معزوفة الحرية/ ميمي احمد قدري


فغـداً ننثرُ مجدَكِ .. في الأروقة
و نكتبُ على جدار ِ الصمت
نحنُ عُـدنا.. إلى الصرح ِ القويم
ونزعـنا العِـزَّة َ والكرامة
من بين ِ وسوسات الطامعـين
ومشينا ..
إلى نهايةِ الطريق
حيث تكوين المجـدُ
شعاعاً أنار للأحرار بريقـاً
ومن المنتهَى بدأنا..
نردد أنشودة.. بلادي بلادي..
لكِ حُبي و فؤادي
ومن نصر ٍ إلى نصر ٍ
حيثُ انتصرنا عـلى جـِراحِـنا
و أقمنا لثورة التبجيل عرشاً
لتجلس الثكلى .. و تروي حدوتة النيل ..
منه شربنا العِـزة َ من طـَيِّه
و انخنا رِكابَ الأمجاد
والرُعاةِ على ضفتيه
وعـتقـنا الرعاة َ من القِلاع
بعـد ما كانوا رهـينة الهوان
أصبحَ بـذيـه فـرسانَ الغـَدر
لِحاناً في مِحرابنا ......
خِـداعٌ .. تيهٌ.. لذاكَ القـِناع .. أيها الجياع
فالأرضَ مصر.. لبن أمي في دمي ،
والحُـرّ فـينا ..
سوف يُقيم صلاةَ النصر ِفي الأزهـر ..
استجابة نداء الله أكبر
و أخذنا ميثاقَ العِـزِّ من الشمسِ
و حنين الفجـر ِ دربُ الصامدين
تحرسَه السباعُ .. فتموت الضباع .

الحـذار من « وأعِـدُّوا » فاستعِـدُّوا/ مهندس عزمي إبراهيم

الأعلام في العالم تُصَمَّم لتعكس مدلولاً أو مبدءاً أو رمزاً أو شعاراً لما صُمِّمَت له، سواء كانت لأقطارٍ أو ولايات أو أقاليم أو مدن أو أحزاب أو مؤسسات أو جامعات أو نوادي وغير ذلك. فالعَلم الأبيض المطلق (اي ذو لون واحد)  يرمز للسلام حتى في وقت الحروب. والعلم الأحمر المطلق رمز للثورة ولدماء الشهداء. والعلم الأسود المطلق رمز للعنف والتفزيع والارهاب. ولكن غالبية الأعلام في العالم تحتوي مزيجاً من الأشكال والألوان التي لها تعبيرها ورمزها الخاص.
كثير من الأعلام تحتوي على شمسٍ أو هلال أو نجمٍ أو نجوم كرموز للنور والاستبشار بالمستقبل. وعلم مصر في العصر الملكي كان مكوناً من هلال وثلاثة نجوم بيضاء سابحة في خلفية خضراء رمزاً لأرض مصر الخصبة المانحة. وفي العصر الجمهوري اتخذ العَلم اللون الأسود في أسفله رمزاً لعصور الاستعمار البغيض، واللون الأحمر في أعلاه رمزاً لدماء الشهداء التي حررت مصر منها، واللون الأبيض وسطاً رمزاً للصفاء والسلام والمستقبل المأمول.
عَلم لبنان، مثلاً، تزينه شجرة الأرز الخضراء الجميلة رمزاً "للقداسة والخلود والسلام". بينما علم السعودية العربية يمتد فيه السيف منبسطاً بطوله، وقيل لأن السيف رمز "العدالة" وما أرى السيف إلا رمز "القتل وسفك الدماء" كما قيل "لأن السيف شعار للقضاء على كل من يرفض دعوة الله والرسول" والمقصود هنا طبعاً إله المسلمين ورسولهم، فالويل كل الويل لغير المسلمين!!.

أما جماعة الأخوان المسلمين فعملاً بمنطق "زيادة الخير خيرين" اختاروا بدلا من السيف «سيفين»، زد على ذلك أن أضافوا شعارهم المفضل "«وأعِـدُّوا» تطبيقاً للآية "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم...". وقد فَسِّرَ "مفسِّرٌ طيب" وجود «السيفين» بـ "رفع قوة البلاد العسكرية لمواجهة أي أخطار خارجية" أقول له: ياريت!!. كما فسَّرَ «وأعِـدُّوا» بـ "اتخاذ العده والعتاد لمن يعاديكم أو يقف في طريق أهدافكم" أقول له: حقاً قلت!!
30 يونيو، يوم تحرير مصر من الأخوان المسلمين، الذين استعمروها واغتصبوها عنوة وخداعاً باسم الله وباسم الدين، وهم أبعد ما يكون عن الله والدين، وأبعد ما يكون عن المبادئ الإنسانية كالسلام والعدل والحق والصدق والشفافية والرحمة والتعايش والوطنية. بل هم أقرب الناس إلى الخديعة والخيانة والمكر والدهاء والنفاق والتآمر والاستحواز والتعاقد الخبيث مع الأعداء، حتى مع الشيطان مادام لصالحهم على حساب الوطن والمواطنين.
لقد أغتصبوا مصر وحكمها ودستورها ومفاصلها وأوصالها ومؤسساتها وأجهزتها الإدارية. ودمروا اقتصادها ومنشئاتها واستقرارها وكرامة شعبها. وأُهدروا وحدة أبنائها وطوائفها الأزلية الكامنة في نفوسهم وقلوبهم منذ كانت مصر. فأثبت الأخوان عبر تاريخهم أنهم ليسوا مصريين ولليس لديهم ولاءً لمصر، بل ليس لهم ولاءً لوطن، أي وطن على الإطلاق.
تحذيـر يا شعب مصر: جماعة الأخوان المسلمين جماعة دموية لا تتورع أن تشق طريقها بالسلاح على مستنقعات من الشر. لا تتوقعوا أن يترك الأخوان الحكم بسهولة بل لن يتركوه إلا على طريق مفروش بالدماء والأشلاء!!! لا ينسى شعب مصر تاريخ الأخوان المخادع الدموي المدعم دائماً بتخطيطات وتآمر واستيلاء وهدم منشئات وسفك دماء بحرائق المنشئات وتفجيرات واغتيالات وصفقات مشبوهة حتى مع الأعداء. تاريخ أسود دموي يعلمه غالبية المصريين. وأحيل من يجهله أو ينكره إلى الدكتور ثروت الخرباوى القيادى المُنشَقّ عن جماعة الاخوان المسلمين وتنظيمهم السري فى كتابه المسمى بـ "سر المعبد" موضحا الأسرار الخفية التآمرية الشائنة والخطيرة لجماعة الاخوان المسلمين.
لا ينسى شعب مصر تصريح مأمون الهضيبي المرشد السادس للإخوان المسلمين خلال لقاء بمعرض القاهرة الدولي في يناير 1992، وقوله: "أما ما نقوله عن الإرهاب والجهاز السري فنحن نفخر (ونتقرب إلى الله) بالجهاز السري". فهم منذ نشأتهم وشعارهم "وأعِـدوا" مسلحون مدربون مستعدون لحروب أهلية مع أبناء الوطن الأبرار في سبيل أهدافهم ومصالحهم واستفاداتهم المالية والسلطوية متاجرين بالله وبالدين. والله والدين منهم براء.
لا ينسى شعب مصر ما جاء بجريدة المصري منذ أسبوعين، وبالتحديد في  15 يونيو 2013، عن تأكيد استعداد الأخوان المسلمين لحروب أهلية على حساب استقرار وسلامة الوطن وأبنائه ومنشئاته بل ومستقبله، وإثبات ذلك بالفيديو حيث "رصدت الجريدة على مدار اسبوع كامل تجمع عشرات الشباب داخل مدرسة خاصة بالتجمع الخامس، يديرها سكرتير مهدي عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين، للتدريب على الفنون القتالية. وتمكنت «المصرى اليوم» من تصوير مقطع فيديو للشباب أثناء التدريب، حيث يتجمع المتدربون الذين يطلق عدد كبير منهم لحيته، وتتفاوت أعمارهم بين 20 و40 عاماً فى السادسة مساءً، ليؤدوا صلاة المغرب جماعة، ويبدأوا تدريبات «الكونغ فو والكاراتيه» وكيفية التعامل مع السلاح الأبيض دفاعًا وهجومًا على يد ثلاثة مدربين".
لا ينسى شعب مصر ارهابيات وتفجيرات واغتيالات الأخوان على مدى وجودهم وهنا البعض منها:
• في 24 فبراير 1945 اغتيال أحمد ماهر باشا على يد محمود العيسوى المحامي الأخواني، وكان أحمد ماهر رئيس وزراء مصر لمرتين متتاليتين لمرتين ومن قادة ثورة 1919.
• في 22 مارس 1948 إغتيال القاضي أحمد بك الخازندار باشا بمعرفة اثنين من أعضاء الأخوان أحدهما حسن عبد الحافظ السكرتير الخاص لحسن البنا.
• في 28 ديسمبر 1948 إغتيال محمود فهمي النقراشي باشا على يد عبد المجيد أحمد حسن رئيس شعبة أخواني. وكان النقراشي  رئيس وزراء مصر لمرتين ومن قادة ثورة 1919.
• في 26 يناير 1952 حريق القاهر الكبير، في خلال ساعات قلائل التهمت النار نحو 700 محل وسينما وكازينو وفندق ومكتب ونادٍ في شوارع وميادين وسط المدينة. وقد ذكر محمد نجيب في مذكراته ان القتلي 46 مصري و9 اجانب.
• في 26 أكتوبر 1954 حادث بالمنشية ومحاولة اغتيال جمال عبد الناصر على يد محمود عبد اللطيف أحد أعضاء الإخوان، ولم يكن التدبير بعيدا عن أيدى المخابرات البريطانية وعن علم المخابرات الأمريكية، فهم كما ذكرت يتحالفون مع الشيطان للوصول لأهدافهم غير المشروعة.
• في 17 نوفمبر 1997 القيام بمذبحة السياح بالأقصر ومصرع 58 سائحا في هجوم إرهابي.
ولا ينسى شعب مصر ما حدث في عام واحد تحت حكمهم لمصر، كيف تغاضي مرسي ربيبهم حاكم مصر عن سقوط شهداء الاتحادية، وعن مقتل 17 شهيداً برفح، وعن من قاموا بخطف الجنود السبع وهو اكثر العارفين من هم، وما هم إلا حلفائه وأهله وعشيرته.
فخذوا الحذر يا أبناء مصر ولا يفتّ شرهم من عضدكم وعزيمتكم. ولا يفزعكم منهم عنف أو ارهاب. ولن تأتي الحرية رخيصة. ولكن فنلتزم بالحكمة والذكاء، ولنضع آملنا، كل الأمل، في حبنا لمصر وفي ولاء الجيش والشرطة لحماية مصر والمصريين.
*****
مهندس عزمي إبراهيم

مذبحة الشيعة وخطاب مرسي والطريق الي المجهول/ لطيف شاكر


عندما كانت مصر مصرية بحضارتها الانسانية لم نسمع عن هذه الجرائم الوحشية لكن بعد ان ارادوا بها عربية اضحت الافكار شيطانية والعلاقات بهيمية والقتل والخراب علانية
لقد مصرت مصر علي مرار الزمان كل الغازيين  والمحتلين حتي جاء العهد الاسود بعد انقلاب العسكر فرفعوا العروبة النكراء علي مصر السمحاء وبغباء وجهل معتاد  نسبوا الجد الفرعوني والاصيل المصري الي الحفيد  العربي والمحتل الغريب ...وعجبي يازمن؟!
لقد استفزني جدا  المذبحة الوحشية التي راح فيها خمسة  مسلمين من الشيعة دون سبب  سوي الاختلاف المذهبي بايدي  اقذر الكائنات  واسفل الوحوش الادمية  ولم يكتفوا بالقتل المريع بل لزيادة  التجبر الوحشي  سحلوا جثامينهم امام اهاليهم وذويهم وسط تهليل وتكبير جمع  من السلفيين واهل السنة الذين جاءوا يشاهدوا فصول  مسرحية النحر والتمزيق
ومن  مشاهدتي للفيديو الذين صوروه ليعلنوا الجهاد المقدس ضد الشيعة ويفتخروا بمذبحتهم وحتي يقبضوا الثمن من الذين دفعوهم لهذا العمل الاجرامي , رايت كثيرا من الاطفال يشاهدون المشهد المؤلم علي النفس , وبذلك قتلوا مع الضحايا الخمس براءة الطفولة في الاطفال الذين شاهدوا المذبحة المروعة,  واخال انهم يعيشون كابوسها  ولن يشبوا  اصحاء وسيمتلأ قلوبهم بالكراهية السوداء والعداوة القاتلة لان السنوات الاولي للطفل هي سنوات التكوين  والتحصيل من خلال المشاهدات والتربية والتعليم وتقليد والديه والاهل  .
وأحياناً يتعلم الطفل الانحراف ثم يكبت بداخله حتى يكبر، ثم تحدث عوامل تحرك الانحراف الكامن لدى الفرد وتجعله يترجمه بأفعال، إن ماارتكب من اعمال  شيطانية اعتداء صريح على الطفولة، إقحام الأطفال في هذه الأحداث يغرس فيهم العداء  وهو ما يجعلهم في المستقبل مهيئين لأن يكونوا مجرمين. 
هذه الأفعال لها جذور وأمتدادات نفسية وتنظيمية يقدم عليها جهلاء مخدوعيــن ومتوهمين أنهم يقومون بعمل مقدس ، والحقيقة أنهم ينحطون الى أخر درجات الأنحطاط ، ويمكنون غيرهم من الضحك على ذقونهم وأتخاذهم مطايا لأغراضهم الشخصية وغاياتهم المريضة,أي دين يرضى الأعمال الإجرامية البشعة التي تقوم بها هؤلاء مهووسة بالقتل وسفك الدماء البريئة، إزهاق الأرواح والخراب والدمار والعيث في الأرض فساداً, نشر ثقافة الكراهية والحقد بين الأمم والشعوب, إن قتل الأبرياء لأسباب واهية، أو للاختلاف في الدين أو المذهب أو الفكر يعد جريمة نكراء لا يقبلها عقل أو منطق أو دين
لكن من يقف  وراء هذه المذبحة انسان وحشي ام جماعة مجرمة ام فكر اسود ملأ قلوبهم ام التعاليم الخاطئة التي حشوا بها ادمغتهم  ام عقيدة محرضة.  وهل هم كائنات بشرية ام ذئاب ضارية  هل لهم عقول ام تبررت منهم وباتوا عطشي الي شرب الدماء باسم الدين .
 هل يحمون الله لانه عاجزا عن حماية عقيدته التي فرضها علي معتنقيها بالقوة ام يحامون عن الله  بالوكالة   بعد ان  انابهم عنه ليقتلوا جبلته بالوحشية والارهاب .
هذه الجناية لابد من التعامل معها بكل ما في القانون من صرامة وبأس حتي يكون في العقاب المستحق النازل بالمجرمين نهاية تامة لكل انواع كل هذه الجماعات التي تدعي لنفسها الحق في تعليم الناس مكارم الأخلاق و تغتصب لنفسها حق العدوان عليهم وعلي حياتهم وتسمح لنفسها بالعدوان عليهم وعلي حياتهم
ان التعدد ياسادة خطة الهية و تعاليم سمائية سامية يقول بولس الرسول في رسالته التعليمية التي تحث علي التعدد :
نْ قَالَتِ الرِّجْلُ:«لأَنِّي لَسْتُ يَدًا، لَسْتُ مِنَ الْجَسَدِ». أَفَلَمْ تَكُنْ لِذلِكَ مِنَ الْجَسَدِ؟  وَإِنْ قَالَتِ الأُذُنُ:«لأِنِّي لَسْتُ عَيْنًا، لَسْتُ مِنَ الْجَسَدِ». أَفَلَمْ تَكُنْ لِذلِكَ مِنَ الْجَسَدِ؟  لَوْ كَانَ كُلُّ الْجَسَدِ عَيْنًا، فَأَيْنَ السَّمْعُ؟ لَوْ كَانَ الْكُلُّ سَمْعًا، فَأَيْنَ الشَّمُّ؟  وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ وَضَعَ اللهُ الأَعْضَاءَ، كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي الْجَسَدِ، كَمَا أَرَادَ.  وَلكِنْ لَوْ كَانَ جَمِيعُهَا عُضْوًا وَاحِدًا، أَيْنَ الْجَسَدُ؟  فَالآنَ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَلكِنْ جَسَدٌ وَاحِدٌ.  لاَ تَقْدِرُ الْعَيْنُ أَن تَقُولَ لِلْيَدِ:«لاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْكِ!». أَوِ الرَّأْسُ أَيْضًا لِلرِّجْلَيْنِ:«لاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْكُمَا!».  بَلْ بِالأَوْلَى أَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي تَظْهَرُ أَضْعَفَ هِيَ ضَرُورِيَّةٌ.  وَأَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي نَحْسِبُ أَنَّهَا بِلاَ كَرَامَةٍ نُعْطِيهَا كَرَامَةً أَفْضَلَ. وَالأَعْضَاءُ الْقَبِيحَةُ فِينَا لَهَا جَمَالٌ أَفْضَلُ.  وَأَمَّا الْجَمِيلَةُ فِينَا فَلَيْسَ لَهَا احْتِيَاجٌ. لكِنَّ اللهَ مَزَجَ الْجَسَدَ، مُعْطِيًا النَّاقِصَ كَرَامَةً أَفْضَلَ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ انْشِقَاقٌ فِي الْجَسَدِ، بَلْ تَهْتَمُّ الأَعْضَاءُ اهْتِمَامًا وَاحِدًا بَعْضُهَا لِبَعْضٍ.  فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ.  
وفي القرأن  يقول الله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌِ
وقال تعالى :
لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُون
فاذا كانت الاديان تعلي  من التعددية وتثمن التنوع فلماذا اصحاب الفتاوي  وادعياء الدين يقلبون الحقيقة ويغيرون صحيح الايات لحساب جيوبهم التي اتخمت بالاموال البترولارية ومن اجل تجذير الكراهية الوهابية المقيتة  التي ستحرق الاىسلام باسم الاسلام.
اخشي ان تكون هذه المذبحة الوحشية وخطاب رئيس الدولة المحرض علي  الكراهية  والحاث علي اثارة الفتن الطائفية وخلق العداوات بين مؤسسات الدولة  هو مقدمة استهلالية لحرب الملل والمذاهب  والطوائف والمؤسسات ايذانا بحرب ضروس  لاينتهي مداها ليس في مصر فحسب بل ستمتد الي المنطقة العربية بالكامل ,  ولن ينجو منها احدا وستقضي علي الحابل والنابل وتاتي علي  الاخضر واليابس ويؤدي الي انقسام  كل دول المنطقة بما فيها مصر التي حلمنا بانها غير قابلة للتقسيم من  الخارج لكن يبدو ان التقسيم سيأتي من الداخل والمحصلة النهائية وسنبكي علي اطلال وطن كان  اعظم الاوطان واعرق الحضارات .
يبدو ان طريق 30 يونيو مفروش بالدماء ومعبد يالاشلاء  ..ربنا يستر

حسن روحاني : نصف متشدد مع الغرب ونصف اصلاحي مع العرب/ د. صالح بكر الطيار

حسم الشعب الإيراني أمره وأنتخب الشيخ حسن روحاني رئيساً لجمهورية ايران الأسلامية خلفاً للرئيس محمود احمدي نجاد وذلك من الدورة الأولى خلافاً لكل التوقعات المحلية والغربية، ووسط اصدار برقيات التأييد من زعماء عرب ومسلمين ومن قادة اوروبيين وأميركيين .والأصوات التي نالها الشيخ روحاني هي من المتشددين ومن الأصلاحيين ومن المستقلين ، ولهذا لا يمكن احتساب الشيخ روحاني على أي طرف دون الأخر بل جاء نتيجة تسوية ارادها الشعب وليس القوى السياسية ولا التيارات الفئوية .
ومن المؤكد ان المهام الملقاة على عاتق روحاني كبيرة ومعقدة جداً لأن التركة التي ورثها من سلفه نجاد ثقيلة بدءاً من الوضع الأقتصادي الداخلي المتردي ، مروراً بعلاقات اقليمية متوترة ، وصولاً الى علاقات دولية شبه مقطوعة .
وإذا كان من المبكر استشراف الخطوات الفعلية التي سيقوم بها روحاني عند استلامه الدستوري لمهام الرئاسة إلا انه من الممكن استلهام الخطوط العريضة لسياسته من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده والذي تحدث فيه عن كل الملفات دون استثناء .فالشيخ روحاني سيعطي الأولوية للملف الأقتصادي الداخلي بعد ان تدنت قيمة الريال وأرتفعت اسعار كافة المواد وزادت نسبة البطالة وأصبح راتب أي موظف لا يساوي عُشر ما طرأ من تضخم كبير في اسعار المواد  المعيشية والأحتياجات الحياتية .
وسيكون الملف الثاني مع دول الجوار وتحديداً مع المملكة العربية السعودية  موضع الأهتمام الأول على المستوى الخارجي لأن العلاقة بين الرياض وطهران مرت بأسوأ احوالها مع ولايتي الرئيس نجاد على خلاف ما كانت عليه اثناء ولاية  هاشمي رفسنجاني وولاية محمد خاتمي .فإيران تعلم انه لا يمكن لها الحديث عن امن اقليمي دون التشاور والتفاهم مع السعودية ، كما لا يمكن لها العبور الى العالم العربي دون المرور اولاً من البوابة السعودية .
ثم سيولي روحاني اهتماماً خاصاً بالملف النووي بعد ان وعد بأنه سيكون شفافاً في التعاطي مع الغرب إزاء هذا الملف ولكن مع تأكيده بأنه لن يتخلى عن تخصيب اليورانيوم اياً تكن درجته لأن هذه المسألة  حسب رأي كل المراقبين من الأمور الإستراتيجية التي تهتم بها عادة دوائر الأمن القومي في ايران وليس دوائر رئاسة الجمهورية .وتأتي لاحقاً عملية البحث عن تطبيع جديد للعلاقات بين اميركا وأوروبا والتي قد تستهلك كافة سنوات حكم روحاني دون ان يتحقق بشأنها أي تقدم لأن الخلاف هو  خلاف وجودي  متعلق بالنهج ،والثقة ،ومواضع النفوذ لكل طرف ، وبمكامن القوة ، وبتقاسم الحصص بدءاً من باكستان وأفغانستان وصولاً الى جنوب لبنان وما بين هذه المواقع الجغرافية من دول مثل العراق وسوريا  وفلسطين والأردن والبحرين والكويت .
اما عن  مستقبل العلاقة بين طهران وحزب الله فإن الشيخ روحاني لم يتطرق الى هذه المسألة حتى لا يتعدى على صلاحيات مرشد الثورة السيد علي خامنئي .وعندما سئل عن سوريا فقد كرر نفس ما تقوله دوائر القرار في ايران بأن هذه المسألة تخص الشعب السوري ولا يحق لأي طرف خارجي فرض أي موقف او التفرد بإتخاذ أي قرار .وبمعنى أخر يمكن القول ان الشيخ روحاني هو شخصية وسطية بحيث سيكون نصف متشدد مع الغرب ونصف اصلاحي مع العرب دون ان يعني ذلك انه سيتعارض في توجهاته مع  السيد خامنئي الذي سيترك له هامشاً من حرية التحرك كما سبق وفعل مع الرئيس محمد خاتمي . وهذا ما يدحض نظرية القائلين بأن انتصار روحاني كان هزيمة للسيد خامنئي
رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي

الكلام والناس: الدم حرام/ حسام فاروق


عندما يتحول الدين إلى تجارة دنيوية أو وسيلة للتربح والظهور فكل الطرق تؤدي إلى الفتنة وكل الصور من الممكن أن يكسوها الدماء فالتقاتل للمصلحة الشخصية في غيبة الضمير الإنساني هو آفة المجتمعات المادية التي يكون مصيرها في النهاية أنها تقضي على نفسها بنفسها.. الأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية تدعو إلى السماحة والسلام ونبذ العنف, وفي تاريخ الدول والشعوب لم تفلح كل محاولات ربط الدين بالسياسة, و من لا يقرأ التاريخ ويعتبر فهو خاسر ..
 الآن يشهد الشارع المصري تظاهرات كبيرة , فئات كبيرة من الشعب خرجت لتعبر عن رأيها وترفع مطالبها أمام الحاكم وفي المقابل خرجت فئات أخرى تؤيد الحاكم وترفض الانصياع لمطالب الفئات الأولى وكل فئة تحشد لنفسها وتحاول جذب المزيد من المتظاهرين إليها وهذا مقبول وحق مكفول للطرفين لكن ما هو ليس مقبولا أن يزج فريق منهما بالدين كأداة للحشد كان يكفر متظاهري الفريق الأخر ويصفهم بأنهم أعداء للدين والمشروع الإسلامي ويصف ملتقى الجمعان بأنه غزوة دينية لابد أن ينتصر فيها الدين والحق من وجهة نظره على أعداء الدين من الخونة والعملاء , ويتوعدهم بالسحق والشنق وما إلى غير ذلك من التهديد والوعيد , طبعا لا أحد يملك صكوك الغفران ليوزعها على الخلق سوى الخالق عز وجل ولا أحد يملك تكفير هذا أو ذاك , فما لله هو لله ولا احد يتدخل بين علاقة العبد بربة والدين ليس فقط لحية وجلباب إنما أخلاق ومعاملة , ولو أستخدم العقل وعلى صوته لأدرك كل فريق بأن الدين مكانه المساجد وحلقات الدرس والسياسة لها مؤسساتها وكلاهما يسير في خط متواز و الدول المتقدمة تقوم على العدل لا على الشعارات الدينية والتكفير ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة ، ويقال : الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام .
يا سادة اخرجوا الدين من اللعبة السياسية طالبوا ما شئتم بالتغيير والإصلاح واطرحوا أفكاركم كيفما أردتم في أطر ديمقراطية , تظاهروا بالملايين ما استطعتم لكن لا تأخذوا الدين سلما لمقاعد السلطة فهو أسمى وأنقى وأرقى , العبوا سياسة فقط , لا تستقطبوا البسطاء من الشعب بحجة نصرة الدين وتبتغون نصرة أنفسكم ومصالحكم وأهلكم وأعوانكم و مطامعكم الشخصية , وتذكروا جيدا قول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه

هـكـذا رأيتُ الـمؤتمر الـقـومي الكـلـداني العام ــ الحـلقة الـثانية/ مايكـل سـيـﭘـي




تـذكـَّـرتُ أيام مؤتمر الـنـهـضة الكـلـدانية / سان ديـيـﮔـو ، فـرغـبتُ أن أعـمل مقارنة بسيطة بـينه
وبـين المؤتمر القـومي الكـلـداني العام  / مشيـﮔان الـذي نحـن بصـدده .
قـلتُ لـبعـض الأصدقاء أن أي عـمل سابق أو لاحـق لـن يكـون متكاملاً لأن الكـمال يعـني نهاية الـتـطـوُّر وبالتالي ــ لا شيء بعـده ــ فـتكـون نهاية الحـياة والمغادرة إلى الملكـوت السماوي . فـفي مؤتمر الـنهـضة كان الحـزب السياسي الـوحـيـد المشارك هـو الحـزب الـديمقـراطي الكـلـداني ولم يكـن دور المستـقـلين بارزاً
وهـكـذا نـقـول أنَّ مؤتمرنا الحالي لـن يكـون متـكاملاً شأنه شأن الثالث والرابع والتي سـتـتـطـور نحـو الأفـضل .
في مؤتمرنا الحالي كانت إفـتـتاحـيته من قِـبَـل سيادة المطران إبراهـيم إبراهـيم الموقـر ، برفـقة سيادة المطران باوي سورو المحـتـرم وبممثل سيادة المطران سرهـد جـمو الأب نوئيل ، وتميز المؤتمر بإستلامه رسالة من غـبطة الـﭘاطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكـو يهـنىء فـيها المؤتمر وهـكـذا بـدَوره فإن المؤتمر بعـث برسالة شكـر وتـقـيـيم إلى غـبطـته ، وكـذلك إستـلم رسالة تهـنـئة من سيادة المطران حـنا زورا .
فـفي هـذا المؤتمر تـوسعـت القاعـدة وصارت الأحـزاب السياسية المشاركة فـيه أربعة وهي (1) المنبر الـديمقـراطي الكـلـداني الموحـد متـبني المؤتمر (2) الحـزب الديمقـراطي الكـلـداني (3) التجـمع الوطـني الكـلـداني (4) الحـزب الوطـني الكـلـداني ، بالإضافة إلى الـدور الـبارز للمستـقـلين في المناقـشات .
إن عـدد المؤتمرين المشاركـين في المؤتمر السابق كان بحـدود سـتين شخـصاً أما في المؤتمر الحالي فـقـد فاق الـ 75 مشاركاً ، عـدا المدعـوين الآخـرين الـذين لم يحـصلوا عـلى تأشيرة الـدخـول إلى أميركا والـذين تأخـروا عـن الحـضور لأسبابهم الخاصة . 
وكان العـنـصر النـسوي في المؤتمر الحالي أكـثر فـعالية وعـدداً .
كان لـكلا المؤتمرَين صـدى إعلامي واضح إلاّ أن أهـم إنجاز للمؤتمر الحالي هـو إتـفاق الـتـنـظيمات الأربعة السياسية والـدخـول في قائمة واحـدة متحـدة لخـوض إنـتخابات عام 2014 مع المستـقـلين أيضاً في نـفـس القائمة ، إنه فعلاً تـطـور واضح لصالح الشعـب الكـلـداني .
ولا نـنسى حـضور الموقع الإلكـتـروني ( ألقـوش . نت ) الأغـر بشخـص مديره الأخ عادل زوري المحـتـرم الـذي كان يتابع جـلساته ويكـتب تقاريره . وكانت مـداخلات المؤتمرين في المؤتمر الحالي أوسع من الأول والسبب تـوسع قاعـدة المشاركـين في المؤتمر من جهة ، وإكـتـساب الـبعـض منهم خـبرة من المؤتمر الأول .
أما الإعلامي الأخ نـصرتْ دمان القادم من المركـز الإعلامي الكـلـداني في سان ديـيـﮔـو ، فـقـد أدّى دوراً مهماً في متابعة الـتـصوير الـﭬـيـديـوي جـميع وقائع المؤتمر وبـدون كـلل ونشرها في موقع ( كـلـدايا . نت ) الأغـر .
لم أجـد فـرقاً في الأمور اللوجـستية أما إدارياً فـكانت في المؤتمر الحالي أكـثر تـنسيقاً من حـيث إبـداء آراء وتعـقـيـبات المشاركـين كـل بـدوره فـكانت هـناك لجـنة قـيادة المؤتمر ولجـنة متابعة الجـلسات في آن واحـد تخـصص الزمن المتاح لكـل متـكـلم وهـذه تأتي من باب التـطـور الـذي تكـلمنا عـنه في بـداية المقال .
وان أكـبر المشاركـين في المؤتمر عُـمراً هـو الأخ الـدكـتـور نوري منـصور رأيتُه رجلاً هادىء الطبع منـفـتحاً بشوشاً ولكـنه جادٌّ حـين يقـتـضي الأمر .
الأخ قـيس ساكـو علامات الشباب ظاهـرة عـليه يتكـلم بهـدوء مستعـيناً بالمنطق .
الأخ فـوزي دلي يتأنى بكلامه ويصيغ عـباراته بما لا يجـرح غـيره بقـدر الإمكان .
الأخ جـمال قلابات هادىء قـليل الكلام ولكـنه متمكـن جاد في العـمل .
 الأخ عـزت ساﭬايا يخـدم بسـكـوت وبرحابة صدر ودون ملل .
 الأخ ساهـر يلـدو يعـمل بفرح ويشارك بالأحاديث .
 الأخ شـوقي قـونجا من كـوادر إذاعة صوت الكـلـدان إذاعي متمكـن وبلغـتـنا الكـلـدانية الـدارجة هادىء الطبع بشوش المطلع .
الأخ عادل بقال تكـلمتُ عـنه في الحـلقة الأولى وكان عال العال كأنه الجـنـدي المجهول .
وكان للأخ عامر جـميل مداخلاته المنـبِّهة والملفِـتة للـنـظر .
الأخ نجـيب جـلو كان مشغـولاً ولكـنه حـضر أكـثر الأوقات ومعـروف بـبشاشته .
 وأعـتـذر إنْ كان قـد فاتـني أحـد من منـظمي المؤتمر ، هـذا بالإضافة إلى جـميع الإخـوة الـذين شاركـوا بإغـناء الجـلسات وإدارة الحـوارات وصياغة القـرارات ، سياسيّـين ومستـقـلين سواءاً قـدموا من سان ديـيـﮔـو أو من كـنـدا أو من أورﭘا أو من العـراق وأسترالـيا وجـميعـهم كانوا فـرحـين ونـتائج المؤتمر مُرضية لهم .
في الأمسيات أبـدع المطرب المحـبوب خـيري بوداغ بأغانيه الشجـية والشاعـرية ذات الكـلمات غـنية المعـنى بلغـتـنا الكـلـدانية وخاصة أغـنية ( خـبوشـتي ) ، أما المطربة الجـميلة سوسن النجار ( ﮔـيزي ) فـقـد جـذبت الإنـتـباه في أغـنية من الفـولكـلور الكـلـداني والشربة الفـخارية بـيـديها ، والمطرب أدور عـيسى يخـيَّـل لي أنه شماس أيضاً حـيث سمعـنا منه أغـنية ، ثم في مناسبة أخـرى ترتيلة إمّار لي عـيتا أيكا ... . وكان للشعـراء حـضورهم البارز وكـل قـصائـدهم بلغـتـنا الكـلـدانية ، مع المسرحـية الكـوميـدية بلغـتـنا أيضاً .
في الـيوم الأخـير من المؤتمر كان الإجـتماع في قاعة الـفـنـدق جاء الأخ عامر فـتـوحي وبحـوزته عـدد كـبـير من كـتاب ( قـصة يزدانـدوخـت ــ الأب سليمان الصائغ ) بالإضافة إلى صور تراثية ووُزعـتْ كـهـدايا منه للمؤتمرين .
أما في اليوم الأخـير حـيث حـضرنا الـقـداس ، لاحـظتُ شماساً في مقـتبل عـمر الشباب مولود في أميركا خـدم القـداس مع سيادة المطران إبراهـيم إبراهـيم الموقـر ، ظـنـنـتُ أنه يقـرأ صلوات الـقـداس بالـﮔـرشـوني الإنـﮔـليزية ولكـن حـين إقـتـربتُ منه للتأكـد ، لاحـظـتُ أنه يقـرأ اللغة الكـلـدانية ، حـقاً إن الأمل قـوي بهـولاء وأمثالهم ويـدعـونا إلى الـتـفاؤل والقـول أنَّ شعـبنا الكـلـداني بخـير حـتى في المهجـر .
وبهـذا خـتم سيادة المطران إبراهـيم إبراهـيم السامي الإحـتـرام المؤتمر بقـداس في يوم الأحـد 19 آيار 2013 في كـنيسة مار ﮔـورﮔـيس في منـتـزه الكـلـدان ــ  CHALDEAN PARK  ــ الواسع جـداً وهـو من ممتـلكات كـنيستـنا الكـلـدانية ، وعـنـدها سأل عـما آل إليه المؤتمر من نـتائج :
فـتـقـدم الـدكـتـور نـوري منـصور وقـرأ البـيان الخـتامي الـذي أشاد به سـيادته وشجـعـهم للـثبوت عـلى قـراراتهم .
من المؤكـد أن البعـض غادروا في اليوم التالي لإنـتهاء أعـمال المؤتمر بسبب إرتباطاتهم بالعـمل أو غـيره والبعـض تـوزعـوا لـقـضاء نهار أو أكـثر تلبـية لـدعـوات الأصدقاء والأقارب ثم غادروا إلى بلـدانهم ، وأعـتـقـد كان هـناك زميل واحـد بقي حـتى الأربعاء 22 آيار في الـفـنـدق ثم غادر .
في فـتـرة الظهـيرة من يوم الإثـنين 20 آيار 2013 قـضيناها كـمجـموعة صغـيرة مع المؤرخ والفـنان الأخ عامر فـتوحي وذلك بـدعـوة منه إلى أحـد المطاعـم الكـلـدانية تـناولـنا خلالها أحاديث وشجـون عـن المؤتمر وعـن الحـياة والآمال .
وفي ذات الـيوم بعـد الـظهـر كـنـتُ في لـقاء مع إذاعة صوت الكـلـدان حـول المؤتمر وآفاقه .
وفي مساء نـفـس الـيوم أخـذني الأخ عادل بقال في جـولة قـصيرة وشاهـدتُ بـيوت أبناء جالـيتـنا حـول البحـيرة وفي الحـقـيقة كانت مناظر خلابة ، ومنها إلى دار الـدكتـور نـوري منصور في جـلسة ممتعة طغى عـليها طابع الجـد والمرح حـتى بعـد منـتـصف الليل ضمَّـتْ مجـموعة من الإخـوة الأعـزاء .
وأخـيراً وفي يوم الثلاثاء 21 آيار ، كـنا عـلى موعـد مع الأخ زيـد ميشو الـذي جاء من كـنـدا وقـضينا النهار هـنا وهـناك حـتى حان وقـت المغادرة بعـد الظهر فأوصَـلـَـنا إلى المطار .

حزيرانياتٌ عربيةٌ أليمة/ د. مصطفى يوسف اللداوي

حزيران شهرٌ يرتبط دوماً بالنكسة، فلا يُذكر إلا مرادفاً للهزيمة، ولا يعرفه العرب إلا مقترناً بالخسارة، ومرتبطاً بالهجرة والضياع، واللجوء والشتات، حتى كاد أن يكون شهراً مشؤوماً منحوساً، لا يحبه الناس، ولا يستبشرون به خيراً، فلا يعقدون فيه صفقاتهم، ولا يحيون احتفالاتهم في لياليه، ولا يرغبون في تذكر مآسيه، ولا استحضار نكباته ونكساته على كثرتها، فهو يوجع ذاكرتهم، ويوخز ضمائرهم، ويخزي نفوسهم، ويكشف استهتارهم، ويعري حقيقتهم، ويبين لهم مدى الهوان الذي لحق بهم، والذل الذي حل فيهم.
ففي شهر حزيران كانت النكسة المخزية، التي أضاعت البقية الباقية من فلسطين، وأسقطت القدس، ومكنت لليهود فيها، وهم المطرودين منها، والمنبوذين من أهلها وسكانها، وجعلتهم يهددون المدينة المقدسة، والمسجد الأقصى، ومسرى الرسول الأكرم، ويطردون منها سكانها، ويغتصبون منهم أرضهم وممتلكاتهم، وهم الذين كانوا يحلمون بالعودة إليها ولا يستطيعون، ويخططون ويتآمرون ولكنهم يعجزون.
وفي حزيران النكسة، ضاعت شبة جزيرة سيناء، التي تفوق فلسطين في مساحتها ثلاثُ مراتٍ، وسقطت مرتفعاتُ الجولان الإستراتيجية، وفقدت الأردن أغوارها مع ضفتها الغربية، وضاعت في حزيران هيبة العرب، وقتل جنودهم، ودفن أسراهم أحياءً في جوف الأرض، وعاد الناجون منهم إلى أوطانهم، وقد نزعوا عنهم ملابسهم العسكرية، وتمزقت ثيابهم المدنية، وقد تخلوا عن بندقيتهم وبقية سلاحهم، واكتفوا من المعركة بالنجاة بحياتهم، ولو بثيابهم الداخلية، غير مبالين بالكرامة التي ماتت، وبالعزة التي دفنت، وبالأرض التي ضاعت، ولعل آثار النكسةِ كانت أعظم وأخطر من آثار النكبة، فقد ألحقت بالعرب والفلسطينيين هزيمةً نفسيةً كبيرة، أثرت على مختلف جوانب حياتهم، وأفقدتهم الثقة في الشعارات والخطابات، وهزت لديهم صور القادة والرؤساء، وشككت في حقيقة الأدوار والمهمات.
وفي حزيران كان الاجتياح الإسرائيلي أول عاصمةٍ عربية، إذ احتل الجيش الإسرائيلي العاصمة اللبنانية بيروت، وأجبر قوات منظمة التحرير الفلسطينية وقادتها على مغادرة لبنان، ما أدى إلى تشتت القوات، وانفراط عقد المنظمة، وبداية مسيرة التسوية، وبدأت إسرائيل إثرها في فرض شروطها على لبنان، ممهدةً لإتفاقية السابع عشر من آيار، التي لم تصمد إلا أشهراً قليلة، إذ أسقطتها القوى الوطنية والإسلامية اللبنانية، التي شرعت في التأسيس لأقوى مقاومة عربية تواجه إسرائيل، وتتحدى جيشها.
وفي حزيران وقعت الأحداثُ الأليمة بين شطري الشعب الفلسطيني، واقتتل الأخوة والأشقاء، ونزفت دماءٌ فلسطينيةٌ كثيرة، وحدث الإنقسام الأليم بين أبناء الشعب الواحد، الذي ترك آثاره المأساوية على كل شئ، وتسبب في تشويه صورة الفلسطينيين، وتشتيت جهودهم، ما دفع الكثير إلى انتقادهم، ودفعهم إلى الوفاق والإتفاق من جديد، وتجاوز الاختلافات والعقبات، إكراماً للشعب المعنى المعذب، وضماناً لمواجهة العدو الإسرائيلي صفاً واحداً، وإرادةً موحدة.
وفي حزيران تتهيأ قطاعاتٌ مصرية، شعبية وحزبية، للخروج في مسيراتٍ واعتصاماتٍ عامة، في مسعىً غير برئ للإنقلاب على الديمقراطية، وإسقاط الرئاسة المصرية، وهي التي جاءت بها صناديق الانتخابات، في انتخاباتٍ حرةٍ ونزيهة، وهم الذين كان لهم دورٌ ومساهمة في إرغام النظام السابق على الرحيل والمغادرة، وقد كانوا الأكثر تضرراً ومعاناةً منه، حيث أدخلهم السجون والمعتقلات، وضيق عليهم وحاصرهم، وحال بينهم وبين المساهمة في الحياة السياسية العامة، ولكن فئاتٍ مصريةٍ ترفض الانصياع إلى الديمقراطية، وتأبى إلا أن تكون هي السلطة الحاكمة، وإلا فإنها في حزيران ستفسد الحياة العامة، وستخرب البلاد، وستعرض أمن وسلامة مصر للخطر.
وقديماً في حزيران أغلقت سلطات الاستعمار الفرنسي الجامع الأزهر في مصر، الذي كان بوابةً للثورة والمقاومة، والذي منه تخرج سليمان الحلبي الذي قتل الجنرال كليبر، قائد الحملة المصرية على مصر، فما كان من سلطات الاستعمار إلا أن أغلقته خوفاً وهلعاً، ومنعت المصريين من دخوله، وجعلت من ساحاته اصطبلاتٍ لخيلولها، وأبقت عليه مغلقاً حتى رحلت قواتها العسكرية عن مصر.
وفي حزيران جمع الصليبون كيدهم من أوروبا وأتوا إلى فلسطين، وبدأوا أول حصارهم لمدينة القدس، قبل أن تسقط في أيديهم لقرنٍ من الزمان، عاثوا فيها فساداً وتخريباً، وقتلوا فيها آلافاً من المسلمين، قبل أن ينجح صلاح الدين الأيوبي في تحريرها واستعادتها من جديد.
وفيه أغارت الطائرات العسكرية الإسرائيلية على مفاعل تموز النووي العراقي ودمرته، وعادات أدراجها إلى مطاراتها العسكرية في فلسطين المحتلة، واعترفت بكل وقاحةٍ وسفور أنها التي نفذت الهجوم، وأنها نجحت في تدمير المشروع النووي العربي الأول.
مريرٌ هو شهر حزيران، وموجعةٌ هي أحداثه، ومؤلمةٌ مناسباته، لما يحمله من ذكرياتٍ محزنة، وأحداثٍ مريرة، ولما ترك من أثرٍ نفسي كبير على الأجيال العربية التي عاشت النكسات وعاصرتها، خاصةً ما يتعلق منها بالقضية الفلسطينية، رغم أن الفلسطينيين قد نجحوا في شهر حزيران في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في مدينة القدس، فكانت ولا زالت إطاراً وطنياً فلسطينياً جامعاً، وأصبحت البيت الفلسطيني الكبير، وإن كانت تحتاجُ إلى صيانةٍ وإصلاح، وتتطلب توسعةً وتحسيناً، لتشمل الجميع، وتلتزم بأصل الأهداف التي وضعتها، والغايات التي كانت إليها تتطلع.
هل نتوقف عند شهر حزيران، ونكتفي فيه بالبكاء والعويل، وتذكر الأحزان، وإحياء المناسبات الأليمة، في تكرارٍ مهينٍ للمصائب، وجلدٍ حزينٍ للنفس والوجدان، وهل نرضى أن يبقى هذا الشهر على مدى الزمن وصمةَ عارٍ في جبيننا، ولطمةً على الخد يصعب نسيانها، في الوقت الذي أصبح فيه مفخرةً لعدوناً، وشهراً فيه يقيمون أفراحهم على أحزاننا ومصائبنا، أم آن الأوان أن نعيد كتابة التاريخ، وأن نرسم ملاحم أيامنا بأنفسنا وإراداتنا، وقد أصبحنا قوةً حقيقية، وصار لنا مقاومةً عنيدة، ورجالاً أشداء، فلم نعد ذاك الجيل الذي يلطم على وجههه ويسكت، ولا ذلك الشعب الذي يشكو الضعف، ويعاني من قلة السلاح، ويفتقر إلى القادة والرجال، فهل من حزيرانٍ آخر يكون لأمتنا ربيعاً، ولعدونا خريفاً، نرد له فيه الصاع صاعين، ونستعيد فيه منه الحق، ونكون نحن فيه القوة، فنحيي مناسباته بعزة، ونتذكر أيامه بفخرٍ.

تحوّلات الأب في شعر محمود درويش/ سليمان جبران

 I
 لا نقاش في أنّ محمود درويش (1941- 2008) من أبرز الشعراء العرب في النصف الثاني من القرن العشرين، وهو أكثرهم شهرة وانتشارا؛ ما في ذلك شكّ. هذه المكانة المتميّزة لدرويش ونتاجه، في الشعر العربي الحديث، مردّها إلى موهبة شعريّة فذّة، وأكثر من أربعين سنة من العطاء المتواصل، وجهود مثابرة في تجديد فنّه والارتقاء به دونما توقّف. في غضون هذه العقود الطويلة، شغل درويش مناصب كثيرة، في الصحافة أساسا، إلا أنّ الشعر ظلّ، في نفسه وكتابته، شغله الشاغل وغايته القصوى، وللشعر كرّس جلّ وقته وجهوده، بل كلّ حياته وجهوده في الواقع.
 من الطبيعي أنّ اعتباره، في نظر النقّاد والناس جميعا، "شاعر فلسطين"، كان له نصيب في شهرته وانتشاره، ما في ذلك شكّ. إلا أنّ مكانته هذه لم تكن لتغريه بالجمود في مكانه، واجترار منجزاته الفنّية التي توقّعها واستطابها قرّاؤه وسامعوه: "أزمتي في وقت مطالبة بعض قرّائي وبعض جماهير شعري لي بأنْ أثبت في مكاني، في نصّي الذي وجدوا فيه تعبيرا عنهم. عندما خرجت من هذا النصّ كان هناك خطر بأن أفقد قرّائي. لكنّني اخترت ما رأيته صالحا لشعري ومناسبا لاعتباراتي الفنيّة، وكان خياري صائبا. بل عكس احتراما لقرّائي. إذ ليس من حقّنا أن نتكلّم بخفّة عن الجمهور. الجمهور حقّا من شرائح ومستويات ثقافيّة واجتماعيّة مختلفة، لكنّه عندما يذهب إلى أمسية، عندما يمسك القارئ كتابا، أو يقرأ نصّا، فهو يعرف ماذا يفعل وإلى أين يذهب. تطوّر النصّ الشعري هو في الوقت ذاته تطوير للذائقة الشعريّة" [1].
II
في هذه الفترة الطويلة من الإنتاج، أصدر درويش أكثر من عشرين مجموعة شعرية، بدءا بمجموعة عصافير بلا أجنحة سنة 1960 التي يعتبرها درويش "تعبيرا عن محاولات غير متبلورة"، [2] ولذا فإنّه لا يذكرها عادة بين أعماله، وانتهاء بمجموعته الأخيرة، لا تعتذر عمّا فعلت، في سنة 2004.**
في نظرة تقريبيّة، يمكننا تقسيم الأعمال الشعريّة لدرويش إلى ثلاث مراحل فنيّة متميّزة. في البداية؛ في المرحلة الأولى، كانت قصيدته "واقعيّة"، إلى حدّ ما؛ حاول فيها رسم الوقائع القاسية في الوجود الفلسطيني داخل إسرائيل، بأدوات بسيطة، ونغمة صريحة، ومبانٍ خطابيّة عالية. في تلك المرحلة، لا بدّ من التنويه، كان درويش عضوا في الحزب الشيوعي الإسرائيلي، فتأثّر بلا ريب بالمبادئ الماركسيّة في اعتبارها الشعر، والأدب عامّة، وسيلة ثوريّة ترمي إلى تحفيز الجماهير على طريق التغيير. هذا هو الموقف الذي صوّره، ربّما بشيء من المغالاة، في إحدى قصائده من مجموعة أوراق الزيتون (1964) قائلا: [3]
قصائدنا بلا لونٍ
بلا طعمٍ.. بلا صوتِ!
إذا لم تحمل المصباح من بيتٍ إلى بيتِ!
وإن لم يفهم "البُسَطا" معانيها
فأولى أن نُذرّيها
ونخلدَ نحنُ.. للصمتِ!!
في هذه المرحلة، كانت أشعاره في معظمها " أشعارا مقاتلة" بكلّ معنى الكلمة. فقد كانت قصائده احتجاجا صارخا ضدّ النظام المضطهِد في إسرائيل، فعبّرت عن المأساة المرّة للشعب الفلسطيني بوجه عامّ، لكنّها في الوقت ذاته اصطبغت بمسحة واضحة من الأمل والتفاؤل، كما هو متوقّع من شعر "الواقعيّة الاشتراكيّة". مع ذلك، لم تعدم قصائده "المقاتلة" نغمة غنائيّة أخّاذة، وبالذات حين يتماهى الفرد في المجموع، والحبيبة في الوطن، كما تمثّل ذلك، على سبيل المثال، في واحدة من أشهر قصائده يومذاك، سمّاها "عاشق من فلسطين"، في المجموعة التي تحمل اسم القصيدة المذكورة ذاته، حين يقول فيها: [4]
فلسطينيّة العينين والوشمِ
فلسطينيّة الإسمِ
فلسطينيّة الأحلام والهمِّ
فلسطينيّة المنديل والقدمين والجسمِ
فلسطينيّة الكلمات والصمتِ
فلسطينيّة الصوتِ
فلسطينيّة الميلاد والموتِ
[...]
وباسمك، صحتُ في الوديانْ:
خيول الروم!.. أعرفها
وإن يتبدّل الميدان!
خذوا حذرا..
من البرق الذي صكّته أغنيتي على الصوّانْ
أنا زين الشباب، وفارس الفرسان
أنا. ومحطّم الأوثان.
 في سنة 1970، سافر درويش إلى موسكو في بعثة دراسيّة، ومن هناك رحل إلى القاهرة، فكانت تلك في الواقع بداية مرحلة جديدة في حياته وشعره على حدّ سواء. كان لقراره مغادرة إسرائيل، مرّة وإلى الأبد، صدى واسع طبعا في إسرائيل، وفي العالم العربي. لكن ما يهمّنا هنا هو أنّ هذه الخطوة كانت، ما في ذلك شكّ، إيذانا بانتهاء دور "شاعر المقاومة"؛ شاعر الغضب السياسيّ والاجتماعيّ ضدّ الحكم الإسرائيلي، ووقوفه من الآن فصاعدا في مفترق هامّ من حياته الشعريّة: هل يواصل دوره السابق، مردّدا النصوص والثيمات السابقة ذاتها، وقد بدّل موقعه طبعا، أم عليه أن يشقّ طريقا فنّيا جديدا أكثر رقيّا وتعقيدا، رغم ما في هذا الطريق الجديد من أخطار تتهدّد مكانته الشعريّة بين قرّائه ومريديه؟ أو بكلمات درويش نفسه: [5] "كنت في الثامنة والعشرين، وكان ريشي خفيفا، وكنت ذاهبا للمجهول، وأنا لم أنتبه إلى أنّ صورتي، قبلت أو لم تقبل، هي أن أكون مصلوبا في الجليل، وليس من حقّي أن أنزل عن الصليب وأنتعل حذاء وأمشي. فهذا كسْر للصورة، لذلك أشعر أنّ القارئ أكرم منّي وقدّم لي أكثر مما قدّمت له. فهو عندما نسي هذه الجنايات، كان يغفر لي ويحمّلني تبعات الغفران، ولكن كيف؟ هل أن أكون صدى مكرّرا لما كنت؟ هل أحافظ على الصورة القديمة، أم أبحث عن لغة جديدة وقصيدة جديدة؟ وهذا ما فعلت دون أن أحدث القطيعة مع أرض الحنين".
 هكذا انتقل شعر درويش إلى مرحلة جديدة، بكلّ ما رافقها من صياغة شعريّة جديدة أيضا. فقد أخذ يبتعد شيئا فشيئا عن المواقف الماركسيّة في الأدب، كما هجر، في الأغلب، الخطابيّة المباشرة التي كان عبّر بها عن الصوت الجماعي للجماهير، وشرع في كتابة شعر فنّي "معقّد" يقوم إلى حدّ بعيد على رموز وموتيفات التوراة والتراثين الإسلامي والمسيحي، وعلى الحضارات القديمة لهذه المنطقة. صحيح أنه واصل تناول القضيّة الفلسطينية في قصائده، إلا أنّ رؤيته غدت أوسع مدى، وتعدّدت في قصيدته الأصوات، المجرّدة منها والمتناصّة، وصولا إلى الصور السورياليّة في بعض الأحيان أيضا.
في مقابلة مطوّلة مع درويش، يذكر الشاعر مدى قراءاته استعدادا لكتابة قصيدته في هذه المرحلة قائلا: "عندما كتبت أحد عشر كوكبا، وهي قصيدة غير طويلة، قرأت قرابة خمسين كتابا عن الأندلس. ولمّا كتبت "الهنديّ الأحمر" قرأت حوالى عشرين كتابا عن تاريخ الهنود الحمر وأدبهم. وقرأت نصوصهم الأدبيّة وخطبهم" [6].من الجدير بالذكر هنا أنّ القصيدة الدرويشيّة آنذاك، رغم هذا الغنى من "المراجع" الأسطوريّة والتاريخيّة، لم تنفكّ تتدفّق في يسر و"بساطة" في التعبير، على الرغم من هذه الخلفيّة الثقافيّة المدهشة المبثوثة في التناصّات المحكمة التي تشكّل عنصرا فنّيا طاغيا في قصيدته: "مسألة التناصّ أو الإحالات التي أمارسها بوعي تامّ، هي جزء أساسيّ من مشروعي، انطلاقا من أنّه لا توجد كتابة تبدأ "الآن"، ليست هناك أوّل كتابة، أو كتابة تبدأ من بياض، ولا يوجد أصلا تأريخ للشعر. لذلك، كان حريّا في عصر تداخل الثقافات، والمرجعيّات الواضحة والتطوّر الهائل للإبداع الشعريّ، سواء على مستوى العرب قديما أم على مستوى العالم المعاصر، أن تدخل التناصّ، لأنّ الكتابة الآن هي كتابة على ما كُتب. أنت لا تستطيع أن تدخل عالم الشعر هذا برعويات، إذا لم تكتب على الكتابة، فإنّك تُخرج الشعر من كينونته الثقافيّة، فللشعر كيانية ثقافية في الدرجة الأولى، أما السليقة وكيف تعبر الثقافة عن نفسها فهذه مسائل تقنية"  [7]  .
 في سنة 1982 اجتاحت إسرائيل لبنان، فاضطُرّت منظّمة التحرير الفلسطينيّة إلى مغادرة لبنان، ومعها درويش طبعا. على ضوء هذه الأحداث كتب درويش قصيدته المعروفة في مديح الظلّ العالي؛ [8] وهي قصيدة "استثنائيّة" تخالف في فنّها ولهجتها الطابع الغالب لقصائده في هذه الفترة، وذلك ما جعله، في أغلب الظنّ، يسمّيها ""قصيدة تسجيليّة"! القصيدة في غاية الطول، حوالى سبعين صفحة، مكتوبة في خطابيّة عالية من الكامل التفعيلي، لغتها عالية ومباشرة، وكذلك صورها الشعريّة، بحيث يغلب فيها الأنا على كلّ المقوّمات الفنّية الأخرى. إلى هذا الحدّ تبدو القصيدة المذكورة غريبة في هذه المرحلة بحيث تذكّر، إلى حدّ بعيد، بدرويش القديم صاحب قصيدة "بطاقة هويّة" [9] الشهيرة! الشاعر نفسه اعترف أنّ القصيدة نشأت نتيجة توتّر وغضب عارمين بعد الأحداث المذكورة أعلاه، ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال اعتبارها "تنازلا" للقارئ بغية التقرّب منه: "أنا لم أقدّم تنازلا لأنّني لم أقدّم نصّا لإرضاء القارئ. فقد كان غضبي وطريقة نظرتي للعالم متطابقة مع نظرة القارئ العادي. وكان غضبي على العالم يحمل استخفافا بالشعر واللغة الشعريّة والجماليّات، لذلك سمّيتها قصيدة تسجيليّة. لقد كانت كميّة غضبي تقول إنّ هناك أوقاتا لا وقت فيها للجماليّات، وهذا طبعا ليس من قبيل التنازل، بل من قبيل التعبير عن رغبة في الانفجار". [10]
 في سنة 1995 أصدر درويش مجموعه شعريّة جديدة؛ لماذا تركت الحصان وحيدا؟ [11] فشكّلت تحوّلا جديدا، بل مدهشا في فنّه الشعري، بحيث دشّن مرحلة تجديديّة ثالثة في هذا الفنّ. تمثّل الاتّجاه التجديديّ المذكور في انصراف الشاعر إلى الحفر في الذاكرة الذاتيّة بنظرة فلسفية وجوديّة عميقة. فهو يعود في هذه المجموعة إلى الماضي، منقّبا فيه عن مشاهد طفولته الأولى، عارضا مشاهدها من جديد في سياقات أسطوريّة مركّبة. ولعلّ خير وصف لهذا المنحى الجديد في شعر درويش ما ذكره الناقد السوري صبحي الحديدي، حين يقول: "هذه المجموعة دشّنت طورا جديدا تماما في مشروع درويش الشعري، لأنه هذه المرّة كرّس مجموعة بأسرها لموضوع محوري واحد هو كتابة السيرة، ولأنه أعطى فسحة سخيّة تماما (لعلّها غير مسبوقة في شعره) لصعود "الأنا"، "أنا" الفرد الشاعر في فسيفساء علاقتها بالذات والتاريخ والمكان والزمان، ووقوفها على قدم المساواة مع -أو تفوّقها أحيانا على- التمثيل الإنساني والوطني للذات الجمعيّة". [12]
الإيقاع في قصائد هذه المجموعة هادئ يقترب في أحيان كثيرة من إيقاع النثر السردي، والقصائد حافلة بالحوار والتناصّات التاريخيّة والدينيّة. هذه هي الصياغة الغالبة، بشكل أو بآخر، على مجموعاته التالية كلّها؛ حتّى على مجموعة حالة حصار [13] التي كتبها درويش في رام الله أثناء منع التجوّل المفروض على المدينة من الجيش الإسرائيلي. حتّى هذه المجموعة، بظروف نظمها القاسية، مكتوبة من منظور شخصي إنساني، وفي إيقاع هادئ، تغلب عليه عادة الرؤية الذاتيّة والآيرونيّة المرّة. يمكن القول أخيرا إنّ هذه المجموعة كُتبت في نفس ظروف مديح الظلّ العالي، لكن شتان ما بين درويش ذاك، في بيروت سنة 1983، ودرويش هذا في رام الله سنة 2002!
III
قبل انصرافنا إلى غايتنا الأساسيّة من هذا المقال، حول تحوّلات صورة الأب في شعر درويش، لعلّه يجدر بنا أن نشير إلى أنّ أفرادا آخرين من عائلته أتى الشاعر على ذكرهم في قصائده أيضا. حتّى حين كان في إسرائيل، عاش درويش الشاعر أغلب وقته في مدينة حيفا، بعيدا عن عائلته، كما اعتُقل وسُجن وفُرضت عليه الإقامة الجبريّة غير مرّة. لذا فقد كان طبيعيّا أن يحنّ إلى أهله جميعا: [14] "إنّ لمحمود 'ضعفا' خاصا تجاه البيت... كلّ ما فيه: أمّه، وأبيه، وأخته، وأخيه.. والأشياء الاعتياديّة التي لا يخلو منها بيت.. الباب، والعتبة، والسياج، والموقد، وحبل الغسيل إلخ ..". فحين كان في السجن، في الستينات، كتب لأخته قصيدة مؤثّرة بعنوان "أهديها غزالا"، [15] كما كتب أيضا قصيدته "إلى أمّي" [16] التي لحّنها وغنّاها الفنان اللبناني المعروف مارسيل خليفة، ما أكسبها شهرة استثنائيّة فعلا. إلا أنّ صورة الأمّ لا تكاد تختلف في شعره، وإن اختلفت لغته وصياغاته طبعا: أمّ شرقيّة حنون، تعاني شوقها لولدها الغائب عن عينيها، وتحمل همّه حيثما ارتحل. يفتتح الشاعر قصيدة "إلى أمّي" بهذا البوح الطاغي: [17]
أحنُّ إلى خبز أمّي
وقهوة أمّي
ولمسة أمّي..
وتكبرُ فيَّ الطفولةُ
يومًا على صدر يومِ
وأعشقُ عمري لأنّي
إذا متُّ،
     أخجل من دمع أمّي!
هذه الصورة لأمّه لم تتغيّر مع السنين، كما أسلفنا، وإن اختلف الأسلوب والصياغة طبعا. ففي مجموعة لماذا تركت الحصان وحيدا، يصفها درويش بهذه الأسطر الأخّاذة: [18]
أمّي تعدّ أصابعي العشرين عن بعدٍ.
تُمشّطُني بخُصلةِ شعرها الذهبيّ. تبحثُ
في ثيابي الداخليّةِ عن نساءٍ أَجنبيّاتٍ،
وتَرفو جَوْربي المقطوعَ. لم أكبرْ على يَدِها
كما شئنا: أنا وهيَ، افترقنا عند مُنْحَدرِ
الرُّخام..
 على هذا النحو بقيت أمّه، بشكل أو بآخر؛ نفس المرأة الجميلة المحِبّة، كما كانت دائما، لم تتغيّر صورتها هي، وإن تغيّرت اللغة والأسلوب في تناولها كما أسلفنا.
IV
 إذا كانت أمّ درويش، كما رأينا أعلاه، مثّلت "الوطن" كلّه، باعتبارها مصدرا ثابتا للدفء والحبّ والقلق على ولدها، فإنّ صورة الأب لا تظهر بالألوان ذاتها، ولا تثبت على حالها دونما تغيير أو تبديل على مرّ السنين. درويش نفسه حاول تلمّس الفرق بين الصورتين، كما تجلّى في شعره، بأسلوبه الشعريّ قائلا: "الأمّ هي الأمّ والأب هو الأب. إنّهما بشر. لكنّ كلا منهما يحمل دلالات مختلفة. لا يكفي أن تحمل الأمّ فكرة البقاء المكاني والتاريخي في الأرض الفلسطينيّة. لنقف عند هذه الكناية. كان الآباء عبر التاريخ كثرا والأمّ واحدة. الأمّ ذات هويّة مستقرّة، والآباء متغيّرون. الأرض التي وُلدتُ عليها هي، كما تعلم، ملتقى غزاة وأنبياء، ورسالات وحضارات وثقافات. ولكنّهم عابرون، عبورا يطول أو يقصر. فالأب لم يكنْ واحدا ولانهائيّا ولا دائما. من هنا كان انتسابنا الحضاري والثقافي إلى الأرض، إلى الأمّ. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى أنا من جيل حمّل آباءه مسئولية الرحيل والهجرة لأنهم، الآباء، آباءنا، لم يدافعوا جيدا عن أرضنا، وما زلنا نسألهم عن ذلك، ولا تزال صلتنا بهم ملتبسة بالسجال والخلاف" [19].
في لغة نثريّة بسيطة، تمثّل الأمّ الفلسطينيّة الحبّ والحماية والاستقرار لأبنائها، أمّا الأب فهو "الزعيم": إنّه المسؤول عن العلاقات الخارجيّة مع العالم الخارجي، والمسؤول أيضا عن حماية الوطن وتأمين مستقبله. بناء على ذلك، فإنّ الأواصر بين الأب والابن، بما فيها تلك بين درويش وأبيه، هي أواصر مركّبة، وفي ذلك ما يفسّر طبعا ظهور صورة الأب في ملامح مختلفة في الفترات المختلفة من شعر درويش. ففي اللقاء ذاته في مجلّة مشارف يصف درويش والده باعتباره إنسانا عاديّا مشغولا بالعمل في الأرض، بعيدا نوعا ما عن أولاده وعن بيته: "كان جدّي هو الأب الحقيقي، بسبب انشغال أبي في التربة وملاحقة الفصول. يخرج في الصباح ويعود في المساء، ويتركنا أنا وإخوتي في رعاية جدّي. كان هو أبانا الحقيقي، يدلّلنا ويأخذنا في نزهات ويصحبنا إلى المدن. أبي ككلّ المزارعين مستغرق في عمله في الأرض حتّى كأنّه قطعة منها" [20].
صورة الأب هذه، كادحا لتحصيل رزق عياله، تناسب بلا شك ّفلسفة درويش في الفترة الأولى من شاعريّتة، يوم كان عضوا في الحزب الشيوعي الإسرائيلي، عاملا في صحافته الحزبيّة أيضا، قبل مغادرته إسرائيل. هكذا نجده في قصيدته الشهيرة "بطاقة هويّة"، [21] التي غدت أشبه بمانيفست سياسي في نظر معظم الفلسطينيين في إسرائيل، يشير إلى خلفيّته "البروليتاريّة"، وإن كان يعلن فخره، في الوقت ذاته، بتراث جدّه بالذات، لا بتراث والده:
أبي.. من أسرة المحراثِ
         لا من سادةٍ نُجُبِ
وجدّي كان فلاحًا
        بلا حسبٍ..ولا نسبِ!
يعلّمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتبِ

في قصيدة أخرى، سمّاها "ثلاث صور"، [22] يكرّس الشاعر "الصورة" الثالثة لوصف أبيه، فيصوّره مرّة أخرى كادحا، يجد صعوبة كبرى في إعالة أولاده الكثر:
كان أبي
كعهده، محمّلا متاعبا
يطارد الرغيف أينما مضى..
لأجله.. يصارع الثعالبا
ويصنع الأطفال..
والتراب..
والكواكبا..
[...]
ووالدي. كعهده.
   يسترجع المناقبا
   ويفتل الشواربا!
   ويصنع الأطفالَ..
   والترابَ
  والكواكبا!
في هذه القصيدة هناك، أيضا، نقد "ناعم" لأب لا يشغله من مصير العائلة سوى توفير الرغيف لأفرادها، فيما يواصل إنتاج الأطفال وتفتيل الشوارب!
في هذه الفترة ذاتها، أفرد درويش لوالده قصيدة أخرى بكاملها أسماها "أبي"، [23] يبدو فيها الأب ثانية فلاحا، يصارع الصخور، شديد الإيمان بالله، رغم مشاكله ومتاعبه، كأنما هو أيّوب الراضخ لقدره. وفي نهاية القصيدة يوصي الأب ولده بالبقاء في الوطن، وعدم الهجرة إلى بلاد أخرى غيرها:

غضَّ طرْفًا عن القمرْ
وانحنى يحضن الترابَ
وصلّى..
لسماء بلا مطرْ،
ونهاني عن السفرْ!
[...]
وأبي قال مرّة:
الذي ما له وطنْ
ما له في الثرى ضريحْ
.. ونهاني عن السفرْ!
في القصيدة ذاتها، تتردّد غير مرّة جملة "غُضَّ طرفًا عن القمر"، وهي نصيحة يقدّمها الأب لابنه أيضا، بما تحمله من دلالة على أنّ الأب بعيد عن الأمل والطموح، راضٍ بنصيبه المرّ، كما هي حال النبيّ أيّوب المؤمن الصابر في الحكاية الدينيّة المعروفة!
نخلص إلى القول إنّه خلال هذه المرحلة الأولى من شعر درويش، حين كان في إسرائيل، في صفوف الحزب الشيوعي، بدا الأب فلاحا كادحا يصارع الأرض والصخور لكي يوفّر القوت لعائلته، متحلّيا بالصبر، راضيا بقسمته، متمسّكا بأرض آبائه وأجداده، لا يلتفت إلى الهجرة ومغادرة الوطن. لكن من ناحية أخرى نلمح مع ذلك بعض النقد الناعم لأب لا يبالي بكثرة الأولاد الذين يأتي بهم إلى هذا العالم، ولا يعرف للطموح سبيلا! بذلك نجد شيئا من عدم الدقّة في الزعم بأنّ درويش يعرض، في هذه الفترة، شخص والده بريئا من كلّ عيب، لا تشوبه شائبة، كما رأى الناقد المصري رجاء النقاش! [24]
V
في المرحلة الثانية، بعد رحيل درويش من إسرائيل، تحرّر الشاعر من البيئة والعقيدة الشيوعيّتين، وغدا وطنيّا فلسطينيّا مستقلا، بكلّ معنى الكلمة. الآن غدا الشاعر حرّا في كتابة كلّ ما يريد دونما خشية من الرقيب الإسرائيلي أو من نقد "الرفاق" في الحزب أو الصحيفة. هذا التحوّل الكبير جعله يعيد النظر في صورة أبيه، وجيل أبيه كلّه، فيتناوله من منظور قوميّ جديد، لا يتّصل بالشيوعيّة من قريب أو بعيد. هكذا أخذ درويش في "محاسبة" أبيه، على المستويين الشخصي والقومي على حدّ سواء، ذاكرا مقاومة الجيل المذكور للإنجليز من ناحية أولى، موجّها في الوقت ذاته النقد لأبيه في المستويين المذكورين.
لن نعرض هنا طبعا للقصائد التي يظهر فيها أبوه، لا كيانا مستقلا بل عنوانا للخطاب لا أكثر، يتلو الشاعر على مسامعه، بصوته الذاتيّ أو الجماعيّ، مأساة فلسطين عبر التاريخ، كما هي الحال في "حجر كنعاني في البحر الميّت"، [25] أو في قصيدة أخرى بعنوان "أنا يوسف يا أبي"، [26] التي يمكن اعتبارها قصيدة أليجوريّة تمثّل الشعب الفلسطيني بين "الأشقّاء" العرب. ذلك أنّ الأب، هنا، ليس موضوعة القصيدة، في آخر الأمر، ما في ذلك شكّ، لأنه لا يقوم إلا بدور شخصيّة هامشيّة لا تحظى بمكانة في القصيدة ذات شأن، ولا تقوم بغير العنوان أو المتلقّي لكلمات الشاعر الابن.
أوّل التفات إلى الأب يستحقّ الذكر، في هذه المرحلة، نجده في قصيدة طويلة بعنوان "قصيدة الأرض"، [27] حيث يشكّل شهر آذار محورا مركزيا يندرج فيه وصف الطالبات الخمس اللواتي "وقفن على باب مدرسة ابتدائيّة، واشتعلن مع الورد والزعتر البلديّ"، في شهر الانتفاضة، واستفاقة الطبيعة في هذا الشهر من بداية الربيع، بالإضافة طبعا إلى ولادة الشاعر نفسه في هذا الشهر:
 وفي شهر آذار، قبل ثلاثين عاما وخمس حروب،
وُلدتُ على كومة من حشيش القبور المضيء.
أبي كان في قبضة الإنجليز. وأمّي تربّي جديلتها
وامتدادي على العشب.
على هذا النحو تعرض القصيدة، في سياق واحد، لولادة الشاعر نفسه في هذا الشهر، ولاعتقال الإنجليز الأب في الوقت ذاته، وهي معلومة من السيرة الذاتيّة للشاعر سوف تعود إلى الظهور لاحقا.
بعد وفاة والد درويش، كتب الشاعر أيضا قصيدة طويلة خصّه بها، أسماها ربّ الأيائل يا أبي.. ربّها. [28] في هذه القصيدة، يتحدّث الشاعر بضمير المتكلّم إلى والده الذي يظهر، فيها، مرّة بضمير المخاطب وأخرى بضمير الغائب. يصعب القول إنّها قصيدة رثاء فعلا، بالمعنى المعروف، إذ تشكّل في الواقع حسابا عسيرا لوالده، مكتوبا بأسلوب تصويريّ حادّ!
تجدر بنا الإشارة هنا إلى أنّ عددا من القسمات الشخصيّة في حياة درويش تبدّت جليّة في هذه القصيدة: شجرة الخرّوب [29] على الشارع الرئيسي قرب قرية البروة، بلدة درويش، صلْب البريطانيّين لأبيه على شوك الصبّار، وقد وردت هذه الواقعة مرّتين أيضا في مجوعته الشعريّة لماذا تركت الحصان وحيدا؟، تفاني والده في خدمة الأرض، الوارد سابقا، وأخيرا وصف أبيه بأنّه "خجول"، وهذه الواقعة وردت هنا في القصيدة مرّتين، وكان الشاعر ذكرها أيضا في المقابلة المنشورة في مجلّة مشارف. [30]
 أوّل نقدَ لدرويش أباه كان نقدا شخصيّا: فهو يتّهمه بعدم تقريب ولده إليه، عدم تشجيع ابنه على النضال والتضحية، أو حتّى رعاية ابنه، كما هو دأبه مع حقول السمسم والذرة: [31]
[...] كم أبعدتني
عمّا أحاول أن أكون ولا أكون.. وأنت تدري
أني أريد فوائد الأزهار، قَبْلَ الملح. كم قرَّبْتَني
من نجمة العبث البعيدة، يا أبي. لِمَ لمْ تقُلْ لي مَرَّة
في العمر: يا ابني!.. كي أطير إليكَ بعد المدرسةْ؟
لِمَ لمْ تحاول أن تربِّيني كما رَبَّيتَ حقلك سمسمًا، ذُرَةً، وحنطةْ
[...]
وانسَ انصرافي عن خيولك يا أبي واغفر لأعرف ذكرياتي
أَنتَ الذي خَبَّأْتَ قلبك يا أبي عني، فآوتني حياتي
في ما أَرى من كائناتٍ لا تُكَوِّنُ كائناتي..
والآن تسحبني أْبوِّتك القصيَّةُ من يديَّ ومن شتائي
ثمّ إنّه يتّهم أباه بالنّظر إلى أرضه السليبة من بعيد، وهي تُسرق، دونما حراك، إلى أن يعود منها إلى بيته قبل الظلام:
.. متداخلا في صوفه البنيّ، متَّكئا على درج الشجرْ
يرنو إلى فردوسه المفقود، خلف يديه، يرمي ظلَّه
فوق التراب – ترابه ويشدُّه.. يصطاد زهرة أقحوانْ
بعباءة الظلّ المراوغ. أيُّ صيّاد يغافل سارقَ الأَشجارِ!
أيّ أبٍ أبي! يرمي نِبالَ الظلّ نحو ترابه
المسروق..يخطف منه زهرة أقحوانْ!
ويعود قبل الليل [ ...].
الشكوى الأخرى للشاعر، يرفعها في وجه والده، هي انشغاله بالعمل في الأرض، بحيث منعه ذلك من تعليم ابنه عن "التاريخ في أيّامه"، وعن الغزاة الذين احتلّوا هذه الأرض منذ فجر التاريخ: [32]
[...] كم جيش جديد سوف يحتلّ الزمانْ
يأتون كي يتحاربوا فينا.. همُ الأمراءُ، والشهداءُ نحنُ
يأتون، يبنون القلاع على القلاع، ويذهبون، ونحنُ نحْن
لكنّ هذا الوحش يسرق جلدنا وينام فيه فوق خَيْش فراشنا
ويعضُّنا، ويصيح من وَجَع الحنين إلى عيون الأقحوانْ
إنّها شكوى أخرى يرفعها الشاعر إلى أبيه، شاكيا فيها كتمان حبّ الأب لولده؛ ما يجعل الشاعر "يلتجئ إلى القمر" بعيدا عنه: [33]
[...] شاهدت قلبي يا أبي
وأضعت قلبك يا أبي، خبّأته عنّي طويلا، فالتجأتُ إلى القمرْ
قل لي: أُحبّك، قبل أن تغفو.. فينهمر المطرْ
هكذا نرى بوضوح أنّ المزايا ذاتها؛ من تفان في العمل في الأرض، "فتخضرّ الحقول"، لتحصيل الرزق للعائلة، غدت اليوم، بعد أن مجّدها الشاعر في المرحلة "الماركسيّة" الأولى، مدعاة للوم والذمّ، لأنّها انصراف عن النضال في سبيل استعادة الأرض "المسروقة"، وفي سبيل القيم القوميّة الكبرى. حتى في هذه القصيدة "الرثائيّة" لأبيه انصرف الشاعر إلى "محاسبة" هذا الأب، وجيله أيضا؟، متجاوزا التقاليد، ربّما، في قصيدة يُفترض فيها أن تكون قصيدة "رثاء" لوالده!
VI
   في المرحلة الثالثة، بعد رحيل الشاعر من بيروت، أصدر درويش مجموعة شعريّة جديدة أسماها لماذا تركت الحصان وحيدًا؟. [34] يمكننا، إذا توسّعنا في دلالة المصطلح، اعتبار هذه المجموعة، كما ألمحنا سابقا، نوعا من السيرة الذاتيّة الشعريّة. ذلك أنّ العناصر السيرذاتيّة، فيها تشكّل مقوّما ثيماتيّا بارزا، وإن كان من الصعب أحيانا الحكم فيما إذا كانت هذه العناصر مستقاة كلّها من حياة الشاعر فعلا، أو هو تبنّاها من حياة الشعب الفلسطيني سنة 1948. من هذه العناصر السيرذاتيّة الواضحة: ولادة الشاعر في آذار، كنيسة قرية البروة التي بقيت شاهدا على القرية التي كانت هناك ذات يوم، شجرة الخرّوب على الشارع الرئيسي المارّ بقرب القرية، الرحيل إلى لبنان مرورا بمنطقة الجليل، تلّة نابوليون بونابرت قرب عكّا.. إلى غير ذلك. تلك عناصر يسهل على القارئ العاديّ تعرّفها دون عناء، وإن كان من الضروري الإشارة هنا إلى أنّ هذه العناصر الواقعيّة تطلّ أحيانا في سياق فرد، بل في جملة واحدة أيضا، إلى جانب عناصر تاريخيّة وأسطوريّة تتبدّى جليّة في الإلماعات الكثيرة إلى التوراة والتراثين المسيحي والإسلامي، ما يجعل هذه المجموعة ملحمة فلسطينيّة حافلة فعلا. يصف درويش نفسه هذه "الخلطة" العجيبة من الذاتي والتاريخي والأسطوري في المجموعة المذكورة، على النحو التالي: [35]"على الفلسطيني أن يمرّ بالأسطورة ليصل إلى المألوف. أنا شاعر، وأنا أولا شاعر التفاصيل الإنسانية المألوفة. لكنني كنت دائمُا في سجال مع مبدأ التكوين. سجال أوقعني في البحث عن كتابة أسطورية للواقع اليومي أو الراهن الفلسطيني. من اليومي إلى الأسطوري. هذه الدورة لا تتم إلا بالعودة إلى أصلها. فهي من اليومي العادي إلى الأسطوري، فاليومي العادي البسيط مجددا. حتى في قمة استعاراتي الأسطورية كان هاجسي الفعلي كتابة البسيط والمألوف والعادي. همي أن أؤنسن النص الفلسطيني. ليست الأسطورة دائمًا مضادة للإنسان، ليست دائمًا كذلك. إنها هنا وجه لصراع ثقافي على كتابة نفس المكان. نكتب نحن الشعراء الفلسطينيين على مسمع من سفر التكوين، على مسمع من الأسطورة التامة والنهائية والمكرسة. [...] في مجموعتي الأخيرة لماذا تركت الحصان وحيدا؟ أعود إلى كلّ أغنياتي. إلا أنّ هذه الأغاني في تراكمها واتصالها ذات نبرة أسطوريّة. يعني أنّ الكتاب في مجموعه، إذا تمّت قراءته دفعة واحدة وبصورة متصلة، غناء ملحمي أسطوري يحمل اليومي في تفاصيله. نحن في حيرة لأننا في حال تاريخية نبدو فيها وكأننا محرومون من الماضي، وأحد الدوافع الإستراتيجية للكتابة الأسطورية محاولة إلقاء القبض على الماضي المرشح لأن ينقطع تمامًا عن أي صيرورة تاريخية".
في هذا السياق الأوتوبيوغرافي، إلى حدّ بعيد، يحتلّ أبو الشاعر بطبيعة الحال مساحة ذات شأن. فالأب هنا يبدو ممثّلا للحكمة والعدل بارزا، رغبة ربّما في تعويضه عن الصورة الجافية التي رسمها له ابنه الشاعر سابقا. كأنّما يعطي الشاعر بذلك "المتّهم" فرصة للدفاع عن نفسه، بطرح مقولاته بكلماته هو. على هذا النحو، تحفل المجموعة بمقاطع كثيرة في مواقف حواريّة بين الأب وابنه، من فترات مختلفة في حياتهما، مكتوبة وفقا للتقاليد القصصيّة، بحيث يتمكّن الأب من طرح "روايته" هو عن الأحداث التي أدّت إلى الهزيمة والرحيل في عام 1948.
فالأب هو من يقود ولده، والعائلة طبعا، إلى المنفى اللبناني، وهو أيضا من يقرّر العودة بهم إلى الوطن، وإن كان يتجنّب الإجابة عن تساؤلات ابنه في سبب رحيلهم عن الوطن في الماضي: [36]
 تحسَّسَ مفتاحَهُ مثلما يتحسَّسُ
أَعضاءه، واطمأَنَّ. وقال لَهُ
وهما يعبران سياجا من الشوكِ:
يا ابني تذكَّرْ! هنا صَلَبَ الانجليزُ
أَباك على شَوْك صبّارة ليلتين،
ولم يعترف أَبدًا. سوف تكبر يا
ابني، وتروي لمن يَرِثون بنادقَهمْ
سيرةَ الدم فوق الحديد...
 ـ  لماذا تركت الحصان وحيدًا
 ـ  لكي يُؤْنسَ البيتَ، يا ولدي،
     فالبيوتُ تموتُ إذا غاب أصحابها..؟
كذلك يقدّم الأب، في هذه المجموعة، روايته هو عن الهزيمة في الحرب: كان للعدوّ تفوّق عسكريّ واضح، ما أدّى أخيرا إلى انتصاره عليهم، ورحيلهم عن البلاد: [37]
ـ  هل تُكَلّمُني يا أَبي؟
ـ  عقدوا هدنة في جزيرة رودوس،
    يا ابني!
ـ  وما شأننا نحن، ما شأننا يا أبي؟
ـ  وانتهى الأمرُ...
ـ  كم مرّةً ينتهي أمرُنا يا أبي؟
ـ  إنتهى الأمر. قاموا بواجبهم:
    حاربوا ببنادقَ مكسورةٍ طائرات العدوّ.
    وقمنا بواجبنا، وابتعدنا عن الزَّنْزَلَخْتِ
    لئلا نُحرّكَ قُبَّعَةَ القائد العسكريّ.
    وبعنا خواتم زوجاتنا ليصيدوا العصافير
    يا ولدي!
تحفل هذه المجموعة بذكريات الطفولة البعيدة؛ ذكريات من قرية الشاعر والوطن، وبالحوارات المستفيضة بين الابن وأبيه، لكن ليس من شأننا هنا، في هذا المقال، أن نعرض لها بالتفصيل، رغم ما في ذلك، لا ننكر، من إغراء وإمتاع! مع ذلك، هناك ثلاث ملاحظات أخيرة لا بدّ لنا من تأكيدها:
1)   في مجموعة لماذا تركت الحصان وحيدًا؟ يبدو كأنّما والد الشاعر هو من
اقترح وقاد الهجرة إلى لبنان، [38] ومن حمل ولده على كتفيه، أيضا، في طريق  العودة من لبنان إلى الوطن. إلا أنّ الجدّ بالذات هو من كان في الواقع  مسؤولا عن رحيلهم إلى لبنان كما صرّح الشاعر نفسه: [39]
*  جدّك خرج معكم؟
- هو الذي أخرجنا. وكبقيّة الفلسطينيّين الذين خرجوا كان يظنّ أنّ الهجرة
مؤقّتة، وأنّها ليست أكثر من إخلاء الأرض للمعارك والجيوش فترة يعود بعدها إلى بلده وأرضه...
2) في بداية طريق العودة من لبنان، كان والد الشاعر من حمل ابنه على كتفيه،
   حينما أحسّ الابن بالتعب، ولم يعد قادرا على السير. [40] إلا أنّ الوضع يتغيّر
   لاحقا: يعرق الأب ويأخذ منه التعب، فيقترح عليه ابنه هذه المرّة أن يحمله،
   وبذلك ينتهي المشهد، بما في ذلك من دلالة رمزيّة واضحة إلى أنّ جيل الشباب، جيل المستقبل، هو في آخر الأمر من سيعيد الفلسطينيّين إلى وطنهم: [41]
ـ  يا أبي، هل تَعِبت
   أرى عرقًا في عيونك؟
ـ  يا ابني تعبتُ... أَتحمِلُني؟
ـ  مثلما كنتَ تحملني يا أبي،
    وسأحمل هذا الحنين
    إلى
    أوَّلي وإلى أَوَّلِهْ
    وسأقطع هذا الطريق إلى
   آخري... وإلى آخِرِهْ!
3) عرضنا في هذا المقال إلى الجانب الثيماتي من القصيدة الدرويشيّة فحسب. لكن لا شكّ في أنّ الجانب الفنّي لشعره؛ من مبنى محكم، وإيقاع مراوغ، وتناصّ
  غنيّ  مركّب، ولغة مفتوحة على جهات شتّى؛ هذه جميعها جديرة بالنظر الطويل العميق الذي لا نقدر عليه في هذا الإطار هنا.
ختاما، يمكننا القول إن صورة الأب هذه في شعر درويش، بخلاف صورة الأمّ الثابتة في جوهرها، عكست في تحوّلاتها المذكورة مراحل واضحة في شعره، فكانت المرآة المثلى لتطوّر هذا الشعر في خطّ صاعد أبدا!
______________________
* نشر المقال في:H. Nassar and N.Rahman (eds), Mahmoud Darwish Exile's Poet, U.S.A., 2008. 
1. مجلة مشارف، 3، 1995، ص.110.
 [2]. الطريق، بيروت، 10-11 1968، ص. 55.
** بعد كتابة مقالنا هذا، أصدر درويش مجموعة كزهر اللوز أو أبعد (بيروت، 2005)، كما صدرت له، بعد وفاته، مجموعة لا أريد
     لهذي القصيدة أن تنتهي (بيروت، 2009).
 [3]. ديوان محمود درويش، دار العودة، بيروت 1989، الجزء الأول، ص. 55؛ وانظر أيضا: المصدر نفسه، ص.57- 58.
 [4]. المصدر السابق، المجلد الأول، ص. 84- 85.
 [5]. المختلف الحقيقي، دار الشرق، عمّان، 1999، ص.30.
 [6]. مشارف، المصدر السابق، ص.102.
 [7]. المختلف الحقيقي، ص. 17.
8. ديوان محمود درويش، دار العودة، بيروت 1994، الجزء الثاني، ص.7 – 77.
 [9]. ديوان محمود درويش، الجزء الأول، ص. 73 -76.
 [10]. المختلف الحقيقي، المصدر السابق، ص. 23.
 [11]. لماذا تركت الحصان وحيدا؟، رياض الريّس، لندن-بيروت- قبرص، 1995.
 [12]. المختلف الحقيقي، المصدر السابق، ص. 50.
 [13]. حالة حصار، رياض الريس، بيروت 2002.
 [14]. توفيق زيّاد، الجديد، حيفا، عدد 3، 1966، ص. 7.
 [15]. ديوان محمود درويش، المصدر السابق، المجلد الأول، ص. 100-102.
 [16]. المصدر السابق، ص. 98-99.
 [17]. المصدر السابق، ص. 98.
 [18]. لماذا تركت الحصان وحيدا؟، المصدر السابق، ص. 78.
 [19]. مشارف، المصر السابق، ص. 71.
 [20]. مشارف، المصدر السابق، ص.72.
 [21]. ديوان محمود درويش، المصدر السابق، الجزء الأول، ص. 73- 75.
 [22]. المصدر السابق، ص. 26-28.
 [23]. المصدر السابق، ص. 144ـ 146.
 [24]. رجاء النقاش، أدباء معاصرون، القاهرة، 1968، ص. 247.
 [25]. ديوان محمود درويش، المصدر السابق، المجلد الثاني، ص. 517ـ 524.
 [26]. المصدر السابق، ص. 359.
 [27]. المصدر السابق، المجلد الأول، ص. 618 ـ 631.
 [28]. المصدر السابق، المجلد الثاني، ص. 389- 399.
 [29]. محمود درويش وسميح القاسم، الرسائل، حيفا، 1990، ص. 45.
 [30]. المصدر السابق، ص.72.
 [31]. ديوان محمود درويش، المجلد الثاني، ص. 391،398،393- 394.
 [32]. المصدر السابق، ص. 394.
 [33]. المصدر السابق، ص. 393.
 [34]. لماذا تركت الحصان وحيدًا؟، رياض الريس للكتب والنشر، لندن- بيروت، 1995.
 [35]. مشارف، المصدر السابق، ص. 84.
 [36]. لماذا تركت الحصان وحيدا؟، المصدر السابق، ص. 33- 34.
 [37]. المصدر السابق، ص. 37.
 [38]. المصدر السابق، ص. 40.
 [39]. مشارف، المصدر السابق، ص. 73.
 [40]. لماذا تركت الحصان وحيدا؟، المصدر السابق، ص. 40.
 [41]. المصدر السابق، ص. 42.

ماذا تبقى لكم ايها الفلسطينيون؟/ ابراهيم الشيخ


جرب الفلسطينيون عشرين عاما من المفاوضات الماراثونية التي لم تحقق حلمهم بالتحرر والاستقلال، ولكن بالعكس منذ التوقيع على اتفاقية اوسلو ازداد عدد المستوطنات والمستوطنين وعملية قضم الاراضي وهدم البيوت واحراق اشجار الزيتون التي لم تنجُ من حقد الاحتلال، كل هذا يحدث في ظل صمت من سلطة فلسطينية هزيلة تعمل فقط من اجل استمراريتها بأي شكل من الاشكال.
ان سياسة الاعتراف بالاحتلال الاسرائيلي والتنسيق الامني والتعايش معه من أخطر ما انتجته اتفاقيات اوسلو، ويبدو ان القيادات الفلسطينية لم تتعلم شيئاً مما يحدث وحدث، ولم تتعلم شيئأ من مجريات الاحداث وحقائق واهداف السياسة الاسرائيلية المتعنتة، والتي تهدف الى عدم تقديم الحلول المقبولة للفلسطينيين.
ان من ينظر الى المشهد الفلسطيني يشعر بالحزن لما وصلت إاليه القضية الفلسطينية  وتراجعها في الوطن العربي بعد حدوث ما سمي بالربيع العربي، واسباب حالة هذا التردي التي وصلت اليه القضية الفلسطينية لها اسبابها ا الداخلية متأثرة بالعوامل الخارجية، واهم اسيبب هذه العوامل الخارجية تتمثل بضعف الدول العربية والتمسك بمبادرة السلام العربية منذ 2002 الذي اكل الدهر عليها وشرب، والتي يرتكز عليه الموقف العربي، ومن المعروف ان هذه المبادرة لم تلق اي اهتمام من قبل دولة الاحتلال، وعدم الجدية من الجانب العربي بالضغط على الاحتلال الاسرائيلي من اجل اجباره على الحلول السلمية.
 وبدل ان يكون الدور لعربي داعما قويا في كل المحافل الدولية والدفاع عن القضية الفلسطينية، الا انه يجري العكس ويتدخل العرب دائما نتيجة للضغوط الامريكية لمطالبة الجانب الفلسطيني بالعودة الى استئناف المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي دون شروط.
ان المراهنة الفلسطينية على المفاوضات والحلول التي ستأتي من خلالها اثبتت عدم جدواها وتعتبر مضيعة للوقت، ويجب على الجانب الفلسطيني عدم الرجوع الى المفاوضات تحت اية ضغوط لانه لم يتغير اي شيء في الموقف الاسرائيلي والامريكي الداعم دائماً لاسرائبل، وتصر اسرائيل على اخضاع الجانب الفلسطيني، والشروط المسبقة يطرحها الفلسطينيون التي تزعج الجانب الاسرائيلي هي اقل ما يمكن التمسك به، ورغم ذلك لم توافق اسرائيل على العودة الى المفاوضات.
 من ناحية اخرى تعمل اسرائيل بكل جهدها للاستيلاء على اكبر مساحة من الارض وبناء المستوطنات عليها لفرض الحقائق على الارض، وفرضها على الفلسطينيين في اية مفاوضات وحلول مستقبلية، هذا ان كان هناك اية حلول لدى الاحتلال، وان وجدت فما هي سوى حلول مناسبة لامنها الذي يعتبر من المقدسات، وتوافقها بذلك دول الغرب مجتمعة وعلى رأسها الولايات المتحدة.
كل هذا يجري على مرأى ومسمع الفلسطينيين  الذين مزقهم الانقسام، وانشغلوا عن الاحتلال بلعبة السلطة، وعدم مقاومة المحتل، ولكن بالعكس فان القوى الفلسطينية التي تتحكم بالساحة الفلسطينية اقسمت على عدم مقاومة الاحتلال ومهادنتة، وخاصة ما حصل بعد الحرب الاخيرة التي شنها الاحتلال الاسرائيلي على غزة في تشربن الثاني من العام المنصرم، والاخطر من ذلك التنسيق المستمر معه من قِبل السلطة الفلسطينية،  كل هذه الامور شجعت الاحتلال على المزيد من التعنت والتصلب في المواقف السياسية الرافضة لأية حلول، من غير شك ان مقاومة المحتل تُقصر من عمره وتجعله يتراجع عن مشاريعه الاستيطانية، والمفاوضات ما هي وسيلة مخدر للطرف الفلسطيني، من اجل كسب الوقت من جانب الاحتلال وفرض الحقائق على الارض.
من الملاحظ مؤخرا ان اسرائيل لا تعنيها المفاوضات ويظهر ذلك من خلال بعض التصريحات لبعض المسؤولين الاسرائيليين المتعنتة حول عدم الموافقة على إنشاء دولة فلسطينية وان حل الدولتين قد فشل، وفوق ذلك أفشلت اسرائيل مهمة وزير الخارجية الامريكي جون كيري الذي حاول دفع الجابين الى استئناف المفاوضات قبل ان تبدأ، ولكن امريكا تتحمل مسؤولية هذا الفشل بسبب عدم جديتها،  لان كل ما يهمها هو ضمان امن اسرائيل، ومن المعلوم ان اسرائيل هي التي تفرض ما ترتئيه مناسبا لصالحها، ودائما توافقها الولايات المتحدة على ذلك، وتبدو غير معنية بفرض اي ضغوط عليها.
في ظل هذا الوضع القاتم، لم يتبق امام الفلسطينيين سوى الاتفاق على استرتيجية تعمل على انهاء الانقسام والوحدة، والاتفاق على استرتيجية مقاومة المحتل وعدم اسقاط هذا العامل المهم، لانه في حال استمرا التعنت الاسرائيلي لن يبقى سوى هذا الخيار من اجل كنس الاحتلال، وعدم مهادنته والتنسيق معه، لان ذلك يضر بالقضية الفلسطينية، ويجب على السلطة الفلسطينية عدم الخوف من التوجه الى الامم المتحدة والتوقيع على المعاهدات الدولية التي تحاكم الاحتلال على جرائمه، وإلا ستكون السلطة من خلال سكوتها على جرائم الاحتلال  كالمشارك في هذه الجرائم التي تُرتَكب بحق هذا الشعب الفلسطيني منذ  65 عاما.
يبدو ان هناك قوى على الساحة الفلسطينية تريد ان يبقى الوضع على ما عليه، ولا تريد الوحدة وانهاء الانقسام، لان ذلك يؤثر على مصالحها ومكتسباتها واجندتها الخاصة دون النظر الى مصالح الشعب الفلسطيني، وهناك قوى لا تريد المقاومة، ولا فرق بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس اللتين اصبحتا من هذه الناحية في نفس الخندق من حيث عدم مقاومة الاحتلال، وانتظار المجهول، والاكتفاء بالتصريحات والشجب والاستنكار.
كاتب وصحفي فلسطيني

كوني سمائي الحُبلى بأريجِ الياسمين/ صبري يوسف


قلبُكِ منارةُ عشقٍ لحبيبٍ طالَ انتظاره، لحبيبٍ له نكهة هديل الحمام! حبيبُكِ يعشقُ الحبَّ والسَّلامَ ودفءَ اللَّيلِ، حاملاً بين جناحيهِ أبهى خيوطِ الحنان!                                                       
كلّما يقبِّلكِ حبيبُكِ، تطيرينَ فرحاً وتعانقين ضياءَ نجيماتِ الصَّباح! أنتِ عاشقة من لونِ  توهّجاتِ نسيمِ اللَّيلِ، عاشقة منسابة كأمواجِ غيمةٍ، عاشقة مبلَّلة ببهجةِ العناقِ، مبرعمة مِنْ أحلامِ الأزاهيرِ البرّية كقوسِ قزح، مفطورة على الحنان العميق، ومترعرعة بين أريجِ النّعناعِ المتماهي مَعَ نكهةِ العسلِ البرّي.         
كلَّما يعانقُكِ حبيبُكِ تشعرينَ أنَّكِ خفيفة مثلِ فراشةٍ تحلِّقُ فوقَ عبيرِ المروجِ! هَلْ تشكَّلْتِ مِنْ بهاءِ وشهوةِ المروجِ في أوجِ تجلِّياتِ الابتهالِ، هَلْ كنتِ حلمي منذُ آلافِ السّنين ولا أدري؟!                       
أنتِ عاشقة مستنبتة مِنْ تراقصاتِ شهقةِ المطر، أنتِ حنينُ عشقٍ متدفِّقٍ من حليبِ السَّنابل! كوني سُنبلتي المخضوضرة بوهجِ الحنانِ! كوني وردة دائمة الاخضرار بينَ جوانحي! كوني يمامتي العابرة أسرارَ البحارِ، كوني قبلةَ عشقٍ مزنّرة بأجنحةِ الرُّوحِ، كوني روحي كي أتنفَّسَكِ في أعماقِ بهجةِ العناقِ! كوني عناقي المسربل بعبقِ الأزهارِ، كوني زهرتي المتراقصة فوق خميلة قلبي، كوني عاشقة معرِّشة في جفونِ السَّماءِ، كوني سمائي الحُبلى بأريجِ الياسمين!                                                      
كيف تريدينَ أنْ أعانِقَكِ يا عشيقةَ حرفي وبوحي، كيفَ تريدينَ أنْ أنقشَ فوقَ مقلتيكِ حنينَ ألقي، كيفَ تريدينَ أنْ أوشِّحَ خدَّكِ الأخّاذِ بعذوبةِ قُبْلتي، كيفَ تريدينَ أنْ نرسمَ مسيرةَ عشقنا نحوَ قلاعٍ مجذّرة في أعلى تلالٍ إلى الأبدِ؟!                                                                              
هَلْ تستطيعي أنْ تعيشي يوماً واحداً بعيدةً عَنْ بهجةِ انبعاثِ دفءِ العناقِ! كوني عناقي المرفرف برذاذاتِ عذوبةِ البحرِ، كوني بحري المهتاج شوقاً إلى أشهى مرافئِ الوفاءِ!                                   
أقبِّلُكِ على إيقاعِ همهماتِ الطَّبيعةِ، على إيقاعِ زقزقاتِ العصافيرِ، أقبِّلُكِ على وشوشاتِ هبوبِ النَّسيمِ، أقبِّلُكِ بعيداً قرقعاتِ الصِّراعاتِ، بعيداً عن متاهاتِ الضَّجر، بعيداً عن صخبِ هذا الزَّمان، بعيداً عن شفيرِ الترّهاتِ!                                                                                    
أقبِّلكِ كلَّما ينامُ اللَّيلُ، كلَّما تصحو النُّجومُ، أقبِّلكِ على تلاطماتِ أمواجِ البحرِ، أقبِّلُكِ كعاشقة متهاطلة عليَّ مِنْ حنينِ السَّماءِ! كوني سمائي المتلألئة بأشهى الأزاهيرِ، كوني عشقي المعتَّقِ بحفاوةِ الحبرِ، كوني حبر قصيدتي الأشهى في تدفُّقاتِ جموحِ الحبِّ! أنتِ حبيبةُ روضي ومهجةُ شوقي إلى مرامي السَّماءِ!
كم مِنَ الدُّفءِ حتّى تبرْعمَتْ في خدَّيكِ أزاهيرُ عشقٍ من ألقِ أشهى جموحاتِ الهناءِ!                 
                                      
ستوكهولم: 19. 6. 2013
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com


ياسمين آذار المخضب بالدم (الحلقة 32)/ محمد فاروق الإمام

القصة الحقيقية لحادثة مدرسة المدفعية التي هزت سورية من أقصاها إلى اقصاها
جماعة الإخوان المسلمين: لا علاقة لنا بهذه (المذبحة البشعة)
في ردة فعل ظالمة النظام يعدم خمسة عشر إخوانياً
سهّل النقيب البعثي إبراهيم اليوسف المسؤول الأمني لمدرسة المدفعية بحلب، لمجموعة من أفراد الطليعة يقودها عدنان عقلة بدخول المدرسة في صباح يوم 16 حزيران عام 1979م، وقد جمع هذا النقيب كامل طلبة المدرسة في قاعة الندوة لينهال عليهم عدنان عقلة ورفاقه رمياً عشوائياً بالرصاص والقنابل اليدوية، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الطلبة بين قتيل وجريح، وبعد إنجاز المهمة بنجاح فرت المجموعة المنفذة للعملية يصحبها النقيب إبراهيم اليوسف إلى جهة مجهولة. وقد هزت هذه العملية سورية من أقصاها إلى أقصاها، وفوجئت جماعة الإخوان المسلمين وقيادتها بوقوع هذه الجريمة البشعة، فسارعت إلى الإعلان فور سماعها وقوع هذه الجريمة عن استنكارها لهذا العمل الإجرامي، وأصدرت بياناً تنفي فيه نفياً قاطعاً صلة الجماعة بهذه الجريمة، ووصفتها في بيانها بـ(المذبحة البشعة)، وأعلنت أن إبراهيم اليوسف هو عضو عامل في حزب البعث وليس له أي صلة بجماعة الإخوان المسلمين. وتحدى البيان (أن تثبت أي جهة في العالم عن طريق تحقيق نزيه أن تكون قيادتهم أو عناصرهم قد سارت في طريق العنف، علماً بأن الحكم السوري قد اوجد له كثيراً من الخصوم الذين يؤمنون باستخدام العنف). أما الطليعة فقد أصدرت بياناً أكدت فيه مسؤوليتها عن العملية.
ورغم تنصل جماعة الإخوان المسلمين من هذه العملية والتنديد بمرتكبيها، إلا أن العميد عدنان دباغ وزير الداخلية أعلن رسمياً في 22 حزيران – أي بعد وقوع العملية بستة أيام – مسؤولية جماعة الإخوان المسلمين عنها وعن كافة العمليات التي سبقتها، اعتماداً على بيان تركه منفذو العملية في الموقع يقول: (إن من نفذ العملية هو الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين - كتيبة الشهيد مروان حديد).
وعلى أثر العملية قامت سلطات الأمن باعتقالات عشوائية لكوادر الجماعة ورموزها عام 1979م بشكل متصاعد لدرجة أن أحد قادة الجماعة وصف هذه الاعتقالات بأنها (ضربة صاعقة وقاتلة) إذ تم بنتيجة هذه الاعتقالات تمزيق كل شبكة الاتصالات ما بين قيادة التنظيم العام وقواعدها وكشف بنيتها الأساسية.
إعدام خمسة عشر إخوانياً
كشفت الطليعة عن نفسها بعد عملية المدفعية، كما أن السلطة أعلنت لأول مرة اتهام الإخوان المسلمين رسمياً بالمسؤولية عن كافة العمليات التي سبقت تلك العملية، بعد أن كان الاتهام يوجه عادة إلى الخارج لاسيما إلى نظام (اليمين المشبوه) في العراق بحسب إذاعة دمشق ووسائل الإعلام الرسمية. وكان هذا يعني اعترافاً صريحاً بأن العدو هو في الداخل وليس في الخارج. وفي 27 حزيران عام 1979م تم إعدام 15 إخوانياً متهمين بأعمال قتل ووصفتهم محكمة أمن الدولة العليا بـ(عملاء الإمبريالية والصهيونية والسادات في بذر بذور الفتنة تحت ستار الدين، وتسديد ضربة قوية للوحدة الوطنية الداخلية).
أحكمت الطليعة إثر مذبحة المدفعية اختراقها لقواعد الإسلاميين واستقطابها لها، واستوعبت مجندين شباناً جدداً لم يكن لهم أي خلفية سابقة بالإخوان أو التدين.
في حين تمكنت أجهزة الأمن – بعد تراجعها – من تكوين خبرة في التعامل مع هذا النوع من القتال بعد استقدام عدد من خبراء حرب العصابات من بعض الدول الشيوعية قاموا بتدريب عناصر الأمن على التكيف مع مثل هذه الحرب، وبالتالي فقد نجحت أجهزة الأمن في تفكيك قواعد الطليعة عبر أساليب (الفخاخ) و(الشبكة العنكبوتية) و(استفزاز العصابيين) و(الحواجز الطيارة) لإخراج كوادر الطليعة من مكامنهم والإجهاز عليهم.
وتوضح إحصائية جزئية لعينة تشمل (13384) حركياً إسلامياً اعتقلوا ما بين عامي (1976-1981م) بعض السمات السوسيولوجية الأساسية لتركيب الحركة الإسلامية في هذه الفترة. فقد كانت نسبة الطلاب في هذه العينة (27,7%) والمدرسين والمعلمين (7,9%) والمهنيين (13,3%).
لقد تميزت الحياة السياسية السورية خلال أعوام (1979-1982م) بكافة المؤشرات التي تعتبر مدرسياً كمؤشرات للعنف السياسي من: تظاهرات وأحداث شغب وتمردات وإضرابات واغتيالات ومحاولات اغتيال وخطط انقلابية عسكرية واعتقالات وحرق مؤسسات عامة ومعارك شوارع ومداهمات أمنية وتوتير سياسي ومنع تجول ومحاصرة مدن وتفتيش شامل، وقتل واعتقال على الهوية، وتعذيب في أقبية التحقيق والسجون والمعتقلات حتى الموت، واعتقالات عشوائية كانت تطال قريب المعتقل أو المطلوب من الدرجة الرابعة، وتفجير بيوت، وحرق مزارع، وإلقاء البعض من طائرات مروحية عسكرية بعد تصفيتهم، وتمشيط الأحياء والقتل الجماعي (مجزرة تدمر، ومجزرة حلب، ومجزرة جسر الشغور، ومجزرة حماة الكبرى)، وتصاعد الإرهاب والإرهاب المضاد.
يتبع

أطيرُ نحوَ قبّةِ الحنين/ صبري يوسف


أطيرُ مثلَ نسرٍ نحوَ قبّةِ الحنينِ
حيثُ عناقات الطُّفولة تفورُ في أوجِ العبورِ
 أسيرُ نحوَ مدنٍ معشَّشةٍ في ذاكرةِ الرّوحِ
شعورٌ ممزوجٌ بِحِيرَةٍ وفرحٍ
يتدفَّقُ مِنْ كلِّ الجِّهاتِ
مغامرةٌ أخرى تُضافُ إلى مغامراتِ العبورِ
     في أعماقِ المجهولِ!
أنظرُ مِنْ شُبَّاكِ الطَّائرة الصَّغير
تستقبلُني غيومٌ محمَّلةٌ برسائل متدفِّقة
     مثلَ جموحاتِ سوفوكليس
كأنّني في حضرةِ الألياذة والأوذيسة
شغفٌ ملحاحٌ نحوَ مرافيء بوحِ الرُّوحِ
أينَ أنتَ يا سقراط
كي أتلو عليكَ شكِّي المتفاقم يوماً بعدَ يومٍ؟
هَلْ فعلاً  نبعَتْ حضارةُ الإغريق مِنْ هذهِ الأرضِ
     الَّتي نرفرفُ عليها الآنَ؟ 
حضاراتٌ منبعثةٌ مِنْ أريجِ بخورِ الأديرةِ الطَّافحة
     بسموِّ الرُّوحِ والأفكارِ
حضاراتٌ متجذِّرة في قلبِ فلسفةِ الحياةِ
     وفي أعماقِ الملاحمِ الشِّعريَّة
لملمَتْ فكراً بكراً وفرَشَتْهُ على خدودِ الدُّنيا
مسرحُ الإغريقِ وملاحمُ الإغريقِ
بطاقةُ عبورٍ إلى منجمٍ مِنْ ذهب
ملاحمٌ شعريَّة منسوجة مِنْ خُيُوطِ الشَّمسِ
منسدلةٌ على صباحٍ مشعشعٍ بالفرحِ
كانسدالِ شَعرِ هيلانة على خدودِ الأملِ
قُشَعْريرةٌ منعشةٌ سَرَتْ في ظلالِ أحلامٍ منبعثةٍ
     من أرضٍ معشوشبةٍ بالماءِ الزُّلالِ
إنّي أبحثُ عنكِ يا قصيدتي البكر
     منذُ بزوغِ الطَّوفانِ
هَا قَدْ جئتكِ محمَّلاً بباقاتِ السَّنابلِ
أيّتها الأرضُ المباركة
تعالي أنقشُ على حنينِكِ الأزلي
بهجةَ انبعاثِ حرفي
     إلى أقصى مرامي القصيدة
تعالي نعانقُ حفاواتِ الأديرةِ القديمةِ
لعلَّنا نستدلُّ على مساراتِ انبعاثِ القصيدة
فرحٌ في لجينِ القلبِ ينمو
أرى بينَ طيّاتِ الغيومِ مآقي الأزمنة الغابرة
أزمنةٌ محفورةٌ في ذاكرةِ أرضٍ مجبولةٍ
بانحناءاتِ حروفٍ مسترخيةٍ بينَ أهدابِ السَّماءِ
 أرى الشَّفقَ يلوحُ في الأفقِ البعيدِ
جميلٌ وأنتَ معلَّقٌ بينَ هلالاتِ السَّماءِ
     في انتظارِ بزوغِ الشَّفقِ
احمرارُ الشَّفقِ يخلقُ في نفسي
فرحاً أشبه ما يكونُ انبعاثَ ماءِ القصيدة 
     من شهقةِ السَّماءِ
خيوطُ الشَّفقِ على وشكِ أنْ تفرشَ أجنحتها
     على خدودِ الصَّباحِ
تهنِّئ الشَّمسُ ذاتها أنْ تقبِّلَ يوميَّاً
     خدودَ الأرضِ والسَّماءِ
نعمةُ النِّعمِ أنْ تكونَ في محرابِ الاحتضانِ
احتضانُ الشَّمسِ للبحارِ
     لحنينِ السِّماءِ لوجهِ الثَّرى
كيفَ فاتَ البشرُ
أنْ يصنعوا للشمسِ تماثيلَ
مِنْ رذاذاتِ الذَّهبِ المتناثرِ
     مِنْ أثداءِ السَّماءِ؟
الإنسانُ صديقُ الغمامِ
صديقُ المطرِ
صديقُ الشَّمسِ
صديقُ هذا الزّمان
صديقُ الرِّيحِ
صديقُ مصادفاتٍ لا تخطرُ على بال!
نحنُ البشر أشبه ما نكونُ أجنحةً
     منبعثةً مِنْ أحلامِ الغيومِ
نتهاطلُ مِنْ أرحامِ أّمَّهاتِنا
كما يتهاطلُ المطرُ مِنْ رحمِ السَّماءِ
هَلْ كانَتْ السَّماءُ يوماً أمَّنا ولا ندري؟
هَلْ ما تزالُ السَّماءُ أمَّنا ولا ندري؟
كيفَ فاتَ الإنسانُ أنْ يعقدَ معاهدةَ حبٍّ
بينهُ وبينَ نسيمِ الصَّباحِ
 منذُ أنْ فتحَ عينيه على وجهِ الدُّنيا
أمْ أنَّهُ كانَ جزءاً مِنْ نسيمِ البحرِ المندّى
     ببسمةِ الشَّمسِ ولا يدري؟
أشرَقَتِ الشَّمسُ كأنَّها صديقتي الأزليّة
رحَّبتْ بي كأنِّي على موعدٍ معها
منذُ إغفاءَةِ الأزمنة الغابرة على خدودِ الحجرِ
هَلْ تستطيعُ الشَّمسُ أنْ تحتفظَ بي
كشهقةِ فرحٍ بينَ ضياءِ خيوطِهَا المنبعثة
     على وجهِ الدُّنيا؟
أنا صديقةُ الشَّمسِ
أنا ابنُ الشَّمسِ البكرِ
أنا أحلامُها المتطايرة مِنْ أشعّتها الدَّافئة
تغمرنُي الآنَ حالةٌ عشقيّةٌ لا أفهمُهَا
حالةٌ مماثلةٌ لجلجامشَ وهوَ في طريقِهِ
     إلى أعماقِ البراري
بحثاً عن نبتةِ الخلاصِ!
هل نحنُ جزيئات متدفّقة منذُ زمنٍ سحيقٍ
     مِنْ جفونِ الشَّمسِ
لهذا يغمرُنا دفئها أينما ذهبنا وأينما حللنا!
تتراءى أمامي
قامات أصدقائي وصديقاتي الشُّعراء والشَّاعرات
تزهو أمامي
حفلات تأبين الشَّاعر الأب يوسف سعيد
صديقاتي الشَّاعرات يرفرفنَ عالياً
     في رحابِ الذَّاكرة
أصدقائي الفنَّانينَ غائصينَ الآنَ في نومٍ عميقٍ
ربَّما الفنّان صدر الدَّين أمين
ينظرُ الآنَ طويلاً
     في لوحةٍ معرَّشةٍ في حبورِ الطُّفولةِ
صدرالدِّين أمين صادقٌ في أمانتِه الطُّفوليّة
صادقٌ في رهافةِ الطُّفولةِ المبرعة    
     في فردوسِ لوحاتِهِ
كأنّه يقطفُ مواسمَ حصادِهِ مِنْ ثغورِ السَّماءِ
كأنّهُ على علاقةٍ شفيفةٍ معَ أمواجِ البحرِ
كأنّهُ غيمةٌ حُبلى بشهوةِ المطرِ
يهطلُ علينا بألوانٍ مِنْ نكهةِ النّعناعِ البرّي
لوحاتٍ على إيقاعِ أحلامِ البراري الفسيحة
هَلْ تبرعمَ في أحشاءِ أمِّهِ
فيما كانَ والدُهُ في حالةٍ عشقيّةٍ
     يناجي نُجيماتِ الصَّباح؟
هَلْ ما تزالُ سوزان عليوان
     مقمَّطة بحالاتٍ أنينيّة
تنسابُ مِنْ مآقيها دموعٌ معتَّقة بملوحةِ البحرِ
تكتبُ قصائدَها
    في انتظارِ شموخِ أشجارِ النَّخيلِ
بعيداً عَنْ غدرِ هذا الزَّمان؟!
لماذا أشتاقُ إليكِ كأنَّكِ صديقة أزليّة
مضمَّخة بماءِ القصيدةِ الأصفى؟
انفرشَتْ صورُ الأهلِ فجأةً
     على مساحةٍ فسيحةٍ مِنْ ذاكرةٍ ملتاعةٍ
مِنْ ارتصاصِ ضجرِ غربةِ الرٍّوحِ
استقرَّتِ الصُّورُ في بؤرةِ الحنينِ
مسحَتْ كلّ مشاحناتِ شفيرِ غربتي
     المعفّرة بشهوةِ الشِّعرِ
تتلألأ قاماتُ الأحبّة تباعاً
عاشقةٌ مِنْ نكهةِ النَّارنجِ
لا تبارحُ صباحاتي البليلةِ
تغفو بينَ أجنحةِ اللَّيلِ الحنونِ
     بينَ شموخِ القصيدةِ
تعالي أزرعُ فوقَ وجنتيكِ
     فرحاً مجنّحاً بأريجِ الرِّيحانِ!
الطُّفولةُ طاقةٌ فرحيَّة مكلَّلة
بأسرارِ أغانٍ معتَّقةٍ
     في مروجِ الأحلامِ
ترنُّ في أذني تهلهيلةُ أمِّي الآنَ
توقظُ في روحي حنيناً
     إلى صباحاتِ الصَّيفِ
الغافيةِ على أغصانِ الدَّوالي
حيثُ عناقيدُ الكرومِ تنتظرُ إشراقةَ الصَّباحِ
كانَتْ أمِّي تهلهلُ في أكاليلَ الأحبّةِ
وهم في طريقِهم إلى أحضانِ الحياةِ
تهمسُ أمِّي إلى أعماقي
المعشوشبة بيراعِ القصيدة
حرفي ممزوجٌ بحنينِ أمِّي
     إلى تلألؤاتِ نجيماتِ الصَّباحِ
والدي مندّى بألقِ نجمةِ الصَّباحِ
     ويخضورِ العشبِ البرِّي
كَمْ مِنْ باقاتِ السَّنابلِ حَصَدْنا
ونجمةُ الصَّباحِ شاهدةٌ
     على شموخِ السَّنابلِ
          وإيقاعِ المناجل!
كَمْ مِنَ الحنينِ
حتّى تورَّدَتْ خدودَ البحار
     بأهازيجَ القصيدة!

اليونان ـــ تسالونيكي: تشرين الأوَّل (اكتوبر) 2012
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com

* أوَّل نصّ شعري أكتبه خارج السُّويد، ستوكهولم منذ قرابة ربع قرن!

من يحاكم الإرهابى "باراك حسين أوباما" على جرائمه اللا إنسانية/ مجدي نجيب وهبة


** لا يمكن أن يظل العالم مكتوفى الأيدى .. صامتا أمام هذا النازى الإرهابى "باراك حسين أوباما" .. هذا الصعلوك الذى يرأس أكبر دولة فى العالم .. هو الأن يقودها لتدمير كل منطقة الشرق الأوسط ليس لصالح الإسرائيليين فقط ، بل لصالح الجماعات الإسلامية المتطرفة والإرهاب العالمى ..
** هل لا يوجد من يحاكم هذا الإرهابى .. وكيف يصمت الشعب الأمريكى الذى يتغنى بالديمقراطية والحرية والمواطنة على ما يفعله هذا الإرهابى الأمريكى .
** هل يظل العالم صامتا إزاء هذا الإرهابى ، وهو يقود العالم إلى الخراب والدمار .. بينما يخرج رأسه كالأفعى السامة ، يدعو إلى إحترام العقائد والحريات .. ويدعو إلى الإقتداء بالديمقراطية الأمريكية الزائفة !! ..
** بالأمس .. خرج علينا الإرهابى أوباما ببيان قرر فيه تسليح وتدعيم المعارضة السورية ، لمواجهة الجيش السورى .. وزعمت الإدارة الأمريكية لتبرير هذا التسليح ، أن الجيش النظامى السورى إستخدم السلاح الكيماوى لقتل الشعب السورى ، وهى الأكذوبة الكبرى التى تلجأ إليها العصابة الأمريكية لتبرير تدخلها فى إسقاط الدول ..
** ورغم أن المؤامرة التى يقودها "أوباما" والإدارة الأمريكية بالكامل ضد كل الدول ، والتى بدأت بالمخطط فى العراق ثم تونس ثم ليبيا ، ومصر ، وسوريا .. إلا أن الشئ الغريب لهذا الشعب المصرى ، وبعض القنوات الإعلامية ، والكتاب ، والصحفيين يخرجون علينا بدعم موقف أوباما لتحرير سوريا .. وهم يعلمون جيدا أن الجيش السورى الحر ما هو إلا مجموعات إرهابية ومرتزقة ، وجميعهم إخوان مسلمين وميليشياتهم سواء كانوا فى تونس يقودهم الغنوشى .. أو فى مصر يقودهم محمد مرسى العياط ، بل ما يثير الإشمئزاز والتقزز لدرجة الغثيان أن نجد شخصيات تدعى إنها مسيحية ، تجدهم داخل حزب جماعة الإخوان المسلمين ، وجبهة الضمير الفاشلة ، يقومون بالدفاع عن الإخوان بشراسة ، أكثر من دفاع الإخوان عن أنفسهم ، ونحن نرفض أن نذكر أسماءهم لأنهم أحقر من ذكر إسمهم ..
** بالأمس أيضا وفى الصباح الباكر .. فوجئت بسيدة سورية على قدر هائل من الجمال الشامى .. تحمل طفل بين ذراعيها .. فى منطقة مصر الجديدة ، وتتسول من المارة .. لم تكن هذه السيدة إلا إحدى النساء الذين يرتدون الزى البدوى السورى ، يصاحبهم مجموعة من الأطفال .. يسيرون فى شوارع مصر الجديدة ، يتسولون للحصول على بضعة جنيهات تعينهم على الحياة !!..هذا ما فعله "أوباما" بسوريا .. ومازال .. وهو نفس المشهد الذى كتبنا عنه مسبقا فى الصومال ، وما وصلت إليه دولة الصومال ..
** هذا المشهد الذى يراه الشعب المصرى .. ألا يخجلون من أنفسهم ، وهم يرون أشقاء من سوريا ، يتسولون فى شوارع القاهرة وبعضهم قد يلجأ إلى ممارسة الدعارة .. يتزامن مع دعاوى يطلقها شيوخ الدعارة بإصدار فتاوى بإباحة الدعارة رسميا للغثيان فى تونس ، وربما فى مصر .. ولم يعلن عن ذلك .. ولكن ما أعلنه الشيخ العريفى هو الدعوة للجهاد فى سوريا .. أما عن الدعوة لذهاب الفتيات لإشباع رغبات المحاربين الجنسية .. فهى دعوة متسترة للدعارة تحت مسمى "نكاح الجهاد" .. هل سمع العالم أو أى مواطن يمتلك ذرة واحدة من الرجولة والكرامة أن يسمح لإبنته أن تذهب لممارسة الدعارة لإشباع رغبات الجماعات الإرهابية والمرتزقة ، ويزعمون أنها الطريق إلى الجنة ... ثم بعد ذلك .. يهل علينا القواد الدولى "باراك حسين أوباما" لمباركة كل ذلك .. وأعلن عن تدعيمه للجهاد ضد الجيش السورى ..
** إنه نفس السيناريو الذى مارسه بوش .. عندما أرسل الجيش الأمريكى إلى الحرب فى العراق .. لم ينس أن يرسل عاهرات أمريكية تحت مسمى المجندات الأمريكان ، تابعين للجيش الأمريكى كانت مهمتهم إرضاء نزوات الجنود الأمريكان ، وإرضاء رغبات القادة .. وكل من كانت تشعر بأعراض الحمل .. كانت تعود إلى أمريكا وهى تحمل فى أحشائها سفاحا .. قد تحتفظ به أو تجهض هذا الحمل .. ولكن فى كل الأحوال كانت تتعرض لضغوط الإدارة الأمريكية عند عودتها وتهديدات لعدم كشف هذه الجرائم ..
** لم يكن قرار أوباما الداعم للمرتزقة هو مفاجأة .. بل لقد كتبنا فى مقال سابق أن أمريكا ستدعم الجيش السورى النظامى ضد الجيش الحر والمافيا المسلحة .. ثم تقوم بالعكس .. حتى تصل إلى مرحلة إجهاض الجيش السورى النظامى ، وإجهاض الجيش الحر وعصابات المافيا .. وقبل أن تسدل الستار على فوز الشرعية .. سوف تتدخل أمريكا لصالح الإرهاب ، وتمكنه من إسقاط الجيش السورى .. هذا هو مخطط وسيناريو الإرهابى أوباما ، وهو نفس المخطط الذى إستخدم فى ليبيا .. وهو نفس المخطط الذى لعبته أمريكا فى الصومال .. وقبل كل ذلك فى العراق !!..
** وهو ما تلعبه أمريكا الأن فى مصر .. فتارة هى تدعم الإخوان والإرهابيين ضد الدولة والمؤسسات .. ثم تعود وتدعم الجيش للوقوف مع الشعب .. ثم تعود وتزعم إنها تخشى على الديمقراطية فى مصر ، وإنها حريصة على الصندوق وحريصة على مشاركة المعارضة فى قواعد الديمقراطية ، وحريصة أن يخوض الجميع الإنتخابات البرلمانية القادمة .. رغم أنها تعلم أن الرئيس محمد مرسى العياط الذى دعمته أمريكا هو أول رئيس يدمر قواعد الديمقراطية ، وأول رئيس يسقط دولة القانون ، وأول رئيس يسقط كل مؤسسات الدولة ، وأول رئيس يهين مصر إلى درجة التسول ، وأول رئيس مصر يقسم الشعب المصرى لدرجة التقاتل والتناحر ، وأول رئيس مصرى يسقط هيبة الدولة وتتساقط أرواح ودماء الضباط والجنود المصريين ، ويخطفون ، ويظل المجرم مجهولا بزعم عدم الوصول إلى الحقيقة ..
** نعم .. هذا هو الرئيس المصرى التى رأت أمريكا أنه يحقق كل رغباتها وأمانيها فى إسقاط مصر ، وتدمير الجيش المصرى ..
** نعم .. هذا هو الرئيس المصرى الذى رأت أمريكا إنه الجائزة الكبرى التى تهديها أمريكا لإسرائيل .. بعد أن يقوم بحل كل مشاكل الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة ..
** إنه أول رئيس يأمر أتباعه بمحاصرة المحاكم والقضاة ، وتدمير المحكمة الدستورية العليا .. وهو أول رئيس مصرى يدمر صناعة السياحة فى مصر .. وهو أول رئيس مصرى يرسل الشباب المصرى للقتال ضد الجيش السورى لإسقاط دولة سوريا .. وذلك لتحقيق الحلم الأمريكى بإسقاط الدولة السورية .. ونتساءل ما هو الثمن ؟!! ..
** هذا هو من أرادته أمريكا لمصر .. وهذا هو سر تدعيم أمريكا وإعجابها بالثورة المصرية ، أن يحول رئيسها مصر من دولة محورية إلى دولة مهزلية .. وللأسف مازال بعض البلهاء والمغيبين وأشباه السياسيين يزعمون أن ما يحدث فى مصر من كوارث هو إنتصارات ما قبل البناء والنهضة .. فأين هذا البناء ؟ .. وأين هى هذه النهضة ؟ .. وقد دخلت مصر فى مستنقع الفوضى الهدامة .. ولكن الفلسفة وإستعراض الغباء هى صفة يمارسها البعض وهم يتفاخرون بعبقريتهم الفكرية الفذة .. ويزعمون أنها فترة نقاهة تعقب إندلاع الثورات .. وهو نفس الأسلوب الذى ينتهجه الإخوان المسلمين والإشتراكيين الثوريين أو السياسيين المتطرفين !!..
** وإذا كانوا وصلوا إلى هذه الدرجة من الغباء .. فعليهم الذهاب إلى مستنقع العراق .. وما يحدث يوميا من سقوط مئات الضحايا لإنعدام الأمن وتفكك الدولة .. ولم يعد أحد يهتم بما يحدث فى العراق ، بل أصبحت دولة تكتب كل جرائم الإرهاب فى صفحات الحوادث ..
** وإذا كنا نتحدث عن الدمار الذى لحق بمصر ومحاولات أمريكا المستميتة لإسقاط الدولة وإسقاط الجيش المصرى .. وإذا كنا نتحدث عن الدمار الذى لحق بالدولة السورية ، وسبقها إسقاط الدولة الليبية .. فلا يفوتنا المشهد التركى .. فما يحدث فى تركيا هو نفس السيناريو لإسقاط الدولة العلمانية فى الفكر الظلامى الإرهابى .. بتأييد أمريكى كامل لإعلان دولة الخلافة الإسلامية ..
** وأخيرا .. نتساءل بل ونناشد جميع دول العالم .. من يحاكم الإرهابى "باراك حسين أوباما" ؟؟؟!!!...
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين