لو يعملوني مَلِـك.. أعمل للحمار تمثال/ مهندس عزمي إبراهيم




لـو يعملـوني ملـــــك..... أعمــل للحمـــار تمثـــال
***
"أحسن مواطـن" في البلـــد.. من غـُلبـُـه بينَهَّـق
شغال كما صاحبه شـاء، حتى صاحبـه ما بيشفَـق
لا يــوم طلــب اُجْــــرَه... ولا قـال حَـقــي يتحقَّــق
راضى بقليــله.. لا بيبـكي. ولا بيشكي. ولا يدقَّــق
***
ياريــت كل مصـري...
يبــقى زي الحمــار شــغـال
بَسْ اعملـوني ملــــك.... واعمـل للحمــار تمثـــال
*******
{ من مجموعة "لو يعملوني مَلِـك"، سباعيات كتبتها عبر السنين. عبارة عن لوحات بسيطة رَسَـمت بها بعـضَ التأمـلات والمداعبات والخربشات. أدعـوها المئة حلم، أحـلامً إنتقـادية إصلاحية لمواقـف وأوضـاع اجتماعيةً متباينة. منها الجـاد، والساخـر والعـابـث. ومِثلها مِثل الأحلام، منها ما لا هـدف له ولا تفسير.}
مهندس عزمي إبراهيـم

مش هنكسر/ محمد محمد علي جنيدي


مش هنكسر
مهما يكون قلبك حجر
ولا هنقهر
لو ساقني ظلمك للخطر
أنا فـ. السجون
أنا فـ. الميدان أنا قلب حر
أنا روح شهيد
أنا حلم شعب هيستمر
عرف الطريق
مهما يطول بيه السفر
واختار رفيق
دربه يقينه فـ. القدر
من إيه أخاف
وانت منامك كله ذعر
وانا لما اخاف
لله ومـ. الله المفر

m_mohamed_genedy@yahoo.com

عن المصالحة وأمريكا واسرائيل/ راسم عبيدات

رغم قناعتي بان المصالحة حتى تصمد في أرض الواقع فهي بحاجة الى برنامج سياسي موحد،والى استراتيجية موحدة أيضاً،فهذه من العوامل الهامة والضرورية لكي تكون المصالحة جدية،ولا نريد مصالحة  على غرار المصالحات والعطوات العشائرية"هان حفرنا وهان دفنا" ويجري "تبويس" اللحى،فالمسألة تتعلق بمصير شعب وقضية وليس "طوشة" عرب،والمسافة بين اعلان المصالحة وترجماتها على الأرض ستكون بحاجة الى إرادات صادقة والى قناعات بأن المصالحة المطلوبة،هي التي يريدها الشعب الفلسطيني،وليس التي تريدها الفصائل،فالفصائل هي التي قسمت الشعب وكانت سبباً في الإنقسام،حيث وضعت حزبيتها وفئويتها فوق مصالح الشعب الفلسطيني،وكانت تعتبر برامجها الخاصة برامج الشعب الفلسطيني،ولكن  رغم ذلك لا يسعنا الإ ان نكون داعمين ومرحبين بالذي حصل كخطوة على طريق استعادة وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة مؤسساته،والموقف الإسرائيلي من المصالحة ليس بالمستغرب فإسرائيل لطالما سعت دائماً ولكي تتهرب من دفع اي استحقاقات جدية من اجل السلام الى القول بان الشعب الفلسطيني منقسم على نفسه،والرئيس الفلسطيني ابو مازن ضعيف وسيطرته على الضفة الغربية،هي بفضل اسرائيل،ولا تستطيع ان توقع اتفاق سلام مع رجل لا يسيطر على غزة وضعيف في الضفة الغربية،وطوال فترة المفاوضات السابقة مع ابو مازن كانت هي نفس الحجة والذريعة،وعندما وجد ابو مازن بأن تلك المفاوضات لن تقدم اي شيء على طريق استعادة ولو الحد الأدنى من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني دولة فلسطينية مستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس،وحتى مع قبول تبادل اراضي،خطى خطوة نحو استعادة وحدة الشعب الفلسطيني ومؤسساته وبغض النظر عن مقاصده ومراميه واهدافه من تلك الخطوة،إلا ان  تلك الخطوة قابلتها اسرائيل بشن حرب شعواء على ابو مازن والقيادة الفلسطينية بأنه رجل لا يريد السلام ويدعم الإرهاب وعليه ان يختار بين "السلام" وبين"إرهاب" حماس،والسلطة أصبحت اكبر سلطه ارهابية في العالم...وكان العشرين سنة الماضية التي خاضت فيها القيادة الفلسطينية المفاوضات بكافة أشكالها سرية وعلنية مباشرة وغير مباشرة وعن قرب وعن بعد حققت شيئاً للشعب الفلسطيني غير المزيد من قضم الأراضي وفرض وقائع وحقائق جديدة على الأرض والتطهير العرقي في القدس،حتى المفاوضات الأخيرة التي رعاها كيري،لم تفلح في تحرير جزء يسير من اسرانا في سجون الإحتلال،ووقف جزئي او شكلي للإستيطان،بل مقابل كل دفعة اسرى يطلق سراحها،تقام مئات الوحدات الإستيطانية في القدس والضفة الغربية،ولتصل عنجهية وغطرسة اسرائيل ذروتها،برفض إطلاق سراح الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل اوسلو إلا بموافقة الطرف الفلسطيني على تمديد المفاوضات،وإطلاق سراح امريكا للجاسوس الإسرائيلي بولارد.

واسرائيل اكبر المستفيدين من الإنقسام،أيضاً في سبيل مصالحها فاوضت حماس التي تنعتها بالإرهاب،ووقعت معها هدنة  برعاية عربية وإقليمية ودولية بعد عدوان 2012 على قطاع غزة.

ونحن لا نستغرب موقف اسرائيل،فهذا نعرفه جيداً،ولكن ما لا يفهم هو الموقف الأمريكي الراعي الوحيد للمفاوضات،هذا الراعي الذي قال بان المصالحة الفلسطينية تعقد مسار المفاوضات،موقف فيه من الصلف والوقاحة الشيء الكثير،فأمريكا التي تدير المفاوضات وتشرف عليها،تعلم جيداً من يعيق المفاوضات ومن لا يريد تقديم أية تنازلات في سبيل  نجاحها،فهم يبرؤون ساحة اسرائيل من فشلها،ويقفون الى جانبها في كل إجراءاتها وممارساتها ويتخذون مواقف اكثر تشدداً من حقوقنا وقضيتنا،ومن ثم يقولون لنا واصلوا المفاوضات،أي وقاحة هذه ف"كرمال عيون" اسرائيل" "تعهر"  الحقوق والقيم والقوانين والمواثيق الدولية وتكيف وفق مصلحة اسرائيل.

أمريكا المتباكية على وحدة اوكرانيا،تدعم بقاء الإنقسام الفلسطيني،وتقسيم السودان وسوريا وليبيا والعراق ولبنان وكل قطر عربي،أمريكا تقف ضد حماس في الضفة الغربية،ودعمت اباها الروحي حركة الإخوان في مصر وتونس وليبيا سوريا وتركيا،وأبعد من ذلك عصابات القتل في لبنان وسوريا،ولما شعرت بأن المشروع الإخواني لا يخدم مصالحها بدات تبحث عن حليف جديد.

آن الاوان لكي يعي الطرف الفلسطيني المفاوض،بأنه لا يجوز تجريب المجرب ولا يجوز إستمرار المقامرة  والتجريب بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني،ويجب السير قدماً في المصالحة،فهي شان داخلي فلسطيني،وغير مطلوب في سبيل المصالحة ان تغير حماس او الجهاد برامجها،لكي نرضي امريكا واسرائيل،فالحكومة الإسرائيلية متخمة بالمتطرفين،والذين ينادون بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني وطرده وترحيله،وتتعامل معهم امريكا واوروبا الغربية،ولم نسمع من امريكا او اوروبا الإستعمارية أي مواقف،برفض التعامل معهم،بل بالعكس هم دائماً مثار ترحيب امريكا واوروبا الغربية،فهؤلاء نتاج الديمقراطية الإسرائيلية،اما الديمقراطية الفلسطينية عندما ينتج عنها،أي قوة أو فصيل يتعارض مع المواقف والأهداف الأمريكية والإسرائيلية،فوراً يصنف على انه"إرهابي" ويجب محاصرته وعدم التعامل معه.

 آن الاوان لتغيير قواعد الإشتباك مع العدو الإسرائيلي،وكذلك يجب إخراج المفاوضات من دائرة الرعاية الأمريكية المنفردة،فأمريكا لا ترى الأمور إلا بعيون اسرائيلية،ويجب البحث عن خيار ونهج جديدين فيما يتصل بمواقفنا وحقوقنا،يجب ان نرسخ خيار الصمود والمقاومة،ويجب ان نوحد الإستراتيجيات وادوات العمل،فالحقوق ليست مثار او محط تنازل فإسرائيل حتى لو جاءت قيادة فلسطينية على شاكلة روابط القرى العميلة،فهي  غير مستعدة لتقديم تنازلات،فقط عندما يصبح المشروع الصهيوني خاسراً وترتفع كلفة إحتلاله وفضحه وتعريته،تقدم التنازلات.

بشائر المصالحة الوطنية الفلسطينية/ شاكر فريد حسن

هلت علينا من غزة بشائر المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الفلسطيني بعد سنوات من القطيعة والتناحر والتجاذب ، هذا الانقسام الذي تسبب في شل الحياة السياسية ومزق النسيج الاجتماعي الفلسطيني ، وكانت له آثار سلبية مدمرة ونتائج وخيمة وكارثية على مجمل القضية الفلسطينية والمشروع الوطني التحرري .
ولا شك أن التوقيع على الاتفاق بين الطرفين المتنازعين والمتخاصمين "حماس" و"فتح" يطوي صفحة سوداء حالكة في تاريخ شعبنا الفلسطيني ومسيرة نضاله ، ويعيد الهيبة لحركة تحرره الوطني ، ومن شأنه تعميق لحمة ووحدة شعبنا بكل مكوناته وشرائحه وأطيافه وانتماءاته السياسية والفكرية .
إن هذا الاتفاق يلقى الترحيب والتأييد من جميع مناصري قضية شعبنا الوطنية ، وفي الوقت نفسه يغضب ويقلق الإدارة الأمريكية والمحافل الإسرائيلية الحاكمة ، التي تسعى إلى عرقلة مساعي المصالحة وتعمل طوال الوقت لتقويض وضرب وحدة شعبنا ليتسنى لهما تمرير المخطط الصهيوني العدواني الرامي إلى تصفية الحق الوطني الفلسطيني المشروع والعادل.
لقد دفع شعبنا ثمناً باهظاً لهذا الانقسام المر باستغلال حالة الشرذمة والانشقاق والاحتراب الداخلي والضعف التي اعترت الحركة الوطنية الفلسطينية خلال السنوات المنصرمة ، لتوسيع رقعة الاستيطان وتكريس الاحتلال ومواصلة فرض الحصار والتهرب من استحقاقات شعبنا السياسية .
إن تنفيذ بنود اتفاق المصالحة يحتاج إلى نوايا صادقة من الطرفين وتحمل مسؤوليتهم التاريخية ، والتعاطي بمنتهى الجدية مع هذه البنود ، وبذل أقصى الجهود لتنفيذها من أجل إعادة المياه إلى مجاريها والأمور إلى نصابها وبث روح الأمل والتفاؤل بين أوساط وقطاعات شعبنا ،  باستكمال جهود المصالحة وترتيب البيت الفلسطيني من جديد ، ومواصلة النضال الشعبي والسياسي التحرري لأجل الخلاص من الاحتلال ونيل الاستقلال وإقامة الدولة الحرة المستقلة .
أخيراً ،كلنا أمل أن تكون المصالحة هذه المرة جدية وحقيقية وراسخة الأسس وليست كباقي المساعي والجهود السابقة التي ظلت حبراً على ورق ، ويكفي ما عاناه شعبنا من ويلات ومحن جراء الانقسامات والخصومات . والمصالحة كانت على الدوام مطلب الشارع الفلسطيني ، الذي يدرك تاماً مدى تأثيرها وانعكاساتها على النضال البطولي الذي يجترحه أبناء شعبنا في مواجهة ومقاومة الاحتلال والتصدي لمشاريعه الاستيطانية .

كتاب وجهته الى سعادة السفير المصري بالأردن بخصوص فلم حلاوة روح/ فراس الور

قضية فلم حلاوة روح أخذت منحى قضية راي عام لتلفت إنتباه الجميع حول الوطن العربي، مما لم تحسب له حساب الحكومة المصرية بتاتا، فالهجوم على هذا الفلم طال توقعات كل الطبقات المثقفة و النقاد و الكتاب ليتحول الى كابوس يطرح تساؤلا هاما عن مصير الدستور المصري و مدى استعداد الحكومة التَقَيُدْ به و ببنوده العديدة، مما دفعني لأكتب هذا الكتاب على البريد الإلكتروني لسعادة السفير المصري بالأردن بتاريخ 24-نيسان 2014 لأقدم له وجهة نظري بكل شفافية عن الظروف التي احاطت بهذا الفلم و رأي بصراحة حول قرار دولة الرئيس ابراهيم محلب بهذا الشأن، و اليكم نص الرسالة كما هي على بريدي الإلكتروني...

الى سعادة السفير خالد ثروت سفير جمهورية مصر العربية للمملكة الاردنية الهاشمية، 
الى سعادة المستشار أشرف الكيلاني المستشار الإعلامي للسفير المصري بالاردن،
الى السيد جان قسيس نقيب الفنانين بالجمهورية اللبنانية
الى السيد مسعد فوده نقيب نقابة المهن السينمائية في مصر

تحية طيبة من الاردن الشقيق لكم، 

أنا أديب من الاردن و اسمي فراس الور، و أسمي معروف لدى سعادة المستشار أشرف الكيلاني في السفارة المصرية بالأردن، و لا أسعى لإثارة أية مشاكل من هذه الرسالة بقدر ما اسعى لتسليط الضوء على كارثة محققة أصابت سمعة فنانة لبنانية لم تقترف اي ذنب سوى أنها مارست مهنة التمثيل بالجمهورية المصرية و التي هي أكبر منتج للفنون السينمائية و الدراما بالوطن العربي...مما يجعلها محط أنظار نخبة واسعة من نقاد الفن و الأدباء و الفنانين الذين يتواصلون مع مسيرة هذه الجمهورية الفنية و السياسية...أما بعد، 

لم ألتقي بتاتا الفنانة هيفاء وهبي و لا تعلم عني شيئ هذه الفنانة، و لكن بالنسبة لفلمها حلاوة روح فأرجو العلم أنه هنالك نوعين من النقاد للمادة الدرامية، و هما الجمهور ثم نخبة من الأدباء الذين يتابعون المواد الدرامية التي يتم عرضها على التلفاز و دور العرض، و لا أعلم ما هو دافع دولة الرئيس إبرايهم محلب بمنع عرض هذا الفلم، فللفنانة هيفاء وهبي تجربة سابقة بفلم "دكان شحاته" و قد تم عرضه من دون هذا الهجوم عليها و على سمعتها الفنية، و لطالما قدمت الفنانة هيفاء فنونها و تم عرضها على المحطات الفضائية من دون هذا الهجوم الكبير عليها، و لكن فجأة عند فلم حلاوة روح و قبل حتى إنتشار المادة الدرامية بالأسواق تم إعدام هذا العمل الدرامي بصورة عشوائية من قِبَلْ نخبة كبيرة من النقاد و الكتاب دون بصيرة فنية و سياسية فنية واضحة، لينهي بعدها هذا السجال دولة الرئيس إبراهيم محلب بحكم إعدام آخر من دون اسباب مقنعة...ليصيب سمعة هذه الفنانة الضرر الكبير من دون أسباب وجيهة، كما أنه تم توجيه التهم العشوائية لهذا العمل قبل عرضه بصالات العرض ليحرم من نقد الجمهور له، 

لذلك أظن أن ما حصل من شأنه أن يضيق الخناق على مفهوم الحريات و الإبداع بالجمهورية المصرية التي تستمد حيويتها من الدستور المصري الجديد الذي أقرته لجنة الخمسين و تصويت الشعب المصري، فلا يضم فلم حلاوة روح اية مواقف سياسية مناقضة لِتَوَجُه الدولة المصرية الحالي، كما لا يضم أية مشاهد تخل بالحياء العام و خارج عن ما نرى بالافلام و المواد الدرامية التي نراها على المحطات الفضائية العربية و المختصة بعرض الافلام السينمائية العربية و الغربية، كما ارجو العلم أن المواد الدرامية الغربية التي تُْعْرَضْ من دون قيود في دور العرض بالدول العريية و في مصر و البلاد العربية و ايضا على المحطات الفضائية العربية تحتوي على مناظر جريئة تفوق ما تم تقديمه في فلم حلاوة روح فلا نرى اية اعتراضات عليها من الدولة المصرية اي أية دولة عربية ثانية...فيتم ترويج هذه المواد بالاسواق العرية بالخليج و المحطات الفضائية العربية الأخرى من دون قيود، فلا أعلم لماذا هذه القساوة على فلم حلاوة روح و على الفنانة هيفاء وهبي، و ارجو العلم أن تاريخ السينما المصرية ضم عددا واسعا من الافلام التي إحتوت على مناظر جريئة و جنسية بحرية تامة و أطرح هذه الكلمات بكل أدب و إحترام، فقد تم عرضها و مازالت تعرض على المحطات الفضائية و على سبيل الثمال لا الحصر كفلم "العاصفة" للفنانة يسرا حيث يحتوي على مشهد تعري شبه كامل للفنانة يسرا يوازي ما تقدمه الفنانات بالغرب، و فلم ايضا "ما تيجي نرقص" للمخرجة ايناس الدغيدي احتوى على منظر جنسي للفنان تامر هجرس مع فنانة أخرى بالفلم، و فلم "بوبوس" حيث ايضا احتوى في آخره على مشاهده على قُبَلْ حميمة بين الفنان عادل إمام و الفنانة يسرا لا تتم إلا على أرض الوقاع بين المتزوجين فقط، و قد تقبلنا كأدباء و نقاد هذه المواد بصدر رحب من السينما المصرية تفهماً لاصول الإنتاج الدرامي التي تحيط باي عمل درامي مراعين طبيعة الحبكة و القصة للفلم، فلغاية هذه اللحظة تُعْرَضْ هذه الأفلام جميعها من دون قيود و رقابة، كما هنالك العديد من الافلام للفنانة نادية الجندي و الفنانة نبيل عبيد تضم مشاهد جنسية ساخنة و حميمة لم يتم منعها من العرض بتاتا، فسياسة الكيل بمكيالين مع الفنانة هيفاء وهبي ليست بمحلها إطلاقا،   

ارجو العلم أن حركة الإنتاج الدرامي تنتج عن الحركة الثقافية السليمة و الصحيحة و الطبيعية بأي مجتمع إنساني و ايضا مفهوم الحريات و الإبداع بمجتعاتنا، و تكون صحيحة و سليمة إذا استطاعت أقلام الأدباء التعبير عن ذاتها بجرية من دون قيود تهدمها، و بالنسبة للمناظر الجريئة و الجنسية او مناظر الإغراء بالافلام التي ذكرتها فليست خطئ فنياً...بل الجنس و العاطفة الإنسانية طبيعة خلقنا الله عليها و ليست غريبة عن عالمنا الآدمي و هي لغة يختبرها الإنسان بحياته فالفنون تضم هذه اللغة لأنها واقع إنساني و ليست عيباً إطلاقا، فهذه نعمة خلقها الله بالإنسان و ما يَهِبَهُ الله للإنسان ليس عيب، و لا تتداول هذه الأفلام خارج عن ما هو مألوف لأعراف البشر حول العالم، فهي أمتداد للحريات التي أقرها الدستور المصري لكي لا يتحول هذا الدستور الى قابض للحريات بدلا من أن يوفرها بصورة كاملة متسواية لكي لا يبتعد عن مفهوم المثالية التي من شأنها دعم القوانين التي تنبثق عنه...فإن لم يوفر الحريات بمفهومها الكامل و الصحيح فلن يراعي الديمقراطية بأي ركن من أركانه العديدة و بنوده الكثيرة، و على سبيل المثال لا الحصر بالوقت الذي رأينا الإعلام المصري يهاجم الإخوان بشراسة قبل عزل الدكتور مرسي و بحرية تامة و من دون قيد مستمدين الإعلامين شرعية التعبير عن الذات من الحرية الممنوحة لهم بالدستورة المصري يأتي قرار منع فلم حلاوة روح ليعاكس مفهوم الحريات التي يدعمها الدستور المصري و التي تدعم الإبداع الفكري و الفني و الثقافي و الإعلامي بعالم الثقافة و المبدعين بمصر...ما هذا التناقض؟ لا يجب ان نسير عكس ميكانيك الدستور الذي ويوفر شرعية و مظلة للحركة الثقافية بمصر، فإن كان هذا القرار بدافع سايسي فقد كانت الفنانة هيفاء كبش فداء لهذا القرار من دون رحمة، 

أخيرا أظن أن الفنانة هيفاء لم تمارس شيئا بهذا العمل خارج عن ما يمارسه اي فنانة مصرية...فقد مثلت فلم، فإن ستمضي الحركة الفنية بمصر بخوف من قرار منع من اية شخصية سياسية مع كل الإحترام لشخص السياسيين المصريين فأوقفوا الإنتاج الدرامي لأنكم بهذه الخطوة تسيرون بصورة غير دستورية، فهذا سيحفظ ماء الوجه أكثر بدل من العراك الإعلامي الذي احاط بفلم حلاوة روح...بل أوقفوا الإنتاج بكل وطن عربي فبالوقت الذي ينتج المنتج الأمريكي ما يريد و بحرية مطلقة لتصل الإبداعات الى اوجها بأمريكا نمضي يخوف من هذه الناحية في بلادنا العربية مع كل أسف، راجيا أن تكون هذه الكلمات بمثابت نقد بناء لهذه المشكلة و راجيا أن تتقبلها السفارة المصرية بالأردن بكل صدر رحب، فأكتب ما أكتب من غيرتي على مصر البلاد التي كَرًسْتُ لها جزءا كبيرا من كتاباتي و أنتم سعادة المستشار أشرف بالصورة عن طبيعة عطائي لبلادكم و حبي لها و تقديسي لعطائها لقضايا الأمة العربية...مصر بلاد عظماء السياسين مثل الراحل الكبير جمال عبد الناصر و الراحل الكبير أنور السادات و بلاد الضباط الأحرار...البلاد التي يحرسها الجيش المصري العريق و الذي أعطا ببسالة الشهداء و أجمل مشاهد سمو الكفاح لقضايا أمته العربية و لبلاده، مصر غالية علينا جدا و نريد لها كل خير و لن نقبل كمثقفين أن تكون اقل قدراً من البلاد الديمقراطية مثل الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الغربية الأخرى...

بداية السير/ محمد محمد علي جنيدي

هل يمكن أن تفكر قي إنقاذ غيرك وأنت تغرق، ألم يكن من الأجدى إنقاذ نفسك أولا، غالبية الناس تفتى بالإصلاح وهم الأحوج لإصلاح أنفسهم، ولن يفلحوا أبدا لسببين أولهما لفقرهم لما يدعون الناس إليه ومعلوم أن فاقد الشيء لا يعطيه، وثانيهما لغياب القدوة، فليس من المنطقي أن يدعو أحدنا آخرين للإقلاع عن التدخين وهو يدخن مثلا.
والغريب.. أن السواد الأعظم أراه يدق بفأسه في سفينة الوطن خوفا من غرقها ولسوف يكون من أوائل الغارقين!، والأشد غرابة أن ترى العارفين صامتين لا يتحرك لهم ساكنا، ولسوف يلقون بصمتهم ذات مصير العابثين.
على اختلاف الناس في التوجه .. في الفكر .. في الاعتقاد وفي أي شيء آخر سوف تبقى سفينة الوطن طوق نجاة ركابها وسوف يبقى الحفاظ عليها قاسما مشتركا يمكن أن يتحد المختلفين عليه، ولكي ينجو الوطن بأبنائه ويهديهم الله تعالى لسبل الإصلاح والرشاد، فليتحدوا جميعا في صوت واحد للمطالبة بوجوب القصاص العادل لشهدائه، إعمالا لقول الله تعالى ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ) صدق الله العظيم.
فإن إراقة الدماء وإعمال آلة القتل على النحو الذي نراه لهو أعلى درجات الإفساد في الأرض، والله تعالى لا يمكن أن يصلح عمل المفسدين.. ولا يسامح أبدا في إراقة قطرة دم واحدة لعباده بغير حق، كما لا يمكن أن يمن ويجود علينا بحياة آمنة بغير تمكين القصاص العادل من القاتلين العابثين.
بداية السير لحياة مطمئنة يا أبناء الوطن في إرضاء الله تعالى بالقصاص العادل لمن قتل ظلما وعدوانا، فاتحدوا لهذا يرحمكم الله، وامتثلوا لقول الله تعالى (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) صدق الله العظيم.



بين يدي المتحاورين في غزة/ د. مصطفى يوسف اللداوي

أيها المتحاورون في غزة، اعلموا أن الشعب الفلسطيني كله يتطلع إليكم، ويرنو بعيونه إلى اجتماعاتكم، وينتظر ما تسفر عنه حواراتكم، ولديه كل الأمل أن تنهوا خلافاتكم، وأن تتجاوزوا مشاكلكم، وأن تكون لقاءاتكم جدية، وحواراتكم مثمرة، فلا تكتفوا منها بحسن الترحاب، ولا بكرم الضيافة، ولا بشعبية الاستقبال. 
ولا يشبعن غروركم كثرة وسائل الإعلام، وصوركم التي ستنشر في كل مكان، بل اعلموا أن شعبكم سيمدحكم أو سيسبكم، سيشكركم أو سيشتمكم، سيحمد الله أن أكرمه بكم، أو سيلعن من عينكم، ومن سماكم متحدثين باسمه، ومعبرين عن حاجته، وجاء بكم من الظل إلى وهج الشمس، ولن يكون من بينكم كبيراً ولا مقدراً، ولا نبياً ولا قديساً، ولا سيداً ولا معصوماً، فأنتم لستم إلا خداماً لهذا الشعب، ومنفذين لرغباته، وعاملين من أجله، بل أنتم تقتاتون منه، وتعيشون على خيره، وتأكلون من فيئه.
 أيها المتحاورون ...لم يعد لدينا القدرة على مزيدٍ من الاحتمال، بل لا قدرة عندنا على المزيد من الأذى، فقد بلغ سيل خلافاتنا الزُبى، وأصبحنا نؤذي أنفسنا قبل غيرنا، ونسر عدونا، ونفرح خصمنا، وندمي عيون من أحبنا، ونحزن شعبنا وأهلنا، ونخيب آماله ورجاءه، وعدونا علينا يتفرج، وبنا يشمت.
قد ضاقت علينا الأرض وهي لم تكن رحبة، وخنقت أنفاسنا وقد كانت معدودة، واشتد الحصار حولنا وقد كانت الأسلاك الشائكة تحيط بنا من كل مكان، والعدو يتربص بنا حيث نكون، ويعتدي علينا في المزارع والبيوت، ويقتلنا وقت يشاء، وبالطريقة التي يريد، وينتقي من يرغب في تصفيته، ويختار من يريد شطبه، من كل القوى والفصائل، ومن المنتمين والمستقلين، ومن العامة والخاصة، إذ لا يخاف من ردة فعل، ولا يخشى من غضب شعبٍ أخصت قيادتُه رجولته، واستخفت بمقاومته، وشوهت سمعته، وأساءت إليه وإلى سابق مقاومته، ونبل جهاده وصموده.
أيها المتحاورون اعلموا أننا بتنا أكثر جوعاً، وأخطر مرضاً، وأشد ألماً، وأسوأ حالاً، وأقصر نفساً، وأضيق صدراً، ولم يبق عندنا من عوامل الصمود سوى الإيمان بالله والتوكل عليه، وصدق وأصالة هذا الشعب، وطيب أصله، وأصالة أخلاقه، وما عداه كان سراباً، ولا أمل فيه، فلا تتوقعوا من شعبٍ خبركم المزيد من الصبر، ولا الكثير من الانتظار، فما لا تتوقعونه يجب أن تخافوا منه، وتتحسبوا له، لأنه قد يكون هو القادم، ولا تعجبوا من شعبٍ جائع، أو ضاع حقه وسرق، ألا يحمل سيفه وبه يقاتل.
أيها المتحاورون قضايانا بسيطة وواضحة، وهي قديمةٌ أصيلة، تمسك بها السابقون، وأورثوها لمن بعدهم من اللاحقين، نريد أرضنا، ولا نقبل أن نفرط في وطننا، ولا نريد أن نعترف بعدونا، ولا أن نسكت له على اغتصابه لحقنا، ولا نسلم له بما يريد، ولا نعترف له بما يحلم ويتمنى، كما نريد أن نتحد ونتفق، وأن نعيش تحت سقفٍ واحدٍ، وداخل أسوار وطنٍ مشترك، تجمعنا الاختلافات، وتزيننا التناقضات، لكن على قاعدةٍ من وحدة الأرض، وسلامة الوطن، وصدق النوايا، وسلامة الصدور.
لكن شعبنا يحلم أيضاً ببيتٍ يستره، وعملٍ يكرمه، ومستقبلٍ يحفظه، وسفرٍ سهل، وانتقالٍ مريحٍ، ويتوق إلى وفرة طعامٍ، وحركة أسواق، ونشاطٍ في عجلة الاقتصاد، ويتطلع إلى تعليمٍ ميسر، وطبابةٍ وعلاجٍ متوفرٍ، ويتمنى أمناً في مجتمعه، وسلامةً في حياته، وحريةً كريمة، فلا يسجن لرأي، ولا يعتقل لوجهة نظر، ولا يعذب إن ارتفع صوته، ولا يضهد إن جاهر بانتقاده، ويتمنى ألا يكون الاعتقال بالتبادل، والقمع بالتساوي، والمعاملة بالمثل، فلا يجوز أن يدفع شعبنا غرامة اختلافنا، وضريبة عدم اتفاقنا. 
فلا تفجعونا أيها المفاوضون بشروطٍ معجزة، ولا بعقباتٍ مفتعلة، ولا بأماني كاذبة، بل كونوا على قدر المسؤولية، وأخلصوا لله نواياكم، وانظروا إلى معاناة شعبكم، وإلى مصيبة وطنكم، وتمزق وحدتكم، وضياع وطنكم، فما بعد هذه الفرقة من لقاء، وما بعد هذا الانقسام من وحدة، ولا يرجى بعد هذه القطيعة عودة، فكونوا أنتم له الأمل، واجعلوا من أنفسكم له الرجاء، علهم يرفعون إلى الله أكفهم إليكم بالدعاء، فاجعلوه دعاءً لكم لا عليكم، أن يبارك الله فيكم لا أن يأخذكم، وأن يوفقكم لا أن يسخطكم، وأن يجزيكم خيراً لا أن ينتقم منكم.
ربما لو كان باستطاعة شعبكم أن يحبسكم جميعاً، ويغلق عليكم باب غرفةٍ أو قاعة، لأيامٍ أو أسابيع، يزودكم فيها بكل ما لذ وطاب من طعامٍ وشراب، ولا يحرمكم من شئٍ تحبونه، ولا يحجز عنكم شيئاً مما تفضلون، فقط ليجبركم على الحوار والتفاهم، والتلاقي والتفاوض، حتى تصلوا إلى قواسم مشتركة، ومنطلقاتٍ وثوابت وطنية، وحلولٍ ترضي الشعب وتخفف من معاناته، ربما لو كان يستطيع لفعل هذا وأكثر، إذ أظنه أكثر وعياً منكم، وأشد إخلاصاً ممن ادعى الوطنية فيكم، فأقلهم قد قدم أضعاف ما قدمتم، وضحى بأكثر مما أخذتم واستفدتم.
 لكنه شعبٌ مسكينٌ يعاني منكم، ويقاسي الويلات من سياساتكم، ويشكو المر من أشخاصكم، ويكتوي بمزاجيتكم، ويشك في إخلاصكم، ولا يطمئن إلى سلوككم، ولا يرتاح إلى حقيقة نواياكم، ولا يعرف أين ترسي مراكبكم، ولا أين تصب مياهكم، لكنه قد فتح عيونه فوجدكم على كراسيه، تتحكمون في قراره، وتتسلطون على مصيره، وتفرضون عليه ما ترون، ولو كان ظلماً واضطهاداً، أو بؤساً وحرماناً، أو خطأً وانحرافاً، فهذا قدره، أن يصبر بحكمةٍ وأناة، وأن يكظم غيظه وأن يعض على جرحه، لكنه لا يتمنى أن يكون الهلاك مصيره، والضياع منتهاه، والفشل آخرته، والخسارة عاقبته، فاحذروه وأخلصوا لله من أجله عملكم.

من سيحكم الهند في السنوات الخمس المقبلة؟/ د. عبدالله المدني

إذا ما إستبعدنا الإنتخابات الأمريكية، فإن الانتخابات التي تحظى بأكبر قدر من الإهتمام والمتابعة على مستوى العالم هي الإنتخابات الهندية. والسبب لا يكمن فقط في أن الهند هي من أعرق الديمقراطيات في العالم النامي، وإنما أيضا لأن إنتخاباتها الإشتراعية تشبه الماراثون متعدد المراحل، ناهيك عن أنها عملية معقدة وتشكل تحديا لوجستيا. ولعل إنتخابات 2014  التي انطلقت في السابع من إبريل الجاري والمفترض اختتامها في 12 مايو،  وإعلان نتائجها النهائية في 17 من الشهر نفسه، الأكثر شدا للإنتباه وحبسا للأنفاس. فهي تجري على تسع مراحل ويشارك فيها نحو 814 مليون ناخب، أي بزيادة مائة مليون ناخب عن الانتخابات الماضية في عام 2009 ، ويجري التصويت فيها في مليون مكتب إقتراع تتوزع من أعالي جبال الهملايا شمالا إلى المناطق الإستوائية في الجنوب. أما الأمر الأهم من كل ما سبق فهو التنافس الحاد بين الأحزاب الإقليمية وثلاثة أحزاب رئيسية ــ حزب المؤتمر العريق، وحزب بهاراتيا جاناتا القومي، وحزب "آدمي" الحديث على الساحة السياسية، ومحاولة كل حزب الظفر بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان الاتحادي المكون من 543 مقعدا ليكون له تأثير في تشكيل الحكومة المقبلة في حالة عدم فوز أي حزب كبير بالأغلبية المريحة.
وكما هي العادة في أي إنتخابات تلجأ الأحزاب المتنافسة إلى دغدغة مشاعر الجماهير بالوعود الوردية، وتطعن في جدارة وأهلية خصومها لجهة تولي السلطة أو البقاء فيها، وتــُبرز أهم الإخفاقات التي حدثت في السنوات الماضية. غير أنه في الحالة الهندية لوحظ على الدوام عملية تودد منظمة إلى الأقلية المسلمة التي تشكل نحو 15 بالمائة من عدد السكان البالغ تعداده 1.2 مليار نسمة، وذلك من أجل كسب أصواتهم كونها تؤثر في 111 مقعدا من أصل 162 ، ولاسيما في ولايات أوتار براديش المكتظة وأندرا براديش وكارناتاكا وكيرالا والبنغال الغربية. أما في إنتخابات هذا العام فإنه لوحظ وجود تنافس حامي الوسيط على كسب أصوات الشباب المتذمرين من الفساد والتضخم وقلة فرص العمل، ولاسيما من جانب حزب "بهاراتيا جاناتا" الذي يراهن على جذبهم إلى جانبه مستغلا إخفاقات غريمه ــ حزب المؤتمر الهندي ــ لجهة تحقيق طموحاتهم العجولة، ومعولا على عدم وجود ولاء إيديولوجي مسبق لديهم في الغالب الأعم. والمعروف أن منْ هم تحت سن 26  في الهند يشكلون أكثر من نصف عدد السكان، ناهيك عن دخول نحو 90 ألف نسمة ضمن من يحق لهم التصويت هذا العام بسبب إتمامهم سن الثامنة عشر.
وكما ذكرنا في مقالات سابقة فإن ثلاثة فرسان يخوضون السباق الانتخابي هذا العام على رؤوس أحزابهم أوتحالفاتهم السياسية، وينتظر ان يقود أحدهم ــ في حال فوز حزبه ــ الهند خلال السنوات الخمس المقبلة في موقع رئاسة الحكومة خلفا للدكتور "مانموهان سينغ"، مع توقعات كبيرة بأن يؤول المنصب إلى مرشح حزب "بهاراتيا جاناتا" السيد "ناريندرا مودي" الذي يدور حوله جدل كبير بسبب ما قيل عن تقاعسه في توفير الحماية لمسلمي ولاية غوجرات في عام 2002 حينما كان رئيسا للحكومة المحلية في هذه الولاية، لكنه يحظى في الوقت نفسه بتأييد الكثيرين على خلفية وعوده بانعاش الاقتصاد والقيام بالمزيد من الاستثمارات، وحماية النساء من حالات العنف والإغتصاب التي تفاقمت في السنوات الأخيرة، وتوفير عشرة ملايين فرصة عمل جديدة للشباب، خصوصا وأن للرجل سجل حافل بالنجاحات الإقتصادية التي حققها في غوجرات، وهي الولاية التي حكمها دون انقطاع لمدة 2036 يوما فدخل تاريخها كأطول رئيس لحكومتها المحلية. والعامل الآخر الذي يعمل في صالح "مودي" خلفيته الطبقية. فهو، على العكس من مرشح حزب المؤتمر الذي ينتمي إلى عائلة نهرو/غاندي الأرستقراطية، ينتمي إلى أسرة معدمة كان ربها يبيع الشاي داخل كشك من أكشاش إحدى محطات القطارات. ثم أن هناك عوامل إضافية تعمل في صالحه أيضا من تلك التي تتعلق بمنافسيه. فمنافسه الأبرز "راهول غاندي" طري العود ولا يملك أي خبرة سياسية، ولم يسبق له أن تولى منصبا حكوميا، ناهيك عن أنه كان مبتعدا لفترة طويلة عن الشأن العام، وبالتالي فمن الصعوبة بمكان لمن كان مثله أن يقود الهند، حتى من وراء الكواليس، كما تريد له والدته زعيمة حزب المؤتمر السيدة "سونيا غاندي" أن يفعل. أما منافسه الثاني فهو "ارفيند كرجريوال" وهو طاريء على الحلبة السياسية كما أسلفنا، ولا يملك ما يشفع له سوى حملاته في مواقع التواصل الاجتماعي ضد الفساد والمفسدين، وهو في هذا يعتمد على مجموعة من الشبان الهنود الذين عملوا في الولايات المتحدة مع شركات مثل "مايكروسوفت" و"أمازون" و "إيه تي تي". و"كرجريوال" هو مؤسس وزعيم حزب "آم آدمي" ومعناه بالعربية "أنا إنسان" وليس كما فعل فطاحلة الصحافة العربية حينما اعتقدوا خطأ أن كلمة "آم" تعني "عام" فترجموا إسم الحزب إلى حزب "الرجل العامي".
والحقيقة أنه على العكس مما يكتب ويتداول فإن "مودي" لا ينتمي إلى حزب "بهاراتيا جاناتا" وإنما إلى حزب "راشتريا سوايام سانغ" وهو أحد أحزاب التحالف الديمقراطي القومي الذي يقوده "بهاراتيا جاناتا". والحقيقة الأخرى أن "بهاراتيا جاناتا" على الرغم من أنه لا ينفي عن نفسه صفتي "القومي" و"الهندوسي"، إلا أنه في ظل دستور الهند العلماني والاعراف الديمقراطية الراسخة لا يمكنه أن يمزق النسيج الاجتماعي الفريد للأمة الهندية، حتى لو رغب في ذلك من منطلق أن الهندوس يشكلون 80 بالمائة من سكان الهند وبالتالي يجب أن تكون لهم الكلمة العليا. ولعل أفضل دليل على صحة ما نقول هو أن هناك نسبة لابأس بها من الهنود المسلمين لا تستجيب لنداءات حزب المؤتمر وتقترع لصالح "بهاراتيا جاناتا".
وإذا ما وصل "مودي" إلى سدة الحكم، فسوف يكون لنا مقال آخر مفصل حول سيرته الثانية.

د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: إبريل 2014 
الإيميل: Elmadani@batelco.com.bh

هكذا أحب الله العالم/ نسيم عبيد عوض

منذ حوالى ثمانى أسابيع بدأ المسيحيين فى أنحاء الأرض صيام طويل ‘ ونحن هنا فى الشرق نصوم 55 يوما ‘ يبدأ بأسبوع الإستعداد ‘ ثم الأربعين يوما التى صامها السيد المسيح  نفسه ‘ يليها الأحتفال بعيد الشعانين – الذى هو عيد الخلاص- والكل يهتف مبارك الآتى بإسم الرب ‘ ثم صلاة يومية طوال أسبوع الألام ‘ ثم اليوم العظيم أو الجمعة العظيمة ‘ إثنتى عشر ساعة على الأقل صلاة فى الكنائس وفى صوم إنقطاعى لكل الشعب‘ وبعده فرح وبهجة فى  سبت النور وينتهى الأمر بإحتفال المسيحيين بعيد القيامة المجيد فجر الأحد ‘ وللجميع ولقرائى خاصة منى تهنئة قلبية بالعيد ‘ متمنيا إستمرار روح العبادة باقى الأيام كما كانت عند بدأ الصوم الكبير ‘ فى توبة ومحبة وتقديم رائحة المسيح الذكية لكل العالم بسلوك مسيحى نقى.

ومحور عبادتنا هو شخص السيد المسيح ‘ وانا لا أود أن أطيل فى كلام لاهوتى أو وصايا وفرائض‘ قد إمتلأتم بها طوال الأسابيع الماضية ‘ وبكل بساطة وبسطور قليلة نتحدث مع قرائنا عن شخصية السيد المسيح التى هى حقا عجيبة كما قالت النبوة عنه قبل 750 عاما على تجسده " ها العذراءتحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل ."إش7: 14‘ ( وترجمة عمانوئيل الله معنا) ‘وأيضا" لانه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفيه ويدعى اسمه -عجيبا - مشيرا الها قديرا ابا أبديا رئيس السلام ."إش 9: 6‘ وشخصية السيد المسيح تتضح لنا من مظاهر شتى :

1- شخص المسيح الذى إلتف حوله الملايين وآمنوا به. 2– بل إستشهد من المؤمنين به وعدم التخلى عن حبه الملايين أيضا. 3– شخص لا مثيل له أحدث تغييرات فى العالم وفى نفوس البشر بتعاليمه ووصاياه. 4– أيضا لا يوجد مثله شخص قاومه العالم مثلما تعرض السيد المسيح وأتباعه  5– حتى أن المسيحية منذ نشأتها وظهورها صارت هدفا لهجمات وإنتقادات ومقاومات قديما من اليهود ثم العالم الوثنى وحاليا من عالمنا المعاصر. 6– السيد المسيح وهو بعد جنين فى بطن أمه القديسة العذراء مريم تثار الشكوك حولها حتى أن القديس يوسف اعتزم على تخليتها سرا لولا ظهور الملاك له ويخبره بان الروح القدس هو سبب الحمل المقدس.(مت1: 19) 7– عند ميلاده قام هيرودس الملك بقتل صبيان كل بيت لحم م(144 ألفا) من أجل قتل الطفل يسوع"مت2: 12" ثم ماتلى ذلك طوال ثلاث سنوات وأربعة شهور هى حياته على الأرض من مقاومات وتشككات وتجاديف ومحاولات لقتله وأهانات وآلام لا تحتمل انتهت بصلبه وموته. 8– ثم مالحق بالمؤمنين من أهوال ووحشية غطت دمائهم أرض المسكونة كلها وحتى يومنا هذا يستشهد الكثيرين من المسيحيين بسبب إيمانهم بالمسيح وكلمته. 

ولا عجب ان تقول النبوة عنه " لماذا ارتجت الأمم وتفكر الشعوب فى الباطل ‘قام ملوك الأرض ‘وتآمر الرؤساء معا على الرب ومسيحه قائلين لنقطع أغلالهما ونطرح عنا نيرهما."مز2: 1-3‘ ولكن لم يتحقق لهم ذلك فالمسيحية يؤمن بها اليوم أكثر من 2 بليون نسمه على وجه الأرض والإيمان المسيحى ينتشر بسرعة فى بلاد مثل الهند والصين بالملايين كل عام .

ولكى نقترب بادراكنا البشرى بالإيمان أولا وبالعقل ثانيا ‘ وقبل كل ذلك بالروح القدس من شخصية السيد المسيح ‘ نسأل أنفسنا سؤال ‘ هل كانت البشرية فى حاجة حقا لشخص السيد المسيح؟ ‘ والإجابة على هذا السؤال وعلى الفور نعم (بدون التعمق فى علوم اللاهوتيات) ولأسباب عديدة نخص منها فقط هنا سبب الفداء والخلاص للبشرية كلها ‘ لأن سقوط الانسان فى خطية المعصية والتعدى على الله ‘كان نتيجته الموت حسب أمر الرب (موتا تموت. تك2: 16) ‘ وبالفعل طرد من الفردوس الى الارض محكوما علية بالموت ‘ وتحول الانسان الى جسد يملأه الفساد ‘وأنتقلت الخطية والشر وبالتالى  الموت الى كل نفس واللعنة على كل الخليقة‘ فقد اختار الانسان العصيان بارادته ‘ واستهان بمحبة الله له ‘ واصبح واقعا تحت حكم الموت ‘ ولكن الله لعطفه وحنانه لم يترك البشر المحبوب له الذى خلقه على صورته ومثاله ‘ ولأن محبة الله لا تتغير ولم تتأثر بخطية الانسان فمازال يحبه ‘ ولا يمكن ان يسمح له بالهلاك ‘ ولذا وآدم خارج من الجنة هو وامرأته حواء عاريين صنع لهما أقمصة من جلد حيوان تم ذبحه والبسهما لكى يغطوا عريهم (تك3: 21)‘ ولأن الجسد العارف للشر والملبس بالفساد لا يمكن له البقاء فى الفردوس الذى هو حضرة الله القدوس ‘ عاشوا فى الأرض ‘ولكن الله بمحبته أصدر وعدا بالخلاص ‘ وخاطب الحية – إبليس الذى أوقع بآدم- " أضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلها - هو -   يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه ." تك3: 15 ‘ وكلمة هو تعود على شخص السيد المسيح المخلص ‘ وكقول الكتاب " ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة مولودا تحت الناموس ليفتدى الذين تحت الناموس لننال التبنى."غل4: 4.

وما كان تقديم الذبائح الحيوانية المستمر لغفران الخطايا التى أمرت بها الشريعة فى العهد القديم ‘ ماهو الا لتذكرة الانسان انه محتاج الى وسيط يخلصه ‘ وكما يقول الرسول " لأنه لا يمكن ان دم ثيران وتيوس يرفع الخطايا ‘لأن الناموس لا يقدر أبدا بنفس الذبائح كل سنة التى يقدمونها على الدوام ان يكمل الذين يتقدمون ." عب 10: 1و4. كانت هذه الذبائح فى جملتها ترمز لذبيحة السيد المسيح الذى أتى وقدم ذاته " ليبطل الخطية بذبيحة نفسه."عب9: 26‘ " الذى حمل هو نفسه خطايانا فى جسده على الخشبة لكى نموت عن الخطايا فنحيا للبر الذى بجلدته شفيتم."1بط2: 24‘ هكذا أتى السيد السيح من أجل فداء وخلاص الانسان ‘والذى ليس بغيره الخلاص‘  ومعنى الفداء أن هناك وسيطا دفع الصك عنا ‘ وأمات فى جسده الخطية والموت ذاته ‘ وليصالح بنا السموات ‘ وبهذا المعنى كان المسيح هو الوسيط والفادى." وهكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية."يو3: 16 و"لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص- به- العالم."يو3: 17. وبهذا نكون" مولدين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقيةالى الابد."1بط1: 23.

هكذا كانت حتمية  ذبيح الصليب وحتمية القيامة ‘ والصليب والقيامة هما وجها الفداء والخلاص ‘ولا بديل لأحدهما عن الآخر ‘وهذا هو إيماننا الأقدس‘  وبدون الدخول فى التفاصيل الإيمانية بالصليب والقيامة اليوم ‘ وقد نفسرهما فى مقال قادم ‘ولكن فى النهاية تم الفداء والخلاص وكما يقول الكتاب" الذى يؤمن به لا يدان والذى لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد." يو3: 18‘  أهنئكم جميعا بعيد القيامة المجيد وكل سنة وأنتم جميعا طيبين.


مأزق التوافق الفلسطيني على استراتيجية بديلة/ نقولا ناصر

(حان الوقت لاستبدال "السلطة الفلسطينية" بحكومة دولة فلسطين، فإما أن تعترف دولة الاحتلال الإسرائيلي بها أو تتحول إلى حكومة في المنفى تتخذ من قطاع غزة مقرا لها في حال رفضت أي دولة عربية أو أجنبية استضافتها)

إن توجه الرئيس محمود عباس نحو تدويل المفاوضات بالانضمام إلى المعاهدات والاتفاقيات والوكالات والمنظمات الدولية هو دليل لا جدال فيه على أن استراتيجية المفاوضات الثنائية بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين دولة الاحتلال الإسرائيلي برعاية أميركية قد فشلت ووصلت إلى طريق مسدود بعد ما يزيد على عشرين عاما من انطلاقها، ما يعني أن القضية الفلسطينية وشعبها وقياداتها يقفون اليوم عند مفترق طرق ومنعطف هام يضع مسيرتهم الوطنية من أجل التحرر والاستقلال في مأزق البحث عن توافق وطني على استراتيجية بديلة.

ومن الواضح أن توجه عباس، أو تهديده بالتوجه، نحو تدويل المفاوضات إنما هو بديل تكتيكي يستبدل "أمركة" البحث عن حل تفاوضي ب"تدويل" البحث عنه من دون التخلي عن استراتيجية التسوية السياسية بالتفاوض واستمرار الالتزام ب"نبذ العنف" كشرط إسرائيلي – أميركي مسبق.

وهذا هو البديل الوحيد الذي يعلنه عباس حتى الآن، وهو بالتأكيد ليس استراتيجية بديلة تضع أساسا لوحدة وطنية تنهي الانقسام الوطني الراهن.

لقد كانت "السلطة الفلسطينية" مشروعا إسرائيليا للحكم الذاتي الفلسطيني لإدارة السكان من دون الأرض، وكانت هذه السلطة هي المكافأة الوحيدة و"الانجاز" الوحيد لقيادة منظمة التحرير مقابل اعترافها بدولة الاحتلال.

فالاعتراف الدولي بالمنظمة ممثلا شرعيا وحيدا لشعبها إنجاز حققته المقاومة وليس المفاوضات، و"دولة فلسطين" انجاز حققته المقاومة عربيا قبل المفاوضات واعترفت به الأمم المتحدة خارج إطار المفاوضات وبالضد من الرعاية الأميركية لها.

إن الاعتراف الدولي ب"دولة فلسطين" حوّل "السلطة الفلسطينية" إلى سقط متاع لم تعد توجد حاجة إليه كي يعترف المجتمع الدولي بأن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 هي ملك لشعب فلسطين وليست جزءا من دولة الاحتلال، ما يجعل حل السلطة تحصيل حاصل تتردد رئاسة منظمة التحرير في الإقدام عليه حتى الآن.

فقد حان الوقت لاستبدال "السلطة الفلسطينية" بحكومة دولة فلسطين، فإما أن تعترف دولة الاحتلال الإسرائيلي بها أو تتحول إلى حكومة في المنفى تتخذ من قطاع غزة مقرا لها بعيدا عن السيطرة المباشرة للاحتلال في حال رفضت أي دولة عربية أو أجنبية استضافتها وهذا هو الخيار الأفضل الذي سوف يكون مدخلا موضوعيا لاستعادة الوحدة الوطنية ولو على أساس مرحلي.

إن الدعوة إلى انتخابات لرئاسة "السلطة الفلسطينية" ومجلسها التشريعي تعد خطوة إلى الوراء بعد اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين، فهذه الانتخابات قد اشترطها اتفاق أوسلو لإضفاء شرعية فلسطينية على المشروع الإسرائيلي للحكم الذاتي الفلسطيني، لكن هذا الاتفاق وما تمخض عنه قد تجاوزته الأحداث.

فتحويل دولة فلسطين من دولة على الورق إلى دولة على الأرض بالاتفاق مع دولة الاحتلال وهم لن يتحقق، فهذ مهمة ثورية تحتاج إلى التفكير بمنطق الثورة لا بمنطق الدولة، وتحتاج إلى قادة ثورة لا إلى رجال دولة، وبالتالي فإنها مهمة تستدعي العودة إلى المقاومة وشرعيتها بدلا من الشرعية الانتخابية لاختيار القيادات.

وإذا قرر الرئيس عباس "تمديد" المفاوضات الحالية أو قرر تدويلها في إطار الالتزام باستراتيجية التسوية السياسية عن طريق التفاوض، فإن موسم الحصاد الاستثنائي الذي بدأت دولة الاحتلال منذ ما يزيد على عشرين عاما في جني ثماره الوفيرة بتوقيع اتفاق أوسلو سيء الصيت سوف يستمر.

إن جردة سريعة لحصاد عشرين عاما من استراتيجية التفاوض الحالية تبين أن نتيجتها كانت صفرا فلسطينيا كبيرا، لكن نتائجها كانت موسم حصاد استثنائي للاحتلال ودولته. ولم يعد الوضع الفلسطيني الراهن يحتمل الاستمرار في هذه الاستراتيجية الكارثية.

فالمفاوضات التي يحتكر رعايتها وسيط أميركي وحيد منحاز تماما لدولة الاحتلال ومرتهن لجماعات الضغط السياسي والمالي الصهيونية واليهودية في الولايات المتحدة قد ألغت أي دور للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ومزقت وحدة النضال الفلسطيني، وجزأت الشعب إلى تجمعات منفصلة، وخلقت الانقسام، وأسقطت المقاطعة العربية والدولية لدولة الاحتلال، وحاصرت المقاومة الوطنية حيث لم تستطع إسقاطها.

وكانت هذه المفاوضات مسوغا لاستمرار حصار قطاع غزة الذي وصفه المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) فيليبو غراندي في خطابه الوداعي بجامعة بيرزيت في الثاني والعشرين من الشهر الماضي بأنه أصبح أطول من عمليات الحصار التاريخية التي شهدها القرن العشرين الماضي في ليننغراد (بيترسبيرغ الآن) وبرلين وسراييفو.

وخلقت المفاوضات مفارقات مفجعة مثل مساعي التطبيع العربية السرية والعلنية بينما تتصاعد مساعي مقاطعة دولة الاحتلال في أوروبا والولايات المتحدة وغيرهما، ومثل فتح سفارات وممثليات لدولة الاحتلال وترميم المعابد اليهودية في مصر والأردن وليبيا وتونس وغيرها من الدول العربية بينما يستمر تهويد القدس وانتهاك قدسية وحرمة ثالث الحرمين الشريفين ومسرى النبي محمد ومعراجه وتتسارع الاستعدادات اليهودية والصهيونية فوق الأرض وتحتها لبناء "الهيكل الثالث" على أنقاضه.

ناهيك طبعا عن تضاعف الاستعمار الاستيطاني ثلاث مرات منذ بدء المفاوضات وضم القدس الشرقية وتسارع تهويدها وعزلها عن محيطها العربي والاسلامي جغرافيا وديموغرافيا. وكل ذلك وغيره حوّل الاحتلال إلى "خطر وجودي على المجتمع" الفلسطيني كما قال غراندي.

ومع ذلك استبعد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة حدوث أي "انفجار" فلسطيني في معرض تعليقه على اجتماع عباس مع وفد من كنيست دولة الاحتلال يوم الأربعاء الماضي، قائلا إن الاجتماع ناقش وأدان "القتل والعنف من الجانبين" وأن عباس أكد خلاله أنه "ضد العنف والعودة إلى العنف".

وعبارة "العودة إلى العنف" تشير إشارة واضحة إلى الدفاع عن النفس الذي مارسه الشعب الفلسطيني في انتفاضة الأقصى بعد أن سقط له فيها ما يزيد على ثلاثمائة شهيد خلال الشهور الثلاثة الأولى من انتفاضته السلمية الثانية لم يطلق خلالها رصاصة مقاومة واحدة حسب تقرير منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية في مستهل عام 2001.

لقد كان "العنف" ممارسة من جانب واحد تمارسها دولة الاحتلال كقاعدة وحيدة للتعامل مع الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال أو المشرد في المنافي والمهاجر. ومع ذلك ما زال الخطاب الرسمي للرئاسة الفلسطينية وفريقها التفاوضي يساوي بين عنف الاحتلال وبين مقاومته مساواة تخلط في ذهن الرأي العام العالمي بين المقاومة وبين الإرهاب وتساوي بين عنف الاحتلال وبين عنف الدفاع عن النفس ضده.

وكان عباس في معرض إدانته لمقتل القيادي في الاستخبارات الالكترونية في جيش الاحتلال وشرطته، باروخ مزراحي، قرب الخليل الأسبوع الماضي أكد على استمرار "التنسيق الأمني" مع دولة الاحتلال، لأن "الدم الإسرائيلي" مثل الدم الفلسطيني "دم إنساني غالي" كما نسب القول لوزير الأوقاف في حكومة السلطة الفلسطينية برام الله محمود الهباش" في معرض استنكاره لمقتل مزراحي.

في مقال له نشره يوم الخميس الماضي باللغة الانكليزية، لفت نظر الصحفي الفلسطيني المغترب رمزي بارود تصريحا لنائب وزير خارجية دولة الاحتلال، زئيف الكين، في مقابلة له مؤخرا مع مجلة الايكونوميست البريطانية قال فيه إن الضفة الغربية الفلسطينية لنهر الأردن هي "الجزء الأكثر استقرارا في الشرق الأوسط" هذه الأيام، وفسر بارود السبب في ذلك باستمرار "التنسيق الأمني" للسلطة الفلسطينية برام الله مع الاحتلال ودولته قائلا إن "الإسرائيليين" ما زالوا بحاجة إلى هذه السلطة لهذا السبب بالذات.

* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com

النزاع الأخير/ مفيد نبزو


 غريبا ً أموتُ فيا ويلتاه  ....
يتوهُ بصوتي الأنينُ صداه ....
وآهٌ تسافرُ من بعدِ آه  ....
وحيدا ً وينزفُ جرحي بصمت ٍ ....
ويلفظ ُ عمري بقايا رؤاه  ....
حزينا ً أموتُ فيا وجه أمي  ....
ترافقني كل َّ يوم ٍ خطاه  ....
فضائي يضيقُ يضيق ُ مداه  ....
وجسمي الهزيل ُ ترامتْ قواه  ....
غريبا ً يموتُ معي مولدي  ....
وينطفئ الشمعُ في معبدي  ....
ويختنقُ الدمعُ في مرقدي  ....
وهمسُ الحروف ِ.... صفيرُ الشفاه  ....
زفيرُ الحروف ِ صفيرُ الشفاه  ....
وأرجو من الصبر صبرا ً سواه   ....
فيا لوعة البين ِ يا حسرتاه ....
غريبا ً أموت ُ .....أموت ُغريبا ً
وعندَ النزاع ِ الأخير ِ المريرْ ....
أناجي رفيقي الغريب الإله ............

دفء من معطف الذاكرة وقبس من ثلج القصيد/ رجاء محمد زروقي


" 3 "
**---**---**
وحين نحن التقينا
كثير بك مفرط القلب 
.. كُنــــــت ..
فعزّ على توت "بيراموس" أرجوان إيماء 
تحرر لسان "ايكو"
.....،......
اختبلت الدّنيا ....
 ملكوت المهج 
.... والأشياء
بإغماءة صحو
 وعلى حين رجفة بوح دمعٍ
.. جننــــــــــت .. 
فضاع رشد محيا الطريق 
  أسن نعل النبض إسفلت الحريق
 وللعوْد إليّ 
.. جبنــــت .. 
تفنن وطء لهيب صقيع 
الصدر
 على نهم حرّى 
أنفاس ولهٍ 
طاعن في الشوق
كفنني هدب أقحوان عتب التلاقي 
وبمعاقل سواجع منثور مآقي التداني
.. دُفنـــــــــت ..
*-*-*-*-*-*-*


آفة النفاق الاجتماعي/ شاكر فريد حسن

كثيرة هي الظواهر السلبية والآفات الاجتماعية المنتشرة على نطاق واسع بين الناس في هذه الأيام ، في زمن الرويبضة ، منها آفة النفاق التي تغلغلت في عمق مجتمعنا من الرأس حتى أخمص القدمين ، وأصبحت ظاهرة مرضية نتلمسها في المناسبات وكل مناحي الحياة ، وداخل الشركات والمؤسسات المختلفة ، وحتى بين الزوجين اللذين تربطهما أنبل وأعمق الروابط والمشاعر والأحاسيس الإنسانية الدافئة ، وبات لكع بن لكع يتصدر المشهد الحاضر بكل قوة.
ويتجسد النفاق ويتمثل في التلون والتزلف والتملق والخداع والرياء والإطراءات المزيفة والقبل المصطنعة بحثاً عن المصالح والمطامع الذاتية الضيقة ، وسعياً لتحقيق الغايات والأهداف الشخصية . وهو أسلوب رخيص وسلوك مذموم لأنه ينزع من قلب الإنسان كل الفضائل والقيم الأخلاقية السامية والعظيمة ، ويشل حركة تقدم ونهضة ورقي المجتمع ويتسبب في تقويضه وسقوطه وانهياره . وقد جاء في الحديث الشريف أن النبي المصطفى صلى اللـه عليه وسلم ، قال : "آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان  ".
وللنفاق مساوئ وأضرار جمة ، ولن يتقدم مجتمعنا خطوة واحدة للأمام إذا استمرت هذه  الآفة الخطيرة في الانتشار ، فهي كالسرطان تفتك في الجسد وتدمر خلاياه .
إن التخلص من النفاق يتطلب التنشئة الاجتماعية الصحيحة والسليمة للأجيال الشبابية الجديدة ، والعمل على تهذيب النفوس وتصويب السلوك والأخلاق ، وإشاعة الوعي الجمعي والقيم العليا ، التي تدعو وتنادي فيها الأيديولوجيات والديانات السماوية . وهذه هي مهمة كل المثقفين ورجالات الإصلاح والعاملين الاجتماعيين وأئمة المساجد وكل الغيورين على مستقبل شعبنا ، حتى نجتث ونقتلع هذه الآفة من جذورها ، التي تتعارض مع قيمنا الدينية والأخلاقية .

هل هنالك علاقة بين محاكمات التواصل والموقف من الحرب "المؤامراتيّة" على سوريّة؟!/ سعيد نفاع

هذا التساؤل ليس وليد خيال واسع رحب ولا وليد خلط شأن ليس بنوعه أو ربط أمر بأمر أكبر جللا لتعظيمه، هذا التساؤل يُطرح على ضوء تسلسل للمراحل يفضي المنطق البسيط في متابعة حدوثه إلى نتيجة جد منطقية أن الإجابة عليه هي بالإيجاب بدرجة كبيرة.

بداية إلى بعض الوقائع التاريخيّة: مشروع التواصل وعينيا مع سوريّة على أشكاله، مرّ منذ انطلاقته في تموز ال-2000 بمدّ وجزر وانطلاق وتوقف وليس دائما من خلال معرفة الأسباب، إلى أن توقف كليّة بعد خروج عضو الكنيست السابق عزمي بشارة والذي أسميناه قسريّا حينها واستقتلنا في الدفاع عن هذا الخروج، إلا أن الأيام وتوالي أحداثها صفعتنا بكم كبير من التساؤلات، وبغض النظر أو صرفه توقف المشروع مع هذا الخروج.

التواصل الأهلي المذهبي القوميّ (وفي صلبه رجال الدين العرب الدروز) كان انطلق عام 2003 بمحاولة الخروج إلى لبنان بوفد كبير من رجال الدين وشخصيّات اجتماعيّة أعادته السلطات من على المعبر الأردنيّ، تلا ذلك معركة قضائيّة في أروقة المحكمة العليا الإسرائيليّة على مدى سنتين، انتهت إلى فشل، فخرج رغم ذلك الوفد الأول في أيلول العام 2005، وخيضت معركة أخرى جديدة لم يكن مصيرها بأفضل من سابقتها، وكان المشروع متوقفا كليّا بكل أوجهه والحجة البائنة حرب تموز ال-2006.          

تجدّد المشروع بداية ال-2007 وفي آذار خرج عزمي فتوقف نهائيّا وبعد التقاط الأنفاس جرت محاولات لتجديده فأخذ الأمر على عاتقه كاتب هذه السطور لتردد من رُشحوا للمتابعة في تحمّل المسؤوليّة. فكانت الانطلاقة بوفد المشايخ العرب الدروز أيلول -2007 هو موضوع المحاكمات اليوم، تلا هذه الانطلاقة فتح للأبواب لكل شرائح أبناء شعبنا إلى أن فُتح التحقيق مع كاتب هذه السطور والمشايخ في كانون الأول 2007 فتوقف المشروع، ليعاود انطلاقته مجددا في تموز ال-2010 بوفد إلى سوريّة ولبنان.

هذه الخلفيّة كانت ضروريّة كقاعدة للإجابة على التساؤل موضوع عنوان هذه العجالة.

بدأ التحقيق مع المشايخ والكاتب على خلفيّة الزيارة (أيلول 2007) في وحدة الجرائم الدوليّة (اليحبال) مباشرة بعد عودة الوفد وبشكل مكثّف وبالذات في شهر كانون الأول 2007 وانتهى حينها، وكان الملف جاهزا للتقديم للمحاكمة، ففي ملف المشايخ قال المُحَقّق معهم: "كنّا في سوريّة وبدون إذن من السلطة ونظمنا الوفد وإن كانت الآن أمام مكاتبكم حافلة متوجهه إلى سوريّة سنستقلها"، قانونيّا هذا اعتراف كامل كان بإمكان النيابة تقديمه للمحاكمة خلال أيام وإنهاء المحاكمة خلال أشهر قليلة، إلا أنها لم تفعل.

في التحقيق مع كاتب هذه الكلمات، كانت أقواله واضحة وما امتنع حينها عن قوله زودهم به شاهدهم المركزي (نهاد ملحم) و"بِكَرم" فاق كرم حاتم الطائي مع الاعتذار لحاتم (!)، ومن يومها لم يجددوا شيئا على المواد، وكان المستشار القضائي (كون الكاتب منتخب جمهور) يستطيع التوصية المبدئية بالمحاكمة خلال أسابيع، إلا أن ذلك دام سنة كاملة تبعتها سنة أخرى للتوصية النهائية التي كانت يمكن أن تُعطى هي الأخرى خلال أسابيع.

يُشار هنا إلى أن المستشار القضائي وممثليه للشؤون الخاصة (!) حاولوا طرح صفقة على المحامين المرافعين عن الكاتب، في صلبها الاعتراف بأن سوريّة دولة عدو ومساعدته الناس جريمة إلا أن الكاتب رفضها جملة وتفصيلا مختارا خوض المعركة عل كل ما يترتب عليها من مخاطر.           

مرّت السنون دون أن تحرّك المؤسسة ساكنا وكانت تستطيع البدء بالإجراءات خلال سنة على الأكثر (العام 2008)، إلا أنها انتظرت حتى كانون أول 2011 وقدّمت لوائح الاتهام ضد كاتب هذه السطور وضد المشايخ. فهل انتظرت السلطة كل هذه السنين نظرا للحملة الشعبيّة الواسعة التي رافقت إجراءاتها خلال التحقيق وخوفا من ردود الفعل عارفة أن إجراءها تعسفيّ وتمييزيّ سافر، أم لسبب آخر هي فقط العليمة به؟!

بغض النظر عن هذه التساؤلات فهذا التأخير لا يبرره أي سبب قانوني طبقا للقوانين الإسرائيليّة المرعيّة في هذه الحالة، وإنما واضح هو أن القرار سياسيّ وليس قانونيّا.

كما هو معلوم في بداية ال-2011 انفجرت الحرب العدوانيّة المؤامرتيّة على سوريّة، فكان الكاتب من أوائل إن لم يكن الأول بين القيادات السياسيّة (عضو برلمان حينها) الذي رفع صوته وقلمه ضد المؤامرة ومع القيادة السوريّة وكان "صوتها" في وسائل الإعلام العبريّة المحرّضة. وفي المظاهرة الأولى التي انطلقت قبالة القنصلية الفرنسيّة في حيفا والفعاليّات الأخرى كان مشايخ اللجنة الوطنيّة للتواصل في مقدّمة المتظاهرين استنكارا للحرب العدوانية هذه ودعما لسوريّة وقيادتها الوطنيّة.

فلم تمض أشهر قليلة حتى قُدّمت لوائح الاتهام ضد الكاتب وضدّ المشايخ، وتمّت إدانة المشايخ يوم 2013\12\18 ب"جرم" زيارة سوريّة، وإدانة كاتب هذه السطور يوم 2014\4\6 بال"جرم" ذاته إضافة ل"جرم" مساعدة الناس على زيارة سوريّة "العدوّة" والتقاء "أعداء".

هذا التزامن، أهو وليد صدفة على ضوء كل ما تقدّم؟!

نحن نعتقد جازمين طبقا للتسلسل أعلاه، وبتحكيم المنطق البسيط  أن التردّد المؤسساتي مدى سنوات في تقديم لوائح الاتهام، وهذه الفيقة الفجائيّة أواخر ال-2011 ، ، لم تكن لتحصل لولا هذا الموقف الواضح والعالي الداعم لسوريّة وقيادتها الذي أطلقته ومارسته الحركة الوطنيّة للتواصل ( اللجنة الوطنيّة وميثاق الأحرار) كجزء فاعل من اللجنة الشعبيّة لدعم سوريّة وقيادتها الوطنيّة ضد الحرب المؤامرتية التي تشكل فيها إسرائيل رأس حربة "ظاهرا- مخفيّا" وهي المستفيد الأول والأخير منها وعلى حسابنا نحن الفلسطينيين أولا.  
سعيد نفاع 050-7208450
Sa.naffaa@gmail.com

دَغَلٌ و زَغَب/ كريم عبدالله

هلْ ينبتُ الدَغَلُ بدلَ الزَغَبِ على الصدرِ
إذا إستحالَ اللقاء
وتنتحرُ الفراشاتُ الليليّة
ويسرقُ النهرُ محاراتكِ
ويلفظها بعيداً ؟
كلّما جاءِ الشتاء
خلّفَ شيخوخةً تحتضرُ
فهلاّ ترجّلتي عنْ صهوةِ الأشتياقِ
لتغرقينَ معي
في حلمٍ صغير
مارسي ايّتها الحواء
جنونَ الجسدِ الغارق بالحنين
وأغرسي أنيابَ الظمأِ واللوعة
فوقَ السرير
ودعي ألأحزانَ
تركبُ سفينةَ الأشتهاءِ
في سماواتِ المواجعِ عالياً تطير
أتشيخُ حواءٌ كباقي النساءِ
وتتساقطُ أوراقها كزهرةِ اللوتس
تتدلّى في قعرِ الخيبةِ
آدمُ للآنَ تائهاً بخلجانكِ البعيدة
وقدْ نبتَ الشوكُ على ضفافِ الفؤاد
أيّنا يبحثُ عنْ الآخر في رمادِ الذكرياتِ ؟
وأيّنا يُعمّدُ الآخر في بحرٍ منْ نور ؟
لماذا كلّما أحكُّ أنفَ أرنبكِ المتدثّر بفرائي
تجفلُ طيور السنونو
تحملُ الشهقاتِ على أجنحتها المتعبةِ ؟
ولماذا للآن يبحثُ فمكِ عن شكلهِ
في متاهات فمي ؟!

في ذكرى مجزرة دير ياسين: مجازرنا لم تتوقف/ راسم عبيدات

....مجازرنا لم تنتهي ولن تتوقف جاؤوا الى أرضنا بمشروعهم الصهيوني تحت شعارات خادعة ومضللة،"أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"،ومنذ اللحظة الأولى لغزوتهم،وبعد مؤتمرهم الصهيوني الأول في بازل بسويسرا في آب/1897 وضعوا نصب اعينهم طرد وتهجير شعبنا عن أرضنه ووطنه ،ولذلك كانت العصابات الصهيونية،ترى بأن ذلك غير ممكن إلا عبر المجازر والمذابح،ولترتكب عصابات "الهاجانا"و"شتيرن" الصهيونية مذبحتها بحق سكان قرية دير ياسين،من اجل بث الرعب والخوف في قلوب أبناء شعبنا واهلنا،ليس في دير ياسين فقط،بل في كل القرى والمدن الفلسطينية في الجذر الفلسطيني،من اجل حملهم على الرحيل القسري،ولم تكن مجرزة دير ياسين الوحيدة بل إستتبعتها مجازر اخرى الدوايمة وكفر قاسم والسموع ومخيم جنين وصبرا وشاتيلا وغزة وتلك القائمة الطويلة من المجازر المتواصلة بحق شعبنا دون توقف،ودون ان يرف جفن أو يذرف دمع لهذا الغرب الإستعماري المجرم والمتوحش والمتشدق بقيم الحرية والديمقراطية والعدالة وحق الشعوب في تقرير مصيرها،و"المعهر" لمثل هذه القيم والمبادىء الإنسانية،والمستخدم والمدافع عنها فقط عندما تخدم اهدافه ومصالحه،في وقت يتنكر لها،بل يحاربها حينما تتعارض مع ذلك،فالإنقلاب على الشرعية والرئيس الأوكراني شرعي،في حين استفتاء القرم حول إنضمامها لروسيا غير شرعي؟؟؟،فالديمقراطيتة الأمريكية والأطلسية  المزعومة جلبت الخراب والدمار لشعوبنا وامتنا العربية،فالعراق خير شاهد ودليل على تلك الديمقراطية التي يدفع العراقيون ثمنها حتى اللحظة مئات ألآلاف القتلى والجرحى والمعتقلين والمشردين، والحروب المذهبية والطائفية والقبلية والعشائرية والتقسيمات الجغرافية والجهوية،عدا عن الخراب والدمار والجوع والفقر وإمتهان الكرامة وغياب الحريات والتعددية الحزبية والسياسية وغيرها.

هذا الغرب الإستعماري المسؤول الأول والمباشر عن كل الجرائم المرتكبة بحق شعبنا الفلسطيني لا يأبه ولا يلتفت لمصير شعبنا ولا يتعامل معنا على أساس اننا بشر لنا حقوق كبقية أبناء البشرية،نريد ان نحيا ونعيش في وطن حر ينعم فيه اطفالنا بالحرية والأمن والأمان كباقي بني البشر،بل همه وهاجسه الأول توفير الأمن والأمان والحماية لدولة الإحتلال،فامريكا والغرب المجرم يذرفون الدموع ويزعقون وينعقون رسمياً وشعبياً لمجرد سقوط جريح او قتيل صهيوني،وينعتون شعبنا بأقذع الأوصاف أقلها قتلة وإرهابيون،رغم انهم يخوضون نضالهم وكفاحهم ضد المحتل ووفق ما كفله لهم القانون الدولي من إستخدام لكافة أشكال النضال من اجل نيل حريتهم وإستقلالهم،وهذا الزعيق والنعيق لا نسمعه منهم،بل نرى صمت مطبق او دعوات لضبط النفس،وإيجاد الحجج والأعذار لإسرائيل في ارتكابها لجرائمها بحق شعبنا الفلسطيني،وليس ذلك فقط بل كانت امريكا والغرب الإستعماري المجرم والمتوحش في الخط الدفاعي الأول ضد اي قرارات او عقوبات قد تتخذها او تفرضها عليها المؤسسات الدولية على خلفية تلك الجرائم،لكي تصبح اسرائيل بفعل تلك الحضانة والمظلة والحماية دولة فوق القانون تعربد وتقتل كيفما تشاء وبدون حسيب او رقيب،حتى أن بعض الدول الأوروبية الغربية كبريطانيا واسبانيا وبلجيكا وغيرها عدلت قوانينها،لكي تمنع قضاءها من إعتقال قادة اسرائيل من سياسيين وعسكريين وأمنيين المتهمين بإرتكاب جرائم حرب بحق شعبنا الفلسطيني من الإعتقال والمحاكمة فوق أراضيها على خلفية تلك الجرائم.

والماساة والطامة الكبرى،رغم كل المجازر المرتكبة بحق شعبنا،والتي يفترض ان توحدنا في مواجهة تلك الجرائم والمجازر،وجدنا أنفسنا نقتتل ونوغل في دم بعضنا البعض على خلفية صراعات على سلطة بدون سلطة ومصالح فئوية وحزبية،وقسمنا الوطن جغرافيا على مذبح شهوة السلطة والمصالح والمنافع،وليس هذا فحسب،بل نقلنا صراعاتنا وخلافاتنا الى مخيمات شعبنا في لبنان وسوريا،وكأن شعبنا هناك لا يكفيه ما يعيشه من مأساة  وذل وإمتهان كرامة ومصادرة حقوق في تلك المخيمات.

اليوم في الذكرى السادسة والستون لمذبحة دير ياسين لا زال الجرح الفلسطيني مفتوحاً على مصرعيه،وما زال الدم الفلسطيني ينزف بغزارة،ينزف على مذبح الحرية والعودة،ولكن رغم كل هذا الشلال الغزير من الدماء والتضحيات الجسام والأثمان الكبيرة،لم نستطع ان نحقق اهداف شعبنا في وطن حر ومستقل،بل ما زلنا مستمرين في النضال والكفاح،هذا النضال والكفاح لن يوصلنا  الى هدفنا،إذا ما استمرينا منقسمين ومبعثرين ومشتتين،ومقتتلين على سلطة لا تغني ولا تسمن من جوع،بل هي أضحت مجرد مشروع استثماري في الضفة او غزة لمجموعة من المنتفعين،يغلف أصحابه ذلك بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني،فالمحتل يمارس زعرنته وبلطجته وعربدته على كل طول وعرض جغرافيا الوطن،يقتل ويعتقل ويغتال ويهدم ويصادر ويقيم المستوطنات،ويتحكم في كل مداخل ومخارج حياتنا من الألف الى الياء.

اليوم تصل المفاوضات العبثية المتواصلة منذ عشرين عاماً إلى طريق مسدود،والتي خاضها معنا العدو والمحتل منذ مؤتمر مدريد،على قاعدة التفاوض من اجل التفاوض،وصلنا الى قناعة يلتف حولها أغلب الشعب الفلسطيني،بأن تلك المفاوضات،فقط توجد المبرر والذريعة للمحتل،لكي يشرعن إجراءاته وممارساته القمعية،ويفرض حقائق ووقائع جديدة،كالتطهير العرقي في القدس وتكثيف الإستيطان في الضفة.

فهل تكون القيادة على مستوى طموح الشعب،وتعلن بكل جرأة وبدون لف او دوران،أو تكتيكات بائسة ومضيعة للوقت،بأن هذا المسار مضر وغير مجد،وتغادره الى غير رجعة،على اعتبار انه ثبت بالدليل القاطع وبما لا يقبل التاويل،بأنه لا يمكن"حلب الثور" او"طلب الدبس من قفا النمس"فالمحتل يريد من المفاوضات ان تكون هناك سلطة بدون سلطة وإحتلال بدون كلفة او ثمن،وغزة مفصولة وخارجة عن الجسم الفلسطيني،وأقصى ما يطمح إليه مقايضة حقوقنا الوطنية برشاوى ومشاريع إقتصادية وإستهلاكية،أو إطلاق  سراح مئات الأسرى ممن شارفت احكامهم على الإنتهاء،مع استمرار استخدامهم كملف للإبتزاز السياسي.

في الذكرى السادسة والستون لمذبحة دير ياسين،فلنغادر مسار المفاوضات العبثية،كنهج وخيار،ولنبني إستراتيجية جدية تقوم على الصمود والمقاومة،إستراتيجية تعيد الإعتبار لبرنامجنا الوطني،إستراتيجية تلتف حولها كل الوان الطيف السياسي والمجتمعي الفلسطيني. 

جينا عالغربه/ طوني حنا النسر

جينا عالــــــــغــــــــــربــــــــــــــه جــيـنــا
وشو عْـــــمِـــــــلْـــــنــــــا هَـــــــــــــــون؟
كامسي وبلــمــــور مـــــــــــــــــا نسِينا
ولا بــــــــانـــــكستـــــــــــــــــــــــاون...

دْرستْ بْمدرسْة حكـــــومِــــــــــــــــــــه
مــــــــــــــــــــدِّة شــــهــــــــــــريــــــــــْـــن
والحبـــَّيــْــتــــا مـــَــحــــــــــرومِــــــــــــــه
تـــــغْـــــــمــــــز بــالـــــــــعـــَـــــــيـــــــــن
حلـــــــوِه كتير ومــَــهـــــضـــــــــومِـــــــه
ولــــــــمّـــــــــــا الـــــقـــــــلــــبـــَــــيــــــن
حِكْيو شِفتا مــَــــــــــصـــــْــدومِـــــــــــــه
ومــــــــــــا عـــــــــــادت هَـــــــــــــون...
**
صورة
حْــــمِــلـــتـي إسمــــي بقلــــب القلــــــب
وسكَّـــــرتـــــــي الـــــقــــــلب بـمـفــتـــاح
ومْشيتي عــــــــــــــــــا أصـــعـــــــب درب
كيف بَـــــــــــدُّو قلـــبِــــِك يرتـــــــــــــاح؟

لــــمَّــــــا عْـــــــذابِــــــــــك صــــــــار يْزيد
تذكَّــــــــــرتـــــــــــــــــي الـــــعايش فيكي
ومـــــــــن قلــبـــي رحْــــتــــــــي لبعيــــــــد
وضـــــــــــلّ بْــــنــــــــــــارو يكْـــــويــــكي
وحْملتي الصــــــــــــــــوره بالإيــــــــــــــــد
حتَّـــــى الصــــــــــــــــــــوره تْحاكيكــــــــي
وكلّ مـــــــــــــــــا يخلق ليل جْـــــديــــــــد
تِضْوِيلِك إيـــــــــــــدي المصْـــــبــــــــــــاح,

طوني حنَّا (النسر)

محامون تحت نارين/ جواد بولس

في خطوة غير مسبوقة، نفّذت قوات الأمن الإسرائيلية حملة اعتقالات طالت عددًا من المحامين الفلسطينيين العاملين في خدمة الأسرى الأمنيين. 
بعد أكثر من شهر قضاه هؤلاء المحامون في غرف التحقيق ونقل ملفاتهم إلى النيابات العامة والعسكرية، حرّرت بحق تسعة منهم لوائح اتهام تم تقديمها لمحاكم حيفا والقدس المدنيّتين ومحكمة عوفر العسكرية.
الجديد المقلق في هذه القضية هو اعتماد ما قام به المحامون، في أثناء تأدية واجباتهم المهنيّة، ليكون أساسًا عليه بنيت مجموعة الاتهامات، وجلّها تقديم خدمات لتنظيمات فلسطينية محظورة، وإقامة اتصالات مع "وسطاء معادين" و"جهات معادية". 
من السابق لأوانه الدخول في تفاصيل الاتهامات والقراءة الإسرائيلية للأفعال المنسوبة لهؤلاء المحامين، لكننا نشهد ممارسةً إسرائيلية مدروسة، عند اكتمالها ستصير سابقة تطبق نتائجها على جمهور المحامين كله.
 ما زالت القضية في بداياتها، فأمر منع النشر رفع قبل أيام معدودة، ومع ذلك لم نشهد أي تحرّك جدّي من قبل المحامين والمؤسسات القانونية، وتلك التي تعنى بالدفاع عن الحرّيات.
أخشى أن يكون مرد هذا الصمت والتلكؤ هو إيمان الصامتين بقاعدة: "حيّد عن ظهري بسيطة"، فالنشاطات الموصوفة في لوائح الاتهام، والخدمات التي تدعي إسرائيل أنها محظورة، قدّمها هؤلاء المحامون لتنظيم"حماس" وبعض من قادته، وهي لذلك بعيدة عن "ضواحينا"، وعند البعض هي صمت بطعم الشماتة.
وكي لا يساء فهمي، أؤكد أن جميع التنظيمات الفلسطينية تتصرف بنفس هذه الطريقة، فالحزن الفلسطيني لم يعد كلّه أسود، بل أصبح ألوانًا وكذلك الفرح. سادت الفُرقة قانونًا وشرعًا والنضال "دُكْننَ" فغدت الأولوية تقتضي المحافظة على بضائعنا وعلى زبائننا.    
القضية معقدة وذات أبعاد عديدة وتستدعي، لذلك، متابعة حثيثة على جميع جبهات العمل، وفي طليعتها استنفاد كل هوامش التباحث والنقاش مع الجهات الإسرائيلية ذات الشأن، وذلك ليس فقط من أجل تأمين أكثر النتائج إيجابية للمحامين المعتقلين، بل لتخفيف الأضرار التي قد تترتب على نهايات هذه المحاكم، والتي سيكون الأسرى الأمنيون ضحاياها الأساسيين.
لم تكن مهنة المحامي العامل أمام محاكم الاحتلال الإسرائيلية سهلةً، ودائمًا رافقتها المخاطر والمتاعب، وأحيانًا جحود بعض الجهات والمخدومين. فلقد تزامنت أحداث القضية أعلاه مع حملات هاجمت وانتقدت عمل المحامين في المحاكم العسكرية، وكان الأولى بالجميع أن ينبروا ويقفوا بجانب المحامين المعتقلين ويؤازروهم.
كلّ المصاعب تهون وتصغر أمام تعيير المحامين بموافقتهم العمل والتعاطي مع القضاء العسكري للاحتلال الإسرائيلي، والأكثر إيلامًا عندما يساق هذا الادّعاء على لسان وطني وأكاديمي ويعرض على أنه اجتهاد كاشف لخلل يستوجب محاسبة المحامين عليه "كالمتعاونين" مع سلطات الاحتلال. 
من يطرح هذه المسألة وكأنها شأن حق المحامين اتخاذ القرار فيه والموقف إزاءه، فهو يغلط ويغالط، لأن الاعتراف بقانونية المحاكم العسكرية، صلاحيتها، مكانتها وولايتها، هو قضية على الحركة الوطنية الفلسطينية أن تتباحثه وتتخذ إزاءه موقفًا.
 المأساة، وكم صرخنا إنها المأساة، أن إسرائيل أنهت احتلالها في العام ١٩٦٧ وكانت جاهزة لتفعيل منظومتها القضائية العسكرية من يومها الأول، بينما غاب الموقف الفلسطيني الوطني. مرّت أربعة عقود ولم تجر الحركة الوطنية، مجموعة أو فصائليًا، أي جردة حساب وإعادة نظر، فتوالت السنين ووقفت كوادر هذه الحركة وقادتها أمام هذه المحاكم وقبلوا أحكامها واقعًا محتومًا، وأمرًا من السماء مختومًا. 
من يضرب هذه الحركة على أيديها ويجبرها على قبول هذا الواقع؟ من يمنع قائدًا (ألم يفعل ذلك مروان البرغوثي وأحمد سعدات وقلة أخرى من المناضلين) أو كادرًا أو تنظيمًا أو حزبًا أو حركةً من اتخاذ موقف يقضي بعدم الاعتراف بهذه المحاكم وقوانينها؟
المحامون ليسوا عنوان هذه المسألة، ومن يحاول تحميلهم وزرها يطبطب لمن كانوا السبب، ويغمغم على الحقيقة ويزايد على واقع عانى فيه المحامون من أيام حنا نقارة وفيليتسيا لانجر وليئا تسيمل وعلي رافع ووليد الفاهوم وإلى يومنا هذا. 
البعض يلوم المحامين على سياسة عقد الصفقات مع النيابات، وكأن ما يجري في المحاكم العسكرية هو اختراع فريد لا مثيل له في محاكم العالم وداخل إسرائيل؟ 
بعيدًا عن تقييم هذه الوسيلة القضائية بشكل مهني وموضوعي، دعوني أسأل وأتساءل كيف تبدأ الحكاية؟
 فهل اتخذت الحركة الوطنية موقفًا يقضي بعدم الاعتراف بالمحاكم العسكرية وعارضه المحامون؟ 
هل التزمت الحركة الأسيرة بمثل هذا الموقف وقلبه المحامون؟ 
ألم يلتزم المحامون بمناشير القيادات الموحدة وجميع تعاليمها في سنوات الانتفاضة الأولى؛ قد يصير التاريخ رماديًا لكن الذاكرة تبقى دومًا حمراء. 
إسرائيل تمارس احتلالها بكامل "مجده" وجدّها، وفلسطين تعيش ليلها وجعًا في ليلة الراية البيضاء. نعيش في الزمن الرديء. فعلى المستوى الشخصي مضت ثلاثة عقود دافعتُ فيها عن آلاف من المناضلين والمناضلات. لم أستأثر بأفراد فصيل، ولم يستثنني قادة تنظيم، فكلّهم كانوا إخواني. واليوم، نعيش في زمن الجحود، مناضلون تغيروا وبعضهم بدأوا ينتقون المحامين على "الهوية"، والتضامن يتم أيضًا حسب "الهوية"، فكيف للشماتة لا تحتفل وتتجبر؟ 
نعيش في زمن العجز. الوفاء نزيل المتاحف. دعوا المحامين يجتهدون وخذوا "مساحيكم بني الثوار" وتذكّروا أنّ قيصر ماض في اكتتابه، وفي العتمة، هناك وراء القضبان من هم بحاجة لأبناء الشمس المخلصين يعملون فهم.. كالنمل "عندما يدهمه العدوان، لا يوكل للغير حروبه.. فأيّها النمل لك المجد، ودامت لك روح لم تصلها أبدًا، عدوى العروبة".

الدور السعودي في الأحداث العربية الجارية / شاكر فريد حسن

لم يعد خافياً على احد الدور السعودي المفضوح والمكشوف والمشبوه بما يجري في الأوطان العربية من أعمال فوضى وأحداث متوترة ، وزرع الدمار والخراب فيها ، وتشجيع الانقسامات والفتن والفساد والخطاب الطائفي ، ومحاربة الأنظمة التقدمية ، وتصدير ودعم قوى الإرهاب والتطرف الأصولية والسلفية والوهابية التكفيرية ، مستغلة ضعف هذه الدول من النواحي الاقتصادية وتدهور أحوالها وأوضاعها السياسية .
ويتساوق هذا الدور ويتطابق مع المشروع الأمريكي – الصهيوني التدميري والتخريبي والتصفوي الرامي لضرب محور المقاومة ، وتصفية قوى الخير والثورة والإصلاح والتقدم والتنور ، التي تحتضن القضية الفلسطينية وترفع راياتها في جميع معاقلها ، سعياً لتصفية المشروع الوطني الفلسطيني وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه الكاملة .
ومنذ بدء الأزمة السورية لعبت السعودية ، من خلال وزير خارجيتها سعود الفيصل وبوقها الإعلامي "العربية" ، دوراً تحريضيا يزيف الحقائق ويشوهها  ويتعدى كل الخطوط الحمراء ، وباتت مع مشيخة قطر وسلطنة اردوغان العثمانية من اكبر مصدري السلاح وممولي الإرهاب وموردي المرتزقة إلى سورية للقتال مع المعارضة المسلحة ، وجماعات القتل والعنف وعصابات الإرهاب السلفي التكفيري .
إن سجل السعودية وتاريخها الإرهابي حافل وزاخر بالجرائم الدموية التي يندى لها جبين الإنسانية . وقد عملت طوال الوقت على احتضان جميع المنظمات الإرهابية التي لا تؤمن بحرية الفكر والحوار والاجتهاد الديني ، وتسعى لإزاحة واغتيال كل ما هو عقلاني في ثقافتنا وتراثنا العربي الإسلامي وتسييد الفكر الظلامي الارتكاسي . وأصدر علماؤها فتاوى التكفير التي تسمح بقتل كل من يخالف مذهبها الوهابي ، التي أخذت تأثيرها على الشباب السعودي والعربي . وخصصت السعودية كذلك الأموال المفتوحة الطائلة من أجل تنفيذ أجندتها السياسية وخصوصاً على الدول التي تخالفها مذهبياً ، وهي ماضية في مشروعها التدميري التخريبي والتجزيئي في المنطقة العربية تأكيداً على تبعيتها لأمريكا واحتضانها ورعايتها لقوى التطرف والإرهاب ، وإنها لا تريد الخير للوطن العربي ، وهمها المحافظة على المكانة التي حققها آل سعود في الإبقاء على الملكيات التقليدية .
لكن من الملاحظ أن النظام السعودي بدأ يشعر بالخوف والقلق وأخذ يحس بزيادة تأثير قوة حركات التأسلم السياسي والجماعات السلفية في بلاده وفي دول الخليج العربي التي طالما أنشأها وغذاها ومولها ، نتيجة لحالة التقهقر الفكري والتخلف الثقافي والفراغ السياسي ، التي يعاني منها ويعيشها الشعب المسكين والمظلوم . ولذلك جاء القرار السعودي الأخير بتوجيه ضربة قوية لهذه القوى باعتبار حركة "الإخوان المسلمين " حركة إرهابية ، خشية على نفسه من ارتداد السهم إلى صدره .
إن التآمر السعودي ضد سورية لن يقف عند حد معين ، ولكن تعويلنا على يقظة ووعي الشعب السوري وإدراكه لهول ما يحاك من مؤامرات ودسائس خطيرة تستهدف الوطن وتمزيقه وتفتيته وتخريبه . ولن تتحقق النوايا والأهداف والأحلام السعودية  في سورية الصمود والمواجهة والمقاومة ،  وستتحطم هذه الآمال والأحلام على صخرة صمود سورية وشعبها وجيشها الأبي ، الذي لا ولن يقهر أبداً .

هنا حلب/ جمال قارصلي

هنا حلب ... ومن الغربة كل مخلص من أجلك كتب
هنا حلب ... والحزن يملأ قلوبنا عليك, والغضب
هنا حلب ... وثوار الجولان من أجلك للشهادة رغب
هنا حلب ... وفيدائيوا حوران شدت الرحال إليك كالشهب
هنا حلب ... وأبطال دمشق لنجدتك أرواحهم لك وهب
هنا حلب ... وميامين حمص في البطولة مثالا ضرب
هنا حلب ... وأحرار حماة لكرامتك الدم سكب
هنا حلب ... وأشاوس اللاذقية لعزتك كأس الموت شرب 
هنا حلب ... ومغاوير طرطوس لمؤازرتك على الجياد ركب
هنا حلب ... وشجعان إدلب جاؤا إليك من كل هب ودب
هنا حلب ... وفرسان الفرات من الدير لفديتك بالجود غلب
هنا حلب ... ورجال الحسكة إنتفضوا وكانوا للنصر سبب
هنا حلب ... وبواسل الرقة من ضرباتهم الطاغية هرب 
هنا حلب ... وأسود منبج بحياتهم يفدونك حين الطلب
هنا حلب ... وسورية تنادي: أين ضمير العالم وأين ضميرالعرب


الفجرُ الموعُود/ حاتم جوعيه


حُلُمًا  عَشِقتُكِ   كلُّ  جُرح ٍ   يَشهَدُ         أنتِ  الفِدَاءُ  ودِفءُ  حِضنِكِ  مَعبَدُ 
تِيهي  افتخارًا  يا  فلسطينَ  المُنى          أنتِ السَّنا ، والمَجدُ،  أنتِ  السُّؤدُدُ 
تيهي  بلادي  أنتِ   نبراسُ  الهُدَى         وَمَآثرُ    التاريخ ِ     فيكِ     تُخَلَّدُ 
أنا  في هَواكِ   شذا العروبةِ حَالِمًا   
طولَ  المَدَى وأنا  الأسيرُ  المُبْعَدُ  
هذا    شبابي   في   هَواكِ   أريقًُهُ          وَأرَأهُ  أرخصَ  ما  لديكِ ...ليَشهَدُ  
وَمشاعري..كلُّ المشاعر ِ صغتهَا          حضنا ً وفيرًا .. أنتِ  نِعمَ   المرقدُ  
أحني على التُّربِ الطَّهُورِ وأنحَني         وأمَرِّغ ُ  الجَفنَ   النَّضيرَ   واسجدُ  
أألامُ   إن  غَنَّيتُ   فجرَ  عُروبتي          وأبثهُ    نجوَى    الحنان ِ    وأنشدُ  
مَهما  يطُلْ  دربي  سَأبلغُ  غايتي           وأحَقِّقُ   الحلمَ  الذي   قد   شَرَّدوا 
أقوى  مِنَ  الطَّودِ  الأشَمِّ  عقيدتي          ويَدي  أحدُّ   مِنَ   النِّصالِ  وأصلدُ 
ما  زلتُ  للشِّعر ِ الجميل ِ  منارَهُ           وَعَلى  الغصون ِ الباسقاتِ   أغرِّدُ  
فأنا  ابتداءِ الحرفِ  في لغةٍِ  الفِدَا           وأنا    الكفاحُ     مُعَانقٌ    وَمُجَسِّدُ  
أنا  في انتظار ِ الفجر ِ لحنٌ  ثائِرٌ          وعلى صُروح ِ الرَّفض ِ صوتٌ  يُرعِدُ  
سيظلُّ  شعري  للشُّعوبِ   منارَة ً          فقصائدِي   طولَ   الزَّمان ِ   تُرَدَّدُ 
يا   شعرُ   أنتَ   رسالة ٌ  عٌلويَّة ٌ          تهدي    النفوسَ ،  ونارُهَا    تتوَقَّدُ  
ما  أنتَ  للغزل ِ الجمبل ِ بموطن ٍ          اليومُ      يومٌ      للكفاح ِ    ستنهَدُ 
كأسي  التي   رَوَّيتُها    بسلافتي           خَبَّأتُهَا    حتى     يَحينَ     الموعِدُ 
وَزُهورُ  قلبي  وهيَ  تبسُمُ  للدُّنى          أملُ   الحَيارَى ، والعذارَى   تشهَدُ  
ضَفَّرتُهَا       وبعثتُهَا       نديانة          رَيَّا    العَبير ِ  إلى   شهيدِكِ    يرقدُ 
أنشدتُ  شعري للحياةِِ  وسحرِها          وَسمعتُ   همسَ الرُّوح ِ باتَ  يُرَدَّدُُ   
وَأحَبُّ  أغنيةٍ   لقلبي   في  الهَوَى          أغنيَّةٍ          أمجادُهَا        ستُخلَّدُ  
ضَمَّختُ  شعري  بالفداءِ ، ونفحُهُ          أملُ    الغريق ِ  وَحُلمُهُ    المتورِّدُ   
يا   شعرُ  غَرِّدْ    للبطولةِ   وللفِدَا          وانثُرْ   أريجَكَ    ساحِرًا    يتباعَدُ 
أنا في ربوع ِالقدس ِصرخة ُ ثائِر ٍ         وعَلى جفون ِالشَّمس ِ صوتٌ أوْحَدُ 
كم حاولوا أن يُسكتوا صوتي  وَأن         ..أن   يمنعُوا  النغَمَ  الجميلَ  يُرَدَّدُ  
فصحافة ٌ دونَ  الحذاءِ   ولم  تزلْ          وَكرَ  العمالةِ ،  كم   أبيٍّ    أبعَدُوا 
بعضُ  الجرائدِ    والمنابر  عندنا           دونَ    الحذاءِ      عميلة ٌ    تتقوَّدُ    
أنا  نخلة ٌ  شمَّاءُ   في  دربِ  الفِدَا          لن   تنحني   فالرِّحُ   عنها    تبعُدُ  
أنا  أولُ الشُّهداءِ  آخرُ  مَن  قضَى          وأنا  المَدَى الوسنان ِ..إنِّي  الماردُ  
لن يختقوا صوتَ الإلهِ  بصرختي          فأنا    منارُ   الثائرينَ    أنا    الغدُ 
وأنا   الحياة ُ   بحسنِها    وجمالهَا          وانا    الشَّبابُ ... ربيعُهُ   المُتجَدِّدُ      
إنِّي أرَى   وَجْهَ  العدالةِ   صارخًا          وَأرَى   الضَّميرَ    مُعَذبًا     يتنهَّدُ  
يا أيُّهَا  الشَّعبُ  الجريحُ  إلى  متى          تبقى     أسيرًا     للمَذلَّةِ     تسجُدُ 
والغاصبُ  المُحتلُّ   يرتعُ   عابثا ً          وَمحاكمُ   التقتيش ِ    كم     تتشدَّدُ  
فلنمتشِقْ    علمَ    الكفاح ِ    هويَّة ً        فهوَ   المآلُ    بهِ   المُنى   والسُّؤدُدُ  
فتقحَّمُوا   دربَ  النضال ِ  أشاوسًا         خُوضُوا دروبَ المجدِ  لا  تتردَّدُوا 
يا  ضفَّة َ الأحرارِ شعبُكِ  لم  يزلْ         رمزَ   الكرامةِ ،  والرَّزايا    تشهَدُ 
طفلُ  الحجارةِ   أنتَ   أروَعُ   آيةٍ         هَزمَتْ  زنازينَ  الطُّغاةِ   فأوْعَدُوا 
حَجَرٌ  غدَا   عُنوانَ   شعبٍ   ثائِر ٍ        خاضَ   الرَّزايا    والمآسي   تزبدُ  
يا   أيُّها  الأشبالُ   هَيَّا   وانهضُوا          وعلى صروح ِالغاصبينَ  تمرَّدُوا 
كونوا  المنارَ  لكلِّ   جُرح ٍ   ثائر ٍ         لُجَجُ   الحروفِ   الدَّاميَاتِ   تقلَّدُوا  
وبوحدةِ  الأحرار ِ يسطعُ   فجرُنا          فتوحَّدُوا ... وتوحَّدُوا ...  وتوحَّدُوا     
المسجدُ  المَحزونُ  يصرخُ   كلَّمَا          ناحَت    ثكالانا    وَناحَ      المُبْعَدُ 
ستظلُّ  أرضُكَ    بالدِّمَا   مُحْمَرَّة ً         مَهما   يُرَوذِهَا   السَّحابُ    الأسوَدُ  
لا   تندُبي  أمَّ  الشَّهيدِ   وزغردِي          اليومُ   عُرسٌ   للكرامةِ   زغرَدُوا  
اليومُ   يومُكِ   فانهَضِي  وتطلَّعِي          لعناقِ    مجدٍ     رائع ٍ ،   سَيُوَطَّدُ  
والمَوعدُ   المَنشودُ   ُقدْسٌ   حُرَّة ٌ          يزهُو    الزَّمان ِ    وليلُنا      يَتبَدَّدُ   

                         (  شعر : حاتم  جوعيه  - المغار - الجليل -  فلسطين )