإلى الجحيم أيّها الظالم الباغي!
أنتظر أطول من العادة، وأحث السجّان أن يستدعي من سيرافقني إلى الداخل. في البداية كنت هادئًا، وتحدثت معهم باحترام، إلى أن شعرت، بعد نصف ساعة من الانتظار، ببعض من الاهمال المتعمد أو الطائش، عندها استيقظ في داخلي ذاك المحارب، وفتحت نيران حنجرتي في وجه من كانوا في المقصورة وتلوت عليهم بعضًا من تراتيل العزة والصلابة، فأنا، هكذا صرخت، لست في بيوتكم: "ولا أجيئكم راغبًا، بل في كل مرّة، يغمرني قرف ويأكلني غضب، لكنني أجيء حرًّا لأزور أحرارًا، ولأعود من عندهم محمّلًا وجعًا وأحلامًا وقوة.
سمعت همهمةً، فزجاج المقصورة لا يتيح لي أن أرى ما يجري في الداخل بسهولة، بعد لحظات فتحوا لي الباب، خرج سجان وحاول أن يهدئني، معتذرًا ويشرح لي أسباب تأخرهم.
كانت مرافقتي سمراء حاولت، بكثير من المساحيق والدهون، أن تبيّض وجهها، فخسرت ملاحة السمر ولم تربح بياضًا زلالا. بدت ضعيفة، وكأنها كانت في إضراب طويل عن الطعام. انتعلت (بوطًا) عسكريًا ثقيلًا، فخفت، في كل خطوة خطتها، أن تقع على وجهها، أو إلى الخلف. أصابع يديها كانت طويلة بما لا يتناسب وتقاطيع جسمها، فتبيّنعندما مشيت بجانبها، أنها ألصقت بأظافرها قطعًا اصطناعية وطلتها بلون الخردل، مستجملةً، كما تفعل بعض النسوة.
أغاظتني حين أجابتني أنها في العشرين من عمرها، ولم أعرف إذا ازداد احترامها لي حين عرفت أنني أزور ذاك السجن منذ العام ١٩٨٨، أما أنا فلقد انتابني شعور حزين وطرف يأس مخادع، فالاحتلال الاسرائيلي رغم مرور السنين، ما زال يحافظ على شبابه، بينما تشيخ ضحاياه وتهرم.
"الظلم يفجّر دماغي، يملأني غضبًا وأخشى أن يصير هذا حقدًا بداخلي وعند أولادي". يفاجئني "عمر" بحزم وغضب، لم ألمحهما عنده من قبل، على الرغم من أنني أعرفه وأدافع عنه منذ سنوات طويلة. 
أحضره سجان بدا بعمر حفيده، فأبو عاصف، بلغ عامه الثاني والستين ويقوم على عائلة من أربعة أولاد وبنتين وله عشرة أحفاد.
 جلس قبالتي، وضع كفّه على الزجاج الكثيف الفاصل بيننا، فوضعت كفي على كفه تحيّةً وشوقًا. كان شعره على قلته أشعثَ، يدلُّ على نار في صدره، وحمرة قانية تملّكت كل وجهه العريض، حاول أن يبتسم، فانفرجت شفتاه على جرح وبقايا فرح حبيس، لبس قميص السجن البني وبنطالًا بنفس اللون. مع أول جملة وصلتني منه في سماعة الهاتف، عرفت  أن عمر البرغوثي الذي أمامي غير الذي عرفته من قبل.
كان هادرًا كسيل، وحزينًا كحصان أصيل.
 -"هل تعرف ما يذبحني يا أستاذ"؟ قال بصوت صاف كدمعة، "لقد قرّرت، بعد الافراج الأخير عني، أن أعود إلى أرضي، فحرثتها ورعيتها وزرعتها، بكل ما تتصوّر، لم أنتظر موسم الحصاد، فحصدتها وكنت على ميعاد لدراسة الحصيد. في فجر ذلك اليوم جاؤوا واعتقلوني، لأربعة شهور إداريًا وقاموا بالأمس بتمديدها لاربعة جديدة".  توقف قليلًا، نظرت إلى وجهه العاصف فخفت أن أبكي، سألته هل سمع رسائل "ام عاصف" مذاعة على أثير محطتين، غلبه الشوق، تبسّم، وقال، بشبه وشوشة: سمعتها مرّة واحدة، وحرّك يده التي كانت ضخمة كيد فلاح، قلبها نصف قلبة، وهزّها بعذوبة تشبه الأمنية أو إشارة شوق لمن يحب. 
حاولت أن أخفف من غضبه، فهو مصمم على عدم حضور جلسات قضيّته، إذا كانت ستعقد في محكمة "عوفر" العسكرية، لأن السفر اليها هو رحلة عذاب لا تحتمل. سيّارة "البوسطة" غير ملائمة لإيواء آدميين، مقاعدها من حديد، والأسرى يربطون لساعات تصل أحيانًا لأربع وعشرين ساعة، لا يسمح لهم بالحركة ولا حتى للنزول إلى الحمام. زنازين سجن الرملة، فيها يتركون ليومين أو أكثر، هي أقرب للقبور من غرف سجن. ولذلك، مهما كلفه الأمر، لن يوافق على نقله بهذه الطريقة ومثله سيفعل ثلاثون أسيرًا إداريًا من سجن مجدو.
في الساحة، وأنا في طريقي إلى خارج السجن، تسألني تلك الصبيّة عن "جرم عمر"، فأقول لها: إنّه يحب تراب بلاده وأرضه، ويحب كذلك عائلته وشعبه. أنظر إليها وأخشى أن لا تفهم علي، فقد لاحظت زرقة علت وجهها، أظن، لولا خليط المساحيق تحتها لكانت حمرة واضحة، ولكنني أضفت: إنه يخشى أن يتحول غضبه عليكم حقدًا لأنه يصر أن يبقى إنسانًا، ويتمنى أن ينام ويفتح عينيه ولا يرى سجونكم ولا جنود احتلالكمالذي سجنه بما مجموعه أكثر من خمسة وعشرين عامًا،  قضى العشرة الأخيرة منها بدون تهمة أو محاكمة، بل معتقلاً إداريًا. 
لا أعرف إن تأثرت بما قلت، فقد كانت تداعب شعرها وملامحها لم تشِ بأي موقف إلى أن صدمتني ونحن عند الباب الخارجي، حين قالت: "أنت بالطبع سعيد لأنك محام، أنا أحسدك على مهنتك وأتمنى أن أصير محامية". 
كنت أفكر في تلك اللحظة بصدر عمر العاري حين فك أزرار قميصه ليريني أنهم بلا أغطية شتوية، وبلا ملابس داخلية، وبلا زيارات للأهل، وبلا طعام مناسب، فبلعت ريقي وصرخت:
 "ماذا لقيتُ من الدنيا وأعجبه/ أني بما أنا شاكٍ منه محسود"
 التفتّ كي أعرّفها بجدّي، أبي الطيب، وجد عمر، فوجدت الباب موصدًا، وهي كأنها لم تكن. 

المروءة في الإسلام/ محمد محمد علي جنيدي

إلى الذين يقتلون أبناءنا على الحدود وإلى الذين يقتلون أبناءنا في الشوارع والميادين، وإلى كل من لا يحمل من الإسلام سوى اسمه فقط، هل تعلمون بأنه حرامٌ عليكم قتل المشركين ( الذين بينكم وبينهم حالة حرب ) إذا أتوا جماعة منهم أو أحدهم إليكم مستجيرا ( أي يطلب مأمنه منكم )، بل - الأكثر من ذلك - أنتم مأمورون بإعطائه الإمان ومطالبون بأن يسمع منكم كلام الله وإقامة الحجة عليه، ويظل كذلك بينكم ( وهو على ملته ودينه ) إذا أراد ذلك حتى يعود إلى بلاده آمنا سالما وقد بلغ مأمنه - انظروا لعظمة هذا الدين - هذا على الرغم من أنه من بلادٍ في حالة حربٍ معكم، يقول الحق سبحانه: ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون ) صدق الله العظيم.
انظروا إلى أعمالنا، فوالله أننا لنأتي بالخلق النقيض من ذلك، فليس من إسلامنا أعمال تتسم بالخسة أو التعدي على أحدٍ خلسة.
هذه الآية الكريمة تعكس لنا مروءة المسلم مع أعدائه، فكيف بنا الآن نرى بعضا ممن يحملون أسماءً إسلامية ليس أكثر، ويستبيحون دماء بعضهم البعض خلسة ويأتون بسفورٍ وجبنٍ بخلاف تعاليمه العظيمة كما رأينا في صدر الآية الكريمة.
ألم يحن لهؤلاء المنتسبين باسمائهم فقط لهذا الدين العظيم أن يتوقفوا عن أعمالهم الوضيعة والخسيسة، أم يظل الإسلام منهم ومن أعدائه هو دائما الدين المفترى عليه.

m_mohamed_genedy@yahoo.com

مِيـــنا السَّـبَب/ مهندس عزمي إبراهيم


من أجل الحفاظ على قوانا العقلية وراحة البال رأيت أن أستصحب القراء - رحمة بي وبِهم - ولو للحظات، بعيداً عن صخب الأحداث المأساوية والدموية التي تحيط بنا. وعن أخبار الغزو والتدمير والترعيب والنار والغبار والنفاق والتهجير والتكفير والتطرف وسفك الدماء، بالقتل والسحل والرجم والتفخيخ والتفجير التي يكاد دَويّها ونتائجها تخرق أذاننا وتخنق أنفاسنا.  ناهيك عن استمرار ظلم المواطنين الأبرياء وتغافل المسئولين عن معاناتهم.
*******
مِيـــنا السَّـبَب
أهــل الصعيـــد مُـش عاجبـهم المَلِـــــك مِيــــــنا
قـالوا دا لخبَــط حيـاتـــنا وخَــلّا الأمــور طِيـــنه
كنــا ف أمــان اللــــه.. راح جــاب البَـــلا لِيــــنا
كان أهـــل بحــرى بعيــــد... لا بِيـــهم ولا بِيـــنا
عايشين في طنطـا ورشيــد وزفــتى... أو سِيــنا
وأحنا الصعايدة فى حالنـا.. جـا وَحِّــد القطـريـن
نزلـــت عـليـــنا النُكـَــت
حـاميــــة.. بتهـرِيــنا
***


لكـل هيئـــة اشتكــوا.. من الأوضــاع واحتجـُّــوا
من أهـل بحـرى، اللى عن حـدود الأدَب خَرَجـُـوا
دَرَسُــوا... واتخرجُــوا... واتوظفــوا... وحَجُّــوا
وبرضـه النُكَــت نازلــه تِهِـــزّ القلـــب وتـرُجــُّـه
ولا بتِهْـدا... سِوا اتخانقوا أو اتحايلوا أو اترجُّوا
ولولا الصعايدة في حياتهم زى السمك في البحر
ولولا الصعيـد بَحـرُهم
كانوا من زمـان هَـجُّـوا
***
قـاضي القضاة اللاونـدي كتـب لحضرة السلطان
اِللي بسلامتــه حَكَــم.. غيـــــابي.. على الغلطـان
قــام البوليــس ع البَحـــاروَة كالأســـد سَـعــران
قبـض عليهم، وجرجرهم لمحكمة... ف أســوان
ملايين بحـاروة في قفص ما يزيدش عن فنجان
هـبّ الصعايـدة بشهـامة... ع السجـن والسجـان
قالـوا البحـاروَة "مَصـاروَة"
والمصري في مصر لا يِتهان
***
أهـــل بحــري قالـوا الصعايـدة اخواتنــا نِفديـهم
إحنــا سَــوا "توأميــــن" مافيـش مَثيـــل لِيــهم
مصـر امّنــــــا... تلِمِّنــــا... تراعيــنا وتراعيـهم
والنيـــل أبـونــا... بخيــره.. يروينـــا ويرويــهم
ولـو نعـادي النــور والهَـوا... لا يمكـن نِعاديـهم
ولـو احنــا قـلنـا نُكَـــتْ... تبـقى النُكَـــتْ حَبَكـِـتْ
بنِضحـك معـاهم... مُـش عليهم
من حُـبِّــنا فيـهم
**********
ملحــــــوظة
كتبت هذه القصيدة منذ فترة، وأودعتها مع مخزون إنتاجي كعادتي فيما أكتب لحين أن أقرر إرسالها للنشر. ومما يجدر ذكره أن كل مرة أعاود قراءتها تنتابني موجة من الضحك، على جملة "والمصري في مصر لا يِتهان".
أعتب عليك يا قلمي، كم كنت حينئذٍ "على نِيـّـاتك"!!
مهندس عزمي إبراهيـم

الإتحاد الأوروبي وتحذيرات الإحتلال بالإستمرار بالإستيطان/ علي هويدي

خمسة خطوط حمراء حددها الإتحاد الأوروبي، حذر فيها دولة الإحتلال الإسرائيلي من الإستمرار في سياسة الإستيطان، واعتبرها أنها من الأنشطة التي تعيق إمكانية إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافياً ولا تساهم في تحقيق الهدف بأن تكون القدس عاصمة للدولتين؛ بناء ثلاث مستوطنات جديدة هي، مستوطنة "جفعات همتوس" على أراضي قرية بيت صفافا جنوب شرق القدس، وتنفيذ المشروع الإستيطاني (E1) الذي يربط مستوطنة "معاليه أدوميم" شرق القدس بالغرب من المدينة المقدسة، والإستمرار في البناء في مستوطنة "هارحوما" على أراضي جبل أبو غنيم جنوب القدس، أما الخط الأحمر الرابع فهو إجبار الإحتلال لـ 12 ألف فلسطيني على الإنتقال من العيش في القدس إلى مناطق أخرى في غور الأردن شرق الضفة الغربية، والخط الخامس فهو "تغيير في الوضع القائم في المسجد الأقصى في القدس الشرقية". 
لكن إذا كان 28 دولة هي الأعضاء في الإتحاد الأوروبي قد اتخذوا هذه الخطوة "الجريئة" في شهر تشرين الأول/أوكتوبر 2014، وقرروا "نقل رسالة حادة إلى إسرائيل بإسم جميع دول الإتحاد تركز على الإجراءات الإسرائيلية"، السؤال أين كانت تلك الدول سواءً فرادى أو مجتمعة كإتحاد حين بدأت سياسة الإستيطان وقضم الأراضي الفلسطينية واعتبارها "أراضي دولة" منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 ولم يتوقف الإستيطان في الضفة حتى يومنا هذا، في تحدٍ صارخ لكل المواثيق والمعاهدات الدولية التي نصت على منع مصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكن أن يأتي موقف الإتحاد الأوروبي متأخراً خيرٌ من ألا يأتي أبدا.
استغل الكيان الإسرائيلي مسار المفاوضات ليكثف ويوسِّع من نشاطه الإستيطاني؛ فقد نص إتفاق أوسلو الذي تم توقيعه بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الإسرائيلي في 13/9/1993،على تأجيل البحث في خمسة ملفات؛ اللاجئين والقدس والمستوطنات والحدود والمياه الى المرحلة النهائية من المفاوضات. وصل عدد المستوطنين في الضفة الغربية ومنطقة شرق القدس المحتلة عام 67 إلى "563,546 مستوطن" حسب مركز الإحصاء الفلسطيني لنهاية العام 2012، بعد أن كان حوالي 200 ألف قبل توقيع إتفاق أوسلو و"بلغ عدد المواقع الإستيطانية والقواعد العسكرية 482 موقعاً" حسب نفس المصدر لنهاية العام 2013، بعد أن كان 127 مستوطنة في العام 2005 وقد وصل العدد الى 503 مستوطنة في العام 2014. 
ملخص الرؤية الصهيونية لبناء المستوطنات ما ذكره الكاتب الإسرائيلي يشعياهو بن فرات في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية في 14/7/1972، بأن "لا صهيونية بدون إستيطان ولا دولة يهودية بدون إخلاء أراضي العرب وتسييجها"، وما كتبه رئيس وزراء حكومة الإحتلال اسحاق رابين في مذكراته عام 1988 وبعد مرور سنة على إنتفاضة الحجارة "قررت الأحزاب الرئيسية الإسرائيلية، العمل والليكود والمفدال عدم التخلي عن أراضي الضفة الغربية حيث أرض أجدادهم والأقدمين قبل آلاف السنين". 
خطة "إسرائيل" بعد احتلال الضفة في العام 67 هي السيطرة الشاملة على المناطق التي احتلتها، والدفع باتجاه تغيير ديموغرافي وأمني كأمر واقع للاستفادة منه في أي استحقاق سياسي أو تسوية مع الفلسطينيين والعرب في المستقبل، ولأهمية ملف الإستيطان وعلى الرغم من عدم شرعيته وقانونيته، فقد أصبح فيما يسمى بالحكومة الإسرائيلية وزيراً للإسكان، والتنافس بين السياسيين الإسرائيليين يصل الى أعلى مستوياته في التزاحم على تأييد الإستيطان سعياً للحصول على المزيد من الأصوات في أي إنتخابات قادمة.
يعتبر استمرار الإستيطان في الضفة الغربية، تحدٍ صارخٍ ليس فقط لدول الإتحاد الاوروبي التي أطلقت التحذير، وإنما كذلك لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛ فقد نص القرار رقم 242 الذي صدر في 22/11/1967 على "إنسحاب القوات الإسرائيلية المسلحة من الأراضي التي احتلتها عام 67" والقرار رقم 446 لسنة 1979 أكد على "عدم شرعية سياسة الإستيطان الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس" والقرار رقم 452 لسنة 1979 "يدعو فيه مجلس الأمن سلطات الإحتلال الإسرائيلية وقف الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في العام 1967 بما فيها القدس"، والقرار رقم 465 لسنة 1980 "يطالب إسرائيل بوقف الإستيطان والإمتناع عن بناء مستوطنات جديدة وتفكيك تلك المقامة آنذاك"، وطالب أيضاً الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بـ "عدم مساعدة إسرائيل في بناء المستوطنات". قرارات كثيرة صادرة عن أعلى مؤسسة دولية تؤكد على عدم شرعية بناء المستوطنات ويدعو الى تفكيك القائم وزوال الإحتلالن وعلى الرغم من هذا، فلا يزال الاحتلال جاثم على الأرض الفلسطينية، وسياسة مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات مستمرة، دون أدنى اعتبار من قبل الإحتلال لأي من القرارات والقوانين الدولية ذات الصلة. 
الخطوط الحمراء والتحذيرات من الإتحاد الأوروبي مهمة، لكن المطلوب أن يصدر عن مجلس الأمن الدولي قراراً وفق البند السابع من الأمم المتحدة، يجيز فيه إتخاذ إجراءات عقابية بحق دولة الإحتلال إن لم تلتزم بتنفيذ قرارات الأسرة الدولية سواءً بوقف وتفكيك المستوطنات، أو بالإنسحاب من الضفة وزوال الاحتلال.
المنسق الاقليمي لمركز العودة الفلسطيني / لندن
كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني

الدور الغائب للمثقف/ شاكر فريد حسن

المثقفون هم صفوة وطليعة المجتمع ، وضمير الشعب ، وصمام أمان الأمة وصوتها ولسانها ، وهم أصحاب رسالة مقدسة ، ويمتلكون مهمة حضارية ، ويؤدون دوراً ريادياً ونموذجياً في صيرورة التغيرات والتحولات البنيوية المجتمعية . كما أنهم يشكلون المرجعية الحقيقية في الإشعاع والتنوير والتثقيف والتغيير والتعبئة والتوعية وإشاعة القيم ، وبمثابة رافعة قوية في نهوض المجتمع وتطوره وتقدمه ، وواجبهم الوقوف إلى جانب شعبهم في السراء والضراء ، في الشقاء والرخاء ، ومكافحة كل الظواهر السلبية التي تجتاح مجتمعهم،  والتصدي لها بكل قوة وشجاعة وبشكل موضوعي وهادف .
وإذا نظرنا في واقعنا الراهن نجد أن دور المثقف غائب ومغيب في المشهد العربي ، وليس له أثر في مواجهة المحن والأزمات ، وهناك كثير من المثقفين ارتدوا وتخلوا عن دورهم ووعيهم وقناعاتهم وأيديولوجياتهم ومواقفهم وأصبحوا جزءاً من المحنة نفسها ، وقسم آخر التحق بركب الطغاة من خلال ارتباطه بالسلطة ومؤسساتها القمعية والتعبوية ، وآخرون همشوا وخفتت أصواتهم وتواروا في أوراقهم .
ما من شك أن دور المثقف على الدوام مستهدف ، والأنظمة الديكتاتورية الحاكمة اكتشفت هذا الدور فعملت على مصادرته عبر الكثير من الممارسات والإجراءات القمعية في محاولة لاستمالة المثقفين التقدميين والمتنورين الممهدين لطريق الثقافة الإنسانية ، بهدف تدجينهم وتهميشهم وتسخير الثقافة والأدب والإبداع لصالح المؤسسة الحاكمة وخدمة أهدافها .
إن صوت المثقف في السنوات الأخيرة خافت وأحياناً متلون حسب المصلحة ووفق الأهواء والمطامع الشخصية وغدا عقيماً وعاجزاً  ، وتراجع دوره كثيراُ فيما يتعلق بالقضايا الجوهرية والمصيرية والمفصلية والأكثر حساسية بالنسبة للأمة والشعوب العربية ، التي تئن تحت الفقر والفاقة والظلم والقهر الاجتماعي .
وقد ساهمت الثقافة الاستهلاكية الوافدة والمعلبة في انحسار وتضاؤل هذا الدور وغاب تأثيره النهائي عن الساحة .
ما يجري ويحدث في العالم العربي من فوضى خلاقة ونزاعات وأعمال عنف وقتل وإرهاب على خلفيات دينية طائفية ومذهبية بغيضة ، وتفشي الوباء السرطاني الداعشي الجديد في المنطقة ، يحتم على النخب المثقفة الواعية المسلحة بفكر تنويري طلائعي وقناعات مبدئية ومشبعة بالقيم الإنسانية وتمتلك الوعي الثوري الجماهيري ، تجاوز مرحلة الركود والجمود والقنوط والإحباط واليأس ، والخروج من عنق الزجاجة وزاوية المهمشين والعودة إلى الواجهة واستعادة دورها الحقيقي الذي من المفترض أن تلعبه النخب في عمليات التغيير الاجتماعي والتأثير في عملية اتخاذ القرار الخاص بمستقبل الأمة ، وإتباع استرتيجية جديدة تعيد صياغة وبلورة وعي المجتمع . 
فأوطاننا ومجتمعاتنا العربية بحاجة إلى طوفان وتسونامي ثقافي وفكري وانتفاضة في العقل والوعي الجمعي . وهذا يتطلب أوسع واكبر اصطفاف للمثقفين وتكاتفهم مع بعضهم البعض للوقوف بوجه الخطر الداعشي وموجات الفوضى والجهل والتخلف والعنف والإرهاب . وكم نحن بحاجة في هذه المرحلة لمثقفين عضويين وثوريين وتقدميين ورسوليين يحملون فكر ورؤية ثقافية ويعون التاريخ والوقائع ويساهمون في التقدم الإنساني ، ومنحازون للقيم الجمالية والإنسانية والديمقراطية ، وليس التواطؤ نحوها ، خصوصاً بعد رحيل وموت العديد من المثقفين والمفكرين العرب الذي تركوا بصماتهم في الحياة الفكرية المعاصرة .

الحرب الاهلية اللبنانية كانت فوهة بركان/ موسى مرعي

ما زالت دمشق تؤكد يوما بعد يوم أنها عاصمة القرار القومي و انها السيف و الترس للعالم العربي و قلب العروبة النابض . منذ الحركة التصحيحية التي تحققت بقيادة الرئيس الراحل حافظ الاسد  عام 1970 , خاضت سوريا في عهد الرئيس حرب اكتوبر عام 1973 ضد العدو الاسرائيلي في فلسطين و خرجت  منتصرة , و من خلال الانتصارات التي سطرها الجيش الشامي تعدلت الاستراتيجية القومية و الوطنية و بثت في نفوس شعبنا تحريك روح المقاومة . و ايضااستطاعت دمشق ان تنهض باقتصادها  الوطني  و تطوير البنية التحتية  و الاهتمام في التعليم الالزامي المجاني و بناء الجامعات . و قد تعرض النظام  الى عدة انقلابات داخلية و بدعم قوى خارجية و اقليمية و لكن كلها باأت بالفشل بفضل قوة و حنكة الرئيس الراحل حافظ الاسد  من خلال اجهزته الامنية و المؤسسات العسكرية الذين تأسسوا باشرافه أجيال قد تربت على يده . عام 1975 , حصلت الحرب الاهلية اللبنانية  لا اريد ان ادخل بتفاصيل من بدأها من الفريقين اليمين او اليسار و لكن كان سبب افتعال الحرب الاهلية مؤامرة بحق اللبنانيين او بالاحرى مؤامرة بحق طائفة من المسيحيين اللبنانيين هي الطائفة المارونية الكريمة , كلنا نتذكر العرض الامريكي الفرنسي الاسرائيلي بتمويل سعودي عام 1976, بارسال البواخر لاجلاء ابناء هذه الطائفة الكريمة الى كندا و استراليا و الى بعض المناطق النائية في الولايات المتحدة الامريكية  و قسم الى فرنسا . السبب الذي جعل المتآمرين على مصير الطائفة المارونية لتنفيذ مخطط التهجيري ليأتي بعده تهجير باقي المسيحيين ولكن كان المخطط  سينفذ بالموارنة اولا بسبب خروج زعمائهم السياسيين عن واقعهم القومي آنذاك و من هنا يبدأ هدف تقسيم لبنان هو تنفيذا لمخطط سايكس – بيكو الذي ارسى الى تقسيم الوطن السوري الى دويلات طائفية و قومية و كان في المخطط البريطاني و الفرنسي  ان يبدأ التقسيم من لبنان المنتزع من الخاصرة السورية لان من لبنان المجزأ طائفيا  سهل ان يكون فوهة بركان ناري في منطقة العالم العربي . و ثم احتلال الكيان الصهيوني لارضنا القومية  فلسطين و تهجير عددا كبيرا من الشعب الفلسطيني الى لبنان ما يقارب اربعمائة الف نازح او اكثر . زاد الطينة بله اجتماع القمة العربية في القاهرة عام 1969 و قد عرف باتفاق القاهرة و هو اعطاء حرية الفلسطينيين حق ممارسة السياسة و العمل الفدائي ضد الاحتلال الاسرائيلي من ارض لبنان عبر الجنوب , و بدأ الفلسطينيون باسم  حركة فتح يستبيحوا لبنان و يقوموا بحواجز تفتيش و تحرش باللبنانيين بمعنى انه اصبح في لبنان دولتين . و انقسم الشارع اللبناني بين يمين و يسار , القوى الوطنية مع الفلسطينيين بقيادة فتح بادارة و دعم ابو عمار ياسر عرفات , بدأت الحرب بهدف تهجير المسيحيين من لبنان ليسهل توطين الفلسطينيين فيه . في الحقيقة دافعوا المسيحيين عن وجودهم كالبنانيين و بالرغم من تصدي القوى القومية و الوطنية للمؤامرة التقسيمية كان عليهم ايضا ان لا يدخلوا الحرب الاهلية لان حركة فتح بقيادة ابو عمار و باقي التنظيمات قد اخطأوا و تمادوا كثيرا . لكن تدخل حكومة الكيان الشامي بقيادة الرئيس الراحل حافظ الاسد أسقط  مخطط سايكس- بيكو  و منع تهجير المسيحيين من لبنان و افشل خطة توطين الفلسطينيين فيه . بعد ان  أفشل حرب السنتين بتهجير المسيحيين و توطين الفلسطينيين  حاولت اسرائيلي اجتياح لبنان بهدف تدمير البنية التحتية و تهجير من تستطيع تهجيره و لكنها فشلت في الاجتياحين 1978 و 1982. لهذه الاسباب رأت الجامعة العربية ان تهتم بطلب  حكومة دمشق و زعماء لبنانيين من الموارنة من اجل انهاء الحرب الاهلية اللبنانية التي بدأت عام 1975 , و كان القرار ان تدخل قوات عربية رادعة بقيادة سورية و فيما بعد انسحبت جميع القوات العربية و بقيت القوات السورية  تتحمل عبئ  فتن اللبنانيين و الفلسطينيين و الاعتدآت الاسرائيلية من جهة اخرى . و لكن اسرائيل مستمرة بالضغط على شركائها في توطين الفلسطينيين في لبنان حتى و لو على حساب مقتل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري بكونه من رموز السنة في لبنان كي توجه اصابع الاتهام الى سوريا و حلفائها و تضطر دمشق على سحب قواتها من لبنان و تدور الحرب رحاها بين السنة و الشيعة , لم يقع الحرب و لكنهم استطاعوا ان يفرزوا الشارع اللبناني سني شيعي و ماروني ماروني و انشق اللبنانيين الى  تيارين واحد 14 آذار . و ثاني 8 آذار  و لكن الحرب لم تحصل و لكني ارى انها بطريقها . و يبقى السؤال يطرحه المواطن اللبناني هو : المؤامرة التي فشلت في تحقيق اهداف مراحلها السابقة هل ستتمكن من تحقيق هدف مرحلتها الراهنة ؟. الجواب هو من مسؤولية القوى المتعنته بعداوتها لحزب الله و حلفائه و جمهوره . المؤامرة التقسيمية قد فشلت في لبنان و التوطين الفلسطيني ايضا قد فشل و انتصار المقاومة على العدو الاسرائيلي عام 2006 أكد على اسقاط كل المشاريع التقسيمية و تغير كل موازين اللعبة من خلال اعادة الشيعة الى قراهم و بيوتهم فور اعلان قرار وقف اطلاق النار بفضل انتصار المقاومة على اسرائيل و كشف وجهها المزيف و بدأ اعلام القوي المعادي لدمشق و ايران و المقاومة يخيف  14 آذار و جمهورهم  بأن حزب الله حزب ايراني و الشيعة امتلكوا السلاح وووو الى ان فرزوا الشارع الاسلامي بين سني و شيعي , و جاؤا بمشروع خارطة الطريق لخلق شرق اوسطي جديد باسم حضاري الربيع العربي بموازرة الاخوان المسلمين و تنظيم القاعدة و اخواتها لاعادة مشروع التقسيم و التهجير , قد بداءوا في تونس و من ثم ليبيا بالقتل و الذبح باسم الاسلام , و امتد حراك اللعبة الى الكيان الشامي لتقسيم ما تبقى من الوطن السوري و لتهجير المسيحيين و الشيعة تحت شفرات السكاكين بالتكبير و الصلاة على النبي ليكون الذبح حلال . كلنا قلنا ان كل الذين يراهنوا على اسقاط الرئيس بشار الاسد هم سوف يسقطوا و منهم سوف يقتل و منهم سوف تنتهي صلاحيته و يرحل و منهم من يموت و يرتحل من الدنيا و بشار باقي و مات الملك و تفرقت الحاشية الى شيعا شيعا و انتصر القاشوش الشاب و قش كل شيئ يجده امامه . و مصدر موثوق من بيت الابيض بالقول عن لسان الرئيس الامريكي باراك اوباما و مسؤلين آخرين ان الرئيس بشار الاسد رئيس شرعي يحارب الارهاب و لكن اوباما من جهة ثانية يدعم الارهاب , مرة ينزلوا لداعش المؤن في الطيران الامريكي و يقولوا بالخطأ و مرة يمدوهم بالسلاح الثقيل و ايضا بالخطأ . و في لبنان هناك من يدعي ان الارهابيين ثوار و ان شهداء المقاومة قتلى و ليسوا بشهداء هذا الذي يصرح هكذا يظن نفسه انه هو الرب الاعلى فرعون , هناك من يرفض دفاع المقاومة عن لبنان و الشعب او على الاقل اتركوا حزب الله يدافع عن جمهوره المهدد بالذبح و التهجير او يريدون من داعش ان يدخلوا و يذبحوا الشيعة و المسيحيين  كما فعلوا و يفعلوا في سوريا و العراق . و هناك من يقول لماذا نخاف من داعش داعش لا تشكل علينا خطرا لو سمح هذا المتكلم ان يذهب زيارة الى اميرهم ابو بكر البغدادي و يطلب منه ان يعفي عن رجال الدين المسيحيين و ان يكف ايدي الارهابيين عن قتل المسيحيين و سبي نسائهم و هدم الكنائس . لا احد يراهن على اسقاط سوريا ولا لبنان لبنان في ايدي امينة و سوريا و رئيسها في ايدي امينة و ايدي قوية روسيا و ايران  و  دول جنوب امريكا و اوروبا قد اصبحوا مقتنعين ان الرئيس السوري بشار الاسد قوي و رئيس شرعي هو و حلفائه يحاربون الارهاب  من اجل ان يحموا سكان الكرى الارضية و بما فيهم  الشعب الامريكي و البريطاني و الالماني و الفرنسي و الشعب الاسكندنافي بداءوا يعترفون بذلك . لا احد يراهن على ان امريكا  و اسرائيل سيحققوا هدفهم  في المنطقة  لقد فشلوا و الدولة الوهمية التي ستقام على جثث الابرياء بالارهاب ذاهبة الى زوال بازالة الدولة الصهيونية . ماذا يكون موقف البعض من اللبنانيين المحردين على تدمير سوريا و قتل شعبها و محاربة جيشها . يجب الاعتراف بواقع قائم علينا لا يستثني احد منا الا الذي مواقفه صحيحة و وطنية و انسانية و عقائدية , لماذا لا نعمل على توحيد هؤلاء التيارين و يكون لنا هدف واحد لحماية الوطن و الشعب الواحد . يقول الفيلسوف سعاده : ان غايتنا هي الوصول الى حياة أجمل و أسمى , الى حياة تبرز لنا الحياة و الجمال و القوة لتكوين الامة العظيمة التي تبني مجدا . و من اتعس حالات هذه الامة أنها تجهل تاريخها . و لو عرفت تاريخها معرفة جيدة صحيحة لاكتشفت فيه نفسا متفوقة قادرة على التغلب على كل ما يعترض طريقها الى الفلاح   
الحزب السوري القومي الاجتماعي                    
مفوضية سدني المستقلة \ موسى مرعي                  

التاريخ لا يرحم/ فاضل شباط

التاريخ لا يرحم فمن عمل مثقال من خير فهو له ولمن بعده من أجيال ترثه .
ومن عمل خلاف ذلك فا عليه وعلى الأمة من بعده .
لذا جاءت هذه القصيدة في هذا اليوم والغرض من ذلك الوقوف 
وقفة وفاء لهم بقدر المستطاع لا بقدر ما يستحقونه .
وهي وقفة متواضعة بكلمات بسيطة حملتها في هذا الهودج الشعري والذي قد يتمايل أحياناً مترنحاً على الوزن إلا إن الهدف يبقى هو الاهم .
والعذر عند أخيار الناس مقبول .
مع خالص التحايا لكم 
وهذه القصيدة هي تكريم لكل الذين ساهموا في الثورة على الطغاة
العثمانيين والفرنسيين وسواهم وغيرهم من الأوغاد المحتلين
صهاينة هذا العصر عصر الشقاوة والبهتان . 
وفيها أيضاً تعضيداً لمن هم اليوم في أوج ووجه هذه الحملات 
الجاهلية العبثية الظلامية المقيتة وسواها 
من الحملات والغزوات وكل الهجمات المدمرة لكل تقدم ورقي فكري وإنساني
وديني معاً .
القصيدة : 
رجال الثورة يمناكم والشمال 
سيوف هي فوق هامات الاحتلال 
أنتم , أنتم , أيها الرجال ! الرجال . 
شعاع نورٍ وبيارق حق في حلك الأحوال 
رجال العربي انتم أبداً 
وقطعاً ليس غيركم حيث عز الكمال 
لكم من الله الفردوس مقاماً .
على جميل صنيعكم يا حضرة النزال 
ولكم فيه على الأرائك منة منه وتكريماً 
سبحانه وتعالى ذا الإكرام والإجلال 
حيث كنتم ولا زلتم فخر أمة 
وأنتم الدرع الجميل على صدورنا أيها الأبطال 
فكيف تنسون اليوم إجحافاً 
وترفع جوراً من فوقكم أعلام الجهال 
وناصع تاريخكم بالحق يشهد انكم 
وإن كانوا بجهلهم وئدوه حياً بالغلال 
وجاءوا الأمة تزويراً ببغيهم ظلماً 
وهم يتخذون الإفساد والحرام حلال 
وبعد هذا جابوا الصحاري والفيافي عهراً
وهم يبتغون لكم بجهادهم هذا قطع الاوصال
ليعيدوكم حيث مستنقع الجهل ومرتع الاضداد 
هذا هو نهجهم نهج أبو جهل وأبا لهب المحتال
وقولي هذا ليس محصوراً بأمة بعينها 
بل هو يجري على كل من اراد بكم ولكم الإذلال
أيا معشر الإنسانية عذراً منكم في كل مكان 
هكذا أرى فيهم بأنهم جند سوء وأعوان الدجال 
في كل وادٍ أو سماءٍ يهيمون 
عادٍ كانوا عليكم هم قطعاً وثمود ضلال 
بدينهم يوهمون الناس على انهم 
هم حماة رعاة وللخير هم خير مثال 
لكنهم ليسوا أبداً , وحقيقة أمرهم 
أيها الناس ما هي إلا افك باطلٍ وخيال 
وخيلهم في ساحات الوغى ليست 
سوى ضباع غدرٍ عليكم لا محال 
فيا ليتنا لو نرجع قليلاً لوصية الأجداد 
وفيها حيث جاء أن احذروا أشباه الرجال 
يوم يأتوكم سعياَ من كل حدب 
شعارهم هو الله وفعلهم فساد وابتذال 
راقبوا عيونهم جيداً كيف هي شاخصة 
وكم تنم عن قبيح قلوبهم والأفعال 
يظهرون لكم زيفاً حسن الصراط 
ليوهموكم أنهم هم فعلاً أهل اعتدال 
أحذروهم , احذرووهم . وإياكم 
أن تتخذوا منهم لكم أولياء أو وصال .
يوم إذٍ , يسود في الناس كل سوء 
وسيدهم لا بد يكون هو الكذب والمال 
فلا يغررنكم عند إذ غرور إبليسهم
ليلبسكم , وإياهم لباس الحسرة ذلاً يوم المآل
وتكونوا قد خسرتم قي غفلتكم كل رهان 
لذا لا تخوضوا معهم في نقاش أو سجال
فما قلوبهم سوى حجارة جلمود صوانها 
قد مسها شيطانهم ورجعت جبلة من صلصال
هذا هو حالهم فلا تغوصوا ايها الناس بأوحالهم 
ولا في من أوحى لهم فهم زقوم الوبال 
وذروا عنكم خلافاتكم وعوضوا ما قد فاتكم 
فوابل الخيرات لا يأتيكم ولا ينزل بين أياديكم 
إلا اذا ما اتخذتم بالمحبة والحكمة العقل رئبال .
وقائداً أعلى لكم أجل أعلى أيها الرجال , الرجال 

حزب النور.. غَلق الباب عنه أو إسقاط مرشحيه/ مهندس عزمي إبراهيم

الانتخابات البرلمانية المصرية على وشك أن تكون على الأبواب. وقد بدأ تصاعد النشاط السياسي والاجتهادات الإعلامية، خاصة فيما يتعلق بالترشيحات للمقاعد الفردية وإعداد القوائم وتصيّد التحالفات من كل الأحزاب المصرية. وبالطبع "حزب النور" بينهم!!
وحزب النور، المُقام على أساس ديني بحت، هو الذراع السياسي للسلفية الوهابية المؤمنة بما خططه ابن تيمية وابن عبد الوهاب من معايير بدوية متقوقعة عنيفة، غير عصرية، ولا حضرية ولا حضارية ولا إنسانية. ولا يوجد بمصر من يجهل أن الوهابيين يزحفون كما تزحف الثعابين والعقارب في حنايا مصر تحت عباءة تقية غير خافية بإسم "حزب النور".
الوهابية قائمة على قواعد عنصرية دينية عنيفة ومتخلفة. كامتلاك الحقيقة وغيرهم باطل، فتدبير المؤامرات العدائية ضد من هو غيرهم فرض حلال. والجزية على المواطنين غير المسلمين فرض حلال. وإصدار فتاوي بمهاترات غير لائقة أخلاقياً ولا إنسانياً ولا يقبلها العقل. كإباحة مجامعة الزوج لزوجته الميتة، وإباحة رضاع الكبير، وإباحة نكاح الأطفال والعلاج ببول البعير وأجنحة الذباب، أمر سهل علي فقهائهم. كما أن الوهابية قائمة على احتقار المرأة وقصر دورها في الحياة على التفريغ والتفريخ.
فالوهابية تؤمن بقيود الماضي السلفي المتجمد والمتخلف. ولا تؤمن بمجالات البحث والتطور التكنولوجى والطبى والعلمى والأدبى والفني والقانوني والاجتماعي والإنساني. فتقوم بتنقيب وجوه النساء وعقول الرجال والنساء معاً عن العلم والفن والإبداع والإنتاج وكل شيء جميل. والوهابية السلفية تحاول دائبة أن تبذر سلفيتها البدوية المتخلفة وشرائعها المتعسفة العقيمة لتعرقل تقدم مصر المأمول نحو المدنية والديموقراطية والانتعاش الفكري والعلمي والفني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي، بل والأخلاقي.
ومن تاريخ السلفيين الغير وطني في مصر أنهم رفعوا أعلام القاعدة الإرهابية وأعلام دولة أجنبية (السعودية العربية) على أرض مصروهتفوا باسمها في صعيد مصر وفي أهم ميادين القاهرة. كما أنهم رفضوا القيام لتحية العلم المصري ورفضوا احترام النشيد القومي المصري، بينما وقفوا لتحية العلم الأمريكي وللسلام الوطني الأمريكي بالسفارة الأمريكية. كما أنهم أيضاً عاثوا فساداً في شوارع مصر بشعار "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، حيث قتلوا شباب أبرياء وهددوا نساء أشراف بإلقاء (مَيَّـة النار) على وجوه غير المحجبات وغير المنقبات ومن يسرن بغير محرّم، هادفين بذلك تحويل مصر الكنانة إلى نجدٍ بدوي جاهلي.
ومصر تعلم ما يكنه السلفيون لها من سوءٍ بتقييد الأدب والفكر والموسيقى والرقص والغناء والسينما والمسرح واالنحت والتصوير وما شابه ذلك من إبداعات وفنون. وأسوا من ذلك إعلانهم بضرورة هدم آثار مصر الروائع التي تبهر مؤرخي وعلماء وخبراء وشعراء وفناني العالم أجمع ويعشقها كل من رأها أو قرأ عنها أو علم بها. وأيضاً نواياهم السلبية من تكبيل السياحة وتطفيش السياح وتشويه شواطئ مصر الجميلة. وهو ما يهدد بل يهدم الاقتصاد المصري.
زد على ذلك أنهم يكفرون المصريين غير المسلمين في وطنهم ويتعمدون التطاول عليهم وعلي عقائدهم وإزدراء مقدساتهم جهاراً، وقاموا بحرق الكنائس ووقفوا ضد أعادة بنائها أو ترميمها وأنزلوا الصلبان من على قبابها في صعيد مصر. ويحرمون على المسلمين المشاركة في تهنئة أو تعزية (المواطن) غير المسلم. ويحرمون على سائقي التاكسي توصيل قسيساً أو قبطياً إلى كنيسته. والغريب العجيب الذي يكشف أن هؤلاء لا حياء لديهم ولا ضمير لهم ولا ثقة فيهم، فهم تحت خيمة النفاق والرياء وعباءة التقية يحاولون اليوم ضم أقباطٍ لعضوية حزبهم "حزب النور" لإيهام المصريين، حكومة وشعباً، أنه حزب مدني لا ديني. متلاعبين بدستور مصر وذكاء المصريين!!!
وجدير بالذكر أن نادر بكار عضو الهيئة العليا لحزب النور أصدر تصريحاً في جريدة الوفد في 8/1/2012 تحت عنوان "بكار: نرفض تولي قبطي لرئاسة مصر." حيث صرح أن رفض تولي قبطي للرئاسة أمرٌ محسومٌ داخل حزب النور. ثم في جريدة المصري اليوم في 1/10/2013 تصريح من شعبان عبد العليم الأمين المساعد للحزب بأنهم لا يرون مُشكلة في ترشح قبطي للرئاسة، أو لرئاسة حزب النور!! هذا التلون الثعباني ما هو إلا نفاق صريح ورياء وكذب وتحايل بتبني ما يتعارض مع عقيدتهم الدينية وأيدلوجيتهم السياسية، ليخرجوا الحزب من تحت العباءة الدينية شكلاً لا موضوعاً. فكيف لمصر أن تثق في حزب يتلون كل يوم بلون. ومن الناحية الدينية البحتة: ألا يُحَرِّم الأسلام الكذب؟
***
فكيف وتلك مبادئهم وعقيدتهم ونواياهم وأكاذيبهم، أقول كيف لمصر أن تثق فيهم، وفي أنهم يكنون لها خيراً، وأن تُشركهم في تشريع قوانين ترعى صالحها وترقى بها بين دول العالم الحرة المستنيرة!!! فالحذار يامصر. حزب النور ثعبان خبيث متلون، يلبس ويخلع جلد التقية كيفما شاء وشاءت الوهابية السلفية. فالخطورة ليست فقط في محاولات السلفيين لجذب مصر لجاهليتهم الخاوية المتخلفة، بل في مزجهم للعنف والنعومة سبيلا للوصول لما يأملون. فالسلفيين أخطر من الأخوان المسلمين بمراحل. لأنه، بالإضافة إلى ذلك فقد تعلموا واستفادو من أخطاء الأخوان وأسباب فشلهم.
السلفيين الوهابيين يعرفون أن الجولة السياسية القادمة ستكون بالنسبة لهم، ولمحض وجودهم بمصر، مسألة حياه أو موت. وهم يتوقعون أيضاً أن المعركة ستكون صعبة لوجود بعض الوعي (وليس كله) لدى بعض المصريين (وليس معظمهم)، ولذلك فهم يستعدون لدخول المعركة بروح (الاستموات). وروح الاستموات كما لمسناها مع الأخوان المسلمين أسلحتها كثيرة ودنيئة،  وأولها غلق الضمير وبعد ذلك كل شيئ مباح وحلال!!!
فالتقية والمعسول والرشاوي والضغط والتهديد والترغيب والارهاب وتشغيل المنقبات في التزوير والتلفيق.. وغيرها أسلحة خطيرة وفعالة خاصة حيث يكمن الجهل والفقر وضعف الوعي الوطني في حنايا مصر.
***
من قواعد الديموقراطية أن لا نقف في طريق أي حزب قانوني يرغب أن يساهم في مسيرة الوطن السياسية مادامت مبادئ الحزب تتفق مع مواد الدستور ومع قانون الأحزاب المعاصرين. ولكن وجود حزب النور يُعَدّ خرقاً للمادة رقم 74 من الدستور المصرى الصادر فى 18 يناير 2014 التي تنص على "لا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى، أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفى أو جغرافى، أو ممارسة نشاط معاد لمبادئ الديمقراطية."
كما أن وجود حزب النور يُعَدّ أيضاً خرقاً لقانون الأحزاب الصادر عام 1977 المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 2011 والذى يحظر قيام أى حزب أو استمرار نشاطه إذا كان يقوم على أساس دينى أو على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس.
لذلك أرى غلق الباب في وجه السلفيين وذراعهم السياسي، حزب النور، بقيام خبراء الدستور والقانون مع الأحزاب الأخرى بالطعن في دستورية وجود حزب النور لأنه حزب مقام على أساس دينيى وفي هذا خرق صريح لكل من الدستور وقانون الأحزاب. ويهذا نُغلق عليهم الباب قبل وُلُوجهم.
وفي ذات الوقت لابد من تأجيل انتخابات مجلس النواب حتى يستقر الوطن من محاورات الإرهابيين، وحتى يتم بعض الإصلاح بالوطن لسد حاجة الفقراء المعوزين للعمل والدخل، وبالطبع للسكر والزيت والرز والصابون (أسلحة الإسلاميين لجذب الأصوات) وحتى ينضج الشعب المصري سياسياً، أي ينفض عنه الشوائب الأيديولوجية. ويستعد لقبول الديموقراطية فيسهل تطبيقها.
لو لم تتم الخطوتين السابقتين (وحتى لو تمّا) فمن أجل نزاهة وشفافية الانتخابات، لابد من الاعتماد على الوعي العام والتوعية الاعلامية والمراقبة الواعية والحزم من رجال الأمن والقانون، فتلك عوامل مستوجبة ديموقراطياً ومجدية. ولو أضفنا إلى ذلك تكوين لجان شعبية من المثقفين الأحرار (مستقلين أو ممثلين عن الأحزاب المتناثرة بكل منطقة بها صندوق انتخاب لمراقبة السياق الخارجي، أي في مجتمع ومنطقة الانتخاب وتبليغ رجال الأمن والقانون عن من يقوم بخرق نزاهة التصويت ويخل بشفافية الانتخابات. بذلك نُسقط مرشحي حزب النور السلفي. فالسلفيين لا يعملون بنزاهة ولا يلتزمون بشفافية.
فالحل هو غلق الباب في وجههم، وإن لم يتم ذلك، فإسقاط مرشحيهم.

امْرأةٌ فِي الْبال/ محمد الزهراوي أبو نوفل


ما أبْعدَها

عَنّي مِثْل نجومٍ.

تَسيرُ طَويلا كفَرَسٍ

تعْدو فِي اللّيْلِ..

لِتَصِلَ قبْل الرّيحِ

وتحْضُرَ..

عُرْسَ النّوارِسِ

تَأتِي مِنْ قُرْطُبةَ أوْ

مِنْ أغْوارِ الدّهورِ..

وكَمْ هِيَ

جَريئَةٌ أيُّها العَصرُ!

تتَرَصّدُنِي بالْغُنجِ

تَعْرِفُها كُلُّ الْمَخافِرِ

ويَسْتَدْرِجُني

زُهُوُّها الشَّهِيُّ.

فَهِيَ الْمنْفى!..

تَبْدو شِبْهَ مُنْهَكَةٍ

مِنَ الطُّرُق وإِلامَ

تَظلُّ مُشَرّدَةً ؟

آهٍ علَيْها مِنَ

النّوى وعَلَيّ

مِنَ الْهَوى ومِنَ

الأحْزانِ والكُتُبِ.

دائِماً هِيَ مِثْلي..

دائِماً مَسْكونَةٌ

بِالرّحيلِ وأنا

مَسْكونٌ بِها مَعَ

الكَأْسِ حتّى آخِرِ

اللّيْلِ وبِالقَصائِدِ.

تحْتَلُّني امْرأةُ النّهْرِ

بِسِرْوالِها الْعُشْبِيِّ

وجَدائِلِ

فَرْعِها المَصونِ.

إنّها

إيقونتَي

وَأحْمِلُها صَليباً بِنَهَمِ

الْعارِفِ أوْ كَمِثْلِ

طِفْلَةٍ بِداخِلي!

أما آنَ لَنا أنْ

نسْتَريحَ مَعاً حَتّى

أُعْطِيَها الْمعْنى

وحَميمِيَّةَ الْمَكانِ ؟

فأنا الْعاشِقُ..

فِي اللّيْلِ يالَيْلُ هِيَ

لِي كِتابٌ مفْتوحٌ

وفِي النّهارِ أنا

مَعَها نِصْفُ نَبِيّ

إذْ هِيَ الْهَوى !

أمْشي أرَدِّدُها

آهاتٍ مِثْلَ غُرابٍ

وأُغَنّيها

لِلآفاقِ والأحْجارِ.

أنا أعْرِفُها

عنْ ظهْرِ قلْبٍ..

وجْهُها

زهْرةُ جيرانْيوم 

وتَلْتَحِفُ مِنْديلَ

أُمّي تَحْمِلُ..

هُمومَ الْكَوْنِ.

ورَوَّعَتْ يالَيْلُ

بِعُرْيِها الْجَحيمِيِّ

كُلَّ فِكْري؟!

وزادت من قلَقي 

وأرقي الكَوْكبيّ

أنا الآن منْهَكٌ 

وهذهِ هِي

أسْطورَةُ قِصّتي 

أيُّها العالَمُ..

كَإِنْسانٍ

معَ الحُرِّيةِ.

القدس و"الخطوط الحمراء" العربية والإسلامية/ نقولا ناصر

(خلاصة الرسالة العربية والإسلامية للمرابطين في بيت المقدس وأكنافه أن "للبيت رب يحميه"  في المسجد الأقصى، وأنكم وحدكم في معركة إنقاذه، وأن كل "الخطوط الحمر" المعلنة ما هي إلا خطوط في الهواء لا على الأرض)

طالما حذر مسؤولون عرب ومسلمون، ومنهم وأولهم طبعا القيادات الفلسطينية، دولة الاحتلال الإسرائيلي من تجاوز ما وصفوه دائما ب"الخط الأحمر" في القدس المحتلة، وقصدوا ويقصدون الحرم القدسي "الشريف" والمسجد الأقصى "المبارك" وقبة الصخرة "المشرفة".

غير أن تجاوزات الاحتلال على "شرف" و"بركة" أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين كانت تتصاعد بوتيرة ثابتة منذ احتلال عام 1967 وقد تسارعت مؤخرا، وخصوصا خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية، بحيث لم تعد تترك لأي منهم أي مجال للمكابرة بإنكار أن الاحتلال ودولته قد تجاوزوا فعلا كل الخطوط الحمراء العربية والإسلامية "على الأرض" في بيت المقدس، ليتضح أن الخط الأحمر الذي طالما حذروا من تجاوزه إنما كان وما يزال خطا على الورق وفي الهواء.

وكانت الرئاسة الفلسطينية في بيان لها في السادس من هذا الشهر قد أعلنت بأن "القدس ومقدساتها خط أحمر لا يجوز ولا يسمح المساس بها"، وكان الرئيس محمود عباس في الذكرى الثالثة والأربعين لإحراق المسجد الأقصى قد أعلن بأن "عروبة القدس وحماية مقدساتها الإسلامية والمسيحية خط أحمر" لا يمكن السماح بتجاوزه.

وبعد يومين "رفض" عباس إجراءات دولة الاحتلال حاليا ل"فرض التقسيم الزماني والمكاني" في المسجد الأقصى بين المسلمين وبين اليهود، وهذا "الأمر لا يمكن السكوت عليه" كما قال، مضيفا: "نحن على اتصال دائم مع المملكة الأردنية والمملكة المغربية التي تترأس لجنة القدس لاتخاذ إجراءات عربية" من أجل "وقف "إجراءات" الاحتلال.

وكان  عباس قد "رحّل" المسؤولية عن "الأماكن المقدسة في القدس وبشكل خاص الحرم القدسي الشريف" إلى الأردن بموجب اتفاقية وقعها مع "صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدسة في القدس"، كما نصت الاتفاقية، الملك عبد الله الثاني في نهاية آذار / مارس العام الماضي، ليصبح الأردن هو المسؤول عن "متابعة مصالح الأماكن المقدسة وقضاياها في المحافل الدولية ولدى المنظمات الدولية المختصة".

ومن هنا إشارة عباس إلى الاتصال الدائم مع الأردن، وكذلك مطالبة لجنة المتابعة العليا العربية في فلسطين 1948 الأسبوع الماضي "الأردن بممارسة سيادتها الإدارية على المسجد الأقصى بشكل فعلي" من دون أن تنسى مطالبة "السلطة الفلسطينية بالوقوف أمام مسؤوليتها التاريخية في الدفاع عن المسجد رسميا وشعبيا".

وبادر وزير الأوقاف الأردني هايل داود إلى الإعلان بأن "الاحتلال تجاوز الخطوط الحمراء" في المسجد الأقصى، ليعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني أنها سوف تتعامل مع "التصعيد الإسرائيلي بكل حزم"، ليوجه وزير الخارجية ناصر جودة الأربعاء الماضي "رسالة شديدة اللهجة حول الانتهاكات الإسرائيلية" إلى أمين عام الأمم المتحدة بان كي – مون كي تتحمل منظمته و"أجهزتها" مسؤولياتهم لوقف تلك الانتهاكات "على الفور"، أي أن الأردن بدوره "رحّل" المسؤولية إلى ما وصفه جودة ب"المجتمع الدولي".

وكان كي – مون قبل يوم واحد فقط في رام الله بالضفة الغربية المحتلة حيث أعرب في مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء السلطة الفلسطينية رامي الحمد الله عن قلقه "العميق للاستفزازات المتكررة في الأماكن المقدسة بالقدس"، من دون أن يحدد المسؤول عن "الاستفزازات" أو موقعها.

إن لغة كي - مون غير المحددة ذات الوجهين تضيّع المسؤولية وتضع الضحية الفلسطينية لاعتداءت الاحتلال على مقدساتها في موضع شبهة وعلى قدم المساواة مع المعتدي الذي خفف من خطورة اعتداءاته بوصفها أنها "استفزازات".

وهذا موقف يبدد المناشدة الأردنية "شديدة اللهجة" في الهواء ويستبعد أي دور فاعل متوقع للأمم المتحدة في وقف العدوان على الحرم القدسي.

إن المستوى المتدني لرد فعل جامعة الدول العربية حتى الآن قد يكون سببا مقنعا لوزير الخارجية الأردني كي يتجاوزها في مناشدته، أو ربما يكون قد تجاوزها لأنها بدورها "رحّلت" المسؤولية إلى الأمم المتحدة ومجلس أمنها الذي ناشدته "التدخل الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي" على الأقصى وطالبت "المنظمات الدولية الأخرى ذات الصلة باتخاذ الخطوات اللازمة لحماية القدس المحتلة وأهلها ومساجدها وكنائسها وكافة أماكنها المقدسة والتاريخية".

وهذه "الجامعة" التي تعجز عن الاستجابة للمطالبات الفلسطينية بعقد قمة عربية أو على مستوى وزاري لهذا الغرض لم تجد أن الخطر في بيت المقدس يستحق ان تصدر مناشدتها على مستوى أمينها العام نبيل العربي فاكتفت بتفويض هذه المهمة إلى "قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة" فيها ليصدر بيانا بشأنها يوم الثلاثاء الماضي.

ولم تتأخر منظمة التعاون الإسلامي في الإعلان بدورها عن "خطها الأحمر" في القدس، ففي رسالة بعث بها أمينها العام إياد مدني إلى وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في السادس عشر من أيار / مايو الماضي قال إن "المساس بالمسجد الأقصى المبارك هو خط أحمر لن تسمح الأمة الإسلامية بتجاوزه ولن تتهاون في ذلك مهما كانت النتائج"، ولذلك ألفت "فريقا وزاريا من الدول الأعضاء ... خاص بحماية القدس من حملات التهويد" تنفيذا لقرار وزراء خارجية المنظمة في غينيا في كانون الأول / ديسمبر المنصرم مهمته "التحرك بشكل عاجل" دوليا لتحذير المجتمع الدولي من خطورة "تهويد مدينة القدس الشريف"، وكان مدني قد أعرب قبل يومين عن رغبة المنظمة في فتح مقر لها في القدس المحتلة وحث المسلمين والمسيحيين على زيارتها تحت الاحتلال!

وكانت منظمة "المؤتمر" الإسلامي عام 1975 بدورها قد رحلت مسؤوليتها إلى "لجنة القدس" لتحمل رئاستها المغربية أعباء مسؤولية جسيمة عجزت هي والجامعة العربية عن حملها حتى الآن، ليبادر المغرب عام 1998 إلى تأسيس "وكالة بيت مال القدس الشريف" التي ما زالت مثلها مثل التعهدات المالية العربية للقدس عاجزة عن تثبيت مرابط واحد في بيته أو فوق أرضه أو وقف الاستعمار الاستيطاني عن الاستمرار في تهويد القدس أرضا وناسا ومقدسات وتاريخا وثقافة. 

وخلاصة الرسالة العربية والإسلامية للمرابطين في بيت المقدس وأكنافه أن "للبيت رب يحميه"  في المسجد الأقصى، وأنكم وحدكم في معركة إنقاذه، وأن كل "الخطوط الحمر" المعلنة ما هي إلا خطوط في الهواء لا على الأرض، لا قيمة لها أكثر من قرارات قمتي "الانتفاضة" و"دعم صمود القدس" العربيتين في ليبيا عام ألفين وفي الأردن في السنة التالية، ناهيك عن قرارات قمم إسلامية مماثلة.

وكل هذا "الجهد" العربي والإسلامي على مستوى القمة لم يتمخض إلا عن إجماع على "مبادرة السلام العربية" عام 2002، التي ما زال استهتار دولة الاحتلال وراعيها الأميركي بها عاجزا عن إثارة غضبة لكرامة أصحابها تعلن انتهاء صلاحيتها، بينما ما زال "أنصار بيت المقدس" يجاهدون في القاهرة و"أكناف بيت المقدس" يجاهدون في دمشق و"فيلق القدس" يجاهد في بغداد، إلخ.!

ولأن القدس كما يتضح قد "انتهت من الحسابات العربية والإسلامية" كما يقول القيادي في حركة "حماس" محمود الزهار، لم يعد رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو يجد ما يردعه عن الايغال حد الوقاحة في استمرار تحديه للعرب والمسلمين ومقدساتهم وكرامتهم وهيبة حكامهم أمام شعوبهم في القدس.

فهو بعد استقباله كي – مون في القدس المحتلة يوم الإثنين الماضي أكد التزامه وحكومته ب"الحفاظ على الوضع الراهن كما كان" منذ عام 1967، متعهدا ب"حماية حق الديانات جميعها في العبادة في أماكنها المقدسة" وفي "الوصول" إليها، ومنها طبعا ما يسميه "جبل الهيكل" في الحرم القدسي.

وهذا تأكيدات غنية عن البيان وليست بحاجة إلى من يفسرها، فعملية ضم شرقي القدس المحتلة عام 1967 إلى دولة الاحتلال مستمرة على قدم وساق، وعملية ما وصفه الرئيس الفلسطيني ب"فرض التقسيم الزماني والمكاني" في المسجد الأقصى بين المسلمين وبين اليهود تستفحل متسارعة بوتيرة يومية، متشجعة بغياب أي رد فعل عملي فلسطيني أو عربي أو إسلامي على سابقتها في الحرم الإبراهيمي في مدينة خليل الرحمن.

إنها رسالة تحدي مستهترة بكل "الخطوط الحمراء" الفلسطينية والعربية والإسلامية.

* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com

مبادرة صلح للمستشار مرتضى منصور ورابطة مشجعى الزمالك " وايت نايتس"/ رأفت محمد السيد

سيادة المستشار الكبير مرتضى منصور ، ليكن مقالى هو مبادرة صلح لابد ان تتم ؟ لأنك الكبير ؛ والكبير له وقاره واحترامه ، ولابد أن تتم لأن رابطة مشجعى الكيان العظيم نادى الزمالك صغار فلابد ان يجدوا من يرحمهم ، مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس منا من لايوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا " – صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلاأحد ينكر أنك قيمة وقامة وشخصية عامة فى المجتمع المصرى حتى لو كان لدينا عليك بعض التحفظات فالكمال دوما لله ، ولكن دعنى وبمنتهى الأدب والرقى فى الحوار أبدأ بسيادتكم وأسالكم ؛اليس من العقل والحكمة التى لابد وأن تكون سمة من سماتكم بإعتباركم رجل قانون ورجل سياسة ورجل رياضة ان تحتوى هؤلاء الشباب صغار السن وتتحدث إليهم ومعهم وعنهم فى كل المواقف والمداخلات واللقاءات العديدة لكم بالود والحب بمعنى ان يكون خطابكم لهم "خطاب الاب لإبنائه" وسيادتكم أب وجد وتعلم جيدا كيف يكون الإحتواء فى سن المراهقة الذى يحتاج إلى ضبط النفس مرات ومرات .

لم انسى مشهد بكاءك على شاشة التليفزيون عندما اصيب نجلك الخلوق احمد لانك ( أب ) ، ولم انس عندما ظلمت ودخلت السجن بلا ذنب إقترفته ، فلماذا لاتتذكر هذه اللحظات وتقدر دموع أباء وامهات أبناءهم الأن داخل جدران السجون وأصبحوا على على شفا حفرة من ضياع مستقبلهم – الا تصفح عنهم وانت الاب وتنقذهم ؟
أعلم أنك رجل قوى وأعلم ايضا أن بطولة القوى لاتاتى على جثث الضعفاء الذين لاحول لهم ولاقوة ، وهؤلاء الشباب فى سن ابنائك و احفادك ، فكن رحيما بهم قدر المستطاع .

استحلفك بالله العظيم ان تفتح قلبك وعقلك لهم وان تغفر لهم ماقترفوا من أخطاء بدافع الأبوة فقط - إرحم بكاء أبائهم وامهاتهم واعلن للدنيا كلها انك من بدات بالصلح لأنك أنت الأكبر وأنت الأقوى وأنت الارجح عقلا وليكن ذلك من منطلق الحديث النبوى  ( وخيرهما الذى يبدا بالسلام) فقد يكون صفحك درسا قاسيا لهم يتعلمون منه كم انت قوى برحمتك" وأذكرك بالمقولة الشهيرة ؛ "إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك""
سيادة المستشار إعلم أن صفحك هى دعوة من رجل قوى ليست لهؤلاء فقط بل ستكون ذات معنى عظيم حتى مع من يختلفون معك ، ولتعلم سيادة المستشار أن هذه الرابطة التى تعاديها الان ستكون سندك وحصنك الحصين فى الحاضر والمستقبل وهم من سيدعموك ويقفون بجانبك بالحب والود كرمز كبير للنادى الذى عشقوة.

أناشد كل رياضى بصفة عامة وزملكاوى بصفة خاصة عاشق لهذا الكيان العظيم ( نادى الزمالك )  أن يضم صوته لصوتى ويقدم تنازلا بالإعتذار لرئيس نادى من اجل زملائهم المحبوسين حرصا على مستقبلهم ورحمة بأهلهم وذويهم - استحلفكم بالله أن تقدموا الإعتذار فى رسالة أو بيان أو مقطع فيديو أو باى صورة تصل للمستشار مرتضى منصور ، أستحلفكم بالله أن تبادروا بذلك من اجل زملائكم فإن لم يكونوا ذو مكانة فى نفوسكم فارحموا دموع وهنات وانين اهليهم وذويهم الذين لايذوقون طعم النوم منذ حبسهم.
وأنا كزملكاوى واب اول من سيقدم إعتذار للسيد المستشار مرتضى منصور رئيس نادى الزمالك من اجل كل الشباب المحبوسين الذين سيضيع مستقبلهم ، ومن أجل والديهم واسرهم وذويهم- أستحلفكم بالله "تنازلوا من اجل زملائكم " .

قبائل النار/ حسن العاصي

كاتب فلسطيني مقيم في الدانمرك

وحدي كنتُ أَصرخُ
أطْفُو على حُطامِ الوقتِ
المُبلَّلُ بالإندثارِ
مثلَ غريبٍ
في صحراءِ العيونِ
كانَ الوطنُ يتهاوَى
دخلتُ المدينةُ
تَسبِقني رائحةُ الطفولةِ
كانَ صوتي يَمتدُّ
تعبًا مِنْ ريحٍ
مشيتُ نحوَ غابةِ الموتِ
فرأيتُ الطيورَتُصلّي
وأشجارُ الصَّنوبرِ خاشعةٌ
تَقدَّمتْ نحوي قَبائلُ النَّارِ
صَلبَتْني فوقَ محرابُ الملحُ
عَبرتْ زنابقُ أُمِّي تُباركني
يُصبحُ صوتي أَنفاسُ مَاءٍ
بطعمِ التّينِ
تَعرَّى القَحْطُ مِنْ صَمْتهِ
وأَدخَلني قَبْري
لَمْ أَكُنْ نَبِيّاً
لكنَّني كنتُ مجنوناً
فأَثْمَلني الفطامُ الأَولُ
قالَ حارسُ الغابةِ
خُذوهُ وغَطُّوهُ بِثوبٍ أَخضراً
كَيْ يَنسى مَوتهُ
أَوصَدوا دونَي بابَ الخَطايَا
وَوهبُوني مَشعلاً للخلاص
شاهَدتُ قبري يَبكي
فَبكيتْ
ولَمحتُ الوطنَ يَغْفُو عَلى كَتْفِ الدُّموعِ
قبلَ أَنْ أَتلاشى في الهذيانِ الأخيرِ

ذكرى 13 تشرين وغرائزية ميشال عون/ الياس بجاني

في الذكرى الـ 24 للمجزرة الرهيبة التي ارتكبها النظام السوري البعثي والقوى اللبنانية والإقليمية والأصولية والإرهابية من المرتزقة في 13 تشرين الأول 1990، ننحني  إجلالاً وإكراماً أمام أرواح شهداء وطن الأرز من عسكريين ومدنيين ورهبان، وأمام آلاف المعاقين والجرحى، وبخشوع نرفع الصلوات إلى الله طالبين أن يريح أنفس الذين قضوا في ساحة الشرف من مدنيين وعسكريين ورجال دين ويسكنهم فسيح جناته، ويبلسم جراح المعذبين والمرضى ويعيد المساجين والمخطوفين والمنفيين.
الشهادة للحق تفرض علينا أن نقارن موقع الجنرال ميشال عون وخطابه ومواقفه في 13 تشرين 1990، ذلك اليوم التاريخي الدامي، وبين موقع وخطاب ومواقف وتحالفات الرجل الحالية. ففي ذلك التاريخ كان في قصر الشعب، وفي قلوب وضمائر اللبنانيين، رافعاً بيارق السيادة والحرية والاستقلال، واليوم هو وللأسف أسير أطماعه وأوهامه في بلاد الفرس، وقصر المهاجرين البعثي الخراب، وفي دويلة حزب الله الإرهابي، ومغرب في وطنه وغريب بين ناسه، ورافعاً رايات "ولاية الفقيه"، وحامياً لسلاح غريب ومتفلت هدفه القضاء على  لبنان الرسالة والتعايش وإسقاط كل الأنظمة العربية بالقوة خدمة لمصلحة مشروع ملالي إيران الإمبراطوري الوهم. 
والأخطر في المشهدية الطروادية هذه أن عون بذل وعلى خلفية غرائزيته ونرسيسيته وبسبب هوسه بموقع الرئاسة، ارتضى صاغراً دور الأداة والتابع لدى محور الشر السوري-الإيراني والمعطل لانتخاب رئيس مسيحي جديد للجمهورية اللبنانية.
فشتان بين الموقعين وبين الرجلين!!
نعود بالذاكرة إلى ساحات قصر الشعب، حيث كان هناك قائداً للجيش، صار رئيساً للحكومة الانتقالية.
نعود متذكرين مشهد مئات الألوف من اللبنانيين يلتفون حول القائد الذي وقف في وجه المحتل السوري وأعوانه. 
تعود بنا الذاكرة إلى حيث كان أفراد الشعب اللبناني يفترشون باحات قصر الشعب الرئاسي ويستظلون الصنوبر المحيط به. 
كانوا هناك مع أولادهم وأقربائهم وجميعهم توجهوا إلى القصر ينتظرون بفارغ الصبر أن يُطلّ عليهم الجنرال ليبثَّ فيهم الروح الوطنية ونفحة المقاوَمة. 
كان المحتشدون وهم من كل الشرائح اللبنانية يُعطون ولا يأخذون. 
ليل 12 - 13 تشرين الأوَّل، تفرَّق الناس من باحات القصر، وقيل يومها إن الجنرال طلب منهم المغادرة لأن مطَّلعين على القرار أبلغوا إليه أن مهاجمة الجيش السوري للقصر باتت وشيكة.
المشهدُ الحالي بكل صوره مختلف تماماً، فبعد 24 عشر عاماً يقف الجنرال في قاطع غير القاطع السيادي، ومع غير شعب القصر. 
يقف مع الذين أخرجوه منه بقوة السلاح وقتلوا جنوده وارتكبوا الفظائع بالناس الأبرياء من المدنيين ودمروا وطنه. 
نعم، إن الذين أخرجوا عون من القصر عسكرياً هُم حلفاؤه وأسياده وتاج رأسه اليوم.
منهم من يجلس إلى طاولته بصفته عضواً في كتلته النيابية، ومنهم مَن يتردّد عليه في الرابية ليشيد بمقاومته لأميركا والغرب والقرارات الدولية، ومنهم من أصبح وديعة في حزبه، ومنهم من يشد على يده كلما توغل في جحوده وغيه وجنونه أكثر وأكثر في منع انتخاب رئيس للجمهورية وفي تسخيف كل ما هو مؤسسات وقوانين وثوابت وقيم ومبادئ.
24 عاماً انقلب فيها المشهد، لكن أبطال المسرحية ما زالوا هم إيّاهم وإنْ تغيَّرت أدوارهم. 
كانوا في طليعة المتقدِّمين والمهاجمين لقصر الشعب، واليوم هم حلفاء الجنرال بعد أن وقع في شر أطماعه وتخلى عن كل ماضيه واسقط شعاراته الوطنية والسيادية وأمسى مدافعاً عن سوريا الأسد الذي قال يوما للبنانيين بأنه سيكسر رأس أسدها!! لقد سقط الرجل في فخ أطماعه وأضاع البوصلة فانحدر وطنياً إلى ما تحت التحت.
في تشرين الأوّل 1990 كان حلفاء الجنرال الحاليين من المرتزقة يتفنَّنون في إيجاد الصفات "المسورنة" لإلباسها له: فمن "الجنرال الصغير" إلى "قائد التمرُّد" و"المتصهين" و"العميل، و"المجنون"، وغيرها الكثير من المفردات البعثية العكاظية، أما اليوم فهؤلاء هم أنفسهم، حلفاء الإحاطة، يكيلون له المدائح ويحرضونه على السياديين والاستقلاليين وعلى كل ما هو لبناني.
ما هكذا كنّا نريد الذكرى، كنّا نريد لشعب لبنان العظيم الذي أمضى أيامه ولياليه في قصر الشعب أن لا يكفر بهذا الرجل الذي انقلب على ذاته وعلى أهله وثوابت الوطن. إلا أن الحقيقة هي غير ذلك والجنرال اليوم هو مشكله قاتلة للبنان الوطن بسيادته وحريته والاستقلال، بل سرطاناً لا أمل من علاجه ينخر عظام مجتمعه المسيحي ويعمل على نحر كل تاريخه وثقافته والثوابت. 
لقد كفر الجنرال بالقيم، وانقلب على الثوابت، وتنكر لثوابت صرح بكركي الذي أعطي لها مجد لبنان، ونقض كل خطابه السيادي، وأفلس وطنياً وأصبح يبرر ما يقوم به من ممارسات هجينة بأخطاء وخطايا من كان ينتقدهم ويتهمهم بالخيانة والعمالة.
باع الغالي والنفيس من شعارات الوطن والحريات التي رفعها منذ 1988 وحتى عودته من المنفى سنة 2005 وأصيب بغشاوة البصر والبصيرة فتعامى عن أن الزعامة المسيحية لا تمر من دمشق ولا من طهران ولا من الضاحية الجنوبية، بل بساحة الشهداء وبالرابع عشر من آذار، فهذا التاريخ هو الذي حقَّق الشراكة في الوطن والمواطنية بعدما انتزعها من أيادٍ حوَّلت المواطنين إلى أتباع لا شركاء، فهل يُدرِك العماد هذه الحقائق؟
نقول للجنرال إن شهداؤنا يخاطبوننا ويقولون لنا أن لبنان الحر والسيد المستقل لن يكون مباحا للمارقين والمرتدين والمتلونين، بل للذين ارتبطت أسماؤهم بسجل الشهادة والعطاء والصمود، وهم يحثوننا ليعود كل واحد منا إلى ذاته وربه. لنقف في ذكرى استشهادهم وقفة ضمير ونخاطب أرواحهم ونجري معهم جردة حساب. 
من القلب هنيئا للشهداء وهنيئا لنا إن عرفنا عيش الشهادة لان الشهادة الحقيقة هي استشهاد من نوع آخر ودماؤهم تناشدنا لنشهد للحقيقة ولنرذل المرتدين والشاطرين من أهلنا والقيادات. 
لا بد من فرك وحك وجدان وضمير الجنرال إن بقي منه أي شيء لعل في العمل هذا ما يوقظ في أعماقه شريط الذكرى الأليمة بأوجاعها وتضحياتها الجلل والدماء الطاهرة التي أرقيت!!
هل يذكر أنه في ذلك اليوم المشؤوم تعرضت منطقة بكاملها للقصف الجوي والبري المكثفين ومن ثم دخل جيش الاحتلال السوري ومعه فلول المرتزقة إلى المنطقة لترتكب المجازر بحق جيشنا والأبرياء والعزل من أهلنا؟
هل يذكر أن هؤلاء دنسوا القصر الجمهوري ووزارة الدفاع، وأنه تخللت العملية الإرهابية تصفية المئات من العسكريين والمدنيين بعد أسرهم؟
هل يتذكر أنه تمت تصفية 117عسكريا في ضهر الوحش، و14 مدنيا في بسوس بينهم قاصرون، و26 في دير القلعة في بيت مري، فضلا عن خطف الراهبين الانطونيين الابوين شرفان وابي خليل ومصيرهما لا يزال مجهولاً!!
هل لا زال يتذكر المقبرة الجماعية للعسكريين التي تم اكتشافها في باحة وزارة الدفاع الوطني؟
نسأل الجنرال كيف طاوعه ضميره على أن ينكر وعلنية وجود معتقلين في السجون السورية وهو يعلم علم اليقين أنه تم في 13 تشرين 1990 اسر العديد من المدنيين والعسكريين، بعضهم قتل، والبعض الآخر أُفرج عنه، فيما المئات لا يزالون يقبعون في غياهب السجون السورية، وهل غابت عن باله جريمة اغتيال داني شمعون وعائلته؟
بالتأكيد لم ينسى الجنرال كل هذه الأحداث المؤلمة، ولكن الأكيد أيضاً أنه يتناسى عن سابق تصور وتصميم لأن قبلته أصبحت السلطة وكل ما عداها لا قيمة ولا وزن له في قاموسه الإسخريوتي الجديد.
 عاليا نرفع الصوت لكشف مصير المفقودين والمخطوفين كافة القابعين ظلماً وعدواناً في السجون السورية وسط إنكار وتخلي لوجودهم ليس فقط من قِبل جلاديهم البعث وخاطفيهم منظمات الإرهاب والأصولية ورموز حقبة الاحتلال السوري للبنان من رسميين وسياسيين ورجال مليشيات، بل وبوقاحة وتخدر ضمير وجحود غير مسبوقين من قبل الجنرال نفسه الذي وللأسف منحه الشعب ثقته والولاء طوال سنوات وصدَّق أنه يحمل لواء القضية والهوية والحريات، فإذا به ينقلب على ذاته والطروحات بعد عودته من المنفى وينتقل بخياراته المستجدة وتحالفاته الهجينة إلى قاطع محور الشر.
 كنّا نتمنى اليوم أن يكون الجنرال في موقع من مواقع الكرامة والعزة والعرفان بالجميل للشهداء، أو حتى رئيساً في بعبدا قلعة الصمود حينذاك، أمّا أن يكون ملحقاً وتابعاً في الضاحية الجنوبية وطهران وقصر المهجرين مثله مثل المافياويين والمرتزقة والمأجورين والإنتهازيين والأوليين وتجار نفاق المقاومة والممانعة والتحرير فهذا والله كفر وجحود وتناسٍ للذكرى وتغييب لمعناها وخيانةً لدم الشهداء. 
نتمنى لو أن الجنرال يتذكر قول مار افرام السرياني: "أن نموت في الجاد أليق بنا من أن نحيا في السقطة والذل. هذا العالم ميدان جهاد وقد أوجب علينا الرب ألا يقف جهادنا حتى النهاية".

المسيحيون في الدول الإسلامية/ أنطوني ولسن

 
منذ الغزو العربي للدول المسيحية في العالم والمسيحيون يدفعون ثمنا باهظا للحياة .

إنتشر العرب حاملين راية الإسلام في منطقة الشرق الأوسط ، وكانت مصر الدولة الوحيدة التي لم تحاربهم أو ترفضهم . بل كما يقول التاريخ أنه عندما عسكر القائد العربي المسلم عمرو بن العاص  بجيوشه فوق جبل المقطم في المنطقة التي تعرف الأن " بالأزبكية " . وفي فجر أول يوم له سمع الجنود أصوات صليل السيوف ، فأمر عمرو جنوده بفك خيامهم وأبقى على خيمته .

فوجيء الجميع بالرهبان حاملي الصلبان وهم يطلبون من القائد عمرو بن العاص حمايتهم من الرومان .

إستغل عمرو بن العاص هذه الفرصة ووعدهم بالحماية . وتم فتح مصر " كما يقول تاريخ العرب " والإستيلاء على خيراتها بعد أن أصبحت السلطة في يد عمرو بن العاص التابع للخليفة العربي المسلم عمر بن الخطاب الذي خشي على جنود المسلمين بعد أن أرسلهم لفتح " غزو " مصر . فبعث إلى عمرو برسول يحمل معه أمرا " إذا لم تكن قد وصلت إلى حدود مصر عُد بقواتك " . لأنه كان يخشى من قوة مصر الحربية بوجود القادة الرومان هناك . لكن القائد عمرو بن العاص " الداهية " كان يعلم مسبقا بخيرات مصر ، فقد كان تاجرا قبل أن يُسلم . فلم يقرأ كتاب الخليفة له إلى أن وصل الحدود المصرية ، حتى لا يقال عنه أنه لم يستمع إلى أوامر الخليفة .

القوة العربية الإسلامية بدأت تنتشر وبدأ الحكم العربي الإسلامي يفرض نفسه على شعوب الدول التي أصبحت تحت سيطرتهم .

الخليفة عُمر بن الخطاب الذي زار كنيسة بيت المقدس وعندما حان وقت الصلاة  رفض الصلاة داخل الكنيسة حتى لا يقلده المسلمون بعد ذلك  ، فصلى خارج الكنيسة .

الخليفة عُمر بن الخطاب نفسه أصدر بعد ذلك  ما عرف بالعهدة أو " الوثيقة " العمرية . وفيها إجحاف ما بعده إجحاف ضد المسيحيون في جميع البلاد التي تم غزوها وكنائسهم والتي كانت ومازالت تلك العهدة " الوثيقة " من الخليفة بمثابة سيف مسلط على رقاب المسيحيين " الإسلام أو دفع الجزية أو القتال "، وعدم بناء كنائس جديدة ، والكنائس الموجودة لا يجوز ترميمها وتترك حتى تسقط وتندثر .

واجه المسيحيون في جميع الدول المحكومة بالحكم الإسلامي العربي الكثير من الغبن والإضطهاد وأسلم من أسلم ، وقتل من قتل ، ودفع الجزية من دفع .

ما من حاكم تولى حكم هذه البلاد وكان عادلا بين أبناء تلك الدول .

أما عن المصريين فلم يختلف حكم العرب في إذلالهم ونهب ممتلكاتهم وخطف بناتهم وشبابهم وإجبارهم على الإسلام ( ومن يشاهد مسلسل " حريم السلطان "  سيتأكد بنفسه مما نقول فما أظهره المسلسل عن الدول الغربية وغزواتهم لها ، ما هو إلا دليل واضح على ما فعلوه في مصر وغير مصر) . ومازال حتى وقتنا هذا " القرن الواحد والعشرون " يعامل المصريون معاملة الذمي ولا مكان له في الدولة لا سياسيا ولا إجتماعيا وإذا كان المصري المسيحي يمتطي دابته ومارا على جماعة مسلمة ، عليه أن ينزل من فوق الدابة وينحني لهم ويسير ووجهه منحنيا لهم . وإذا إمتطي دابته ولم يكن قد بعد عن تلك الجماعة ، يمتطيها " دابته " ووجهه لأسياده العرب المسلمون . وبالطبع حدث نفس الشيء في جميع الدول الإسلامية سواء العربية " التي تتحدث اللغة العربية " أو الإسلامية " ولا تتحدث اللغة العربية " مثل إندونيسيا وماليزيا وغيرهما

لو دققنا النظر فيما يحدث هذه الأيام ضد المسيحيين في الدول الإسلامية نشعر بأن لا شيء قد تغير بالنسبة للمسيحيين . بل مع الأسف يتم إختطاف البنات وإجبارهن على إعتناق الإسلام . ويتم حرق بيوتهم وكنائسهم وسرقت أموالهم ومحلاتهم التجارية وخطف رجال الأعمال والإفراج عنهم " إذا كانوا محظوظين وعلى قيد الحياة " بعد دفع مبالغ باهظة لأعادتهم إلى زويهم وأهلهم .

ما الذي تفعله القوات الإجرامية المسلحة وبإسم الدين في العراق ، سوريا ، ليبيا واليمن ؟ طبيعي لا شيء في الخفاء هذه الأيام ، إنهم ينفذون حرفيا ما جاء في " العهدة أو الوثيقة العمرية " . والأكثر غرابة أنهم ينهبون بيوتهم وأموالهم وممتلكاتهم ثم يطردونهم خارج أوطانهم التي هي جزء لا يتجزأ من نسيجهم الوطني في الوطن الذي يعيشون فيه .

المسيحيون في الدول الإسلامية محرومون من أبسط حقوق الإنسان الدولية ، ولا أحد يلتفت إليهم . فهل سنجد من المسلمين عربا كانوا أو غير عرب ، رؤساء كانوا أو ملوك أنه حقيقة سيعمل من أجل تفعيل حق كل مواطن ولد وعاش على أرض وطنه ؟ وهل سيتوقف يوما ما النظر الى المسيحيين على أنهم أقل من المسلمين لأنهم كفار ولا يستحقون سوى الإذلال ؟

 أسئلة كثيرة حائرة لا نجد إجابة لها .....

وإلى لقاء وموضوع أخر عن المسلمين في الدول الغربية الكافرة ...