الراقصون على الدماء/ محمد فاروق الإمام

إنه الزمن الرديء.. إنه زمن اللامعقول الذي بتنا نعيشه ونحياه بكل مفردات حياتنا اليومية، فمن كان منا يظن ولو للحظة واحدة أن تشارك بلاد العرب أوطاني من الشام إلى يمن إلى بغداد فتطوان أعداء الأمة الرقص على دماء وأشلاء الأمة وهي تنزف شلالات من جنباتها وأعماق أعماقها، وتهز الخصر والأرداف على الواحدة والنصف، وكؤوس الخمرة يرتشفها دعاة المقاومة والصمود وإلى جانبهم دول الاعتدال والسلام الاستراتيجي.. يرتشفون الخمر حتى الثمالة وكل يغني على ليلاه: اليوم خمر وغداً خمر فلا أمر يعقد ولا رأي يصوّب!!!
تودعي من الدنيا يا أمة العرب فلا مكة ولا القدس تجمعنا ولا النيل أو بردى يروينا ولا حضارة بابل ولا بعلبك ولا تدمر ولا الأهرامات تشدنا فتلك أساطير توارثناها عن جهل الجدات وهن يروينها.
آه يا أمة الضاد ما عدت لغتنا وقد بات الحديث بشالوم وهلو وبنجور كل ما نسمعه فقادة الأمة لغير الضاد قد احتكموا، فمن واشنطن وموسكو ولندن وباريس وتل أبيب تصدر لهم الأوامر!!
آه يا أمة العرب كم من الغيوم قد تلبدت في سماء أوطانك فلا قوس قزح نراه تنشق عنه السحب ولا خيوط شمس تبدد بقايا المزن!!
آه يا أمة العرب إلى متى سيطول ليلك وقد صحا الناس في الكونغو والفلبين وتايلند وتوغو وبنما والهندوراس والإكوادور وسيرلنكا، وإلى متى سيطول صمتك وقد علت الأصوات هنا وهناك إلاك!!
آه على دماء الأهل في غزة والشام فقد جفت ولم يرتوي ظمأ العطاشى من عرب ومن صهيون ومن عجم!!
**
من يوقف هاتين الدولتين المارقتين عند حدهما

أحار بالكيفية التي أنعت فيها "كيري" وزير خارجية أمريكا وهو يعلن في واشنطن عقب زيارة له إلى منطقة الشرق الأوسط بكل صفاقة وبلا حياء، بعيداً عن القيم والأخلاق الإنسانية أو ارتباطه بمفرداتها، ودون حس بالمسؤولية الكبرى الملقاة على عاتق واشنطن بصفتها القوة الأكبر في العالم، وامتلاكها لحق النقض الفيتو في مجلس الأمن: أن " أي عملية لحل الأزمة في غزة بطريقة دائمة ومهمة، ينبغي أن تؤدي الى نزع سلاح حماس وكل المجموعات الارهابية"، متبنياً مطالب الدولة العبرية وشروطها لوقف اعتداءاتها على غزة وتنكيلها بالشعب الفلسطيني عبر السلاح الأمريكي الذي تقدمه واشنطن لهذا الكيان المغتصب منذ أكثر من خمس وستين سنة هدية بالمجان، خمس وستون عاماً من الاغتصاب والاحتلال والحصار والتضييق وكتم الأنفاس، ومنع الدواء والماء والغذاء والحليب عن الأطفال والعجزة والمرضى والجرحى ومواراة الشهداء التراب، دون أن يرف لها جبن أو يرتعش لها جنان، وأمريكا بموقفها هذا تبرهن بما لا يدع مجالاً للشك أنها دولة ترعى الإرهاب والاحتلال بامتياز، وحالها كحال صنوها ومناكفتها روسيا التي لا تقل عنها تجيراً واستكباراً، وهي الدولة الثانية الأعظم في العالم، وصاحبة حق النقض الفيتو في مجلس الأمن، التي تحمي النظام الإرهابي القاتل في دمشق وتذود عنه وتنافح من أجل بقائه، وتقدم له أعتى ما وصلت إليه ترسانة أسلحتها الفتاكة القاتلة والمدمرة من أسلحة وذخائر، والتي أتت حتى اليوم وبعد ثلاث سنوات من عمر الثورة السورية، على قتل ما يزيد على 300 ألف سوري، وتغييب ضعفهم في السجون والمعتقلات والاختفاء، وتهجير أكثر من ستة ملايين خارج سورية في الدول المجاورة والعالم، وفرض النزوح على أكثر من 12 مليون سوري هائمين على وجوههم داخل الأراضي السورية بحثاً عن الأمن والأمان المفقودين منذ وطئت قدما آل الأسد سدة الحكم في دمشق عام 1970.
هاتان الدولتان المارقتان المتحكمتان في العالم وفي مصائر الشعوب وهي تتقاطع مصالحهما في قهر الناس وظلم العباد، لابد من وقفة شجاعة لدول العالم قاطبة تجاه ما يفعلانه بشعوب الأرض المستضعفة، وأن على دول العالم أن تتوحد إرادتها في مواجهة هاتين الدولتين المارقتين ووقفهما عند حدهما، وإيجاد صيغة جديدة بديلة عن مجلس الأمن الحالي الذي تعبث به هاتين الدولتين المارقتين، صيغة جديدة عادلة تنصف الأمم والشعوب المستضعفة وإقامة ميزان الحق والعدل في الأرض، فقد بلغ السيل الزبى وآن على العالم أن يتحرك سريعاً لوقف شلالات الدماء المهراقة  في كل أصقاع الدنيا وضحيتها الدول الضعيفة والشعوب المقهورة.
أخيراً أتساءل بحرقة وألم: هل سيتحرك العالم حقيقة لوقف هاتين الدولتين المارقتين أمريكا وروسيا عند حدهما، وهل سينصف النظام العالمي الجديد الذي ننشد الدول الضعيفة وينصف الشعوب المستضعفة من محتليها وحكامها وجلاديها ومصاصي دماء أهلها وناسها؟!
**

داعش طيور النار القادمة الى بابل/ الدكتور رافد علاء الخزاعي

لايخفى على الكثير ماهية الشخصية الصهيونية ودواخلها النفسية الممتدة عبر القرون من الشعور بالدونية والخزي والعار من ذنوب الاسلاف والاجداد ان الفكر الصهويني لو تمعنى في قرائته يركز كثيرا على دولة ممتدة بين الفرات والنيل دولة تحقق لهم كبتهم العنصري المأزوم من الاسر البابلي الاول والعار الذي لحقه بهم الملك البابلي نبو خذنصر( المنتصر بامر الله)والعار من استيحاء المصريين الفراعنة لهم هذان العاران التاريخيين نراه متجدد في طقوسهم في البكاء امام حائطهم المزعوم او وضع احذيتهم على رؤوسهم في فترة صلاتهم الروحيةوهم يعتقدون كل الاعتقاد ان الاسلام الذي طردهم من الجزيرة العربية ومن حصنهم المقدس خيبر جرح لابد من اندماله عبر الانتقام من العرب المارقين على ديانتهم اليهودية وهكذا كانت موامرتهم مع ابرهة الحبشي وموامرتهم في ترسيخ المفاهيم والسوكيات الخاطئة في هذه الامة من خلال اختراق التاريخ المزيف المكتوب باقلام مدفوعة الثمن وهكذا هي المؤامرات تتوالى على الامة وقد وجد الصهاينة ومفكريهم ان خير سلاح لتدمير الاسلام والعرب هو صنع مرجعيات دينية مزيفة ودعمها ماليا واعلاميا وتقنيا ونشر الفرقة بين الامة عبر اجترار افكار تاريخية مزيفية وهكذا نرى التكالب على الامة  الاسلامية ومفكريها عبر تسفيه افكارهم ومحاولة تفكيرهم من خلال التاثير المباشر على مايسمى الخلفاء والسلاطين وذلك لو نراجع التاريخ جيدا لتعرفنا محاولة تقرب الصهاينة عبر انتحالهم الطب وتجارة الذهب مبكرا مما يجد لهم حظوة مميزة عند اصحاب القرار يستطيعون من خلاله دس رسائل تؤثر عليهم.
ان فكر الخوارج هو فكر صهيوني بامتياز مشابه له من ناحية الفلسفة العنصرية في تسفيه وتكفير الاخرين المخالفين للفكر لاعتقادهم انهم خير امة اخرجت للناس وهكذا كان الجرح الدامي في الامة ونزاع السلطة ولم يياسؤ الصهاينية وربيبتها الماسونية العالمية من ابتداع موسسات سياسية منمقة وجاذبة الى امال الجماهير المعدومة الرازخة تحت نير الجهل والمرض والفقر والفاقدة لحريتها الانسانيةتحت الوان قومية واشتراكية ودينية ولكنها وجدت الدين هو السلاح الذي وحد الامة هو نفسه السلاح القادر على تفريقها من خلال التركيز على الاختلافات والمعارك التاريخية والرموز وتعميق ثقافة العصمة الى كل من سلم وشاهد الرسول محمد صلى الله وعليه واله وسلموهكذا حققت الحرب تحت الرمزية التاريخية المقدسة مصدر دمار الى الامة وجعلها ترزخ تحت نير التخلف والاضطهاد.
ان حلم العودة الى بابل منتصرين حلم رواد الصهاينة بل هو الدرس الاول في نظامهم التعليمي لاطفالهم والخطوة الاكبر في استترتيجتهم الدفاعية لتحرير انبياء الله  الكفل والعزير من سجنهم التاريخي لدى البابليين وفي ترتليهم واحلامهم المكبوته ودعائهم الاثير ان يسلط الله  ياهو طيور النار على اهل بابل والفرات ويحرقهم ويحول الفرات الى نهر دم وجثث موتاهم لرميها في البحر هكذا هي العقيدة الصهيونية المازمة التي جندت لها اساطين الفكر والسينما والمال واذناب تربوا منذ الطفولة لتحقيق هذا الهدف انه حصان طروادة الجدية لتدمير الاسلام والمسلمين والعالم اجمع والسيطرة عليه.
ولو تمعنا اكثر  لوجدنا ان كلمة داعش في اللغة العبرية هي طيور النار وان جاءت ضمن السياق الاعلامي التسويقي لمختصر دولة العراق اللا اسلامية في بلاد العراق والشام وان مختصرها في الانكليزية isisهو نفس المصطلح الفنيقي لطائر النار ضمن الاسطورة الاسرائلية والحلم الصهيوني لتخريب بابل من جديد انهم يحاولون ان  يرسمون التاريخ من جديد بطيورهم النارية واذنابهم المتخاذلين مع الصهيونية ولكن لايعلمون ان وعد الله حق وان الله لايخلف وعده.
عندما تريد تثير الجنون بالاخرين ارسل لهم افكار مشابهة لافكارهم من ناحية الشكل مع الاختلاف في المضمون اي بعبارة اخرى افكار مسلفنة وهكذا فعل السامري مع اتباع موسى عليه السلام وفرعون مع نبينا موسى وهكذا فعل الاحبار الوثنين مع سيدنا المسيح وهكذا فعل ابو جهل ومسيلمة الكذاب والاسود العنسي مع رسولنا ونبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم وهكذا فعل معاوية بن ابي سفيان والخوارج مع امير المؤمنين عليه السلام وهكذا فعل اليهود البرتغاليين مع دولة الاندلس وهكذا هي الافكار اليسارية المغلفة بالدين في تخدير الشعوب ولكن الان المعركة بعد هذا المسار التاريخي استطاعت الصهيونية العالمية ابتداع ربيبتها المسلفنة داعش من خلال دراستها الى المجتمع العراقي بين وتغيراته مابعد 2003للتكون لديهم صورة واضحة واستغلال تام للمعالجة السياسية الجاهلة لتسير امور البلد وايجاد لها اذناب معروفين منذ ثلاثينات القرن الماضي ان داعش الصهيونية بدات المؤامرة الكبرى في وقت صيرورة العراق ان داعش لاتستهدف الشيعة وحدهم او تستهدف العراق وحده او تستهدف العرب وحدهم ان داعش مشروع صهيوني يستهدف اعادة السيطرة على العالم عبر الدين المسلفن ولذلك على الجميع تناسي اخطاء الماضي وجروحه والوقوف جبهة صلدة ضد هولاء الدواعش الصهاينة الذين يهاجمون الامة الان عبر الموصل وغزة ليتساوى الجانبين في بشاعة الجرائم تلك تحت صيحات الله اكبر وتلك تحت صيحة الدفاع عن ابرياء بني اسرائيل من قصف الصاروخي لحماس انها معركة متقنة لتبرير الجريمة وترسيخ الصمت العربي المطلق لانظمة العهر العربي.
ان جرائم داعش الصهيونية هي امتداد الى جرائم اورليان سفاح اورشليم في اعدام حجاج بيت الله الحرام والاسرى في الحروب الصليبية وجرائم بن عزرا وموشي ديان في اعدام الجنود المصريين العزل في حرب 1967 وانهم اعادوا تمثيل الجريمة الجريمة نفسها  مابعد نكسة حزيران انهم يريدون ترسيخ الخيانة والغدر ولكن هذه  المرة بايدي ماجورة تتختذ من اللحى والتكبير غطاء للجريمة انها جريمة مزدوجة في القياس وانتصار للصهيونية في تفكيك الامة بيد ابنائهم وانتصار على الثقافة العربية التي لم تستطيع تنظير متطلبات المعركة وارتهنت اقلامها في تمجيد السلطة الزائفة الخرقاء انها النكسة الثانية فمتى يفيق المثقف العربي من غفوته وليعلن ثورته من جديد بوجه هذه التداعيات ام يظل يشجب ويشجب فقط وهو نائم يحلم بالعودة على صوت فيروز او باننا سننتقم بصوت نانسي عجرم.
ما اشبه اليوم بالبارحة عندما اتفق صاحب الموصل مع هولاكو في غزو بغداد  واتاحوا المجال للصليبيين في احتلال القدس وهكذا هو اعادة الاتفاق التاريخي لتدمير الامة في كل قرن جديد انهم يعيدون المحاولة بعد 1000 سنة بعد محاولتهم الفاشلة التي قادها بوش الابن في احتلال بغداد وخروجه منها مهزوما محسورا ولكنه اخذ معه ربائب انتقاهم من خلال سجونه وتعامل مخابراته المركزية والسماح للاختراق الصهيوني لهم  وهكذا انضم صاحب الموصل تاجر الخيول التي ذبحها الدواعش ابتهاجا بنصرهم في احتلال الموصل لجيشهم وهكذا هو اليوم ينظم والي الموصل مع الدواعش الصهاينة لاعلان دولتهم الصورية الكارتونية لتشويه الاسلام الحقيقي وخلط الاوراق من قبل الاعلام البترودولاريو الانكلو سكسوني وليخططوا  لغزو بغداد من جديد لكن يخسئؤ فقد كشف زيف التاريخ المكتوب وليعلموا ان نهايتهم قريبة بايدي العراقيين الشرفاء الذين لاتفرقهم خلبصات الملعونين .
ان معركتنا الان مع الدواعش الصهاينة  ومن لف لفهم ومن اوجد لانفسهم حاضنة وولاهم اتعلم ان في العراق في ثمانينات القرن الماضي4ملايين مصري ومنهم مليون واحد مصاب بالبهارزيا المعوية المناسوناي ولم يصب عراقي واحد بهذا الوباء اتعلم لماذا لانه لم يكن القوقع المسؤول عن تحول يرقة البلهارزيا الى ميرسوديم يسبب المرض للعراقيين فان ندائي لشركائنا في الوطن ان لايكونوا حواضن للدواعش الصهاينة ويكون موقفهم شريفا مثل اهل سامراء الابطال النجباء واهل العلم واهل حديثة الابطال واهل الضلوعية النجباء في منع الدواعش الصهاينة في التعشش في مناطقهم ولكم في اهل الموصل تجربة حزينة وماذا فعل الدواعش الصهاينة بعد ان استقر لهم الوضع ان معركتنا الان اما تكون مع العراق او تكون مع داعش صهيوني.
 نعم ايها العراقي اما تكون او لاتكون
ان جرائم داعش الصهيونية لافائدة معها الا الحرق والاستئصال كما يستئصل الطبيب السرطان من الجسد والا يفتك السرطان ب الجسد ولذلك للطبيب ادوات الاستئصال الجراحي والكميائي والدوائي والاشعاعي علاجا فعالا وناجعا وسريعا بلا تاخير ولا تردد وهكذا لاتهاون مع داعش الصهاينة ومن يتخفى خلفهم الا القتال الى اخر نفس لان في هذه المعركة لايوجد اسرى وانما ام تكون او لاتكون اما تموت وتستشهد وتذهب الى الله ليحكم بيننا او النصر المؤزر باذن الله وانشاء الله قريبا سيكون وسترى كم من وجه متامرة تسقط في مزبلة التاريخ.
فأن بين النون والراء الف سيحرق الدواعش ويجعلهم طعام للغربان

مفاوضاتٌ بالنيران وضغوطٌ يمارسها الإخوان/ مصطفى اللداوي

مما لاشك فيه أن العدو الصهيوني قد بات يريد إنهاء العملية العسكرية التي شنها على قطاع غزة، لكنه لا يعرف كيف ومتى ومع من ينهيها، فهل يوقف إطلاق النار من طرفٍ واحد، دون اتفاقٍ مع المقاومة، فيعفي نفسه من أي التزامٍ تجاهها، ويعطي لنفسه حق التدخل والقصف في أي وقتٍ، وفي أي مكانٍ، وأياً كانت الأهداف، بذريعة الرد على مصادر النيران، وعدم المبادرة بها، ليكسب بذلك الرأي العام الدولي، وليحوز على مشروعية استخدام القوة ضد الأهداف التي يشن عليها غاراته، بحجة أنهم لا يبادرون بإطلاق النار، بل يردون عليها، ويحاولون إخمادها، وتجنيب مواطنيهم أخطارها.

أم يعلن استجابته لنداءات الأمم المتحدة وأمينها العام، وقبوله دعوات قادة ورؤساء الدول الكبرى، الذين يناشدونه وقفاً فورياً لإطلاق النار، والكف عن قصف الأهداف المدنية في قطاع غزة، وبذا يظهر أمام العالم أنه استجاب للنداءات الدولية، والدعوات الإنسانية، فيحسن صورته أمام الرأي العام الدولي، وهي الصورة التي ساءت كثيراً من خلال الصور التي نقلتها وسائل الإعلام، والتي كشفتٍ عن دمارٍ كبير، وخرابٍ واسع، تسبب به القصف الإسرائيلي العشوائي للمناطق، فضلاً عن التزايد الكبير في عدد الضحايا المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، فتكون استجابته للنداءات الدولية في الوقت الذي تظهر فيه المقاومة على أنها هي التي ترفض وقف إطلاق النار، وأنها بموقفها المتعنت تتسبب في قتل المدنيين، وتلحق الضرر بهم وبممتلكاتهم.

وهناك فريقٌ إسرائيلي آخر، ممن يرى ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإنهاء كافة العمليات العسكرية فيه، لكن على أن يتم ذلك بالاتفاق مع السلطة الفلسطينية في رام الله، وبالوساطة المصرية مع رئيسها محمود عباس، على ألا يكون فيها أي دور لحركة حماس، وغيرها من القوى والفصائل الفلسطينية المقاومة، ويستطيع العدو من خلال هذا الطرح، أن يفرض الشروط التي يريدها، ويوظف معه المجتمع الدولي في ضمان تطبيقها، والتزام الفلسطينيين بها، فضلاً عن أنه قد يحسن من وضع السلطة الفلسطينية إزاء الفصائل في غزة، ويظهرها بأنها حريصة على أرواح المدنيين وممتلكات المواطنين.

وخلال ذلك تصر حكومة العدو على أن تحتفظ بالمواقع التي سيطر عيها جيشهم، وهي في أغلبها مناطق حدودية، على ألا يعود إليها أهلها الذين هُجروا منها، والذين دمرت بيوتهم ومنازلهم، ليتسنى للفرق الفنية والهندسية لجيش العدو مواصلة البحث عن الأنفاق، ومتابعة المكتشف منها، والتثبت من تدميرها، ولمنع المقاومة الفلسطينية من استخدام المناطق الحدودية في إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية.

لكن خيارات العدو الإسرائيلي الثلاثة السابقة تصطدم مع إرادة المقاومة الفلسطينية وقوتها، التي ترفض كلياً أن تسمح للعدو بتنفيذ مخططاته، أو إنهاء المعركة حسبما يريد، ووقتما وكيفما شاء، الأمر الذي يجعله عاجزاً أمامها، وغير قادر على تمرير أحدها، فهو يفشل في تنفيذ أياً منها نتيجة رفض قوى المقاومة وممانعتها، وإصرارها على مواصلة المقاومة، واستئناف إطلاق الصواريخ، فضلاً عن قيامها بعملياتٍ مختلفة، كالقنص والمباغتة والمداهمة، والقصف والتسلل والاشتباك مع جنود العدو خلف خطوط النار، في محاولةٍ منها للرد على الغارات والاعتداءات الإسرائيلية، التي أدت إلى استشهاد المئات وجرح الآلاف من الفلسطينيين.

لكن العدو الصهيوني بات مرغماً على أن يجد حلاً سريعاً، يرضي شعبه، ويحافظ على معنويات جنوده، ويبقي على جيشه متماسكاً قوياً، ويقضي على إحساس المقاومة بالنصر، ويقتل الشعور لدى الفلسطينيين بنشوة الصمود والثبات، خاصة بعد أن تمكنت المقاومة من تحقيق الكثير من نقاط الكسب، إذ قتلت عشرات من جنود وضباط الجيش، كما قامت بعملياتٍ تسللٍ خلف الحدود وعلى الجبهات، وتمكنت من مهاجمة دوريات ودبابات واشتبكت معها عند نقطة الصفر، ونالت منها، ونجحت في أسر جندي.

يدرك العدو أن ما لحق به على أيدي رجال المقاومة الفلسطينية في حربه البرية ليس إلا بداية، وأن القادم سيكون أصعب بكثير، فهو ما زال على الحدود، ويقاتل على الأطراف، ويستخدم كل قوته الجوية والبرية في التغطية على تحركات جنوده، ولمنع أي محاولة لمهاجمتها والاشتباك معها، ولهذا فإن استمرار المعركة ليس من صالحه أبداً، ولا يخدم خططه، ولا يقربه أو يساعده في تحقيق أهدافه، لهذا فإن الخيار الأمثل له، هو في إنهاء العمليات العسكرية، والانسحاب من القطاع، ولكن ضمن شروطٍ ضابطة، وضماناتٍ تساعده في تحقيق بعض أهدافه التي عجز عن تحقيقها بالقوة، ولعله قد وجد ضالته في الورقة المصرية، التي تضمن له تحقيق الكثير من الأهداف، بأقل قدرٍ من الكلفة والتنازل.

ليس أمام العدو الإسرائيلي سوى هذا الخيار، فهو يريد أن يخضع المقاومة لإرادته، وأن يجبرها على القبول بمبادرته، والنزول عند شروطه، ولما لم يكن قادراً على الوصول إلى غاياته عبر كسر المقاومة عسكرياً وفي الميدان، إذ يعترف أنه لا يعرف من يقاتل، ولا يعرف أين يوجد عدوه، وكيف ومن أين يخرج إليه، كما أنه لم يتمكن من رصد أهدافه وقصفها، لهذا فهو يلجأ إلى خيار استهداف المدنيين، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير المساكن والبيوت، وتكثيف إطلاق النار، ومضاعفة عمليات القصف، وزيادة الطلعات الجوية، لتجبر المقاومة على القبول بالشروط الإسرائيلية حمايةً للمدنيين، وخوفاً على الباقين منهم، وللحيلولة دون هدم المزيد من بيوتهم.

العدو الإسرائيلي يدرك أن هذا الخيار فاشل، وأنه لن يؤدي الغرض، ولن يصل إلى الهدف المنشود منه، فالفلسطينيون جميعاً في قطاع غزة يقفون إلى جانب المقاومة ويؤيدونها، ويخافون عليها ويحرصون على استمرار وجودها وعملها، وهم يتحملون كل شئ في سبيل مواصلتها لعملياتها، ولن يكونوا يوماً سبباً في ضعفها، أياً كانت خسائرهم، ومهما بلغ عدد شهدائهم.

لكن العدو يصغي إلى بعض حلفائه من الأنظمة العربية، التي تحضه على الاستمرار، وتناشده الصبر، وتتمنى عليه عدم التراجع عما بدأ، فهذه فرصة لن تتكرر، أما التراجع فهو هزيمة وانتحار، لذا فهي تطالبه بأن يستمر في الحوار لكن تحت النار، وأن يستمر في إعلان القبول بالمفاوضات، لكن دون أن يتوقف عن أعمال القصف والهجوم.

إنهم وحلفاؤهم يعتقدون أن المقاومة عنيدة جداً، وصلبة للغاية، وباتت تملك قوة كبيرة، الأمر الذي يعقد من مسألة كسرها وهزيمتها، ولكن الضغط على الشعب، والمبالغة في استهداف المدنيين، وعدم التوقف عن القصف، سيجبر المقاومة على أن تختار وتقرر، فإما الصمود وخسارة الشعب، وإما القبول والحفاظ عمن بقي، ولكن العدو ومن معه، عرباً وغرباً، ينسون أن الشعب سابق المقاومة، وأنه حاضنٌ لها، ويعمل أكثر منها، وهو على استعداد لتحمل المزيد من أجلها، وأنه الذي يدعوها إلى الصبر والثبات، وهو الذي يحذرها من مغبة التفريط والتسليم، ولن يقبل بأقل من هزيمة العدو، وتسليمه بشروطنا، والتزامه بحقوقنا.

الاثنين 11:25 الموافق 28/7/2014 ( اليوم الثاني والعشرون للعدوان)

الأغنية الوطنية الفلسطينية في المعركة/ شاكر فريد حسن

تلعب الأغنية الوطنية والسياسية في معارك النضال الوطني ، وتأجيج ثورات الشعوب ضد المحتلين والمستعمرين والمضطهدين ، وفي زمن الحروب ، دوراً نضالياً وتحريضياً مؤثراً وخلاقاً في شحذ واستنهاض وشحن  الجماهير وتثويرها وإلهاب حماسها وتوجيه طاقاتها وجبروتها ، وبث روح الصمود والمقاومة والأمل في نفوس المقاتلين والمناضلين . فهي أيقونة الثورة وبمثابة النبوءة الثورية الشعبية ، وتشكل سلاحاً مهما في المعركة لأجل الانتصار .
وعبر مسيرة الثورة الفلسطينية الماجدة كان للأغنية الوطنية والسياسية الملتزمة الدور الكبير في نضالات شعبنا وانتفاضاته المتعاقبة ضد الاحتلال وموبقاته وممارساته التعسفية التنكيلية ، وكان لكلماتها القوية ونبراتها الحماسية الهادرة الأثر الهام في نفوس الشعب ومقاتليه .  وقد ولدت هذه الأغاني الثورية الأصيلة المعبرة في الخنادق وسط المعارك ، وإبان العدوان الصهيوني على الثورة والمقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية في بيروت الصمود ، التي لا تموت ، وفي خضم الانتفاضة الشعبية الفلسطينية ضد المحتل ، وكان لها إسهام في توثيق الأحداث التاريخية التي مرت على شعبنا المشرد ووطننا الفلسطيني المسلوب وحركة تحرره الوطني .
ولا نزال نردد ونحفظ عن ظهر قلب أغاني فرقة "العاشقين" و"الأرض" و"الميادين" و"أبو عرب" ، وأناشيد مارسيل خليفة واحمد قعبور وخالد الهبر ومصطفى الكرد وجميل السائح ووليد عبد السلام ، وسواهم من رواد أغاني الثورة والالتزام السياسي الواضح ، التي تحاكي الواقع ، وجاءت تعبيراً حقيقياً عن الوجع الفلسطيني والحدث وتداعياته ، وفيها الكثير من الصور والأحاسيس الوطنية التي تلهب حماس الجماهير الغاضبة المتمردة والثائرة ، وتخاطب وجدانها ، وتحفزها على المشاركة في عمليات المقاومة .
وفي الحقيقة أن الأغنية الوطنية الفلسطينية شهدت تراجعاً في شعبيتها ودخلت في إجازة بعد توقيع إتفاق اوسلو ، لأن السلطة الوطنية الفلسطينية تعاملت مع هذه الأغنية كجزء من خطابها التعبوي السياسي والثقافي ، فتم إنتاج أغاني تتماشى وتساير المرحلة ومع السلام والحب والأمل والتعايش المشترك . ولكن هذه المرحلة الضبابية لم تدم طويلاً ، وسرعان ما شهدت الأغنية الوطنية مع انتفاضة الأقصى عودة قوية واحتلت مساحة كبيرة في الإذاعات والفضائيات ومواقع الشبكة العنكبوتية ، وظهرت أعمال غنائية وطنية عبرت وجسدت روح هذه المرحلة بكل تفاصيلها وملامحها .
واليوم ، وفي خضم الحرب الإجرامية العدوانية الدائرة في غزة بين المقاومة الوطنية الفلسطينية وبين قوات الغزو الإسرائيلي ، تغيب أغاني الحب والغرام ، وأغاني الخلاعة الاستعراضية والاستهلاكية التجارية الهابطة ،  وتسطع من جديد أغاني الوطن والثورة والالتزام ، أغاني النهج الثوري التقدمي ، أغاني فيروز ، ومارسيل خليفة ، وأبو عرب ، والعاشقين ،، وأحمد قعبور ، وريم بنا ، وأمل مرقص ، وغيرها من الأغاني التي تبث وتزرع الأمل ، وتعمق الانتماء ، وتصون الهوية ،  وتثير المشاعر الوطنية ، وتهز الوجدان الفلسطيني .

كتاب شجب واستنكار وجهته بحق مسلسل سرايا عابدين للسفارة المصرية بالأردن/ فراس الور

الى سعادة السفير خالد ثروت سفير جمهورية مصر العربية الى المملكة الأردنية الهاشمية،  
الى سعادة الدكتور أشرف الكيلاني المحترم، 

تحية طيبة و بعد، 
لا يسعني و نحن على أبواب عيد الفطر المبارك إلا أن أتمنى لكم أعياد سعيدة طالبا من الله أن يمن عليكم بموفور الصحة و السعادة و العافية، 

بصفتكم ممثلي لجمهورية مصر العربية العزيزة على قلوبنا جميعا في بلادنا الأردنية الحبيبة، اشارككم قلقي بتصريحات غير مسؤولة عن مسلسل سرايا عابدين و الذي آخذ مؤخرا حيزا كبيرا من اهتمام صحفكم المصرية، و حيث احتوى هذا العمل على خطئ تقني فاضح و كبير تحاول الفنانة يسرا تبريره عبثا بالصحف المصرية حيث تقول أن هذا العمل يخلط بين الواقع و الوهم (الخيال)، و لعلها تفعل هذا من شدة الصدمة عليها حيث يلاقي هذا العمل رفضاً كبيراً من النقاد و المؤرخين و الصحف العربية، ارجو العلم أنه عندي خبرة عشرة سنين بمجال كتابة المقالات باللغتين العربية و الإنجليزية و قد قرأت ما يقارب عن عشرين رواية أدبية لأدباء كبار في أمريكا منهم الكلاسيكي القديم مثل شيكسبير و منهم المعاصر أمثال Sydney Sheldon و HAROLD ROBBINS ، و قد شاهدت ما يقارب الخمسين فلم من التي تصنفهم السينما الغربية بملاحم ابداعية و تاريخية و صدقا لا متسع في هذا الكتاب لذكرهم جميعا، و من هذه الافلام من آخذ جوائز عالمية، فبحياتي لم يمر عليً كأديب و ناقد لي ثقافتي و عطائي بالصحف المحلية الأردنية و العالمية ان هنالك شيئ اسمه خلط بين الواقع و الوهم بالقالب الأدبي و الدرامي الذي تم تقديم سرايا عابدين من خلاله، هذا الخلط بين الواقع و الوهم (الخيال) يحدث عندما يقوم الأديب او كاتب السيناريو بعملية الإستيحاء لعمل مُعَيًنْ من مصدر أدبي او درامي او تاريخي، و غالبا ما يُدْخِلْ الأديب خياله لهذه المعادلة ليضفي على العمل صبغة خاصة ابداعية تجعله مميز، و بالعادة تُكْتَبْ هذه الجملة على العمل
 "THIS FILM IS INSPIRED FROM TRUE EVENTS"،
و يعادل هذا الشيئ باللغة العربية جملة "هذا العمل مستلهم من احداث واقعية"، و إذا تَدَخًلَ الخيال بأفاق محدودة يقول الكاتب "أن هذا العمل مستوحى من احداث واقعية"، و غالبا هذا يحدث ليقول الكاتب للمشاهد أن خياله هنا يروي الرواية مع المحافظة على بعض من احداث القصة الواقعية، و لكن الذي حدث بسرايا عابدين أن الكاتبة حافظت على نفس شخصية الخديوي اسماعيل و على نفس اسم السرايا (عابدين) و على الكثير من الشخصيات التي احاطت بالخديوي بالتاريخ مما جعل تدخل خيال الكاتبة غير مقبول...فبهذا تم تزوير التاريخ، هذه جريمة يعاقب عليها القانون و لعلني بهذا الكتاب ألفت انبتاه عنايتكم الكريمة الى هذه الجريمة البشعة بحق التاريخ العريق لجمهورية مصر العربية، و اكرر أن الفنانين و إن صرحوا بدعمهم للعمل لا يُعْقَلْ ان يتحملوا اية مسؤولية مع الكاتبة و الجهة الإنتاجية فبحيقية الأمر صدمة النقد السيئ لهذا العمل ثقيلة عليهم كفنانين و تسبب ردت الفعل هذه منهم في الصحف، فقد وضعوا كفنانين ثقتهم بشركة عملاقة مثل MBC و لكن ليكتشفوا بوقت متأخر في فترة العَرْض الأخطاء الكبيرة بهذا العمل الرديئ، فعلى الـMBC تحمل مسؤوليتها بالكامل لهذا العمل الفقير...فلو أنتجوا قصة بهذه الميزانية الضخمة عن حياة الخديوي اسماعيل لحافظوا على ماء وجه شركتهم و الفنانين المشاركين معهم و لعلهم كانوا اتحفونا بعمل مميز بدل هذه المهزلة، هذه وصل مقالاتي على موقع الغربة و موقع بوابة روز اليوسف التي أدين بها هذا العمل عن قناعة مطلقة : 
الغربة : 
كارثة مسلسل سرايا عابدين و رسالتي للمنتجة ايناس الدغيدي
http://al-ghorba22.blogspot.com/2014/07/blog-post_4.html
بوابة روز اليوسف : 
هل يدفع ثمن مسلسل سرايا عابدين فاتورة سرقته من عصر الحريم؟ : 
http://www.rosaelyoussef.com/news/101455/%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%AF%D9%81%D8%B9-%D8%AB%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%B3%D9%84%D8%B3%D9%84-%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D8%B9%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D9%81%D8%A7%D8%AA%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%B3%D8%B1%D9%82%D8%AA%D9%87-%D9%85%D9%86-%D8%B9%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%85%D8%9F

وسام المجلس اليهودي الأمريكي/ محمد فاروق الإمام

قال المجلس اليهودي الأمريكي إن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان أصبح أشد زعماء العالم "معاداة لإسرائيل" وطالبته برد وسام منحته له قبل عشر سنوات، فقد منح المجلس ومقره نيويورك لاردوغان جائزة "وسام الشجاعة" عام 2004 لما وصفه بموقفه من مكافحة الإرهاب والعمل من أجل السلام.
وقال جاك روزن رئيس المجلس في رسالة مفتوحة لرئيس الوزراء التركي بتاريخ 23 يوليو تموز نشرت يوم 24 "الآن نريد استرداده".
لم تكن ردة فعل المجلس اليهودي الأمريكي لتهز من قامة اردوغان الرجل صاحب المواقف التي عهدناها منه في مواقف قل نظيرها في هذا الزمن الرديء، فالوسام الذي قدمه المجلس اليهودي العنصري له لا يشرف اردوغان أن يضعه على صدره ولا حتى على حافر فرسه، واردغان هو من عفّر وجه الصهيونية بالعار والشنار ونزع عن وجهها لثام الكذب والزيف والادعاء، وكشف حقيقتها في المحافل الدولية في كل مناسبة اعتلى منبراً دولياً أو عربياً أو إسلامياً أو داخل تركيا، وهو اليوم يقف مدافعاً عن الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأعتى هجمة صهيونية عنصرية تقتل المئات وتدمر المنازل والمساجد والمدارس على رؤوس من بداخلها، في الوقت الذي نرى فيه القادة العرب، واخجلاه، يصمتون كصمت أهل القبور يختبؤون وراء ما تقوله الناطقة الرسمية باسم البيت الأبيض، وما يقرره السيسي في مبادرته المخجلة التي تنحاز للصهاينة دون أهلنا المظلومين في غزة الذين ليس لهم إلا الله!!
ومن غير اردوغان تجرأ أن يقول مشيراً إلى الدولة العبرية: "إن إسرائيل بهجماتها على غزة "تجاوزت هتلر في الهمجية".
وفي المقابل تنطع روزن رئيس المجلس اليهودي العنصري قائلاً: "بعد عشر سنوات من منحنا الجائزة لك، يقصد اردوغان، أصبحت أشد زعماء العالم معاداة لإسرائيل تدلي بتصريحات خطيرة من أجل مكاسب سياسية وتحرض الشعب التركي على العنف ضد الشعب اليهودي".
آه.. كم كنت أتمنى لو سمعت مثل هذا الكلام الذي هز الكيان الصهيوني وقادته يصدر عن أحد قادة العرب.. ولكن هيهات.. هيهات فقد ماتت الرجولة فيهم وعدمت النخوة عندهم وقد لف الموت الرجال منهم فلم يعد بينهم جمال عبد الناصر ولا الملك فيصل ولا الملك الحسين ولا حكيم العرب الشيخ زايد رحمهم الله، فقد كانوا أسوأ خلف لأعظم سلف!! 
ومن ردات الفعل عند الكيان الصهيوني قرار الدولة العبرية بتخفيض وجودها الدبلوماسي في تركيا بعد ان رشق محتجون قنصليتها في اسطنبول بالحجارة وعلقوا الأعلام الفلسطينية على مقر إقامة السفير في أنقرة.
وحتى أمريكا بكل هيبتها وانحيازها لربيبتها الدولة العبرية لم تستطع تحمل ما صرح به اردوغان، فقد وصفت وزارة الخارجية الأمريكية تصريحات اردوغان التي شبه فيها نائبا بالبرلمان الاسرائيلي بهتلر وقال فيها إن اسرائيل ترهب المنطقة بأنها "عدوانية وخاطئة"، وراحت بعيداً عندما وقفت وحيدة في منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مواجهة قرار يندد بالهجمة النازية الصهيونية على غزة.
وانتقد اردوغان بكل شجاعة مواقف أمريكا والدول الأوروبية المنحازة للدولة العبرية، معترفاً في مقابلة تلفزيونية يوم الاثنين 24/7 بأنه لم يعد يتحدث مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما بنفس المعدل الذي اعتاده فيما سبق.
وتنتشر في تركيا اليوم المشاعر المعادية لإسرائيل وحالة من الغضب على نطاق واسع فيها جراء الحملة النازية الوحشية على غزة، حيث وصل عدد القتلى الى أكثر من 800  شخصا بعد أن قصفت القوات الاسرائيلية مدرسة تابعة للأمم المتحدة مما أسفر عن مقتل 15 شخصا على الأقل، وقد هب الشعب التركي في مظاهرات عارمة عمت المدن التركية قاطبة تندد بهذا الاعتداء، في الوقت الذي لم تتمكن مدينة عربية واحدة من تسيير مثل هذه المظاهرات.
وبالمقابل تنتشر في بعض بلداننا العربية أصوات نشاز تمجد إسرائيل وتعطيها الحق في حربها على غزة بحجة الدفاع عن النفس، وراحت بعض هذه الأبواق الرخيصة تطالب بقتل سكان غزة وذبح المقاومين الذين تنعتهم بالإرهابيين كما يفعل الكيان الصهيوني وينعق به إعلامه!!


الفتح الإسلامى الحديث لداعش/ أشرف حلمى

طبقاً للتعاليم الوهابية السعودية البغيضة وأهدافها لتفريغ منطقة الشرق الاوسط من المسيحيين برعاية أموال وأسلحة كل من السعودية وبعض الدول العربية والإسلامية بدعم الحركات الاسلامية الإرهابية لتنفيذ المخطط الإرهابى القذر حيث سخرت السعودية كل من مفتى السعودية وشيوخ السلفية الجهادية لإصدار الفتاوى الإرهابية التى تعمل على حث المتاسلمين لتطبيقها لتحقيق اهدافها .
فبدا المخطط السعودى بتاهيل شعوب الدول الإسلامية نفسياً ومعنوياً لتقبل المخطط الشيطانى بإصدار الفتاوى التى تحرض على إعادة الفتوحات الإسلامية مجدداً وقبولها من كافة شعوب المنطقة حيث بدأت من السعودية بفتوى مفتى المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار رجال الدين عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ بضرورة هدم كل الكنائس فى الجزيرة العربية الذى برر فتواه بأن شبه الجزيرة تخضع لدين الإسلام ووجود الكنائس فى بعض الدول منها هو اعتراف بصحة هذه الأديان . وايضاً فتاوى شيوخ السلفية الإرهابية الممثلة فى حزب النور المصرى والتى تحرض على المسيحيين كما جاءت على لسان الشيخ أبو إسحاق الحوينى بأن الجهاد فى سبيل الله  ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون )هو متعة مؤكداَ انه لابد من ان نغزو كل سنة مرة أو اثنين أو ثلاثة (نهاجم دولة أو ثلاث كل عام )  كان هذا سيثرى (يغنى) ناس كثيرين فى الأرض أليس عندما نغزو الدول الأخرى ونأخذ أموالهم ونسائهم وأطفالهم مش كل هذا يعتبر حلول – لمشكلة الفقر . وايضاً فتاوى الشيخ برهامى التى تكفر المسيحيين ومطالبتهم بدفع الجزية .
فما يجرى الان فى كل من مصر وسوريا والعراق يؤكد صحة هذا .
 ففى مصر بدأ المخطط منذ ان اعلن المؤمن انور السادات انه رئيس مسلم لدولة إسلامية بعد ان انتقده المسيحيون فى مصر لسوء ادارتة للملف القبطى وعدم حماية الدولة لهم مما أدى الى تصاعد العنف ضد المسيحيين بدعم مؤسسات الدولة شرطة وقضاء وغياب القانون واللجؤ الى الجلسات العرفية التى تنتهى كالعادة بظلم المسيحيين عملاَ للفتاوى الارهابية منذ احداث الزاوية الحمراء وحتى احداث المطرية مؤخراً فى عهد السيسى  . فالمسيحيين فى مصر يدفعون الجزية بصورة غير مباشرة ويتعرضون ايضاً للتهجير القصرى والاسلمة الجبرية . ووجود حزب النور السلفى فى مصر دون حل حتى بعد الثورة وانتخاب رئيس للجمهورية يؤكد ان هناك خطة للتطهير العرقى للمسيحيين بعد دخول داعش لمصر بدعم المملكة السعودية ايضاً التى أشترت ضمائر المصريين بدعمها الثورة وتقديمها المساعدات المالية لمصر مقابل تعضيد الموقف والمخطط  السعودى والعمل على عدم حل حزب النور السلفى ومشاركته فى العمل السياسى والدستورى وإبقاء المادة الثانية فى الدستور المصرى دون تعديل  .
فداعش صناعة سعودية امريكية عملت السعودية وبعض الدول الإسلامية على تدعيمها فى سوريا تحت اسم الجيش الحر حيث هاجمت المسيحيين واحرقت كنائسهم واديرتهم وخطفوا اساقفتهم ورهبانهم وقتلوا بعضهم وهجروهم عن ديارهم وسط صمت المجتمع الدولى وها هم الان يفعلون بمسيحى العراق ما يشاءون تماماً كما فعل عمرو ابن العاص بأقباط مصر من قبل وغداً سياتى الدور على كل من الاردن ولبنان ومصر .
عدم صدور اى بيان او تصريح قوى من المملكة الوهابية والدول العربية تجاة المجازر التى تتعرض لها المناطق المسيحية فى كل من سوريا والعراق وعدم وقفوها امام هؤلاء الداعشين مقابل الاصوات العالية لما يحدث للمتاسلمين الحمساويين فى غزه خير دليل على تأييد هذة الدول لما تقوم به داعش .     
فإن لم يقف المجتمع الدولى لإيقاف هذه المهزلة الإرهابية بالقوة فسوف تمتد الفتوحات والغزوات الإرهابية حتى تطال دول أوربا وباقى الدول الغربية والتى بها اعداد كبيرة من خلفيات اسيوية وشرق اوسطية والذين يعتنقون الافكار الداعشية الوهابية بهدف اسلمة هذه البلاد تحت اسم الخلافة الإسلامية .

المنتصر على الطفولة/ نبيل عودة

لم تكن صورة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي أكثر وضوحا في يوم من الأيام  كما هي متجلية اليوم. لم يعد الموضوع منحصرا بين تنظيم حماس واسرائيل ، اصلا لم يكن الصراع في يوم من الأيام بين تنظيم ودولة، بل بين حركة تحرر قومي ودولة محتلة. لكن الصراع  لم يتجلى بجوهره الفلسطيني التحرري كما يتجلى هذه الأيام.

لا بد من الاقرار اولا ان ما اعدته حركة حماس من وسائل الدفاع ، الاعداد العسكري لحرب مواجهة شرسة، لم يفاجئ العدو الاسرائيلي فقط، انما كان مفاجأة لمجمل ابناء الشعب الفلسطيني. بنفس الوقت لا بد ان اسجل ان الواقع العربي لم يكن مفككا كما هو الآن ، بدل توظيف انجازات المقاومة الفلسطينية في غزة، لمصلحة احداث نقلة نوعية في المواجهة العربية الاسرائيلية ، من اجل انجاز المشروع الوطني الفلسطيني، اعادة اسرائيل الى حجمها الطبيعي،  نجد ان الأنظمة العربية ( خاصة مصر) تتصرف بناء على حسابات شخصية بائسة. قد تكون حماس ارتكبت اخطاء بحق مصر حسب رؤية قباطنة النظام الجديد، الذي يرفض أن يرى ان المواجهة في غزة لم  تعد مواجهة مع تنظيم اسمه حماس ، بل مواجهة بين المقاومة الفلسطينية، ممثلة للمشروع القومي الفلسطيني من جهة  ومن الجهة الأخرى المشروع الصهيوني الذي يشكل خطرا عاما على كل واقع الشرق الوسط.  مصر كانت أكبر ضحية لهذا المشروع منذ العدوان الثلاثي 1956  مرورا بنكسة حزيران 1967، لذا بدل ان يعمل النظام المصري ، بصفته النظام العربي الأهم والمقرر في الواقع العربي، لتكريس صمود غزة، صمود الشعب الفلسطيني ، والضغط المناسب لتحقيق مطلب انساني اساسي هو فك الحصار عن قطاع غزة، وقف القمع الاحتلالي الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وطرح حل النزاع على اساس دولتين لشعبين، يعمل النظام المصري على تحييد اٌلإنجازات السياسية الهامة  لصمود الشعب الفلسطيني وصده للآلة العسكرية الهائلة التي اطلقتها اسرائيل ضد المشروع القومي الفلسطيني، ضد مشروع وحدة الشعب الفلسطيني رغم شكليتها، لكنها ارعبت اسرائيل وخاصة حكومتها الحالية، التي تريد ابقاء الواقع الفلسطيني يتأرجح بين طاولات المفاوضات الى ما لا نهاية بتنكر كامل للحقوق القومية المشروعة للشعب الفلسطيني ، حتى يصل اليأس الفلسطيني الى الحد القاطع الذي يصبح فيه التسليم افضل من استمرار الحياة تحت حراب الاحتلال وسوائب مستوطنيه.. هذا كان واضحا في كلمة نتنياهو في المؤتمر الصحفي المشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة (الثلاثاء 22-07) ، لا يرى دولتين ، بل صراعا ضد "تنظيم ارهابي" لا يختلف عن القاعدة وداعش كما قال، هذا الكلام يعني أمرا واحدا ، ان نتنياهو لم يغير فكره الاستيطاني الاحتلالي، وكل تشدقاته عن حل دولتين ، كان مجرد ذرا للرمال في العيون.

ان حركة حماس هي فصيل من الحركة القومية الفلسطينية ، من حركة التحرر القومي الفلسطيني ، قد لا نتفق معها على الكثير من الطروحات، على خطوات عديدة اتخذتها بعد وصولها للسلطة، لكننا لا يمكن ان نختلف حول تمسكها بحق شعبنا بالحصول على حريته وعلى حقه في اقامة دولته الفلسطينية فوق تراب وطنه. على حق شعبنا باستعمال كل وسائل النضال المشروعة من اجل انهاء الاحتلال وانعتاق الشعب الفلسطيني. 

غزة لم تصحو فجأة لتطلق الصواريخ، غزة تخضع لأبشع اشكال  الاملاق، عبر حصار قاتل يجري تجاهله من الغرب ، لا يرون الا صواريخ حماس، لا يرون ان الحرب بدأتها اسرائيل في حملة واسعة لضرب حماس والفلسطينيين عامة عقابا على توصلهم لاتفاق المصالحة، مستغلة بذلك حادث خطف وقتل الشبان اليهود الثلاثة، حادث اليم ومستنكر، اسرائيل قامت بهجمة شرسة ضد تنظيم حماس في الضفة الغربية، اعادت اعتقال المئات، نقضت اتفاق "صفقة شاليط"، اعتقلت الأسرى المحررين، بلغ عدد المعتقلين ما يقارب او يزيد عن 1500 معتقل فلسطيني. كان اعلانا لحرب محددة الأهداف  لا يمكن ان تكتمل بدون ضرب تنظيم حماس في غزة.  
  
 كنا نأمل ان نسمع ايضا استنكار نتنياهو لقتل عشرات الشباب الفلسطينيين ومعاملة الاحتلال غير الانسانية للأطفال الفلسطينيين   واطلاق يد سوائب المستوطنين  للتصرف الحر بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. . كيف يمكن ان نصدق ان جبروت المخابرات والأمن الاسرائيلي قادرين على كشف جريمة قتل الشبان الثلاثة و"يعجزون" عن كشف عصابات "تدفيع الثمن" التي تحرق وتدمر املاك الفلسطينيين في المناطق الفلسطينية المحتلة وداخل الخط الأخضر ايضا؟ 
حماس التجأت الى التهدئة منذ البداية، كان ظن الحكومة الاسرائيلية المصغرة للشؤون السياسية والأمنية ان ما جرى في العملية السابقة سيتكرر، لكن حسابات السرايا ليست مثل حسابات القرايا. لم يتوقعوا ان حماس اعدت قوة منظمة حسنة التدريب قادرة على ادارة معارك شرسة. نحن ايضا تفاجأنا!!

لا اتوهم ان حماس قادرة على هزيمة اسرائيل عسكريا، لكن صمود حماس يعني أمرا اساسيا ، شروط اللعبة لإقامة دولة فلسطينية دخلت مسارا جديدا مختلفا يجب ان يغير الكثير من الطروحات الفلسطينية. من جهة اخرى لا يمكن اعادة قطاع غزة الى ما كان قبل هذه المواجهة، منطقة جغرافية معزولة دوليا ، حصارا – سجنا كبيرا  يضم 1.8 مليون انسان ، محرومون من ابسط شروط حياة انسانية . بطالة تقارب ال 50% ، فقر مدقع ، يبدو الحال في غزة ان الفلسطينيين لم يبتعدوا كثيرا في واقع معيشتهم من الأيام الأولى للنكبة والتهجير.
ماذا تعني التهدئة ؟هل تعني العودة الى السجن الكبير ؟ الى البقاء تحت رحمة الاحتلال وحصاره؟
ان انتصار اسرائيل العسكري ليس امرا بعيدا عن الواقع، السؤال هل تستطيع اسرائيل ان تتحمل ثمن انتصارها على فقراء غزة؟ الن يكون نصرها أشبه بما قاله شاعر فلسطين القومي محمود درويش:
"مرحى لفاتح قرية
مرحى لسفاح الطفولة"
بعد أكثر من اسبوعين من القتال.. اي "انتصار" تنتظره اسرائيل ؟ 

ما اتوقعه ان يبدا الشارع الاسرائيلي بالتململ، وظواهر التململ الأولى بدأت تتضح. ان فقدان هذا العدد من الجنود من أجل تنفيذ مشروع نتنياهو ستكون له اسقاطات خطيرة على استمرار هذا النهج. صحيح ان اليمين ما زال صوته الأعلى .. خاصة بغياب معارضة منظمة ، بل بتفككك المعارضة اليسارية الصهيونية بشكل مخجل يقضي على مستقبلها السياسي كبديل سياسي لسياسات اليمين الفاشلة!! 
الوضع لا يختلف عما ساد سابقا في كل غزوات حكومات اسرائيل. اليسار مثل الحرباء، يقلب جلده ويصبح يمينيا بلا عقل وبلا موقف خاص واضح. يكشف قفاه لليمين بدون خجل. هنا تكمن احدى مشاكل المجتمع الاسرائيلي الخطيرة. حتى تنظيمات مثل حركة "السلام الآن" يبدو انها ابتلعت لسانها!!
ان انتصار اسرائيل في غزة بعيد عن الواقع ، وسيكون انتصارها تورطها بمصيدة في اوساط مواطنين فقدوا كل شيء .. لم يعد لديهم ما يخافوا عليه  ولا شيء يخسروه.
 انتصارها سيكون شر من هزيمة!!

nabiloudeh@gmail.com

من الدم السوري سيولد ربيع العرب الحقيقي/ فؤاد شريدي

قطرات  الحبر تنبض في قلمي  .. كما تنبض قطرات الدم في قلبي  .. ففي شعري وفي نثري  .. وفي كل ما اكتب  .. يتعانق الحبر مع الدم  .. فمن القلب أكتب ما  أكتب  .. ولا ادعي ان ما أكتبه     يرضي كل الناس  .. ويحظى بالقبول  من جميع الذين  يقرأون ما اكتب  .. . فللذين يوافقونني  على ما أكتب  اقول شكرا  ... ومنهم استمد الثقة لكي استمر في رسالتي  ... ولكي احمل شعري ونثري وكلماتي  سراجا يبدد عتمة هذا الليل الرهيب الذي     يجثم على صدر امتي  ...  وللذين لا يوافقونني  على ما اكتب ويرفضون شعري ونثري وكلماتي  ايضا اقول لهم شكرا  ... لأنني ازداد ثقة بانني لا احابي  ولا انافق  ... وانني اقرب ما اكون الى الصواب  ... وبانني توخيت الامانة والصدق فيما افكر واكتب  .. ولهم ايضا اقول  .. لا استطيع  ان اتنازل لكم عن عقلي وقلبي  لكي اجعلكم  تفكرون كما افكر وتشعرون كما اشعر  ..لقد منح الله العقل للانسان ليميزه عن باقي مخلوقاته  .. لكي يستخلفه في الارض  .. وبالعقل  عرف الانسان الله  .. وادرك الوهيته وعظمته .. فأذا كان العقل  هو هبة من الله لبني الانسان  ... فهل يحق لأحد ان ينتزع مني هذه الهبة ؟؟؟ ... 
انني أشعر بقلبي  .. وافكر بعقلي  .. وسأبقى منحازا لما يمليانه عليّ  ... قد تكون الكتابة  عند بعض الكتاب والشعراء  ترفا فكريا  .. وجسرا يعبرون عليه للوصول الى الشهرة  .. وتبوء المناصب  .. فالذين يحولون  كلماتهم الى بخور ليحرقونها  على عتبات قصور امراء النفط والمال  والجاه  يتلاشون  مع الريح   .. ويتساقطون .. كما تتساقط الأوراق  اليابسة الصفراء من اغصان الشجر ... 
  أتوجه بهذه الكلمة الى بعض الأصدقاء الذين  نأوا بانفسهم عني منذ ان أطلت هذه الغيمة  السوداء  برأسها والتي سموها زورا ( الربيع العربي ) .. أي ربيع هذا الذي عنه يتحدثون  ..   لو كان هذا 
( الربيع العربي  ) ربيعا مزهرا لسارعت الى قطف اكاليل من وروده لأضعها على قبور الشهداء الذين استشهدوا ..  وسقوا الارض بدمائهم  .. لولادة ربيع عربي حقيقي يخرج العالم  العربي من وحول الاقتتال والانقسامات  .. الى ربيع الوحدة والتسامح  .. ألربيع العربي  عنوان جميل يشبه الحلم .. ولكن هذا الحلم وبكل اسف ولد ميتا  .. واذا استعرضنا ساحات هذا الربيع العربي   تصدمنا  الحقيقة .. وتؤلمنا التفاصيل .. 
لنبدأ من تونس:
على ارض تونس ولد الربيع العربي  ولكنه ولد ميتا  .. احترق الربيع العربي وتفحم  كما تفحم جسد محمد البوعزيزي الذي أضرم النار بنفسه   عندما صفعته شرطية اسمها فادية حمدي .. وانهال عليه معاونها الذي يدعى صابر بالضرب والركل وصادرا   منه بسطة الخضار التي كان يكسب منها قوته  وتركاه ينزف  .. وعندما لجأ الى السلطات المحلية  .. خذلوه وطردوه .. فقرر ان يرحل عن هذه الدنيا الزائفة  . . واضرم النار في جسده  .. وحتى هذه اللحظة  ابطال الربيع العربي في تونس  لم يعاقبوا الشرطية  فادية حمدي ومعاونها  صابر  اللذان تسببا بمقتل الشاب محمد البوعزيزي .. 
زين العابدين بن علي  الرئيس التونسي المخلوع .. لم يكن ديمقراطيا ولم يكن عادلا .. ولكن الذين ثاروا عليه وخلعوه .. لم يحققوا الحرية والديمقراطية والعدالة لتونس .. فسقطتت تونس في قبضة الأخوان  الشياطين المتأسلمين  .. واغتالوا المفكر الوطني  شكري بلعيد .. خفافيش  الكفر  اغتالت الربيع العربي باغتيال شكري بلعيد .. وأخذوا تونس رهينة ليدخلوها في نفق  اشد ظلمة .. من ظلام الجاهلية الاولى ..   .. 
  المشهد المصري :
على دماء شهداء ميدان التحرير عبر الأخوان المُتأسلمون ليخطفوا السلطة في مصر .. وليغتالوا عروبتها وثورتها  التي فجرها القائد التاريخي الراحل جمال عبد الناصر  .. 
الاخوان  المتأسلمون  سمحوا  للبوارج الحربية  للعدو الصهيوني  بعبور  قناة السويس  وهذا ما لم يجرأ على فعله  كل من انور السادات  والرئيس المخلوع حسني مبارك  .. وهو عمل خياني  ومدان بكل المعايير  .. لذا فان مصر بقيادة محمد مرسي  ليست افضل حالا من مصر بقيادة  المخلوع الفاسد حسني مبارك  .. محمد مرسي  امر باغراق الانفاق  التي تزود غزة  بالغذاء والدواء  ووسائل الحياة  بمياه الصرف الصحي  .. وما زال يقيم افضل العلاقات مع العدو الصهيوني  .. 
   كما اخد الاخوان  المتأسلمون  تونس رهينه .. ها هم في مصر  يأخذونها ايضا رهينة  ليدخلوها  في نفق كفرهم  الذي يرتدي الدين قناعا  للوصول الى السلطة  ..  

المشهد الليبي :
الحديث عن مشهد الربيع العربي  في  ليبيا  حدث ولا حرج  ... معمر القذافي  لم يكن ديقراطيا  ولم يكن عادلا  .. ولكن الذين ثاروا عليه  وقتلوه  ليسوا اكثر ديقراطية  منه ولا اكثر عدلا  .. وليبا الآن جمهورية الناتو  الذي دمرها ليسرق نفطها الذي اختلط بدماء الليبين الأبرياء  .. ليبيا اصبحت جمهورية  القبائل  المدججة  بالسلاح  .. ومليشيا ت متصارعة  لاقتسام السلطة  .. لبيا ليس     لها هوية  وليس لها رأس  يقودها  .. لقد خسرت ليبيا  موقعها  الدولي والأقليمي  .. ولا مكان لها  على  الساحة الدولية  .. 

     على ضوء هذه القراءة   للوضع التونسي  والمصري والليبي   .. يتبين بما لا يقبل  الشك  او التأويل  .. بان القاعدة  التي تدعي الاسلام لم تخض معركة واحدة  منذ تأسيسها  في دهاليز المخابرات الاميركية  ضد العدو الصهيوني  بل حصرت جميع معاركها في بلاد المسلمين ومارست ابشع معاركها الارهابية  .. وكذلك الاخوان ..      المتأسلمون  .. يهادنون اعداء الاسلام   .. وجهادهم على المسلمين  وليس على الذين يحتلون ارضهم ويستبيحون حقوقهم  .. محمد مرسي يتودد لذابح الشعب الفلسطيني  شمون بيريس     ويقول له في رسالة  تناقلتها وسائل الاعلام .. يا صديقي العظيم  .. 
القاعدة والأخوان المتأسلمون   .. سرقوا الربيع العربي ..    وقتلوه  ليشاركوا في جنازته  .. 
القاعدة والاخوان المتأسلمون  خربو تونس ومصر وليبيا  واليمن  .. وها هم الان  يتكالبون   للنيل  من سورية  لتخريبها  وتمزيقها  .. ولكن احلامهم الظلامية المشبوهة  تحطمت على صخرة  صمود شعبنا  السوري  .. وهم الان يلفظون انفاسهم الاخيرة  ..  وأيقنوا انهم يخوضون  معركة خاسرة   .. وايقنوا ان الرئيس بشار الاسد  المحصن بضمير شعبه وجيشه  لا يمكن اسقاطه  الا لا سمح الله  اذا تمكنوا من القضاء  عاى الشعب السوري برمته ..  وسيسجل التاريخ  ان الجيش السوري قد جسد مقولة المفكر النهضوي  انطون سعادة  مؤسس الحزب السوري القومي الأجتماعي       (  ان الحياة وقفة عز .. ) 
هذا الجيش السوري  البطل الذي يدافع عن شعبه ووطنه قد دخل تاريخ البطولة من اوسع ابوابها  ..  وسجل وقفة عز ستظل خالدة في ذاكرة الاجيال  ..
       
   فليعلم الذين لا يوافقونني  الرأي  .. لانني احب شعب تونس  فلن اقف في صف الذين  يستبيحون دمه  ولن اقف مع الذين  قتلوا المفكر الوطني الشهيد شكري بلعيد  .. لانني احب مصر فلست مع الذين  يستبيحون  دماء المصريين  في الشوارع والمدن والساحات  .. ولانني احب الشعب الليبي  فلن اقف في صف مليشيات  ليس لها فكر  وليس لها رأس  .. ولانني  احب شعبي السوري  .. لن أقف مع  الذين تسلحهم  اميركا وفرنسا وانكلترا واسرائيل وقطر وتركيا  .. سأظل مع شعبي السوري وليس مع الذين يأخذون المال والسلاح من اعداء  امتي  ويضعون السيارات المفخخة  في الشوارع لقتل المدنيين الابرياء  .. 
       لانني افكر بعقلي  .. واشعر بقلبي  فلن  انحاز لغيرهما .. ولا ابالي اذا صفق لي البعض .. او شتمني  الذين  لا يوافقونني الرأي  .. ولعرب اميركا الذين يوجهون خناجرهم  لسورية نقول  .. 
 نرفض هذا الربيع الذي سرقه  الأخوان المتأسلمون والقاعدة  .. والربيع السوري سيكون الربيع العربي  والربيع الانساني  .. من الدم السوري  سيولد  ربيع العرب  الحقيقي 

  سدني- استراليا                    

شجرة الصبَّار/ مفيد نبزو


محردة الحنونة الما فهم أسرارها
بيضل جاهل ما سبر أغوارها
ضو القمر والليل حدا جارها
والشمس دوم رفيقتا بأنوارها
والنحل يقطف شهد من أزهارها
محردة العطر والنور للي يحبها
وللضيف أهلا ومرحبا بزوارها
والما بيعرف ضيعتي أم السلام
بقلوا محردة الخير أهل ديارها
محردة مع العاصي مع كروم العنب
شوفوا ما أحلى الشوك من صبَّارها
من أرضها البيدر مواسم من دهب
صاغ الحلا الأشعار من أشعارها
من فجرها التاريخ يا عز النسب
و من نورها للحق شعلة نارها .

إنها حرب عدوانية شاملة على شعبنا الفلسطيني بأكمله وليس على "حماس"/ شاكر فريد حسن

يخطئ من يظن ويعتقد أن الحرب العدوانية الدموية التي تشنها حكومة الاحتلال الإسرائيلية على قطاع غزة ، والتي توفر لها واشنطن غطاءً سياسياً بحجة الدفاع عن النفس،ويستباح فيها الدم الفلسطيني ، وتقترف المجازر والجرائم ضد الإنسانية ، هي حرب على حركة "حماس" للقضاء عليها ، وإنما هي حرب شاملة على شعبنا بأكمله ، على وحدته ، على نضاله ، على مستقبله ، وعلى كل فصائل وقوى المقاومة ، وليس على فصيل بعينه . ومحاولة تصويرها وكأنها ضد "حماس" يقصد من ورائه تدمير غزة وذبح أهلها وشعبها المقاوم ، وتقزيم القضية ، وتحريف مسار النضال الفلسطيني ، والإجهاز على المقاومة وتقويض أركانها وأسسها ، وتصفية وقبر القضية الفلسطينية ، ونسف الوحدة الوطنية الفلسطينية . 
وفي الحقيقة إن أكثر ما يخيف في المشهد الفلسطيني الراهن ، أكثر من هذه الحرب ، هو تصريحات ومواقف السلطة الوطنية الفلسطينية في رام اللـه ورئيسها محمود عباس ، وكأن غزة في المريخ أو في بلاد أخرى لا تعنيهم . فتصريحات محمود عباس (أبو مازن) بعد بدء الحملة العسكرية الاحتلالية على غزة هاشم ، وتكرار تمسكه بالمفاوضات السياسية بمرجعياتها السابقة ، وعلى رأسها "نبذ" العنف والمقاومة ، ومحاولاته  الضغط على المقاومة الوطنية للقبول بشروط حكومة الاحتلال التي تتضمنها المبادرة المصرية ، والتي تساوي بين الضحية والجلاد ، فضلاً عن تصريحات قيادات السلطة الوطنية الفلسطينية ، تمثل انزلاقاً سياسياً ووطنياً واضحاً ، ويضعهما في منعطف سياسي خطير ، ويثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه السلطة باتت عاجزة ومشلولة ومسلوبة الإرادة وغير قادرة على تحمل المسؤولية التاريخية  تجاه شعبنا ، وما يواجهه من مؤامرات وتحديات خطيرة وصعبة تستهدف وحدته وحركة تحرره الوطني وقضيته الوطنية ، وفشلها في إدارة الملف الفلسطيني بكل تفرعاته وتشعباته ، وإصرارها على الرهانات الخاسرة . فيكفي شعبنا عشرون عاماً من المفاوضات العبثية العقيمة ، التي لم تفض إلى أي نتيجة سوى المزيد من المعتقلين والأسرى، وابتلاع مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية لتوسيع رقعة الاستيطان ، وخلق وقائع جديدة على الأرض تكريساً للاحتلال ومنعاً لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة .
المرحلة الآن تتطلب فلسطينياً ، في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا في قطاع غزة الصامد ، نبذ الأوهام السياسية ، وتعزيز صمود هذا الشعب ومقاومته الباسلة ، وتبني إستراتيجية فلسطينية جديدة تجمع بين خيار المقاومة الشعبية وبين العمل السياسي والدبلوماسي ، وتوحيد الخطاب السياسي الفلسطيني ، وتمتين وحدة وتلاحم وتماسك الصف الوطني الفلسطيني ، وتوحيد الموقف الفلسطيني في مواجهة هذه الحرب القذرة الغاشمة والغطرسة الإسرائيلية ، التي تلقى الدعم والتأييد والانحياز التام من قبل الإدارة الأمريكية ، التي تتحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية إزاء ما يجري ويحدث من اجتياح واسع وسفك دماء واقتراف جرائم دموية بحق شعبنا في غزة الصمود ، كونها الراعي الرسمي للإرهاب والعدوان الصهيوني .

حدوثة رعب مصرية 5/ فراس الور

ركنت نرجس سيارة السآب في مصف كنيسة السيدة العذراء في منطقة الزيتون، و نظرت الى مدخلها الرحب، كانت الشوراع من حولها تعج بضجيج السيارات و حركة المشاة ما عدى حرم الكنيسة الضخم فكان هادئا جدا، نزلت من السيارة الفخمة لتلاحظ بعض عيون المارة تراقبها، و لكن لم تأبه لها فكان همها الوحيد الدخول الى الكنيسة و الصلاة لعل نفسها المضطربة تهدء قليلا، وجدت الباب مفتوحا على مصرعيه و المكان فارغ من البشر، ولكن سمعت و هي تدخل اصوات حديث منخفضة لم تسمعها وهي في خارج المبنى، رسمت اشارة الصليب على وجهها و تلفتت باحثتا عن مصدر الحديث فقالت في سرها "الحمدلله،" كانت التمتمات الخفيفة آتية من كرسي الاعتراف في الزاوية الخلفية لصحن الكنيسة، فاقتربت قليلا من صف من صفوف المقاعد الخشبية بجانب الكرسي و ركعت ناظرة الى صور العذراء و المسيح المعلقة على الايكنستاس في مقدمة الكنيسة، مصلية في سرها "يا رب، ليس شيئا عصيا امام قدرتك الرهيبة، فها انا ماثلة امامك طالبتا منك المغفرة و الرحمة،" عادت الدموع الى عينيها فبكت بكاءا مريرا و دوت في الكنيسة تنهداتها و شهقات بكائها،
ودع الاب جرجس الاخ الذي كان برفقته و نظر باستغراب الى ضيفته الجديدة سائلا ذاته "ما الذي اتى بمعاليها الى الكنيسة يا ترى؟ و من دون حراسة؟" كانت نرجس ابنة رعيته و كان من أول المهنئين لها حين اتتها ثقة رئيس الوزراء الغالية بتعينها بمنصب وزير للداخلية، فكان يعلم انها تتمتع بشخصية قوية و حب خالص لبلادها و كانت تملك ايمان قوي بالله، فلم تقطع فرض او صلاة بالكنيسة على الاطلاق طوال حياتها، كان دائما يقول لها ان خصالك الممتازة كنوز و ستوصلك الى منصب ممتاز في يوم من الايام، و سرعان ما تحقق شكه بثقة الدولة التي أتتها منذ فترة، 
و لكن تبين له ان مجيئها اليوم كان يخيم عليه حزن شديد، بعد ثوان من التأمل بها جذبته دموعها نحوها فركع بجانبها و نظر لها بحنو، ردد المزمور الخمسين لداود النبي "ارحمني يا الله بعظيم رحمتك و بكثرة رأفتك امح مآثمي،" فقاطعته قائلة "يا ابونا اغفرلي بما لديك من سلطان من الرب يسوع،"
فرد بهدوء مطمئنا "ليست هنالك خطيئة لا يستطيع الرب مغفرتها، و لكن الدور المهم علينا هو ان نرفض ارتكاب المعاصي،"
"و لكن يا أبونا انا السبب المباشر بقتل زميلتي بالمهنة،"
نظر الاب جرجس الى نرجس بصدمة شديدة، اعترافها ربط لسانه و شل تفكيره لبرهة من الزمن، كاكاهن يافع ذو ثلاثين سنة من العمر كان يعلم رأي الاباء المتقدمين في صفوف الخدمة و الذي يحثون على ابلاغ الشرطة بهذه الامور، و لكن صوت نرجس كان مليئا بالندم و التوبة، فقال لها طالبا من الله الحكمة في سره "اريدك يا معالي الوزيرة ان تسلمي كل تعبك الى المسيح له المجد و تقولي لي ما الذي حدث،"
انطلق من نرجس تنهد عميق و قالت "اتصل بي منذ يومين ضابط متقاعد كان زميلي في يوم من الايام في الخدمة العسكرية، و قال لي انه بحاجة لمعرفة هوية صاحب بصمات معينة كانت لديه، فالبصدفة كانت على مكتبي سيرة ذاتية لابنة احد اقاربي كان قد طلب مني والدها ان اساعدها في اكثر من مناسبة و بالحاح لايجاد وظيفة لها بشركة خاصة، فطلبت من الضابط بالمقابل كونه مالك شركة استيراد و تصدير ان يوظفها، فلذلك لم اعارض طلبه لي و قمت بكل اهمال و عدم مبالاة متعمدة بمهاتفة صغيرة لتسهيل طلبه،"
صمتت قليلا و هي غير قادرة على حبس دموعها و بكت بشدة ثم بعد برهة أكملت "اتضح لي بعد ذلك بصورة مفجعة ان صاحبة البصمات كانت تعمل كعميلة سرية لكشف عصابة تتاجر بممنوعات كثيرة و اكتشف امرها و قتلت بوحشية من قبل المافيا" صفعة الكراسي الخشبي امامها و غصة بآلآم الندم قائلة "انا قاتلة يا ابتي، ماذا عساي ان افعل؟!"
اجابها الكاهن بتبكيت هادئ "لا شك انك باهمالك ارتكبت عملا كانت عواقبه مدمرة، من غير ان تعلمي اسلمت ذاتك الى خدمة الشيطان،" نظرت نرجس اليه بخوف، كانت صورته تتراقص بعينيها من كثرة الدموع وهو يقول "كان يجب ان  تحرصي على اتمام ارادة الله في عملك و اعطاء ضميرك المهني الاولية في عملك بدلا من مصالحك الشخصية، انت وزيرة يا اختي و مصالح بلد كامل ملقاة على كتفيك، فالبرغم من سمعتك الطيبة التي وصلت مسامعها الى ربوع مصر باكملها الا انك مثل بقية البشر خاطئة و يعوزك مثلهم مجد الله، ليست هنالك عند الله خطيئة كبيرة و صغيرة فالخاطئ خاطئ ما لم يردعه ايمانه و ضميره للعزوف عن الخطيئة، الكنيسة هنا جزء لا يتجزء من ملكوت الله و لن يدين اهمالك و خطئك احد هنا سوى الله، يجب ان تصلي كثيرا و انا سأصلي لك كثيرا، و لكن مسؤلية الموقف تفرض علي ان انصحك لكي تسلمي ذاتك الى المسؤلين لكي يتجلى العدل في هذه القضية، فالرب يقول في الانجيل لا تخافوا من الذي له سلطان على الجسد بل خافوا من الذي له سلطان على الروح و الجسد، و لكن انا على يقين ان الله سيجاوب دموع الندم و صلاتك و يلهمك الى ما يجب ان تفعلي و تصلحي به خطئك،"
نهض الاب جرجس و ساعدها على النهوض متمما حديثه "الله جل جلاله و حاشاه ليس اعمى او اطرش، بل يعرف بمكنونات انفس كل البشر، سأسلك سؤالا و جاويبي عليه بمصداقية لاجلك انت و خلاص نفسك لا لاجلي، لو علمت ان هذه العميلة ستقتل،،،"
فردت نرجس بحزم و هي تجفف دموعها بمنديل "صدقني لكنت عارضت طلبه بكل تأكيد واسلمته الى الشرطة"
"ممتاز فإذ و نحن بشر خاطئين نعلم كيف نتصرف بتعقل فكيف سيكون قضاء الله الذي يتجلى به قمة الكمال سبحانه و تعالى، فالرب يدرك النوايا الخفية ايضا، المسيح قلبه اكبر مما تتخيلي فالذي غفر خطايا المرضى و شفاهم و الذي قبل توبة الزانية و الذي غفر لصالبوه و جالدوه و الذي اصقاه الخل المُرْ بدل الماء على الصليب و الذي طعنه بالحربة المريرة ايضا، و هو الذي لم تمنعه آلآمه من الاصغاء و قبول توبت اللص و هو يلتقط انفاسه الاخيرة على الصليب بجانبه، هذا الاله الذي اشبعنا حبا و عطفا هل سيرفض توبتك و دموعك الصادقة؟"
غادر الاب جرجس الكنيسة تاركا في داخل نرجس وميض من الامل و الراحة،  أحست ان كلامه اقام روحها من الموت و وادي الندم المرير، خلعت نعليها و مشة في الممر في منتصف الكنيسة المؤدي الى الهيكل و أقتربة من  صورة الصليب المعلقة على الاكنستاس، قبلتها  و صلت في داخلها "يا رب انا احقر بغلطتي من اللص الذي غفرت له خطاياه على الصليب فاغفرلي يا رب و سأعدك و انا في هذه الكنيسة امام مذبحك المقدس ان اسلم نفسي و اعترف بغلطتي امام مدرائي،"
عادت الى المقاعد الخشبية و ارتدت نعليها ثم خرجت من الكنيسة، فهمَ احمد فهمي مرافقها الامني مع اثنين من معاونيه مسرعا نحوها و صارخا في وجهها "كيف يا معالي الوزيرة تخرجين من دون حراسة!!! هذا خطر على حياتك و لا يجوز!!!" 
فقالت له "حصل كل خير، اريد الذهاب الى رئاسة الوزراء،"
*****
نظر عبدالعزيز ابوالوفاء الى نرجس التي كانت تجلس بصمت على كنب مكتبه امامه برئاسة الوزراء، كانت امراءة في الستين من العمر ذات قوام طويل و خصر نحيل، وكان شعرها الاسود الطويل يضفي عليها حسن رائع، و كان وجهها جميل جدا فما كانت من النساء التي يضعن مساحيق تجميل الا انها كانت تشع جمالا و اشراقا، فكانت بشرتها السمراء من النوع التي لا يظهر عليها علامات كبر سن بسرعة فرغم الستين عام كانت هنالك بعض التجاعيد الخفيفة فقط حول عينيها السوداء في وجهها الحزين،
ابتسم قليلا لاعترافها و الكلام الذي قالته، بالرغم من خطأها الكبير فإن دل موقفها دل على الضمير الحي الذي كان في داخلها، كرئيس للوزراء عندما يكلف أحد بوزارة كان يفترض به اداء مهامه على اكمل و جه و من دون تقصير و لكن عندما تحدث الهفوات ما كان يأتيه أحدهم معترفا بها الا اذا وقعت الطامة الكبرى، اما هذه السيدة فبينت شجاعة غير مسبوقة عنده و بتاريخ خدمته السياسية، فأتت كالملاك معترفة بغلطتها طالبة منه قبول استقالتها و حكمه عليها، ففكر في قرارة نفسه "يا نرجس لو حرمتك من منصبك و قبلت استقالتك لن تعود ليلى الى الحياة، و حتى لو جلدتك بالصيات فعذاب ضميرك سيكون عليك اقوى منها بكثير، فماذا عساي ان افعل؟ هل اسلمك الى القضاء لتتناولها الجرائد و تكبر الهفوة الى ملحمة صحفية و تحولها الى فضيحة فساد؟ ربما ستأخذين عقابك و لكن حكومتي ستنقض عليها المعارضة و صحفها كالكلاب المسعورة و لن ترحمني، واذا سترت الموضوع ربما عذاب ضميرك سيصلح الامور،،،"
قرر أخيرا في داخله و قال بحزم " انا لست مسرورا بالخطأ التي ارتكبتيه، و لكن الواقع ان ملف خدمتك النظيف و المشرف يتشفع لكِ عندي، فسأعطيكِ الفرصة لتصلحي خطأك و لكي تفعلي هذا يجب ان تديري بنفسك تحريات هذه القضية، فعزلتك من منسبك لن تخفف جسامة خطأك و لكن اشرافك على هذه القضية سيريح ضميرك و يخلص مجتمعنا من العينات التي تستخف بسلامته و أمنه، و هكذا لن يذهب موت ليلى سُداً، و سأتابع بنفسي هذه القضية و سأشاهد نسخة الشريط الذي اعطيتيني اياه لان هذا التهديد موجه لنا جميعا، "
اجابت بوقار ممتنة "شكرا دولة الرئيس و سأعدك بهذا، فلن ادعك تندم انك عفوت عني،"
أجاب محذرا بشدة "ولكن حذاري ان يتكرر هذا من انسانة في ثقافتك و منصبك، لن ارحمك لو تكرر اي تقصير، سأقول نفس الكلام  لأي وزير مقصر في منصبك، فحينها عزلك من منصبك سيكون ابصط اجراء سأتخذه معاك،"
"هل تأموروني بأي شيئ دولة الرئيس،"
"تستطيعي الذهاب،"
خرجت نرجس و عرق التوتر و الرهبة يتصبب من جسدها، لم تكن تتوقع ان يعفوا عنها دولة الرئيس، ناهيك عن المحاكمة العسكرية التي كانت ستتعرض لها، و أزمة الصحف و المجلات و التي ستكون فضيحة لها ولأسرتها، شكرت الله على لطفه في قضيتها و لكن كانت تعلم انه ربما اعفى عنها اختبارا لها لتصلح غلطتها القاتلة مع ليلى، خرجت مصممة على القيام ببضع زيارات ضرورية، فلن تُسَلِمْ ملف ليلى الا الى اكفأ ضباط المتابعة فكما كانت عنصر في قتلها ستـفتح ابواب الجحيم على الجنرال رؤوف و عصابته مهما كانت قوتهم و شراستهم، ضربة رقم حسن رستم مدير مباحث امن الدولة و عازمة على لقائه،  

*****
3:00 بعد الظهر – الباطنية – القاهرة
كانت تقسم الباطنية في القاهرة واقعيا الى قسمين كبيرين، فالقسم الاول و الذي كان يعرف بين العامة بحي الذوات كان عبارة عن مناطق مرممة بالكامل محتوية على فلل فاخرة و عمارات حديثة تم بنائها من قبل مستثميربن لاغراض التجارة و البيع، فبعدما اشترى بعض التجار العقارات القديمة من ملاكها بتشجيع من الدولة و هدموها بالكامل تشجع عدد واسع من منافسيهم لتقليدهم فكانت النتيجة ايجابية على جزء يسير من هذا الحي القديم، فكاد حي الذوات في الباطنية ان يشبه في نهاية المطاف قرية سياجية فاخرة يعلوا قيمة العقار فيها الى اسعار تنافس المناطق الراقية بالقاهرة تماما، و لكن لم تكتمل حركة الترميم هذه و توقفت بالكامل بقرار وزاري بعد مرور سبعة اعوام على بدايتها، فبقي ثلث الحي المسمى بحي الغلابة مرتديا زيه العربي القديم بعماراته الآيلة للسقوط و شوارعه القديمة المهترئة،
و كانت اجواء هذا الحي مقيدة بسلاسل الفقر المطقع و تجارة المخدرات و تعاطيها القاتل لدرجة ان شوارعها كانت تسمى احيانا بشوارع الجحيم، فما يلبث الفرد ان يترك اجواء الذوات الراقية بابنيتها المذهلة و سياراتها الفاخرة و اهلها بلبسهم الانيق الا و يتواجه مع مساحة محدودة من الاراضي الخالية التي تم شرائها من المستثمرين ليلاقوا قرار توقف الترميم يكبل طموح عقاراتهم، ثم تبدء العقارات القديمة بالظهور على الشوارع الباطنية بمحلاتها الصغيرة و اهلها الغلابة و لباسهم الشعبي، فكأنها رحلة عبر الزمن في غضون ثلاثة دقائق داخل حي يجمع القديم و الجديد باعجاز و بمساحة محددة، 
تحركة سيارة عبدالحليم شوكت العسكرية بحذر شديد داخل شوارع الغلابة و هو ينظر من حوله الى الارصفة المكتظة بالناس باحث بتركيز شديد عن صديقه الشهير لعل و عسى يجده بين المارة او خارجً من احد المتاجر، كانت الحياة تسير بصورة طبيعية في الحي فابواب المحالات جميعها كانت مفتوحة تستقبل زبائنها، كانت محلات الخضار تعج بالناس، و البقالة كان لها من يشتري منها، فتارة كان يسمع اصوات الناس و هي تساوم البياعين على اسعارها، و تارة كان يرى سيارات توزيع اللحوم و شاحنات نقل السلع تنقل بضاعتها الى مخازن التجار، فَبَدَى له ان الحي كان على ما يرام بغير عادة، ام ان وجود سيارة الشرطة كانت تضبط تصرفات الناس؟ غريب ان يحدث هذا فالمقولة تقول ان رمل الباطنية بودرة بيضاء بدل من الرمال الطبيعة من كثرة تجارة السموم فيها، اما عن حوادث القتل و المشجارات فكانت شائعة جدا، 
ابتسم قليلا حين تفجر شجار فجأة امام احد المتاجر، هل حسد تفكيره السكون الكيبر منذ برهة؟ فأوقف سيارته على يمين الشارع و نظر ليرى ما كان يجري، كان تاجر شاب يرتدي جلبابً ابيض يجري وراء طفل يرتدي بيجامة مهترئة و حافي القدمين يسب و يلعن تربيته، فتجمع حوله المتطفلين من اهل الحي سائلين عن غضبه، فنظر الى الشرفات المنزلية فوق مَحَلِهِ حين اختفى الطفل في داخل العمارة و صرخ بصوت عال "يا ست نبيلة!!!يا ست نبيلة!!! الا تربي ابنك!!!"
فطلت امرأة شابة مرتدية جلباب اسود و هي تضع الحجاب على شعرها من الشرفة في الطابق الثاني قائلة "ماذا هنالك يا تاجر الغبرة!!!"
"ابنك سرق مني لوح بسكويت هذه المرة ايضا و هرب من المتجر من غير ان يدفع!!!"
"ابني ولد مؤدب و لا يسرق!!! انت تفعل هذا معي و مع جاراتي عندما لا تبيع كي تبتاعنى بالبلطجة!!!"
فصرخ باعلى صوته "انا اتبلطج!!! يا اخوان احكوا لها ماذا رأيتم!!!" فرد شاب طويل ذو ملامح ودودة قائلا "انا رأيت ولدك خارجا من الدكان يركض و بيده لوح البسكويت يا ام ليث!!!" 
فنظرت الى داخل البيت و صرخت بابنها "سأربيك!!!" ثم دخلت و سُمِعَتْ اصوات صفعات حادة تلاها صراخ و عويل طفل صغير يطلب الرحمة، ابتدء الناس يرحلون بينما استمرت الام بتأديب ابنها الا ان ذاق الولد عشرين صفعة قبل ان تهدأ ثورة الام، 
كان التاجر يضرب في هذه الاثناء كف بكف قائلا بصوت عال "متى يرحلوا و ارتاح من ابنها فمرة او مرتان في الاسبوع يفعل نفس الشئ بي،" 
نزل عبدالحليم من سيارة الشرطة ليجد الرصيف تماما خالي من المشاة، فكر معلقا على هروب الناس "لنا شعبية ضخمة هنا، ولكن بكل الظروف يجب ان اجد العنوان الذي ابحث عنه بالذوق او بالقوة" فاقترب من التاجر الذي كان على وشك ان يدخل الدكان قائلا "يا أخ"
فانضبط الشاب فجاة و ضرب تعظيم سلام قائلا "اهلا و سهلا يا باشا نورة الباطنية يا باشا،"
فسأل "اين اجد منزل سليم البحيري يا اخ؟"
توترت ملامح وجهه و اجاب "انا اول مرة اسمع بهذا الاسم،"
فاجاب مهددا "سنتحقق من هذا في قسم الشرطة ام ربما تريد مني ان ادخل و افتش دكانك"
فرد متوترا و مترجيا "لماذا القسم يا باشا و انا ودكاني في السليم، انت تسألني عن ابو التوزيع كله،،،" و فجأة رفع يده ليغطى فمه بارتباك شديد و سَكًتَ لسانه،
فرد مستهزءأ "ابو التوزيع كله؟" امر الجند المرافقين في السيارة "فتشوا الدكان،" ثم نظر الى التاجر مهددا "والله اذا وجدت شيئا ستتمنى الموت كل يوم وانت في النيابة، هيا قل لي ماذا تعرف!"
خرج اربع جنود من السيارة الجيب و دخلوا الدكان و التاجر يترجى "انه يقطن في نفس هذه العمارة في الطابق الاخير،" ثم بكى مترجيا "ارجوك ان لا تأخذني الى القسم،"
خرج الجنود و معهم 3 اكياس صغيرة فيها مادة ناعمة بيضاء تزن كل واحدة منها ربع كيلوغرام، فقال عبدالحليم "يا سلام، كانت معها حق ام ليث ان تناديك تاجر الغبرة" فتح احد الاكياس و ذاق القليل من محتوياته ثم ابتسم متوعدا "والله هذه التهمة فيها خمسة سنوات على الاقل" امر الجنود بحزم "اغلقوا دكانه و خذوه الى السيارة،" فبكى الرجل بكاء مريرا و ترجى في الشارع "هذه ليست لي، اتصدق انني اتاجر بالممنوع و ليس عندى سوى هذا الدكان الصغير،"
فرد صارخا "القانون لا يميز بين حيازة و رواج المخدرات!!!" امسك التاجر من اكتافه و هزه بعنف صارخا في وجهه "قل لي من يعطيك اياها و لمن تحتفظ بها؟" 
صرخ و بكى التاجر "لا اعلم ما إسمه و لكن يأتي في كل ليلة ليأخذها مني سليم،" 
"هيا الى البوكس!" أخذوا الجنود التاجرالى السيارة، دخل عبد الحليم العمارة القديمة متجها الى السلالم، كانت جدرانها قديمة تملئها التصدعات و الترهلات و لون الاسمنت ظاهرا عليها بالكامل، و كانت حفف الأدراج مكسرة و سورها الحديدي يتراقص بيده وكأنه على وشك الوقوع، كانت الصراصير تسير على الجدران و الادراج و بعضها كان يطير في الاجواء، صعد الادراج و هو يفكر بإشمئزاز "كيف يعيشوا الناس في هذه الاجواء و مع هذه الآفات؟" وصل الى الطابق الاول الذي يضم ثلاثة منازل ثم هم بالصعود الى الثاني، فطابق بعد طابق كانت التصدعات تتكرر بين المنازل و الطوابق الى ان وصل الى الثالث و الاشمئزاز يزداد بداخله من المكان و آفاته، و قبل ان يهم بالصعود الى الرابع توقف، اصغى جيدا الى الاصوات التى ظهرت فجأة، كانت آهات نسائية ملتهبة و ملوعة يتخللها احيانا صرخات متقطعة، تبع الاصوات الى ان قادته الى شقة في الدور الرابع، فتوقف عندها بإستغراب من سكان هذه الشقة فهذا خدج للحياء العام بصورة جريئة، قرر ان يطرق الباب و لكن قبل ان يفعل هذا استوقفه رجل يصرخ بغضب و هو يفتح باب الحديد القديم للشقة المقابلة من الداخل "يا زفت يا سليم، الا تستطيع القحبة التي معك ان تغلق ارجلها ولو لساعة،،،" فتوقف مصدوما بوجود عبد الحليم ببذلته العسكرية مسلحا امام شقة سليم، علت اصوات الصرخات النسائية الى أهات متواصلة بينما استمر الجار بالنظر الى الشقة باستغراب شديد، فسأل عبدالحليم "اليست هذه شقة سليم البحيري؟" فقال "نعم" و أغلق الباب بسرعة، كانت الصرخات الجنسية تدوي في العمارة الى ان طرق عبدالحليم الباب فسكتت فجأة، صرخ صوت غاضب من الداخل "يا حمار يا صبري، الم اقل لك أن تعود بعد ساعة،" فتح باب الشقة شاب طويل و ضعيف ذو شعر اسود و عيون عسلية و بشرة سمراء، كان يرتدي فقط البنطال، ارتسمت الصدمة على وجهه من رؤية عبدالحليم و فجأة اغلق الباب لتردعه يد الضابط القوية، هرب من امام الباب ليفتحه عبد الحليم على مصرعيه، وقفت امرأة عارية قوامها طويل نحيلة الخصر كبيرة النهدين صارخة و هاربة الى غرفة النوم الدخلية، فلحقهم عبدالحليم الى غرفة النوم و أمسك سليم و لكمه على وجهه فوقع على الارض وهو يصرخ من الآلم، نظر الى العاهرة و صفعها على وجهها صفعة قوية دوى صوتها في غرفة النوم، فوقعت على الفراش صارخة و باكية، امسك عبدالحليم سليم و قال "انت لا تتوب!!! ثلاث سنين سجن و خرجت من سنة فقط لتعود الى الدعارة و التعاطي يا حيوان!!! و بما ان عندك غرفة نوم في المنزل فلماذا تضاجعها في الصالة!!!صوتها كان منتشر  في العمارة السكنية بين العائلات يا حيوان!!!"
 انهت العاهرة لبسها بسرعة و هي ترتعد من الخوف و هربت الى خارج الشقة بينما كان عبدالحليم يضرب سليم، فوقف سليم يترجى "ارجوك دعني يا باشا و اعدك ان لا اكررها ثانية!!!"
"نعم يا حبيب أمك!!! ما اسم العاهرة"
اجاب سليم "سناء"
 امسك عبدالحليم اللاسلكي و أمر رجاله "هنالك امراة ستخرج من العمارة بعد قليل اسمها سناء، ترتدي تنورة سوداء و قميص بني، لا اريدها ان تفلت من ايديكم،"
علق اللاسلكي على خسره و امسك سليم و دفعه نحو مدخل الشقة، ارغمه على الصعود الى سطح العمارة و خرج به الى العراء، كان السطح كله مكشوف امامه فكان خالياً من البشر، حتى الاسطح المجاورة لم تكن تشهد اية حركة، امسكه من رقبته و سحب مسدسه و صوبه على رأسه قائلا "هنا لن يسمعنا احد و اريد بعض من الاجوبة يا حيوان،"
رجف سليم من الخوف و مسدس الاوتوماتيك امام جبينه فقال مترجيا "والله العظيم يا باشا سأقول لك كل ما تريد!!!"
"انا أعلم ان شخص مجهول الهوية يضع لك الكوكايين في المتجر الذي في اسفل العمارة فقل لي من هو!!!"
"والله يا باشا حتى انا لا اعلم،،،"
ركل عبدالحليم سليم على بطنه فارداه طريحا على الارض، دوت منه آهات ملوعة من الوجع، فامسكه عبدالحليم مرة ثانية و أرغمه على الوقوف قائلا "والله سأقتلك مثل الكلب ان لم تعطيني اجوبة، و لن احاكم عليها لانني في منطقة يسري بها تجار المخدرات كجماعات الجرذان في المجاري، عندما ترى رجل برتبتي يحقق في جريمة اعرف ان الامر ليس لعبة يا كلب!!! هيا قل لي من هو الرجل!!!"
اجاب عبدالحليم ممسكا معدته من الالم قائلا ":صدقني لم اعمل معه شخصيا و لكن الاشاعات تقول ان اسمه مدحت و هو يعمل لحساب جماعة ذات سلطة و نفوذ، هذا ما اعرفه!"
" لا اصدقك!" ضرب عبدالحليم طلقا ناريا بجانب رأسه جعله يرتعد و يصيح كالطفل الصغير "صدقني هذا كل ما عندي!!! أرجوك!!!" فامسك عبدالحليم المسدس ووضعه بين ارجله مهددا "وديني الطلقة الثانية ستنهي حياتك الرجولية،"
فدوى صوت سليم و هو يعترف "يقال عن جودة مخدراتهم انها الارقى و الاغلى و يستوردونها من امريكا الجنوبية، مدحت صاحب هايروغليفكس،،،"
فجأة انطلقة صدى لطلقة و اهتز رأس سليم بعنف، انفجرت برأسه فجوة كبيرة نتعت منها الدماء و اللحم الحي ملطخة وجه عبدالحليم و ثيابه البيضاء، سقط سليم جثه هامدة على الارض فصرخ عبدالحليم من المنظر و نظر من حوله على الاسطح المجاورة فلم يرى حركة على الاطلاق، جن جنونه و هو يركض على السطح مراقبا الابنية المجاورة ليجد السكون التام عليها، عاد الى سليم و نظر الي بركت الدماء التي احاطت برأسه مفجوعا، مسح قطع اللحم الحمراء عن وجهه و بذلته بمنديله و افكاره تصرخ"هذا ما نجنيه عندما نلعب مع الحيتان!" 
4:30 مساء-المتحف المصري - العام
كانت سماء القاهرة الزرقاء تختفي شيئا فشيئا وراء حزم السحب الداكنة، و كانت الرياح المشبعة بالرطوبة و البرودة تعصف بالاحياء و الشوارع بقوة، فَتَنَبُئْ الارصاد الجوية كان في محله لهذا اليوم، و كان يعلو صفير نوء من حين الى آخر منذرا الناس بما تحمله العاصفة في حلولها الوشيك، فخلت الشوارع تقريبا من المارة ما عدى من كانت تجبره ظروفه ان يمشي او ينتظر سيارات الاجرة،
و لكن بالرغم من الاحوال الجوية السائدة كانت طوابق المتحف لا تخلو من الزائرين، فالاعلانات التلفزيونية عن وضع القطع الاثرية الجديدة لأول مرة للعرض ضمن ممتلكات المتحف كان لها صدى كبير في بين الناس مشجعةً اعداد كبيرة منهم من جميع المحافظات لزيارتها، فاعتادت مرفت ان ترى الناس متجمهرين حول مومياء الملكة سخمت و هي تتجول في الطوابق بين الفينة و الاخرى لتطمئن على اروقة المتحف وانضباط الحركة به، و احيان كانت تتوقف للحديث مع المجموعات السياحية و الضيوف لتسألهم عن انطبعاتهم و أرأهم حول المعروضات، 
و كان روماني يقضي معظم اوقاته بين الطوابق ليساعدها نظرا لكبر مسطحات الطوابق و كثرة معروضاته ضامً حهوده الى جهود رجال الامن في اروقة المتحف، و كان هذا الشئ بمثابة الرحمة له فكان و هو يسير بالطوابق يلتهي مع الناس بالشرح لهم عن تاريخ الاثار الحافل فكانت فرصة لكي ينسى مرفت من تفكيره و الذي كان يجبره عمله على الاحتكاك بها يوميا،  ولكن سرعان ما كان يتذكر جرحه حينما تطلبه الى مكتبها للحديث معه من حين لآخر، بواقع الأمر كان يشعر بالمرارة بصورة يومية عندما كان يأتي ابن عمها فارس الى مكتبها لاصطحابها في نهاية الدوام، فكان يسمع احيانا ضحكاتهم و حديثهم مع بعض من مكتبه المجاور، و كم كان هذا الألم يزداد لدرجات كبيرة جدا عندما كان يضمها فارس اليه و يقبلها، بل كانت تثير جرحه لدرجة لا ترحم،
اوقف روماني تجواله في الطابق الاول عند دولاب عرض زجاجي مسنود على عامود في وسط الطابق، كان حيط هذا الدولاب يخلو من الزائرين و كانت ادراج الطابق الكهربائية الكبيرة التي على مقربة منه فارغة من الزوار، و كان معروض في الدولاب اجزاء من ورق البردي، و كانت من تأليف كهنة معبد رمسيس في ابوسمبل و تحتوي على كلمات سحرية لطقوس كانت تتلى أثناء التحنيط لكي يقوم الميت برحلة عبر نهر الخلود و تفتح امامه الثلاث بوابات الضرورية لكي يلاقي محفل حكام الدينونة، فعندها يقوموا بوزن قلبه و يحكموا عليه اذا كان جديرا بالعيش ما بعد الموت ام لا، و اذا وُجِدَ بغير جدارة كان الشيطان الحيواني بانتظاره لابتلاعه عقابا له، كان روماني ينظر الى الاثر بلوعة شديدة فكان هنالك فقط حاجز زجاجي يحول دونه و دون الاثر النفيس، ففكر بصمت "الذي يكون قلبه طيب لن يعرف كيف يعيش في هذه الدنيا، فما كان من نصيبي الا المرارة و الحصرة، وداعا للحملان الوديعة و اهلا بالشياطين، لو سرقت هذه الورقة و بعتها في السوق السوداء ستجلب لي المال الوفير،،،و لكن كيف سأنفذ من كاميرات المراقبة و الشكوك و التحقيق مع الشرطة،،،يا ليتني لو شبح او ساحرا لكي امشي بالخفية ولا يراني أحد، يجب ان اجد طريقة و الليلة قبل الغد،"
*****
كان واقفا بجانبه يراقبه و يسمع افكاره، عبد صالح طينته من طينتنا الشيطانية و لكن يلزمه شريكا ليتمم خطته، ايها البشر الغبي ما جلبني لعالمكم الا طمعكم و عدم مسامحتكم لبعض و كرهكم لبعض، أخيرا وجدت ما يلزمني لاعبر به الى العالم و انتقم، أخيرا استطيع ان امشي بالعالم، ايها الغبي ستراني،،،!!

حروب المحاور وتصفية الحسابات والمبادرة المصرية/ راسم عبيدات


واضح بأن ما يجري على ساحة قطاع غزة،ليس هو فقط عدوان همجي يشن على الشعب الفلسطيني،لفرض مشروع سياسي عليه،بل هناك صراعات وتصفيات حسابات تجري بين أكثر من طرف ومحور تتشابك مصالحهما حيناً وتفترق حيناً آخر،وهذه الصراعات وتصفية الحسابات،والتي يدفع الشعب الفلسطيني ثمنها دماً وشهداء وخسائر كبيرة في الممتلكات، هي جرائم حرب بإمتياز وابادة جماعية.

 نعم صراعات تدور ويشارك فيها أكثر من طرف فلسطيني وعربي وإقليمي ودولي،وبالنظر الى تلك المحاور الثلاثة المتصارعة هناك،نجد انها تلتقي حيناً وتفترق حيناً آخر،إرتباطاً برؤية واهداف ومصالح كل طرف من تلك المحاور المتصارعة،وهذا يعكس نفسه على المبادرة المصرية التي قدمت لتثبيت تهدئة بين قوى المقاومة الفلسطينية وحكومة الإحتلال المعتدية من حيث القبول بها كما  هي مطروحة ومن حيث رفض قبولها لكونها لا تلبي الحد الأدنى من شروط المقاومة،ولكون ما كان مقبولاً في نوفمبر 2012 لم يعد مقبولا الان،فالمقاومة لا تريد العودة الى المربع الأول بعد كل عدوان،بل تريد أن تجري معالجة جوهرية لأصل المشكلة الإحتلال والحصار.

وعندنا تحليلنا للواقع،واقع الصراع والمجابهة الجارية الان في قطاع غزة،نجد ان محاور الصراع هي مختزلة في ثلاثة محاور،في المقدمة منها محور (ايران وسوريا وحزب الله) ومحور (تركيا قطر وحركة الإخوان المسلمين) ومحور( مصر السعودية الامارات العربية والاردن والسلطة الفلسطينية)،وهذه المحاور تلتقي مصالحها في ساحة وتفترق في ساحة اخرى فعلى سبيل المثال لا الحصر المحور الأول والثاني يلتقيان في الإبقاء على حماس قوية وخروجها من المعركة  منتصرة وغير خاسرة،فالمحور الأول يريد من ذلك ان يتعزز حضوره ودوره وتاثيره من خلال انتقال حماس من المحور الثاني الى محورها،بعد ان تولدت قناعة لدى اغلب قادة حماس بأن المحور الذي انتقلت اليه لم يقدم لها سوى الوعود والشعارات،في حين المحور الثاني زودها بالأسلحة وتقنيات تصنيعها،بما مكنها من الصمود وتوجيه ضربات موجعة لدولة الإحتلال،اما المحور المحور الثاني فهو يريد ان تستعيد حماس شعبيتها وجماهيريتها فلسطينيا وعربيا واقليميا ارتباطاً بمشروع الإخوان المسلمين الذي تعرض الى انتكاسة كبيرة في أكثر من ساحة عربية وتحديدا في معقله مصر وكذلك في سوريا وغيرها من الأقطار العربية،ويقف هذين المحورين على طرفي نقيض فيما يتعلق بالمعارك والحروب الدائرة في العراق وسوريا،وكذلك المحورين الثاني والثالث يلتقيان ويتقاطعان في الوقوف ضد النظامين العراقي والسوري،ويعملان جاهدين على إسقاطهما وتوفير كل سبل الدعم مادية وعسكرية وسياسية واعلامية وبشرية لذلك،في حين يفترقان  ويختلفان في الموقف من النظام المصري وحركة حماس،حيث محور تركيا قطر يقف ضد النظام المصري الحالي الذي جاء على انقاض نظام الإخوان الذي كانت تدعمه  وترعاه تركيا وقطر وتقفان الى جانب حركة حماس،في المقابل السعودية والامارات العربية والسلطة الفلسطينية والأردن تقف الى جانب النظام المصري وضد حركة حماس من منطلقات سياسية والتناقض مع اهدافها ومصالحها.

هذه اللوحة المعقدة والمتشابكة من المصالح والصراعات وتصفية الحسابات،لا بد ان تكون متصارعة حول المبادرة المصرية لتثبيت التهدئة،وقبل الحديث عنها لا بد من القول بأن هذه المبادرة جاءت أقرب الى  الإتفاق الذي وقع في نوفمبر/2012 برعاية مصرية تركية قطرية،واعتبرته حماس في ذلك الوقت نصرا إلهياً،والمبادرة الان تتحدث عن وقف كل الأعمال العدائية البرية والجوية والبحرية ضد قطاع غزة وعدم القيام بعمليات التدخل البري وإستهداف المدنيين،وبالنسبة للمقاومة وقف كل الأعمال العدائية البرية والجوية والبحرية وتحت الأرض وعدم إطلاق الصواريخ بأنواعها المختلفة على اسرائيل وإستهداف المدنيين.

وفي التدقيق في تلك المبادرة نجد انا لم تعالج جوهر المشكلة الإحتلال والحصار،وكذلك فشلت في تقديم جداول عملية لرفع الحصار الغذائي والإقتصادي عن قطاع غزة وربطت ذلك بإستقرار الأوضاع الأمنية،وكذلك لم تضع آليات لمنع إستمرار خروقات اسرائيل وعدوانها على القطاع،وكذلك ساوت بين الضحية والجلاد،وأيضاً بند تحت الأرض يعني بشكل وآخر تجريد المقاومة من أسلحتها،منع حفر الأنفاق وحيازة الصواريخ وتقنيات تصنيعها،وهذه المنطلقات كان من المفروض ان تركز عليها المقاومة الفلسطينية لرفضها للمبادرة وليس الجانب الإجرائي والشكلي مشاورتها أوعدم مشاورتها.

والمبادرة المصرية صيغت جوهراً ومضموناً من قبل مصر لكي تجعل قوى المقاومة،وبالذات حماس غير قادرة على قبولها،إنطلاقا ليس من مصلحة الشعب الفلسطيني،بل حسابات مصرية داخلية وتصفية حسابات مع حماس،وقوفها الى جانب النظام السابق وعبثها في الساحة المصرية،وبالمقابل  حماس الرفض جزء منه مرتبط بعلاقتها التنظيمية والأيدولوجية مع حركة الإخوان المسلمين،والخلاف على الدور المصري في رعاية الاتفاق والمناكفة والخلاف المصري مع قطر وتركيا،وهي برفضها تريد أن تطبع علاقاتها مع النظام المصري،مستغلة ثقل حلفائها تركيا وقطر من أجل  ان تستعيد جماهيريتها ودورها عربياً وإقليمياً.

واذا كانت المقاومة محقة في رفضها للمبادرة المصرية،حيث فاتورة العدوان على قطاع غزة عالية جداً شهداء وجرحى ودمار كبير،وبالتالي من غير الممكن ان تقبل قوى المقاومة بالمبادرة المصرية حتى لو انتحرت سياسياً،كونها لا تلبي حاجة الشارع والجماهير التي إحتضنت المقاومة،وبالتالي هذه الجماهير التي ضحت ودفعت ثمناً باهظاً ستصب غضبها على حماس والمقاومة اذا ما قبلت بالمبادرة،وخصوصاً بأن المقاومة بصمودها وما إمتلكته  من توازن عليها،ترى بأن مطالبها برفع الحصار وفتح المعابر وإطلاق سراح الأسرى المحررين في صفقة الوفاء للأسرى،صفقة "شاليط" وتوزيع مساحة ومدى مناطق الصيد ووقف العدوان الإسرائيلي، وغيرها من مطالب،هي مطالب محقة لأي هدنة قادمة، في حين مصر لا تريد هي والعديد من الدول العربية لحماس ان تخرج منتصرة من المواجهة،لأن ذلك يصب في تقوية مشروع الإخوان الذي تعرض إنتكاسة جدية في مصر وسوريا وغيرها من الأقطار العربية،وبالمقابل تجد قوى المقاومة صعوبة في قبول المبادرة المصرية كما،وهي بذلك قد تجد نفسها في أزمة خيارات،ولكن مهما يكن الأمر فالنتائج المترتبة على القبول،قد تكون أكثر سلبية من عدم القبول بالشيء الكثير،فإستمرار الصمود والمقاومة من شأنه،ان يجعل الأمور تجد طريقها للحل،وبما يخدم المقاومة وشروطها،ولكن هنا يجب التشديد على قضية جوهرية بأن الأطراف الفلسطيني عليها أن تكف عن سياسة المناكفة والتحريض،والإبتعاد عن تحميل المقاومة  مسؤولية التصعيد الإسرائيلي،فالإحتلال وحده من يتحمل المسؤولية،وليس رفض قبول المبادرة المصرية،يضع المقاومة في موقع الشريك والمسؤول عما ستؤول إليه الأمور،فيجب ان يتم الإستثمار سياسياً وفق مصالح الشعب الفلسطيني،وليس وفق مصالح فئوية وحزبية،او وفق اجندات واهداف غير فلسطينية،وعلى السلطة الفلسطينية،ان تعي وتدرك تماماً بأن إنسداد أفق المفاوضات وتغول وتوحش الإحتلال في كل الجوانب والمجالات دفع بالشعب الفلسطيني للوقوف مع خيار المقاومة.

اوشفيتش غزة: "امواتا يمشون "حتى متى؟!/ نبيل عودة

هل العرب خارج التاريخ؟

هذا الانطباع الأولي الذي يترسخ في ذهن كل من يحاول ان يفكر بالواقع العربي في ظل ما يجري اليوم في غزة المحاصرة ، "اوشفيتس" هائل يضم  في معتقله  1.8 مليون فلسطيني يتعرضون لمحرقة من الاف الأطنان من المتفجرات ، حيث يسقط قتلى ومشوهون من اطفال الشعب الفلسطيني ، نسائه، شيوخه  ورجاله الأبرياء . المرعب ليس الصمت الدولي الذي اعتدناه في مواجهة اعتداءات اسرائيل وبطشها، وهو صمت يمكن تعليله  حين تكون اسرائيل أحد أطرافه، انما المقلق هو الصمت العربي المرعب ، صمت الأنظمة وصمت الشارع العربي.

أين جماهير الانتفاضة؟ 
أين قوى اليسار العربي؟ 
اين القوى الوطنية العربية ؟
أين القوى الاسلامية ؟ 

لا تبرير ولا صفحان لأنظمة تصمت امام عدوان يتباهى بمجازره، ويتهم الضحية بانها المسؤولة عن المحرقة التي تبطش بهم .

لا نطلب منهم المشاركة بضريبة الدم الفلسطينية، انما كسر الصمت ، اعادة الشارع العربي الى التاريخ الانساني. اعادته الى الوعي الأولي لمفهوم الكرامة الوطنية.

كارثة فلسطين لم تكن ضد شعب صغير اعزل ، بل خطة للحفاظ على عالم عربي خارج التاريخ، هذا ما اثبتته التطورات منذ العام 1948 ، مرورا بالعدوان الثلاثي على مصر ونظام عبد الناصر ، حتى يومنا الراهن.

لا اعرف لمن تكدس انظمة الصمت العربي السلاح، حتى اليوم لم نعرف الا استعمالا واحدا لسلاحهم، حماية القبيلة الجالسة براس السلطة، وقمع المواطنين وايصالهم للحالة التي نلمسها اليوم بكل بشاعتها ، شعوب مقموعة فقدت اي صلة بالواقع، انتُهكت كرامتها لدرجة فقدت الكرامة معناها... هذه هي حالنا مع انظمة لا يمكن تصنيفها الا برأس قائمة الغباء، فهل سننتظر 30 – 40 سنة اخرى ( ربما 100 سنة) للربيع العربي القادم؟ هل هذا ما اراده 32 مليون مصري يوم خرجوا لدعم عزل النظام الاسلامي في مصر؟ هل يظن رئيس مصر السيسي ان العودة للعب دور الوسيط الذليل بين اسرائيل والفلسطينيين ، هي مهمته القومية العليا؟ هل دور الوسيط هو كل ما تنتظره الشعوب العربية من مصر ؟!

احيانا احسد من لا يعرف اللغة العبرية. ان المتابع للإعلام العبري هذه الأيام يصاب "بإمساك عقلي"  لن ينفع معه حتى الملح الانكليزي . عشرات الجنرالات  المتقاعدين من مختلف انواع الأسلحة يدلون بتحليلاتهم العسكرية، وكلهم لا يرون الا صواريخ حماس دون تفكير منطقي بما دفع حماس لتحدي جيش يملك دولة غنية انتاجها القومي الاجمالي أكثر من كل الدول العربية المحيطة بها، عدا الدعم الصهيوني الدولي والأمريكي والغربي من دول  عديدة تقول شيئا وتفعل شيئا آخر،  وقوة عسكرية لا يمكن الاستهتار بقدراتها وتجهيزاتها. 

كلهم من اجل ضرب، قمع ، تجريد، سحق، شل، حرق ، هدم  وكل المصطلحات العسكرية التي لا افهمها الا بانها تعني مضاعفة نيران محرقة "اوشفيتس غزة". حتى اليوم لم اسمع تقريرا او موقفا عقلانيا. حتى اليسار الصهيوني وما يسمى بالوسط ممثلا بحزب العمل صار يمينيا لا يختلف عن تطرف وزير الخارجية افيغدور ليبرمان وعن داني دانون ،نائب وزير الدفاع المفصول لتطرفه الذي تجاوز رئيس حكومته، اجل دولة تملك القوة، ولا تملك شيء غير القوة، ولا تملك عقلا يعرف كيف يدير القوة  بمواجهة 1.8 مليون فلسطيني صار الموت بالنسبة لهم اكثر رحمة من الحياة داخل قطاع محاصر برا وبحرا وجوا، قطاع لا يملك الا ان تفرض عليه الاملاءات الاجرامية ، لا احتجاج على حصار لو تمكن لقيد كمية الأوكسجين التي يستحقها سكان "غيتو غزة". واقع يجعل 1.8 مليون فلسطيني مجرد  "امواتا يمشون". 

حتى لو التزمنا بتطور الأحداث الأخيرة لوجدنا ان العدوان بدأ بقيام اسرائيل بحملة قمع واعتقالات ضد المواطنين الابرياء في الخليل والضفة الغربية مخالفين اتفاقات دولية حول صفقة الاسرى وحق الحماية للمواطنين العزل. ا ن اعتقال 1500 مواطن مسالم من الضفة ، حتى لو كانوا من منظمة حماس ، هو عملية قمع مخالفة لكل اعراف القوانين الدولية والانسانية. . وهو عدوان مكشوف ومبرمج ضد حركة حماس التي اتخذت قرارا هاما بإنهاء حالة الانشقاق الفلسطينية. طبعا لم يجدوا مبررات لقمع شخصيات حركة  فتح.. رغم ان موقف فتح وموقف محمود عباس نفسه لا يعجب نتنياهو ويسبب له الارباك السياسي، جاء العدوان ليخفف الضغط  على حكومته بما يخص استمرار المفاوضات.. في محاولة اظهار الشعب الفلسطيني بانه مجرد عصابات ارهاب!!

طبعا الادعاء ان الجميع متهمون بحادث مؤسف لخطف ثلاثة فتيان وقتلهم هو اتهام بلا اساس. عملية الخطف لم تكن بمعرفة أي من قيادات حماس كما تبين ايضا للمخابرات الاسرائيلية. فما هو تبرير الحملة ضد حماس في مناطق الضفة الغربية؟
قلت سابقا اني لست مع فكر حماس واساليبهم، لكن عندما يصل الوضع الى تنفيذ سياسات القتل العشوائي فهذا الأمر يمسني اولا كفلسطيني وثانيا كانسان ويلزمني ان لا اكون مجرد صوتا حياديا.

اسرائيل ارتعبت من المصالحة الفلسطينية رغم شكليتها. من هنا رؤيتي انه يجب ترسيخ المصالحة واعطائها روحا أكثر حيوية، ان فك المصالحة نتيجة اختلاف وجهات النظر للفصائل الفلسطينية لن يكون في مصلحة أي فصيل فلسطيني .

الوحدة الوطنية باتت واجبا في مواجهة المستقبل. مهما كانت شروط وقف اطلاق النار، الا ان غزة ستبقى منطقة غيتو محاصرة من اسرائيل واليوم محاصرة عربيا ايضا. ربما يضاعفون كمية الطعام  والمياه والأدوية والإسمنت ، ويفتحون ابواب غزة لبعض المتطوعين ليخففوا الام سكان القطاع. ستظل الجريمة  الكبرى باستمرار الحصار وحرمان المواطنين الفلسطينيين من متطلبات حياة انسانية بأبسط الشروط المتعارف عليها في المقاييس الدولية.. 
السؤال : حتى متى سيتحمل اهل "غيتو" غزة واقع كونهم "امواتا يمشون" ..؟!    

nabiloudeh@gmail.com