ما الذي ينقص الأخضر ليكون شجرة؟/ كمال العيادي

منذ زمن بعيد، وأنا معجب بحكاية رواها لنا أحد الأساتذة، ومفادها أنّ طفلاً  صغيراً في إحدى القرى الإسبانية اقترب من نحّات، جار، كان يهمّ بصخرة كبيرة ويجسّها من كلّ  جانب، وسأله مندهشاً من حركاته الغريبة قائلاً:

- لماذا تجسّ  الصّخرة وتدقّ  عليها يا عمّي؟
فأجابه النّحات العجوز بنظرة حالمة:

- أريد أن أجعل منها حصاناً يا ولدي.
ضحك الطّفل الصّغير من سذاجة الجار العجوز ، وانطلق يجري مُلتحقاً بأمّه ..

عاد الطّفل آخر النّهار، وانتبه لوجود حصان بديع بحديقة الجار العجوز. وحين اقترب من سور الحديقة الفاصل، رأى الجار النحّات يقلّم الأغصان، فسأله منبهراً:

- كيف عرفت، أنّ الحصان كان متخفّياً كامل الوقت داخل تلك الصخرة، يا عمّي؟

ومن بين أغراضي القليلة التي حفظتها من دفاتر الطفولة الأولى، رافقتني هذه الدّهشة البكر في سؤال الصبيّ كلّ الوقت، وإلى اليوم ما زالت ترافقني. وأذكر أنّ أحد الأصدقاء الصحافيين سألني قبل ربع قرن في أوّل حوار نشر معي بالصحافة التونسيّة، عن غاية طموحي من الكتابة، فأجبته فوراً، وبدون تردّد، بأنّني أريد أن أكون بسيطاً وعميقاً مثل شارلي شابلن. واستغرب صديقي أيامها من جوابي الغريب. ولكن موقفي لم يتغيّر أبداً، فما زلت إلى اليوم مُخلصاً لرأيي وما زلت أحلم بأن تكون كتابتي بسيطة وعميقة تماماً، مثل شارلي شابلن. ففي البساطة والعمق، يكمن جوهر السرّ.

وبقدر ما أؤمن أنّ الحاجة إلى البساطة والعمق، ضرورية، ليس فقط في الكاتبة، ولكن أيضاً في كلّ  مجالات الفنون، وأشكال التعابير الإبداعية. فإنني أعتقد أيضاً أنّ هذا بالضبط ما ورّط الآلاف من المبدعين المبتدئين في فخّ الاستسهال. فحين تقرأ قصائد الشاعر الكبير محمد الماغوط مثلاً، وتباشر قصائده النثرية البسيطة، تظنّ أنها سهلة، ويمكن تقليدها، ولكنّ عجينة العبارة التي ينحت منها الماغوط، عجينة نادرة وغير مغشوشة، وكلّ محاولة لتقليده انتهت بفشل ذريع وسقوط في المباشرة ولم تنتج غير قصائد هزيلة مفتعلة ومفكّكة.

وكذلك الأمر في الرسم وفي الموسيقى وفي المسرح وجميع أشكال الفنون. فما أبسط وأروع ألحان السيّد درويش الموسيقي العصامي، وما أجمل لوحات غوغن وأعمق ضربات فرشاته التي يتوهّم أبسط تلميذ أنّه قادر على تقليدها، وما أبدع مسرحيات يوجين يونيسكو التي يظّن الغافل أنّ عشرة كراسٍ  وممثّل صامت وضوء منكسر هيّ كلّ أدواته .. ولكن ما الذي يجعل تقليد هؤلاء العباقرة رغم البساطة الظاهرة التي تسبغ أعمالهم شبه مستحيل؟

الجواب يكمن ببساطة في الشطر الثاني من الجملة. إنّه العمق. العمق، حين يكون الوجه الثاني للمعادلة، الذي يجعل الخطّ أسطورة، والكرسيّ أدغالاً والدندنة إعجازاً والعبارة المتداولة جمرة ملتهبة تدفئ الرّوح وتُلهمها، وليست مجرّد فحمة باردة مُنطفئة. 

والآن هل أحتاج فعلاً  أن أجيب عن السؤال الأزليّ: ما الذي ينقص الأخضر ليكون شجرة؟

(*) كاتب وشاعر تونسي مقيم بالقاهرة.

هل المتأسلمون مصريّون؟/ أنطوني ولسن

كل منا له تجاربه وحكاياته وقرءاته في مصر ، بل وبعلاقاته مع الأخر إن كان هو مسلما أو مسيحيا . لأني أرى في الحديث الصريح الواضح قد يخدم شباب مصر الحالي الذين هم في حالة من التأرجح بين ما يسمعونه عن علاقات المصريين بعضهم وبعض وكل منهم يؤمن بدينه دون أن يسيء لدين الأخر .

هكذا كنا ، وهكذا يجب أن نعود إلى ماكنا عليه من مودة ومحبة وإخلاص لبلدنا جميعا مصر .

أعود إلى الماضي الذي عشته في مصر ولربما تأخذني الذاكرة إلى ما يمكن أن أكون قد كتبت عنه من قبل من باب الحكايات .

المرحوم أخي صدقي في صغره كان معروف عنه شقاوته بين من في سنه ومحبة شباب الحي له لشجاعته .

ذات يوم دق جرس المنزل فقامت المرحومة أمي بفتح الباب وكان الطارق جارتنا     

والدة سعيد ، عن نفسي عرفتها . كانت غاضبة ، لكن بكل أدب وإحترام بدأت تشتكي لأمي  ضرب أخي لأبنها سعيد .

ببساطة قلب أم محب سألتها عن من تكون هيّ وأبنها سعيد ؟ مما جعل الجاره تتعجب فأجابتها أنا جارتك يا ست أم ولسن . أتذكر جيدا على الرغم من مرور كل تلك السنوات العظام ، أن أمي بعدما سمعت منها أنها جارتنا مدت يدها وأمسكت بمعصمها قائلة لها بالحرف الواحد " أهلا حبيبتي تعالي نشرب القهوة وماتخافيش على الولاد ، يتخنقوا ويتصالحوا . لكن أنا سعيدة إني تشرفت بمعرفتك . سامحيني إنتِ عارفه الأولاد ومطالبهم " .

تفضلت الست أم سعيد بالدخول وجلست مع أمي ودار بينهما أحاديث وأحاديث إستمرت لسنوات عديدة وكل منهما تسأل عن الأخرى في محبة وإحترام . وكان هذا أول درس تعلمته من أمي في معنى الجيرة ومحبة الجار والذي شاركتها فيه جارتنا خالتي أم سعيد وديانتها مسلمة ولم تحدث خلافات بين سعيد وصدقي شقيقي.  كان هذا في أواخر الأربعينات من القرن الماضي والذي إستمر حتى تركنا المنزل رقم 18 شارع السندوبي بشبرا مصر .

في عام 1951 بدأت الدراسة الثانوية للسنة الأولى ثانوي بمدرسة " الأمير فاروق " بالترعة البولاقية . جاء جلوسي في أخر الفصل وكان جاري أخي وشقيقي الذي لم تلده أمي ولم ينجبه أبي بل و شقيقي في الوطن مصر المرحوم محمد عبدالله الخولي ، لأن الصفوف الخلفية كانت " للطوال " وكنا بالفعل طوال القامة والمحبة وإحترام كل منا للأخر إلى أن وصل الحال بنا إلى تعارف العائلتين فأصبح لي شقيق ووالدة ووالد عم عبدالله على الخولي إمام مسجد الحي . فهل يوجد إمام مسجد له نفس صفات ذلك الرجل الذي لي مع عائلته أجمل ذكريات مصر ممثلة في شخصه  وفقهه ومحبته ومعرفته لما بين يديه من قرآنه الكريم ؟؟!! . لا أظن !.

لو أخذتكم في جولة من ذكرياتي في مكان أخر من مصر .. فليكن المكان بلاد النوبة التي أخذت مصلحة الأحوال المدنية على عاتقها عملية تهجير أهل النوبة إلى مركز كوم أمبو محافظة أسوان .

تصادف أن وقت وجودنا هناك كان مع بداية شهر رمضان ، وأهل النوبة جميعهم مسلمين ، والذين معي من الزملاء مسلمون ما عدا فايز وأنا . وكان الفنان النحات المسيحي أحد الموجودين في أول قرية توجهنا إليها .

لم أعط  للموضوع إهتماما كبيرا . لكن حينما جاء وقت الغداء فوجئنا بعمدة القرية يدعونا وكل من هو غير صائم إلى الطعام . بالفعل كان الطعام جاهزا وانضم إلى ثلاثتنا زميل مسلم لم يصوم ويبدو أنه كان متوترا لتركه زوجته وأولاده في أهم أيام السنة ، شهر رمضان .

تنقلنا بين قرى النوبة . بقينا في بعضها ثلاثة أيام ، وفي البعض الأخر من القرى مدة أسبوع . فكانت نفس المعاملة للمسيحيين والمسلمين غير الصائمين .

حدث في إحدى القرى أن ضرب الزميل المتوتر الأعصاب خفير العمدة ولم أكن موجودا وقت ما حدث ، وكنا قد إقتربنا إلى موعد الأفطار .

جاء وقت الأفطار ولم يرسل العمدة طعام الأفطار . إنتظرنا قليلا وأقترح البعض أن نخرج طعامنا الذي إشتريناه ومنعنا العمد وأهل القرى من إستخدامه كرما ومحبة منهم .

سألت الزملاء إن كان أحدهم لديه فكرة لما يحدث . فكانت الأجابة من أكثر من واحد أن الزميل ضرب خفير العمدة كما سبق وأوضحت .

طلبت من الزملاء البقاء في أماكنهم وتوجهت إلى دار العمدة .

إستقبلني الرجل بوجه فيه شكوى . قلت له أنني هنا لأشكرك وأشكر أهل القرية على كرمكم ، وأننا سوف نستخدم ما معنا من أطعمة .

نهض الرجل واقفا مستسمحا وبدأ يقص عليّ ما حدث . لم أجعله يُكمل وقلت له وصلني الخبر وعرفت السبب أن الخفير لم يحترم الزملاء وأراد تخطي الطابور ومعه أحد أقاربه وهذا بالطبع شيء ممنوع سواء كان خفيرا للعمدة أو العمدة نفسه. أدرت ظهرى وههمت بالعودة ، فإذ بالرجل ينهض من جلسته ويمسك بيدي طالبا منى أن أتفهم الموقف أمام أهل القرية . كان ردي بسيطا إذ قلت له كان يجب عليك أن تأتي مع الخفر الحاملين للطعام وخاصة نحن في شهر رمضان وتخبرني بكل ما حدث أمام الجميع !. شعر الرجل بالخجل وأمر بإحضار الطعام وسار معي معتذرا للجميع .

المضحك هنا أن شباب القرية أصروا على عدم بيع السجاير للزميل ، والتجارة عن طريق " الفلوكا " فكنت أضاعف طلبي وأتقاسم معه حتى إنتهت فترة بقاؤنا بالقرية .

لم يمتنع أهل القرية عن تقديم الطعام للزميل فايز المسيحي وأنا والزميل المسلم الغير صائم في أوقات الصباح والظهيرة والعشاء . ولم نكن نُحرم من المشاركة وقت الأفطار والسحور . ما أجملكم يا أهل النوبة . عظمتكم من عظمة الفراعنة واليوم آتي لتعود مصر لأهلها من المصريين مسلمين ومسيحيين ومن كل دين أو مذهب أو ملة للتقدم إلى الأمام .

هذا هو المسلم الذي تسلم  الناس من يده ولسانه .

نأتي إلى المتأسلم الذي لا يسلم الأنسان من يده ولسانه .

صُدمت في زيارتي لمصر عام 1991 بهذا الكم من التغير إلى الأسوأ . العالم يتقدم ومصر تتخلف بصورة مذهلة وغير متوقعة . الناس تغيرت ، الوجوه تغيرت ، مفردات الكلام تغيرت ، عدد الناس في ذلك الوقت بالطبع تغير إلى اللامعقول ، العلاقة الحميمة بين الناس لم يعد لها وجود ، الثقة في المعاملة والتعامل تكاد تكون في ذلك الوقت معدومة . رجال لم نتعود على رؤيتهم يرتدون الجلباب القصير الأفغاني وسروال ، الذقون الطويلة ، " الذبيبة " تعلو الجباه وكلما كبر حجمها هاب الناس صاحبها ، المرأة تحجبت وأصبح للحجاب أشكال وألوان ، لن أتكلم عن المنتفبات ولن أدخل في جدال حول ما يرتديه الرجال أو النساء في مصر . لكن الذي أحزنني كثيرا الوجوه العابثة وغياب روح المرح التي كان يتميز بها المصري .  كمية الكُره للأخر المسيحي أو من يتبع مذهبا أخرا من المسلمين . تشعر وأنت سائر في الطريق أنك تسير بين أشباح متحركة لا هم لها سوى المظهر الخارجي ولكنها بعيدة كل البعد عن الأنسان الآدمي الحي . كان من الطبيعي لم أر عم عبدالله إمام المسجد ولا من الأصدقاء والجيران .

بدأت أبحث عن أخي المصري وأختي المصرية بغض النظر عن إنتمائاتهم الدينية أو العقائدية . بإختصار أُصبت بكآبة ولم أعد أرغب في البقاء في القاهرة ، ومع الأسف تكرر نفس المشهد ففضلت البقاء بعيدا عن الشارع محاولا تجفيف دموعي وأنا أردد مع شادية " يا حبيبتي يا مصر " .

سألت الناس ونفسي عن ما حدث لمصر !. وإكتشفت أن رئيس مصر قد بدأ يبتعد عن الشعب المصري .  وحلت محله الجماعات المتأسلمة التي أخذت وبشكل غير مألوف الهيمنة على عقول الناس وتجنيدهم لمصالحهم الشخصية كل جماعة وأهدافها.

لا أخفي عليكم أنني شعرت بالرهبة والخوف . الرهبة والخوف ليس من تلك الجماعات ، لكن من نفسي . نعم من نفسي فلم أعش في مثل هذا الجو البغيض والبعيد عن ما كنا نعيشه كأسرة واحدة مهما إختلفنا التسامح كان هو شعارنا ومبدأنا وحياتنا .

تركت مصر وأنا حزين وأقسمت بعدم العودة مرة أخرى . لكن أصرت روحي أن تبقى في مصر ، وعقلي وجسدي في وطني الثاني أسنراليا .

مرت مصر بفترة من أخطر فتراتها . إحتل مصر من أول الأسكندر الأكبر إلى الغزو العربي الأسلامي واجهت فيه تغيرات وتقلبات تهبط بمصر إلى قاع الهوان ثم سرعان ما تنهض مرة أخرى، تعود للهبوط مرة أخرى ثم تنهض وفي كل مرة لم تتخطَ مصر حاجز التأخر والتخلف إلى أن إستقل بمصر محمد على باشا وأنفصلت عن الخلافة العثمانية التي أذلت الشعوب التي تحكمها .

ظهرت جماعة الأخوان المسلمين عام 1928 على يد مؤسسها الشيخ حسن البنا وبدأت فكرة عودة الخلافة تطفو على سطح الأحداث ويكون لها تأثير واضح في مجريات الأمور في مصر إن كان التأثير سياسي أو ديني .

أصبح للجماعة تنظيم يسعى ويعمل على الوصول إلى الحكم مهما كلفهم ذلك من تضحيات . إستمر ذلك الأمل يراودهم ولم يكلوا أو يملوا ، بل أخذهم هذا الأمل إلى التعامل مع الشيطان للوصول إلى سُدة الحكم في مصر والتي ستكون المقر الذي سينتشرون منه إلى العالم أجمع ، وأصبح قول الغاية تبرر الوسيلة هو كتابهم المفضل والذي يتّبعونه في معاملاتهم وأعمالهم داخل مصر حتى وصولهم بالفعل إلى سُدة الحكم في 30 يونيو 2012 .

أعطاهم الشعب الثقة ، البعض أخطأ وأراد الأبتعاد عن حكم العسكر . ماذا فعلوا بمصر والشعب المصري ؟

كلنا نعرف ماذا حدث . وكلنا عشنا ومازلنا نعيش حالة التوتر بعد عزل الرئيس .

لكنهم مازالوا يهددون ويجتمعون في الخارج ويطالبون الغرب " الكافر " في نظرهم لقتال المصرين بعد أن فشلوا في تحقيق حلم إسرائيل والسيد العبد لله تعالى الرئيس باراك حسين أوباما الذي في رقبته وأولاده دماء الأبرياء الذين قتلوا لتمكين الأخوان السيطرة الكاملة على منطقة الهلال الخصيب .

وها هي مصر تعيش على صفيح بركان ساخن . وإصرار الأخوان على خراب مصر وليس إعمارها ليحققوا ما بدأوه من بيع مصر لمن يدفع لهم .

وطوز وألف طوز في مصر والشعب المصري .

فهل المتأسلمون سواء من الأخوان أو غيرهم حقا وفعلا مصريين ؟؟!!.

أترك لكم الأجابة .    

صعلكة أم سلبطة/ وعد جرجس

في القديم عندما كان العرب يعيشون عصراً جاهلياً امتلأ عصرهم هذا بالفروقات الطبقية المؤذية ...
فكان منهم أناس تملك الذهب والمجوهرات ومنهم من ملك النحاس و الفضة ومنهم من ملك السترة وما يسد الرمق
أما الطبقة الرابعة فقد كانت من المساكين والمشردين الذين لا يملكون أحياناً مأوى يحميهم من برد الأيام القاسية ولا مال يعينهم على الحياة ولا حتى ما يسد رمقهم إذا جاعوا مفتهمّشوا في هذا المجتمع وانظلموا بإهانة المتجبّرين بأموالهم وأصحاب النفوذ والسلطة حيث لم يكن هناك من يأخذ بيدهم أو يعينهم على حياتهم فدفعهم الظلم إلى التمرّد على المجتمع المحتكر لجميع نعمات الحياة وليس على مجتمع الفقير المتواضع المعيشة ... فسرقوا واحتالوا ونهبوا ولكن لم يسرقوا من فقير بل سرقوا ليطعموا فقير ...ولم ينهبوا ولم يحتالوا على رجل بسيط بل على تاجرٍ متخم بالمال وذلك ليسندوا ظهرالرجل البسيط الحال
فكان جزاؤهم الطبيعي والعادل في ذلك الزمن الذي انعدم فيه العدل الإجتماعي هو القتل والتنكيل والإستهزاء والنّبذ وذلك بأيدي الطبقات العليا التي كانت تنتحل واجهة المجتمع في ذلك الزمن فأطلق عليهم اسم الصعاليك كدلالة على الذل وانعدام المكانة الإجتماعية في حين أنّهم كانوا أنبل طبقة بين هؤلاء لأنهم هدفوا إلى إطعام من لا يملك ومساعدة من يحتاج وذلك من أموال من لا يحتاج والرد لهم جزءً بسيطاً من حقوقهم المسلوبة .........فالبشر كلهم خلقوا من ذات الطينة وبنفس اليد ولجميعهم الحق بالشعوربالتساوي في أساسيات الإحتياج الإنساني والكرامة الإنسانية فكانت صعلكتهم في ذلك الوقت بطولة وشرف وصرخة بوجه الظلم أذ دعو إلى إعطاء الشعوب الضعيفة حقها الإجتماعي في الحياة ........
أما الآن ونحن في القرن الواحد والعشرون ميلادي وبعد دهورٍ من التطور والنهضة الفكرية والأدبية بدأنا ننحدر إلى مستوى غدت أسوء عصورٍ في تاريخ مجتمعاتنا مقارنة بهذا العصر هي عصر الأنفتاح والنهضة الفكرية والإجتماعية فما يحدث الآن في هذا الزمن دمار شامل لكل النواحي الحياتية سواء الفكرية أو الأدبية أو الفنية أو الأهم وهي السياسية فهي اليد الكبرى في تخريب حياتنا لما تتميز به من عقولٍ فاشلة مريضة تسيّر هذا العالم وليس من محاسب لهؤلاء الذين سيقودونا لظلمة لم يسبق أن حلّت ..ولا نعرف إن كان هناك ظلمة أكبر منها ستحل على أرضنا لأننا لسنا بعارفين متى ستنتهي أصلاً !! فما يحدث لا ينبئ بخير أبداً ...
وأما عن الصعلكة فكان لا بد أن تظهر في عصرنا المتطلب لذلك بسبب تردي أساسيات الحياة الإنسانية فيه
فظهرت مجموعة من المتمرّدين المحتجين على الظلم والجهل والفقر والبطالة والكبت الفكري والتعبيري لدى الشعب والفروقات المادية الطبقية و و و و و .......ولكن بطريقة مختلفة عن صعلكة العصور القديم فلكل زمن أدواته ووسائله الفكرية الأجتماعية فكان هناك لديها مطالبات تظاهرية حضارية ونادت بكسر هذه القيود والتحرر منها فرحبنا بها وسرنا معها لأنها توحي بغد أفضل لمجتمعنا السوري الحر الواعي الذي يستحق الأفضل ولكن لم تلبث أن تدخل بينها صفوف غريبة الوجوه والطباع والألفاظ والأفعال وتدعي أنها من هؤلاء .......
ولكن مهلاً فمن دعى لحرية المجتمع من قيود الظلام والتخلف لا يمكن أن يتفق مع من أوقع مجتمعنا في حفرة من الظلام لا ندري كيف سنخرج منها 
فهؤلاء الذين يدّعون الصعلكة ليصنّفوا حسب هويّتهم وأفعالهم لا حسب هوية الشرف وأفعالهم هم ....والصفة التي يستحقون بكل جدارة أن يحملوها هي صفة أو كلمة نطلقها باللغة العامية على من تتنافى منه الأخلاف الإجتماعية أو الدينية وكل ما يفعله هو التعدّي على الآخر وهي كلمة (سلبطة) وهم فئة المتسلبطين وليس هناك كلمات تناسبهم أكثر من هذه الكلمة 
فهي تليق أبداً بمن يقتل الفقير ويشلّح ذاك الذي يحمل عشر ليراتٍ مهترئة أياها ..ويغتصب العزّل ويستولي على ما يملك المحتاج ليقبض هو من ذلك الذي يملك مالاً يكفي لتدمير بلدانٍ وليس لتعميرها ...
هؤلاء الذين أتوا من كهوف ومغاراتٍ لم يسمع بها ولا حتى جاهلي..وتجبّروا في أرضي النازفة بسيوفهم وقنابلهم وأنيابهم المستحمّة بدماءالأبرياء وأخذوا يصيحون ويهلوسون بكلمات لم نفهم منها شيء سوى كلمة فلتحيى الحرّية! هؤلاء الذين تسللوا باسم الدين و سفكوا باسم الدين ودمّروا باسم الدين وخطفوا أبرياء باسم الدين وذلك ليزيد دعمهم المادي ويزيد بذلك بطشهم و إرهابهم ...وخطفوا رَجُلَي دين عظماء في دينهم وفي ذاتهم وفي عيون شعوبهم باسم الدين 
المطران يوحنا إبراهيم والمطران بولس يازجي هذين الذين يستحقون التقديس من الكون برمّته يحاصرهم المتسلبطين في غرفة مليئة بأنفاس نجسة كافرة بعد أن ذهبوا هم إليهم بنية السلام والمحبة التي ولدوا وعاشوا بها في نور السيد المسيح قابلوا سلام المطرانين بما تربّوا أيضاُ هم عليه من حقد وكفر وفسق فيمتاز كل فاعل بفعله وبه يتّصف .... ولا يطلب هذين المجاهدَين الحقيقيَّين لأجل الله مساعدة أو تدخل أحد من المتربعين على الكراسي الكبرى في العالم المسيحي ليخلصوهم فهؤلاء هم بحاجة لصلوات أولائك و لمن يخلّصهم .................... 
خطفوهم لا لمال بل ليهدّدوا دين ٍ بدين كما هم يظنّون .......فهم لا يشملهم أي دين ولا يستطيعوا أن يهددوا إلّا أنفسهم فقط ففي أسوء الأحوال لدينا وأفضل الأحوال لديهم لن يكون هذين المطرانين إلّا أضحية شهيدة في سبيل السلام وفي سبيل المسيح وأما نحن فلن نحزن إلّا على فراقهم وسنسعد لبطولتهم هذه أما الإرهابيين سيزيد تهديدهم لنفسهم بدخول جهنم النار ليس إلّا وبأيدينا نحن فلا يظنّوا نفسهم يخيفوا أحداً و أنهم محاربين في سبيل الله. . . . . . . كلّنا محاربين في سبيل الله عندما يتطلّب الواجب 
وليس أي رأسٍ ينحر من رؤوسنا إلا نصرٌ لنا بمجالسة الرب وخطوة أخرى تقربهم من نار جهنّم 
فأسلحتهم تختلف عن أسلحتنا حيث أن السلام والمحبة والتسامح هو سلاحنا وهم سلاحهم هو سفك الدم فمن ياترى الذي سيربح هذه الحرب ؟!!!
متسلبطين ليس إلّا ..!!! دمّروا تلك الأرض المقدسة في وطني المنتحب ...
هل يعقل أن تتحد كل قاذورات هذا الكون وتجتمع لتدنس تراب أرضي الدامعة تحت أسم الرقي وتحت اسم الحرية وتحت اسم الديمقراطية !إن هذه الحرية حقاً هي حريتهم ولا تشمل أي مواطن سوري شريف فالشعب السوري الواعي يعرف كيف يقدم مطالبه بطريقة حضارية وليس بحاجة لهذه الحثالة حكي تطالب بحقوقه , وحلّها أو عدم حلّها أيضاً كان يمكن أن يكون بطريقة حضارية ...
ولكن دخول جماعات السلبطة هذه جعل الوضع يتفاقم ويعطي الحجة أو الحق للطرف الآخر ...
فأي رئيس في هكذا وضع هو الجندي الأكبر الذي من واجبه الدفاع عن شعبه فالمسألة لم تعد مسألة مطالب وحقوق ,المسألة أصبح هدفها مختلف تماماً وهو تدمير شعب وأرض وحضارة وتاريخ ونشر طائفية وتعدي عرقي وديني وكل هذا مسؤولية في عنقه تقع حتى ولو كان سفاحاً يجب أن يكون الآن جندي حقيقي في وطنه فلا شيء يعلوا شرف الشعب وشرف الأرض وشرف الوطن.....
وبعد انتهاء الأزمة يحق للشعب طبعاً حينها القرار ............ 

إنهم يحرقون الكتب ويغتالون الفكر/ شاكر فريد حسن

ما من شك ان العمل الذي اقدمت عليه جماعة الإخوان المسلمين في مصر أثناء عملية فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة ، بإشعال النيران في منزل الصحفي والكاتب والمؤرخ الكبير المعروف محمد حسنين هيكل واحراق مكتبته الغنية ، التي تحتوي على مخطوطات ووثائق وكتب تاريخة نادرة ، هو عمل بربري وهمجي ، وجريمة نكراء ضد الحضارة الانسانية ، وبمثابة اعتداء صارخ على العلم والفكر والثقافة والمعرفة والتنوير . وهي تعيد الى اذهاننا وذاكرتنا ما فعله التتار ببغداد عاصمة الرشيد في العصور الغابرة ، حيث حرقوا مكتبتها الضخمة والقوا كتبها في نهر دجلة حتى أصبحت مياهه سوداء من الحبر ، فضلاً عن احراق مؤلفات الفيلسوف العربي القرطبي ابن رشد ، وحظر الاشتغال بالفكر والعلوم واعمال العقل ، بعد اتهامه بالكفر والزندقة .
وتأتي عملية احراق مكتبة هيكل في اطار المخطط الإخواني المكشوف لحرق مصر وتدمير الدولة المصرية وتحويل حياة شعبها الى جحيم ، بعد عزل محمد مرسي وطي صفحتهم السوداء .
إن الاعتداء على محمد حسنين هيكل هو اعتداء على رمز مصري ، وصحفي عريق، ومفكر ومؤرخ وسياسي، وموسوعي كبير، له باع طويلة في ميادين الصحافة والفكر والتورخة والتوثيق ، وله أثر هام في الحياة السياسية والثقافية والفكرية والصحفية المصرية ، كان صديق حميم ورفيق الزعيم القومي والعروبي الخالد جمال عبد الناصر .  وقد بلغ من العمر عتياً ، ووخط الشيب شعره لكن ذاكرته لا تزال قوية ومشعة ومشتعلة ، وفي ارشيف مكتبته كان يحتفظ بالعديد من المخطوطات والوثائق التاريخية المهمة ما لم يكن يمتلكها غيره من رجالات الصحافة والثقافة والسياسة والتاريخ . 
ليس غريباً على جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من قوى الظلام والسلفية والاصولية ، التي تمارس عداءها وقمعها لكل نبض حقيقي في الثقافة العربية ، اقدامها على جريمة حرق مكتبة هيكل ، فقد سبق واغتالت الكاتب المصري العلماني فرج فردة ، واطلقت الرصاص باتجاه الروائي نجيب محفوظ بهدف تصفيته وقتله ، واجبرت المفكر الراحل حامد نصر أبو زيد على الرحيل والهجرة من مصر بعد تكفيره ، والطعن بالكاتبة والطبيبة المصرية المعروفة نوال السعداوي بهدف النيل من أفكارها ومكانتها الريادية . كما مرت أظافر هذه القوى على "الأدب الجاهلي" لعميد الادب العربي الدكتور طه حسين ، وعلى "الفتوحات المكية " لإبن عربي ، و"الف ليلة وليلة " وحكمت عليها بالاعدام ، ودفنت في طريقها الفيلسوف حسين مروة والمفكر الايديولوجي مهدي عامل ، وهدرت دم الكثير من المثقفين والمفكرين التقدميين والعلمانيين والليبراليين والأحرار المتنورين ، علاوة على احراق المسارح في قرى ومحافظات مصر . 
ان اضرام النار بمنزل محمد حسنين هيكل يمثل اعتداءً فظاً على الكلمة المسؤولة التي تحتفل بشرف الانسان وكرامته ، وعلى حيز الفكر السياسي العقلاني المضيء . انها جريمة تستهدف بالاساس احراق الكلمة الحرة الواعية المستنيرة ، واخماد صوت العقل وجذوة الفكر الطليعي ، واغتيال الذاكرة والتاريخ ، وتغييب الأفكار الناصرية التحررية عدا عن تسييد ثقافة الجهل والتخلف والشعوذة والاقصاء .
إن الجماعات الاسلاموية باعمالها وممارساتها الدموية واحراقها مكتبة هيكل ، تثبت بما لا يدع مجالاً للشك انها تريد أن تفرض معايير واوضاعاً ماضوية سلفية ورجعية تشكل ردة حضارية بكل المقاييس ، ودعوة الى تمزيق وتفكيك المجتمع وعزله عن حضارة العصر وصولاً الى فرض سلطة دينية على المجتمع المصري والعربي . وكما هو معروف لا فرق بين القمع الفكري وبين التعصب الأعمى ، فالقمع قهر واذلال ، والارهاب تخويف وترويع ، وكلاهما يلتقيان في ممارسة العنف .
المعركة الثقافية والفكرية الحضارية ضد اعمال قوى الارهاب الفكري وممارسات المجموعات الدينية المتطرفة ، وجماعات التكفير والهجرة ، التي تخاف الكلمة الحرة والعقل المنفتح المتنور ، والمعادية للحضارات الانسانية وللأفكار التنويرية المشعة ، هذه المعركة يجب ان تتواصل وتستمر بزخم اكثر ، وواجب المثقفين  في عالمنا العربي مخاصرة فكر هذه الجماعات السلفية واماطة اللثام عن حقيقتها وفضحها وتعريتها ، وكشف هدفها  الرامي الى اعادتنا  للوراء آلاف السنين ، الى زمن الجاهلية .
ولا ريب ان صمت المثقفين، وما تبقى من رجالات الفكر على قيد الحياة ، وعدم تفاعلهم مع الاحداث والنتغيرات الجارية هو ضوء أخضر يعطي لهذه القوى والجماعات شرعية الاستمرار في اعتداءاتها الارهابية ضد ثقافة التنوير والديمقراطية والتقدم والمعرفة ، وضد المثقفين والمفكرين من حملة مشاعل الفكر التفدمي العلماني الحضاري النهضوي . 
ليرتفع الصوت عالياً تنديداً واستنكاراً لجريمة حرق منزل ومكتبة الصحفي والكاتب والسياسي المخضرم محمد حسنين هيكل ، وضد خطاب قوى التأسلم السياسي القائم على الخواء الفكري والسياسي ، والرافض للفهم العلمي والمنطقي للنص الديني .


النفسنه... للهيمنه/ وفاء القناوى

......هل كُتب على الانسان أن يدفع الضرائب على كُل شئ فى حياته !!! فالدولة تأخذ ضرائب مقابل خدمات تقدمها وخدمات لا تقدمها , المهم إننا ندفع فقط, فإذا كنا  مجبورين للدولة  فإننا لسنا مجبوريين للبشر وما بالك إذا كانت بدون مقابل وليست تندرج تحت بند الإتاوة ,وإنما تندرج تحت بند جديد إسمه النفسنة... ذلك  الشئ الذى يسقط على رؤسنا من أعداء النجاح  ,هل تَوجَب علينا أن نكون من أرباب الفشل حتى لا تطُولنا سُمومهم ؟؟؟ أم ننزوى فى ُركن من أركان الدنيا المُظلمة  ,أنكون إرتكبنا جَرماً عندما نحقق شئ يُذكروبدلا من أن نجد من يُشاركنا تلك اللحظة وتلك الفرحة , نجد الحقد الأسود يطل والغيرة العمياء تتلون والحسد يُنِفث سُمومه , وتنقلب الفرحة إلى شئ ليس له إسم أو معنى وتُقتل الفرحة وتُوَأَد فى مهدها ,إلى ماذا توجه تلك النفسنه والتشكيك فيما تحقق ولمن ُتوجه الخناجر المسمومة ,ُأنظر أيها المنفسن قليلا وتمعن حتى لا تُكلف نفسك هذا الحقد, ويصبح منظرك قبيح بين البشر ,فالفضل لله سُبحانه يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك مِمَن يشاء ويُعز من يشاء ويُذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيئ قدير , هل أدركت المعنى؟ أم لازلت فى جهلك وحقدك  ..هل ستنتقص من قدْر الناس ومن أعمالهم ؟؟؟ هل كلما سنحت لك الفرصة ستنتهزها للإيذاء؟ هل ستخسر شيئاً لو فعلت العكس وصفقت وشجعت الفائز ماذا سيحدث ؟  ستقل قيمتك!!ستضيع هيبتك!!ستموت بأزمة قلبية!!                  
أُنظر للورود فى الحدائق أُنظر ِلجمالها  هل يؤذيك؟ هل يخنقك؟ ما رد فعلك لو رأيت طفلا عقله مازال صغير لم يدرك بعد يقطف زهرة جميلة ثم يسحقها بقدمه ؟؟؟ هل تقرر الصمت أم هناك رد فعل إيجابى وهو التوبيخ والتعنيف ,إدعى ربك قائلا اللهم لا تجعل فى قلوبنا غِلا للذين آمنوا ربَنا إنك رءوفٌ رحيم , إدعى بظاهر الغيب صادقاً ومخلصاً لِمن نجح لِتقتل الشيطان داخلك بدفعك إحساس الغِيرة والحسد , واستغفر الله ولا تعترض على ما قدّره للناس من ِنعم  ,فالإعتراض على ما قدّر الله إثم لِأنه يُخالف الإيمان بالقضاء والقدر , وادعى ربك أن يفيض عليك من نعمه فهى ليست حكراًعلى أحد ولكن مع الأخذ بالأسباب المشروعة , ولنحب للآخرين ما نحبه لأنفسنا لكى نفوز برضا الله ورضوانه وتلك هى حلاوة الإيمان ...فيا حاسداً لى على نعمتى ..أتدرى على من أسأت الأدب؟  ......أسأت على الله فى حُكمه لإنك لم ترضى لى ما قد وهبِ , وإن كان أعداء النجاح أعداء لغيرهم فهم أيضا أعداء لأنفسهم ِ أولاً قبل أن يكونوا أعداءللآخرين , فإنشغال الحاقدِ بحقده ِيدمره وقديما قِيل ...للهِ دُر الحسد ماأعدله بدأ بصاحبه فقتله  ,وإن كانت النفسنة أصابتنى فالهيمنة لم تتملك منى ......


كتاباتٌ بين التشاؤم والتفاؤل/ د. مصطفى يوسف اللداوي

عاتبني على صفحات التواصل الاجتماعي والبريد الإليكتروني، الكثير من الأصدقاء والقراء الذين يتابعون ما أكتب، ويتواصلون دوماً معي بالنقد، تأييداً أو اعتراضاً، ممن أعرف حرصهم علي، وحبهم لي، وتأييدهم لكتاباتي، وتوقهم الشديد لأن تساهم مقالاتي في رفعة الأمة، وتحصين مواقفها، والنهوض بها، وتمكينها من مواجهة أعدائها، بتسليط الضوء عليهم، وكشف حقيقتهم، وفضح سياستهم، وبيان عيوبهم ومخازيهم، ومعرفة مواطن قوتهم، وإماطة اللثام عن نقاط ضعفهم، ومكامن هزيمتهم، وعرض تحالفاتهم، واستعراض مؤامراتهم، وتعرية مخططاتهم، لئلا يباغتونا بحرب، أو يفاجئونا بمعركة، فتكون لهم الغلبة علينا. 
فلم لا نفضحهم وقد أصبحت لدينا القدرة على أن نبحر في عالمهم، ونستكشف بواطنهم، ونتعرف على حقيقة أحوالهم، وقد بتنا نتقن لغتهم، وندرك عاداتهم، ونعرف تقاليدهم، ولا نخاف قوتهم، ولا نتردد عن مواجهة جيشهم، أو قصف حصونهم، ما يجعل مهمتنا في قرائتهم سهلة وممكنة، وامكانية إلحاق الهزيمة بهم واردة.
يعيبون علي أنني أُفرطُ كثيراً في التشاؤم، وأفسح المجال لقلمي ليعبر بيأس، ويكتب بسلبية، ويزيد في جرعة القنوط، ويمعن أكثر في تجرع السموم، وعد السياط، وبيان الهزائم والنكسات، وإظهار الضعف، وكشف حقيقة ما يسري في النفس ويفتعل في القلب، من ألمٍ وحسرة، وحزنٍ وغضب، وسقطاتٍ وخيبات، وأنني أسلط الضوء على الهنات والعيوب، والصعاب والعقبات، والموانع والحواجز، مما يوهي الأمل، ويوهن الهزيمة، ويفكك العريكة، وأنني أتعمد إظهار قوة الخصم وجبروته، وعزمه وإرادته، وسطوته وقسوته، وتحالفاته وعلاقاته، وسلاحه وقدراته، بما لا يتناسب وحقيقته، ولا يعبر عن واقعه.
ويرون أنه كان جديراً بي أن أكون متفائلاً، مستبشراً واثقاً، بأن الغد لنا، وأن المستقبل لأجيالنا، وأننا حتماً سننتصر، وسيبوء عدونا بالخيبة، وسيجر أذيال الهزيمة، ولن يتمكن من تحقيق المزيد من النصر علينا، فهذا وعد الله لنا، وهو وعدٌ غير مكذوب، طال الزمن أو قصر، بأن ينصرنا على أعدائنا، وأن يمكننا ممن اعتدى وبغى علينا، وكل الدلائل تشير إلى أن المعركة القادمة ستكون معركةً حاسمة، وحرباً فاصلةً، تنهي حلم اليهود، وتخلخل بنيانهم، وتفكك كيانهم، وأنها ستعيد الحق إلى أهله، وسترد الباطل وحزبه.
الحقيقة أنني على العكس مما يعتقدون، فأنا مفرطٌ في التفاؤل والأمل، ومبالغٌ الحماسة والاستبشار، وأنا أطلق العنان دوماً لقلمي، يخط سيولاً من البشائر، ويرسم ألواناً من النصر، ويتخيل حروباً ومعارك، وصوراً من البطولة والتحدي، فليس كمثلي أحدٌ يرى أننا أمة قوية واعدة، وأننا نمتلك مفاتيح النصر، وأسباب القوة، وأن منا رجالاً صناديد كباراً، أبطالاً مغاوير، أذاقوا العدو المر كؤوساً من الذل والهوان، وعرفوا أنه خوافٌ جبان، رعديدٌ مهزوزٌ، وأنهم باتوا قادرين على النزال والقتال، والمواجهة والتحدي، إذ لم يعودوا يرهبون العدو وجيشه، أو يخافون من سلاحه وبطشه، فقد ولى زمانٌ كان فيه العدو يصول بجيشه، ويحلق بطائراته، ويدمر بمدافعه ودبابته، فقد أصبحت هناك مقاومة، شديدة المنعة، قوية المراس، مدربة ومؤهلة، ومسلحة ومؤللة، تواجه وتقاتل، وتصد وتمنع، وتقصف وتضرب، وتهدف وتصوب، وتصل إلى العمل وإلى أبعد مدى، وأقصى هدف.
أؤمن يقيناً بأن النصر لنا، وأن الله عز وجل سيمُن به علينا، وسيكرمنا به، وأنه سيتنزل على هذه الأمة وعده الحق المبين، وأؤمن بقدرات هذه الأمة ومؤهلاتها، وأنها تمتلك من أسباب القوة والعزة الكثير، مما ورثته عن نبيها الكريم، ومما زرعه في نفوسنا القرآن العظيم، والإسلام الحنيف، فلا خوف على هذه الأمة، ففيها الخيرية إلى يوم الدين، ولها الأفضلية لأنها أمة الوسط، وهي لن تزل أو تضل، ولن تنحرف ولن تزيغ، وأن الله سيبعث لها دوماً من يجدد أمر دينها، ومن يأخذ بيدها إلى جادة الصواب، ويقود ناصيتها إلى مسالك الحق، ومعارج النور، وأنها دوماً على الحق، فلا تضل الطريق، ولا تجتمع على ضلالة، ولا يدوم فيها فسقٌ ولا ظلم، ولا يقيم فيها كفرٌ ولا فجور.
لا أقلل أبداً في قدرات الأمة، ولا أستخف بعطاءات الشهداء، وتضحيات المقاومين، ولا أبخس في همم الرجال، وحماس الشباب، وهمة النساء والشيوخ، ولا أضرب صفحاً عن بطولات الانتفاضة، وثورات الشباب، وعنفوان الثائرين، ولا أتجاهل الصحوة الإسلامية، والهبة الدينية، والعودة اللافتة للأمة إلى دينها العظيم، فهذه القدرات والمعاني في أمتنا حاضرة، وهي بادية الظهور، دائمة الاستعلاء، وهؤلاء جميعاً ممن بشر رسولنا الكريم بهم، أنهم على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يخافون من خالفهم، ولا يبالون بمن ناوءهم، وأنهم في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، فلا خوف ما بقي الرباط، ولا قلق ما حافظت المقاومة على رايتها مرفوعة، وأهدافها مصونة، ورجالها يتقدمون ويتنافسون، يعطون ولا يترددون، ويضحون ولا يبالون.
لكن ليس من التشاؤم أن نعد العدة، وأن نحذر من الخصم، وأن ننبه من العدو، وأن نرصد قدراتهم، ونحدد آلياتهم، ونعرف تحالفاتهم، أو نفضح مخططاتهم، وأن نتهيأ لملاقاتهم، وصد هجماتهم، بل هو عين التفاؤل، وكمال اليقين، وثبات الثقة بعد الله بالنفس والذات.
وليس من التشاؤم أن نبين أن من بيننا من يتآمر علينا، ويتحالف مع عدونا، ويحاول إجهاض نهضتنا، وإحباط مشروعنا، وقتل الأمل في نفوسنا، مستغلاً كل الظروف، ومستخدماً كل الأدوات، ومسخراً كل القدرات، فهذه حقيقة ظاهرة، وشواهدها بينة، لا نخفيها ولا نطمسها، ولا نحاول إهمالها أو التقليل من خطورتها، ولا نقصد بإثارتها التشاؤم أو اليأس، بل الحيطة والحذر، وهي أبداً لن تنتصر، ولن يدوم لها الحال، ولن يكتب لها البقاء، فهي نبتٌ نجس، وزرعٌ لعين، لا تنبت في أرضنا، ولا تعيش أبداً في أمتنا.

المنطقة تغلي والوضع قابل للإنفجار/ راسم عبيدات

....... من الواضح على الصعيد الفلسطيني وعلى صعيد جبهة الصراع مع الإحتلال الصهيوني،بأنه رغم العودة الفلسطينية للمفاوضات،والتي جرت خارج وخروجاً عن قرارات المؤسسات الرسمية الفلسطينية لمنظمة التحرير  الفلسطينية( اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي)،فإن تلك العودة للمفاوضات،لم تحقق أي إختراق جدي على صعيد تقديم اسرائيل أي تنازل جوهري أو جدي،يلامس حتى الحدود الدنيا من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني (دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران)،فإسرائيل خلقت معادلة جديدة  قبل بها الطرف الفلسطيني المفاوض،وهي معادلة أسرى مقابل الإستيطان،وبالفعل جرى إطلاق سراح الدفعة الأولى من الأسرى القدماء (26) أسيراً،من أسرى ما قبل اوسلو أل (104) ،وبالمقابل جرى طرح عطاءات ومشاريع لإقامة الآلاف الوحدات الإستيطانية في القدس والضفة الغربية،ولم تلتزم اسرائيل بأي وقف  أو تجميد لأنشطتها الإستيطانية،وهي لم تكتفي بذلك،بل بكل عنجهية وغطرسة تريد ان تشرعن عملية تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً بين المسلمين أصحاب الحق الشرعي والحصري في هذا المكان المقدس وبين المستوطنين الدخلاء،حيث شهدنا مسلسلاً من الإقتحامات المتكررة واليومية من قبل مئات المستوطنين للمسجد الأقصى وإقامة الصلوات التلمودية والتوراتية في ساحاته،بالإضافة الى الأفعال والأعمال الفاضحة واللا أخلاقية والمتنافيه مع قدسية هذا المكان.

وطبعا كل ذلك جرى ويجري بحماية شرطة الإحتلال وجنوده ومخابراته،وبمشاركه من قادته السياسيين من مختلف الأحزاب الصهيونية،ولم يتم الإكتفاء بذلك بل جرت نقاشات ومداولات وبحضور ممثلين عن المستوطنين في الكنيست والمحاكم الإسرائيلية،من اجل تشريع صلوات المستوطنين في المسجد الأقصى المبارك،بإعتباره أقدس مكان لليهود على حد زعمهم "بيت الرب وجبل الهيكل"،وكذلك نشهد تصعيداً غير مسبوق من بلطجة وعربدة للمستوطنين ضد سكان القدس،حيث الإعتداءات طالت اكثر من مقدسي بالضرب على خلفية عنصرية،وكذلك عمليات الإعتقال بحق المقدسين المتصدين  لمحاولات طردهم وتهجيرهم والمدافعين عن أقصاهم،تجري بشكل يومي وممنهج،وتطال حتى الأطفال وطلبة المدارس،ناهيك عن الإعتداءات على ممتلكاتهم من بيوت وسيارات وغيرها والتي كان آخرها الإعتداء على ست  سيارات عربية في منطقة الشيخ جراح من قبل ما يسمى بمنظمة "جباة الثمن" الإرهابية،والتي تمارس إرهابها  دون أن تجري أي عملية اعتقال او محاسبة لأفرادها،رغم ان الكاميرات في حي الشيخ جراح،تظهر بشكل واضح هؤلاء المعتدين،وهذا التصعيد يترافق مع تصعيد آخر، من خلال زيادة وتائر الاستيطان والإعتداءات على  الفلسطينيين في الضفة الغربية،وشهدنا ذلك في  منطقة الأغوار،حتى ان الوفد الدبلوماسي الأوروبي الذي كان يحاول ايصال المواد الغذائية لأهالي خربة "مكحول" تعرض للضرب والإعتداء من قبل جنود الإحتلال،وشاهدنا كيف تم الإعتداء على الدبلوماسية الفرنسية التي حملت مساعدات إنسانية وإغاثية لأهالي تلك الخربة، وتلك الجرائم والممارسات الإسرائيلية خلقت ردود فعل في الساحة الفلسطينية،حيث الجماهير الفلسطينية شعرت بأن تلك المفاوضات أصبحت اكثر من عبثية،وتحول المفاوضون فيها الى مقاولين ومتعهدين للمفاوضات،وهي أقصى ما سينتج عنها دويلة فلسطينية في حدود مؤقتة،مع شرعنة وتأبيد للإحتلال،حيث يجري الحديث عن سلام إقتصادي،أي ما طرحه نتنياهو،وهو ما يعمل على تطبيقه كيري والأوروبيين مساعدات اقتصادية وزيادة تصاريح عمل للعمال الفلسطينيين في القدس والداخل الفلسطيني ومشاريع خدماتية،أي مقايضة للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني،بتحسين شروط وظروف حياتهم الإقتصادية تحت الإحتلال،واستشعار هذا الخطر الداهم دفع العديد من القوى والفعاليات الفلسطينية،للقيام بتحركات جدية من اجل وقف المفاوضات كخيار ونهج،والتوجه للبحث عن بدائل توحد كل الوان الطيف السياسي الفلسطيني حولها،وكذلك في إطار الرد على  غطرسة المستوطنين وبطشهم وكذلك ما تقوم به قوات الإحتلال من عمليات قتل واعتقالات  واجراءات وممارسات قمعية بحق الشعب الفلسطيني،خلقت ردود فعل فلسطينية على ذلك،حيث تمت عملية قتل جنديين اسرائيليين في قلقيلة والخليل،وفي الوقت الذي كان مطلوباً من السلطة الفلسطينية،ان تتقبل كل ما تقوم به حكومة الإحتلال ومستوطنيها وجنودها من إعتداءات وإجراءات وممارسات قمعية بحق شعبها وعدم الإنسحاب من المفاوضات،حتى ان الطرف الفلسطيني استمر في جلسة المفاوضات،رغم استشهاد ثلاثة شبان فلسطينيين في مخيم قلنديا بنيران القوات الخاصة الإسرائيلية،ولكن حكومة الإحتلال ولأن الدم الصهيوني "أغلى كثيرا" من الدم العربي الرخيص،فإنها رأت بذلك مبرراً وذريعة لها لكي تتخذ إجراءات أكثر قسوة بحق الفلسطينيين،في مقدمتها السماح للمستوطنين بالإستيلاء على بيت الرجبي في الخليل وتصعيد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس وتكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى،ودراسة وقف إطلاق سراح الدفعة الثانية من الأسرى،رداً على ان ما حدث  ينم عن ان السلطة سلوكها لم يكن بالجيد والمرضي.

أي هراء وإسفاف هذا وأية مفاوضات هذه؟؟ هذه مفاوضات فيها من الإذلال وإمتهان الكرامة الشيء الكثير،ألم يحن الوقت لكي نوقف هذا العبث المدمر؟؟،يحتلون البلاد ويذلون العباد،ويمارسون أبشع انواع الجرائم والممارسات العنصرية بحقه،ويردونه ان يصفق ويمتدح هذا الإحتلال؟ هل حدث مثل هذا في أي تاريخ بشري....؟؟؟

كل الدلائل والمعطيات،تشير بان الإنفجار قادم،فالشعب الفلسطيني،ضاق ذرعاً بالإحتلال وممارساته،وايضا ضاق ذرعاً من هذه السلطة التي   ل اتحرك ساكناً تجاه ما يتعرض له شعبها،حتى أضعف الإيمان لا تقوم به،فلتذهب هذه المفاوضات الى الجحيم،إذا كان ثمنها تابيد وشرعنة الإحتلال،ولتذهب معها هذه السلطة التي لم تعد اكثر من مشروع استثماري للبعض ليس اكثر،والإحتلال لا يريد منها سوى ان تعمل شرطي عنده،فما يهمه من بقاء هذه السلطة هو التنسيق الأمني ليس اكثر.

خواطر وأحلام : ويل لأمة/ سركيس كرم

كم هو ضعيف الحجة من يستعين بالعنف ليفرض ارادته على الغير..
*****
ويل لأمة تُنتهك فيها مصداقية الناس وحقوقها بلا حسيب ولا رقيب..
*****
ويل لأمة تُخنق فيها حرية الرأي بأسم الحرية..
*****
ويل لأمة تضطهد المخلصين وتخاصم الصادقين وتخوّن المفكرين، فيما تحمل على الراحات جلاديها...
*****
ويل لأمة يتحكم بمصيرها من لا يتحكمون بمصيرهم..
*****
وأسفاه على أمة ترضخ لسلطة الجاهل الذي يغتصب حقوقها الأنسانية مقابل أن يدعها تركض وراء لقمة العيش.. 
*****
وأسفاه على أمة يظن فيها "الموظف الرسمي" أن الشعب هو خادمه..
*****
وأسفاه على أمة رفعت "زعاماتها" فوق المحاسبة..
*****
كم يحتاج الانفتاح الى الرؤية والحكمة والموضوعية والشجاعة.. 
فيما لا يحتاج التطرف إلا الى غريزة اللامنطق.. 
*****
يا حرام ع لبنان.. كل سياسي فيه فاتح ع حسابو... ولا حسيب ولا رقيب طالما الجمهور بينسا وبيسامح بسرعة البرق كرمال المصلحة "الوطنية العليا"!!
*****
أقل ما ينبغي ان يتحلى به المرء هو اللياقة وآداب التصرف، فكيف عندما يكون المرء من ممثلي المؤسسات..
*****
يقدر الانسان ان يشّرف او يهين موقعه او مهنته من خلال تصرفاته وأدبياته. فهو في نهاية المطاف يجسّد القيمة المعنوية للحياة وأعماله وحدها هي التي تعكس حقيقة ما في ذاته وهي التي تساهم وحدها في تقييم موقعه ودوره. 
*****
دايما الكلام يللي بيطلع من القلب والعقل بيدخل بقلب وعقل الانسان الواعي والمنفتح.. اما الكلام المعلب والمستنسخ ما ألو إلا تأثير ظرفي ومؤقت ع بعض الناس .. 
*****
تاريخ الانسانيي ما بيذكر ألا النخبة الصادقة والملهمة والملتزمة بالقيم والأخلاق ويللي تركت أثر ايجابي  بالمجتمعات..
*****
كل ما اليأس حاول يتغلب على ارادتنا فينا نحطموا بعودتنا لسيرة جدودنا..

فى انتظارك / عيسى القنصل


حبال ُ الوقت ِ تخنقني  
وتمضى فى ثوانيها  
تهددني 
بسيف ٍ النار يا وطني  
امادبتي  
على عنقي  يمر الوقت فى ثقل  ٍ 
ليصفعني  
بسوط  الشوق فى الم ٍ 
ويسألني  
لماذا  البعد  شاعرنا ؟؟ 
وحيدا  دائما  تبكي  ..
وفى الاعماق بركان ُ 
من الاشواق للوطــــــــن ِ 
انا  يا سيدي  جذر ُ 
 وممتد ُ بعمق الارض والزمن ِ 
اعود ُ لكم   ...لتربتكم  
لماء من مدينتنا ..لاسقى روح  ذاكرتي  
فتنعشني  
وترجعني  ..ولو ذكرى  
الى الاحباب فى وطني   
ثواني الصمت من حولى 
تحاصرني ..وترعشني  
لترجعني  
الى اجواء مادبتي  
لاغنية ٍ عن الماضى نرددها  
فتغسلني 
وتلغيها  هموم  البعد والشجن  
قريبا  يا احبائى  
اراكم دائما  قربي  
وفى قلبى  
وبين العين والجفـــــــــــــــن ِ 
فما ارقاك مادبتي 
وما اغلاك ِ من وطــــــــــــــــن ِ 

الرّباعيّةُ الكاملةُ للشاعر وهيب وهبة/ آمال عوّاد رضوان


صدرت الرّباعيّةُ الكاملةُ؛ للشّاعرِ الأديبِ- وهيب نديم وهبة. هذهِ الرّباعيّةّ الّتي صدرَ قسمٌ منها في بلادِنا والقسمُ الآخرُ في الدّولِ العربيّةِ ودخلتْ إلى العالمِ الغربيِّ بالتّرجماتِ العديدةِ، تعودُ الآن وتتكرّرُ على معدّاتِ الطّباعةِ الورقيّةِ وتصدرُ عنْ "دارِ الهدى" كاملةً مكتملةً" أَيْلُول- 2013". 
التّنسيقُ والإخراجُ الجديدُ للرّباعيّةِ، يعودُ للمؤلِّفِ.. المراجعةُ والتّدقيقُ للدّكتور: صفا فرحات.. صورةُ الغلافِ لأستوديو الأمل– دالية الكرمل. تتضمّنُ هذهِ الرّباعيّةُ:
الْمجنونُ  والْبحرُ- 
صدرَ بالْعربيّةِ في ثلاثِ طبعاتٍ متتاليةٍ ط 1 عامَ 1995، مترجمٌ إلى اللّغةِ الْعبريّةِ واْلإنجليزيّةِ والْفرنسيّةِ والرّوسيّةِ ، وتُرجمتْ مقاطعُ طويلةٌ منْهُ إلى الْألمانيّةِ ولغاتٍ عالميّةٍ أخرى. 
خطواتٌ فوقَ جسدِ الصّحراءِ- 
صدرَ بالْعربيّةِ في طبعتيْنِ ط 1 عام 1999، مترجمٌ إلى الْفرنسيّةِ.. والْقسمُ الأوّلُ مترجمٌ إلى الإنجليزيّةِ. صدرَتْ عامَ 2001 أسطوانةٌ معَ كتابٍ " قرص ليزر "  بصوتِ المْؤلِّفِ. وفي عامِ 2011 تمَّ  إخراجُهُ بالصّوتِ والصّورةِ معًا.
مفاتيحُ السّماءِ- 
صدرَ بالْعربيّةِ في بيروتَ ،ط1 عامَ 2012 ونالَ جائزةَ المتروبوليت نقولاَّوس نعمان للْفضائِلِ اْلإنسانيَّةِ. كما صدرتْ ط2  عنْ دارِ مجلّةِ "مواقفِ الْأدبيّةِ" 2012 . 
الْجنّةُ-
صدرَ بالْعربيّةِ عامَ 2006 ونالَ جائزةَ التّكريمِ اللّبنانيّةِ لنشرِ عالميّةِ الْأدبِ. ضمَّنَ كتابُ الْجائزةِ  لمحةً عنْ كتابِ الْجنّةِ بالْإنجليزيّةِ والْفرنسيّةِ إضافةً إلى اللّغةِ الْعربيّةِ. وفي عامِ 2009 صَدَرَ الْكتابُ ضِمنَ مَجَلَّةِ "مَواقِفَ الْأدَبِيَّةِ". والمُدَوَّنَةِ فِي مَوسُوعَةِ المَعرِفَةِ. 
كلمةٌ عن الرّباعيّةِ: 
الرّحلةُ الأولى: "المجنونُ والبحرُ1995" . 
ترجمَ إلى لغاتِ عديدةٍ. يتحدّثُ الكتابُ عنِ العدالةِ المطلقةِ، ويدخلُ هذا الإبداعُ ضمنَ الحداثةِ، كما قيلَ عنهُ في الثورةِ النّقديّةِ الإيجابيّةِ الّتي حدثتْ لحظةَ صدورِ الطّبعةِ الأولى، ثمّ صدرَ منهُ ثلاثُ طبعاتٍ باللّغة العربيّةِ عنْ مطبعةِ الكرمةِ، حيفا، وقدْ دخلَ حالةً أدبيّةً في التجديدِ ضمنَ مسرحةِ القصيدةِ العربيّةِ، وهذهِ الحالةُ كانتْ بمثابةِ عمليّةِ "مزيج" لجميعِ عناصرِ الأدبِ، ليتماشى معْ إيقاعِ العصرِ المُتجدّدِ المُتغيّرِ المُتنقّلِ مِنْ ثقافةٍ إلى أخرى، فكانَ هو هذا الدّافعَ الأساسيَّ للبحثِ عنْ سُبلٍ في التّجديدِ، وبذلكَ تحوّلَ الكتابُ إلى حدثٍ في النّقدِ وعددِ الطّبعاتِ، وحدثٍ عالميٍّ في الترجمةِ. 
الرّحلةُ الثّانيةُ: 
كانتِ في كتابِ "خطواتٌ فوقَ جسدِ الصّحراءِ"، "رحلةٌ نبويّةٌ منَ الجاهليّةِ حتّى حجّةِ الوداعِ"، صدرَ هذا الإبداعُ الأدبيُّ عامَ 1999 –على نهج المجنونِ والبحرِ –ضمنَ مسرحةِ القصيدةِ العربيّةِ، وهنا كانت التّجربةُ أكثرَ عمقًا وأوضحَ صورةً. فالمضمونُ يتطرّقُ إلى "العدالةِ الإلهيّةِ"، والدّخولِ إلى تاريخِ الحضارةِ العربيّةِ الإسلاميّةِ، كانَ الحدثُ يتصاعدُ معْ  تطوّرِ النّصِّ، ويدخلُ  في صميمِ التّاريخِ فيتّحدّ الأدبُ والتّاريخُ والشّعرُ والمسرحُ معًا في تتويجِ مسرحةِ القصيدةِ، ثمّ يتبلورُ النّصّ حتّى أسمى درجاتِ الإيمانِ.
تلك هي المعادلةُ الحضاريّةُ الرّاقيةُ لما تحملهُ من رسالةِ النّورِ والتّنويرِ في عصرِ الإنسان.
منشوراتُ دار روان الفلسطينيّةِ الرام/ القدس، أصدرتِ الاسطوانةَ عامَ 2001 لتوثيقِ النّصّ النّهائيِّ للجزءِ الأوّلِ من خلالِ الأسطوانةِ، وذلكَ بصوتِ الشّاعرِ لتوضيحِ فكرةِ مسرحةِ القصيدةِ منْ ناحيةٍ، ومنْ ناحيةٍ ثانيةٍ  لتوجيهِ الاهتمامِ إلى المضمونِ وأَبعادهِ، كذلكَ تمّ إدخالُ الآياتِ القرآنيّةِ بأصواتِ المؤذّنينَ، ممّا منحَ مساحةً أوسعَ عندَ قراءةِ النّصِّ، وقدْ تمَّ التّسجيلُ في استوديوهات الكرمل/ 2001.
الرّحلةُ الثّالثةُ: 
كانتِ في "كتاب الجنة 2006" الذي نالَ الجائزةَ اللّبنانيّةَ للثّقافةِ ضمنَ مشروعِ نشرِ عالميّةِ الأدبِ العربيِّ، إذ، منحتِ الشّاعرَ وهيب وهبة جائزةَ التّكريمِ عنِ الأعمالِ الكاملةِ عام 2006، وفي تلكَ المسابقةِ للنّصوصِ تمّ تقديمُ كتابِ "الجنة" الموثّقِ الآنَ، ضمنَ كتابِ الجائزةِ بالعربيّةِ والإنجليزيةِ والفرنسيّةِ، وكانتْ شهادةُ النعمان الفخريّةِ بمثابةِ شهادةِ تقديرٍ أولى يعتزُّ ويفتخرُ بها الشّاعرُ وهيب وهبة، شأنُه شأنَ أيّ مبدعٍ فلسطينيّ، إذ ساعدَتْهُ على الخروجِ من داخلِ الحصارِ الثقافيِّ ومِنْ جحيمِ الاختناقِ الأدبيّ، في منطقةٍ تعجُّ بالصّراعات.
ونُشرَ كتابُ الجنةِ عامَ 2009 ونُشرَ القسمُ الأوّلُ منهُ في مجلّةِ "مواقف" في حيفا.
 يتضمّنُ كتابُ الجنّةِ، البحثَ عنِ الإنسانِ وعنْ رسالةِ التّنويرِ ووجودِ الإنسانِ ، وقدِ استطاعَ كتابُ الجنّةِ المثولَ أمامَ الرّمز؛ وعظمةِ الخالقِ أمامَ الخلقِ، هذه العظمةُ التي لا تأتي بصيغةٍ مباشرةٍ ولا تقتحمُ النّصَّ، بلْ ومنذُ البدايةِ يرتكزُ الحوارُ والسّردُ إلى الرّمزِ، وهذهِ الفقرةُ مِنْ موسوعةِ المعرفةِ جاءت لتقولَ: كتابُ "الجنة" يرمزُ إلى الخلودِ وعدلِ الله.
الرّحلة الرّابعة:
 "مفاتيحُ السّماء" تقفلُ الرّباعيّةَ، وفيها، يستعرضُ الشّاعرُ "رحلةَ سيّدنا المسيحِ منْ أرضِ كنعانَ إلى أرضِ الكنانةِ، والعودةَ لنشرِ رسالةِ اللهِ والعدلِ والمحبّةِ، وبصدورِ "مفاتيح السماء" يكونُ الشّاعرُ وهيب نديم وهبة قدِ اختتمَ رباعيّتَهُ الإبداعيّةَ، والتي يُكملُ بها مشروعَ "مسرحةِ القصيدةِ العربيّةِ".
ملاحظةٌ: وفقَ التّواريخِ المدرجةِ، يختمُ"كتابُ الجنّةِ" الرّباعيّةَ وهذا هوَ التّرتيبُ الحقيقيُّ للرّباعيّةِ. 
لكنْ تأخّرَ صدورِ "كتابِ الجنّةِ" عنْ (مفاتيح السماء) "منْ أجلِ جائزة لبنان". 

نامي ثَوْرَةً بِدَمِي/ حسين مهنّا


آتٍ إلَيْكِ وقَلْبي سابِقٌ قَدَمِي
يا بَيتَ لَحْمَ رَعاكِ اللَّهُ فَابْتَسِمي

ماذا عُبوسُكِ وِالأَقْمارُ ضاحِكَةٌ
والشِّعْرُ طاغٍ ولكِنْ عالِقٌ بِفَمِي

فَلْتُنْطِقيني وقَدْ حَمَّلْتُ قافِيَتي
عِطْرَ الجَليلِ ولَحْناً رائِقَ النَّغَمِ

إنّي عَرَفْتُكِ وَجْهَاً مُشْرِقَاً أَبَدَاً
يَشْفي قُلوبَاً بَرَتْها سَوْرَةُ الأَلَمِ 

ما دَقَّ بابَكِ مَأْزومٌ بِعِلَّتِهِ
إلاّ وعادَ سَليمَاً غَيرَ ذي سَقَمِ

تِلْكَ الكَنائِسُ والأَجْراسُ صادِحَةٌ
تَتْلو عَجائِبَ طِفْلٍ ضاءَ في الظُّلَمِ

وفي المَساجِدِ أصواتٌ مُرَنِّمَةٌ
تَقولُ لا فَرْقَ بَينَ العُرْبِ والعَجَمِ

هَذي أُخُوَّةُ دَهْرٍ لا تُبَدِّدُها
أَيدي الكِرامِ وأَنْتُمْ سادَةُ الكَرَمِ

يا بَيتَ لَحْمَ وأَنْتِ الدَّهْر فاتِحَةٌ 
صَدْرَاً رَحيبَاً لِوَحْيِ الشِّعْرِ والحِكَمِ

قَدْ جِئْتُ أَعْثَرُ في خَطْوي ويُرْهِبُني
هَوْلُ اللِّقاءِ ولَيسَ الخَوفُ مِنْ شِيَمي

طَيَّبْتِ قَلْبي وفِكْري عادَ مُرْتَجِلاً
حُلْوَ الكَلامِ وسالَ الحِبْرُ في قَلَمي 

يا بَيتَ لَحْمَ أَراني اليَومَ مُنْتَصِراً 
على العُداةِ وجُرحِي غَيرُ مُلْتَئِمِ 

أَنْتِ المَلاذُ وأَنْتِ العَهْدُ يَجْمَعُنا 
والشِّعْرُ أَنْتِ فَنامِي ثَورَةً بِدَمِي

أُ لْقِيَتْ في مِهْرَجانِ القُدسِ السّابِعِ لِلشّعْرِ والأدَبِ والفُنون في بيتَ لَحم ( 13/9/2013- 15/9/2013)                                                  
h.f.muhanna@gmail.com

الخطر الاسرائيلي على لبنان/ د. حسن صعب

1 -  لبنان الجديد هو ردنا على التحدي الاسرائيلي
لبنان الجديد، لبنان الحديث لا التقليدي، لبنان الوطني لا الطائفي، لبنان العلمي لا الأمي، لبنان الديموقراطي لا الاقطاعي،
لبنان الجديد في نفس كل مواطن لبناني، والصائر وجودا فعلياً بجهد كل مواطن لبناني،
لبنان هو ردنا الحاسم على الخطر الاسرائيلي، وهو العاصم لبنان من اي خطر يهدد قيمنا وحياتنا وحريتنا وسيادتنا وتقدمنا.
والخطر الاسرائيلي يهدد قيمنا الروحية والخلقية، لأن الصهيونية تعمل للعودة بالمنطقة الممتدة ما بين الفرات والنيل الى ما قبل المسيحية والاسلام.
وهو يهدد حريتنا، لأن اسرائيل ومن وراءها تريد بشعب لبنان وبكل شعب عربي نفس المصير الاستئصالي، الذي انزلته بشعب فلسطين بدون اي تمييز بين مسيحييه ومسلميه.
وهو يهدد حريتنا، لأن اسرائيل ووراءها الصهيونية العالمية تزن قدرتها لا بقدرة مليوني لبناني فحسب، بل بقدرة مئة مليون عربي، مصممة على ان تفرض عليهم ارادتها بالالات الالكترونية والقنابل الذرية كما فرضتها من قبل على شعب فلسطين بالمزارع المحصنة والعصابات المسلحة.
وهو يهدد سيادتنا على اراضينا، لأن الصهيونية سعت منذ القرن التاسع عشر، وما تزال تسعى حتى الآن لادخال جنوبي لبناني ومنابع الليطاني في حدود دولة اسرائيل.
وهو يهدد تقدمنا، لأن القيود المنظورة وغير المنظورة تفرض علينا من الداخل والخارج ليظل تقدمنا مرتهنا بتقدم اسرائيل، ولتنتزع منا رسالة التوسط الحضاري والتفاعل الفكري والتبادل الاقتصادي التي قمنا بها بين الشرق والغرب، وبين أقدم قارات العالم آسيا وأفريقيا وأوروبا.
ولبنان الجديد هو وحده القادر على دفع هذه التهديدات عنا، لأن لبنان الجديد يدرك حق الادراك ان اسرائيل هي عنصرية أثيمة، وايديولوجية تمييزية، وتوسعية مستكبرة، واستعمارية عدوانية، ولكنه يدرك ايضاً حق الادراك ان اسرائيل هي حضارة وعلم وتكنولوجيا وتنظيم. فهي التقدم في خدمة الباطل. ولبنان الجديد هو التقدم في خدمة الحق.
ولبنان الجديد يعرف تمام المعرفة ان اسرائيل سلكت الى فلسطين طريق الدين المحرف. والقومية المضللة والعطف الإنساني المزيف، والاستعمار المتعسف، ولكنه يعرف ايضاً انها سلكت طريق الحركية المتجددة، والجسارة اللامتناهية، والتضحية الصارخة. وهذه فضائل تبنى بها الأمم، وتشاد بها الدول. وقد اصطنعتها اسرائيل لتبني بها صرح العدوان. ولكن لبنان الجديد يبني بها صرحاً للحرية والعدالة والسلام.
ولبنان الجديد يعي كل الوعي انه لولا زعماء الغرب بلفور وتشرشل وهتلر وترومان وموليه وايدن وجونسون لما كانت هناك اسرائيل. ولكنه يعي ايضاً انه لو لم تكن قيادتنا بين الحربين العالميتين الاولى والثانية، وفي حروب ثلاثة خضناها مع اسرائيل، لو لم تكن قياداتنا متخلفة عن مستوى روح العصر الذي نعيش فيه، ودون مستوى الاحداث التاريخية التي نواجهها، لما استطاع هرتزل ووايزمن وبن غوريون واشكول وديان ان ينالوا من العالم ما حققوه حتى الآن لإسرائيل. ولذلك فان لبنان الجديد على يقين بأن القيادة الجديدة ذات العقلية العصرية هي وحدها التي تستطيع ان تحول منحدر الهزيمة الى مصعد للنصر.
2 -   الانتصار على اسرائيل في حيز الامكان
ولبنان الجديد يؤمن اعمق ايمان ان هذا التحول من الهزيمة الى النصر هو في حيز الامكان. وسبيله ما يزال مفتوحاً امام لبنان وامام العرب، وما يزال بوسعهم ان يدخلوه اليوم او غداً وان لم يدخلوه بالأمس. وليس هذا السبيل هو ازالة اثار العدوان الاسرائيلي، وان كان هذا مطلباً ملحاً يجب علينا ان نعمل له جميعاً، ولكن الأهم منه إزالة أسباب العدوان الإسرائيلي. وإزالة الأثار دون الأسباب مدعاة لتجدد العدوان. ولكن إزالة الأسباب والآثار معاً ضمان لإنحسار العدوان إنحساراً نهائياً.
ولبنان الجديد يقدر ان السبب الرئيسي لانهزامنا امام اسرائيل حتى الآن، هو ان اسرائيل تسلك سياسة تعلو مستوى إمكاناتها، واننا نحن نسلك سياسة هي ادنى من مستوى امكاناتنا. ولا تكاد تقارن إسرائيل من حيث المساحة او العدد او الثروة بالدول العربية، ومع ذلك استطاعت ان تنتصر عليها في ثلاثة حروب. ذلك ان امكانات اسرائيل الإنسانية والمادية معبأة او منظمة تنظيماً عقلانياً حديثاً يضمن لها فيضاً من الفعالية. ويتعالى هذا الفيض بالربط المحكم بين الامكانات الداخلية والخارجية. واما امكاناتنا نحن داخلية او خارجية، فانها ما تزال غير معبأة اي ما تزال في طور التنظيم البدائي. وما هو منظم منها احدث تنظيم كصناعة البترول ما يزال لغيرنا اكثر مما هو لنا. ولذلك، فإننا ما نزال محرومين من فعالية مواردنا الإنسانية والمادية. وما تزال إمكاناتنا أعباء أو امنيات بدلا من ان تكون طاقات. وما يزال التوازن الحقيقي الذي يجب ان ننشده تجاه اسرائيل، هو التوازن النوعي لا الكمي بين تنظيم امكاناتنا وتنظيم امكاناتها. وحينئذ تبدو على حقيقتها اصغر بكثير حتى من الحيز الجغرافي الذي اغتصبته بالحديد والنار.
3 -   التعبئة العلمية الحضارية للطاقات العربية
ولا نعني بالتنظيم هنا تنظيم الامكانات الاقتصادية او العسكرية وحدها. ولكننا نعني نسقاً حضارياً حديثاً لتنظيم المجتمع من قاعدته الزراعية حتى ذروته السياسية.
فهذا التنظيم الشامل هو الذي يؤمن لإسرائيل الفعالية، ويكفل لها سرعة الحركة. انها حالة تعبئة علمية شاملة لوقتي السلم والحرب. وهي حالة تأهب دائم من قبل الشعب والدولة معاً يجعل الدولة قادرة في حالة الحرب على ان تعبيء ربع مليوني جندي او ثمن السكان نساء ورجالا في اقل من ثمان واربعين ساعة. واهم ما دلت عليه هذه الحالة حتى الآن هو أن الوحدانية لا الازدواجية هي مبدأ العلاقة بين الدولة والشعب. وهي حالة نقيضة لما نحن عليه في لبنان، حيث دل استفتاء علمي قمنا به في العام الماضي على ان تسعين بالمئة من المواطنين لا يشعرون بعد بأن الدولة هي دولتهم. وهؤلاء التسعون بالمئة يؤلفون ما يمكن ان نسميه ببنية الدولة الإنسانية الاساسية.
وما يزال هؤلاء يشعرون بأنهم غرباء عن الدولة،  وبأن الدولة بقانونها وأنظمتها وضرائبها غريبة عنهم، ان لم تكن عدوة لهم. ان نظام الدولة هو نظام العشرة بالمئة، واما التسعون بالمئة فإنهم يعيشون بما لديهم من شعور ووعي خارج هذا النظام. واما في اسرائيل، فان الكل باستثناء السكان العرب هو داخل نظام الدولة. ذلك لأن هذا النظام يتألف من مجموعة من البنيات الحديثة المترابطة ترابطاً عضوياً، ابتداء من بنية المزرعة الاشتراكية الدفاعية، الى بنية العمال النقابية، الى بنية السياسة الحزبية، الى بنية الادارة الحديثة، الى بنية البحث العلمي، الى البنية الدفاعية، الى البنية الدولية للحركة الصهيونية.

4 -   تحديث البنيات اللبنانية
ولبنان الجديد هو لبنان البنيات الحديثة التي تقضي على الهوة بين العشرة بالمئة والتسعين بالمئة، وتحل الوحدانية محل الازدواجية في علاقة الشعب بالدولة. ويعني هذا ان لبنان الجديد هو لبنان المدرسة الجديدة، والتعاونية الزراعية الجديدة، والنقابة الجديدة، والحزب الجديد، والمختبر الجديد، والفكر الجديد. ولبنان هذا هو في حيز امكاننا وفي متناول ارادتنا الخلاقة. واخطر ما تهددنا به اسرائيل الان هو ان يحملنا انتصارها الصاعق في عدوانها الأخير، وان يجعلنا تفوقها العابر نعتقد ان التنظيم الحضاري الحديث، مدنياً كان او عسكرياً او اقتصادياً او سياسياً هو من احتكارها هي وهدها. وانه كتب على اللبنانيين وعلى سائر العرب ان يظلوا في حالة التنظيم البدائي. واشد ما في هذا الاعتقاد من خطر نفسي هو ان لا تبشر به اسرئيل وحدها بل ان يبشر به بعضنا. ان كل مؤمن بلبنان الجديد يرفض هذا الاعتقاد رفضاً باتاً، ويعتقد ان طريق التنظيم مفتوح امامنا، وان بوسعنا ان نسبق فيه اسرائيل. ففي كل إنسان مثل قابلية الانسان الآخر للتقدم، ونحن هنا في وضع افضل، لأن جميع خبرات الإنسان الحديث التقدمية مبذولة لنا، وهي خبرات وليدة التربية والتعلم والتدرب لا وليدة الطبع. وقد قصرنا في الأخذ بهذه الخبرات حتى الآن، لأننا وقفنا منها موقفاً لاهوتياً أو كلامياً أو عقائدياً بل ان نقف منها موقفاً اخبارياً حياتياً، أي موقفاً علمياً وطنياً.
وقد يعترض علينا بأن الخطر الاسرائيلي لا يقاوم الآن من قبل لبنان الجديد، لبنان البنيات المنظمة أحدث تنظيم، بل من قبل لبنان القديم الذي تستشري الفوضى في كل حقل من حقول حياته.
ويعترض علينا بأننا نبالغ في تقدير الخطر الاسرائيلي على لبنان. فاسرائيل هي خطر على الدول العربية الأخرى لا على لبنان. وها هي في عدوانها الأخير هاجمت ثلاث دول عربية ولكنها لم تهاجم لبنان. وإذا كان هناك من خطر اسرائيلي على لبنان، فإنه خطر على فريق من اللبنانيين دون الآخر، لأن اسرائيل تخص بعدوانها فريقاً منا، وتحرم منه فريقاً آخر.
ويعترض علينا أيضاً، بأننا مهما تحدثنا عن أسباب العدوان أو أسباب النكسة، فإن آثار العدوان قائمة الآن في ارض فلسطين واراضي ثلاث دول عربية. فكيف نستطيع ان نضع حدا لهذا الاحتلال الاسرائيلي، وأن نخرج إسرائيل من هذه الأراضي؟
5 -   مهندسو لبنان الحديث
ونجيب على الاعتراض الاول بأن ما نعانيه الآن من فوضى هو من نتائج الانتقال من لبنان القديم الى لبنان الجديد، او من المجتمع التقليدي الى المجتمع الحديث.
ولذلك تؤلف الفوضى الهوة، التي نحاول اجتيازها من القديم الى الجديد ومن التقليدي الى الحديث. وقد عمق العدوان الاسرائيلي وعينا بهذه الهوة. ولذلك يتوجب على الفئة المفكرة من المواطنين ان تحول الكارثة الى فرصة تاريخية لاستعجال ميلاد لبنان الجديد. وتتألف هذه الفئة من اكثر من خمسين الف مواطن من الجامعيين من الاساتذة والطلاب والادباء والمحامين والاطباء والمهندسين والاعلاميين والمعلمين. وهؤلاء هم الذين يكونون فكر الشعب، ويقومون بوظيفة النقد الفكري للمجتمع وهم مدعوون الان لتحمل مسؤولية التنظيم العلمي للمجتمع. إنهم مهندسو لبنان الجديد. وقد طغى عليهم حتى الآن الإنهماك في هندسة الحياة الخاصة، وعليهم ان يقدموا عليها الآن هندسة الحياة العامة، أي ان يضعوا معرفتهم النظرية والتطبيقية في خدمة الشعب، اي في تنظيم حياة الفلاحين والعمال، أي حياة أكثرية الشعب اللبناني تنظيماً حديثاً وهذا التنظيم هو قانون من قوانين العصر الذي نعيش فيه. ولن يستطيع أي منا ان يهندس حياته الخاصة بحرية وكرامة ورفاهية الا في ظل هندسة عامة لحياة الشعب.
وهذا التنظيم هو الزم لنا من اي وقت اخر تجاه التحدي التنظيمي للعدوتن الاسرائيلي. ويكفي ان اذكر هنا من مظاهر هذا التنظيم ان اسرائيل كانت تحسب تقدمها العدوان الاسرائيلي. ويكفي ان اذكر هنا من مظاهر هذا التنظيم ان اسرائيل كانت تحسب تقدمها العدواني  في الخامس من حزيران بالثواني والدقائق لا بالساعات والأيام. ونجد صورة لذلك الكتاب الذي ألفه الصحافي الاسرائيلي شويل سيجيف عن "البساط الأحمر" او ما يسمونه حرب الستة أيام. ونقتطف هذه الصورة من جريدة لموند الباريسية المؤرخة في 25 آب 1967، التي جاء فيها :" .. ان المؤلف يذكر ان الطيران الاسرائيلي كان يقوم في كل يوم من أيام الحرب بألف حملة جوية. ولما عادت التشكيلات الجوية الى قواعدها بعد ثلاثين دقيقة من ابتداء الحرب، رفض القادة العسكريون تصديق ما روته من نتائج هجومها الصاعق. ولكن قائد الطيران الاسرائيلي تلفن بعد مرور ثمانين دقيقة على ابتداء الهجوم الى قائد الجيش الاسرائيلي ليقول له "لقد نظفت سيناء" وبعد مرور مئة وعشرين دقيقة تلفن له مجدداً ليقول له "اقتربنا من تحقيق جميع أهدافنا". وبعد مرور مئة وستين دقيقة عاد الى التليفون ليطمئن رئيسه بقوله : "إننا لا نخشى شيئاً بعد الآن، لأن الطيران المصري لم يعد له وجود".
6 -   الهندسة الالكترونية الاسرائيلية 
ان دولة تقد الى جنبنا، وتحسب حركتها في وقتي السلم والحرب حساباً الكترونياً بالثواني واللحظات لا تشكل خطراً على المسلمين دون المسيحيين ولا على المسيحيين دون المسلمين، وعلى على الاردنيين والمصريين والسوريين دون اللبنانيين، ولكنها تشكل خطراً إفنائياً على كل من لا يتحرك بمثل حركتها أو بأسرع من حركتها. ولا نستطيع في ذلك ان نقيم أي توازن بين السرعة والبطء، لأن الهوة بينهما هي الهوة بين البقاء والفناء، والتقدم والتخلف، والحرية والعبودية. ولا نستطيع ان نعتمد على اي توازن داخلي او اقليمي او دولي لاتقاء خطر هذه الهوة ولا نستطيع ان نحلم بأي توازن تقيمه اسرائلي بيننا وبين الدول العربية. لأن الهوة بين سرعة اسرائيل وبطئنا تجعل كل هذه التوازنات لصالحها هي لا لصالحنا نحن. وكل ما تؤدي اليه هذه التوازنات هي تمكين الالة العدوانية الاسرائيلية من الاستفراد بدولة عربية بعد الأخرى. وإذا كان زعماء إسرائيل يتظاهرون بطلب الصلح معنا او مع أية دولة عربية اخرى، فما ذلك كما اوضح وزير العمل الاسرائيلي في تصريح ادلى به منذ ايام الا لفرض الشروط، التي تجعل من المستحيل على العرب الانتصار على اسرائيل في حرب رابعة.
ولكي نقدر حقيقة الخطر الذي يواجهنا جميعاً من قبل اسرائيل، يجب علينا ان نتصور اسرائيل والحركة الصهيونية كآلة قومية إقليمية دولية تتحرك بأسرع ما يمكن أن يتحرك به الإنسان في القرن العشرين. وهي تتحرك حركة الالة الحاسبة لا حركة القلب الحي. والالة التي لا يحركها قلب هي نزول بالانسان الى ادنى درك للبربرية. وهذا ما هبطت اليه اسرائيل في معاملتها لشعب فلسطين، وما هي منحدرة اليه في معاملتها مع اي شعب عربي آخر.
ان الالة الاسرائيلي الة اجتماعية تكنولوجية تتحرك في سبيل تنفيذ خطة. شأن البشر الذين يعترضونها شأن الابنية القديمة التي تعترض مدحلة مهندس المدينة الجديدة. وقد مرت المحطة الاسرائيلية كما وضعها المؤتمر الصهيوني في بال في نهاية القرن التاسع عشر بثلاث مراحل : مرحلة التشريع الدولي للوطن القرمي اليهودي في فلسطين التي امتدت منذ المؤتمر حتى عام 1917 عام اصدار بريطانيا وعد بلفور، ومرحلة التمركز الاقليمي في ارض فلسطين الذي تم عن طريق الهجرة اليهودية بين الحربين العالمينين، ومرحلة قيام الدولة وتوطيدها منذ عام 1948. وهي تدخل الان مرحلة تحديد ما يسمونه حينا بالحدود التاريخية وحينا اخر بالحدود الطبيعية لاسرائيل. وهي اشد المراحل خطراً علينا في لبنان.

7 -   حدود اسرائيل الطبيعية والتاريخية
ولا نحتاج لوعي الخطر الى العودة للوثائق او القرائن، بل يكفينا الاستشهاد بالاقوال التي تصدر عن زعماء الحكومة الاسرائيلية حول مصير الأراضي العربية التي تحتلها القوات الاسرائيلية. وآخرها تصريح اشكول، الذي روته الاوريان في عدد السابع من ايلول عام 1967 والذي جاء فيه "ما دام العرب لا يريدون الصلح، فإنه لم يبق من حل امام اسرائيل سوى الأخذ بالحدود الطبيعية. وقناة السويس هي افضل حد طبيعي بين مصر واسرائيل". 
وقد سبق هذا تصريح لديان حول الحدود التاريخية لاسرائيل روته جريدة الموند الباريسية في عدد الحادي عشر من آب،1967، جاء فيه : "ان على الغريب ان يفهم ان لسيناء واعالي الجولان ومضيق تيران والضفة الغربية للاردن اهميتها الاستراتيجية لاسرائيل، ولكن لها أهميتها التاريخية ايضاً، لأن هذه المناطق تقع في قلب التاريخ اليهودي. وما دمنا نمتلك التوراة ... ولست اعرض هنا برنامجاً سياسياً، ولكنني اقوم بما هو أهم من ذلك. انني استعرض الوسائل التي تمكن شعبنا من تحقيق حلمه التاريخي".
اشكول يتحدث عن الحدود الطبيعية، وديان يتحدث عن الحدود التاريخية. والحدود الطبيعية التي طالبت بها الصهيونية العالمية لفلسطين منذ الحرب العالمية الاولى هي حدود المياه، مياه الاردن والليطاني وبانياس، لأن هذه المياه هي ضرورة حياتية للشعب اليهودي الذي اغتصبوا به فلسطين، والذي يريدون ان يرفعوه الى خمسة ملايين. وإذا اخذنا بقانون العودة الذي تقوم عليه اسرائيل، فالهدف المنشود هو عودة جميع يهود العالم الى اسرائيل. وهنا تتداخل فكرى الحدود الطبيعية بفكرة التوراة التاريخية. فالشرق العربي كله هو ارض التوراة. وقد اثارت كلمات ديان حول هذه الحدود سخط احد قراء جريدة الهيرالدتريبيون الاميركية، التي تصدر في اوروبا، فكتب الى الجريدة تعليقاً عليها نشرته في عدد 17 آب 1976، جاء فيه :" سكت لعدة شهور عن تحيز الصحف الاميركية والبريطانية المقرف لاسرائيل. ولكن تصريح ديان يكرهني على التكلم. إنني اتحدى اياً كان ان يدلني على الفرق بين اقوال ديان وبين خطب هتلر حول المجال الحيوي. وهل من حقوق لاسرائيل في الضفة الغربية للاردن تعطيها لها علاقاتها العاطفية والتاريخية بها تختلف عن حقوق المانيا في تشيكوسلوفاكيا وبولونيا؟" 
ان مرحلة تطور اسرائيل هي الآن مرحلة تقرير حدودها الطبيعية او التاريخية. وهي مزهوة بالنمو العسكري الخاطف الذي حققته الى الحد الذي يحملها على الاعتقاد بأنها قادرة على فرض الحدود التي تريدها بالقوة او بالصلح. وما المطالبة بمفاوضات الصلح إلا ذريعة للتكريس القانوني للامر الواقع الذي فرضته بالقوة. ولن يكون تغيير هذا الامر الواقع، وإجلاؤها عن الأراضي التي احتلتها بالأمر اليسير. وطرق هذا الإجلاء حرب نظامية عربية اسرائيلية جديدة، او الحرب الشعبية العربية التحررية التي بدأتها حركة المقاومة الفلسطينية الفدائية، أو الضغط الدولي من قبل الامم المتحدة تشترك فيه واشنطن وموسكو معاً. وتوقع حدوث هذا الضغط هو الذي جعل مؤتمر الذروة في الخرطوم يعتمد حل المقاومة، الذي اقترحه الرئيس عبد الناصر، املاً في ان يؤدي الضغط الدولي الى النتائج المنشودة. ولكن نتيجة هذا الحل تتوقف على مبلغ الضغط الذي كان يمكن ان يصدر عن واشنطن وموسكو، ومدى التنازلات التي سيطلب من الدول العربية تقديمها، ودرجة تصميم الدول العربية على تنفيذ سياسة المقاومة بمتطلباتها الاقتصادية والعسكرية. فإذا مضت الدول العربية في تنفيذ هذه السياسة، جاء مؤتمر الخرطوم منعطفاً جديداً في سياسة المواجهة العربية لإسرائيل. 
8 -   استراتيجية النصر : التعبئة العلمية الشعبية الشاملة
ولكن اسرائيل ما تزال في نشوة النصر. وقد تدفعها هذه النشوة لأن تفرض علينا الحلول التي استبعدها مؤتمر الخرطوم، كالحرب النظامية او حرب التحرير الشعبية. ولكن المؤتمر حقق نتيجة اولى، وهي انه بما ساد فيه من جو ايجابي، بدأ يكشف للرأي العام العالمي حقيقة المعتدي في الصراع العربي -  الاسرائيلي. وموقف الرأي العام العالمي والرأي العام الغربي بصورة خاصة هو عامل من العوامل الرئيسية في موقف الحكومات الغربية من الدول العربية واسرائيل. واسرائيل تحسب لهذا العامل حسابه، ولكنها تعتبر ان ساحة القتال هي ساحة حسم المصير وتقرير الحدود.
9 -  التعبئة واجبة في لبنان وفي كل دولة عربية
ولذلك فان اسرائيل تفرض علينا في كل دولة عربية ان نكون متأهبين للحل العسكري ونحن مقبلون على الحل السياسي بكل ما له من وسائل دبلوماسية واعلامية. والحل العسكري الحديث لا يعني تعبئة الجيش بل تعبئة الشعب تعبئة شاملة، ليحقق اقصى ما يمكن من فعالية دفاعية في زمن الحرب.
وهذه التعبئة واجبة علينا في لبنان كما هي واجبة على كل دولة عربية. فإذا كنا لا نهاجم اسرائيل، الا اننا لا نستطيع ان نضمن ان اسرائيل المقاتلة في سبيل حدود المياه وفي سبيل ارض التوراة لن تهاجمنا. ومهما كانت قوة الرادع الدولي عن مهاجمة لبنان، إلا ان الرادع الاكبر هو شعورها وشعور كل من يتواطأ معها بأن اللبنانيين شعب واحد وأمة واحدة ومجتمع واحد وجيش واحد وروح واحدة في الدفاع عن حدود لبنان وكيانه وسلامته.
10 -   التهبئة للدفاع عن رؤيا الإنسان
لسنا نطلب هذه التعبئة دفاعاً عن ارض او وطن او حياة فحسب، ولكننا نطلبها ايضاً دفاعاً عن رؤيا للإنسان. فرؤيا الإنسان كما تتجلى في لبنان هي نقيضة رؤياه كما تتجسد في اسرائيل. رؤيا للإنسان اي لبنان هي رؤيا محبة واخوة وحرية وتسامح، واسرائيل بغض وعداوة وعبودية وتعصب. رؤيانا لبنان وحدة التنوع، وتواصل الارادة، وتلاحم الاختيار، واسرائيل وحدة التمييز، وتواصل الإكراه، وتلاحم، القسر. ورؤيانا لبنان قومية الروح، ووطنية العقل، وسياسة التراضي، واسرئيل قومية العرق، ووطنية الاغتصاب، وسياسة العدوان. ورؤيانا للبنان ذروة الوحدانية، بما في رسالتها التثليثية المسيحية والتوحيد الاسلامية من تقديس عام للإنسان كمخلوق على صورة الاله وكخلقية لله في الكون، واسرائيل مسخ قبلي للوحدانية، وتصغير للإنسان في حيز الزمان والمكان.
ان رؤيانا منتصرة بانتصار لبنان الجديد. ولن يكون هذا انتصاراً لنا لو لحق شعب فلسطين في وطنه، او لأخواننا العرب فحسب، بل انتصاراً للإنسان، اي لإنسانيته على بربريته.
____________
الخطر الاسرائيلي على لبنان، محاضرة للمفكر السياسي الدكتور حسن صعب، مؤسس وأمين عام ندوة الدراسات الإنماية، 
القاها في نادي حركة الشبيبة الزغرتاوية - اهدن، بتاريخ 17 أيلول 1967.

وَعَدَتْ تكتبُ لي خَاطرَة ً/ حاتم جوعيه

أنا   أحْيَا   بشَذا  الحُبِّ   وأثمَلْ    
هيَ عُمري دونهَا  فجري سيَرْحَلْ      
وَجُنونُ  الحُبِّ   عندي   سَاطِعٌ    
في سَناءٍ من جديدِ العَيش ِمُذهَلْ        
 إنَّني   أحبَبتُها   حُبًّا   عظيمًا ..    
فعندي الرُّوحُ .. أحلامي  تُرَفَّلْ  
طالَ  ليلي  لم  أقلْ   ليلي  غَدَا    
مِن دُجَى العُشَّاق ِ في الحُزن ِ لأثقلْ    
إنَّ  ليل  العاشق ِ الوَلهانَ   من      
ليل ِ كلِّ الناس ِ أشجَانا ً لأطوَلْ  
فالهَوَى عذبٌ  وما أحلى الهَوَى    
ساعة ُ الوَصل منَ الفردَوس ِأفضَلْ
لا   أريدُ   الجنَّة َ  الغنَّاءَ   دارًا    ..
 حِمَى مَعشُوقتي أرنو... لأنقلْ        
حُبُّنا   قد   فاقَ  أربابَ  الهَوى      
سرُّنا   نكتمُهُ   إذ ْ  نحنُ  ُنسألْ    
وَعَدَتْ مُذ ْ زمن ٍ تكتبُ خاطرَة ً    
شعريَّة ً     لي      سَتُرَتَّلْ  ...  
وَعَدتني .. ما  وَفتْ في وَعدِهَا      
وكلامُ الغيدِ  دومًا  ليسَ  مُنزَلْ  
 إنَّهَا  كيمياءُ  روحي ، للمَدَى ،      
وفؤادي عن هواهَا ليسَ  يَرحَلْ    
دائِمًا   أسألُ  عنهَا   وبروحي      
وفكري     وفؤادي      أتمَلمَلْ
 ليتني  متُّ   وَمِنْ   قبل ِ  لِقانا      
فإنِّي    مثلُ    طودٍ      يتقلقَلْ      
 إيهِ  شقراءَ الأماني  وَيْحَ  قلبي      
غدَا  فيكِ  عليلا ً... عنكِ  يسألْ
فالهَوَى صَيَّرَني  رمزَ  الأسَى      
 كلُّ   يوم ٍ   أنا   ألتاعُ    وَأقتلْ  
وَأنا  الأوَّلُ  في أسْمَى المَعاني      ،
وَكُنهِي ليسَ  مَخلوقٌ  سَيجهَلْ  
وَخلقتُ  العِلمَ  في أسمَى  فنون ٍ     ،
 فحُولُ الشِّعر ِ مِن  فنِّيَ  تنهَلْ  
كم    فتاةٍ     كتبتْ     خاطرة ً      
لي .. وَشِعرًا إنَّهُ  التّبرُ وَأجمَلْ  
مَلِكُ  الشِّعر ِ... أنا  الفنُّ   هُنا       
 والصَّبايا    بجمالي    تتغزَّلْ      
هُنَّ  حَولي كالفراشاتِ ، وظِلِّي      
لهُنَّ الرَّوضُ  والسِّحرُ المُبَجَّلْ    
بيدَ  أنِّ  لستُ أهوَى  يا  حياتي      
سِوَى  عينيكِ  لي حُلمٌ   مُرَتَّلْ  
وَلكِ الشّعرُ  سُمُوطٌ  مِن  نظار ٍ      ..
فَوَحْيي  كلُّهُ    فيكِ    َتنزَّلْ    
 ليسَ عندي في الدُّنى إلاَّكِ أنتِ       ،
جَناكِ   وحدهُ   عندي  مُحَلَّلْ   
ليسَ عندي في الدُّنى أحلى وأجمَلْ        
مِنكِ  فوقَ  الأرض إبدَاعًا  وَأمثلْ   
                       ( شعر :  حاتم  جوعيه – المغار -  الجليل  )  


سؤال باكستان.. هل سيلقى مشرف مصير بوتو الأب؟/ د. عبدالله المدني

بعد نحو ست سنوات من إغتيال رئيسة الحكومة الباكستانية الأسبق "بي نظير بوتو" في عملية إنتحارية وقعت في 27 ديسمبر 2007 ، من بعد إنتهائها من خطاب إنتخابي وجهت محكمة مكافحة الارهاب في راوالبندي إلى زعيم البلاد الأسبق الجنرال "برويز مشرف" ثلاث تهم تضمنت التآمر ضد بوتو، وتسهيل وتنفيذ عملية قتلها، وهي تهم عقوبتها الإعدام شنقا أو السجن مدى الحياة طبقا للقانون الجنائي الباكستاني.   

وهكذا بات السؤال الأكثر طرحا في باكستان اليوم هو عما إذا كان مشرف سيلقى مصير والد من يتهمونه بالضلوع في قتلها ألا وهو "ذوالفقار علي بوتو" رئيس البلاد الأسبق وأكثر ساستها دهاء وثقافة وكاريزما، والذي تم إعدامه في عام 1979  في ظل ظروف غامضة ومحاكمة إعتباطية سريعة، دون أن يشفع له تاريخه السياسي كمنقذ لما تبقى من باكستان بعد إنسلاخ جناحها الشرقي عنها في عام 1971

وتعتبر هذه الواقعة سابقة في تاريخ باكستان. إذ لم يسبق أن شهدت هذه البلاد توجيه مثل هذه التهم إلى ضابط كبير من قادة مؤسستها العسكرية المنيعة التي لعبت في مختلف الحقب والظروف، ولا زالت، أدوارا سياسية مهمة، مباشرة أو من خلف الكواليس، وإنْ كانت باكستان قد شهدت توجيه مثل هذه التهم إلى رؤساء مدنيين، ومحاكمتهم على نحو ما أسلفنا بخصوص "ذوالفقار علي بوتو".

والمعروف أن مشرف عاد إلى بلاده في مارس 2013 من بعد أن عاش منذ أواخر عام 2008 في منفاه الإختياري ما بين دبي ولندن، وذلك بهدف المشاركة في الانتخابات على رأس حزبه السياسي الخاص، ضاربا بعرض الحائط بالنصائح التي وجهت له بعدم العودة إلى باكستان خوفا من إعتقاله ومحاكمته، خصوصا مع وجود زوج السيدة بوتو "أصف علي زرداري" في السلطة، ناهيك عن وجود مؤشرات قوية وقتذاك حول فوز خصمه اللدود "نواز شريف" في الانتخابات وبالتالي صعوده الى السلطة، وإحتمال أن يستخدم الأخير نفوذه وسلطته للإنتقام منه ردا على الإنقلاب الأبيض الذي نفذه ضده في عام 1999 حينما كان شريف رئيسا للحكومة ومشرف قائدا للجيش. وقد صدقت التحذيرات التي وجهت لمشرف. إذ بمجرد أن وطأت قدماه الأراضي الباكستانية تم إعتقاله ووضعه في الإقامة الإجبارية، ثم سيق إلى المحاكمة بجملة من التهم والمخالفات التي قيل أنه إرتكبها أثناء قيادته للبلاد ما بين عامي 1999 و 2008 ، الأمر الذي حرمه من المشاركة في الانتخابات العامة والحصول على مقعد برلماني عن الأقاليم الشمالية كما كان يأمل.

والمفارقة هنا أن مشرف فعل تماما ما فعلته السيدة بوتو لجهة التصرف مع النصائح التي وجهت إليهما بعدم العودة إلى باكستان، ريثما تنجلي بعض الأمور، وذلك من باب الخوف على حياتهما ومستقبلهما السياسي في بلد بابه مفتوح على كل الاحتمالات والمصائب العنيفة. فمشرف عاودته أحلام السلطة معولا على مكانته في المؤسسة العسكرية النافذة، وما حققه للبلاد من نمو إقتصادي نسبي، وجماهيريته في أوساط الباكستانيين المتنورين ورجال الاعمال والمستثمرين الذين أحبوه لسياساته المتشددة ضد الاسلاميين المتطرفين على نحو ما تجسد في حادثة "المسجد الأحمر" في عام 2007 ، وما بعد حينما لوحظ تراجع نفوذ المتطرفين من بعد عقدين من سطوتهم. بينما عولت السيدة بوتو في إحلامها السلطوية على إرثها وإرث عائلتها السياسي وجماهيرية ظنت أن الأيام لم تبهتها. وفي كلتا الحالتين كان الرهان خاطئا، حيث قــُتلت الأولى غدرا وسط أنصارها وفي وضح النهارعلى يد إنتحاري، بل أغتيلت في "لياقت باغ" بمدينة راوالبندي وهو نفس المكان الذي شهد إغتيال ثاني رؤساء حكومات باكستان "لياقت علي خان" في عام 1951 . فيما كان حظ الثاني أفضل لأنه حكم عليه بالقتل، الذي قد ينفذ كما نفذ في بوتو الأب، او يــُخفف إلى السجن المؤبد إكراما للمؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها.

والحقيقة أن هناك إجماع على أن محاكمة مشرف شابتها أخطاء كثيرة، وإختلطت فيها الاتهامات الموجهة له بحالات التشفي والاصرار على الانتقام منه وإذلاله وتحطيمه. وطبقا لمحاميه "أفشان عديل" فإن كل التهم مفبركة، والهدف منها إشغال الجمهور وصرف أنظاره عما تعانيه البلاد من أزمات مثل نقصان الطاقة، وزيادة معدلات البطالة، وتفشي العمليات الارهابية، وتباطوء النمو الاقتصادي، وإنتشار الفساد، وتدهور قيمة العملة الوطنية.

وفي هذا السياق ايضا، هناك من يتحجج بأن المحكمة التي حاكمت مشرف لم تقدم أي دليل ملموس يكشف عن وجود إرتباط بين الأخير ووواقعة إغتيال السيدة بوتو، وهذا في الواقع هو نفس ما أورده مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" في باكستان الذي قال ان القليل جدا تم الكشف عنه في محاكمة مشرف عن علاقته بمقتل بوتو، وأن كل الأدلة التي قدمت لم تتجاوز تصريحات قالها الأمريكي "مارك سيغيل" الذي يدير لوبي مناصر لآل بوتو من واشنطون من أن السيدة بوتو تلقت تهديدا هاتفيا من مشرف بعدم العودة إلى باكستان، وأنها ردت عليه برسالة الكترونية حملته فيه هو وقائد الجيش وقائد الاستخبارات العسكرية مسئولية أي ضرر قد تتعرض له حياتها.  ومن ناحية أخرى سخر رموز "حزب الرابطة الاسلامية لعموم باكستان" الذي أسسه مشرف في عام 2010، والمقيمون في دبي من المحاكمة التي جرت لزعيمهم قائلين: "أن رموز حركة طالبان التي نفذت إغتيال بوتو لا بد أنهم أكثر من يضحك اليوم من الطريقة الغبية التي تصرف وفقها القضاء الباكستاني".

ويقدم بعض المراقبين حادثة التخلص قتلا من "ذوالفقار علي" المحقق الفيدرالي الخاص المعني بقضية مقتل السيدة بوتو في الثالث من مايو المنصرم، اي بعد أن كان على وشك تقديم تقريره السابع حول القضية منذ تعيينه في منصبه في عام 2009 ، كدليل على نية بعض الجهات إخفاء الحقائق وتحويل مجرى العدالة بطريقة تجرم مشرف تحديدا وتبرىء غيره كزعيم حركة طالبان/باكستان "بيت الله مسعود" الذي إتهمته إسلام آباد وواشنطون بالوقوف وراء إغتيال بوتو.

وأخيرا فإنه حتى لو إفترضنا تبرئة ساحة مشرف من تهمة قتل السيدة بوتو، بإستخدام دليل هو ما صرح به الناطق الرسمي بإسم تنظيم القاعدة "مصطفى أبو اليزيد" من أن تنظيمه هو المسئول عن قتل "بي نظير بوتو" عقابا لها على تعاونها مع الكفار، فإن في إنتظار الرجل تهم أخرى قد لا يفلت منها إلا بضغط من المؤسسة العسكرية التي على الحكومة والقضاء. ومن بين هذه التهمة توجيه الأمر بالتخلص من الزعيم البلوشي "نواب أكبر بوغتي" في عام 2006 قتلا، واقتحام المسجد الأحمر الذي أفضى إلى مقتل المئات من المدنيين، وعزل عدد من قضاة المحاكم العليا حينما فرض حالة الطواريء في عام 2007 .

د.عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: سبتمبر 2013 
البريد الالكتروني: Elmadani@batelco.com.bh

أبا العلاء قريع عفواً اوسلو مات وشبع موتاً/ راسم عبيدات

في مقابلة للأخ ابا العلاء قريع واحد من مهندسي اتفاق اوسلو المشؤوم،مع القناة العاشرة العبرية،قال بأن اوسلو لم يكن خطئأ،وانه لم يمت....وانا أستغرب بانه رغم كل تجليات اوسلو السلبية والسيئة وما جلبه من مصائب وكوارث لنا كشعب فلسطيني وثورة وقضية،هناك من يدافع عنه،بل ربما يعتبره البعض نصراً مبيناً،وكأن أبا العلاء قريع يريد ان يقنعنا بانها حسب المأثور الشعبي"عنزة ولو طارت" او أنه بالإمكان "حلب الثور" و"إستخراج دبس من قفا النمس"،فأسلو هو من قسم الأرض والشعب،فبفضل "نعم" اوسلو أصبحنا نعيش في معازل و"جيتوهات" مغلقة،لكل قرية ومدينة بوابتها الخاصة يفتحها الإحتلال متى شاء ويغلقها متى شاء،وهو كذلك شطب الوحدة الجغرافية بين الضفة الغربية وقطاع غزة،فالممر الان بين الضفة والقطاع بقي حبراً على ورق،واوسلو ألحق ضرراً فادحاً في النسيج المجتمعي الفلسطيني،وأصبحنا امام حالة من الإنهيار القيمي والأخلاقي غير المسبوقة،وايضاً بفضل "نعم" أوسلو  تعززت ثقافة البلطجة والزعرنة والفهلوة والجهوية والعشائرية والقبلية في المجتمع،وقدمت الولاءات العشائرية والقبلية والجهوية على الإنتماءات الوطنية،وأصبحت المليشيات بمختلف تسمياتها تتصدر وتتسيد المشهد الفلسطيني،وانت يا اخ أبا العلاء كواحد من مهندسي الاتفاق المشؤوم،وتشغل اليوم مسؤول دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير،اظن انك تدرك جيداً،بأن موافقتك انت وفريق اوسلو على تأجيل  قضية القدس الى المرحلة النهائية التي لم تأتي، إلى أين أوصلت وضع المدينة؟؟،فالمدينة بفضل هذا الإتفاق ،تغيرت كل ملامحها ووقائعها،وهي تهود وتأسرل،فوتائر الإستيطان فيها وحجمه تصاعدت بشكل جنوني،ووصلت حد ال"تسونامي"،حتى ان الوضع بات ينذر،بأن يكون اهلها وسكانها العرب جزراً متناثرة في محيط اسرائيلي،وأقصاها جرى تقسيمه زمانياً ومكانياً،رغم أننا سمعنا عن إتفاق وصف بالتاريخي،وقع بين الملك عبدالله الثاني والرئيس أبو مازن،يخول العائلة الهاشمية ويفوضها بالمسؤولية الدينية عن المقدسات الإسلامية في القدس وبالتحديد المسجد الأقصى،ولنرى ان هذا الإتفاق ليس بالتاريخي ولا بالمصيري،بل جف حبره بمجرد التوقيع عليه،فلم نسمع عن أي تحرك لحماية الأقصى،يشعرنا بقيمة واهمية هذا الإتفاق،لا طرد سفير اسرائيلي،ولا دعوة لإنعقاد مجلس الأمن الدولي،ولا طلب عاجل لليونسكو،من اجل إتخاذ قرارات بحق اسرائيل،لخرقها وخروجها على القوانين والإتفاقيات الدولية،لجهة مواصلتها الحفريات أسفل وحول المسجد الأقصى،وسرقة وتزوير الآثار العربية والإسلامية،ولا تهديد بإلغاء اتفاقية وادي عربة،او التراجع عن إتفاق اوسلو الذي تقول انت انه لم يكن خطئا ولم يمت.

والتعليم يا أبا العلاء في القدس اكثر من 80 % منه تحت سيطرة وزارة المعارف الإسرائيلية،والان تجري عملية أسرلة كاملة له،فالطلبة الفلسطينيون في مدارسنا الفلسطينية في القدس،عليهم ان يتعلموا عن القدس عاصمة دولة"اسرائيل" وجبل الهيكل بدل الأقصى والإستقلال بدل النكبة ويهودا والسامرة بدل الضفة الغربية،وعن صانعي المجد والوجود والحضارة والتطور للدولة من امثال بن غوريون وبيغن وشامير،الذين لهم الباع الطويل في طرد وتشريد شعبنا وتهجيره،وإرتكاب الجرائم والمجازر بحقه.

واوسلو يا أبا العلاء شطب الميثاق الوطني الفلسطيني،مقابل إعتراف اسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية،التي كان مطلوب توقيعها من اجل التنازل والتخلي عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

اوسلو يا أبا العلاء لم يفعل فعله فقط على الأرض والشعب هنا وفي الخارج،بل أصاب من الحركة الأسيرة الفلسطينية مقتلاً،حيث لم تصل اوضاعها إلى درجة من التفكك،مثلما جرى بفعل اوسلو،حيث قبلت سلطة اوسلو بتقسيمات الإحتلال واجهزة مخابراته للحركة الأسيرة على أساس الإنتماء السياسي والمنطقة الجغرافية وخطورة التهمة،حتى ان المفاوض الفلسطيني،تخلي عن تمثيل أسرى الداخل- 48 – والقدس،بإعتبارهما من حملة الجنسية الإسرائيلية قسراً لأسرى الداخل،وحملة بطاقة الهوية الزرقاء لأسرى القدس،ومع اوسلو فقدت الحركة الأسيرة لأول مرة وحدة اداتها التنظيمية الموحدة،ولم تنتصر في معاركها الإعتقالية،معارك الأمعاء الخاوية،الإضرابات المفتوحة عن الطعام،سلاحها الإستراتيجي الذي تستخدمه ضد إدارات مصلحة السجون الإسرائيلية واجهزة مخابراتها،للدفاع عن حقوقها ومنجزاتها ومكتسباتها،وضد محاولات كسر إرادتها وتحطيم معنوياتها وتطويعها وإذلالها.

و"نعم" اوسلو التي جلبها لشعبنا الفلسطيني يا أبا العلاء تحتاج إلى مجلدات، ولا تعالج في عجالة بمقالة كهذه،واوسلو حقيقة لم يمت لجهة إستمرار التنسيق الأمني الذي تحرص امريكا واسرائيل على بقاءه وإستمراره،لكون ذلك يخدم مصالحها الأمنية،وكذلك هو لم يمت لجهة اتفاقية باريس الإقتصادية،والتي تجعل من الإقتصاد الفلسطيني ملحقاً وتابعاً للإقصاد الإسرائيلي،وبما يلغي أي استقلالية له.

انا كنت اتوقع منك يا أبا العلاء،وانا اتابع تصريحاتك ولقاءاتك الصحفية والإعلامية وكتاباتك عن القدس،والتي تحذر فيها من المخاطر الجدية المحدقة بالمدينة لجهة اسرلتها وتهويدها وممارسة التطهير العرقي بحق سكانها،ان تقول  في الذكرى العشرين لأتفاق اوسلو المشؤوم،نعتذر منك شعبنا الفلسطيني،فنحن اخطأنا وتسرعنا،ونحن من يتحمل وزر هذا الإتفاق المشؤوم،نحن كنا نعتقد باننا سنجلب لكم دولة واستقلالاً،ولكن لم ننجح في ذلك،واصلوا نضالاكم وكفاحكم،وتخلصوا من قيود اوسلو،فأوسلو لم ولن يجلب لكم سوى المزيد من الضعف والإنهيار والتراجع،اوسلو هو الإنتصار الثاني لدولة اسرائيل بعد النكبة،بلغة ثعلب السياسة الإسرائيلية "شمعون بيرس".