هل المتأسلمون مصريّون؟/ أنطوني ولسن

كل منا له تجاربه وحكاياته وقرءاته في مصر ، بل وبعلاقاته مع الأخر إن كان هو مسلما أو مسيحيا . لأني أرى في الحديث الصريح الواضح قد يخدم شباب مصر الحالي الذين هم في حالة من التأرجح بين ما يسمعونه عن علاقات المصريين بعضهم وبعض وكل منهم يؤمن بدينه دون أن يسيء لدين الأخر .
هكذا كنا ، وهكذا يجب أن نعود إلى ماكنا عليه من مودة ومحبة وإخلاص لبلدنا جميعا مصر .
أعود إلى الماضي الذي عشته في مصر ولربما تأخذني الذاكرة إلى ما يمكن أن أكون قد كتبت عنه من قبل من باب الحكايات .
المرحوم أخي صدقي في صغره كان معروف عنه شقاوته بين من في سنه ومحبة شباب الحي له لشجاعته .
ذات يوم دق جرس المنزل فقامت المرحومة أمي بفتح الباب وكان الطارق جارتنا 
والدة سعيد ، عن نفسي عرفتها . كانت غاضبة ، لكن بكل أدب وإحترام بدأت تشتكي لأمي ضرب أخي لأبنها سعيد .
ببساطة قلب أم محب سألتها عن من تكون هيّ وأبنها سعيد ؟ مما جعل الجاره تتعجب فأجابتها أنا جارتك يا ست أم ولسن . أتذكر جيدا على الرغم من مرور كل تلك السنوات العظام ، أن أمي بعدما سمعت منها أنها جارتنا مدت يدها وأمسكت بمعصمها قائلة لها بالحرف الواحد " أهلا حبيبتي تعالي نشرب القهوة وماتخافيش على الولاد ، يتخنقوا ويتصالحوا . لكن أنا سعيدة إني تشرفت بمعرفتك . سامحيني إنتِ عارفه الأولاد ومطالبهم " . 
تفضلت الست أم سعيد بالدخول وجلست مع أمي ودار بينهما أحاديث وأحاديث إستمرت لسنوات عديدة وكل منهما تسأل عن الأخرى في محبة وإحترام . وكان هذا أول درس تعلمته من أمي في معنى الجيرة ومحبة الجار والذي شاركتها فيه جارتنا خالتي أم سعيد وديانتها مسلمة ولم تحدث خلافات بين سعيد وصدقي شقيقي. كان هذا في أواخر الأربعينات من القرن الماضي والذي إستمر حتى تركنا المنزل رقم 18 شارع السندوبي بشبرا مصر .
في عام 1951 بدأت الدراسة الثانوية للسنة الأولى ثانوي بمدرسة " الأمير فاروق " بالترعة البولاقية . جاء جلوسي في أخر الفصل وكان جاري أخي وشقيقي الذي لم تلده أمي ولم ينجبه أبي بل و شقيقي في الوطن مصر المرحوم محمد عبدالله الخولي ، لأن الصفوف الخلفية كانت " للطوال " وكنا بالفعل طوال القامة والمحبة وإحترام كل منا للأخر إلى أن وصل الحال بنا إلى تعارف العائلتين فأصبح لي شقيق ووالدة ووالد عم عبدالله على الخولي إمام مسجد الحي . فهل يوجد إمام مسجد له نفس صفات ذلك الرجل الذي لي مع عائلته أجمل ذكريات مصر ممثلة في شخصه وفقهه ومحبته ومعرفته لما بين يديه من قرآنه الكريم ؟؟!! . لا أظن !. 
لو أخذتكم في جولة من ذكرياتي في مكان أخر من مصر .. فليكن المكان بلاد النوبة التي أخذت مصلحة الأحوال المدنية على عاتقها عملية تهجير أهل النوبة إلى مركز كوم أمبو محافظة أسوان .
تصادف أن وقت وجودنا هناك كان مع بداية شهر رمضان ، وأهل النوبة جميعهم مسلمين ، والذين معي من الزملاء مسلمون ما عدا فايز وأنا . وكان الفنان النحات المسيحي أحد الموجودين في أول قرية توجهنا إليها . 
لم أعط للموضوع إهتماما كبيرا . لكن حينما جاء وقت الغداء فوجئنا بعمدة القرية يدعونا وكل من هو غير صائم إلى الطعام . بالفعل كان الطعام جاهزا وانضم إلى ثلاثتنا زميل مسلم لم يصوم ويبدو أنه كان متوترا لتركه زوجته وأولاده في أهم أيام السنة ، شهر رمضان .
تنقلنا بين قرى النوبة . بقينا في بعضها ثلاثة أيام ، وفي البعض الأخر من القرى مدة أسبوع . فكانت نفس المعاملة للمسيحيين والمسلمين غير الصائمين .
حدث في إحدى القرى أن ضرب الزميل المتوتر الأعصاب خفير العمدة ولم أكن موجودا وقت ما حدث ، وكنا قد إقتربنا إلى موعد الأفطار .
جاء وقت الأفطار ولم يرسل العمدة طعام الأفطار . إنتظرنا قليلا وأقترح البعض أن نخرج طعامنا الذي إشتريناه ومنعنا العمد وأهل القرى من إستخدامه كرما ومحبة منهم .
سألت الزملاء إن كان أحدهم لديه فكرة لما يحدث . فكانت الأجابة من أكثر من واحد أن الزميل ضرب خفير العمدة كما سبق وأوضحت .
طلبت من الزملاء البقاء في أماكنهم وتوجهت إلى دار العمدة .
إستقبلني الرجل بوجه فيه شكوى . قلت له أنني هنا لأشكرك وأشكر أهل القرية على كرمكم ، وأننا سوف نستخدم ما معنا من أطعمة .
نهض الرجل واقفا مستسمحا وبدأ يقص عليّ ما حدث . لم أجعله يُكمل وقلت له وصلني الخبر وعرفت السبب أن الخفير لم يحترم الزملاء وأراد تخطي الطابور ومعه أحد أقاربه وهذا بالطبع شيء ممنوع سواء كان خفيرا للعمدة أو العمدة نفسه. أدرت ظهرى وههمت بالعودة ، فإذ بالرجل ينهض من جلسته ويمسك بيدي طالبا منى أن أتفهم الموقف أمام أهل القرية . كان ردي بسيطا إذ قلت له كان يجب عليك أن تأتي مع الخفر الحاملين للطعام وخاصة نحن في شهر رمضان وتخبرني بكل ما حدث أمام الجميع !. شعر الرجل بالخجل وأمر بإحضار الطعام وسار معي معتذرا للجميع .
المضحك هنا أن شباب القرية أصروا على عدم بيع السجاير للزميل ، والتجارة عن طريق " الفلوكا " فكنت أضاعف طلبي وأتقاسم معه حتى إنتهت فترة بقاؤنا بالقرية .
لم يمتنع أهل القرية عن تقديم الطعام للزميل فايز المسيحي وأنا والزميل المسلم الغير صائم في أوقات الصباح والظهيرة والعشاء . ولم نكن نُحرم من المشاركة وقت الأفطار والسحور . ما أجملكم يا أهل النوبة . عظمتكم من عظمة الفراعنة واليوم آتي لتعود مصر لأهلها من المصريين مسلمين ومسيحيين ومن كل دين أو مذهب أو ملة للتقدم إلى الأمام .
هذا هو المسلم الذي تسلم الناس من يده ولسانه .
نأتي إلى المتأسلم الذي لا يسلم الأنسان من يده ولسانه .
صُدمت في زيارتي لمصر عام 1991 بهذا الكم من التغير إلى الأسوأ . العالم يتقدم ومصر تتخلف بصورة مذهلة وغير متوقعة . الناس تغيرت ، الوجوه تغيرت ، مفردات الكلام تغيرت ، عدد الناس في ذلك الوقت بالطبع تغير إلى اللامعقول ، العلاقة الحميمة بين الناس لم يعد لها وجود ، الثقة في المعاملة والتعامل تكاد تكون في ذلك الوقت معدومة . رجال لم نتعود على رؤيتهم يرتدون الجلباب القصير الأفغاني وسروال ، الذقون الطويلة ، " الذبيبة " تعلو الجباه وكلما كبر حجمها هاب الناس صاحبها ، المرأة تحجبت وأصبح للحجاب أشكال وألوان ، لن أتكلم عن المنتفبات ولن أدخل في جدال حول ما يرتديه الرجال أو النساء في مصر . لكن الذي أحزنني كثيرا الوجوه العابثة وغياب روح المرح التي كان يتميز بها المصري . كمية الكُره للأخر المسيحي أو من يتبع مذهبا أخرا من المسلمين . تشعر وأنت سائر في الطريق أنك تسير بين أشباح متحركة لا هم لها سوى المظهر الخارجي ولكنها بعيدة كل البعد عن الأنسان الآدمي الحي . كان من الطبيعي لم أر عم عبدالله إمام المسجد ولا من الأصدقاء والجيران .
بدأت أبحث عن أخي المصري وأختي المصرية بغض النظر عن إنتمائاتهم الدينية أو العقائدية . بإختصار أُصبت بكآبة ولم أعد أرغب في البقاء في القاهرة ، ومع الأسف تكرر نفس المشهد ففضلت البقاء بعيدا عن الشارع محاولا تجفيف دموعي وأنا أردد مع شادية " يا حبيبتي يا مصر " . 
سألت الناس ونفسي عن ما حدث لمصر !. وإكتشفت أن رئيس مصر قد بدأ يبتعد عن الشعب المصري . وحلت محله الجماعات المتأسلمة التي أخذت وبشكل غير مألوف الهيمنة على عقول الناس وتجنيدهم لمصالحهم الشخصية كل جماعة وأهدافها. 
لا أخفي عليكم أنني شعرت بالرهبة والخوف . الرهبة والخوف ليس من تلك الجماعات ، لكن من نفسي . نعم من نفسي فلم أعش في مثل هذا الجو البغيض والبعيد عن ما كنا نعيشه كأسرة واحدة مهما إختلفنا التسامح كان هو شعارنا ومبدأنا وحياتنا .
تركت مصر وأنا حزين وأقسمت بعدم العودة مرة أخرى . لكن أصرت روحي أن تبقى في مصر ، وعقلي وجسدي في وطني الثاني أسنراليا .
مرت مصر بفترة من أخطر فتراتها . إحتل مصر من أول الأسكندر الأكبر إلى الغزو العربي الأسلامي واجهت فيه تغيرات وتقلبات تهبط بمصر إلى قاع الهوان ثم سرعان ما تنهض مرة أخرى، تعود للهبوط مرة أخرى ثم تنهض وفي كل مرة لم تتخطَ مصر حاجز التأخر والتخلف إلى أن إستقل بمصر محمد على باشا وأنفصلت عن الخلافة العثمانية التي أذلت الشعوب التي تحكمها .
ظهرت جماعة الأخوان المسلمين عام 1928 على يد مؤسسها الشيخ حسن البنا وبدأت فكرة عودة الخلافة تطفو على سطح الأحداث ويكون لها تأثير واضح في مجريات الأمور في مصر إن كان التأثير سياسي أو ديني .
أصبح للجماعة تنظيم يسعى ويعمل على الوصول إلى الحكم مهما كلفهم ذلك من تضحيات . إستمر ذلك الأمل يراودهم ولم يكلوا أو يملوا ، بل أخذهم هذا الأمل إلى التعامل مع الشيطان للوصول إلى سُدة الحكم في مصر والتي ستكون المقر الذي سينتشرون منه إلى العالم أجمع ، وأصبح قول الغاية تبرر الوسيلة هو كتابهم المفضل والذي يتّبعونه في معاملاتهم وأعمالهم داخل مصر حتى وصولهم بالفعل إلى سُدة الحكم في 30 يونيو 2012 .
أعطاهم الشعب الثقة ، البعض أخطأ وأراد الأبتعاد عن حكم العسكر . ماذا فعلوا بمصر والشعب المصري ؟ 
كلنا نعرف ماذا حدث . وكلنا عشنا ومازلنا نعيش حالة التوتر بعد عزل الرئيس .
لكنهم مازالوا يهددون ويجتمعون في الخارج ويطالبون الغرب " الكافر " في نظرهم لقتال المصرين بعد أن فشلوا في تحقيق حلم إسرائيل والسيد العبد لله تعالى الرئيس باراك حسين أوباما الذي في رقبته وأولاده دماء الأبرياء الذين قتلوا لتمكين الأخوان السيطرة الكاملة على منطقة الهلال الخصيب .
وها هي مصر تعيش على صفيح بركان ساخن . وإصرار الأخوان على خراب مصر وليس إعمارها ليحققوا ما بدأوه من بيع مصر لمن يدفع لهم .
وطوز وألف طوز في مصر والشعب المصري .
فهل المتأسلمون سواء من الأخوان أو غيرهم حقا وفعلا مصريين ؟؟!!.
أترك لكم الأجابة
*******
لقد سبق ونشرت هذا المقال في شهر سبتمبر عام 2013 . ومع ذلك بعد إنتهاء التصويت لإنتخاب الرئيس رقم 7 لعام 2014 وعلى الرغم من الأنتظار للنتائج النهائية وإعلان المشير عبدالفتاح السيسي رئيسا لمصر . رأيت أن أذكر الشعب المصري والقاريء المصري والعربي بما مرت به مصر والشعب المصري من أحداث جميلة وأحداث لا تشبيه لها إلا أنها أحداث الخيانة فيها واضحة وضوح الشمس في الظهيرة . أرجوكم بكل تأني وبكل ثقة لا نهتم بمهاترات الخونة أعداء مصر من ألأخوان وأمثالهم ونضع الثقة في إختيار الله لمصر رئيسا  لا شك في حبه لمصر والشعب المصري ونمد أيدينا له ونشجعه على ما هو مقدم إليه من مشاق حقيقية سوف تواجهه لأعادة مصر إلى ما كانت عليه من محبة وتآخي وعمل جاد مثمر . والله الموفق

البيعة الكبرى للرئيس عبد الفتاح السيسي/ سري القدوة

مصر العروبة تنتصر .. مصر الثورة تحتفل بالانتصار في كل ميادين مصر .. مصر تنتصر علي الارهاب والارهابيين .. مصر بزعامة عبد الفتاح السيسي تعود الي صدارة الامة العربية .. بتاريخها وحضارتها وقوة مواقفها ..

انه ليس انتخاب رئيس ولم تكن انتخابات عادية بشكلها المجرد .. انها البيعة الكبرى للرئيس عبد الفتاح السيسي ..
معك بأراده الثوار .. معك كل الاحرار .. معك نكمل المشوار ..
انها ارادة الشعب المصري العظيم .. تعود وتنتصر لترسم شمس مصر العربية مشرقا في سماء الوطن العربي مدافعة عن الحق والحرية ..

التاريخ يكتبه الرجال ومصر اليوم تكتب تاريخا مشرفا وتنتخب الرئيس عبد الفتاح السيسي بأراده وصوت العقل والحكمة ..

اللهم احفظ مصر .. وانصرها علي الاعداء الظالمين ..
انها ارادة المصريين التي يولد اليوم زعيم جديد للامة العربية نفخر بها ونعتز فلسطينيا وعربيا جاء من رحم الثورة التي انتصرت علي عناصر الفساد والتخلف والارهاب والكفر والعناد ..

مبروك لمصر ... مبروك للامة العربية كلها ... مبروك لفلسطين .... مبروك للزعيم لمصر عبد الفتاح السيسي ..
مصر العروبة ..الف مبروك لمصر ولشعب مصر الف مبروك لكم الصمود والتحدي ..لكم مني زمن ابناء شعب فلسطين كل التحية والتقدير شعب مصر الرائع وقيادته الحكيمة وجيش مصر العربي الاصيل 
..
وتستمر الانتصارات .. وستستمر ولنا لقاء مع الانتصار القادم لا محالة ..

مشهد ديمقراطي يحق لنا ان نفخر به .. هذا المشهد لا يحب ان يراه الاخرون ويتنكر البعض للدور الوطني الذي تقوم به الشعوب ضاربين بعرض الحائط ارادة هؤلاء الذين يصنعون التاريخ ..
والشعب المصري يسجل اليوم نهاية حقبة الاخوان بل يصدر شهادة وفاة الاخوان المسلمين حيث مكان ولادتهم ومكان دفنهم .. ( 22 مارس 1928م - 28 - مايو 2014 ) ..

اننا اليوم نقف امام حقيقة ان هذا الاقبال علي ممارسة الحق الديمقراطي يأتي في ظل منافسة حرة شريفة بين المناضل حمدين صباحي والمشير عبد الفتاح السيسي بعيدا عن مشاركة الاخوان ولأول مرة في تاريخ الانتخابات المصرية وان تحصد هذه النسبة من المشاركة يعد في غاية الاهمية حيث تشير كل الادلة الي انحصار الاخوان بالرغم من تهديدات لا تكاد تذكر ومحاولات ارهابية متفرقة لتخريب هذا العرس الديمقراطي في مصر ..

سيسجل التاريخ ميلاد عصر جديد لممارسة الشعب المصري للديمقراطية وانعكاس ذلك علي المستوي القومي العربي في صورة سنفخر بها مستقبلا واليوم عندما يقف المواطن في هذه الطوابير الطويلة من اجل انتظار ساعات ليشارك برئيه فهو بكل تأكيد يصنع مستقبل مصر والامة العربية ..

ان متابعتنا للعملية الانتخابية تدفعنا الي التأكيد بان هذا العصر الديمقراطي الذهبي هو تصنعه مصر الثورة والتاريخ والحضارة وما كان ليكون دون دماء الثوار الاحرار الذين اناروا الطريق للأجيال ورسموا معالم خارطة المستقبل للامة العربية ..
من كل قلبي اتقدم بالتهاني الي قيادات مصر احزابا ونخب سياسية واعلامية والي احبتي واخواني مما اعرفهم من ابناء الشعب المصري العظيم علي هذا النهج الديمقراطي التي اسست له الثورة وبكل تأكيد ان اشراقة مصر وشمس مصر سيشرق مجددا علي الامة العربية ليكون انارة ديمقراطية في عصر الحرية والانتخابات بعيدا عن حكم الدكتاتوريات وطواغيت العصر ..

رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين
http://www.alsbah.net
infoalsbah@gmail.com
سري القدوة

إلى روح الصديق جورج خزامي/ جورج منصور

يا جورج ضيعان الأوادم يرحلو
وكل الدني ما يضل فيها شي حلو
يلقي خبر موتك على كتاف الجبال
يا بيركعو عا الارض يمّا بيزحلو
بهالجاليه لما بيجو يعدّو الرجال
صف الرجوله بيحسبوك بأولو
يعدّو معي بها الجاليه الربّو عيال
وإنت يل ربّيت جيل بكاملو
بأرض غربه عليك ما ضاق المجال
ياما بشر لولاك كانو تشنطلو
الغياب عرفو جورج أرزه من الشمال
بفيّاتها كانو يجو ويتظللو
كنت تهوى الشعر وتحب الجمال
يعني جمال الروح هل ما منجهلو
ما جيت قلك شعر من نسج الخيال
جيت الحقيقه للخليقه قولها
وإحني عا نعشك وبدموعي بللو.

نيّال هل متلك عا حب الله عاش
يبني بإيمانو براج تهدّمو
ما عاش بالوحده ولا بالانكماش
ولا قدرت ظروف الليالي تصدمو
يا جورج عندك ناس منفوشه الرياش
بالمجتمع لا أخّرو  ولا قدّمو
إنت الخدمت الناس لكن عا بلاش
الواجب عليهم يخدمو ما بيخدمو.

شو ما انطلب منك بروح الطيّبه
ترد الجواب عا السائل بكلمة نعم
كنت انتي والحياة مغالبه
ما بينغلب هلي برضى الله اندعم
مضياف كنت وطلتك طلة أبي
وهَطْلت عليك من السما كل النعم
انعجْنت بقلبك كل لقمه طيبه
الما بيطعم من القلب ما بعدّو طعم.

يا أهل جورج اليوم عا جورج الأمان
انفرشت طريقو بالبساط المخملي
وسّعولو بالسما أحلى مكان
وعامل مضافه بحضرة الرب العلي
تبسم بوجه الداء وتصبّر كمان
وتا نساعدو كانت ايدينا مكبّله
لو كان عندو الموت ذرة عنفوان
عا الآدمي ممنوع يعمل بو علي.

ان كان يا "عاصون" بدّك للحقيق
متل ما جرحك غميق جرحي غميق
"عاصون" أو "متريت" هودي ضيعتين
وفرد ضيعه انكان في لبنان ضيق
"جورج" كان يفلش علينا الجانحين
الضيعه العريقه بحضنها ربّت عريق
اليوم الخساره قاسمينا عا التنين
إنتي خسرتي ابن وخسرنا صديق.

حوتٌ ... أزرقٌ شَبِق/ كريم عبدالله


سقطَ نجمٌ ـــ في أحضانِ متاهاتِ الروح
هاويةٌ مكسورة ـــ على الشرفةِ قلب يخفق
يمدُّ المَدُّ حبالَ الريحِ ,
جَزْرٌ آخرَ ـــ  بهدوءٍ يتغلغلُ ...
                  ...... يسرقُ خيطَ الفجرِ الآسن
ــ هل تُفصحُ الكلمات عن مكنوناتها ...
والحبر ... نزيف الصمت ... ؟
الورقُ يشكو الغربةَ ـــ يشكو القلقَ ...
ورحيلُ الوجه الآخرَ ـــ سفنٌ ...
      تتمهّلُ ...
تستجدي البحرَ ...
الصواري ـــ علاماتٌ مخزياتٌ
يسرقها الأفق ...
حوتٌ أزرقٌ ـــ يشقُّ عصا الريح
يمجّدُ آياتَ الشَبَق
يتلوّى ...
يلملمُ شقوقاً متصدّعةً ـــ تولدُ ثورة
في الجسدِ المهزوم ...
عشرة أعوامٍ ضائعةٍ ـــ بلا مطرٍ ...
وحلٌ يغرقُ فيهِ سرير ـــ يعسّكرُ وجه في العتمة
ما بينَ اللاء والنَعَم ـــ تتشكّلُ أغنية غجريّة
(( على أشلاءِ المواجعِ الرقصُ يحلو ...
في بحرٍ لجيٍّ تثمل الآه ... ))
أزهارٌ تتوالدُ في الأوداجِ ...
الهَودج ـــ يضيّفُ خريفَ البنفسج
ثرثرةٌ تعلو ولا تخبو ـــ يتلاشى وجه بالآخرِ ...
يصمتُ الشَبَقُ الجارفَ ـــ تنسابُ أنهارٌ عسليّة ...

ناريندرا مودي: من عامل كافتيريا إلى قائد لكبرى الديمقراطيات/ د. عبدالله المدني

تدهشك الهند دوما. ليس بسحرها الشرقي وتلاوين عاداتها وطقوسها الغريبة، وليس بتاريخها وتراثها السحيق كواحدة من أعرق حضارات العالم فحسب وإنما أيضا بما تفرزه إنتخاباتها التشريعية كل خمس سنوات. وإذا كان العرب قد اندهشوا يوم أن آلت رئاسة جمهورية الهند إلى "أبوبكر زين العابدين عبدالكلام" بسبب تسلقه سلالم المجد من بائع فقير للجرائد على أرصفة ميناء مدراس إلى عالم للصواريخ الباليسية والرؤوس النووية، ثم اندهشوا مرة أخرى وهم يرون "لي ميونغ باك" بائع الآيسكريم وجامع القمامة السابق يصبح رئيسا لكوريا الجنوبية، فمن باب أولى أن يندهشوا اليوم وهم يرون "ناريندرا مودي" يتأهب لقيادة كبرى ديمقراطيات العالم بعدما نجح في قيادة التحالف القومي الديمقراطي في الهند بزعامة "بهاراتيا جاناتا" إلى فوز ساحق على غريمه حزب المؤتمر في الانتخابات التشريعية الأخيرة، أي على نحو ما توقعناه في مقالات سابقة.

تعالوا نتجول في السيرة الذاتية لـ "مودي" لنكتشف كم عانى الرجل حتى بلغ موقع القرار الأعلى في بلاده المثقلة بالمشاكل، لكنها المتحركة إلى الأمام بخطى وثابة.
ولد "ناريندرا دامودرداس مودي" في 17 سبتمبر 1950 لعائلة من بلدة "فادناغار" التابعة لما كان يُعرف وقتذاك بولاية بومباي ــ غوجرات حاليا ــ وكان هو الإبن الثالث ضمن ستة أطفال ولدوا للبقال "دامودارداس مودي" وزوجته "هيرابن" التي لا تزال على قيد الحياة ويحرص إبنها مودي ــ رغم كل أعبائه السياسية ــ على زيارتها وإطعامها وغسلها بنفسه في صورة تعكس مدى إحترام وتقديس الفرد الهندي لأمه.
في فترة صباه عمل مودي كمساعد لوالده في كشك لبيع الشاي كان يملكه الأخير على رصيف الخط الحديدي المار ببلدته "فادناغار"، لكنه في فترة مراهقته فضل أن يستقل عن والده فاشترك مع شقيقه في ملكية وإدارة كافتيريا للشاي بالقرب من المحطة الرئيسية للحافلات في بلدتهما، حيث كان مودي يحمل في إحدى يديه إبريقا معدنيا ضخما من "شاي الكرك" المطبوخ بالهال والقرفة والزنجبيل، وفي اليد الأخرى الأكواب الزجاجية ويدور بهما داخل الحافلة على الركاب.
لم يشغله العمل في هذه المهنة المتواضعة، لكن ذات المردود الجيد نسبيا ، عن الدراسة. إذ كان ينظم وقته ما بين العمل والذهاب إلى مدرسته في بلدة "فادناغار" حيث يقول من تبقوا على الحياة من مدرسيه في تلك الفترة أنه كان طالبا عاديا لكنه كان خطيبا مفوها وصاحب شغف بالتمثيل والمسرح، وهما الموهبتان اللتان استخدمها لاحقا بصورة جيده في دغدغة عواطف الجماهير واستمالتها حينما قرر اقتحام دنيا السياسة. وبعد أن أنهى دراسته الأولية، نجح بشق الأنفس في تدبير مصاريف دراسته الجامعية إلى أن نال درجة البكالوريوس.

تزوج مودي في السابعة عشرة من عمره زواجا تقليديا، حيث اختارت له أمه فتاة من بلدة "براهامانوادا" المجاورة هي "جاشودابن  تشيمانلال" التي زعمت في أحاديث لها أن مودي لم يكن يعاشرها معاشرة الأزواج وكانا في شبه إنفصال تقريبا.

ويبدو أن الفقر وقسوة الحياة والأعباء العائلية الكثيرة دفعت الرجل إلى طلب أي وظيفة يقتات منها، فكان قبوله لوظيفة مسئول عن إدارة مركز التسوق الخاص بموظفي مؤسسة الطرق والنقل في غوجرات، حيث ظل يكدح في هذه المهنة حتى رأى أن الطريق معبد أمامه ليخوض غمار المعترك السياسي. وكانت البداية في 1970 حينما أختير كمنسق حملات بدوام كامل لجماعة "راشتريا سواساميفيك سانغ"، وهي جماعة هندوسية يمينية شبه عسكرية تأسست في 1925 وتعتمد على التطوع الذاتي بهدف حماية "قيم الأمة الهندوسية". وبعد أن نال مودي بعض الدورات الضرورية للصعود إلى مناصب المسئولية الرسمية في حركة "سانغ باريفار" وهي عبارة عن إئتلاف يجمع كل التنظيمات القومية الهندوسية، أعطيت لمودي مسئولة إدارة الجناح الطلابي في الحركة. تلك الوظيفة التي أبلى فيها بلاء حسنا فجعلت أنظار رؤسائه تتجه إليه وتحيطه بالرعاية إلى أن مكنوه من الوصول أولا إلى مناصب قيادية في إئتلاف بهاراتيا جاناتا، ثم مكنوه عبر الانتخابات الشعبية من الوصول إلى سدة الحكم كرئيس وزراء لحكومة غوجرات المحلية في  2001 . ومنذ ذلك العام ظل مودي يفوز في كل إنتخاب يُجرى في ولايته، ضاربا الرقم القياسي لجهة البقاء على رأس السلطة المحلية فيها. والملاحظ في هذا السياق أن الرجل بعدما حقق هذا النجاح وحافظ عليه لم يهمل عملية الإرتقاء بنفسه علميا. كان يمكنه مثلا أن يشترى أو يطلب لنفسه شهادة علمية ــ كما يفعل الكثيرون في دول العالم الثالث ــ كي يكون على قدم المساواة مع غريمه رئيس الحكومة المنتهية ولايته البروفسور "مانموهان سينغ"، لكنه آثر أن يلتحق بجامعة ولاية غوجرات ويخصص وقتا للدراسة والبحث كأي طالب إلى أن حصل على درجة الماجستير.

ويمكن القول أن أسباب الفوز المتكرر لمودي في إنتخابات غوجرات المحلية هي نفسها الأسباب التي مكنته من الفوز مؤخرا بقيادة الهند على حساب حزب المؤتمر بقيادة سونيا غاندي التي إرتضت حكم الشعب واعترفت بهزيمتها وتحملت مسئولية الإخفاق. من هذه الأسباب أن مودي حقق في ولايته إنجازات إقتصادية مشهودة إنعكست نتائجها إيجابا على مستوى المعيشة والخدمات ومعدلات الاستثمار والنمو، وهذا ما تحتاجه الهند اليوم من بعد ولايتين لحزب المؤتمر شهدتا تراجعا اقتصاديا ملموسا، خصوصا وأن مودي يروج لنموذجه الاقتصادي الخاص المستمد إلى حد ما من النموذج الاقتصادي الصيني. فهو يرى أن ما تحقق في الصين ــ وبالتالي يجب أن يتحقق أكثر منه في الهند، التي تمتلك من القوة الناعمة مالا تمتلكه الصين ــ يستدعي قرارات مركزية صارمة ضد الفساد والتلاعب والجرائم الاقتصادية، وأخرى سريعة للتعامل مع قضايا الإرتقاء بالتعليم والخدمات والبنية التحتية والتنمية الريفية. لكن نموذج مودي يختلف عن النموذج الصيني في قضيتين هما: تشجيع الخصخصة، وعدم التهيب من العولمة، إضافة إلى تمسكه بقيم الحرية والتعددية المنصوص عليها في الدستور. ومن العوامل الأخرى التي مكنته من السلطة تعويل الناخب الهندي عليه للقيام بثورة إدارية تقضي على التسيب والبيروقراطية والرشوة. حيث أنه معروف بأنه إداري وإقتصادي من الدرجة الأولى، ومجبول على حب العمل، ومنصرف عن الملذات ومباهج الحياة، ويخلو سجله من الفساد والافساد.

وبطبيعة الحال هناك من الهنود ــ تحديدا المسلمون ــ من يتخوف من وجود مودي في السلطة بسبب ما قيل عن عدم تدخله لحماية مسلمي غوجرات من اعتداءات الهندوس عليهم في  2002 مما اوقع نحو ألف قتيل في صفوفهم، وهناك أيضا من يتخوف على علمانية الهند بسبب إنخراط الرجل منذ شبابه في صفوف الحركات القومية الهندوسية، لكن مودي بات يدرك أبعاد هذه القضايا فصار حريصا على تبديد تلك المخاوف في كل مناسبة.

وجملة القول أن نجاح مودي من عدمه في إدارة الهند، وهو الذي يملك حزبه أغلبية برلمانية مريحة تتيح له الحكم دون شريك، وتمرير القوانين دون تلكؤ ــ 350 مقعدا من أصل مقاعد البرلمان البالغ عددها 543 ــ  بات يعتمد على مدى قدرته على كبح جماح أنصاره من الهندوس المتطرفين.

د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: مايو 2014 
البريد الالكتروني: ELMADANI@BATELCO.COM.BH

خواطر/ فراس الور

أستذكر هنا مقالة لي من ضمن عدة مقالات تركت أثرا طيبا عند الجيش المصري حين نشرتها على صفحة كتابات بصحيفة مصراوي في اشهر مايو و يونيو (حزيران) من عام 2013، و لكن كما ذكرت بمقالتي بعنوان "الفنانة يسرا و صحيفة مصراوي و مذكرات ويكيليكس التي تم الغائها لي" اختفت فجاة من دون تبرير مقنع و قد ذكرت في تلك المقالة مَنْ أظن أنه وراء اخفائها، فبحثت في بريدي الإلكتروني لأجد الوصلات و الأسماء لتلك المقالات لكي ابرزها للراي العام فليس عندي ما أخفيه إطلاقا و جميع مقالاتي المنشورة على كافة المواقع العربية و المجالات تحتوي على ما يبرز وطنيتي و تحتوي على كل فِكْر مشرف أفتخر به كأديب حيث لي باعي الطويل بهذه المهنة، فإذا تم قس اي وصل من هذه الوصلات في الأسفل و نسخه في خانة البحث على الإنترنت سيقود هذا الوصل الى موقع كتابات بصحيفة مصراوي...و لكن لن يجد المقالات...اشعر بخيبة أمل ليس إلًا على هذه المعاملة الهمجية بحقي كأديب، و أطالب هذه الصحيفة بإبراز الأسباب وراء اختفاء هذه المقالات و التي كانت تحمل الوصلات التالية في الأسفل، و أحببت أن يتم تأريخ هذا الحدث على موقع الغربة كإثبات على هذه الحادثة التي هُضِمَتْ حقوقي كأديب بالكامل فيها و ليس بهدف اثارة اية مشاكل او تعقيدات بيني و بين أحد  او هذه الصحيفة (مع الإحترام لها)، فإخفاء مواد ارشيفية من صحيفة كبرى مثل مصراوي ليس بالتصرف المحترف إطلاقا و هو استهزاء بالملكية الفكرية للأدباء و بالمواد التي يتم نشرها على الإنترنت و هو مخالف لأي قانون ملكية فكرية فاعل بجمهورية مصر العربية و حيث تم ذلك حتى من دون موافقتي او علمي نهائيا مع كل أسف...

موقع مصراوي – كتابات :
سلسلة الجيش و فراغ القوة السياسي... 

مستقبل مصر و الجيش المصري...


مصر و فراغات القوة...

الدستور المصري و ديمقراطية الدولة...(مقالة تحمل رؤيا عامة شاملة تتطابق بمحتواها مع روح رؤيا الدستور المصري الحالي) :

هذه نسخة طبق الأصل لمقالة من المقالات التي كتبتها و نشرته بأواخر شهر مايو مع بدء حركة تمرد في 2013:

المقالة الثقافية ليست بطولها او بقصرها...إنها مختصر مفيد تقوم بإيصال ما يريده الكاتب باقل الكلمات، و بإختصار ان فراغ القوة السياسي الذي تعاني منه مصر حاليا هو كابوس اي جيش في عالمنا الحالي، فالجيوش القوية و الضعيفة منها ايضا لها شتى انواع المخططات و الأجهرة و المعدات الخاصة التي من شأنها التعامل مع معظم انواع الكوارث الممكن حصولها، فمن الكوارث الطبيعة مثل الزلازل و الثورات البركانية في البلاد الذي تشهد جغرافيتها مثل هذه النشاطات و العواصف الهوجاء و الأعاصير الى خطر الحروب من اعداء الوطن تتلون خطط الطوارء لتشمل معظمها قدر المستطاع، و يعطي تنفيذها للجهاز الأمني سواء كان الجيش مباشرة ام قطاع تابع له، ولكن اشد هذه الكوابيس ضراوة هو الفراغ القوة السياسي بالبلاد، 

لعل هذه المشكلة و التي انوجدت بمصر مباشرة بعد ثورة الخامس و العشرين من يناير لتلقي بظلها الثقيل على الجيش المصري هي التحدي الأكبر لهذا الجيش الكبير بتاريخه على الإطلاق، فمن سيحكم هذا البلد الكبير ببعده السياسي و الإقتصادي و الأمني غير الجيش المصري؟ و مع تفكك شبه كلي للشرطة و انعدام وزن وزارة الداخلية ببلاد مساحتها مليون كيلومتر مربع و نسمتها ما يقارب التسعين مليون مواطن رأى الجيش نفسه امام مسؤلية لا يحمد عقبى الإخفاق بها، فمع واجبه الطبيعي بحماية بلاد يتمتع بحدود طول قطرها اربعة الاف كيلومتر وجد نفسه امام مسؤلية اضافية فجأة و هي ادارة البلاد سياسيا و اقتصاديا و أمنيا ايضا، و هنالك خطر اضافي انوجد مع الثورة و لعله مستمر لهذه اللحظات الحرجة من البلاد، فمع ازدياد هذه المسؤليات على الجيش المصري و مع مجريات الثورة و الضغط التي تجلبها معها على القيادات التنفيذية و العليا بالجيش خطر الهجمات من اعداء الوطن يكون أكبر بكثير، فأعداء الوطن يعلمون ان فراغات القوة بالبلاد تثقل كاهل الجيش لذلك اي هجمة بهذه الظروف مع انعدام الإتزان السياسي و الكفاءة للإقتصاد المحلي ستمزق الجيش بسرعة كبيرة و سريعة، 

الجيش المصري يعلم انه مع المجريات المؤسفة التي تمر بها بلاده هو صمام الأمان الوحيد ريثما يعاد تشكيل عناصر الدولة من جديد، فالذي اسلفته هو جواب من يسأل لماذا رحب الجيش المصري بنجاح الإنتخابات البرلمانية السالفة و الرئاسية بالبلاد...بل كان سيرحب باي نتيجة ستجلبها الإنتخابات ليتخلص من هذه المسؤليات المتعاقبة التي غالبا لو بقيت من دون حلول ستمزق وحدته و قدرته على التحمل عاجلا ام آجيلا، فاستمرار حكم العسكر بالبلاد لا يضمن بالضرورة ان تستمر مصر تحت حكم عسكري الى الأبد...بل قد تنذر كثرة الضغوط بتفكك هذا الجيش الكبير لأسباب كثيرة لا مجال لنا بهذه المقالة الخوض بها بصورة مفصلة، فلذلك دعم الجيش المصري نتيجة الإنتخابات السالفة التي كانت لصالح الأحزاب الإسلامية حفاظا على وحدة البلاد، و هو يعلم ان اية مآخذ على اداء البرلمان و الرئاسة ستحل تلقائيا عن طريق القنوات البرلمانية و اية انتخابات قادمة...فالمهم ان تمضي الحركة السياسية باالبلد الى الأمام حفاظا على وحدة الجيش و بالبلاد...لا غير...يتبع...       

أهلًا حزيران!/ جواد بولس

في خطوة لافتة، وقبل نحو الأسبوعين، أصدر البطاركة ورؤساء الكنائس في القدس الذين وصل عددهم لثلاثة عشر، وقد مثّلوا كل الكنائس الموجودة في فلسطين التاريخية بيانًا- حول أوضاع العرب الفلسطينيين، عبّروا فيه عن رفضهم لمحاولات تجنيدالشباب العرب المسيحي في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
صدرت، قبل هذا البيان، بيانات عديدة باسم مؤسسات مسيحية أجمع أصحابها على رفض دعوة تجنيد العرب المسيحيين. بعض البيانات والمقالات هذه شددت على أصلانية العرب المسيحيين وعروبتهم التي لا تشوبها شائبة، أمّا بعض العارفين في تاريخ الأمة، فاستحضر، للبرهان والبيّنة، مواضي كابوتشي والحجار وأسلافنا البررة. 
قد يرى البعض في حملة التنديد المسيحية هذه أمرًا ضروريًا، جاء ليؤكد حقيقة معروفة آثر البعض أن يتنكر لها، وربما لم يتعد كل ذلك كونه رد فعل أقلية خائفة وجدت نفسها في فضاء عام يثقل عليها ويحرجها، وهي لذلك بحاجة للدفاع عن مكانتها وتأكيد نصاعة مواقفها الوطنية، حتى وإن كان تلويمها متخيّلًا، أو حتى لو كان الهجوم عليها مغرضًا والتحرّش هزيلًا. 
تزامن إصدار بيان الكنائس الجامع مع دعوتي الشخصية من قبل اللجنة التحضيرية المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، وهي على ذلك مشكورة، وذلك لأشترك "في الاجتماع التحضيري والتمثيلي لهيئاتنا الوطنية والأهلية، ولمناقشة الاستعدادات الأخيرة للمؤتمر الوطني العام ضد تجنيد شبابنا العربي لخدمة الاحتلال، بكافة أشكاله العسكرية والمدنية".
انعقد الاجتماع في مدينة الناصرة يوم السبت السابع عشر من أيّار، وتعذّر عليّ حضوره. 
ذكًّرتْ الدعوة بهدَفيِ المؤتمر: التصدي للمخططات الحكومية الإسرائيلية وأي جهة أخرى، الهادفة إلى تجنيد شبابنا العربي الفلسطيني في خدمة الاحتلال. أمّا الهدف الثاني، فتوخّى وضع خطة عمل استراتيجية بمشاركة السلطات المحلية العربية وآخرين، وذلك لرفع مستوى الوعي والانتماء الوطني والقومي. هكذا أكدت الدعوة وبشرت إلى أن السادس من حزيران القادم سيكون يوم انعقاد المؤتمر المذكور.
من الواضح، لكل ذي لب ومتابع، أن ما أسمي بقضية  "تجنيد المسيحيين" العرب، المواطنين في إسرائيل، وما لحقها من تداعيات في الآونة الأخيرة، كانت هي المفاعل الذي أنضج فكرة عقد مؤتمر "ضد تجنيد شبابنا العربي لخدمة الاحتلال"، وبما أن كثيرين تيقنوا، وبعضهم متأخرين، أن مسألة تجنيد المسيحيين هي فقاعة سامة وطعم التهمه عديدون ووقعوا في حبائله، فقد ابتعدوا عمّا اعتراها من لغة تفتيتية وخطاب جامح ملأ سماء بيدنا وأرضها! ولم يَقصروا الدعوة على تجنيد المسيحيين، بل لجأوا إلى إعداد نص فضفاض خجول؛ يخفي ويربك، يداهن ولا ينطح.   
محاولات حكام إسرائيل وأسلافهم للتفريق بين أبناء الشعب الواحد لم تتوقف ولا ليوم واحد منذ مؤتمر "بازل". ولقد سعوا، بكل ما ملكوه من وسائل وأساليب، من أجل تفريقنا إلى ملل وشيع، ودائمًا وجدوا لهم أعوانًا عربًا وأذنابًا مستعربين، بيد أنهم لم ينجحوا في الماضي بتحقيق مآربهم، لأن الجماهير العربية وقياداتها الوطنية الواعية فوّتت عليهم الفرص وأفشلت مخططاتهم. 
لقد جاء تأكيد معظم المؤسسات المسيحية على موقفها الرافض لتجنيد العرب المسيحيين من باب الإخلاص إلى موقف هذه المؤسسات الوطني التاريخي في فلسطين وإسرائيل على السواء، إلى ذلك أبرزت هذه البيانات والمواقف، وإن لم تقصد ذلك، غياب موقف مشابه من المؤسستين الدينيتين الأخريين، خاصة وهنالك العديد من المشايخ وعشرات الأئمة الذين يصمتون أو بعضهم يدعو إلى التجنيد بأصوات عالية وأفعال حقيقية جليّة.
بعض المشاركين في لقاء الناصرة ذكّروا بمؤتمر الجماهير العربية الذي حظرته حكومة مناحيم بيغن عام ١٩٨٠، حين لجأت هذه إلى أنظمة الطوارئ ومنعت انعقاده بخطوة كيدية تعسّفية. لكنني أؤكد أن لا أوجه شبه بين المؤتمرين إطلاقًا.(سأكتب عن ذلك في مقالة منفردة).
لقد دعت قيادات ذلك الزمن إلى عقد مؤتمر جامع للجماهير العربية ومنسوب الانتماء الوطني كان في الذرى والروح خفاقة عارمة، أمّا اليوم، فمن سيعد خطة استراتيجية بهدف رفع مستوى الانتماء القومي والوطني ويسعى لإشراك رؤساء مجالس محلية وغيرها، عليه  أن يسمي الأشياء بأساميها، فعن أي مجالس محلية يشير البيان، هذا الذي يغفل وجود لجنة رؤساء مجالس درزية مستقلة وهيئة مجالس بدوية مستقلة كذلك؟
 وكيف سيحارب رؤساء مجالس قضية التجنيد لجيش الاحتلال وبعضهم، مدعومًا من قوى وطنية وإسلامية، لم ينبس ببنت شفة ضد الظاهرة وهذا في أحسن الأحوال؟    
إن التصدي لكل من يدعو الى تجنيد الشباب العربي لجيش الاحتلال واجب ومشروع، وهو سهل -في حالة التصدي- لدعوة أطلقها نفر قليل من أقلية تعيش كجزء من أقلية، ولكنه يصير توريطة إذا جاء في حق قبيلة كاملة تستقبل رئيس أركان جيش الاحتلال وتحتفي فيه ومعه بقضها وقضيضها، وهو يكون عسيرًا إذا أشهر في وجه  قرية تستذكر شهداءها الذين سقطوا دفاعًا عن تراب إسرائيل في حروبها مع أعدائها العرب.
 أما أذا كان التصدي لمشايخ وأئمة أجلاء صمتوا أو دعموا التجنيد، خفية أو علنًا، فهذا قد يعادل إنتحارًا! فأين غاب جميع المنتقدين مثلًا، عندما هنأ القائد العام "جانتس" مئات الجنود المسلمين وجاهةً، في عيد الفطر الأخير وقال: "هذا اليوم يشكل علامة فارقه لنستذكر عطاءاتكم عبر السنين من أجل أمن دولة اسرائيل ولنعبّر عن تقديرنا العميق لدعمكم الصلب ولمهمات الدفاع عن مواطني الدولة". (كما ورد في بعض الصحف- ٧/٨) وهذه واحدة من عشرات المفارقات التي مرّت دون التفاتة ما أو ملاحقة ولا حتى عتاب. 
لن أروي جميع تفاصيل الوجع، ففي الناصرة ظهرت  مجموعات من الشباب الذين تحدثوا بجرأة وصراحة وبلغة الأمل، وساءلوا قيادة غابت أو داهنت أو تلعثمت، فعلى حراكاتهم معقود أمل، ومنهم قد يطل رجاء في حزيران، وما أدراك ما حزيران! 

الانتخابات الرئاسيّة والنكتة السمجة عن الحريّة والسيادة والاستقلال/ جوزيف ابو فاضل

يضع اللبنانيون أيديهم على قلوبهم في انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات الإيرانية – السعودية وانعكاسها سلباً أو إيجاباً على الوضع العربي عامة واللبناني خاصة، لا سيما على ملف رئاسة الجمهورية.

السؤال: هل هناك ملفات تتقدّم على أخرى؟

الجواب بلى، لكن هل يكون الملف اللبناني هو الأول أم ملف العراق أم ملف اليمن أم البحرين! وبطبيعة الحال لن يكون هناك اتفاق على الملف السوري لأنّ الأمور متروكة لعملية غالب ومغلوب، إلى أن يتفتت جزء من هذه المعارضة السورية على طريقة سليم إدريس وأسعد مصطفى ورياض الأسعد وغيرهم.

إذن، الموضوع السوري شائك ومتشعّب، ومرتبط أيضاً بالملف الإيراني التركي، بالإضافة إلى الملف السعودي والخليجي مع الملف السوري والإيراني. وفي أيّ حال سورية ليست ملفاً عادياً بل هي دولة كبرى ومركزية في المنطقة وليست مثل باقي الدول.

بالعودة إلى الملفات، يمكن أن نجد عشرة ملفات، وإذا كانت هناك تسوية شاملة من الطبيعي أن يكون الحلّ في لبنان قريباً، لكنّ المراقبين والراسخين في العلم يعرفون أنّ المشكلة بين السعودية وإيران هي مشكلة ثقة ومفاوضات ثقة، لذلك عليهم أن يبدأوا بملف واحد وينتظروا تنفيذ بنود الاتفاق، ثم ينتقلوا إلى ملف آخر، ومن المستبعد أن يبدأوا بتسوية شاملة كبيرة مثلما يتوقّع البعض، والمفاوضات لا تزال بعيدة بين السعودية وإيران، لا مثلما طرح وزير الخارجية السعودي بتوجيه دعوتين إلى إيران لزيارة السعودية، فمن غير المعروف ما إذا كان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف سيلبّي الدعوة، وما إذا ردّ الإيرانييون عليها، لذا يمكن ترقب ما إذا كانت ممكنة كتابة مشتركة لبرنامج عمل للقاء الإيراني السعودي، أم هو لقاء أول حول فنجان «شفة عربية» وضيافة سعودية من عادات العرب!

وهنا تطرح تساؤلات عديدة: هل هناك مفاوضات على سائر الملفات؟ أم مفاوضات على جزء من الملفات؟ وهل هناك تسوية شاملة في المنطقة؟ وبالتالي هل تقبل السعودية بتسوية شاملة؟

لن تقبل السعودية بتسوية شاملة، أيضاً لن تقبل إيران بتسوية شاملة، فالإيراني لن يقبل أن يكون التفاوض على الملف النووي مع دول 5+1 العظمى جزءاً من سلة التسوية، وبالتالي ما سيصدر في 18 تموز المقبل هو توجه لتجديد المفاوضات حول هذا الملف لستة أشهر، وهذا ما تمّ الاتفاق عليه في الاجتماع الأخير بين إيران ودول 5+1، وبالتالي تدلّ هذه التصريحات الأخيرة على أنّ لبنان يمكن أن يكون الملف الأول أو يمكن أن يكون الخامس، وعلينا أن ننتظر ما سيقرّره الآخرون في لبنان، وهذا أصبح أمراً بديهياً من هذه الطغمة الحاكمة التي تتحكم في رقاب العباد والبلاد، ما يجعل قضية الحرية والسيادة والاستقلال نكتة سمجة عندما نرى وفود الشخصيات إلى باريس والمملكة العربية السعودية وإلى السفارات في لبنان من كلّ حدب وصوب، وإلى تصريحات السفراء التي تنصحنا يومياً بانتخاب رئيس، ما يحوّل قضايا الحرية والسيادة والاستقلال إلى بدعة لبنانية وعربية.

من هذا المشهد الدولي والعربي والإقليمي ندخل ملف الاستحقاق الرئاسي في لبنان وإلى ما سيحصل في جلسة الغد.

ما تظهره المؤشرات حتى الآن أنه لن يحصل اتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية بين اليوم والغد، لا سيما في ظلّ هذا الانقسام الحاصل. ولن تكون هناك جلسة للانتخاب، على ما يعوّل الرئيس فؤاد السنيورة، لأنه لن يذهب إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، بل سينتخب رئيس القوات سمير جعجع، كما يسعى البعض إلى التمديد للرئيس ميشال سليمان. لذا، إذا بقيت الأمور على حالها لن تكون هناك جلسة نيابية الخميس المقبل.

من أنا؟/ جمال قارصلي

من أنا .. تسألني عن وطني وعنواني
أنا من سورية, مهد الحضارات وكل الأديانِ
من منبج البحتري وأبو فراس الحمداني
العرب أهلها والكرد والشركس والتركمانِ
عشائرنا وعوائلنا رمز عراقتنا من أيام غسان وعدنانِ 
لي جذور في تركيتي وأهل في فلسطين والعراق ولبنانِ
وطني وُلدت الأبجدية فيه ومنه جاءت رُسُلُ الإمانِ
هو موطن المسيحي والعلوي والسني والشيعي والسريانِ
والدرزي والأرمني والأشوري والإسماعيلي كلهم إخوانِ
الزيتون يملأ إدلبه وعفرينه خضراء حتى الوديانِ
من نفط الحسكة صنع عطره وأهداه للمحبين والخلانِ 
غابات الفرنلق تزينه والغوطة والبادية وسهل حوران 
زراق بحر لاذقيتة يذكرنا بالصفاء والتسامح الإنساني 
دمشق قلبه النابض ومنهل العراقة والتاريخ في كل زمانِ
الرقة دار الرشيد ورصافتها, لخلافة المجد كانت ميدانِ
والدير نعم الديار, من فرات عذب تسقى بها الجنانِ
ونواعير حماة تنشد لنا لحن الخلود وحبنا للأوطانِ  
حمص الوليد عظيمة في تاريخها ويعرفها البابا الفاتيكانِ
وزنوبيا تحدثنا من بادية فيها الرسالة والرسول يلتقيانِ
طرطوس وبانياس على شاطئه مثل عقد ألماس يضيئانِ 
جولاننا كل يوم يذكرنا بمرارة الهزيمة والغدر والعدوانِ
سويداؤنا صارت رمزا لأصالتنا وللمحبة والأخوة مكانِ
حلبنا تعجز الأوصاف عنها وفيها الشهامة والمجد يعلوانِ
درعا في عزتها شامخة وفيها الرجولة والكرم يلتقيانِ
أنا قصة العاشق السوري التي تروى دون حذف أو نقصانِ
سوريتي في روحي معلقة وحبها يملأ قلبي ووجداني

ثمة متغيرات حقيقية في المواقع القيادية السعودية/ راسم عبيدات

 ما يجري من تطورات وتغيرات ومناقلات وتبديل في مواقع الحكم، وفي هيكلية الدولة السعودية،لربما هو الأوسع والأكبر منذ سنوات طويلة،ففي مملكة تسودها الملكية المطلقة الوراثية،كانت حجم التغيرات في هيكليتها وقيادتها محدودة جداً،وتجري في رتابة ونمطية عاليتين،وبقيت سياستها الخارجية ثابتة بنسبة كبيرة جداً،ولكن الان في ظل وضع إقليمي وعربي مضطربين،ولهما تأثيراتهما الواسعة على أوضاع المملكة،فإن المملكة وجدت نفسها بعد مجموعة من الرهانات الخاطئة،بأن تجري عمليات تغيير وتبديل ومناقلات في هيكلية مواقعها القيادية،لكي تتماشى وتتلائم مع المرحلة القادمة،فهي كان لديها اعتقاد واوهام بأن الإدارة الأمريكية لن تقدم على إجراء اتفاق مع ايران حول ملفها النووي،وكذلك فإنها ستشن حرباً على سوريا،وبالتالي تطيح بالنظام السوري،وبذلك تفتح لها الآفاق والطريق،لكي تصبح اللاعب العربي الرئيسي في الشأن العربي،والمكانة المميزة عند امريكا والغرب،وكذلك تصبح لها مكانتها الإقليمية على حساب ايران وسوريا،ولكن وجدنا بأن تلك الرهانات كانت خاطئة،وحتى عندما وجدت السعودية نفسها مضطرة لكي تصوغ تحالفات جديدة مع فرنسا واسرائيل،،وتمارس الحرد من خلال الإعتذار عن قبول مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن لعام/2014،من اجل الضغط على امريكا للتراجع عن مواقفها بشأن ايران وسوريا،حيث أقدمت على تعيين بندر بن سلطان من صقور المملكة،الذين لهم مواقف متشددة من محور ايران- سوريا- حزب الله،لكي ينجز ملف إسقاط النظام السوري وإضعاف ايران،من خلال إضعاف حزب الله اللبناني،ولكن كما فشلت قطر،وجر الفشل الى تغيير هيكليتها القيادية،فشل بندر في مهمته،تلك المهمة التي دفع لروسيا مليارات الدولارات لكي ينجح فيها،ولكن النتيجة كانت فشلاً ذريعاً،ذلك الفشل الذي جعل المملكة،ترى بأن التطورات والتغيرات العربية والإقليمية والدولية، تملي عليها أن  تجري عمليات تغير واسعة في هياكلها القيادية،تغيرات تصل الى حد تغيير وجهة سياساتها الخارجية،فأمثال بندر واخيه سلمان من الصقور،لم يعدا فرسان المرحلة القادمة،ولذلك وجب التخلص منهما،فهما عنوان لمرحلة فشل في إدارة ملفات وازمات،وايضاً المملكة بحاجة الى ان تجري عملية نقل السلطة من  جيل أبناء الملك عبد العزيز الى الأحفاد بسلاسة فالصراع والتزاحم بين عشرات الأمراء على أشده،ومن شأن تصاعد الخلافات بين الأمراء أن يهدد استقرار المملكة.

المرحلة والمنطقة والفشل تملي على السعودية،أن تجري تغيراتها في مواقعها القيادية وفي سياستها الخارجية،فواضح بأن النظام السوري لم يسقط،بل يحقق المزيد من الإنجازات والمكاسب العسكرية والسياسية،والإنتخابات الرئاسية في الثالث من حزيران المقبل،ستاتي بالأسد رئيساً،وخصوصاً بعد ان إستعاد السيطرة على حمص،وكذلك ايران يتعزز دورها وحضورها الإقليمي والدولي،وامريكا والغرب باتا يعترفان لها لها بدورها ومصالحها في المنطقة،والتفاوض معها سيستمر بشأن ملفها النووي،وكذلك رغم كل الدعم العسكري والأموال التي دفعت لجماعة "داعش" من اجل ان تسقط المالكي في العراق،وجدنا بأن المالكي عاد للمشهد والمسرح السياسي بقوة اكبر،وفي لبنان كل التفجيرات وعمليات الإغتيال والسيارات المفخخة في الضاحية الجنوبية وحارة حريك،التي قامت بها قوى سلفية مرتبطة مباشرة ببندر بن سلطان،لم تفلح في تغيير مواقف حزب الله او إضعاف قوته،بل وجدنا الحزب يزداد قوة وتأثيراً ليمتد إلى خارج لبنان،وليؤثر في الوضع الإقليمي برمته،ولذلك لم تستطع السعودية أن تجري هي وحلفائها من تيار المستقبل وغيرهم،الإنتخابات الرئيسية وفق مقاساتهم،وإنتاج الرئيس الذي يريدونه.

السعودية التي كانت ترفض مجرد الحديث او الجلوس مع ايران،والتي استمرت في التحريض عليها من اجل التخلص من ترسانتها النووية،عبر الضغط على أمريكا،او حتى التحالف العلني مع اسرائيل،وتقديم الدعم والتسهيلات لها،بما في ذلك إستخدام اجواء وأراضي المملكة من أجل ضرب ايران،وجدت نفسها بعد ان كانت ترفض مجرد الجلوس مع ايران،مضطرة الى أن تعلن إستعدادها للتفاوض والتباحث معها،وبررت ذلك بأن لإيران دور رئيسي في إستقرار المنطقة،وهذا التغير في السياسة الخارجية السعودية، يستدعي ان يغادر فرسان المرحلة السابقة من الصقور الساحة ومواقع القيادة،لكي يفسحوا المجال لقادة المرحلة الجديدة من الحمائم،والذين يسناط بهم قيادة المرحلة الجديدة.

صحيح ان التغييرات والمناقلات في المواقع القيادية له علاقة بما يحصل إقليمياً ودولياً وعربياً بالمحيط السعودي،ولكن ما هو صحيح أيضاً في إطار ترتيب الأوضاع الداخلية،فإن الملك حسم مسألة القيادة لأولاده، وبذلك يقطع الطريق على الطامحين بالحكم من الأمراء الآخرين،الذين يريدون ان يكون لهم حصة في الورثة والقيادة،ثلاثة منهم على الأقل،لتبوء مواقع قيادة مهمة في "السلسلة" القيادية للحكم السعودي: متعب على رأس الحرس الوطني برتبة وزير،مشعل أميراً لمكة برتبة وزير،وأخيراً تركي أميراً للرياض برتبة وزير ... أما عبد العزيز بن عبد الله، الدبلوماسي السعودي المعروف، نائب وزير الخارجية، فالتكهنات بشأن مستقبله السياسي ما زالت تتواتر،وثمة من يرشحه لتولي حقيبة الخارجية، خلفاً للوزير الحالي، إن استمر دولاب التغيير والتبديل في دورانه،وقد سبق ذلك،إعفاء نجلي الملك فهد عبد العزيز ومحمد، من منصبيها في الحكومة وإمارة المنطقة الشرقية، خلال السنة الماضية.

بإنتظار التطورات المتلاحقة والمتسارعة في المنطقة،وفي المقدمة منها ما يحدث على الساحات السورية واللبنانية والعراقية،وكذلك المصرية،فإن تسارع التغيرات في المواقع القيادية السعودية وفي مدى انفتاحها على ايران ومعسكرها الحليف،رهن بتلك التطورات،حيث بات من الواضح،بأن السعودية تقوم بعملية مراجعة لسياساتها ومواقفها السابقة،فيما يخص القضايا السورية والإيرانية والعراقية واللبنانية،فهي بات على قناعة تامة بأن المدخل لإستقرار المنطقة هي ايران،وبالتالي لا بد من محاورتها والإعتراف بدورها ومصالحها في المنطقة.

في ذكري النكبة تنتصر الإرادة الفلسطينية/ سري القدوة

انهم الفلسطينية موحدين في الدم .. موحدين في الاستشهاد  .. ما اروعك يا وطني عندما تنتصر الفكرة وتتمرد علي الفسدة وتجار الأوطان  ..
ما اروعك يا وطني وانت تكتب أسماء شهدائك علي درب الحرية ..
تنتصر الإرادة ﻻنها ارادة فلسطينية .. ارادة شباب فلسطين الانتفاضة والثورة .. ارادة من يقولون للعدو اننا اصحاب اﻻرض نرفض الركوع واﻻهانة ونرفض سماسرة العهر السياسي والمتاجرة بحقوق شعبنا ..
من دمكم دم الشهيد والشهيد تولد الثورة ... ستة وستين عاماً من المعاناة والتشرد لن نركع ولن نتنازل عن حقنا الفلسطيني ...
لكم الشهادة يا اجمل شهيدين .. لكم تنتصر فلسطين وستنتصر ﻻننا اصحاب الحق .. لن نركع ما دام فينا طفل يرضع ...

في ذكري النكبة السادسة والستين .. شعار إننا لعائدون .. شعار سهل بسيط غير معقد وواضح المضامين .. شعب شرد من ارضه وعائد اليها مهما طال الزمن وبالمفهوم الفلسطيني يكون حق العودة هو حق مقدس لا يسقط هذا الحق بالتقادم او يمكن أن يتغير ويتوارثه الشعب الفلسطيني جيلا وراء جيل ..

حق العودة يتجدد فينا يكون بمثابة صرخة قوية في يوم النكبة .. تأتي صرخة مدوية في سماء الغربة .. تأتي لتؤكد حق شعبنا في الكفاح والحرية والاستقلال .. تأتي لتكرس روح الحرية والمقاومة .. روح الحياة التي استمرت فينا رغم ما تعرض إليه شعبنا من قتل وتشريد ودمار..

إننا لعائدون لان العودة حق مقدس وان العودة حق لكل فلسطيني .

 إن حفاظنا على حق العودة، وحق شعبنا في التحرر من الاحتلال وتحقيق الاستقلال يندمج بالنضال الوطني المشترك ضد نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) الإسرائيلي، وهو نظام فصل أصبح الأسوأ في تاريخ البشرية، وأسوأ مما كان قائما في جنوب أفريقيا و أن حق العودة للاجئين الفلسطينيين مكفول لهم ولا يستطيع أحد أن يساوم على هذا الحق، انه حق اللاجئين في السكن والامتلاك المجدد لحواكيرهم وبيوتهم وبساتينهم.

ان ذكري النكبة تأتي علي شعبنا وقد تضاعفت فرص إنجاح تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية مما يعزز رؤيا الموقف الفلسطيني وهنا وفي ظل هذا الانقسام تبقي وحدة الشعب الفلسطيني في هذه الذكرى ضرورة وقد تبعدنا المسافات كأبناء شعب واحد موحد، بفعل المنافي والشتات، لكننا لا يجب أن نتخلى عن وحدة تاريخنا ومستقبلنا وهويتنا، أيا كان موقع أبناء هذا الشعب الصامد وعيون أبنائه تحدق نحو فلسطين المولد والرسالة والحضارة والتاريخ العريق.

 تعد ذكرى النكبة التي يحييها شعبنا في وقت يحتفل فيه الإسرائيليون بما يسمونه عيد الاستقلال عما حدث في العام 1948 عندما أعلن قيام دولة إسرائيل على الأراضي التي تم تهجير غالبية سكانها من الفلسطينيين الذين أصبحوا يعيشون إما مهجرين في وطنهم او في مخيمات أقيمت في الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية.

ففي الوقت الذي تشتد فيه حلكة المؤامرات الإسرائيلية على الحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف، تمر ذكرى النكبة المثقلة بشتى صنوف الآلام والمعاناة، ليبقى مشهد التهجير ماثلا في كل يوم، وفي كل لحظة من حياة شعبنا، رغم أن حق العودة يمثل جوهر وعنوان القضية الوطنية الفلسطينية وحق العودة لم ولن يكون شعاراً يرفعه شعبنا ، بل هو حق منصوص عليه في مواثيق الأمم المتحدة وقراراتها، ويمتلك الشرعية الدولية.

أن حق العودة ليس منة من أحد، بل إنه حق فردي لكل فلسطيني شرد من أرضه، يتوارثه أبناؤه وأحفاده من بعده، وبالتالي فهو حق قانوني للأفراد والجماعات غير قابل للتصرف وحق العودة متلائم ومتوافق مع الحس الإنساني السليم، وهو حق طبيعي كعودة الأب إلى بيته، وعودة الطير إلى عشه، وأنه ملك لكل فلسطيني، اقتلع من أرضه وقريته وبيته، وهو حق لا ينتزع ولا يتقادم ، ومن هذا الحق ولد الأمل الفلسطيني بالعودة.

أن جماهير شعبنا الفلسطيني بمختلف أطيافه السياسية في الوطن والشتات تحيي ذكرى النكبة، سفر الآلام والمعاناة الذي سجل شعبنا من خلالها، ولا زال، أروع صور الفداء والتضحية والإصرار العنيد بالمقاومة الشعبية وكل اشكال النضال حتى إحقاق الحق بنيل الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير.

 وأنه بالرغم من الآلام الكبيرة والتضحيات الجسام التي تكبدها الشعب الفلسطيني على مدار 66 عاماً من التشرد واللجوء قدم خلالها مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين وقف بصلابة مدافعاً عن حقوقه الوطنية وفي مقدمتها حقه في العودة إلى دياره ولا يزال مصراً على نيلها رغم التعجرف الإسرائيلي الذي يتنكر لحقوقه المشروعة.

أن التغلب على الآثار المدمرة للنكبة ولسنوات الاحتلال الإسرائيلي الطويلة وفتح نافذة أمل حقيقة للأجيال المقبلة يكمن في اعتراف إسرائيل بمسئوليتها التاريخية عن المأساة الفلسطينية والاعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة وحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على الأراضي المحتلة منذ عام 1967 وعاصمتها القدس ودون ذلك لا يمكن للسلام والأمن أن يستتبا في المنطقة .

وأن حق العودة هو حق مقدس مهما طال الزمان، فلا بد لشعبنا أن يعود وإن أولئك البعيدين عن أرض الوطن بأجسادهم فان الوطن في قلوبهم وهم يحلمون بالعودة وينظرون الى فلسطين من بعيد ويسألون الله بان تطأ أقدامهم وطننا السليب لكي يعود إليه مجده وبهائه.

أنه طالما أن الإنسان الفلسطيني مبعد عن وطنه، محروم من ترابه وهوائه، ويرى الأغراب ينهبون خيراته ستبقى النكبة قائمة، وحق العودة إلى الرحم شاخص في العيون، نابض في القلوب، فالحق المقدس لا يحدّه زمان ولا ينكره المكان ..
 إن الحق لا يموت ولا يتلاشى مع التقادم وعودة الفلسطيني إلى وطنه غير قابل للقسمة، ولا يملك أحد صلاحية التفريط به أو التنازل عنه، وإن حصل تخاذل من البعض أو تراخى جيل، فستأتي الأجيال تلو الأجيال تطالب بحقها المقدس.

اسألوا جبال فلسطين ووديانها، اسألوا شطآنها وجداولها، اسألوا أرضها وسمائها إحفنوا بأكفكم من ترابها واستنشقوه، اسألوا يافا وحيفا وصفد وطبريا والناصرة، اسألوا القدس والخليل وبيت لحم وأريحا ورام الله وغزة وبئر السبع .. كل من ستسألونه ليس لديه سوى جواب واحد ( هذه هي فلسطين التي أدماها الشوق لعودة أحبابها )  .

عائدون فالحدود لن تكون والقلاع والحصون ..
اصرخوا يا نازحون إننا لعائدون إننا لعائدون .

رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين
http://www.alsbah.net

يا أنا/ ليلى حجازى

لملم جروحك أيها القلب الحزين
وانثر بقايا كبريائك بيننا 
واجعل مدى رؤياكَ دوماً للأمام 
لا تبتئس حينَ ترى الماضي السحيق 
كُن واثقاً بالحب دوماً يا أنا 
لا تنحني لليأس يوماً ، والدموع 
ما كان فينا كائناً يهوى الفشل 
سِر ثابتاً 
واعلن قواكَ محبةً وسماحةً 
هل تعرف البلبل ؟
غرّد كما يفعل 
هل تعرف العصفور ؟ 
إفعل كما يفعل 
زقزق بكل أناقةٍ بسمائنا 
كُن مُنقذاً لقلوبنا 
فـ كثيرةٌ كلماتنا ، وقليلةٌ أفعالنا 
وكبيرةٌ أوهامنا ، وصغيرةٌ أحلامنا 
ما عادَ فينا مناضلاً ومُجاهداً بالحب 
عُدنا حجارة نستلذّ برشقنا نحو القلوب 
فـ نُصيبُ منها ما نُصيب 
ثُمّ نعود 
نبقى كما كنّا 
ونزفٌ من جروحٍ غائرة بين القلوب 
لملم جروحك أيّها القلب الجريح 

دمعة بدوي سمعان على المرحومين جوزيف وجوزفين أصاف

بمناسبة وفاة المرحوم جوزيف أصاف بعد أقل من أسبوع على وفاة رزوجته المرحومة جوزفين حنا الخوري
بالغار كللت أم بالحزن "روكوود"
شمل الأحبة فيك اليوم يكتملُ
رمت المنايا مرايا البدر وجههما
الى السماء روح الطهر يرتحل
ايا جوزفين ويا جوزيف اينكما
االى الفردوس؟ وستار الموت ينسدل
كم من مصاب الم والروح شاخصة
الى العلاء ونار الحب تشتعل
هل تعلمون ان الاسرة حاضرة
تفدي النفيس يمقلاها وتنتشل
بوركت يا اسرة الحب
فها جرح آلامك بالرب يندمل
كفكفي الدمع فالحزن مبخرة
والايدي طاهرة بالزوفى تغتسل
والاهل مفخرة في حضن عذراء
عند الشدائد دموع القلب ترتجل
هذي الحياة وشرع الموت يحكمها
اما السماء رجاء وكأس الموت ينبدل
صبر ايوب خمر طوبى لشاربها
نحن هنا وهو في الفردوس منشغل
يا سيدة لبنان للاسرة حافظة
اليك الورود والحب والامل
بدوي سمعان 
15/5/2014

ملطشة السنين/ وفاء القناوى

....... شردت بفكرى وأنا أرى حالنا  وكيف أصبح إقتصادنا يُعانى ونحن نُعانى معه ,وتساءلت هل هذه هى مصرُ التى كانت تعتلى أرقى مكانة ؟؟ هلهى التى تربعت على قمة السُلم الحضارى مُنذُ آلاف السنين؟؟؟ هل كُتِبَ على شعبها أن يكون ملطشة الغُزاة  والحُكام الذين نهبوها مُنْذُ فَجْر التاريخ, فقد سَرقَ أثارها اللصوص سواء كانوا أجانب أو عرب أو حتى من أبنائها المصريين بنية السرقة أو بنية التخلص من رمز الكفر والإلحاد والوثنية ,أتلك هى  مِصرُ التى نُهِبت بدايةً على يد الإسكندر الأكبروإن كانت فترة حُكمه  لِمِصر شهدت  إزدهار وإستقرار , إلا أنّ الشعب المصرى عانى مِن التميُز الطبقى والظُلم المادى والفساد  , نَهَبَهَا الهكسوس وخَرّبوها وسَلَبَ منها الكثير والكثير , ومِن قديم الأزل ومِصرُ تتعرض لِمَلْطَشَة ثقافية وإقتصادية على أيدى الغزاة حيث عانى أهلُها  مِن العنصرية وسقوط الحضارة المصرية حتى بداية حركات النهضة الحديثة , جَمِيع الغُزاة ناصبوا الثقافة المصرية العَداء إبتداء مِنَ الفُرس الذين نهبوا ثرواتَ مصر , واستنزفوا إقتصادِها وعاثوا فى الأرض فسادا ودمروا المُؤسسات الثقافية والمعابد الدينية ونهبوا الكُتُب وحرقوها , ومِرُورَا  بِحُكم الرُومان الذين  كان فترة حكمهم  أسوأ فَترة فى تاريخ المصريين على الإطلاق وبداية لإنهيار قوميتنا المصرية التى كانت أهم شئ لنا و نفديه بالدماء ....أصبحت مِصْرُ البقرة الحلوب للرُومان الذين إبتزوا المصريين وغيّروا لغتهم وديانتهم بالقوة , هكذا كُتِبَ علينا المُعاناة والعذاب واستنزاف الموارد  وأصبح الشعب مغلوب على أمرِه مقهور مَسْلوبَ الإرادَة ,كُتِبَ علينا أن نعيش قُرُونا ضَنْكاً حتى ضاع إقْتِصادُنا وضاع الشعب إقتصادياً وإجتماعياً, وضاع الدين بِإجبار الشعب على تغير ِديانَته والدِخُول فى دِيانة الرُومان , حتى عندما دَخَل العرب مِصر على يد عمرو بن العاص أُعتبرت مصر منجم ذهب  للامبراطورية العربية , وتَم فَرْض الضَرائب وتخصيص جُزء كَبير من المحاصييل المصرية لِتَذْهب إلى العرب  فى الحجاز , هكذا أصبح المِصريون  ملطشة للعرب أيضا  حيثُ إقتصرت المناصب العُليا على العرب و إنتشرت الأُمية بين المصريين نتيجة مساومتهم على عربنة ألسنتهم وبين وظائفهم فى الدولة , ويستمر مسلسل التلطيش فى المصريين على يد إخوانهم العرب بحفر قناة تربط بين النيل والبحر الأحمر لضمان سرعة وصول الغلال إلى جزيرة العرب  , ولم تنتهى ملطشة المصريين وانما إمتدت إلى الدولة الأموية والعباسية التى أُلتقطت فيها الأنفاس قليلا حتى وقعنا  تحت يد الإحتلال العثمانى , وأصبحت مصر ولاية عثمانية نُهبت ثرواتِها واعتُدىَ على ثقافتها   , وقُتِل الناس فى الشوارع لا فرق بين ليل أو نهاروإنتشر الرعب بين المصريين الذين لم يستطيعوا الفكاك من ملطشة جميع الغزاة وأصبح الأتراك هم الحاكم بأمره وتم إهانة المرأة المصرية على أيديهم بعد أن كان لها مكانة عظيمة , ثُم جاء محمد على الذى أعلى من شأن مصر لإنه يعرف قِدْرها و لِفترة قليلة وقعت بعدها تحت الإحتلال الإنجليزى الذى لم تسلم مِنه أيضا, وفعل بمصر مافعله جميع الغزاة السابقين من سرقة ونهب, وإذلال شعب واستعباده ومسح هويته المصرية وكأن قَدَره أن  يكون ملطشة للجميع , نهاية بحكم مبارك  وفساد عصره ولصوصية اُسرته و حاشيته , ومُرسى وعشيرته وخِيانته  وسرقته لوطنه وبيعه شعبه , لم نسلم من الجميع   كأنه قَدَر ومكتوب علينا , سقطت دموعى رغماً عنى وشريط تاريخنا يَمُر أمامى وحالنا الذى يُبَكّى ماثل أمام عينى  , وتساءلت  متى نستيقظ لِما يُدبّر لنا ويُحاك ضِدّنا لإنهاء الدور الريادى لمصر , يجب أن تسترد مصر مكانتها فهى القوة العالمية الحديثة بما تمتلكه من تُراث حضارى عظيم , كان وما يزال منارة للعلم .... مصر الحضارة المصرية ....مصر الحضارة الفرعونية ...يجب أن تبقى وتقوى حتى لايطمع فيها أحد , يجب أن يعود الإنتماء المصرى الذى إختفى,يجب أن يعود للمصريين قوميتهم ومصريتهم وكرامتهم وعِزَتهم  فلن يظل الشعب المصرى ملطشة إلى الأبد

عرسان ثقافيان في "أبوظبي"/ د. عبدالله المدني

عدتُ للتو من "أبوظبي" بعد أن حضرتُ حفل توزيع جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورته الثامنة ــ والجائزة كما هو معروف جائزة مستقلة تمنح سنويا للمبدعين من المفكرين والناشرين والشباب عن مساهماتهم في مجالات التأليف والترجمة والعلوم الانسانية باسم الراحل الكبير الشيخ زايد تقديرا لمكانته ودوره الرائد في التوحيد والتنمية وبناء الدولة والإنسان ــ وقد تميزت هذه الدورة بحضور صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني في المملكة العربية السعودية كي يتسلم نيابة عن والده خادم الحرمين الشريفين جائزة شخصية العام التي منحت في هذه الدورة لجلالته تقديرا لسياساته الحكيمة محليا وعربيا واقليميا ودوليا، واعترافا بجهوده في التنمية والبناء ونشر العلم وقيم التسامح والمحبة والحوار.
إن ما يميز دورات توزيع جائزة الشيخ زايد للكتاب أنها تنعقد بالتزامن مع افتتاح معرض أبوظبي للكتاب، الأمر الذي يجعل أبوظبي تعيش عرسين ثقافيين في آن واحد. والحقيقة أن معرض أبوظبي للكتاب في هذه الدورة، وهي الدورة الرابعة والعشرين له كسر مقولة "نحن أمة لا تقرأ" التي ظلت طويلا تطارد العرب وتوصمهم. ذلك أن المعرض شهد الكثير من المظاهر والمبادرات والفعاليات والبرامج والمشاريع التي تشجع في مجملها على القراءة وإقتناء الكتاب بهدف خلق جيل قاريء على غرار التجربة اليابانية. وحول تجربة اليابان الاستثنائية المضيئة التي تهدف إلى تشجيع القراءة في أي مكان وزمان، والتي حبذا لو استرشدنا بها في بلداننا وجعلنا منها بوصلة لعملنا في المستقبل قال عنها أحد الكتاب الاماراتيين "هي في الواقع تجربة قيادة أولا، وتجربة مؤسسات ثانيا، وتجربة مجتمع وأسرة تستلهم من قيادتها وثقافتها وجذورها وموروثها مكونات هويتها". ذلك أنه "مع الكتاب النظيف، والقاريء النظيف، والمؤسسة الثقافية النظيفة، والعائلة النظيفة المثقفة يسهل مواجهة تحديات العولمة الثقافية وثورة تكنولوجيا المعلومات الرقمية".
العديد من مثقفي وكتاب الإمارات الشقيقة استوقفهم ما حدث على هامش المعرض من فعاليات ومسابقات وورش عمل ومحاضرات وحوارات عن الانتاج السينمائي، واعداد الافلام الوثائقية، والفنون التشكيلية، والرسم الكاريكاتيري، والخط العربي، ومهارات الاطفال في تحويل النفايات الالكترونية إلى أعمال ابداعية مثيرة للدهشة، فكتبوا مسرورين بمشاهدة طوابير من البشر تتدافع نحو اقتناء الكتاب، وأخرى تتسابق لحضور الفعاليات المشار إليها وسط أجواء من الفرح الغامر والضجيج والحيوية. وهذا كله دليل على أن أبوظبي نجحت في خلق حالة ثقافية تبعث على الأمل، خصوصا وأن المعرض استقطب هذا العام 1125 دار نشر وأكثر من نصف مليون عنوان وأكثر من 150 مفكرا ومثقفا وأكاديميا وفنانا من 34 دولة. هذا ناهيك عن تخصيص سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي/ نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لمبلغ ثلاثة ملايين درهم لتوزيعها على طلبة المدارس والجامعات والمعاهد كي يقتنوا ما يشاؤون من الكتب ومصادر المعرفة ومنتجات العقل البشري. 
لفت نظري وأنا أتجول في المعرض وجود ثلاثة أجنحة كبيرة مستقلة مخصصة لكل من ألمانيا وفرنسا والسويد. ولئن كانت هذه الأجنحة لم تعد غريبة على معارض الكتاب الخليجية في السنوات الأخيرة، فإنها في معرض أبوظبي للكتاب لم تأت لتروج لإبداعات مواطنيها في فروع العلم المختلفة كما جرت العادة، وإنما جاءت لعرض الكتب الخاصة بالمنطقة العربية من تلك التي كــُتبت بلغاتها الوطنية. فعلى سبيل المثال دخلتُ الجناح الألماني وأنا أمني النفس بالعثور على كتاب يسعفني في إحياء لغتي الألمانية التي علاها الصدأ بسبب توقفي عن إستخدامها لزمن طويل من بعد أن كنتُ يوما ما ضمن القلة التي درستها وتحدثت بها في الخليج، فإذا بالمسئول عن الجناح يفاجأني بعدم وجود ما ابحث عنه، ويخبرني بشيء من العربية أن مشاركتهم في المعرض إنما من أجل نشر الثقافة الخليجية من خلال مجموعة من الكتب الصادرة باللغة الألمانية مثل كتب "قابوس يدافع عن التغيير"، و"حضارة اليمن القديمة"، و"الإمارات العربية المتحدة بين الماضي والمستقبل". وقبل أن أشكر المسئول الألماني وأغادر مقره إستوقفني ليسألني عن بلدي، فما أن أخبرته أني من البحرين حتى ارتسمت على محياه ابتسامة عريضه معطوفة على  عبارة "نحن المؤسسة التي صممنا مكتبة مركز عيسى الثقافي" في المنامة
هكذا الالمان! لايبعثون بكل من هب ودب لتمثيلهم في المحافل والمعارض الاجنبية، وإنما يختارون أفضل رجالهم وأكثرهم خبرة وعلما وقدرة على التواصل والحوار وخلق الانطباع الايجابي لدى الآخر.
في مقابل هذا المشهد ذهبت إلى جناح دولة عربية باحثا عن عنوان معين في التاريخ الحديث، لأجد أمامي مسئولا منفرا في شكله وطريقة حديثه، بل كان تثاقله في الاستجابة لطلبات الجمهور، وطريقة جلوسه على مقعده وهو يمضغ السواك، وإحدى فردتي نعله معلقة بقدمه والأخرى بعيدة على الأرض يوحي وكأنه أرسل لتمثيل بلاده عنوة. فخرجت من هذا الجناح بانطباع سيء للغاية خصوصا وان المسئول طلب مني أن "أخذ لفة أو لفتين وأرجع" مع وعد منه بالبحث عن طلبي وتجهيزه، فإذا به يجلس في مكانه كالطبل كما تركته دونما إكتراث.
من الأمور الأخرى التي استوقفتني في المعرض أيضا ركن خاص بأعمال الخطاط الاماراتي المبدع "محمد مندي" المنحدر أصلا من منطقة "الحد" بالبحرين والذي درس الخط في مصر على أيدي كبار الخطاطين المصريين قبل أن يعود إلى الإمارات وتتاح له الفرصة لإظهار إبداعاته من خلال معارض أقامها في شرق العالم وغربه على هامش إفتتاح المراكز والجوامع الإسلامية في تلك الديار.
وأخيرا فقد لفت نظري في معرض أبوظبي للكتاب شيئين تمنيت لو يتحققا لدينا في البحرين، بل في كل قطر خليجي. أولهما كان وجود ركن في مدخل المعرض تحت اسم "ركن المؤلفين الاماراتيين"، تنحصر مهمته في عرض وابراز إبداعات المؤلف الاماراتي دون سواه تحت سقف واحد بدلا من تشتتها وتوزعها بين اجنحة الناشرين المختلفين. وثانيهما وجود دار نشر مثل "دار كــُتــّاب" لصاحبها الأستاذ جمال الشحي الذي أخذ على عاتقه نشر إبداعات مواطنيه المبتدئين مجانا كي يضعهم على أول سلالم الصعود. فهو يستلم المادة من صاحبها، ويخضعها للتصحيح اللغوي، ويصمم لها الغلاف، ثم يطلقها مطبوعة كي تأخذ مسارها وتنافس. وهذه لعمري خطوة جريئة ومخاطرة لا يقدم عليها إلا ذوو الروح الوطنية ممن يتوقون لرفعة شأن أوطانهم وتخليص مواطنيهم المبدعين من إستغلال وجشع دور النشر.
د. عبدالله المدني
* باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: مايو 2014 
البريد الالكتروني: Elmadani@batelco.com.bh 

تجاوز التاريخ وتصحيح الجغرافيا شرطان للنهضة/ صبحي غندور

لأنّ الحركة السليمة هي تلك التي تنبع من فكرٍ سليم... ولأنّ الفكر السليم هو الذي يستلهم نفسه من الواقع ليكون حلاً لمشاكله، فإن المرحلة القادمة تستوجب من المفكّرين العرب العمل لبناء فكرٍ عربيٍّ نهضويٍّ يكون بديلاً لطروحات التطرّف والانقسامات الدينية والمجتمعية، ومدخلاً لمستقبلٍ عربيٍّ أفضل، ومرشداً لجيلٍ عربيٍّ جديد يتحرّك الآن لتغيير واقعه.
لكن الوصول للنهضة في الخواتيم يتطلّب حتماً التشجيع على الحياة الديمقراطيّة السليمة في كلّ البلاد العربيّة. كما تتطلّب الديمقراطية المنشودة نفسها التمييز بين أهمّية دور الدين في المجتمع وفي الحياة العامة، وبين عدم الزجّ به في اختيار الحكومات والحاكمين وأعمال الدولة ومؤسساتها. 
أيضاً، النهضة العربيّة المرجوّة تعني القناعة بوجود هويّة عربيّة حضاريّة مشتركة بين البلاد العربيّة، وبأنّ تحقيق النهضة يستوجب الضغط على كل المستويات الرسميّة العربيّة من أجل تحقيق التكامل العربي والسير في خطوات الاتحاد التدريجي بين الدول العربيّة. 
كذلك، فإنّ النهضة العربيّة تعني بالضرورة انتقالاً من حال التخلّف والفساد والفقر والأميّة إلى بناء مجتمع العدل وتكافؤ الفرص والتقدّم العلمي. مجتمع تشارك فيه المرأة العربيّة بشكلٍ فعّال في مختلف أوجه الحياة السياسية والاجتماعيّة والثقافيّة.
إنّ الأمَّة العربية تعيش الآن حالاتٍ انقسامية مرَضيّة بأسماء طائفية أو مذهبية أو إثنية، والبعض ينظر إليها للأسف من أطر جغرافية ضيّقة وكأنّها تحدث فقط في هذا البلد أو ذاك، وبمعزل عن التأثير الدولي والإقليمي المغذّي لهذه الانقسامات في المنطقة كلّها، وعن الفهم الخاطئ أصلاً للدين أو للهويّة القومية اللذين يقوم كلاهما على التعدّدية ورفض التعصّب أو الانغلاق الفئوي.
أيضاً، إنّ الدعوة للنهضة العربيّة والوصول إليها يفرضان التمييز بين الإرهاب المنبوذ وبين الحقّ المشروع في مقاومة الاحتلال على الأرض المحتلّة. كذلك الالتزام برفض أسلوب العنف في العمل السياسي داخل المجتمعات العربية، وباعتماد نهج الدعوة السلميّة فقط والوسائل الديمقراطيّة لتحقيقها. 
إنّ النقطة المركزية الآن، التي يتمحور حولها الاهتمام السياسي والإعلامي العربي، هي مسألة الديمقراطية كعملية إجرائية ترتبط بآليات انتخابية أو بمؤسسات دستورية، دون الانتباه إلى أنّ أساس العطب في الجسم العربي هو في الفكر أولاً، وقبل أن يكون في طبائع نظم الحكم أو كيفيّة المشاركة الشعبية في الحياة العامّة.
والحديث عن الفكر لا يعني فقط النخب المثقفة في المجتمع، بل هو شاملٌ لما يسود الأمَّة تاريخياً من تراث فكري ومعتقدات وعادات وتقاليد ومفاهيم لأمور الدين والدنيا، شكّلت بمجملها الواقع العربي الراهن.
كذلك، فإنّ الفكر السائد الآن في المنطقة العربية تغلُب عليه الانتقائية أيضاً في التاريخ، بحيث يعود البعض في تحليله لغياب الديمقراطية في الأمَّة إلى حقبة الخمسينات من القرن الماضي وما رافقها من انقلابات عسكرية، وكأنّ تاريخ هذه الأمَّة قبل ذلك كان واحةً للديمقراطية السليمة وللعدل الاجتماعي والنزاهة في الحكم!!.
فهل يجوز أصلاً في الواقع العربي الراهن طرح "الفكر الديمقراطي" بمعزلٍ عن حرّية الأوطان وهويّتها العربية؟ أو بمعزلٍ عن وحدة المجتمعات وقضية العدالة الاجتماعية؟ فذاك الأمر يعيد "الفكر العربي" إلى "الأحادية" التي ميّزت الطروحات الفكرية العربية في القرن الماضي.
ف"الفكر الليبرالي" العربي المتأثّر بالغرب كان في مطلع القرن العشرين الماضي يطرح نفسه متصادماً مع الهُويتين الدينية والقومية، في مقابل تيّارات دينية أو قومية آحادية التفكير أيضاً.
ثمّ جاءت نهاية القرن العشرين لتسود فيها طروحات "الفكر الإسلامي" التي تصادمت في معظمها مع الهويّة القومية ومع المسألة الديمقراطية، كما إنّ بعض "الحركات الإسلامية" استباح استخدام العنف المسلّح ضدّ أبناء الوطن الواحد لمجرّد الاختلاف معهم أو بحجّة العمل لتغيير المجتمع!.
فلا "الفكر العربي الليبرالي" استقام في القرن العشرين على ركائز سليمة، ولا طروحات "الفكر الإسلامي" كانت ناضجة وواضحة المفاهيم أو مكتملة العناصر، ولا "الدعوات للديمقراطية" وحدها الآن تُغني من جوعٍ أو تحرّر أرضاً أو تحفظ وحدة شعب.
إنّ المرحلة القادمة تحتاج من المفكّرين العرب السعي لبناء فكرٍ معتدل ينهض بأمّتهم وبشعوبهم ويحقق التكامل بين أوطانهم ويُحصّن مجتمعاتها المعرّضة الآن لكلّ الأخطار، بما فيها مخاطر الصراعات الدموية والتفتّت والهيمنة الأجنبية.
إنّ المنطقة العربية تختلف جغرافياً وتاريخياً عن غيرها من بقاع العالم بميزاتٍ ثلاث:
فأولاً، تتميّز أرض العرب بأنّها أرض الرسالات السماوية؛ فيها ظهر الرسل والأنبياء، وإليها يتطلّع كلّ المؤمنين بالله على مرّ التاريخ، وإلى مدنها المقدّسة يحجّ سنوياً جميع أتباع الرسالات السماوية من يهود ومسيحيين ومسلمين.
وثانياً، تحتلّ أرض العرب موقعاً جغرافياً هامّاً جعلها في العصور كلّها صلة الوصل ما بين الشرق والغرب، ما بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، وبين حوض المتوسّط وأبواب المحيطات. ومن هذا الموقع الجغرافي الهام خرجت أو مرَّت كلّ حضارات العالم سواء القديم منها أو الحديث.
وثالثاً، تمتلك أرض العرب خيراتٍ طبيعية اختلفت باختلاف مراحل التاريخ، لكنّها كانت دائماً مصدراً للحياة والطاقة في العالم. فهكذا هو الحال منذ أيام الإمبراطورية الرومانية التي كانت خزائن قمحها تعتمد على الشرق العربي وصولاً إلى عصر "البترو - دولار" القائم على منابع النفط والغاز في أرضنا.
وهذه الميزات الإيجابية جعلت المنطقة العربية دائماً محطّ أنظار كلّ القوى الكبرى الطامعة في السيطرة والتسلّط؛ منذ الإسكندر الكبير الذي احتلّ مصر وبنى الإسكندرية ليصل إلى شرق آسيا، مروراً بمرحلة حملة نابليون، ثمّ الاحتلال البريطاني وبناء قناة السويس لتسهيل السيطرة على المحيط الهندي، ثمّ وصولاً إلى صراعات "الشرق الشيوعي" و"الغرب الراسمالي" على كل أرجاء المنطقة العربية.
وكان السياق العام ل"تاريخ المنطقة" هو أنّ "الخارج الأجنبي" تعامل مع "الموقع الجغرافي العربي" كوحدة متكاملة ومتجانسة، في الوقت ذاته الذي يدفع هذا "الخارج" أبناء الداخل العربي إلى التمزّق والتشرذم. 
لكنّ سلبيّات الواقع العربي الراهن لا تتوقّف فقط على المخاطر الناجمة عن إيجابيات "الموقع العربي"، بل أيضاً على كيفيّة رؤية أصحاب الأرض العربية لأنفسهم ولهويّتهم ولأوضاعهم السياسية والاجتماعية. 
ففي هذا الزمن الرديء الذي تمرّ به المنطقة العربية، تزداد مشاعر اليأس بين العرب وتصل ببعضهم إلى حدّ البراءة من إعلان انتمائهم العربي، وتحميل العروبة مسؤولية تردّي أوضاعهم. وهنا هي مشكلة الخلط بين الانتماء الدائم والظروف المتغيّرة، بين فكرة العروبة وبين سلوك حكّام وأحزاب، بين المفهوم السليم للهويّة وبين الممارسات الخاطئة باسمها.
إنّ الشعوب تنتقل خلال مراحل تطوّرها من الأسرة إلى العشيرة ثمّ إلى القبيلة ثمّ إلى الوطن والأمم، فلِمَ نريد أن نعيد دورة الزمن إلى الوراء؟ بل ماذا فعلنا حتى تبقى أوطاننا واحدة تتطوّر وتتقدّم وتتكامل بدلاً من دفعها للعودة إلى حروب القبائل والطوائف؟!
ولأنّ الشعوب هي مجموعة أفراد، ولأنّ الوطن هو مجموعة مواطنين، فإنّ المستقبل العربي يتوقّف على مجهود كلّ فردٍ فيه، ويتحمّل كلّ مواطن عربي في كلّ مكان مسؤولية وأمانة رسم آفاق هذا المستقبل، وتصحيح خلل المعادلة ما بين الموقع الإيجابي للأمّة والواقع السلبي للأوطان.
من هنا أهمّية التوافق على مسألتين:
الأولى:  حسم مسألة الانتماء إلى أمَّة عربية واحدة من حيث عناصر تكوين الأمَّة (لغة- ثقافة- تاريخ- أرض مشتركة)، وحسم مسألة البُعد الحضاري الإسلامي الخاص في العروبة والمميّز لها عن باقي القوميات في العالم الإسلامي.. ثم بالتالي التوافق على الفهم السليم لقضية "الهُوية العربية" باعتبارها "هوية ثقافية مشتركة" صنعها التاريخ والجغرافيا معاً، ولا تقوم على العنصرية ولا على صلة الدم ولا على الأصول الإثنية.
الثانية:  ضرورة المرونة في كيفية الوصول إلى تعبير دستوري سياسي عن وحدة الأمّة. وفي عالمنا المعاصر نماذج لذلك: التجربة الأميركية (دستور اتحادي/فيدرالية بين خمسين ولاية)، والتجربة الأوروبية (تكامل تدريجي/من الكونفدرالية إلى الفيدرالية بين أمم ودول مختلفة). لكن يبقى الأساس في أي وسيلة تستهدف الوصول إلى التكامل والاتحاد العربي هو الدعوة السلمية ورفض الابتلاع أو السيطرة أو الهيمنة من وطن عربي على آخر، كما هي ضرورةٌ أيضاً توفُّر أنظمة حكم تقوم على مرجعية الشرعية الشعبية. فالتحرّر والديمقراطية معاَ هما المدخل السليم لوسائل تحقيق أي شكل اتحادي عربي.
إنّ شعوب الأوطان العربية عانت وتعاني الكثير من جرّاء خلافات على ما حدث في التاريخين العربي والإسلامي من صراعات داخلية ومن أدوار أجنبية مختلفة، وهي مسائل جرت في الماضي ولا يمكن الآن تغييرها أو إعادة تصحيح أخطائها، بينما تقدر هذه الشعوب والطلائع المثقّفة فيها على تصحيح واقعها الراهن وحاضرها الممزّق فكرياً وعملياً، سياسياً وجغرافياً. فشرط نهضة العرب الآن هو تجاوز ما حدث في التاريخ، وتصحيح ما هو واقعٌ من انقسام وتمزّق في الجغرافيا العربية.

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com
   

توفيق زيّاد البعيد القريب/ جواد بولس

دخلت عليهما فتوقّفا عن الحديث. كنت وزوجتي في طريقنا لحضور حفل زفاف في إحدى قاعات الأفراح في الناصرة، وكما في معظم المرّات السابقة، عرّجنا على بيت "جميل" للقاء أحبة أقارب ولاستعادة الروح بعد ساعتين من سفر لم يعد بالنسبة لي كما كان في زمن الشباب؛ مجرد سهوة على ظهر قوس قزح. 
"لم نلتقِ بعد مقالتك إيّاها.." فاتحني أبو النديم، وكانت كفّه ما زالت تحتضن كفي وبسمته تملأ الغرفة حنينًا وثقة. لم ينتظر ردّي، بل أردف مطمئنًا علينا بأكثر ممّا تفرضه قواعد الذوق العام، فطارت علامات التعب عنّي. شعرت بدغدغة بين أضلعي وبكبشة مسك "تسحقه الأكف فيعبق". 
هي صدفة خير من ألف ميعاد، فأبو النديم عاشق للوتر وحبيبه عود، أنهى يوم عمل في عيادته، وقرر أن يزور صديقه جميل، الذي يعرفه أصحاب المغنى والطرب، في بلاد الله الرحبة، بالفارابي.
كاد وجودي أن يفسد حلاوة لمَّتهما وجو جلستهما. سألني أبو النديم عن بعض شؤون السياسة العامة، فأجبت مقتضبًا ومؤكدًا أن لا فقيه فيها ولا عليم؛ وهي التي كانت دومًا في أحد تعاريفها "مضمار المدّنس". بالمقابل، حاولت أن أسمع قصصهم عن الأعواد والعوّادين، عن اللونغات والتقاسيم وعن المقام والشجن. طلب جميل من أبي النديم أن يروي لنا كيف أهداه  محمد الموجي عوده يوم كان هذا ضيفه في الغربة. رفض أبو النديم وعاد لأحاديث الواقع والسياسة، أمّا أنا، بلباقة، حاولت أن أخرج عن النص وألّا أعيد ذكرى تلك الأجواء التي طغت فيها رائحة الغبار وبقبقة الدم، فهربت إلى بلاد الكفر والجمال، وبدأت أحدّثهما عن رحلتي التي عدت منها حيث تجوّلنا فيها على غير هدى. كانت أمستردام أقل حمرةً مما تخيّلناها وكثيرةَ الحرّية. منها بدأنا نرحل جنوبًا ولا نستقر إلّا عندما يدلهم ليل ويتملكني شعور بأنني طائر وحشي في جوف غيمة. فقط عندها، عندما يصير الصوت في رأسي يردد بجنون: "ومسّ على مهل يدها عندما تضع الكأس فوق الرخام.." أبدأ أفتش عن سرير يأوينا ويرعى زغب أحلامنا. 
هكذا ولأكثر من أسبوعين تنقّلنا. بعيدًا عن طقوس النميمة والمزايدة والخداع، وعلى ما نختاره من أغنيات يفرضها المزاج، نسينا الدنيا.. وعشنا في حضن أوروبا الأخضر. في إحدى الليالي حطت "خيلنا"  في ساحات "نامير"، بلدة شقية جميلة في بلجيكا الولونية. كان الفندق الذي وجدني في مركز المدينة أشبه ببيت عريق ما زال يعاند الزمن ويحافظ على وقاره وأبّهة من سكنوه في الماضي. دخلنا إلى ردهة مصممة كصالون بيت وتمدك بشعور من الألفة والانتماء. في زاوية بعيدة جلس شاب، وعلى وجهه وجبينه بدت حمرة قانية، عيناه غائرتان وزرقة منهما تلمع بتعب، يده تمسك راحة فتاة، في يدها الثانية كأس فيها بقايا شراب كان لونه قرمزيًا. لم أسمع لهما صوتًا ولكن كان يقول لها كلامًا في الحب، هكذا علّمني ابن حزم في طوق حمامته. 
في زاوية الاستقبال وقف رجل في الستينيات من عمره، يلبس بنطالًا لونه رمادي كلون سنجاب، وفوقه سترة سوداء وعليها كتابة بالفرنسية تنتهي بذراع ممدودة وقبضة مكموشة في الهواء. 
ناولته جوازات السفر، فتحها، نظر إلينا ولم تتغيَّر قسمات وجهه. طلب أن ننتظر لدقائق، بعد أن تأكد من وجود غرف لنا. وراءنا جلست مجموعة من الرجال والنساء، أعمارهم بدت متقاربة؛ ليسوا شبابًا ولكنهم كانوا "في الريق سكر وفي الأصداغ تجعيد"، تحدثوا بشهيّة عامة واضحة واندفاع كأنهم يصفون لعبة كرة قدم، ضحكات عالية كانت تقطع سيل جملهم، وأحيانًا سمعنا تصفيق بعد كلمة أنهاها أحدهم. كانوا في منتهى المرح وراحة قلب وكانت الفرنسية من أفواههم تذكّرني ببنات الكروم.
مدّ نحوي مفاتيح الغرف، وأخذ يشرح عن الفندق والمدينة. نظرت في وجهه ولمحت، فجأةً، وراءه صورة وفيها شكل رجل يشبه شكل توفيق زيّاد. توقفت عن الإصغاء إليه، مددت يدي صوب الحائط، وسبابتي مرّت بجانب عينه اليسرى، وسألت بدون خجل، من هذا الذي بجانبك؟ حاول أن يهمل السؤال، ولكنني أبديت حدةً وإلحاحًا. فقال: "هو  إنسان عظيم وصديق كبير لنا، اسمه توفيق زيّاد، ربما تعرفونه، فهو من بلادكم، من مدينة اسمها الناصرة". اقتربت من الصورة فسمعت بحّته. كانت عيناه تضحكان بحزن كعيني طفل، وشاربه، مصفف كتاج  يذكر بسمرة بلادي. شعره، موجة تجري وراء موجة والغرّة تشهد على قلب عاشق.   
صار الصمت مزعجًا، فوجَّهت نظري صوب جميل الذي كان يحدّق بي وقد اندفع بجسمه إلى الأمام، فصار نصفه معلقًا في الهواء ونصفه الآخر مسنود على حافة الكنبة، أمّا أبو النديم فألقى برأسه على ظهر الكرسي، وفتح عيناه على مصراعيها، على وجهه برعمت بسمة بعرض ريشة عود، خالية من الدهشة،  فلقد أمضى ردحًا من عمره في أوروبا وخبر كيف تكون الصدف فيها أحيانًا، واقعًا أغرب من خيال. 
"هو معلّمنا، وحبيبنا، وقائد على سن ورمح"، بحت بأذنيّ صاحب المكان. وبعد أن تأكّد أننا من زيّاد استدار من خلف مكتبه وصار لنا رفيقًا. سرد حكايته، وحكاية البلد مع توفيق وكيف صار فيها رمزًا وأيقونة علّقها كثيرون في قلوبهم وعلى الجدران. إنّه أممي، نصير الفقراء، بسيط كالفجر، شاعر مثقف وعاشق مكافح، إنه.. إنسان بامتياز،  لذا أحببناه وما زلنا.
ساد صمت وسكون. "للصبر حدود"، قلت مداعبًا أبا النديم، فما هي قصة عود صاحبها؟ لم أسمع القصة كاملةً منه. بقينا في ذلك الفندق وصاحبه الذي ما زال يحتفظ بالصورة والذكرى ويرفع على صدره قبضة زيّاد وهو يصرخ: "أنا قادم، من حيث كل فم عليه حارس، والمخبرون على الستائر، حيث استوى في الحكم شرطي وقدّيس وتاجر، حيث الجريمة فرّخت في كل مأمور وآمر". 
تلوت، بعدما سألني عن عدد فنادق الناصرة، صدر بيت الحماسي قائلًا: "يعيش المرء ما استحيا بخير..." فأكمله وكأننا عزفنا على ذات المقام وقال "ويبقى العود ما بقي اللحاء". وهي الناصرة تبقى حبيبته وهو عاشقها الدنف.