يدُ الحفيد!/ انطوان السبعلاني



أغْلى  يَدٍ مُدَّتْ  إليَّا                       
                                              يا  نِعْمَةَ  اللهِ عليَّا
مَنْ ذا يُصدِّقُ  أنَّني                       
                                                  قدْ عُدتُ إنساناً فتِيَّا! 
 أَعْدو كما يَعْدو... وإنْ                            
                                                  أُتعبْ  أنا،  يُسْرعْ  إليَّا 
أنا لستُ أخشى في غَدي                         
                                               عُمْراً مَضَى، وغَداً خَفِيَّا
ومَعي   يدٌ  يَغْفو  الربيعُ                             
                                                بِها ...وقلْ في مُقْلتيَّا
كتبَ الحفيدُ قصيدتي                          
                                                   بِيَدي... وما غيَّرْتُ شيَّا
سَرقَ  القلوبَ  بحبِّهِ                                
                                                  لم يَبقَ مِن قلبٍ  لديَّا
يَنْهى  ويأمرُ . ها أنا                                 
                                                   مَهما يكنْ أرفعْ  يَديَّا
كتبَ الحفيدُ على يدي                           
                                                       أَفْديكَ يا جَدي الأبِيَّا  
 أحلى سَمِيٍّ عِنْدنا                                  
                                                                     غنَّيْتُكَ  الشِّعرَ النَّدِيَّا                             
  ومشيتُ باسْمكَ في الورى                             
                               
                                                      فمشى النَدى في راحَتَيَّا
                                                               
  اسْميْ على  اسْمِكَ واحدٌ                                   
                                                               يا  نازِلاً  فيهِ  وفِيَّا ! 



الارض الفلسطينية واحدة كذلك شعبها/ ابراهيم الشيخ

في يوم الارض وفي كل مناسبة وطنية أو احتجاج ترفع الاعلام الفلسطينية في مناطق الداخل الفلسطيني أي أراضي 48 كما يحلو للبعض تسميتها، ترفع الاعلام كدليل على ان اصحاب هذه الارض ما زالوا متمسكين بها ويجمعهم هذا العلم بغض النظر عن مكان وجودهم في ارض الجليل ام في الضفة ام في قطاع غزة ام في الشتات.
 ترفع الاعلام الفلسطينية كردة فعل على سياسة التعسف والقهر التي تمارسها دولة الاحتلال العنصرية التي تسعى الى طرح حلول تهدف الى نزع الشرعية عن سكان الارض الاصليين من خلال طرح قبول يهودية الدولة من قبل الطرف الفلسطيني المفاوض، لكي يكون باستطاعتها مستقبلا تهجير ما تبقى من سكان فلسطين الاصليين أو الانتقاص من حقوقهم في المستقبل. 
ان يهودية الدولة حل غير مقبول من فلسطينيي الداخل الذين سيكونون الخاسر الاكبر، وهذا الحل يمس بمستقبلهم على هذه الارض، وكذلك السلطة الفلسطينية يجب عليها ان تحارب وبحزم هكذا حلول، وافهام اسرائيل بأن طرح يهودية الدولة من الخطوط الحمرا التي لا يمكن للسلطة الموافقة عليها وتجاوزها لانها تمس بمستقبل ووجود مليون ونصف فلسطيني.  
فالفلسطيني وخاصة اللاجئ الذي يعيش في المنافي القريبة والبعيدة عن أرض فلسطين، عندما يقول فلسطين فإنه يقصد ارض فلسطين أي كامل فلسطين التاريخية، وليس فقط الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، وخاصة ان السلطة الفلسطينية ومن خلال سياستها التفاوضية تزرع في نفوس الفلسطينيين وفي عقولهم بأن دولة فلسطين ستقام في هذه المناطق دون النظر والعودة الى القرارات الدولية، وخاصة قرار التقسيم رقم181  والقرار 194 الذي ينص على حق اللاجئين وحقهم بالعودة الى ديارهم التي هُجروا منها قسرأ من خلال سياسة القتل والمجازر وهدم البيوت لاجبار الفلسطينيين سكان الارض الحقيقيين على الهجرة وجلب اليهود من كل بقاع الارض الى فلسطين.
ان القضية الفلسطينية ليست قضية الاراضي التي تقع تحت الاحتلال فقط، وانما قضية مليون ونصف فلسطيني الذين يعيشون ضمن دولة ما يسمى إسرائيل، ويجب على اي سلطة فلسطينية حالية أو قادمة على عدم تجاهل وجدودهم وعل انهم تابعين لدولة الاحتلال، وان لا تتصرف وكأن مشاكلهم ومستقبلهم لا يعنيها فهم جزء من الشعب الفلسطيني،  وان نضال هؤلاء الفلسطينيين لا يقل اهمية عن نضال الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية من خلال الدفاع عن الارض الفلسطينية وافشال المشروع الصهيوني على ارض فلسطين. 
ان رفع العلم الفلسطيني داخل الخط الاخضر من سخنين الى عرابة وفي معظم مناطق الجليل الفلسطيني لهي دليل على ان الشعب الفلسطيني واحد، وان سياسة دولة الاحتلال التي تحاول شق وحدته ان كان ذلك في الداخل الفلسطيني او في المناطق المحتلة عام  1967 ، قد فشلت من منع ابن غزة او ابن الضفة التضامن مع ابن الجليل الفلسطيني وبالعكس.
ان الرد على دولة يكون بالتضامن والوحدة بين مكونات الشعب الفلسطيني بغض النظر عن مكان وجوده ومحاربة هذا العدو بجميع انواع المقاومة التي تشكل الرد المناسب على عنجهيته وعدم الاذعان له ولأي قيادة تريد لهذا الشعب الاستكانة وعدم مقاومة الاحتلال، فالمقاومة هي حق لكل الشعوب التي ترزح تحت الاحتلال، والشعب الفلسطيني ليس استثناءأ. 

ونِـعْـم الأشقاء/ محمود شباط

ورثت سعادُ عن أبيها نصفَ أرضهِ ونصف بيته، بقيت في وظيفتها وبقي الوريثُ الآخر في نفق البطالة والضياع والسهر وبناء قصور الرمل. ظل شهيم على طفيليته وقسوته، ظل يبيع الأرضَ قطعةً إثر أخرى، يُعـكِّـر صفوَ حياةِ أمه وأخته كل يوم، ويفتعل المشاكل مع أي خطيب محتمل لسعاد. 
بعدما باع شهيم آخر ممتلكاته قال لأمه وأخته بأنه سوف يبيع حصته في البيت إلى رجل عُـرِفَ بسوء سمعته فخافت سعاد على سمعتها واضطرت لدفع نصف راتبها  كل آخر شهر إلى "الشهيم". 
استمر مسلسل التنكيد والابتزاز، بلغ العقوق ذروته يوم هدد أمه بنشر أخبار مشينة عن أخته فقالت له الوالدة : إلا هذه ، خذ ما تريده منا واترك لنا شرفنا وسمعتنا. انتهت الصفقة بتسجيل إرث الأخت باسمه، ومجوهرات الأم في جيبه، احتفل شهيم بفرحته بانتصاره عليهما وخمر حتى الثمالة، انطلق بسيارته بسرعة، لم يغب طويلاً، وحين رجع عاد جثة في سيارة الإسعاف. 

الشعور بالانتماء/ سهى بطرس قوجا

كما لكل زهرة في الحياة بستانها الخاص الذي تنتمي إليهِ وتحسُ فيها بالأمان، كذلك لكل إنسان انتماء خاص لأرض ما مُرتبط بها روحيًا وفكريًا ولكن قد لا يشعر فيها بالأمان ... كيف!
أنت غصن من هذه الشجرة، تنتمي إلى هذه العائلة وتُلقب بها، أنك أيضًا وجدت في أرض تنتمي إليها وتتسمىّ باسمها ويُكتب اسمها في أوراقك أينما حللت وتُعرف بها، فالانتماء شعور غريزي ولدت وتربيت عليه، ومثلما تعرف بأنك تنتمي إلى هذه العائلة فكذلك يكون انتمائك لأرضك وتربتك التي جبلت منها وارتبطت بها ارتباط أبدي روحي ومُقدس. لكن في ظل ما تمطرهُ سحب السماء المُتشكلة من كل مما على تلك الأرض ذاتها، قد يُضعف هذا الشعور ويخنقه ويجعلهُ يضمحل ويتلاشىّ ويصبح غريبًا عن ديارهِ ويذهب بعيدًا في الأصقاع حيث ضياع الهوية واندثار اللغة وضعف الولاء وعدم الإرساء على أعتاب وطنًا! نعم ننتمي لإرضًا ولكن فيها قد لا نشعر بالأمان والاطمئنان، مما يحملنا على القلق والخوف والحيرة والتشتت من القادم المجهول واهتزاز الأرض من تحت أقدامنا وعدم المقدرة على ترسيخ الثبوت!  
من مِنَ البشر لا يتمنى أن يكون في أرضهِ راسخ كما هو كل شيءٍ راسخ؟! ولكن هذا الرسوخ يأتي من يقلعهُ من جذورهِ ويرميه بعيدًا في تربة أخرى ليثبت فيها وينمو ويكبر، لكن بشعور اللانتماء وإن كان مُنتميًا! بمعنى قد يرتبط بتلك الأرض ولكن ولا يمكن أن تكون في يوم من الأيام لهُ، كونها احتوته فقط ولم تولدهُ والفرق كبير بين أن تكون صاحب أرض وأن تكون ضيفًا ولاجئًا، أن تكون فرعًا بدل أن تكون الأصل!  
اليوم هذا الضعف بالانتماء واضح كثيرًا وأصبح يُتعب ويُرهق ولكن ليس الجميع، هنالك من لا يزال مُنتمي وهناك من يُريد أن يقتل هذا الانتماء بأي شكل من الأشكال، أنها دائرة المصالح والبقاء للأقوى التي تدور دورتها لتُحيط بالكل وإن كان رافضًا! وهذا ليس غريبًا في بلدٍ تمزقهُ الحروب والصراعات والتفرقة والعنصرية والتعصب المُقيت.
كثير من شباب اليوم المُغترب يُعاني من مشكلة ضعف الشعور بالانتماء، وهذا لا لومَّ فيهِ عليهم، كونهم وجدوا أنفسهم في واقع مختلف عن واقع أتوا منهُ قد أبصروه وقد لم يبصروهُ! نعم فئات كثيرة لملمّت ما تبقى من أشلاء وغادرت إلى حيث ما تتطلبهُ والمفقود في ديارهم! وهذا الضعف بالشعور تولد من السلبية لكل ما هو قائم والانقياد الأعمىّ، ومن اللامبالاة بالحياة وبالكيان الواحد ومن عدم تحمل المسؤولية! أصبح مصير وجود شعبًا اليوم في بلد مثل العراق متوقف تمامًا على حبات الرمل الصغيرة الناعمة والدقيقة الموجودة في أحدى بُصيلات الساعة الرملية التي كانت تستخدم في زمانًا ما، تتقطر حبةٍ حبة إلى أن تنتهي بالانتظار، يبدأ العدّ التنازلي لهذه الحبات وهي توقع نفسها في البُصيلة الثانية من أجل الانتهاء التدريجي! هكذا أصبح الواقع اليوم، الوجود في اضمحلال والأرض في انكماش والأغلبية مشغولين بأمور أخرى مع علمهم بهذا ... ولكن لا نفع للكلام ما زال أن لا أذن تسمعهُ ولا يدّ تنفذهُ؟! يرفعون الرايات وينادون بالحقوق ولكن أين هي من الواقع الفعلي؟! تبقى مجرد شكليات وقتية من أجل أعلان الفعل الميت، أنها مجرد طريق تؤدي إلى آخر في الحسابات!
الانتماء هو إحساسك وشعورك ووجدانك، هو التأثر الإيجابي بمختلف الأحداث والمتغيرات التي ترافق بلد مُنهك وليس العكس، أن تكون منتمي بمعنى أن تعرف كيف ترفع من شأن بلد وكيف توحد الكلمة وكيف تقوي التوجه وكيف تغرز وتعزز هذا الشعور في الآخر؟ خدمة الأوطان لا تكون بالكلام والتنافس بل هي بالوعي وتقوية وتعزيز الموقف وتأهيل كيان من أجل النهوض، هكذا تُبنىّ الأوطان وهكذا يكون الانتماء بالبذل من الأعماق.
 ويبقى أن نقول:
ـــ أن الأرض هي الأم الحقيقية، أم الكل، هي من نعمنا بخيراتها وهي من رأتنا منابع الحنان والجمال الحقيقي، وهي أول من تحملنا الذكريات إليها.
ـــ يبقى الحبَّ والإخلاص والدفاع والاعتزاز والولاء غريزة ولدت في الإنسان للحفاظ على بيتهِ ووطنهِ حتى وإن كان بعيدًا عنها بُعد قارة عن أخرى.
 ــــ يبقى هذا الشعور وهذه الغريزة تجري في عروق كل غيور مُقيد بحبَّ وطنًا وتجعلهُ ساعة الساعة كالأسد المُتربص لفريستهِ لينقض عليها.
ــــ يبقى الوطن والأرض تلك الزهرة الجميلة المستلقية على سفح جبل، ويبقى الإنسان كالنحلة التي تمتص الرحيق منها، لا استغناء لهُ عنها ولا نهوض لها ألا به.
ــــ يبقى اسم العراق لا يتغنى به من دون عراقييه.  

إنتهى الكلام .. "السيسى رئيسا لمصر"/ مجدي نجيب وهبة

** الحمد لله .. تحقق دعائنا وأملنا فى إنقاذ مصر من براثن سيناريو مؤامرة 25 يناير .. الحمد لله الذى حقق ما كنت أدعو إليه منذ بداية هذه النكسة ، بعد أن رأيت كل هذه الأحداث ، وقرأت وتوقعت كل هذه السيناريوهات ، بل ووثقتها من خلال كتابة أكثر من 1000 مقال تم نشرهم بين جريدتنا الإلكترونية "صوت الأقباط المصريين" .. وبين العديد من المواقع والصحف الإلكترونية الصديقة .. ففى جريدة الحوار المتمدن الإلكترونية فقط ، تم نشر أكثر من 500 مقال على مدار عامين حتى تاريخ اليوم .. وهذا بخلاف ما تم نشره بجميع المواقع والصحف الإلكترونية ..
**دعونى لا أتحدث عن نكسة 25 يناير بإعتبارها ثورة أطاحت بحكم مبارك كما يزعم الكثير .... بل أتحدث عن نكسة 25 يناير بإعتبارها مؤامرة كانت تهدف إلى تدمير وتقسيم الدولة المصرية ..
** عندما كتبت مقال فى إبريل 2011 ، وعنوانه "الجيش هو الحل" .. إنتقدنا الكثير وهاجمنا بعض الأقلام السوداء ، ولكننا ظللنا نحلم بيوم الخلاص حتى لو إختلفنا مع كل من المشير السابق "محمد حسين طنطاوى" ، والفريق السابق "سامى عنان" ، وبعض أعضاء المجلس العسكرى .. وتساءلنا فى نهاية المقال "هل لا يوجد فى الجيش المصرى رجل وطنى شريف ينقذ هذا الوطن؟" ..
** وبالفعل .. تحقق الأمل وتحقق الحلم .. الأن تستطيع أن تعيش فى مصر وأنت مرفوع الرأس .. مطمئن على نفسك وعلى أسرتك وأبناءك وعلى الوطن ..
** بالأمس .. خرج علينا المشير "عبد الفتاح السيسى" ، الزعيم المصرى فى حديث من القلب إلى الشعب المصرى .. بعد أن تقدم بإستقالته من منصب وزير الدفاع ، ليعلن عن ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية ..
** خرجت كلمات المشير "عبد الفتاح السيسى" بصعوبة بالغة وهو يعلن عن تخليه عن الزى العسكرى ، ولكن عزاءه الوحيد أنه سيدير معركة أشد شراسة من منصبه كوزير للدفاع ، ليتولى منصب رئيس مصر ، فى ظروف غاية فى الصعوبة .. ولكن كان خطابه كاشفا من القلب الذى يعتصره الألم والحزن لما تتعرض له مصر من مؤامرات داخلية وخارجية ..
** لقد صدق المشير عندما قال فى مستهل كلمته بالأمس "لا يستطيع أحد أن يصبح رئيسا لهذه البلاد دون إرادة الشعب" ..
** كان نداء الرئيس "السيسى" بعد تلبيته لمطالب الشعب .. هى دعوته للعمل الشاق والجاد ، وليس مقبولا أن نظل نعتمد على الإعانات ..
** كانت رسالة الرئيس "السيسى" والتى تعبر عن رأى 90 مليون مواطن مصرى ، الموجه إلى العالم الخارجى وإلى جرذان الإرهاب .. قال "مصر ليست ملعبا لطرف داخلى أو دولى ، ولن تكون .. فمصر لا تتدخل فى شئون الأخرين ولا تقبل التدخل فى شئونها" ..
** قال الرئيس "السيسى" .. "الوطن لكل أبناءه دون إقصاء أو إستثناء أو تفرقة .. فلا للتفرقة ولا للإرهاب ولا للعنصرية .. لا فرق بين مواطن مسيحى ومواطن مسلم .. الجميع تحت سقف القانون .. مواطنين مصريين ، بل سيعود شعار "الدين لله والوطن للجميع" ..
** سيعود بناء الكنيسة بجوار الجامع .. يرفرف على قباب الكنيسة حمامات السلام ، وترفرف على مآذن المساجد الحب والتسامح والتآخى .. فالجميع هم مواطنين مصريين يعيشون فى وطن واحد ، وطن يعيشون فيه ، ووطن يعيش فيهم" ..
** كانت عبارات الرئيس "السيسى" صريحة وواضحة ، فعندما تحدث عن المستقبل ، قال "إن صناعة المستقبل هى مسئولية الحاكم وشعبه ، ولن ينجح الحاكم بمفرده .. بل بالعمل وتأدية الواجب" ..
** لقد أشعرنا الرئيس "عبد الفتاح السيسى" أن مصر عادت لدورها التاريخى وهيبتها ودورها الريادى فى المنطقة ..
** بالفعل كان قائدا عندما أعلن أنه علينا أن نواجه التحديات بكل شجاعة .. فليس مقبولا أن يعانى شبابنا من البطالة .. وليس مقبولا أن لا يجد الشعب المصرى العلاج لمواجهة المرضى ..
** تعهد الرئيس أمام الشعب أن يبذل كل ما يملك لتوفير الحياة الكريمة وتوفير الأمن والحرية ..
** تعهد الرئيس السيسى وتوعد أنه لن تكون أرض مصر مباحة للبعض كما عانينا عهود كثيرة .. وقد آن الآوان أن تعود لمصر دولة القاون ، وأن يتوقف هذا العبث والإستهتار فورا ..
** تعهد الرئيس السيسى أمام الشعب أنه سيظل يحارب من أجل مصر .. ومن أجل أن تكون خالية من الفساد والخوف والإرهاب .. بل أكد فى أكثر من عبارة "سنقف بكل حسم ضد المتآمرين والإرهابيين .. ولن ننسى كل من ساند مصر ووقف بجوارها .. كما لن ينسى الشعب كل من وقف ضد مصر وتآمر عليها وهاجمها" ..
** تهانينا للرئيس .. الزعيم .. القائد "عبد الفتاح السيسى" رئيسا لمصر .. حفظ الله مصر وحفظ شعبها وجيشها الباسل .. وقضائها الشامخ .. وشرطتها الوطنية !!..
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

الأقصى بين المطرقة والسندان/ محمد محمد علي جنيدي

شغلونا بأنفسنا، وصنعوا منا وفيما بيننا خصوما متناحرة، واختفوا من مشهد العداوة تماما، فلم نعد نرى حبيبا إلا منا ولا عدوا إلا فينا، تمزقت الأسر حتى أصبح الحليف أبي والخصم أخي، باعوا لنا الداء ووهم الدواء، أصبحا سوقا لأسلحتهم ومرتعا لتجاربهم، تحولوا من مغتصبي الأرض ومهدري العرض إلى أصدقاء اليوم وتحولنا من البنيان المرصوص الذي كان يشد بعضه بعضا إلى الذي أصبح على شفا جرف هار يكاد أن ينهار به في نار الدنيا والآخرة.
كانت القدس يوما مدينة العروبة المغتصبة وكان الأقصى هو مسجد المسلمين الأسير، كانت لنا قضية واحدة وعدوا واحدا، تفضحه أشعة الشمس كل صباح ويعريه ضوء القمر كل ليلة، كنا أبناء مصر والوطن العربي وكأننا على قلب رجل واحد، واستطاعوا بمكرهم وكيدهم أن يدخلوا أرضنا تحت دعاوى السلام الوهمي ولم ينسوا يوما أو ساعة بأننا هدفهم الوحيد، فلم يكلوا ولم يملوا حتى يخرجوا من مشهد العداوة وأن يصنعوا عدوا من أنفسنا فنقتتل بسلاحهم ونطعم أنفسنا بثمار أمراضهم، فأورثوا عقولنا التغريب والتجهيل بديلا عن ثقافة ديننا ولغتنا وأرضنا فأصبحنا لقمة سائغة إن أرادوا أكلوها أو لفظوها، فتاهت قضيتنا الأم ولم يعد لها في قلوبنا ذكرا.
والآن وقد سقط الأقصى الأسير بين مطرقة العدو وسندان الجهل والعداوة فيما بيننا، هل يمكننا أن نفيق من غفوة طالت بنا أم لا نفيق إلا على يقظة تكاد أن تطيح بتاريخنا كله على نار لن تبقى ولن تذر.



الجريمة الكاملة/ ماهر طلبه

"كلانا مظهرٌ للناس بغضاً / وكل عند صاحبه مكين "*
فى ليل مثل هذا الليل ، خرجت ليلى من خيمتها، كانت ترتدى النقاب، لكن قيسا -الذى يراقب الخيمة كل ليل-  عرفها رغم نقابها.. انتظر حتى مرت من أمامه وعبرته، ثم تابعها بنظره حتى اختفت، وأسرع خلفها..
سأله المحقق: لما أسرعت خلفها؟!
قال قيس: لأعلم ..
***
استمر قيس فى تتبع خطوات ليلى التى تتركها على رمال الصحراء، كانت تبتعد عن خيامهم.. ربما لم يلاحظها القمر لذلك لم يتبعها، لكن قيسا سار على خطوها.. كان شكه كما يبدو فى محله.. فليلى تقترب بالخطوات من خيمة بن ورد..
سأله المحقق: من أين لك بخطوات ليلى حتى تدعى أن هذه الآثار لها..؟!
قال قيس: أعرفها
***
على باب الخيمة فقدت  خطوات  ليلى انتظامها، ربما لأنها فى لحظة اللقاء بابن ورد لم تصل لصدره لتلقى عليه ثقل الجسد فخرجت مشاعرها المضطربة عبر الخطوات..  قيس تفحص الأثر، ثم نظر إلى القمر الغافل عنها.. كان كل ما يريده شاهدا.. لعل العالم من بعده يعرف سرهما
سأله المحقق: كيف...؟!
قال قيس: بالكلمات ..
***
اقترب من الخيمة ، كان الصمت يلف الصحراء، كأنه متواطئ ، مشارك فى جريمة لا يعرف بها إلا قيس.. قطع الصمت فجأة ضحكة تعالت حتى أنها دهنت صمت الصحراء بالبهجة, رمل الصحراء بالأخضر، فلفتت نظر القمر الغافل فالتفت ناحيتها، ضوؤه المرمى على خيمة بن ورد عكس ظلين متقابلين عاريين كانا على وشك أن يبوح أحدهما بسره للآخر.. رأى قيس الضوء ولمح من خلاله الشبحين.. وتنبأ بالسر الذى سوف يباح به.. لكنه لم يتحرك.. كأنه أصيب بالشلل.. فترك نفسه ليسقط على الرمال وانتظر..
سأله المحقق: ماذا كنت تنتظر؟!
قال قيس: معجزة..
***
تحركت الظلال المتقابلة.. لم يعودا ظلين.. فقد اجتمعت معهما شياطين الجن والإنس.. امتلأت الخيمة بالحركة... بالرياح العاصفة.. الأنات التى تشبه صوت ريح الصحراء.. بالأنفاس اللاهبة الحارقة... وصل صهدها إلى وجه قيس.. فأخفى عينيه بيده وحاول ألا يستعيد المشهد مرة أخرى.. لكنه فى داخله كان يريد أن يتأكد من شئ واحد.. أن ما سيفعله سيحفظه التاريخ.. فرفع وجهه إلى القمر.. كان القمر غارقا فى بحر الاشتهاء والتمنى،  تتقاذفه أمواج الرغبة الجامحة؛  فبدا بوجهه الأحمر كأنه يشتعل... حزن قيس وتمنى فى داخله اختفاء الشاهد؛ لعله يمحو من داخله صورة – سيحفظها التاريخ - ليلى العارية المنعكسة ظلالا على جدران الخيمة..
كان المحقق ينتظر ..
وكان قيس صامتا ..
***
لم يجد قيس بدا من التحرك، فالشاهد لم يعد شاهد عدل.. ربما أغوته هو الآخر شفتا ليلى.. تحرك فى اتجاه الباب  مقاوما ذلك الإحساس الذى يحاول أن يهزمه.. "إنها ليلى.. الحب والحياة.. الشعر والكلمات.. السعادة المقتنصة والفرصة الضائعة "... على الباب توقف ليتأكد أن القمر مازال حاضرا.. أن الضوء المتسلل للخيمة ليس وهما من خياله.. أن الأصوات مازالت تتوالد وتتكاثر فى داخلها.. أنه حى لم يقتله بعد ما شاهده مرسوما على صفحة الكون،على قماش الخيمة.. اندفع داخلا.. الرمل حجز قدميه لحظات كانت كافية  كى يرى المشهد ملء العين.. يتأمله وينقله لعقله الغافل الساهى المغيب.. غيره كان سيصاب بالجنون،  لكنه فى لحظتها تواردت على رأسه أبيات الشعر وموسيقاه تعزف ألحانا تصلح لأبيات تسكنها الخيانة..  لم يكن يملك الورقة والقلم.. ولم يكن عنده الوقت ليكتب كما اعتاد دائما على رمال الصحراء..  فهجم على ليلى.. أخرج الفزع بن ورد عن حاله.. فأسرع بجلده هاربا.. كان قيس يحاول أن يعبر القصيدة التى تطارده الآن.. "عرضت على قلبى العزاء فقال لى / من الآن فايأس لا أعزك من صبر"** ..  كان يحاول أن يحولها لواقع، فيضغط بقبضته التى تنطق الحروف على رقبة ليلى .. فتخرج الأنفاس منها بحار شعر وقوافى تكمل له قصيدته.. حتى وصل بيته الأخير.. "إذا بان من تهوى وأصبح نائيا / فلا شئ أجدى من حلولك فى القبر"**.. الأنفاس تتلاحق وتتوقف.. يسابق ليلى وتسابقه... توقفت الحركة.. انكفأ بجانبها.. لم يتح للقمر أن يرى وجه ليلى، ولا أن يلمح ظلها  لأنه كان منشغلا بهذا الفار عاريا كأنه خارج لتوه من رحم أمه.. مغطى بفضلات الميلاد.

*- البيت لليلى
** البيتان لقيس

mahertolba@yahoo.com

مرورُ 20 عامًا على وفاة ِ الموسيقارِ المصري الكبير أحمد فؤاد حسن/ حاتم جوعيه

     لقد  مرَّ   20  عامًا على  رحيل  الموسيقار الكبير " أحمد فؤاد حسن "  صاحب وقائد الفرقة الماسيَّة  التي صاحبتْ وواكبت كبارَ النجوم ِ  وعمالقة الطربِ في العالم ِ العربي ...   ونقيب  المهن  ِ الموسيقيَّة  ورئيس   جمعيَّة المؤلفين والملحنين  وعضو المجلس الأعلى للثقافةِ  والأستاذ بكليَّة ِ التربية ِ الموسيقيَّة سابقا ًالذي أعطى وقدَّمَ للحياة ِالفنيَّةِ الكثيرَ من الأعمال ِالموسيقيَّة ِ والغنائيَّةِ  رفيعةِ  المستوى  ذات الإحساس العميق  الرائع  .  
           وُلدَ الموسيقار  " أحمد فؤاد حسن "  في مدينةِ القاهرةِ عام  1928  وكانَ  لهُ  عشق ٌ وشغفٌ  للموسيقى والغناءِ  منذ  صغرهِ ... ثمَّ التحقَ بمعهدِ فؤاد   الأوَّل   للموسيقى  وقدَّمَ   في  حفلِ  ِ تخرُّجهِ  بعدَ  أن  أنهى  دراستهُ الموسيقيَّة  في هذا  المعهد  ، قطعة ً موسيقيَّة ً  بعنوان : " البوهيميَّة " نالت إعجابَ الجميع ِ .  وكانَ   من زملائهِ  في المعهدِ  عبد الحليم حافظ   وفايدة كامل  وكمال الطويل  .   وعندما  لمعَ نجمُ عبد الحليم حافظ  في الغناءِ َظلَّ ُمتمَسِّكا ً  بصداقتِهِ  وزمالتهِ  لأحمد فؤاد حسن  .    وفي أوائل ِ الخمسينيَّات  كوَّنَ فرقتهُ الموسقيَّة التي سمَّاها " الفرقة الماسيَّة "  التي شاركت في إحياءِ العديدِ  من الحفلات  والمهرجانات  الفنيَّة   ،  وقد أخذَتْ  مكانتهَا  الحقيقيَّة الواسعة  في  مصر  والعالم العربي ،  وشاركت أيضًا  في جميع المناسبات العربيَّة   والسياسيَّة  وحقَّقت  نجاحًا  باهرًا  منقطعَ النضير  .  وسافرت في جولاتٍ عديدة  في كل من  دول  أوروبا وأمريكا  واستراليا  . وقد  توطدت علاقة ُ أحمد فؤاد حسن  بالموسيقار الراحل  محمد عبد الوهاب  فطلبَ  منهُ الأخير العملَ  معهُ   ، بفرقتهِ  ،  رغم وجودِ  فرقة  الفنان   " أنور منسي "  التي كانت تلازمهُ دائمًا وترافقهُ في أعمالهِ  وحفلاتهِ  .   وقامَ  بتنفيذِ الحان ٍ تركها  محمد عبد الوهاب ،  مثل :  " يا هَجرني "  لأحمد شوقي  ،  ولبَّيكَ اللهمَّ  لبَّيك  "  لاحمد شفيق  كامل ، " ويا حياتي "  لحسني السيد ،  وإعادة توزيع أغنية  " الكرنك  " المشهورة  لمحمد عبد الوهاب  .   ومن  مؤلفات  أحمد فؤاد حسن  الموسيقيذَة  " المولد "   والتي أصبحت  اكثرَ الأسطواناتِ الموسيقيَّةِ  توزيعا ً  على مدى ربع قرن  ،   وكما  قدَّمَ أكثرَ من  150  لحنا موسيقيًّا  ، من أشهرها :  " حكاية حب "   و " المولد "    و " أيوب  "   و " دموع البلبل "      و " الدراويش "        و " المحروسه "   و " الأمل "     " مصر  2000  "      و "  بطل الحرب  والسلام  "      وهي   الأعمال التي انتشرت في كلِّ أنحاءِ العالم ِوذلك حسب إحصائيَّاتِ " جمعيَّة ِ المؤلفين والملحِّنين "    .        ولحَّنَ  للعديدِ  من  المطربين الكبار ،  مثل   :  وردة الجزائريَّة .. لحَّن َلها  إغنية : " جيت في وقتك يا حبيبي  "....  وغيرها من  الأغاني  . كما قدَّمَ للموسيقى الكثيرَ من نجوم العزف  مثل  : عمر خورشيد  ومجدي الحسيني  وهاني  مهنا   وعمار الشريعي  ،   وقد  صاحبَت  فرقتهُ الموسيقيَّة  كبار المطربين  أمثال  فريد الأطرش   وعبد الحليم حافظ  ونجاة الصغيرة   وشادية   وفايزه أحمد  وورده  ... إلخ ...     وكما عزفَ  ألحانَ محمد عبد الوهاب وبليغ حمدي  ومحمد الموجي  .   وأشرفَ  على  رسائل الماجستير  ( m .  a )    ونشرَ  العديدَ  من الابحاثِ  الموسيقيَّةِ  القيِّمةِ  في المجلاتِ المتخصِّصة   .     وكان يريدُ كتابة مذكراتهُ التي يروي فيها قصَّةَ  50  سنة  مع الموسيقى والعطاءِ    وكيفَ أنهُ في بدايةِ حياته إتَّجَهَ إلى حفظ القرآن الكريم للإلتحاق ِ بالأزهرالشريف ثمَّ غيَّرَ طريقهُ على عالم ِالموسيقى والالحان ِ  .   وقد  كان َ يمتلكُ مكتبة ً موسيقيَّة ً  نادرة ً وزاخرة ً بكلِّ  كتبِ التراثِ والآدابِ والفنون ِووثائق لعدَّةِ أفلام ٍ سياسيَّة ٍ تروي فترات الحروب  ولقطات سينمائيَّة  نادرة للملك  فاروق  وعبد الناصر وشحصيَّات  سياسيَّة  تاريخيَّة  .     وأهداهُ  الرئيسُ  الخالدُ  جمال عبد الناصر  في  سنة  1968     وسامَ العلوم ِ والفنون ِ  من الطبقة الأولى  .       وفي  سنة    1978  سلمهُ الرئيسُ أنور السادات الشهادة َ التقديريَّة َالتي منحَتهُ إيَّاها  اكاديميَّة ُ الفنون .      وحصلَ  أيضًا  على ثلاثة ِ أوسمة ٍ من  الأردن  منها   :   وسام  الإستقلال  من الدرجة ِ الأولى  بدرجةِ  وزير  ،   كما أهداهُ الملك حسن  الثاني  ( ملك المغرب سابقا )  وسامًا  وذلك تقديرًا لجهودِهِ وإبداعاتهِ الموسيقيَّة   .      وقد  تقلدَ  أحمد فؤاد حسن منصبَ نقيبِ الموسيقيِّين   المصريِّين  لمدَّةِ  14  عاما   متواصلة  قدَّمَ  خلالها  العديدَ  من  الخدمات العامَّة  الهامَّة  ،   كما تولى  رئاسة ِ جمعيَّة  المؤلفين والملحنين  خلفا ً  للموسيقار ِ والفنان  ِالكبير محمد  عبد الوهاب  .  
           والحديرُ بالذكر ِ إنَّهُ خلال مشوارهِ  الفني الطويل   ونجاحه الباهر  الذي فاقَ  الوصفَ    واجتازَ الحدودَ  الإبداعيَّة َ  ارتبط َ  بالسَّيِّدة ِ   " سهام  توفيق "  التي  كانت تلميذتهُ  وإحدى مُعجباتهِ  اللواتي  كان َ يجذبنهُنَّ   فنُّهُ   وموسيقاهُ  وطريقة ُ أدائهِ    .      ولهُ  من  الأبناءِ السيَّدة   عبير  والمهندس خالد  ....    وفي  أواخر ِ حياتهِ  عملَ  الموسيقارُ  أحمد  فؤاد حسن  أستاذا ً  مُتفرِّغا ً بأكاديميَّة ِ الفنون ِ إلى  أن  وافتهُ  المنيَّة ُ في  شهر آذار  1993  .
             
                                      (  بقلم :  حاتم  جوعيه  - المغار - الجليل )

رسالةٌ من قبري/ وعد جرجس


لو ساءلوكَ يا حبيبي

"من أنا"

قُل هذه المرأة

أضاعت عمرها

وهيّ تدفئُ في

طيّاتهِ عُمري

قُل إنّها نسجت

وشاح رجولتي

ممّا تساقط من

حرائر شعرها

وبكت حين تبدّلَ

لونُ شَعري !

>>>

إن ساءلوكَ قُل لهم

هذي هي

من جمّعت كلُّ النساءِ

وأشعلتها بقبلةٍ

كعودِ ثقابٍ

وأحرقتها على ثغري

وكوت جميع جروحها

كي لا نزيفها يُغرقُ

حفري فتخنقني

وأدري !

كلُّ الحنان بكفّها

هكذا كنتُ أقول لها

فإذا ناجيتُ حضنها

كطفلها ضمّتني

ولملمت تبعثري ..

وإذا اشتهتها رغبتي

ناراً ومسكاً سحرها

يتفاعلُ في صدري

>>>

أحاول فكَّ رموزها

أسطورتي فأتعب !!

وكأنّها قدرٌ بدمّي يسري

>>>

قل لهم يا حبيبي

قل لهم عن كلِّ شيءٍ

نطقتهُ في عَصري

وكم يُحرقُ قلبكَ

رحيلي قبلَ شُكري

وأنّكَ في كلِّ ليلة

تزورُني

لترتمي كالعادةِ في

حضني

ودمعُكَ اليتيمُ نهرٌ

بغزارةٍ يسقي قبري !



إدراك الحقيقة متأخّراً خيرٌ من عدم إدراكها أبداً/ صبحي غندور

أمورٌ كثيرة تغيّرت واتّضحت، بعد ثلاث سنوات من حصول انتفاضاتٍ شعبية كبيرة في عدّة بلدان عربية. ولعلّ أهم هذه الأمور، التي كشفتها تطوّرات الأعوام الثلاثة الماضية، أنّ هناك تبايناتٍ عديدة بين ما حدث في كلٍّ من هذه البلدان. فما بدأ بتونس كثورة شعبية محلية لم تقف خلفها أي جهة خارجية، لم يكن هو الحال نفسه في كلّ الأمكنة الأخرى التي شهدت هذه الانتفاضات. فالثورة الشعبية التونسية ألهمت فعلاً شعوباً عربيةً أخرى، لكنّها أيضاً ألهمت ودفعت قوًى إقليمية ودولية للاستفادة من "الدرس التونسي" ومحاولة توظيف مثاله في بلدان أخرى، ولغاياتٍ لا تتعلّق أبداً بمكافحة الفساد والاستبداد.
ربّما كانت بلدان مصر واليمن والبحرين تقع في "منزلة بين المنزلتين"، حيث اشترك التوظيف الخارجي مع وجود حراك شعبي فعلي لا يرتبط بجهة خارجية، لكن ما حدث في ليبيا ثمّ في سوريا وضع علامات استفهامٍ كبيرة على كيفية حدوث الانتفاضات فيهما، وعلى المسار الذي انتهت إليه.
وجيّد أن يُدرِك الآن الكثيرون من العرب ما كنّا نحذّر منه منذ بداية الانتفاضات الشعبية من مخاطر غموض طبيعة الثورات وعدم وضوح برامجها ومن يقودها، ومن التبعات الخطيرة لأسلوب العنف المسلّح ولعسكرة الحراك الشعبي السلمي، وأيضاً من عبثية المراهنة على التدخّل العسكري الخارجي، ونتائجه في حال حصوله، على وحدة الشعوب والأوطان.
نعم هناك ضرورةٌ قصوى للإصلاح والتغيير في عموم المنطقة العربية، ولوقف حال الاستبداد والفساد السائد فيها، لكن السؤال كان، وما يزال، هو كيف، وما ضمانات البديل الأفضل، وما هي مواصفاته وهويّته؟! فليس المطلوب هو هدم الحاضر دون معرفة بديله أو كسب الآليات الديمقراطية في الحكم بينما تخسر الأوطان وحدتها أو تخضع من جديد للهيمنة الأجنبية، إذ لا يمكن الفصل في المنطقة العربية بين هدف الديمقراطية وبين مسائل الوحدة الوطنية والتحرّر الوطني والهويّة العربية؟ فهل نسي البعض ما قامت به إدارة بوش بعد غزوها للعراق من ترويج لمقولة "ديمقراطية في الشرق الأوسط" تقوم على القبول بالاحتلال والهيمنة الأجنبية ونزع الهوية العربية وتوزيع الأوطان إلى كانتونات فيدرالية؟ ألم يكن ذلك واضحاً في نتائج حكم بول بريمر للعراق، وما أفرزه الاحتلال الأميركي للعراق من واقع سياسي تسوده الانقسامات الطائفية والإثنية بل والجغرافية للوطن العراقي؟! ألم يحدث ما هو أخطر من ذلك في السودان من تقسيم لشعبه وأرضه؟! ألم تكن هذه أيضاً مراهنات إدارة بوش وإسرائيل من حربيهما على لبنان وغزّة في العام 2006 بعدما فشلت "الانتخابات الديمقراطية" فيهما بإيصال من راهنت عليهم واشنطن وتل أبيب؟ 
ما يُبنى على خطأ يؤدّي إلى نتائج خاطئة. هكذا هو الآن حال الأوضاع العربية كلّها. هو حال معظم الحكومات كما هو أمر معظم المعارضات. فحينما يتمّ بناء دول على أسس خاطئة، فإنّ ذلك هو دعوة للتمرّد ولمحاولات الإصلاح. لكن في المقابل، حينما تكون حركات التغيير الإصلاحية هي نفسها مبنيّة على أفكار أو أساليب خاطئة (أو الحالتين معاً)، فإنّ ذلك يؤدّي إلى مزيدٍ من تراكم الأخطاء في المجتمع، وإلى مخاطر على الوجود الوطني كلّه.
أليس سؤالاً هاماً الآن: لماذا تشهد سوريا وليبيا هذا الحال السيء جداً، وما فيه من مخاطر على وحدة الشعب والوطن والأرض في البلدين؟ رغم أنّ إسقاط النظام قد جرى في ليبيا، وكذلك التدخّل العسكري الأجنبي فيها؟! أليس ذلك بدلالةٍ كبرى على مخاطر "عسكرة" الحراك الشعبي وعلى حتمية ارتباط "الثائرين" المسلّحين بقوى خارجية لها أجنداتها الخاصة، والتي لديها أيضاً خصومات وصراعات مع قوى خارجية أخرى؟! ثمّ ألم يكن كافياً ما حدث ويحدث في ليبيا ليكون درساً لمن ما زالوا من المعارضة السورية يطالبون بالتدخّل العسكري الغربي ويصرّون على إسقاط النظام بالقوة العسكرية؟!. لقد سقط النظام الليبي السابق بفعل تدخّل "الناتو" وقُتل القذافي والكثير من عائلته وأعوانه، فهل انتقلت ليبيا إلى وضع أفضل؟ للأسف، ليس مؤسسات الدولة الليبية فقط هي المعطّلة الآن، وليس الأمن والأستقرار فقط هما المفقودان في ظلّ حضور الميليشيات المسلحة، بل وحدة المجتمع الليبي مهدّدة من أساسها، وتنخر الآن في هذا المجتمع أسوأ الفتاوى والجماعات التكفيرية ممّا ينذر بتقسيم ليبيا وبفوضى أمنية وسياسية لا حدود مكانية أو زمانية لها.
هذه هي محصّلة التدخل العسكري الأجنبي الثاني في المنطقة، في مطلع هذا القرن (بعد العراق)، من أجل تغيير نظام وتحقيق "الديمقراطية". وهذه هي نتيجة "عسكرة" الحراك الشعبي وثمن الارتباط بجهاتٍ خارجية. فإلى أين يريدون أيضاً دفع الأمور في سوريا بعدما ظهر فيها ما لم يكن في ليبيا من جماعاتٍ صنّفتها الولايات المتحدة بأنّها "جماعات إرهابية"، وهي التي تقاتل عملياً الآن في معظم المناطق التي تخضع لما يُسمّى "قوى المعارضة السورية"؟!.
فلنفترض أنّ "المعارضة السورية" ستنجح قريباً في إسقاط النظام وفي تأمين تدخّل عسكري خارجي داعمٍ لها (من الناتو أو من إسرائيل)، فما هي صورة المستقبل السوري على ضوء التجربة الليبية، وبعد سوابق التجربتين اللبنانية والعراقية، وبحضور "النصرة" و"داعش" وما بينهما؟! بل ما هو مصير كل المشرق العربي بما فيه لبنان والعراق والأردن بعد ذلك؟! وما سيكون مصير القضية الفلسطينية فيما بعد التفكّك الذي سيحصل في بلدان المشرق العربي وحروب الطوائف والجماعات المسلّحة فيه؟! أليست المعارك الدموية الجارية الآن بين من هم أصلاً يعارضون النظام السوري بنموذجٍ عمّا قد يحصل في عموم المشرق العربي؟! بل ألم تكن الصراعات التي جرت سابقاً بين القوى المسلحة في النزاعات اللبنانية والفلسطينية والعراقية، لكافية لكي تنذر بما حذّرنا من حدوثه في سوريا، ثم حدث فعلاً!.
  مهما قيل ويُقال عن النظام الحالي في سوريا، ومهما كانت هناك فعلاً حاجةٌ قصوى لإصلاحات كبيرة في الدولة السورية، فإنّ سوريا كانت تنعم بأمن واستقرار ووحدة وطنية، وبدور إقليمي جعلها لعقودٍ من الزمن "لاعباً" مهمّاً في قضايا المنطقة، بينما هي الآن "ملعبٌ" لقوى إقليمية ودولية متصارعة. وأولى بكل مواطن سوري أن يقيم جردة حساب بعد ثلاث سنوات، ويسأل: "أين كنّا.. وأين أصبحنا.. ومن أجل ماذا.. ولمصلحة من؟".
هناك حتماً أبعادٌ خارجية مهمّة للصراع المسلّح الدائر الآن في سوريا، وهو صراع إقليمي/دولي على سوريا، وعلى دورها المستقبلي المنشود عند كلّ طرفٍ داعمٍ أو رافضٍ للنظام الحالي في دمشق. لكنّ "الاحتكام للشعب" هو الحلّ المطلوب لما يحدث من نزيف دم في سوريا، يتحمّل مسؤوليته الآن بشكلٍ مشترَك الداخل السوري والخارج المتورّط فيه، الحكم والمعارضة معاً. فكل طرف يدّعي الحديث باسم الشعب السوري وبأنّه يحوز على تأييد غالبيته، بينما يتعرّض هذا الشعب الصامد للقتل والدمار والتشريد. فلا حلاً للأزمة الدموية في سوريا من خلال الوسائل العسكرية بواسطة أي جهة داخلية أو خارجية، فذلك انحلالٌ للوطن والدولة وليس حلاً للمشكلة. الحل هو في وضع تسوية سياسية تفرض نفسها على كلّ الأطراف، ولا تقبل بأيّ شروطٍ من طرف على الطرف الآخر. وليكن الشعب السوري فعلاً هو المرجعية مستقبلاً لتقرير مصير وطنه وحكمه ورئيسه، من خلال فترةٍ انتقالية قصيرة متلازمة مع مواجهة أمنية ضدّ كل الجماعات الإرهابية المجمع على رفضها الآن.
سوريا الآن، كياناً وحكومةً وشعباً، أمام خياراتٍ صعبة لا يُعبّر أيٌّ منها عن كل "رغبات" أيِّ طرفٍ محلي أو خارجي معنيٍّ الآن بتطوّرات الأزمة السورية. فالفارق كبير بين "المرغوب فيه" و"الممكن فعله". فقط "الرغبات" الإسرائيلية و"ما تريده" تل أبيب من تطوّرات الأزمة السورية هو الذي يتحقّق الآن، وهو مزيدٌ من التفاعلات والنتائج السلبية، داخلياً وإقليمياً، والمراهنة على تطوير "العلاقات" مع بعض قوى المعارضة وعلى عدم التوصل إلى أيِّ حلٍّ سياسي في القريب العاجل..
*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

محاولة إغتيال قانونية...الجزء الثالث/ فراس الور

كتب هذا المشهد بتاريخ 7 شباط (فبراير) 2013، 
خارجي : 
يَخْرُج الرَجُل مِنْ المَحْكَمَة و الدُموع بِعَيْنَيه و تعابير القَهْر تَملئ وَجْهُه، و يَتَكَرًرْ امام ناظِرَيه مَنْظُر المَرأة و هي تَصْرُخ مِنْ الغَضَب على حُكْمِها فَيَتَمَلًكُه العَجْز و قِلًة الحَيلَة لِوَهْلَة مِنْ الزَمان، و يسير بَيْنَ الجُموع الغَفيرَة المُسْتَنْفِرَة مِنْ حَوْلِه، و تكون اعداد هائِلَة مِنْ الناس تَجري بإتِجَاه الشوارع المُؤَدِيَة الى مَيْدان التَحرير، وُجوه كَثيرَة تَرْكُض مِنْ على يَمينِهِ و يسارِهِ بَعْض مِنْهَا يَكْسوها الخَوْف و الهَلَع و البَعْضُ مِنْها يَكْسوها الغَضَب...و وُجوهاً غَيْرُ مِضْيَافَة تَكْسيها الٍلحَة و نَظرات التَوَعُد تُسْرَع بإتٍجَاه شوارِع ثانِيَة تَحْمِل شِعارات "دين الرَسولِ دين السَيْف اللهُ و أكْبَر على الكُفار،" يوقف الرَجُل شَيْخ جليلاً اشْيَبَ الشَعْرِ و يَسْأَلُه : 
الرجل : يا عَمْ! انا غريب عن ديارِكُم فَهَل تُخْبِرني ماذا هُنالِك بالمَيْدان؟

العَجوز وَسَطَ الضَجًة : أَلَمْ تَعْلَم؟

الرجل : أعْلَمُ ماذا بالضَبط؟

العجوز : قَرًروا جَلْدَها امام عَدَسات الإعْلام و الصُحُف و الرأي العالمي...

بنبرة غير مرتاحة : عُقوبَة جَلْدُ ايضاً؟ مَنْ هِيَ؟

العَجوز بِحَسْرَة كبيرة : قُلْتُ لَهُم مراراً و تكراراً الإسْلام دين يسرا و ليس عسرا...و لَكِن قُلوبَهُم غَليظَة جداً...

الرجل : مَنْ هِيَ هَذِهِ المِسْكينَة؟

العجوز : هُنالِكَ طُيور تَطيرُ في الظَلامِ و آخرى بالنور...ما كان عَليها ان تَقولَها...قالَتْ هِيَ مِصْر في مُقابَلَة تِلِفِزيونِيَة وَقْتَ حُضورِها مِهْرجان القاهِرَة السينَمَائي فَقَرًروا جَلْدَها لِيُكَسروا رأسَها...هُنالِك بَشَر تُسَبِحْ الخالِقْ بالنور و على نور و آخرى تَعْمَل بالظَلام خِلْسَة ظَناً مِنْها انًها مُؤْمِنَة...فَهؤلاء لا تَعْرِف متى يَلْدَغوا و حينَها لَدْغَتُهُم مُميتَة

يَصْرُخ الرجل مَفْزوعاً : عَرَفْتُها...فأتَيْتُ لأَتَرافَع عَنْها مِنْ بِلادي...متى كانَتْ مُحاكَمَتُها؟

العجوز : مُحاكَمَتُها تَمًتْ بالظَلام الذي يَعْمَلوا بِهِ...فاتًهَموها سِراً بالزِنَا و ها هُم يُنَصِبوا مَجْلَدَها بالمَيْدان...سَتُعَلًق و تُجْلَد اكْبَر فَنانَة بِمِصْر بَعْد سَاعَة و امام الكُل، 

الرجل بِنَبْرَة غَضَب صارخاً بَيْنَ الجُموع و فاقداً الضَبْطَ على النَفْس : ألَا يَكْفي حَكَموا على المَرأة بالجَلْد مُنْذُ قليل...الآن ابْنَتَها؟ قالَتْ لي إذا لَمْ يَرْحَموني هَلْ سَيَرحَموا ابْنائي؟ ماذا دَهاكُم يا أهَلْ مِصر! سَلَخْتُم جِلْدَكُم و لَبِسْتُم حُلًةً لا تليق بِكُم! لَمْ أعُد اعْرِف بلادَكُم فَبَاتَتْ غَريبَة عني!

العجوز : لا تَشْعُر بِخَيْبَة الأمَل...فأمَامُك ساعَة لكي تُدْرِكْها قَبْلَ ان يَفْعَلوها...

يَرْكُض الرَجُل مَعْ الجَمْع بعيداً تاركاً الرجل بِغَضَب شَديد، يَنْظُر الرجل الى الجُموع التي تَهْرَع مُسْرِعَة الى المَيْدان، يوقِفُ احَدَهُم و يَسْأَلُه :

الرجل : لماذا انتَ ذاهِبْ الى المَيْدان؟

يجيب بِنَبْرَة فُضول : يقولون ان هُنالِك مَنْ سَتُجْلَد بِصورَة علانِيَة،   

الرجل : أَتَعْلَم مَنْ هِيَ؟

يقولون انها فاجِرَة و سَتَأْخُذ عِقابَها، 

يُتابِع الغَريب جَرْيَهُ نَحْوَ المَيْدان و كأنًهُ يَجْري لِيَقْبَضَ جائِزَة مالِيَة ضَخْمَة او ميراث مُفاجئ اخْبَروهُ عَنْهُ الآن، يَسْتَشيطَ الرجل غضباً، و يَرْكُض مِنْ حَرارَة الروح بَيْنَ الجُموع الغَفيرَة و المُرْتَبِكَة مِنْ هَذِهِ الحادِثَة التي سَتَجري عَنْ قَريب، و بإرادَة صَلْبَة يَدْفَع مَنْ يَعْتَرِض طريقَهُ و مِنْ حين لآخر يَعْتَذِر لِمَنْ يَصْطَدِم بِهِ و هُوَ يُحاوِل المُرور، و بَعْدَ جُهْدٍ جَهيد يَبْلُغ المَيْدان الكَبير المُكْتَظ بالجُموع، تُدَوي تارة صَرَخات الناس بَيْنَ ارْوِقَتِهِ العَريقَة "اجلدوا الفاجِرَة! اجلدوا الزانِيَة" و تارة يَسْمَع اصوات دِمَاء الشُهداء تَصْرُخ مِنْ الارْضِ "اعْتِقوها و اغْفِروا لها فَسُفِكَتْ دِماءَنا لِأَجْل مِصر و حُباً بالمِصريين جَميعاً" و تارة يَشْتَمُ رائِحَة بُخورٍ ذَكي تَرْتَفِعُ مِنْ الارْض التي حَوْلَهُ...ظاهِرَة كانَتْ تَحْدُث مَعَهُ بالماضي عِنْدَما كان يُصَلي الى اللِه بِهَدَف اسْتِعطاف مَراحِمِهِ لِيَهِبَهُ طَلَب مُعَيًنْ، يَبْتَسِمُ لِرائِحَةِ البُخور و تَقوَى ارادَتُهُ بإخْتِراق الأعداد الهَائِلَة مِنْ البَشَر المُجْتَمِعة بالمَيْدان لِبُلوغ مِنْطَقَة الوَسَط التي يَلْتَفْ حَوْلَها الناس، يَرى مِنَصًة الجَلْد الخَشَبِيَة تَقِفْ بِوَسَط المَيْدان فارِغَة و بِجانِبِها رَجُل يُطَوِح بِكُرْباج يَتَوَعًدُ لِجَلْد مِنْ يَدًعى انها خالَفَتْ اوامِرَ الدين، يَصْرُخ بِمايكروفون مُكَبِرات الصَوْت :
"اليوم سَيَحْدُث حَدَث تاريخي بِمِصْر لأَوًلِ مَرًة مُنْذُ سلاطين العُثْمانِيِنَ، سَتُجْلَد فَنانَة بِصورَة عَلانِيَة لَمْ تُعَلٍم اوْلادَنا سِوَى الفُجور و مُخالَفَة شَريعَة الله!"،

يَصْرُخ الرَجُل بأعلى صَوْتِهِ "كَفى!!!!"

لِيُلْفِتَ انْتِباه الجَلاد، يَدْفَع بِمَن حَوْلَهُ و يَقْتَرِب مِنْ المِنَصَة التي تَقِفْ فَوْقَ الأرْض على ارْجُل خَشَبِيَة و يَنْظُر الى الجَلاد قائِلًا :

الرجل : اعْطيني فُرْصَة لأُكَلٍمَ الجَمْع!

الجَلاد : مَنْ انْتْ؟

الرجل : أنا إعْرابِيٌ و عِنْدي ما أقولُ لِلْجُموع،

الجلاد : لَيْسَ هُنالِك ما يُقال فأنْتَظِر وُصولَ المُجْرِمَة لِتَنْفيذ الحُكْم...

الرجل يَنْتَزِع المايكروفون و يَصْرُخ بِهِ لِلْناس : هِيَ لَيْسَت مُلْكاً لَكُم لِتَجْلِدوها، هِيَ مُلْكٌ لِلْعَرَب جَميعاً! هِيَ ثَرْوَة عَرَبِيَة!

الجلاد : وَيْحُك، كَيْفَ تكون مَنْ شَجًعَتْ على الفُجورِ ثَرْوَة عامًة؟

يَصْرُخ الرَجُل بالماكريفون : يا أهْلَ مِصْر ايْنَ ذَهَبَ عَصْرُ الثًقَافَةِ مِنْ عُمْرِ بلادِكُم العَريق! ايْنَ الحُرِيَة التي تَرَعْرَعَتْ عَبْر الزَمان في ديارِكُم و خالَجَتْ اقْلامَ الكُتَاب و الشُعَراء و أَلْهَمَتْهُم ارْوَع ما كُتِبَ بالعالم العَربي! اكراماً لِعُمْرِ الفُنون بِديارِكُم ارْحَموها و لا تَسْمَحوا بِهَذِهِ الحادِثَة! اكراماً لِمِصْرِيَتُها ارْحَموها! اكراما لِحُبِها لِبَلَدِها ارحَموها! اكراماً لِلْمُهاجِر و يوسف شاهين و لِوَطَنِيَتِها ارحَموها! أَلَمْ تُمَثِل مَعَهُ ارْوَع ما انْتَجَ بِتَاريخِهِ على الإطْلاق، أَلَمْ يَصِل هذا المُنْتِج و المُخْرِج بِمِصْر الى العالَمِيَة؟ بَلْ مِنْ كُثْرِ ما رَفَعَ رأسَ مِصْر بالغَرْب و حينَ وَفاتِهِ رَثَاهُ الرَئيس الفَرَنْسي بِكَلِمَات عَزاء مُؤَثِرَة، اكْراماً لِرَأْفَتِ الهَجَان الذي صَفَعَ اعْداء العُروبَةِ و خَدَمَ مِصْر ارْحَموها فَشَارَكَتْ بِقَصًةِ حياتِهِ! اكراماً لأَوامِرْ الرَسول عَلَيْهِ الصَلاة و السَلام الذي أمَرَكُم بالعَفو عِنْد المَقْدِرَة ارحَموها! حِفاظاً على ماء الوَجْهِ و حفاظاً على هَيْبَةِ ثَقافَة الدَوْلَة المِصْرِيَة كان مِنْ الأجْدَر بِكُم الطَلَبْ مِنْها ان تُسافِر خارِجَ مِصر و لَكِن لا تَحْرِقوا قَلْبي عليها و قَلْب جُمهورِها ايضاً عليها! المُواطِن في روما في العُصورِ الوَثَنِيَة و مُنْذُ اكْثَر مِنْ ألْفَيْ عام كان لَهُ إكْرامات و حقُوق اكْثَر مِنْ فَناني مِصْر بِعَهْدِ الثَوْرَة الحالِيَة فَهَل يُعْقَلُ هذا في قِمًةِ ثَوَرات الحُرِيَة؟ ان تَجْلِدوا مَنْ مَثًلَتْ بِلادَكُم في ارقى مِهْرَجانات الثقافِيَة! اي مُواطِن روماني كان يَحِقُ لَهُ انْ يَرْفَعَ دَعواهُ لِقَيْصَر فَكيفَ بالفَنان الذي خَدَمَ بِلادَهُ؟ ايُسْلَخُ جِلْدُهُ بالكَرابيج مِنْ دونِ رَحْمَةٍ...و ما تُهْمَتُها؟! انًها احَبًت التَمثيل؟! 

الجلاد : مُحاوَلَة خَجولَة مِنْك فالبالشَريعَة أُدينَة و بالشريعَةِ حَكَمْنا عليها...

الرجل : و بالشريعَةِ اشْتَريتُ دِماءَها مِنْكُم، ذَهَبْتُ لِمُسْتَشار سَفيرَ مِصْر في دَوْلَة عَرَبِيَة و دافَعْتُ عَنْها، قُلْتُ لَهُ انً الإنْتِدابات في مِصْر اسًسَتْ لِلْحُريات التي خَلَدَتْ بِخِدْرِها الفُنون المِصْرِيَة طوال مائَةِ و خَمْسَةِ اعوام دَهْرِيَة، و هي ابْنَةُ هَذِهِ الحُريات، قال لي انً الحُدود لَنْ تُطَبَقْ بِمِصر لأن الدولة تنتمي لإسلامِ وسطي، ان لَمْ تَنْزعوا هذا المَجْلَد سأَنْزَعَهُ أنا! مِثْلَمَا دَخَلَ المَسيح لَهُ المَجْد و طَرَدَ الباعَةَ و التُجار مِنْ ارْوِقَةَ هَيْكَلِ سُلَيْمَان المُقَدًس سأنْزَعْ هذا المَجْلَد الذي سَيُدَنِس عالَمَ الفنون الخالِدْ بِمِصْر... 

يَصْرُخوا بَعْض الجَمْع : "شَريعَةَ الله سَتَسود!!! اتونا بالفاجِرَة لِتُجْلَد!!!"

و البَعْض يُغَيٍر مَوْقِفَهُ و يَصْرُخ : احْسَنْتَ قولاً و صُنْعاً يا اعرابي!!!

يَصْرُخ الرجل مُجيباً : وَهَلْ سَيُسامِحَكُم جُمهورُها!!! فَلَها جُمهور مِنْ المُحيط لِلْخَليج، ثُمً مَنْ مِنْكُم يا أهل مِصْر بِلا خَطيئَة فَلْيَكُن أوَلَ مَنْ يَرْجُمْها بِحَجَر! يَقولُ كِتابي المُقَدًس كُلُ البَشَرِ قَدْ أخْطئ الى اللهِ و الكُل اعْوَزَهُ مَجْدُ الله!"

فَجأَة يَسْكُت الجَمْعُ لِيُصْبِحَ الآلآف المُصْطَفًةِ مِنْ حَوْلُه كَكُتَلٍ مِنْ الشَمْع...بَلْ لِيَتَحَوًل المَيْدان الى شِبْهِ مُتْحَف شَمْع كبير، لا يُسْمَعُ في هَذِهِ الاثْنَاء إلا اصوات السَيارات في الخَلْفِيَة البَعيدَة بالشورِاعْ التي تُحيطُ المَيْدان، يَنْظُر الجَلاد الى الناس بإسْتِغراب لِبِضْعَةِ ثواني ثُمً يَسْمَعْ صَوْت سيارَة شُرْطَة في المَسافات البَعيدَة، و بَعْدَ فَتْرَة بَسيطَة يَبْتَعِد الجَمْعُ بِزاوِيَة بَعيدَة مِنْ الجَمْهَرَةِ الكَبيرَة لِيَفْسَحوا المَجال لِضُبَاط شَرِطَة اثْنَيْن لِيَمروا و هُمْ مُمْسِكين بالفَنانَة...و تُقاوِمْ الفَنانَة قَبْضَتَهُم و تَتَلَوًى بَيْن ايْديهُم مُحاوِلَةً الإفْلات و لَكِن بِغَيْرِ فائِدَة لِيَقْتَرِبوا أخيراً مِنْ مِنَصًةِ الجَلْد و يقولوا لِلْجَلاد...

الشَرِطَة : ها هي امانَتَكُم...طَلَبْتُم ان نُحْضِرَها فأحْضَرْناها،

تَصْرُخ الفَنانَة مُتَوَسِلَة : "الرَحْمَة مِنْكُم و مِنْ ظُلْمِكُم!!!"

تَنْظُر الفَنانَة بِعُيون الرَهْبَة الى مِنَصًةِ الجَلْد ثُمً الى الرجل و للآلآىف الغَفيرَة التي تَنْتَظِر لَحَظات عِقابَها، و تَقْتَرِب مِنْ الشُرْطَة و تَرْكَعْ و تُقَبِل ايْديهُم قائِلَة : 

الفنانة : ارْجِعوني الى بَيتي و أهلي، الرَحْمَة عِنْد المَقْدِرَة، أنا لم أُخْطِئ بِشَيْئ، أنا كُنْتُ اقوم بواجِبي كَفَنانَة...

ثُمَ تَنْهَضْ مُسْرِعَة الى الرجل و تُمْسِك المايكروفون و تَصْرُخ لِلْناس  بإرْتِباك شَديد : انْتُم قومي و اهلي...هَلْ تَقْتُلوني و قَدْ تَرَبَيْتُ وَسَطَكُم و تَقاسَمْتُ رَغيفَ العَيْشِ مَعَكُم بكِلِ يَوْم مِنْ حياتي السَالِفَة؟ انْتُم اوْلاَد عَشيرَتي و دِمائي و لَحْمي فَهَل تَسْلَخوا جِلدي بِهَذِهِ العُقوبَة القاسِيَة؟
تَرْكَع امام الشًعْبِ قائِلَة :  أنا ارْضَى بِحُكْمِ ضَميرِكُم فأنا احْبَبْتُ مِصر و صَنَعْتُ ما صَنَعْتُ اكراماً لِمِصر و عُدْتُ مِنْ الحَجْ قَبْلَ فَتْرَة و انا مَغْفورَةُ لي خطايا، أنا مِصْرِيَة مِنْكُم و الفُنون مِهْنَتي و تَعيشْ بِدِمائي ، أنا ابْنَة حُرِيًاتٍ رَعَتْهَا مِصْر مُنْذُ حَداثَةِ الفُنون بها و انْحَدَرْتُ مِنْ عالم العَمالِقَة الذين سافَرَتْ مَعَهُم الأُغْنِيَة و الفِلْم و المُسَلْسَل و زارت كُل البُلدان العَرَبِيَة و كُل البُيوت العَرَبِيَة و انْشَهَرَت مِصر بالعالم بِفُنونِهَا، ماذا فَعَلْتُ لأَسْتَحِق هذا كُلَهُ؟ هل لأنًني قَبًلْتُ فنان بإفلامِ؟ ألا يُقَبِلُ المُتَزَوِج بِكُمْ زَوْجَتُهُ؟ الذي قَبًلْتُه كان يُمَثِل دَوْر زوجي بالفِلْم...ثُمً ما زِلْتُ على ذِمَةِ زوجي و والِدُهُ مِنْ اشْهَر مَنْ لَعِبَ كُرَةَ القَدَمِ بِمِصر، فَلَوْ كُنْتُ خائِنَة لَطَلًقَني، ليَسْ هُنالِكَ رَجُل بِمَكانَةِ زَوْجي الإجْتِماعِيَة يَقْبَل بأنْ تَخونَهُ زَوْجَتُهُ و تَبْقَى على ذِمًتِهِ،  لَوْ كُنْتُ فاجِرَة كَما تَدًعون لَكان زَوْجي اوًلَ مَنْ جَلَدني تأديباً لي و طَلًقَني،   

يَتَكَرَرُ مَشْهَدُ الصَمْت في المَيْدان لِوَهْلَة مِنْ الزَمان، تَلْتَفِتُ الفَنانَة الى الرَجُل و تَقول :

الفنانة : مَنْ أنْتَ؟

الرجل : أنا احِبُكِ و قَدْ دافَعْتُ عَنْكِ قَبْلَ ان تَصِلي الى المَيْدان، هذا كُل ما يَنْبَغي انْ تَعِرفيه...

يَقْتَرِبُ الجَلاد قائِلًا لِلْفَنانَة : رُبً أخٍ لَمْ تَلِدْهُ لَكِ امُكِ،

يَنْسَحِبْ مَعْ الناس مِنْ المَيْدان،  

الفَنانَة بإسْتِغراب و صَدْمَة : لِمَاذا هذا الصَمْت؟ و لِمَاذا لا يَرْبِطُني الجَلاد بالمِنَصَة؟ أنا اكاد لا أُصَدِق...إنًهُ كالكابوس...اشْعُر انًني اعيش مَشْهَدْ مِنْ مَشاهِدْ الثَوْرَة الفَرَنْسِيَة حَيْثُ كانوا النُبَلاء يُرْبَطون لِتُدَقً اعْناقَهُم بالمِقْصَلَة، 

يُكْمِلوا الناسَ بالإنْسِحاب بالعَشَرات لِتَبْتَسِم الفَنانَة و يَكْسوا وَجْهَها الراحَة قَليلاً،

فَيَقول الرجل : ايْنَ الذين يَضْطًهِدوكِ؟ فَمَنْ مِنْهُم بلا خَطيئَة فَلْيَكُن أوًلْ مَنْ يَرْجِمُكِ بِحَجَر،

يَقْتَرِبْ الرجل مِنْ المَجْلَدْ و يَتَناوَل فَأْس على مَقْرُبَةٍ مِنْهَا و يَصْرُخ و هُوَ يُكَسِرُها بِغَضَبْ : "فاليُرْبَط فيكي الخائِنْ لِمِصر لا الفنان المُكَرًم بالمِهْرَجانات!!!"

تُكَسًرْ خَشَباتُها لِتَبْدأ بالإنْهيار ثُمً يَصْرُخ : "فاليُرْبَطْ فيكي مَنْ يَخون مِصْر لا الفنان الذي خَدَمَها و رَفَعَ رأْسَها بالمِهْرَجانات الدُوَلِيَة!!!"

تَتَهاوي كُلِيًا لِيَصْرُخ بَعْدَها : يا مَجْلَدُ المَواهِبِ الرَبانِيَة مَكَانُكَ في السُجون حَيْثُ يُعاقَبُ الخَوَنَة و الكُفار لا عِنْدَ مَنْ سَجَدَ بِمَكًةَ و حَجً و طَلَبَ غُفران لِخَطاياه!!! لا يُجْلَدُ الحاج عَليكَ بل الكافِرْ!!! 

عباس إذ يبلغ الثمانين/ د. مصطفى يوسف اللداوي

عندما قرر العرب فتح الأندلس، وسيروا جيشهم بقيادة طارق بن زياد على رأس سبعة آلافٍ من سكان المغرب البرابرة، لمواجهة لدريق ملك القوط، الذي ظن أنه قادرٌ على سحل الجيش العربي، وأسر رجاله، وسبي نسائه، وقد علم أن القليل منهم كان يملك فرساً، بينما الآلاف كانوا رجالاً، وقد أرهقهم السفر، وأتعبهم خوض البحر، على متن سفنٍ ومراكب لا عهد لهم بها، ولا خبرة لديهم في تسييرها وتوجيهها، فأغراه حالهم البئيس، وأجسادهم المنهكة، بالقضاء عليهم في معركةٍ قصيرةٍ وسهلة.
وكان لدريق قد سجن الراهب عباس "أوباس"، واتهمه بمحاولة الانقلاب على الحكم، والتآمر على الملك، واسقاطه لصالح ابن أخيه الفونس، ليستعيد عرش والده الضائع غيطشة، الذي أزاحه لدريق وقتله، وأشهد عليه رجال الإكليروس، وكبار الأساقفة والرهبان، فأودعوه سجناً محصناً، بعيداً عن أعين الناس، لئلا يصل إليه الجنود، ولا ينجح أحدٌ في فكاكه وإطلاق سراحه.
علم أوليان حاكم سبتة بحال عباس "أوباس"، وأن لدريق قد استبد به وعذبه، وأنه نال منه وسجنه، وأذله وأهانه، وأنه ينوي قتله، وملاحقة أتباعه والفونس، ونفيهم أو قتلهم، فحزن لحاله، وأصابه الاكتئاب لما حل به، وهو الراهب المقدر، والعالم المبجل، وصاحب الرأي السديد، والنصيحة الصادقة، والقول الفصل، وقد كانت له في بلاده أيادي خير، وصنائع محبة، وفعال مودة، فأحبه الناس وتعاطفوا معه.
وكان أوليان قد تحالف مع المسلمين، وتعهد بمساعدتهم، انتقاماً من لدريق الذي هتك عرض ابنته، وسام شعبه وأهله سوء العذاب، واستباح ديارهم، ونهب خيراتهم، وسيرهم عبيداً له ولولاته، يعملون في الأرض كالخدم، ويؤدون إليه نهاية كل موسم، جنى الأرض وحصادها كله، وما يتوفر عندهم من المواشي والجياد، فحنق عليه أوليان، وهو صديق غيطشه، ملك القوط الأصيل، الذي تآمر عليه لدريق وقتله.
التقى الجيشان في وادي برباط قرب طليلطة في الأندلس، وقبل أن ينشب القتال بين الفريقين، ويلتحم الجيشان في معركةٍ قصيرة، نقل لدريق الراهب عباس، وألقاه مقيد اليدين والرجلين في خيمةٍ قريبة من سرادقه، وقد تعمد إذلاله وإهانته، فنزع عنه غطاء رأسه، وكشف عن صدره، وما هي إلا ساعات قليلة، حتى وضعت الحرب أوزارها، وانتهى القتال بين الفريقين، بعد أن هرب لدريق أو غرق، وتشتت جنده، وهرب رجاله، فسبى المسلمون كل ما أحضره لدريق معه، من سلاحٍ ودوابٍ وخيولٍ وذهبٍ طعامٍ وغير ذلك.
أسرع أوليان وقد علم بحبس عباس "أوباس" ومكانه، فدخل عليه الخيمة، وجثا على ركبيته أمامه، وقبل يديه ورجليه، ثم فك وثاقه، وقبل جبينه، وأخذه من يده على ظهر فرسٍ كان قد هيأه له، وسارا معاً إلى حيث كان يجلس طارق بن زياد، قائد المسلمين، وصاحب الفتح الأكبر، والانتصار المهيب، وكان قد سمع من أوليان قصته، وعلم أنه كبيرٌ في قومه، ومتبحرٌ في دينه، وجرئٌ في قوله، وغير خائفٍ من رأيه، عالي الصوت دوماً، مرفوع الرأس، ممدود القامة، لا يخاف من أحدٍ مما يراه حقاً ويعتقد به.
قدر طارق بن زياد الراهب عباس، وأجلسه إلى جواره، وأحسن إليه إذ قدمه، وأصغى إليه، وقد لاحظ عليه أمارات التعب، ومظاهر الأسى التي ارتسمت على وجهه، والإعياء الذي حل بجسده، جراء سوء معاملة لدريق له، وحرصه على الإساءة إليه، وتمريغ أنفه في التراب، انتقاماً منه وتشفياً، إذ لم يكن عباس "أوباس" راضياً على اغتصاب الملك، ورأى في ما قام به لدريق خيانة وانقلابٌ على صاحب الملك وولي النعمة، ولم يتنازل عباس عن رأيه، وأصر على موقفه، فاستحق السجن والعذاب من ملك القوط.
عرض طارق بن زياد، قائد جيش المسلمين، وعامل موسى بن نصير أمير شمال أفريقيا كلها، على عباس وقد رأى فيه وجاهة، أن يقطعه ثلاثة آلاف ضيعة، وأن يمنحه ما شاء من الأموال، وأن يحكمه بمن شاء من الأسرى، وأعطاه الحق في أن يتصرف في أموال السبي كيفما يشاء، على أن يكون معهم، وأن يتعاون مع جيش المسلمين في تطويع بلاده، والقضاء على جيوب المقاومة القوطية فيها، وأعطاه عهد الفاتحين المسلمين، ألا يعتدي المسلمون على عابدٍ في صومعته، ولا على طفلٍ أو امرأةٍ أو شيخ، وألا يقاتلوا إلا من رفع السلاح وقاتلهم، أو حاول الاعتداء عليهم، وألا يقطعوا شجرة، وألا يطردوا مزارعاً من أرضه، وسيتولى المسلمون حماية بلادهم، وإقامة العدل بينهم، ورفع الضلم والحيف عن المظلومين منهم.
رفع عباس "أوباس" رأسه بعزةٍ قديمة، وكبرياءٍ باقٍ، وقال لقائد جيش المسلمين، لا والله يا طارق، ما أنا بالرجل الذي يسلم لك بلاده، ولا بالذي يعطيك مفاتيح ملكه، وإن أعطيتي من الضياع ما أعطيت، وملكتني في سبي أهلي وأبناء ديني، فهذا البلاد كلها بلادي، وهذه الكروم لي ولأجدادي، فما أنا بالذي يفرط فيها، ولا أسلمك والله مفاتيحها، ولا أعطيك عهداً يسترق شعبي، ويستعبد أهلي، إلا أن تدق عنقي، أو تعيدني إلى خيمتي حيث كنت فيها مقيداً، مغلولاً فلا يفكني منها عطاؤك، ولا تسعدني الحرية بما عرضت علي من قرى وضياع، قد كانت لي ولشعبي، ولكن ظلم لدريق أضاعها، وجهله حرمه منها، إذ لم يجد من يدافع عنها.
وقف طارق أمام الراهب عباس "أوباس"، فرآه أطول قامةً من قامته التي رأه عليها، ورأى رأسه عالياً يتشامخ، وصوته عالياً لا يخفت، وعيونه تدمع ولا تجف، فعلم أنه رجل عزيز، وصاحب رأي سديد، وحكمة لا تخيب، إذ لا يحب أن تستباح بلاده، وأن يضيع ملك أجداده، ولو كان ذلك ثمناً لحريته، وعطاءً ممدوداً له ما كان يحلم به أو يتوقعه، وهو الذي كان سجيناً يعذب، ومغلولاً يؤنب، وفي قيوده يرسف. 
فسكت عنه طارق، وأومأ إلى رجاله أن يأخذوه إلى أحسن الخيام ليستريح وينام، فقال له عباس "أوباس" بجراةٍ لا تردد فيها، أتأذن لي بالمسير، أم ما زلتُ عندك أسيراً، فأعود إلى الأغلال، فقال له طارق، بل أنت حرٌ ولك الخيار أن تسير. 
فسار عباس "أوباس" خارج الخيمة، وامتطى ظهر جواده وانطلق، وقد علم طارق، أنه حرٌ يريد أن يموت دون أن يفرط، ولا يحب أن تكون خاتمته خيانة، ومصيره أجيراً عند عدو بلاده متعاوناً معهم، ومتآمراً على شعبه، فأكبره طارق، ووقف أمام خيمته ينظر إليه وهو ينطلق أمام ناظريه، ليودع رجلاً أبى وهو في ضعفه أن يخون بلاده، ورفض أن يبارك للفاتحين أمرهم، وإن كان الفتح قد تم لهم، والبلاد قد دانت لجندهم.
مات عباس "أوباس" ولم يتنازل للفاتحين عن بلاده، ولم يسلم لهم بما أراد قائدهم، ولم يعطِ كلمةً تفقده الحق في وطنٍ كان له، رغم أن الفاتحين كانوا رحمةً لأهله، ومنقذين لشعبه، ومخلصين لهم من ذل لدريق ورجاله، فقد أقاموا في بلاده حضارةً، تغنى بها العالم، وازدانت بها طليلطة وغرناطة واشبيليه وكل الأندلس.
فهل يقتدي الرئيس محمود عباس بالراهب عباس "أوباس"، ويكون مثله فلا يفرط، ويودع الدنيا ولا يوقع، ويترك الحكم ولا يتنازل، ويصمد على الجرح ولا يعطي العدو ما يريد، ولا يخضع لأمريكا، ولا يجيبها إلى ما تريد، وقد ناهز عمره الثمانين، وإن بقي له في العمر من حياة، فهي أيام قليلة، فهل يحفظ خاتمته، وينهي مسيرة حياته بصمودٍ يُحفظ له، فيغادر واشنطن برأسٍ مرفوعٍ، وصوتٍ عالٍ، وعزةٍ أبية، بأن الشعب الفلسطيني لا يفرط في أرضه، ولا يتنازل عن وطنه، ولا يساوم على حقه، فيحفظه شعبه، وتدعو له الأمة بعد رحيله. 

قصة عائلة تختصر قصة الشعب الصيني/ د. عبدالله المدني

أصدرت المطابع العام الماضي كتابا متميزا للكاتبين "شيرمان كوتشران" و "أندرو هسييه" حول عائلة "ليو" الصينية التي كانت يوما ما من أشهر عائلات شانغهاي التجارية، وأكثرها نفوذا وبروزا. 

وتتجسد أهمية الكتاب في أن قصة هذه العائلة وما مرت به من تحديات ومصاعب وإحن خلال الحرب الصينية اليابانية ما بين عامي 1937 و 1945 أولا، ثم أثناء الأحداث التي إنتهت بإنتصار الشيوعيين في عام 1949 على قوات الكومينتانغ الوطنية ثانيا هي إختصار لما عاناه الشعب الصيني كله، أو ربما إنطبقت على عائلات صناعية وتجارية أخرى.

والحقيقة أن الكاتبان، بإعتمادهما على مضامين رسائل خاصة بعائلة "ليو" تبودلت ما بين ربها "ليو هونغشينغ" وزوجته "يي سوتجين" وأبنائهما كشفا النقاب عن أشياء جديدة لم تكن معروفة من قبل، ليس على صعيد العالم الداخلي لهذه الأسرة وكيفية بنائها لثروتها ونفوذها، وإنما أيضا لجهة ما رافق تلك الحقبة من تحديات وقلاقل وفوضى وخوف.

والمعروف أنه في النصف الأول من العشرينات برزت هذه العائلة كإحدى أهم وأشهر العائلات الصينية المنخرطة في عالم المال والأعمال، والمتسيدة لأمبراطورية صناعية تنتج الكبريت والأصواف والأقمشة القطنية والأسمنت والطوب. وعــُرف عن هذه الأسرة إهتمام ربها بإعداد أبنائه وبناته إعدادا جيدا توطئة لتسليمهم مهام إدارة إمبراطوريته من بعد مماته. لذا فقد عمد إلى إرسال أبنائه التسعة وبناته الثلاث، من بعد أن تخرجوا من أفضل المدارس الصينية، إلى أرقى جامعات العالم مثل جامعة كمبردج البريطانية، معهد طوكيو للتكنولوجيا، وجامعات هارفرد وبنسلفانيا و وارتون الأمريكية، إضافة إلى معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا. من ناحية أخرى حرص رب العائلة وأبنائه على الإشتغال بالسياسة من أجل التقرب من صناع القرار وكسب ودهم وصداقتهم، وبالتالي المحافظة على مكانتهم الإقتصادية والإجتماعية. لذا فإنهم عملوا جنبا إلى جنب مع الزعيم الوطني "تشيان كاي شيك" أثناء الحرب الصينية – اليابانية، ومع الزعيمين الشيوعيين "ماو تسي تونغ"  و"تشو إن لاي" بعد قيام جمهورية الصين الشعبية.

وبالعودة إلى الرسائل التي إعتمد عليها الكاتبان نجد فيها تصورات رائعة حول كيفية تفاعل عائلة تجارية ذات نفوذ مع الشئون والتطورات السياسية لمرحلة مضطربة ومعقدة في تاريخ بلادها، كما نجد فيها تساؤلات حول شئون سياسية غاية في الحساسية، ناهيك عن أحاديث ونقاشات حول كيفية مقاومة القيم الجديدة التي نشرها الشيوعيون، وكيفية حماية سلطة الأسرة على ممتلكاتها في ظل التطورات المتسارعة.

وقد أحسن المؤلفان عملا حينما قسما كتابهما إلى أربعة أجزاء من أجل أن يوضحا للقاريء كيف أن مناظرات عائلة "ليو" ورؤاها تباينت بإختلاف الفترات التاريخية التي وقعت فيها. فمثلا الجزئان الأول والثاني إختصا بحقبتي العشرينات والثلاثينات التي كانت الصين فيها تعيش مرحلة الإنفتاح على العالم، وكان فيها الصينيون يسافرون إلى الخارج بحرية. في هاتين الحقبتين توسعت إمبراطورية "ليو"، واستطاع ربها إقتناص العديد من الفرص المربحة، كما تمكن من إرسال أبنائه وبناته إلى جامعات الدول الرأسمالية ليتعلموا فيها وفي مجتمعاتها ما يعينهم على تحويل إمبراطورية أبيهم الصناعية إلى سلسلة إمبراطوريات عالمية عابرة للقارات. وحينما إرتحل الأبناء إلى الخارج للدراسة والتخصص ظلوا متواصلين مع أبيهم عبر الرسائل التي حملت تصوراتهم حول حياتهم الدراسية وعملهم في المستقبل وخيارات الزواج والإنجاب وغير ذلك من الأمور الخاصة، لأن الأمور العامة لم تكن تشغل بالهم في تلك الحقبة المزدهرة والمستقرة.

لكن الجزء الثالث من الكتاب مختلف تماما لأنه يختص بفترة الحرب الصينية اليابانية التي إنقطع بسببها تواصل الصين مع الغرب، وجعلت أسرة "ليو" في موقف دفاعي أمام قوات الغزو اليابانية، الأمر الذي دفع ربها - وعدد من أبنائه - إلى مغادرة شنغهاي طوعا، تاركا زوجته وأبناءه الآخرين وراءه. في هذه الحقبة تبادل أفراد الأسرة الرسائل ايضا، لكنها كانت رسائل تتمحور حول إستراتيجيات قصيرة المدى من أجل البقاء والصمود، إضافة إلى مناظرات ونقاشات حول الشئون السياسية مثل: هل من الأفضل التعاون مع الغازي الياباني الذي يحتل مسقط رأس العائلة أي شنغهاي؟، أو الإنحياز لحكومة "تشيانغ كاي شيك" الوطنية التي كانت قد إتخذت من مدينة "تشونغ قينغ" البعيدة عن شنغهاي بنحو 900 ميل عاصمة لها؟ أو الإنضمام للحركة الشيوعية بقيادة ماوتسي تونغ التي كانت تتخذ من مدينة يانان على بعد 750 ميلا من شنغهاي قاعدة لها؟

أما الجزء الرابع الرابع من الكتاب فيتضح منه كيف أن العائلة وجدت نفسها في ظروف تطورات راديكالية كنتيجة لإنتصار الشيوعيين في عام 1949 ، وهو الحدث الذي كان محور رسائل "آل ليو" وتساؤلاتهم عما إذا كان الخيار الأفضل هو البقاء في الصين، أو الخروج منها، أو عودة من خرجوا منها من الأبناء أثناء الغزو الياباني، خصوصا وأن رب العائلة "ليو هونغشينغ" كان قد غادر شنغهاي متخفيا إلى مستعمرة هونغ كونغ البريطانية بمجرد إستيلاء الجيش الأحمر على شنغهاي في مايو 1949 .

وخلال الاشهر الست التالية لمغادرة "ليو" لمسقط رأسه دارت مراسلات عديدة بينه وبين أبنائه في الداخل كان محورها هو هل من الأفضل له أن يبقى حيث هو أي في هونغ كونغ يدير ما تبقى من ثروة العائلة وينميها؟ أم يستجيب لدعوة أرسلها له رئيس حكومة النظام الشيوعي "تشو إن لاي" من بكين يحثه فيها على العودة إلى شنغهاي؟ 
والمعروف أن "ليو" لم ينحز للخيار الثاني ويعود إلى مسقط رأسه فحسب وإنما ظل يحاول أيضا إقناع إثنين من أبنائه الدارسين في الغرب بالعودة إلى شنغهاي بعد تخرجهم في ظل رفضهم ومقاومتهم للفكرة بدعوى إنعدام الحريات في الصين الماوية من بعد أن كانت متاحة ومضمونة في الصين الوطنية. ويقول مؤلفا الكتاب أن رفض الإبنين لدعوات والدهم أشعل بين الطرفين ما يشبه الحرب الباردة التي ذكرتهم بالسجالات والصراعات التي دارت بين الأب وولده الأكبر حول كيفية إدارة شركات العائلة ومصانعها في ظل الإحتلال الياباني زمن الحرب الصينية – اليابانية.

تــُرى ماذا كان وضع هذه العائلة وإمبراطوريتها اليوم، بل ماذا كان مصير الصين كلها لو لم تنتصر جحافل الجيش الأحمر على قوات الكومنتانغ الوطنية وتؤسس لنظام حديدي أهوج على مدى أكثر من ثلاثة عقود؟

د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة : فبراير 2014 
البريد الالكتروني: Elmadani@batelco.com.bh


معك يا سيادة الرئيس / سري القدوة

ان مواقف الرئيس محمود عباس تجاه عملية السلام مواقف كانت واضحة وثابتة وتعبر عن شعبه وعن مواقف فصائله فهو الرئيس المنتخب وصاحب أول تجربه انتخابيه حرة نزيه في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وهو ابو الديمقراطية والحوار والسلام , ولكن الحقيقة واضحة هنا بان الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يرفض السلام ويقف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي موقف همجي رافض الاعتراف باستحقاقات السلام متسمرا في بناء المستوطنات ومصادرا للأراضي قامعا ومنتهكا حقوق الإنسان الفلسطيني رافضا إطلاق سراح الأسرى ومستمرا في التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني بالعودة الي أراضيهم .
إن القيادة الفتحاوية وكوادر الحركة وأعضاءها وجماهير الفتح تقف اليوم أمام مسؤولياتها التاريخية في وحدة الموقف والقرار وتعزيز الرؤية الشاملة نحو برنامج السلام الفلسطيني والمبادئ الاساسية لخطة ونهج الرئيس محمود عباس وتكريس مبدأ الديمقراطية واحترام الآخرين نهوضاً لهذه الحركة وتأصيلاً لعلاقتها مع الجماهير الفلسطينية.. جماهير الفتح.. فتح الانطلاقة.. فتح العاصفة... فتح الانتفاضة والديمومة والاستمرارية.. فتح الدولة المستقلة والقدس عاصمتها..
إن هذا الموقف الفتحاوي ووحدة الأطر الحركية بداخل الوطن وخارجه وفي أماكن الشتات يعزز اليوم أروع صورعبرت عن إدراك كوادر الفتح لحجم المسؤولية الوطنية في استمرار الحركة وضمان تفعيل مؤسساتها وقيادتها للنضال الوطني الفلسطيني على طريق تعميق النهج الفتحاوي وتأصيل العمل الوطني وتكريس روح الوحدة الفتحاوية وفاءًً لدماء الشهداء والجرحى والمعتقلين ومن أجل النهوض بمؤسسات الفتح والاستمرار في رسالتها الخالدة على طريق نهج الحرية والوحدة الوطنية ووحدة مؤسساتنا الفلسطينية من أجل قيام دولتنا واستقلالنا الوطني.
فلسطين الدولة تنتصر ويكبر الحلم ويكون الفرح الفلسطيني القادم له مذاق اخر بلون العلم فما اجمل تلك العيون التي انتظرت هذا اليوم وما اروع الطفل الذي حمل العلم وغني لفلسطين .. ما اجمل تلك اللحظة التي امتلأت فيها الوجوه بالفرح وعبرت العيون عن معني الوجود وكبرت الفكرة في حجم دولة طالما حلمنا بها وسجلت في الوجدان الفلسطيني الخلود والبقاء ..
أننا نستغرب قيام البعض بإثارة الفتن والقفز عن الشعب الفلسطيني وقيادته وعن استحقاقات المصالحة وإصدار بيانات الفتنة والعار من قبلهم والتشكيك بالرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية وادعائهم أنهم يمثلون الشباب الفلسطيني .. وادعائهم أنهم يتبنون مواقف الشباب وثورته التي تسهم في إنهاء الانقسام والعدوان فإننا نقول لهم أن مواقفكم خارج نطاق الصف الوطني .. واليوم سقطت عوراتكم وأصبحت مؤامراتكم واضحة , فلا مجال هنا لتشكيك بالوحدة الفلسطينية ولا مجال أيضا للقفز عن القيادة الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في إطار منظمة التحرير الفلسطينية التي هيا الدولة وليست حزبا بالدولة .
أن نضال شعب فلسطين سيثمر علي قيام دولة فلسطين وان صراع شعب فلسطين هو صراع مع عدوه الاول الاحتلال الاسرائيلي الغاصب لأرضنا والسارق لوطننا وستبقي بوصلة فلسطين تجاه الوطن الفلسطيني مستمرة .. ولن ينالوا من دولتنا ولا من صمود شعبنا مهما تكالبت قوي العدوان والظلم والتآمر .. لن تسقط قلاع الثورة وستستمر حتى قيام الدولة الفلسطينية واحده موحدة فوق التراب الوطني الفلسطيني .

المجد لشهداء فلسطين والنصر لشعبها العظيم
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
www.alsbah.net

الأمة بين التخوين والتكفير/ د. مصطفى يوسف اللداوي

انقضى عمر أمتنا العربية والإسلامية بين محنتين كبيرتين، وأزمتين باقيتين، وعقلين متحجرين، وتفكيرين ضيقين، وفهمين قاصرين، ومنهجين دخيلين، ومقاييس باطلة، ومعايير فاسدة، وحساباتٍ خاطئة، واجتهاداتٍ في غير محلها، وأحكامٍ في غير زمانها، وقادةٍ جهلاء، وصبيةٍ صغار، وأولادٍ لا يعون، ولا يقدرون ولا يفهمون، يحكمون بالبندقية، ويرهبون بالعصا، ويخيفون الناس بالتفجيرات، وكبارٍ يؤدبون الآخرين بالسجون والمعتقلات، وبالقضاء والمحاكم، وبالقوانين والتشريعات.
ومسؤولين سفهاء، ومشرفين غير حكماء، كانوا سبباً في تقسيم الأمة، والوقيعة بين أبنائها، وإحداثٍ شرخٍ كبيرٍ فيها، يزداد ولا ينقص، ويتعمق ولا يردم، ويباعد ولا يقرب، وينفر لا يبشر، ويشوه صورتنا ولا يجملها، وينفر الناس ولا يقربهم منا، وكلهم لا يعنيهم الإصلاح، ولا تهمهم مصالح أمتهم.
فهذا فريقٌ يتهم الآخر بالتبعية والرجعية، والانغلاق والتحجر، والتخلف وعدم التمدن، وبأنهم أذناب الاستعمار، وذيول الإمبريالية، وورثة القوى الرجعية، وأنهم عملاء مأجورين، وجواسيس مندسين، يعملون لحساب جهاتٍ معادية، وينفذون تعليماتِ دولٍ أجنبية، وأجهزةٍ أمنية دولية، وأن مرجعياتهم غير وطنية، ومنطلقاتهم غير قومية، وأنهم ينسقون مع غيرهم، ويتلقون دعماً مالياً من جهاتٍ معادية، وأخرى مشبوهة.
كما يتهمونهم بأنهم يستثمرون أموالهم في الممنوع، ويتاجرون في المحرم، ويضاربون في البلاد وخارجها، ويتعاملون في البورصات ولهم أسهمٌ في البنوك والمصارف الوطنية والأجنبية، وعندهم حساباتٌ سرية، وأخرى بأسماء غير حقيقية، وأنهم لا يوالون أمتهم، ولا يؤمنون بالروابط بينهم، وأنهم يفرطون في أمن بلادهم، وسلامة أوطانهم، لصالح حملة أفكارهم، والمؤمنين بعقائدهم، ولو كانوا معادين لبلادهم، ومختلفين مع حكوماتهم.
ويحلو لهذا الفريق أن يصف أتباع الآخر، بكل الصفات الدنيئة الحقيرة، التي لا تليق ببني البشر، ولا تصح أن تكون بين أبناء الأمة الواحدة، الأمر الذي يزيد في حجم الهوة ويعمقها، ويعقد الخلاف بينهما ويشعبه، ويجعل من فرص التلاقي صعبة، واحتمالات الوفاق مستحيلة. 
إذ يصفونهم بالجهلة السفهاء، وبأنهم سفلةٌ أنذال، ومنحطين حقراء، وأنهم رعاعٌ لا يفهمون، وهمجٌ لا يتحضرون، لا يستوعبون الحضارة، ولا يقبلون بالفن ويحاربون الفنانين، ولا يجيزون الإبداع ويحرمون التجديد.
وأنهم إرهابيون مخربون، وفاسدون ومنحرفون، وأنهم السبب في الفوضى والخراب، وأنهم وراء التفجيرات والعمليات الإرهابية، فهم يخططون وينفذون، أو يوفرون الحاضنة المناسبة، والرعاية المطلوبة، أو يحمون المنفذين، ويتسترون على المجرمين، ويسهلون عملياتهم، ويساعدونهم في تنفيذها، بجمع المعلومات التي تلزمهم، أو إخفاء المعلومات التي تخصهم وتدل عليهم، والتعمية عنهم، وتضليل الجهات الأمنية.
ويتهمونهم بأنهم يصدرون الثورات، ويرعون الانقلابات، ويتآمرون على الأنظمة والحكومات، وأن خلاياهم النائمة تعمل باستمرار، وتنهض في كل وقت، بما يهدد السلم والأمن، ذلك بأنهم لا يحبون الاستقرار، ولا يقبلون بالوفاق والأمن والسلام، بل يحبون إشاعة الفوضى، والإكثار من المظاهرات والاضطرابات، وتعكير الحياة العامة، وغير ذلك من الصفات والنعوت، التي تضر ولا تنفع، وتسيئ ولا تخدم.
ويحكم هذا الفريق على خصومه بأحكامٍ قاسية، يجردهم بها من حقوقهم في المواطنة، ويتهمهم في وطنيتهم، ويصدر أحكامه عليهم بأنهم إرهابيين وقتلة، وأنه يجب أن تفتح لهم السجون، وتشرع في وجوههم المعتقلات، ويشجعون القضاء والمؤسسات التشريعية، لتخرجهم عن الشرعية، وتعتبرهم خارجين عن القانون، ثم تحرمهم من حقهم في العمل والوظيفة، وتعاقبهم وأولادهم في الحياة العامة، وكأنهم منبوذين ملعونين، أو مرضي يحملون العدوى، يجب عزلهم وفصلهم، وحرمانهم من أي مشاركة في الحكم والسياسة.
أما الفريق الآخر فيتهم الأول بالكفر والفسوق، والعصيان وإيتاء الكبائر، والانحراف والضلال، والبدعة والزندقة، والانحلال والتفسخ، والزنا والتعري، والفتنة والشبهة، وأنهم يدعون إلى الاختلاط، ويشجعون على فساد الأخلاق، ويعطلون ما فرض الله ورسوله، وأنهم يفرطون في الفرائض، ولا يؤدون الصلاة، ولا يصومون شهر الله، ولا يعظمون شعائره، وأنهم يحرمون الحلال ويحلون الحرام، ويرتكبون في كل يومٍ الكبائر والموبقات.
ويتهمونهم بأنهم يغيرون في الشكل، ويتدخلون في الخلق، وينمصون في الوجه، ويوصلون الشعر، ويعبثون في الشفاه والحواجب، وفيما خفي من الجسم وظهر، ويكشفون عن عورات الجسد، دون مراعاةٍ لحرمة، أو تجنبٍ لفتنة، وأنهم يتشبهون بالكفار، ويقلدون غير المسلمين، وأنهم يحبون أن تشيع الفاحشة بين المسلمين، وأن يرتكب أولادهم الحرام، ويقترفون المنكر. 
ويتهمونهم بأنهم يوالون الحاكم، وينافقون السلطان، ويؤيدون الأحكام الوضعية، ويعطلون الأحكام الإلهية، ويعترضون على النصوص القرآنية، ويفرضون مفاهيم غير إسلامية، ويتعاملون بالربا والنسيئة، ويمتنعون عن الزكاة والصدقة، ويجاهرون في الشارع بالإفطار والمعصية، واقتراف الحرام وممارسة غير المشروع من الفعل.
ويحكم هذا الفريق عليهم بأحكام الكفر والردة، وحدود المعصية والزندقة، ويقاطعهم ويدعو لفرض العزلة عليهم، وعدم الاختلاط بهم، أو التعامل معهم، أو الدفاع عنهم، وتبرير تصرفاتهم، أو بيان حقيقة نواياهم، وتفسير سلوكهم إن كانت هناك تهمة، أو عدم وضوحٍ في الرؤية. 
ويتهم المتعاونين معهم بالكفر مثلهم، أو الضلال معهم، والتستر عليهم، ويطالب بإقامة الحدود عليهم، قتلاً ورجماً وجلداً وقطعاً للأيدي، ويجمع الناس ليشهدوا عقابهم، والقصاص منهم، لمزيدٍ من الإهانة، أو لبعض الدرس والموعظة، أو لشئٍ في النفس غير هذا وذاك، ليرتدع فريق، ويخاف آخر.
أمام هذين الفهمين المتناقضين، والصفات المتنابذة بين الفريقين، فإن الأمة قد ضاعت وتمزقت، واختلفت وتباينت، بين تكفير البعض وتخوين الآخر، فهذا الفريق قد نصب نفسه حامياً للوطن، وحارساً للعروبة، وقيماً على آمال وأهداف الأمة، فخون من عارضه، واتهم من نافسه، ووصفه بأنه عميلٌ مندس، وجاسوسٌ خائن.
بينما جعل الآخر من نفسه خليفة الله على أرضه، ووصياً على دينه، يرى أنه يحكم بما أنزل الله، وأنه ينفذ مشيئته على الأرض، ويطبق منهجه بين البشر، فكفر دون علم، وأخرج من الملة دون سببٍ، وطبق أحكاماً عطلها الشرع إلا بشروط، وعلق تنفيذها إلا بموجباتٍ وظروف.
بين التكفير والتخوين غاب العقل، وفُقدَ المنطق، وساد الكره، وحلت بالأمة المصائب والنكبات، ولا أحد من الطرفين يريد أن يدرك أن هذا الوطن لنا جميعاً، ويسعنا كلنا، لكن بمحبةٍ وتفاهم، وبصدقٍ وإخلاص، فإن لم نقبل بالعيش فوقه أحياء، فإننا سنجبر على أن نسكن جميعاً في جوفه أمواتاً.

هولوكست الاقباط/ لطيف شاكر

قدم الاقباط أنفسهم و أرواحهم ودمائهم رخيصة من أجل رفع راية هذا الوطن العظيم ، ومن أجل أن يعيش هذا الشعب بكل حرية  واستقلال  , ليس من خلال الثورات الحالية وثورات الزمن الافضل  فحسب, بل  خلال الاحداث الدموية اليومية منذ ثورة العسكر الدينية عام 52 ,تحمل فيها الاقباط الويلات المريرة بصبر واحتمال  تهتز له الجبال الفارعة  من فرط الاضطهادات  والاستخفاف بهم والتقاعس عن حمايتهم.  يقول المؤرخ عبد العزيز جمال الدين في كتابه يوحنا النيقوسي:
"أن وجود المصريين الأقباط ,رغم الأحتلال والقهر اٍلي يومنا هذا يعد معجزة من معجزات البقاء . فعلي الرغم من الاضطهادات العاتية التي مر ويمر بها المصريين الأقباط علي مر العصور اٍلي يومنا هذا ,فما زالوا يعيشون صراعاتها ويتعايشون مع احداثها وباقون لاٍستكمال مسيرتهم ".

وقدموا الاقباط علي مر العصور امثلة حية لحبهم للوطن  والتمسك بارضه مفضلين ان يتحملوا الذل  والاهانة واهدار حقوقهم والتصغير من شانهم والتحقير من عقيدتهم كل يوم في وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والسمعية عن الاستقواء بالخارج ليجأروا بالظلم  الواقع عليهم  وعلي عائلاتهم في العمل والمدرسة  والبيت والشارع ..الخ.
وبات الاقباط يشربون كئوس العذاب والالم كالماء يوميا , بعد ان اصبح الدين السمة الرئيسية لكل مفاصل الدولة ,  والشريعة الاسلامية متغلغلة في كل المؤسسات , واضحي  المسيحي غريبا في وطنه , وتفشت التعاليم الدينية المحرضة علي قتل واضطهاد الاقباط  في النشء الصغير, وفي الاعلام طوال النهار والليل بلا هوادة او استحياء .
وليس معني هذا أن الاقباط ضعفاء ولكن تغلبت ثقافتهم الدينية عن ثقافة الدولة,  فاحتملوا الاضطهاد  والآلام وضحوا بكل غال من أجل سلامة الوطن  وعدم تفتيته, لكن عندما تغلب ثقافة المجتمع البدوي عن ثقافتهم الخاصة  سيحذوا حذوهم ويسيروا علي خطاهم  لان من عاشر قوم  ازمنة طويله سيصيروا حتما مثلهم  وسيتطبعوا بالتاكيد  بثقافتهم حيث لايكون الاعين بعين وسن بسن و الاستقواء بالخارج  وفضح الاكاذيب  امام الجتمع الدولي ,والاخطر من هذا كله التفجير الانتحاري في وجه الجميع   مادامت الثقافة الصحراوية  الدموية  اصبحت هي السائدة  في المجتمع, وباتت شبه مشروعة  من خلال صمت الدولة وسلبية الامن وظلم القضاء ,فاين المفر وما هو الحل  فالموت امامهم  لامحالة والاستخفاف بدمهم  وتبرير الجناة  وتجريم الضحايا خلفهم دون رادع او حساب ....   
لقد بلغ السيل الزبي وضاق  بنا  الوطن جراء تفشي الارهاب الاسلامي في كل بقعة من ارض مصر ,ويزداد توحش  الجماعات الارهابية كل يوم , بعد ان  احتضنتهم الدولة في العهود السوداء السابقة  , حتي انقلب السحر علي الساحر فقتلوا السادات  (المؤمن ) وحاكموا مبارك المخلوع  ولم يسلم طنطاوي من الاستهانة به وطردوه  بعد ان سلمهم مقاليد الحكم , وأخذهم  الغرور وتخيلوا باستعلاء الاغبياء  انهم الاعلي  والاقوي وسيحكموا  مصر الي الابد, ويحولوا مصر الي امارة بعد ان يمحو تراثها المصري الاصيل وحضارتها الشاهقة , ويعودوا بها الي  البداوة والتخلف  ,  لكن الله  لا يغفل ولا تغمض له عين   ودارت عليهم  الدوائر ,  فقامت الثورات وكان للاقباط الدور الوفير في اشتعالها ضد مماليك العصر الحالي  وهكسوس الزمان الحاضر  والقي بهم  في غياهب السجون وانتهوا  بلا رجعة باذن الله.
وناصب اذنابهم العداء الدموي-- كطبيعتهم المعهودة في كل عهودهم البغيضة-- للمسيحيين  وشددوا عليهم الكراهية فراحوا يقتلونهم بدم بارد انتقاما منهم  لاشتراكهم الفعال والمجدي في نجاح الثورات ,بعد ان سلبوا ممتلكاتهم واحرقوا متاجرهم وأخربوا بيوتهم وخطفوا بناتهم القصر  (الضني الغالي) امام  عائلاتهم  لاسلمتهم الجبرية وفرض فدية تصل الي عشرات بل مئات الآلاف من الجنيهات   دون تدخل الدولة او يرمش للمسئولين لهم  جفن   .  

وامام صمت المسئولين  ازدادت  شهوة الاسلاميين في التنكيل بالاقباط وقتلهم للفوز بالجنة الموعودة والجهاد في سبيل الله بقتل الابرياء وهو  اسمي معانيهم  وليس في مصر فقط بل بدأ يلاحقونهم  في كل مكان هربوا اليه من اجل لقمة العيش بكرامة لهم ولعائلاتهم مادام الوطن تغاضي عنهم  واستهانوا بدماء الاقباط  دون حسيب او رقيب واصبح القتل  علي الهوية مباحا ومستباحا .
وامتدت اياديهم المخضبة بالدماء بقتل سبعة أقباط في ليبيا وبعد يومين قتلوا الثامن  مادام  دمهم رخيص... ومازال الحبل علي الغارب,  فلن يشفوا غليلهم الا بقتل كل المسيحيين من خلال الخلايا الاسلامية بليبيا  حتي يكون الجهاد مقبولا امام اله لايستريح الا بدماء المسيحيين   
واين الوطن ياسادة ازاء هذه الجرائم التي يندي لها الجبين, وما الاجراءات الفورية التي اتخذتها الدولة لاعادة المسيحيين من ليبيا قبل فوات الاوان وذبحهم علي المشاع او حرقهم لتكون هولوكست الاقباط  في هذا الزمان بيد الجماعات الاسلامية في غياب الدولة المصرية ....وهل من سامع ؟  .