من عباب الذاكرة: عندما احترق راشد حسين..!/ شاكر فريد حسن

كان ذلك في شباط العام 1977 عندما ارتقى الشاعر الفلسطيني الكبير راشد حسين ، ابن قرية "مصمص" ، الى فضاءات غير فضاءاتنا، ومضى جسداً في عمق الثرى الفلسطيني، فنعاه الناعي، وتناقلت وسائل الاعلام المحلية والفلسطينية والعربية والعالمية نبأ وفاته، اثر حريق شب في منزله الكائن في الشارع السادس والاربعين من شرقي جزيرة مانهاتن بنيويورك، مساء يوم الثلاثاء في الفاتح من شهر شباط. وما ان انتشر الخبر حتى بدأت الجماهير الغفيرة والحشود الكبيرة من اصدقاء ومعارف ورفاق درب راشد ومحبيه بالتقاطر الى "مصمص" ، التي قال عنها الشاعر والمناضل الراحل توفيق زياد :" منذ ان انتقل الفلاح الاول من ام الفحم ليبني بيته الاول دخلت قرية مصمص خارطة الوطن . ومنذ الثامن من شباط عندما سارت الالوف من الارض المحتلة والجليل والمثلث وكل مكان لتشيع راشد الى مثواه الاخير اصبحت مصمص نجماً هادياً على خارطة بلادنا وقضيتنا السياسية ".
واصطفت الطوابير من اهالي مصمص لاستقبال الوفود الآتية من كل حدب وصوب لتعزي وتواسي بوفاة "راشد" البلبل الغريد في سماء الوطن ، وكان في استقبالهم الوالد الثاكل المرحوم حسين الحاج محمود ، والعم المرحوم معتمد القرية خالد الحاج محمود ، والعم المرحوم توفيق الحاج محمود ، واخوة راشد : احمد ورياض وكمال وفتحي ،والفتى الصغير في حينه جمال ، وغيرهم الكثير الكثير من الاقارب والاهالي .
وفي اليوم التالي تصدر هذا النبأ العناوين الرئيسية والمركزية في الصحف العربية والفلسطينية ، التي كانت تصدر في تلك الفترة، وبدأت الاتصالات الحثيثة مع الجهات المختصة والمؤسسات الحكومية بهدف نقل جثمان راشد لدفنه في مسقط رأسه . وفي البداية رفضت المؤسسة الطلب ، لكنها خضعت في نهاية الامر، ونتيجة الضغوط المحلية والعالمية وافقت على اعادته الى الوطن ودفنه في مسقط رأسه. وتشكلت لجنة لاحياء تراث راشد حسين من الشخصيات السياسية والاجتماعية والادبية والفكرية ، نذكر منها على سبيل المثال المحامي علي رافع وطيب الذكر المناضل منصور كردوش والمرحوم الشاعر طه محمد علي والمرحوم الشاعر عمر حموده الزعبي والشاعر المرحوم شكيب جهشان والمرحوم الشاعر نواف عبد حسن والشاعر سميح القاسم ، امد اللـه في عمره، والشاعر جمال قعوار وشقيق المرحوم الشاعر والقاص والمفكر احمد حسين، والكثير الكثير من الاسماء والاعلام الوطنية .
وفي الثامن من شباط كانت "مصمص" على موعد وجاهزة لاستقبال ابنها العائد ، الذي طالما غنى وانشد لها اجمل وارق الأشعار ، فازدانت بصور راشد، وبسعف النخيل واكاليل الورد والرايات السوداء والشعارات الوطنية ، واصطفت آلاف الجماهير من المنطقة وقرى المثلث والجليل والنقب وهضبة الجولان والضفة الغربية وغزة هاشم ومن القوى والاوساط الديمقراطية اليهودية ، التي ضاقت بها الشوارع والساحات بسبب اعدادها الكبيرة،منتظرة وصول الجثمان من مطار اللد ، وما ان وصلت القافلة التي ترافق الجثمان حتى هبت الجماهير المحتشدة لتتلقفه بالهتافات الوطنية والثورية وصرخات الغضب، واستقباله كالابطال ، استقبالاً يليق به . وسجي الجثمان في باحة المسجد القديم لتوديعه والقاء النظرة الاخيرة عليه . وحين ازف موعد الجنازة حمل  نعش راشد على الاكتاف وسط موكب جنائزي مهيب ، لم تشهد فلسطين يوماً وطنياً وجنائزياً كما شهدته هذه القرية في ذلك اليوم.
وبجانب الضريح وقف العم الكهل، والد راشد، المرحوم حسين الحاج محمود اغبارية ، ليلقي كلمة شكر خاطب فيها ولده قائلاً :" يا ولدي راشد... اليوم ... وقد جاء اخوانك ليستقبلوك. اذكريوم ودعتك في المطار قبل اكثر من عشر سنوات .
يومها قلت لي :"يا والدي ... اني مسافر وان شاء اللـه سأعود وستكونون في استقبالي بعد ان اكون قد وصلت الى هدفي".
لقد سافرت يا ولدي من اجل هذا الشعب .
وها هو ذا الشعب يستقبلك يما يليق بالابطال ان يلقوا من الحفاوة والتكريم.
وها هم اخواتك واخوانك جاؤوا ليحتفلوا بعرسك ولن اقول انك ابني انا وحدي بعد اليوم ، فقد كنت ابنا واخا لهذا الشعب وقد تبناك هذا الشعب الاصيل ، ولن يتخلى عن المسيرة .
يا راشد... لقد عشت ابيا كريما، واستشهدت حراً عظيما، ولن ابكيك لان الشهداء الابطال لا يبكون . واقول" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل اللـه امواتا، بل احياء عند ربهم يرزقون".
اما شقيق راشد المبدع احمد حسين فوقف هاتفاً بصوت غاضب واثق يرثي شقيقه بقصيدة عصماء مؤثرة قائلاً :
جددت عهدك والعهود وفاء          انا على درب الكفاح سواء
نم في ثراك فلست اول عاشق      قتلته اعين ارضه النجلاء
ماذا يرد عليهم ان يختفي           رجل وملء الساحة الابناء
ميلاد موتك موعد لم تخطه        من قبلك الاحرار والشرفاء
وصباح نعيك صيحة لن تنتهي     ما دام يسقط حولك الشهداء
الحب تعرفه وكنت نبيه          والساح صمت والقلوب خواء
الحب تعرفه اما حدثتنا            اغلى اماني العاشقين عطاء
وتوالت بعد ذلك كلمات الرثاء والتأبين التي القاها عدد من اصدقاء راشد ، الذين جمعتهم به وشائج الود والصداقة . وفي ختام هذا اليوم الفلسطيني المشهود ، الذي تلاحمت فيه كل فصائل وقوى شعبنا من جميع المواقع والاماكن الفلسطينية ، عاد كل واحد منا الى بيته وبلده . وكم كان الشيخ المرحوم ابراهيم محمود (ابو شوقي) صادقاً عندما قال يومئذ :" ايه يا راشد ! انك عريس هذه القرية الصغيرة بحجمها وعدد سكانها، ولكنها اصبحت بك كبيرة كبر نفسك وعظمها. انك عريس فذ انطلق ركب زفافك من اضخم مدينة في العالم ،نيويورك، الى اصغر قرية في الشرق الوسط .. الشرق العربي، هي قرية "مصمص" فما اروع هذا الزفاف الذي اشتركت فيه الارض والسماء".
 وظلت وفود العزاء تتوافد الى القرية لاسابيع حتى جاء يوم اربعين راشد ، حيث اقيم له احتفال تأبيني وتكريمي ضخم  يليق بمكانته ودوره واهميته في حياتنا الادبية والثقافية والسياسية والنضالية ،لا يقل من حيث المشاركة عن يوم التشييع، تحدث فيه عدد كبير من الشعراء واهل القلم ورفاق الدرب والنضال، اذكر منهم : المناضل بسام الشكعة والمناضل المرحوم توفيق زياد والمناضل المرحوم فهد القواسمي والمرحوم حنا مويس وذياب لطف عبد المجيد والشاعر حنا ابو حنا والشاعر سميح القاسم والشاعر جمال قعوار والشاعر المرحوم شكيب جهشان والشاعر المرحوم طه محمد علي والشاعرعمر حموده الزعبي والشاعر المرحوم رياض طاميش  والشاعر محمود الدسوقي والاستاذ طلعت صالح محاجنه وعلي الطزيز والشيخ المرحوم ابراهيم محمود شرقاوي وريموندا الطويل وسميرة الخطيب وسواهم الكثير.
ولم تتوقف الصحف والمجلات الفلسطينية عن نشر كلمات الرثاء والتأبين لراشد حسين ، تقديراً له انسانا وشاعراً ومناضلاً ، اضافة للمقالات والدراسات  عن حياته وشعره وسيرة حياته . كذلك تواصلت برقيات التعزية التي انهالت على عائلة الفقيد في ذلك الوقت ، الذي لم يعرف شبكات التواصل الاجتماعي ولا الفيسبوك ولا البريد الالكتروني ولا اللايكيم . ومن هذه البرقيات برقية مرسلة من نازحي مخيم جنين، جاء فيها:"من جبال وسهول مخيم جنين جئنا ونحن نحمل بايدينا حفنة تراب جبلناها بعزيمتنا لنخلطها بتراب ام الفحم ومصمص فوق تراب شهيدنا راشد، معبرين عن تضامننا وتعاوننا مع كل يد ارتفعت لتحمي غصن ويتون، ولتحمي مجد شعب احب ترابه فأحبه، ولتعلم يا رفيقنا راشد بانك وان ابتعدت عنا فلا زلت في قلوبنا وعلى السنتنا ،رمزاً للشهادة والوفاء، ولنسير على دربك ،معبرين عن حبنا لك وللتراب الذي احببته فأحبك.
ومن صميم ترابنا ومن ظلال زيتوننا خرج راشد يحمل قصيدته ، التي علمتنا كيف نحافظ على التراب الذي غذى به زيتوننا ، التراب الذي احب الزيتونة التي ظللته ... فعاش من اجلها راشد".
وبعد ، ها هي السنين تمضي وتمر كلمح البصر  ، وراشد حسين الراقد في قبره السرمدي لا يزال في الذاكرة الفلسطينية ولن يموت . وخير ما انهي به ما قاله شاعرنا الفلسطيني سميح القاسم : "راشد حسين هو المناضل الشهيد والشاعر الفقيد ، لكنه عوض ذلك الأخ والصديق الذي لن يكتب شعراً بعد الآن ... الكأس التي تجرعها  كانت كأس دمه ، والقصيدة الأخيرة التي كتبها  كانت قصيدة موته ".

خطواتٌ فرنسيّة فوقَ جسدِ الصّحراءِ!/ آمال عوّاد رضوان

صدرت الترجمة الفرنسيّة لكتاب- خطوات فوق جسد الصحراء- للشاعر الأديب وهيب نديم وهبة، حول مسرحة القصيدة العربيّة، ترجمه للفرنسيّة الشاعر عادل سلطاني، "بئر العاتر الجزائر"، وهذه الترجمة صادرة باللغة العربيّة والفرنسيّة معًا، وكان الكتاب الأوّل "المجنون والبحر" من الرباعيّة لمسرحة القصيدة العربية، قد صدر في باريس عن دار النشر العالمية  PANTHEON باللغة الفرنسيّة لوحدها، ترجمة الأديبة " ِARLETTE   DANIEL!
وكان الشاعر وهيب نديم وهبة قد اختتمَ رباعيّتَهُ الإبداعيّة، والتي يُجملُ فيها مشروع "مسرحة القصيدة العربية". تتضمّنُ هذه الرّباعيّة:
الرحلة الأولى: "المجنون والبحر1995" التي ترجمت إلى لغات عديدة، ويتحدّث الكتاب عن العدالة المطلقة، ويدخلُ هذا الإبداع ضمنَ الحداثة كما قيل عنه في الثورة النقدية الإيجابية التي حدثت لحظة صدور الطبعةِ الإولى، ثم صدر منه ثلاث طبعاتٍ باللغة العربيّةِ عن مطبعة الكرمة حيفا، وقد دخلَ حالةً أدبيّةً في التجديد ومسرحة القصيدة العربيّة، وهذه الحالة كانت بمثابةِ عمليةِ "مزيج" لجميع عناصر الأدب، ذلكَ أنّ إيقاعَ العصرِ المُتجدّدِ المُتغيّرِ المُتنقّلِ مِن ثقافة إلى أخرى، كان الدّافعَ الأساسيّ للبحثِ عن سُبلٍ في التجديد، وبذلك تحوّلَ الكتابُ إلى حدثٍ في النقدِ وعددِ الطبعات، وحدثٍ عالميٍّ في الترجمة، وكانت شهادةُ النعمان الفخريّة بمثابةِ شهادة تحرُّرٍ أولى يعتزُّ ويفتخرُ بها الشاعر وهيب وهبة، شأنه شأن أيّ مبدعٍ فلسطينيّ، إذ ساعدتهُ على الخروج من داخل الحصارِ الثقافيّ ومِن جحيم الاختناق الأدبيّ، في منطقةٍ تعجُّ بالصّراعات.
 ثمّ كانت الرحلة الثانية في كتاب "خطوات فوق جسد الصحراء"، "رحلةٍ نبويّةٍ من الجاهليّةِ حتى حجّة الوداع"، صدر هذا الإبداع الأدبي عام 1999 –على نهج المجنون والبحر – مسرحة القصيدة العربية، وهنا كانت التجربة أكثر عمقًا وأوضح صورة. فالمضمون يتطرّق إلى "العدالة الإلهيّة"، والدّخول إلى تاريخ الحضارة العربية الإسلامية/ البداية الجاهلية – تحديد النهاية للفصل الأول – حجة الوداع ، لهذا كان الحدث يتصاعد مع  تطوّر النصّ، ويدخل حتى في المجال العلمي، فيدخل النّصّ في صميم التاريخ ويتّحد الأدب والتاريخ والشعر والمسرح معًا في تتويج مسرحة القصيدة، ثمّ يتبلورُ النّصّ حتى أسمى درجات الإيمان. تلك المعادلة الحضاريّة الرّاقية بما تحمله من رسالةِ النّورِ والتنويرِ وعصرِ الإنسان.
منشورات دار روان الفلسطينيّة الرام/ القدس أصدرت الاسطوانة عام 2001 لتوثيق النص النهائي للجزء الأول من خلال الاسطوانة، وذلك بصوت الشاعر لتوضيح فكرة مسرحة القصيدة من ناحية، ومن ناحية ثانية الموضوع لتوجيه الاهتمام إلى المضمون وأبعاده، ومن ناحية أخرى تمّ إدخال الآيات القرآنية بأصوات حقيقية في الأسطوانة، ممّا منح مساحة أوسع عند قراءة النّصّ، وقد تمّ التسجيلُ في استوديوهات الكرمل/ 2001.
 ومن ثمّ كانت الرّحلة الثالثة في "كتاب الجنة 2006" الذي نال الجائزة اللبنانية للثقافة ضمن مشروع نشر عالميّة الأدب العربي، فمنحت الشاعر وهيب وهبة جائزة التكريم عن الأعمال الكاملة عام 2006، وفي تلك المسابقة للنصوص تمّ تقديمُ كتاب "الجنة" الموثق الآن في كتاب الجائزة بالعربية والإنجليزية والفرنسيّة، ونُشر كتاب الجنة عام 2009 القسم الأوّل مع مجلة مواقف في حيفا.
كتابُ الجنّة فيهِ يتضمّنُ البحث عن الإنسان وعن رسالةِ التنوير ووجود الإنسان هناك في الجنة، فقد استطاعَ كتابُ الجنّة المثولَ أمامَ الرّمز؛ وعظمة الخالق أمام الخلق، هذه العظمة التي لا تأتي بصيغةٍ مباشرةٍ ولا تقتحمُ النّصّ، بل ومنذُ البداية يرتكزُ الحوارُ والسّردُ إلى الرّمز، وهذه الفقرة مِن موسوعة المعرفة جاءت تقول: كتاب "الجنة" يرمز إلى الخلود وعدل الله.
ومع الرّحلة الرّابعة "مفاتيح السماء" التي تقفلُ الرباعيّة نقول:
هنيئا للشّاعر الأديب وهيب نديم وهبة بهذه الإنجازات الإبداعيّة، وهنيئًا لكلّ المُبدعين بدارِ النعمان وبكلّ مؤسّسةٍ مباركة ترعى وتدعمُ المبدعين بشكلٍ موضوعيّ، دون تحيّزٍ إلى لونٍ أو عِرق أو قوميّة أو جنسيّة، وذلك لترفعَ مِن شأن حضاراتِنا الإنسانيّة وثقافاتِنا الرّاقية!
أرفق بعض القطع من خطوات فوق جسد الصحراء باللغة العربية والفرنسية:
العتبةُ:
بينَ يديْكَ الآنَ .. حريقٌ منْ حطبِ الْكلماتِ، في مَوْقدِ الشّمسِ الْحارقةِ السّاقطةِ، فوقَ أرضِ الْجزيرةِ الْعربيّةِ.
أنتَ الْواقفُ أمامَ عتبةِ النّصِّ، عليْكَ الآنَ، أنْ تملكَ حرارةَ الصّحراءِ في الْقلبِ، وكثيرًا منْ عشقِ  المْجدِ ..
كيْ يستريحَ النّصُّ.. بينَ يديْكَ مثلَ السّيفِ الْعائدِ منَ النّصرِ. ولكيْ تَجْتازَ الْعتبةَ، وتدخلَ معي في سَفَري، عليْكَ أنْ تَتركَ هُنا كلَّ مَتَاعِ الدّنيا .. وتكونَ معي في سَفَرِ التّاريخِ إلى الْوراءِ.
نقطةُ الانطلاقِ، زمنُ الْجاهليّةِ
نهايةُ المْطافِ، حجَّةُ الوَداعِ
تلكَ محاولةٌ للدّخولِ في تاريخِ الْحضارةِ العربيّةِ الإسلاميّةِ.
des pas sur le corps du désert
19 décembre 2009
Seuil:
entre vos mains maintenant.. Un feu de bois des Mots, sous le soleil brûlant allumé tombant, sur la terre de la péninsule arabique.
toi le debout sur le seuil du texte, vous devez posséder maintenant, la chaleur du désert dans le cœur, et beaucoup d' amour de gloire..
pour que le texte se repose.. Entre vos mains comme une épée retournant de victoire. Et pour franchissant le seuil, et d'entrant avec moi dans mon voyage, vous devez laisser ici tous les plaisirs de ce monde .. Et tu seras avec moi dans le voyage de l'histoire à rebours.
le Point de départ, le temps de l'ignorance" l'ère de eldjahilia"
la fin de compte, le pèlerinage d' 'adieu "hadjat el ouadaa
C'est un essai d'entrer dans l'histoire de la civilisation arabo-islamique
الْبابُ:
تَفتحُ البابَ الآنَ .. على مهدِ الْجزيرةِ الْعربيّةِ. تدخلُ مدينةَ الشّعرِ، ومدائنَ النّثرِ، وصَرْحَ التّاريخِ، وجسدَ الْأرضِ الْجغرافيا. لا تَبْحثْ عني بينَ سطورِ الْكتابِ.. هُوَ أنتَ هذا الْعربيُّ الْقادمُ إلى الْجزيرةِ الْعربيّةِ. قلْتُ .. وأقولُ الآنَ: في تجربتي الثّانيةِ (عنْ مسرحةِ الْقصيدةِ الْعربيّةِ) هنا مزيجٌ لجميعِ عناصرِ الْأدبِ معًا. يتوافَقُ معَ النّصِّ ..
هُنا تَجِدُ الْقمرَ والْبحرَ والرَّمْلَ والصّحراءَ والتّاريخَ وقَدْ دَخَلَ الْواحِدُ في الآخرِ حتَّى ضاعَتِ الْفروقُ بينَ الشّعرِ والنّثرِ بينَ التّاريخِ والْجغرافيا، بينَ المْسرحِ والْقصّةِ وبينَ الْواقعِ والْخيالِ.
ربّما يَرْفَعُ منْ قيمةِ النّصِّ .. أنّني أصلُ الآنَ، بينَ حاضري وجذوري. هذا الْخليطُ المْتراكمُ أُسمّيهِ على طريقتي:  "مسرحةُ الْقصيدةِ"، وهنا تكونُ التّسميةُ: "مَسْرَحةُ القصيدةِ فوقَ جسدِ الصّحراءِ".

La porte:
Ouvrez vous la porte maintenant ..Sur Le berceau de la péninsule arabique. Entrez-vous la ville de la poésie, et les villes de la prose, et le monument de l'histoire, et le corps de la terre géographie.
Vous ne me cherchiez pas entre les lignes du livre.. Est-vous cet Arabe venant à la péninsule arabique. J'ai dit.. et Je dis maintenant: Dans ma deuxième expérience (sur la Dramatisation de poème arabe) ici une combinaison Compatible avec le texte.. De tous les éléments de la littérature ensembles.
Ici, vous trouverez la lune et la mer et le sable et le désert et l'histoire et l'un entrant à l'autre même perdu les différences sont perdus entre la poésie et la prose entre l'histoire et la géographie, entre le théâtre et l'histoire entre la réalité et le fantasme
Peut être augmenter de la valeur du texte.. Je suis attaché maintenant entre mon présent et mes racines. Ce mélange accumulé je le nommé selon ma méthode.. Dramatisation du poème, et ici la nomination sera, la dramatisation du poème sur le corps du désert

قمرٌ
فوقَ ليلِ الْجزيرةِ/ ويداكَ منْ فضّةٍ/ وجسمُكَ مِنْ ترابٍ/ وسماؤُكَ مِنْ نحاسٍ/ وَعِشْقُكَ منْ سَرابٍ.
ماذا سَتجنِي منْ سرابِ الْقلبِ؟/ ماذا سَيأتي منْ غابرِ الزّمانِ؟
قمرٌ/ يرسمُ ظلَّ الّلونِ/ يلعبُ في فرشاةِ الضّوْءِ/ يرسمُ بحرًا وجزيرةً،/ يرسمُ قصرًا في صنعاءَ .. تسْكُنُهُ أميرةٌ ../ وخيالاتٌ بعيدةٌ .. تطلُّ منْ قصرِ غَمَدانَ ..
كانَ الْقمرُ يتنزّهُ في بستانِ الْأرضِ/ يصْغي إلى أصواتِ أغنياتِ المْاءِ/ تموجُ تندفعُ تتدفّقُ في أبراجِ فلكِ الرّغبةِ

Lune
Durant la nuit de l'île
Vos mains d'argent
Ton corps est de la terre
Et ton ciel estde cuivre
Ton amour est de mirage.
Quoi vous avez récolter de cœur de mirage?
Quoi ce qui va venir des temps immémoriaux?
une Lune
dessine l'ombre de couleur
Joue dans un pinceau de lumière
se dessine une mer et un île
se dessine un palais à Sanaa.. Habité par une princesse..
Et des fantasmes lointains.. surplombant de Palais de Ghamdan..
La lune il est se promener dans le jardin de la terre
il est écouter les sons des chansons d'eau
s'ondulant se dévalant se coulant dans les tours d'orbite de dési

ويُدَحْرِجُ نصفَ الضّوْءِ/ فوقَ غاباتِ الشّجرِ الْعالي/ نِصفُ دوائرِ أشكالِ ألوانٍ لقوسِ قزَح/ تدورُ في نفسِ الْمكانِ/ ترسمُ شكلَ الْوطنِ الْقائمِ بينَ الْبحرِ وبينَ الرّملِ../ ترسمُ خارطةً على شكلِ سكّينٍ/ صنعَتْ ذاتَ/ زمنٍ مسكونٍ بالمْجدِ/ إمبراطوريّةً عربيّةً/ حَمَلَتِ الأرضَ على كفِّ السّماءِ
ويَهْمِسُ الْقمرُ .. ../ حينَ يندسُّ الضّوْءُ في المْاءِ/ ويَعْلو المْوجُ إلى الْقمّةِ/ ويختلطُ الشّعاعُ بالياسمينِ/ والنّورُ بالْعتمةِ لتحيا الْحياةُ.

il roulera la moitie du lumière
Au-dessus des hauts arbres forestiers
les demi-cercles des formes des couleurs de l'arc en ciel
Tournent dans le même lieu
Dessinent l'allure de pays situé entre la mer et le sable..
Dessinent une carte sous la forme d'un couteau
fabriquent certain temps hanté de gloire
une empire arabe
se prend la terre sur la paume du ciel
Et chuchote la lune .. ..
Lorsque la lumière cachant dans l'eau
et Les vagues surmontent au sommet
Et le rayant se mêlé avec le Jasmine
Et la lumière avec l'obscurité pour vivre la vie.

قمرٌ/ يَرْسمُ وخيالاتٌ بعيدةٌ../ دَخَلتْ مدائِنَ الرّخامِ والْحريرِ/ وأجواءِ الْخيامِ وبراري الْهيامِ../ وبساتينِ الْعطورِ وغاباتِ النّخيلِ/ واغتَسَلتْ في ماءِ الْبحرِ/ وانتَظرَتِ الْفارسَ الْقادمَ منْ صحراءِ الْجزيرةِ/ يغْرزُ سهمًا في هوى القلبِ/ وسيفًا في الرّمالِ..
نادَتْ عَليهِ مِنْ علياءِ طاقةِ الْقصرِ/ يُقالُ: زرعَ النّورَ عندَ أسوارِ المْدائنِ/ يُقالُ: حينَ اكتملَ الْبدرُ/ كانَ قمرُ الزّمانِ/ وكانَتْ بدرُ البدورِ/ وكنْتُ في وادٍ .. وكنْتِ في وادٍ/ وما بيننا كانَتْ صحراءُ
صحراءُ/ امرأةٌ كالرّيحِ مكشوفةُ الْوجهِ/ صعدتْ إلى معابدِ الشّمسِ/ حتّى احترقتْ في مواقدِ الشّعرِ والْحنينِ/ وانخفضتْ حتّى لامَسَتْ جدائلَ الّليلِ/ ومغيبَ الْأفقِ ../ وجسَدَ الْأرضِ .. وخَرَجتِ امرأةٌ
سمراءُ/ تساهرُ النّجمَ حتّى ينامَ في ليلِ الْباديةِ/ لمَعَتْ .. برَقَتْ .. سطعَتْ ../ مثلَ لؤلؤةٍ معلّقةٍ فوقَ ليلِ الْيمنِ ../ وغرِقَتْ ../ غرِقَتْ بالضّياءِ ونجرانُ/ تغتَسِلُ بالضَوْءِ/ وتسطَعُ في بهاءِ السّماءِ/ وتنامُ في بحيرةِ الْفلكِ
قمرٌ/ يا بدرَ الْبدورِ يُغطّي السّماءَ/ يَفتَحُ سِفْرَ التّكوينِ وَرَسْمَ التّلوينِ/ وخرائطِ أقاليمِ الْهجرةِ منْ مكانٍ ما

une Lune
se dessine et des lointains fantasmes..
Entre les villes de marbre et de soie
et l'ambiance des Tentes et et les déserts de la passion ..
Et les vergers des parfums Et les forêtsde palmiers
Et se lavé à l'eau de la mer
Et attend le chevalier venant de désert d'Arabie
enfonce une flèche dans l'amour du cœur
Et une épée dans le sable..
Elle Appellelui du haut de la fenêtre du palais
l'on dit que: Semer la lumière aux pieds des murs des villes
l'on dit que: Quand la Luneest complété
il était kamer elzaman
elle était Badr el boudour
J'étais dans une vallée.. et tu étais dans une vallée
Et entre nous était un désert
Désert
Une femme comme le vent de visage dévoilé
S'avança vers les temples du soleil
jusqu'à elle se brûle dans les poêles du poésie et du nostalgie
Et se baisse jusqu'à elle se touche les tresses de nuit
et le coucher d'horizon..
Et le corps de la terre.. Et une femme Brunette est sorti
conciliabule l’étoile pour a dormir dans la nuit du désert
brillait.. fulgurait.. éclairait ..
Comme une perle suspendue sur la nuit de Yémen..
Et a coulé..
Elle a oulé de lumière et Najran
se Lave de la lumière
Et brille dans la splendeur du ciel
Et se dormit dans le lac d'orbite
une Lune
Oh Badr el boudour couvre le ciel
ouvre la genèse et le dessin de coloration
et les cartes des régions de migration d'un quelconque lieu
عادل سلطاني، بئر العاتر- الجزائر - 

نقطف من تراتيل الكنائس "دادئيات" الشاعرة السودانية ابتهال محمد مصطفى تريتر/ هدلا القصار

اعتدنا في مقالاتنا النقدية السابقة التركيز على موسيقى الصور الشعرية وامتداد المخيلة عند الشاعر، بما أن ما يميز الشاعر هي الصور الشعرية، وليس تلال التشكيلات اللغوية.. ومثل هذه التلال لن تخبئ عيوب الشعر، وخلوه من روح الصور ونغمات المخيلة ...
لكن ما أدهشنا اليوم هو الشعر السوداني الحديث، الذي استقر الجلوس على كرسي أصالة اللغة العربية، المحشوة بالإبداع، والموهبة، والإلهام، والتراتيل الصوفية التي لحقت "بدادائيات (*)" الشاعرة الخرطومية، التي اخذت من دهشتنا التركيز والإنصات والاستسلام لتلقي مشاعرها، التي ذهبت بنا إلى حرائر الروح، والمعنى في مرارة الرمق، والحزن الذين زفوا الدجى، بانفجار الوجودية، وغربة النفس، هذه الغربة التي عززت اللغة الشعرية لدي الشاعرة ابتهال مصطفى تريتر، الباحثة عن عمق بيئة مجتمعها السوداني قبل ان تصادر مفاتن حروف "عيون الخيل" التي تتمثل بثقافة وابداع متجذرين في عمق تاريخ مدينة شنقط"، المزروع في ذاكرة موريتانيا، المحملة بأشكال الحزن، المغربل في الحوار الذاتي والموضعي، بمفردات وفضاءات كونية، تحوم حول صوت الشاعرة المتميزة بموهبة تعيد إكسير الحياة .
تعتبر الشاعرة ابتهال مصطفى تريتر، من الفئة السودانية الثالثة، التي تمثل الهرم الاجتماعي الذي يتقن حمل " السيف والقلم" المتلبس بأصابع الشاعرة، وألق الحزن المندى من عقود الآلام، المصاغة بحكايات مرتحلة من حروف مصوبة نحوى التائهين على أرصفة وجدان الشعر السوداني، حيث تحتل تجربة الشاعرة صدارة المواقف الموضوعية المرتسمة في مساحات كونية جدلية، تنطلق من الملموس اليومي، بلغة شعرية خالصة، في تجربتها التي كشفت عن خشخشة الأفاعي، والزواحف الذين يعيشون في أوكار بعض العقول التي تلفها سحابات الضياع اثر الحروب التي لا تهدأ مشاهدها كما قالت في قطعة من قصيدة:
أين تكتبنا صحائفها؟

كيف ينسينا التحامَ العرق فصّالُ
بلادي بعد نكبتها ألُم ترابها
خرقا تفتش عن فتات الخيط
والأحوالُ أحوالُ
تهدف في شباك الوهم
قد خرَّ السلام بها
وشالت في حبائلها عناويناً معلقةً
وصوت الحرب يختالُ
وطولي ياأنوف الشم
جيئيني بأنباء الذين تعفروا بالمسك
لو خرجوا من الأكفان
جلجل في حناجرهم وغنى الحزن موال
آه ياخريطتنا التي خُنَّا معالمها
ومزقنا فواتير اللقاء على أسنتها
وبعناها ببخس أين تكتبنا صحائفها
تواريخُ ائتمان الأرض
والأجداد ُما ورثوا
وغير الأرض ما قالوا
لمن نهدي هزيمتنا
فتسبقنا رياحُ الجوع
والتشريد والتقتيل
أيان التفت حقبت أحزاني
وعدت إليك ياسودان
انتعل الجفافَ ضحىً
وتركض في مخيلتي مع الإغماء صومالُ
ولي لغتي
أشذبها..
لتصعد في سنام نبوءة للفجر
تؤتي أكلها
أن قصيدة " أين تكتبنا صفائحها" فهي ليست سوى وجع محاط بالألم، وخسائر التاريخ الذي ما زالت آثاره تذكر الشاعرة ابتهال تريتر، بأسماء أبنائه وجلباب أجداده، هذا الجلباب الذي يمثل ثوب الوطن وفلكلور التاريخ، ليظل في مخاض لغة تخرج من سواد  المرحلة التي غاصت بها الشاعرة ابتهال، "كالمدية" في أعماق زمن تتفتت على شفا الجرح: 
على شفا الجرح
أما جئت يا واسعا
كان ضاقْ
خرابٌ تناديك
يا سابلَ الحزن والخوف سترا
ففي القلب والجوف بردُ احتراقْ
ووحلُ المسار
فما قدرتي كيف أوتيك عرشي
وما ارتد طرفُك بعد لطيفي
ولا بي خفايا سليمان
فاحبس هداهدك البيض عني
لأني سأكشف عن كل سر وساقْ
ويستغرب الطيرُ والغيرُ أني تسربتك العرق
دثرت خوفي ابتغاء الذي أمن الوحي  منك
ومرضاةَ شعري وتأويلَ أمري
إلى حيث شاءت دواعي الفراقْ
تسورتُ محرابك اليوم لكن
تحاشيت رزقاً تجود به أنت
صبرا ودمعا ووصفا وسمعا
تكبدت بالدرب ما  لا يطاق
وصليت ألا ألاقيك
حتى يصوم الهوى
لاتبين الخيوط فيزداد صومي وصالا
وأبني على الجرف ما قد شفا من هوانا
وهارٍ لعمري مجالُ التلاقْ
أيا صافنات الجياد االعتاقِ
امتشقن غيابي
وسافرن حتى أناجي اتقادي
وأملي نواصي النساء اعترافي
بأني انتفضتُ
كفرتُ بشيء يسمى الوفاقْ
وقطَّعت وصلك
جففت وارد كل الرسائل
أحكمت ذاكرة الطل جفت
وبللت قطنَ الوسائد
جاءت  غراما
إدا
وأثقلت قلبي شدَدْتُ الوثاقْ
وغادرت مني بقايا ابتهالٍ
وأشتاتَ قهرٍ وبركانَ وردٍ يثورُ افتضاحا
تسابا وريحا وشيئا دهاقْ
شربت من الدهر حلو التعازي
بأكواب ضير أباريق حلم
تصب بكاء وتنزف شعرا
جميل التباريح مُر المذاقْ
خرابٌ دخولك باحاتِ عمري
قد اصفرَّ نخلي.. ووجهي.. دمائي
وبانت عظامي هشيما ..رميما
وأنكرت بعدك أبناء آدم
سجلت أعلى مناسيب حزني
وبررت حتى الرياء النفاقْ
أيا دافقا من عبابي كفاك
لقد كنت نبعي
وكلي روافدُ تختار أوقاتَها الموسمية
يا دجلة العمر أدعوك فارحل
وبلغ فراتك أني كرهت
جناحين شقا أراضي جورا
عبابين باتا بذات العراقْ
هنا لا يختلف الأمر في خطة حروب العالم أينما ذهبنا، إلا من حيث عنف الاهتزازات الوجدانية التي لحقت بروح "دادائية" الشاعرة، ولهفتها لتستنطق الواقع الذي البسها صراخا يزدحم في لغة بيانية مزدحمة، وبمشاعر نضجت في قصيدة تحمل الذكرى والحنين الملتهب في مفردات متناغمة...  تفسر مدى اللوعة التي تعيشها الشاعرة، في تأوهات متأرجح، بين الحزن والفرح، وبين الغضب والسخط، لتصرخ كالصقر المحاصر في حزانات الشعر، الملتهب من جرثومة الحروب، وارتجاج موازين القيم، في عطش السلام الواقع تحت وطأ المجهول، وأدوات الوعي الشاهد على عري العصر النابض بأكثر من مؤشر، في إبداعات تفرخ امتداد صوت الشاعرة ابتهال، لنكشف عن مناطق جديدة في لغة الشعر السوداني المتمثل بالجرح الذي يختزن الصاعق في قطرة :
قطرة
زوري ملاذك يا أيامَنا عودي..
فاللَّيلُ أقبل يطوي ظنَّهُ ويرى
ماذا سنحملُ من أفكارِنا السُّودِ؟
والغيمُ غادَر..
ما عادت سحائبُنا..
تشتاقُ في زمن الأمطار قطرتُهُ
ما عاد يلبسُ ثوباً أخضراً فرحاً
فالتُّربُ خان وغطَّى حفنةََ الجودِ
والنفس حائرةٌ من أمرها..ولها
قلبٌ يُحاصِرُها..
خلٌّ يُسامرُها
والآلُ آخذُها للحرِّ والبيدِ
إنّي أحنّ إلى صدرٍ يقاسمُني
آلامَهُ
ويعي ما عشتُ آمُلُهُ
فالصِّدقُ لحنُ فؤادي
والعُلا عُودِي
رجاءات
كنتُ وحدي
أُُرجعُ الذِّكرى وأُلقى في مداها
أدمعاً غنّت  تراتيلَ التقائي
بعصِيِّ الوصل في العهد المُقدّسْ
أنت أدنى من وريدي
لكأنِّي آخُذُ الدُّنيا على كفٍّ
وأحيا فيكَ بالكفِّ التي قد أسلمتني
لفُتاتِ الصّبر من قلبٍ توجّسْ
أيُّها الأسمرُ جئني

يبدو لنا أن العاطفة عند الشاعرة ابتهال، مرتبطة بالعواصف الفكرية والتصورات الفلسفية التراجيدية، المتجلية على العاطفة الكائنة في الشعور، المخبئة في كلمات، وعبارات قائمة في التعبير الشعوري والعاطفي، اللذان يتجهان نحوى الحزن الموضوعي، والحزن الذاتي، في تجليها الإيحائي...، مما أعطاها لغة صادقة محملة بالتراث الثقافي الأدبي، والعلمي، والتاريخي، الممرر بهندسة عناصر القوة اللغوية، من اجل إضفاء البهجة والحيوية والجمال والتعبيرات المطبوعة على جبين شمس السودان واحتباس السر، كما في قصيدة :
احتباس
كفّاك يا سرَّ الوداعِ
استنَّتا
ألا أُزيل الدّمعَ
وحدك من له ُحق ُّاحتباس ِنزولِه ..
عند الرَّحيل
وله ُانبعاثُ الطِّيب ..في ليل المنى
ولهُ الأزاهرُ والمباهجُ كلُّها..
وبهِ وداع ُالحزنِ.. لوغنّى الهديل
يا حاملي فوق العيون مفاتناً
ومُقدِّمي للطلِّ..
للسَّفر الذي
لا زادَ لي فيهِ بغيركَ  ..قاتلي..
وحصيلتي ممّا أكابدُهُ القليل
بين أوداج المحبة والخلاف
هم أوهموك الحُبَّ حين تجاذبوك..
فقطّعوا ..خرَزَ الجدائلِِ
إذ تهادت فيك ترجو.. بالمغازلةِ التفافْ
هم أغلقوا عنك المداخلَ
ثمّ شدّوا العُنق َحين تناطحوا
ورأوك تغرق بين أوداج المحبّة والخلافْ
عصتِ الفجيعةُ فانحنت كتفُ النّخيلِ
وخالطت لوزاتِ قطنِكَ حنطةٌ
وهوت بنعشكَ في الضّفاف
سكبوا على النّيلِ النّبيذ
تراقصَ الخرطومُ مكتملَ الأسى
فترنّحت منك الجوانحُ
ثمّ فِضتَ ترَكْتَني بين الجزائرِ
تحتويني الرّاحُ..
لا مجداف يُجدي لا انعطافْ
كتِفي على الأبنوس.. لكن كاحلي..
يشتطُّ من أوجاع مرّة والرهيد
وأعيُني بالقاش ِولهى..
لا تسلني كيف أدماها الكفاف؟
قد قيّدوني عنك..  دون جنادلٍ
قد قيّدوني..
عن مرافقة الجريحِ
وعن مطاردة الشّحيح
وعن ملاطفة النّزيح
وعن مجالسة المسيح
فعلام تشرع أنت حرٌّ رغمهم فلتسترح
أنا لا أراكَ
أرى الأماني فوق رأسكَ علَّقوها
قد أحاطوها نبالاً
فاهتدت ضرباً
تُشظِّي جلدَكَ المثقوب َوهنا وانكشاف
وغدوتَ ترقَعُ ظهرَهُ..
ما إن فرغت تمزّقت أحشاؤه
هذا هو الطّاعونُ.. يا وطنُ, احتمل
فالدّاء يقتلُهُ العفاف ..
ها هم أتوك الآن..
معطفُهُم سلام
والأُسد ُمن إحَن العرين تمَنَّعت
والشّعرُ من سَخَطِ الكلام
والنُّوقُ تُنشِدُ ..والسّلامُ غناؤها
والأرض ُيملؤها الحمام
ها هم أتوك الآن..
يبكيهم دم ُالشّهداء
تبكيهم خُطى المهديِّ
تحملُهم على الأكتافِ حاملة ُاعتراف
إنّا دفنّاهم هنا.. إنّا دفناهم هنا
إنا عقدنا العزم نحو المجد
قدمت الشاعرة في هذا النص تحليل الماضي والحاضر كي تخلق رؤية مستقبلية إبداعية معاصرة، تتمثل في رؤية عالم الأدب السوداني، الذي تغلب عليه الوطنية والصوفية ... في انحياز الشاعرة إلى نوافذ النور، والنجاة، والخير، والسعادة الأبدية، وسعيها لإزاحة الحرب والطاقة الظلامية... من خلال نداءاتها، وصيحات الغيب المعلن في تراتيل قصيدة :
لبَّيكَ قل
لماذا تُصرّ على  قلب أُنثى؟
بني الجرحُ فيها..
وباض َوأعمى عيون المحبين"يا غارها"
و مرّ بها القوم
فاتوا سِراعاً..
وما ظنّ هادٍ من المحتويها..
وما رمَّم الغارُ جدرانَها
ألا ليتهم فرّقوا الوهن
شافوا..
وحيدا وثاني حماها الدُّموع
تربّي مع الهجر قلباً جريئاً
وتُهدي إلى الخوف أحزانها
إذا كنت تنوي
فوفدُ الجراح يحُجُّ بها كلَّ عام
ويسقي..
على زمزم الشّوق حجّاجَها
ولو كنت تأبى
فأقصر وعمّر
وعد بي هدايا إلى الناس واسعد
وقل مثل ما قلتُ: أنّى لها
أحبّكَ إحرامَ عشق وسعياً
جثت ركبتاي عليهِ كثيراً
فحتّام تنفكّ؟
قيدُ الأماني بني فوقهنّ.. ونادي ألمها
وقال أراكنّ مثلي سبايا
تراتيلُ صوفيّةٌ بخّرتها خرافاتُها
واستقرّت بعيداً..
وما زار شيخٌ أتى بابها
معي أنت أهلي..
وماضيَّ..
روحي
إذا أُرسلت جمَّلت كلّ أنثى
وعطرٌ إذا فاح ما المنتهى؟
أنا حفنةٌ من ترابٍ بريءٍ
من الطّلِّ
يا وابل الرُّوح ِأقبل
وبلّل ينابيعيَ اليائسات ..
وصل كفَ نجواي فوق السُّهى
برى جسميَ الشكُّ حتّى غدوتُ
أرى نصف ظلّ مشوق..
يُعاني
تناسيك عند المساء افتراءً
ويندسُّ في الصُّبح إمّا زها
أشكُّ ولكنّ شكِّي جميلٌ
يرى فيك إيمانَه السّرمديَّ
وبيِّنة فوق كلِّ دليلٍ
وما ثار قلب ٌوناجاك إلّا..
رمى حجّتي فيك بل صاح ها
تمزج الشاعرة، بين الشعر العربي القديم والشعر المعاصر، في موسيقى وعي الذات، التي لا تخلو من قصائدها التي تحمل عاطفة جياشة ممتزجة بتفكير فلسفي يدخل عمق القضايا الاجتماعية، والوطنية، والوفاء، والشوق، والحنين، والروحانيات، لتهطل قصائدها بردا وسلاما، من صولجان صوتها الذي يصرخ كزئير أسد في لحظة نهاية القتال :

سؤال لتل متعب
وقفتُ على تلَّة الأمنيات
أعيد تراب الزمان القديم
وحفنة أيامه المتعبةْ
, وقفت وكلي اهتراء ٌوخوفٌ
وأمطار شكي ثقاب هرعن إلى بقعة حرة معشبةْ
تكومت لكن
ثقابي تناءت
لأني تبللت حدَّ الرواء
وتخشى الثقابُ وأعوادُها
فنونَ التساقي وطعمَ الندى
وغيبةُ صيحاتك المرعبة
أنا هيكل الحب
حلت بجسمي التباريح
أعيت سَنام َ نهوضي
وباتت تصلي بغيرٍ وضوءٍ ودون انفعالْ
أؤدي فروضي على هيكلٍ أشعثٍ
غير أني
راقٍ إلى.. حيث كلِ الفروضِ زوالْ جعلت المدى مجهد البال
قلبي .............ويفتح في كل شبرٍ سؤالْ ويسعى يؤم المحبين
ويجثو على النار حتى يواري
رمادَ الأماني
وسوءة حس
وقربان زغرودةٍ شاهقةْ
ويسبح في ضفةٍ من بكاء
ويأتي بألواحه الصادقةْ
وعزريل باقٍ بشطٍّ السراط
وفي كفه زمرة آمرةْ
نزيف من الشوق ينوي عبورَ السراط
حفيا وعفا
ويركض خوفا إلى ذاته الحرة الفاترة
ووحدي بقيتْ
... وبعض النساء
اللواتي سئمن التسكع في لولبِ الحب
وجمرا وصيتْ
أجهضن حتى جنينَ التمني
وماعدن يشممن زهر الربيع
فيا هيكل الحب ماذا تظن بربك
غير اتكائي عليك وأنت المميتْ؟؟
وهكذا تتجرع الشاعرة السودانية، الحكمة من ضباب الوقت، لتستفيق حضور العالم، من خلال اريج سردياتها لتعيد توازنه... ولتعبر أفلاك ذاكرة مظللة بغربة النفس .
لذا نرى الشاعرة ابتهال مصطفى تريتر، ترفع زئير صرخات البوح، لتستجر المناضل وانتمائه، وجذور الهوية السودانية، والساسة، والحنين، وطبيعة البشر ....
حيث تضع لهم مرايا عالمها أمام الملء، تسال الحاضر عن جذور الماضي، تمدد أذرعته المنهوبة الخطى، تبحث عن وثني الحكايات من خلال سردياتها الدلالية، المحملة بالوصف الإنساني، والتأملات الروحية الصوفية، اللاعبة على سلم أدوات الشعر السوداني المعاصر، في التعبير عن مفاهيم مكسوة بالصفاء الإلهي، والتراتيل الصوفية .
وأخيرا وليس بالأخير نعتذر من القارئ لعدم سعة هذه الأوراق وضع نصوص الشاعرة السودانية  ابتهال الطوال وأحب أن اذكر أن الشاعرة تملك من النصوص ما لا يسعه النقد لكننا فضلنا أن نكشف الغطاء عن بعض نماذج نصوصها ووضعهم في خان التنوير والاطلاع على حبر الشاعرة التي  تميزت بالنطق واللغة والصور  المحملة بألوان الطيف . 

(* ) " "الدادائية" هي حركة فنية جريئة باقية بقاء الفن والأدب والتصوير الفني في لحياة البشر، شكلت هذه الدادائية ، في أوربا بداية القرن العشرين ."

السيرة الذاتية
.بكالريوس الهندسة الميكانيكية جامعة السودان ..
ماجستير هندسة التبريد والتكييف أكاديمية السودان للعلوم.
-مهندسة بوزارة العلوم والتكنولوجيا
-مقدمة برامج بتلفزيون السودان والآن قناة الخرطوم
-صحفية متعاونة بعدد من الصحف
-عضو بعدد من منظمات المجتمع المدني
عضويات
عضو ندوة العلامة بدالله الطيب
عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب السودانيين
عضو رابطة الأديبات السودانيات
عضو مؤسسة أروقة للثقافة والعلوم
عضوا لاتحاد الأم للطلاب السودانيين
عضو المكتب التنفيذي لأمانة الفكر والثقافة الاتحادية
شاركت بعدد من المهرجانات الداخلية والخارجية
-مهرجان الشباب العربي والأفريقي بالخرطوم
-مهرجان الإخاء السوداني المصري بالقاهرة
-مهرجان الشاطئ الشعري بالجزائر في نسختيه السابعة والتاسعة
مهرجان الدوحة عاصمة الثقافة العربية
-مهرجان شعر الصحوة الإسلامية بطهران
-مهرجان ملتقي النيلين بالخرطوم
-مهرجان العيد الوطني بموريتانيا
-مهرجان شعر المقاومة الإسلامي بإيران
وعدد من المهرجانات الداخلية
حاصلة على جوائز
-جائزة شعراء الجامعة بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا  - 2004
جائزة برنامج نجوم الغد بقناة النيل الأزرق 2006
جائزة عبد العزيز سعود البابطين بالجامعة الأهلية 2005-
جائزة مهرجان سحر القوافي 2010 كشاعرة مميزة من الطبقة الأولى من قبل رئيس الجمهورية
    الدواوين
-لها تحت الطبع
- الإشارات الخفية ( الشعر الفصيح)
على شفا الجرح  (فصيح)
ل ظل أجوف (فصيح)
لبن العشر (العامية السودانية(
جذع الريد (العامية السودانية(

تحية للشاعر والاديب الفلسطيني جمال قعوار في عيده الـ (83)/ شاكر فريد حسن

قبل اسابيع اضاء الشاعر والاديب الفلسطيني / النصراوي جمال قعوار ، الشمعة ال(83) من عمره المديد الزاخر والحافل بالعطاء الشعري والابداع الادبي والنشاط الثقافي الخصب والوفير .
وجمال قعوار الشاعر الكبير والمخضرم اشهر من نار على علم ، رغم انه عانى في مرحلة ما، من الحصار والتغييب والتعتيم الاعلامي من ذوي القربى ، والمنابر الحزبية . انه من رعيل الشعراء الوطنيين الملتزمين الرائدين في ادبنا الفلسطيني وثقافتنا الوطنية والانسانية الملتزمة ، الذين ظهروا على الساحة الادبية بعد النكبة عام 1948. وقد نشر نتاجه الشعري في مجلة "الفجر" التي كان يحررها الشاعر الراحل راشد حسين ، ومجلة "المجتمع" لصاحبها الاديب الشاعر المرحوم ميشيل حداد، وسواها من المجلات والصحف السيارة التي كانت تصدر آنذاك. وهو من اوائل الشعراء العرب الفلسطينيين الذين صدرت لهم مجامع شعرية في الخمسينات من القرن الماضي ، حيث اصدر "سلمى" و"اغنيات من الجليل" .
وجمال قعوار شاعر متدفق العطاء ، ومن اغزر الشعراء انتاجاً واجودهم شعراً وطلاوة . وما يميز شعره ، الذي لفت الانظار ، هو عذوبته، ورقته ووضوحه ،وصدقه، وغنائتيته ،وعاطفته، وجمال معانيه ،وتدفق صوره ،ونبرته العالية.
نشط جمال قعوار في الحقل الادبي والحراك الثقافي في بلادنا ، وكان من المبادرين لانشاء مؤسسة "الصوت" لتعميق الوعي الفلسطيني ونشر الفكر الفلسطيني الديمقراطي الحر والكلمة الملتزمة ، واصدار مجلة "المواكب" مع الشاعر والمفكر الراحل فوزي عبد اللـه ،المحتجبة لفترة طويلة ، التي عنيت بقضايا الادب والثقافة والفكر ، وكان لها دور طليعي هام واسهام في الحياة الادبية والثقافية المحلية ، وشكلت وعاءً وحاضنة للاقلام الشعرية والادبية المعروفة والمواهب الجديدة الصاعدة. وكان ايضاً من مؤسسي رابطة الكتاب الفلسطينيين في اسرائيل ، التي ترأسها لفترة من الزمن.
ورغم معرفتي بجمال قعوار شاعراً واديباً ومثقفاً وضالعاً في اللغة العربية ، من خلال متابعاتي لكتاباته واعماله الشعرية وقصائده المنشورة في الصحف والمجلات الادبية والدوريات الثقافية المحلية ، الا انني لم اتشرف برؤيته والتعرف اليه الا حين جاء الى "مصمص" في شباط العام 1977، يوم وفاة الشاعر راشد حسين ، حيث شارك في تشييع الجثمان واستقبال الوفود التي قدمت من كل انحاء الوطن الفلسطيني للتعزية والمواساة، من المثلث والجليل والنقب والضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان ، حينها وقف يرثي راشداً بصوت متهدج ناعم وقصيدة لا اجمل ولا اروع ، قائلاً :
أيمكن ان تخبو المنى والقصائد       
                          ويغمد في الارض الجريحة راشد؟
أيمكن أن اللوز زهر مفتح
                          وزهرتنا  وسط    اللهيب      تكابد
اكذب ما ينمى الى معاندا
                         فيا ليت شعري هل   يفيد     المعاند
أنا أمة أبناؤها حزن أعصر
                        مجرحة    ما  اغفلتها         الشدائد
أنا وطن دامي الضحايا مخضب
                        فلسطين  اهلوها   قتيل       وصامد
أنا "مصمص" ابناء عم وجيرة
                        وأهل    وأحباب    وأم         ووالد
أنا "احمد" أطوي الضلوع على جوى
                        ولا ينطوى شوق مدى الدهر  خالد 
ثم يقول:
وأين الذي كانت "مع الفجر " تبتدى
                                 قصائده تشدو بهن   الجرائد
وأين الذي اعطى "الصواريخ" عزمة
                                وكوكبه في سلم المجد صاعد
وأين الذي طابت سويعات ليلتي
                               بصحبته والحلم  دان    مواعد
ويختتم قائلاً:
فنم في حمانا يا أخا المجد هانئاً
                         كما نام ابطال النضال الا    ماجد
ويا وطني فاجعل ترابك دائماً
                        دفيئاً فبعضى  في  ترابك     راقد
وتواصلت بعد ذلك اللقاءات مع ابي ربيع في بلدتنا "مصمص" وفي اجتماعات لجنة احياء تراث راشد حسين ،حيث كنا من اعضائها ،التي كانت تعقد في دكان المناضل المرحوم طيب الذكر منصور كردوش بالناصرة ، وفي الندوات الشعرية والثقافية تكريماً لراشد ، شاعراً ومناضلا، وبقينا على هذا الحال حتى فرقت بيننا هموم الحياة ، فلم اره منذ فترة طويلة .
وللشاعر جمال قعوار حزمة كبيرة من المجموعات الشعرية ، التي تناولها النقاد والكتاب واصحاب القلم بالعرض والنقد والتحليل والتقريظ ، وهي :" سلمى، اغنيات من الجليل، الريح والشراع، غبار السفر ، اقمار في دروب الليل، الريح والجدار، الجدار، ليلى المريضة، بيروت، ايلول، زينب، الترياق، بريق السواد، لا تحزني، لوحات غنائية، مواسم الذكرى، شجون الوجب، قصائد من مسيرة العشق، عبير الدماء، في مواسم الضياع".
جمال قعوار شاعر غنائي رقيق ناعم وسلس ، كرس اشعاره للقضايا الوطنية والهموم الفلسطينية والقومية والانسانية . ويطغى الطابع الوجداني والرومانسي الحالم والشفاف على جميع قصائده ، مهما كانت موضوعاتها وتشعباتها ودواخلها واغوارها . وتتمحور مواضيعه حول المرأة والانسان والارض والوطن والهوية والانتماء ومأساة شعبه الذبيح والجريح ومعاناته اليومية ومحاولاته الدائبة في النهوض نحو الحرية والغد الاجمل .
ومن نافلة القول، ان جمال قعوار في كل ما قرض وكتب وابدع ،يعالج مواضيع فلسطينية ووطنية بالدرجة الاولى ، وينقل لنا صوراً من احزان والام الفلسطينيين ومعاناة اللاجئين والمشردين في الخيام . فيحلق في سماء الجليل، ويهيم في ربوع الطبيعة والاجواء الرومانسية الخلابة ، ويلتقي الزنابق والأقمار المشعة في دروب الليل ، ويخاطب شهداء مجازر كفر قاسم ويوم الارض، الذين جادوا بدمائهم الطاهرة دفاعاً عن الوجود والخلود . ويذرف الدموع مدرارة على الاحباب والاصحاب ورفاق الدرب ومجايليه من عشاق الكلمة والادب ، الذين غابوا ورحلوا عن الدنيا وتركوه وحيداً . ويأسى على ابناء شعبه وجلدته ، الذين نزفت دماؤهم في عمان وتل الزعتر وصبرا وشاتيلاً وغيرها من المخيمات الفلسطينية . ويثور على الساداتية والحكام العرب ، الذين جلبوا الخزي لشعوبهم بتوقيع اتفاقات الذل والعار والاستسلام ، فيقدم قصائد نارية ذات شحنات ثورية وعاطفية وتعابير سهلة والفاظ بسيطة ومعان عميقة وموسيقى جميلة .
وفي كل قصيدة من قصائده يبدو جمال قعوار عاشقاً للتراب الفلسطيني والارض الفلسطينية الغالية المقدسة ، الراسخة فيه ، وتعلقه بالوطن وتضاريسه ونباتاته واشجاره ووديانه وشخوصه ، وانجذابه الى التراث والجذور الكتعانية الممتدة في التاريخ ، وتأثره بالقرآن الكريم ، وتمسكه بامجاد الماضي  واهداب الأمل والتفاؤل المستقبلي.
كما تتبدى المقاومة والرفض والتصدي لواقع الهزيمة في العديد من قصائده ، وبشكل خاص في ديوانه "الريح والجدار" الصادر عن جمعية "الصوت" سنة 1979، وللدلالة على ذلك نقرأ هذه الأبيات:
أنا شعب الفدا ادري مرامي
ودرب العز واضحة امامي
عرفت الهول منذ عرفت دربي
فهال الهول عزمي واقتحامي
ولاقيت الردى وجهاً لوجه
فما فت اللقاء من اعتزامي
خلاصة القول ، جمال قعوار من اعلام الشعر والادب في الداخل الفلسطيني ، وهو شاعر مبدع اصيل له خلجاته واحاسيسه الوطنية ومواقفه السياسية والفكرية ، وصوته الخاص، وموسيقاه الدافئة ،وتعابيره الناعمة . وقصائده مشحونة بالصدق والدفء والشفافية وطلاوة التعبير والوصف. وبمناسبة اضاءته الشمعة الثالثة والثمانين نرسل اليه بتحياتنا القلبية الحارة ، ونتمنى له الصحة وطول العمر ومواصلة مسيرته الشعرية والادبية الزاخرة بالعطاء والتواصل والحميمية ، ليغمرنا بالشعر الوطني والوجداني والغنائي الجميل والعذب ، المتدفق اصالة وعمقاً ودفئاً وانتماءً وحساً مرهفاً ، وعابقاً برائحة الزعتر الجليلي وتراب الوطن ورمال الساحل الفلسطيني .

سياحات خيالية (6)/ د.عدنان الظاهر

مايس 2007

سهام
سعاد ممرضة تزوجت وبقيت ،  بعد مشاكل كثيرة  ، في عصمة زوجها .
ليزا ممرضة تزوجت مرتين .
أما سهام ... فقد عزمت أن تدرس فنون التمريض في أحد معاهد لندن ...
لكني نصحتها أن تصرف النظر عن قرارها هذا فإمتثلت وليتها لم تمتثلْ !! تزوجتْ زواجاً فاشلاً أوشك أن يؤدي بها إلى الطلاق من زوجها . لم يحصل الطلاق ... حملت ثم فارقت الحياة في ظرف غامض . فلنتابع قصتها مفصلة ً .
كانت لا تكف ونحن في أول عهود الصِبا والشباب عن ترديد بيت أبي العلاء المعري الكثير التشاؤم :
تعبٌ كلها الحياةُ فما  أع
جبُ إلا من راغبٍ في إزديادِ
إنَّ حزناً في ساعةِ الموتِ أضعا
فُ سرور ٍ في ساعةِ الميلادِ
كنتُ ألومها في حينه وأعنفها وأثرثر كثيراً عن جمال الحياة ومباهجها وزخرفها الرائع وعن الآمال العِراض المنبسطة أمامنا . أجلْ ، كنتُ أتكلم معها عن الآمال وعن المستقبل اللامع قاصداً دخولي كلية الطب وما كان في رأسي من أهداف غير دخول هذه الكلية . أما المسكينة فقد ترجمت الأمور على هواها وحسب ما كانت تبتغي : الزواج بعد تخرجي في الكلية ! لذلك تركت قراءة أشعارَ أبي العلاء المِعرّي المتشائمة وإنصرفتْ كليةً لأشعار ( ولاّدة بنت المستكفي ) . كتبت لي مرةً رسالةً تضمنت البيت الآتي
نفسي تغارُ عليكَ مني
وتخشى مقلتي نظري إليكا
وكتبت لي  في مناسبة أخرى :
إذا ما الليلُ جُن َّ ونام صحبي
مشت نارُ التذكرِ في عظامي
سلامٌ أيها النائي سلام ُ
وهل يُغني عن اللقيا سلامي ؟
دخلتُ كلية الطب فعلاً وواصلنا تبادل الرسائل كما إعتدنا ، أنا أتكلمُ طباً وهي تتكلم حبّاً ! فاجأتني في واحدة من هذه الرسائل أنها رُشحتْ لدراسة التمريض العالي في لندن . قلتُ لها إننا لا نحترم هذه المهنة في العراق وإنها أساساً لا تلائمك ولم أزدْ . أجابت ــ وقد أساءت التفسير ــ إنها تصغي لنصائحي حرفياً ولن تستمع إلا لي . وإنها طوع يدي ، وإنها وإنها وإنها ...، ثم شاءت الظروف أن أترك الدراسة في كلية الطب وأنصرف لدراسة الكيمياء . توقفتُ عن مراسلتها قرابةَ عام كامل فتزوجتْ بعد أن أنذرتني . كان جوابي على إنذارها أنْ كتبتُ لها مهنئاً هذا الزواج . وتعهدتُ أنْ أعتبرها كما كانت أُختاً لي . وأن لا أنساها شرطَ أنْ لا تنساني. وأنْ نظلَّ نتزاور كلما كان ذلك ممكناً . ولا بأس أن أتعرفَ على زوجها وعلى عائلته .
زرتها بعد عامٍ من زواجها بناءً على إقتراحٍ منها . كانت تعيسة ً بزواجها فلا حبٌ ولا إحترام ولا إنسجام . ولقد إكتشفتْ بعد الزواج أنَّ لزوجها هذا زوجة ً أخرى تسكن وأطفالها منه الريف مع والديه وباقي إخوته وأخواته.
كانت صدمة لها لا مثيلَ لها . ولما كانت فتاة ً عالية الرأس وجيدة التربية والثقافة أراد زوجها المحامي أن يذل َّ كبرياءها بحرمانها من أحد أهم أركان الحياة الزوجية : ممارسة الجنس مع الزوجة ! قالت لي إنه يتركها لشهور دون أن يمسها فتعاني أشد درجات العذاب . تنام شبه عارية في فراش واحد مع رجل يدير لها ظهره وينام . يأتي السبتَ ــ إذا أتى ــ أُخريات الليالي مخموراً عادةً منهوك القوى بعد السكر ولعب القمار في نادي المحامين . أما هو ــ قالت لي ــ فلا يعاني من موضوع الجنس ، ذلك إنه يزور ريف زوجته الأخرى متى شاءَ ، وبالطبع يمارس الجنس مع
( الحُرمة ) الثانية . 
قالت لي بمرارة ولكن بدون دموع : أنتَ السبب !! نعم ، أنت سبب كل معاناتي مع هذا الحيوان أولاً وفي الحياة نفسها  ثانياً . تركتني فجأة ً وتوقفتَ عن مراسلتي فلم أشأ أن أبقى دون زواج وقد بلغتُ العشرين من عمري وكل صديقاتي ــ قالت ــ  تزوجن َّ في هذا العمر أو حتى أقلَ منه .
أجلْ ، قد أكون أنا السبب ، لكنْ لِمَ العَجلة ؟ عشرون عاما ً ليست بالكثير . أفما كان الأفضل أنْ تنتظري ــ قلتُ لها ــ مجيء فُرصة أخرى ربما تكون أفضل من ورطتك هذه ؟ ثم ، أفلا تطلقيه كي نتزوجَ بعد إكمالي دراستي في الكلية ؟ قالت سأفكر في الأمر ، سأفكر فيه جدياً . لا أطيق الحياة مع هذا الحمار السكير " المعيدي " . لقد حوّل حياتي إلى جحيم ٍ لا يُطاق . شاركني في داري وهي في طور البناء ، ولا أعرف مصير هذه الدار إنْ طلقته . نصحتها أن تستشيرَ محامياً فقالت : كل المحامين أصدقاؤه وأخشى أن لا أجدَ مَن أوكله من بين محامي مدينتنا . قلت لها ساقتله إنْ إغتصبَ دارك منكِ حتى وإنْ كان شريكاً . قالت وأي زواج هذا الذي تفكر فيه إذا غدوتَ قاتلاً مجرماً قد تُشنق أو تُسجن مدى الحياة ؟ سؤال وجيه .( قلتُ لنفسي ) . تطلقه فأقتله لأحرمنه من حقه في دارها ثم أتزوج منها ... أي عُرس هذا وأي حب وأي فرح ؟ حَسناً ــ قلتُ لها ــ فكّري جدياً وملياً في الأمر . طلقيه شرطَ أنْ تحتفظي بدارك ملكاً خالصاً لا شريكَ لكِ فيه . سنتزوج ونعيش معاً لنا دارنا ولك وظيفتكِ وستكون لي وظيفتي ، فما أسعدنا حينذاك ! الحب والأمل والأطفال والإستقرار . إلتمعت عيناها بنور غريب وهي تُصغي لحديثي الجدي الشديد الحرارة . قامت فقمتُ فقبلتني بحرارة من خدودي أولاً ثم ضغطت بشفتيها بقوة على فمي وهي مُغمضة العينين وقالت هامسة ً : أعبدكَ . في هذه اللحظة بالذات وبإلهام غريب لا علاقة له بالخبرة أو الذكاء (( وما كان لدي َّ شيء ٌ منهما يومذاك إذ كنتُ كما كانت في العشرين من عمري )) حدثتني نفسي أن َّ هذه الشابة المثقفة الرومانسية والشديدة الكبرياء تعرض نفسها للخطر . وإنها مرشحة لأحداث ٍ جسام ... ذاك أنها تعشق طالباً وتفضله على زوج محام ٍ يملك سيارة ً وأرضاً زراعية في الريف . وإنها مستعدة لأن تجازف بكل شئ . كارثة ، كارثة حقيقية لا أعرف حدودها ولا تفصيلاتها ولا طبيعتها . غريب ٌ شأنكَ أنتَ أيها الإنسان . فجأةً تخيلتُ الأمر وتصورته يقع الآن أمامي أو إنه سيقعُ غداً أمام أنظار الجميع .
كنتُ في سفرتي تلك أزورها يومياً في دائرتها أثناء ساعات الدوام الرسمي. وكانت تشجعني على ذلك وتطلبه مني بإلحاح . وعندما حذرتها مرةً من إحتمال أن يعرف زوجها بهذه الزيارات أجابت [ أنا الغريقُ فما خوفي من البلل ِ // المبلل لا يخاف من المطر ! ] . وأكثر من ذلك ، طلبت مني أن أحفر إسمي على خشب مكتبها في دائرتها فنفذتُ الطلب .
إنْ لم أزرها في دائرتها أثناء الدوام زرتها في بيتها في الأمسيات . ما كانت وحدها في البيت الكبير العامر ، كانت أمها معها فضلاً عن شقيقة زوجها الصغرى . أخبرتني ذات يوم أن زوجها يروم التعرف عليَّ وإنه يقترح اللقاء على الغداء ظهر يوم الخميس . وافقت بعد تردد إذ كنتُ أخشى أنْ يصيبها بسببي مكروه عاجل إثناء مكوثي في مدينتها . كما إقترحت والدتها ــ وهي قريبة والدتي ــ أنْ أمكث لديهم في بيتهم بدل إقامتي في الفندق . رفضتُ الفكرة بشكل قاطع إذْ لم أستطعْ أن أتخيل كيف سيتنافس رجلان على إمرأة واحدة تحت سقف واحد وهو سقف الزوج ، زوج قروي في الأربعين من عمره من جهة وعاشق شاب مدني في العشرين ؟ قالت الأم إنه لا يأتي البيتَ إلا مرة أو مرتين في الأسبوع . ثم إنه يعرف جيداً أنك قريبنا وإنه سبق وتعرف على شقيقك عندما زارنا قبل بضعة شهور . على أية حال ، قبلتُ دعوة الغداء وفي دخيلتي رغبة قوية
ــ أغلبها الفضول ــ أن أرى هذا الزوج وأن أتعرفَ عليه . ما شكله ؟ هندامه ؟ قبيح أم وسيم ؟ أسوأ أو أفضل مني ؟ كيف سيعامل زوجه بحضوري ؟ هل ستجرؤ هي أنْ تنظر إليَّ كعادتها بإستغراق صوفي أمام زوجها ؟ هل ستحيطني بالعناية الخاصة  التي عرفتها منها والتي دأبت هي على إتيانها كلما إختلت بي ؟ أسئلة كثيرة .
أخبرتني ( سهام  ) فيما بعد أنه كان محاميها الخاص المكلف بمتابعة قضايا الإرث في المحاكم بعد وفاة والدها . ومن هنا بدأت قصتها معه . هي تريد رجلاً يقف معها ويقف وراءها ويمثلها في المحاكم ويفض الخصومات القانونية نيابة ً عنها . أما هو فكانت عينه على قطعة الأرض التي ورثت وعلى باقي الملك الذي ترك لها أبوها الراحل . ثم كان يريد بيتاً يقيم فيه في المدينة وإمرأة شابة يسكن معها وإليها بدل التنقل بسيارته ما بين الريف ومكتبه للمحاماة في مركز المدينة .  هكذا تلابست الأمور وتشابكت المصالح فأثمرت زواجاً يقوم أساساً على المصالح المتبادلة  ولم تكن بالمصالح المتكافئة أبداً . كانت تفتقر إلى النزاهة من جانب الرجل : محام ٍ متمرس يعرف القوانين ونقاط القوة والضعف فيها ويعرف دروب الخروج منها والدخول فيها بإزاء شابة يتيمة الأب لا يقف وراءها إلا أم ساذجة ترملت حديثاً . ما كانت تعرف سوى عبادة إبنتها الوحيدة والإخلاص غير المحدود لزوجها الذي دللها إلى أبعد حدود الدلال وأغرقها بالذهب وما كان لها في الحياة سواه وسوى شقيقين إثنين .
تم َّ اللقاءُ على الغداء كما إتفقنا ظهر يوم خميس . قدمتني لزوجها وأجلستني في المكان المقابل له على مائدة للطعام كبيرة من خشب أسودَ ثمين . جلست هي إلى يساره وجلست أمها على يساري . كان الرجلُ بسيطاً في طريقة كلامه ودوداً ضاحكاً ومنكتاً . بعد الغداء إقترحت وأمها عليَّ أن أبقى كيما أقضي قيلولة الظهر لديهم . وافقتُ فوراً . أعدتْ ( سهام ) لي فراشاً وثيراً في غرفة الإستقبال الفخمة . قبلتني من الخدين ، أدارت   المروحة الكهربائية ، سدّت الباب ومضت . لم أستطع النوم كعادتي كلما تبدل فراشي أو مكان نومي أو مكان إقامتي .. شعرتُ بصداع قوي كالذي ينتابني وقت الأزمات النفسية الحادة أو الدراسية أو إثرَ وفاة عزيز . مر َّ الوقتُ ثقيلاً جداً جداً . ما كنتُ أستطيعُ قراءة الوقت في ساعتي إذ كانت الغرفة شديدة الظلمة . عتمتها قبل أن تغادرها . زاد صوتُ المروحة الدوّارة في تفاقم أمري حتى أني كنتُ أحسبه صوتَ طاحونة يخترق رأسي فأشعر بالتقزز حدَّ الإستعداد للتقيؤ . كنت ُ أتمنى أن تفتحَ سهام باب الغرفة ــ السجن المظلم وأن تأتي لتسامرني وتسليني وتنقذني من هذا العذاب المركّب وتسحرني بعيونها التي هي أوسع وأعمق من السماء وأعذب من جنات الخُلد . وبحديثها وأسلوب كلامها الذي لا مثيلَ له . أو في الأقل أن تسعفني بحبة أسبرين تُشفيني أو تخفف عني من ثقل هذا الصداع . كان عذابي وألم الرأس يزدادان مع مرور الوقت الذي كان ثقيلاً حقاً . وأزداد ألماً ويزداد الوقت ثقلاً كلما زادت رغبتي في أن أراها تفتح باب الغرفة بقامتها المديدة ووجها الضحوك ومداعباتها الأحلى من عسل ملكات النحل . كان الأفضل ــ قلت لنفسي ــ أنْ أعتذرَ عن البقاء لديهم بعد الغداء . فتحتْ سهام الباب فجأةً فرأيت الساعةَ قد بلغت الخامسة تماماً . سألتني هل نمتَ جيداً ؟ كذبتُ ، قلتُ أجلْ . أردتُ أن أقولَ لها ما كنتُ أريد أن أنام ، بل كنتُ أريدها أن تظلَّ  معي نتسامر في بيتها بدل اللقاء في دائرتها الحكومية . لم أستطعْ  بالطبع قول ذلك . أخذتني إلى الحمام وأغرقتني بالمناشف الملونة التي لم تستعمل قبلاً . جلسنا بعد الحمام ثلاثتنا ، هي وأمها وأنا ، فقط  في صالة كبيرة تتوسط الدار . كان الشاي جاهزاً وبعض الحلوى وفاكهة الصيف . أثار إنتباهي غياب الزوج . الساعة قد جاوزت الخامسة عصراً والزوج غير موجود . كان الوقت صيفاً ، أواخر شهر حزيران ،  وكان الحر شديداً . سألتها عنه فقالت إنه غادر البيت بعد الغداء مباشرةً متجهاً إلى بيته الثاني في الريف . فاليوم خميس وغداً الجمعة . يقضي عطلة نهاية الأسبوع مع الزوجة الثانية .
غادرتُ مدينتها إلى مدينتي على أمل أن نلتقي مرة ً كلَّ عام . إستأنفنا تبادل الرسائل كما كنا نفعل قبل زواجها . كتبت لي في إحداها أنَّ زوجها بعد زيارتي لهم وخاصةً بعد أن إلتقينا جميعاً على مائدة طعام غداء يوم الخميس الصيفي الحار صار يتودد إليها ملاطفاً مجاملاً وصار يقضي معظم أيام الأسبوع معها . ثم ( وهذا هو الأكثر أهمية ً ) شرع يمارس الجنس معها مرتين ــ ثلاث مرات ٍ في الليلة الواحدة . الأمر الذي لم تألفه قبلاً ولم تجد له تفسيراً معقولاً . في رسالة لاحقة أخبرتني بخطها الجميل المتقن  ولغتها العربية السليمة [ وكانت تكتب رسائلها بالحبر الأخضر ] بأنها ... حامل !! أجلْ ، حامل وأنْ لا سبيلَ إلى الطلاق من زوجها وقد أصبحت حاملاً . إقترحتْ أن تستمر علاقتنا دافئةً كما كانت ولكن على مستوىً آخر ... مستوى ً أوطأ : كأخوين ، هي أخت لي وأنا لها أخٌ كما كنا أيامَ الطفولة !!
كتبتُ لها رسالة جدَّ مختصرة لكنها عنيفة شديدة اللهجة طلبتُ منها فيها أن تتوقف عن مراسلتي . لم تكتب لي بعد رسالتي هذه حسب طلبي .
حاولتُ أن أنساها وأن أنسى كل ذكرياتي المختلطة معها . مزقتُ رسائلها وصورها الجميلة المأخودة في أرقى محلات التصوير .  تخلصتُ من ورق رسائلها الباذخ ومن حبر خطها الجميل الأخضر لكني لم أستطعْ التخلص منها . كيف أتخلصُ من إمرأةٍ تسكن صدري وفكري  ووجداني وتقيم في أحشائي ؟ كيف أتخلصُ من ذكريات ثلاثة أعوامٍ كاملة ٍ ليست مكتوبة على ورق كي أحرقه وأتخلص منه ومنها ،  كيف ؟؟
مع ذلك كنت أحاول نسيانها . أحاول فأنجح يوماً وأخفق أياماً . تذكرتُ ما قال الشاعر الماجن أبو نؤاس :
دعْ عنكَ لومي فإنَّ اللومَ إغراء ُ
وداوني بالتي كانت هيَ الداءُ
هي ــ حواء ــ هي الداءُ ...
تحت ظل وضغط هذه الظروف الشديدة الوطأة المركبة عليَّ بحثتُ فوجدتُ الدواء ميسوراً وتحت طوعي . زميلة في الكلية هي الأخرى تبحث عن دواء : زواج بالحب كشرط له . لا زواجَ بدون حب ، قالت ، فأضفتُ : ولا حبٌ بدون زواج ! قالت أحسنتَ ، يبدو أنك إبن أوادم . دامت علاقتي مع هذه الزميلة قرابة سبعة شهور لا أكثر . كنا نلتقي كما يلتقي باقي الزملاء في نادي الكلية أو نتمشى في حدائقها كبقية الطلبة ... لا حبٌ ولا وعودٌ  بزواج .
في عصرية يوم مطير من أيام شهر آذار ، وبينما كنتُ جالساً مع زميلتي في نادي الكلية وصلتني رسالة من أحد أشقائي ، فضضتها على عجل فلم أصدق عيني . كتب لي شقيقي سطراً واحداً يقول : { نعت إلينا أنباءُ ... خبر وفاة المرحومة المأسوف على شبابها سهام بعد مرض عضّال ٍ لم يمهلها طويلاً . توقيع  : أخوك فلان }.
لم أخبر الزميلة التي تجلس بجواري بمضمون الرسالة ــ الصاعقة . إعتذرتُ منها أني ولأمر طارئ وعاجل مُضطرٌ أنْ أغادرَ النادي . بهتت صاحبتي  ولم تصدق إدعائي فقد كنتُ شديد الإضطراب . قالت خبرني رجاءً ماذا حدث ، هل حصل لأهلك مكروه أو وفاة ؟ قلتُ كلا ، لا شئ ... لم يمتْ أحدٌ !!
همتُ على وجهي في الشوارع تحت المطر والرسالة في يدي لا أستطيعُ قراءتها ثانيةً ولا أجرؤ على إخفائها في واحد من جيوبي . فقدتُ صوابي . لا أدري كم شارعاً قطعتُ تحت المطر ولم أحسب للزمن حساباً . لم أشعر بعطش أو جوع  أو تعب . ماتت الأحاسيس فيَّ جميعاً . تفكيري مشلول تماماً . لم أنمْ ليلتها ولم أخبر صديقي( حسن )  بما حدث . الحدث أكبر وأجل من أن يمرر خبره لصديق .
عند الأهل وجدتُ برقيةً بتوقيع صديقتها ( ح. الشيخلي ) تقول :
(( بمزيد الأسى والأسف ننعى لكم خبرَ وفاة المأسوف على شبابها سهام على إثر مرضٍ عضّال لم يمهلها طويلاً . توقيع : ح. الشيخلي )) .
هل أطلبُ من والدتها أن ترسلَ لي رسائلي وصوري التي كانت بحوزة المرحومة ؟ كيف خبأتها عن زوجها وهي كثيرة ؟ ربما يعثر عليها خلال عمليات الغربلة والتصفية المتوقعة بعد الوفاة .
كلا ، سأطلبها منها حين أزورها في العطلة الصيفية الكبيرة . سأزور قبر سهام وأقرأ الفاتحة عليه لها وأذرف الدمع الغزير وفاءً لهذه الشابة النادرة المثال الجليلة القدر والمقام .
 ما كانت (  سهام )  إلا ملاكاً يمشي على الأرض .
إنتحرتْ سهام . تناولتْ سائلاً ثقيلاً ساماً قتّالاً فقضتْ ومات جنينها معها في أحشائها . هكذا قالت الأنباء الخاصة التي تسرّبتْ إلينا فيما بعد !!

ورحل الباحث والمفكر الفلسطيني الدكتور الياس شوفاني/ شاكر فريد حسن

فقدت الحياة الفكرية والسياسية والنضالية الفلسطينية ،هذا الاسبوع، الباحث والمؤرخ والمفكر والاكاديمي والمناضل السياسي الدكتور الياس شكري شوفاني ، ابن قرية معليا الجليلية ، الذي غيبه الموت اثر نوبة قلبية حادة داهمته في منزله الكائن في العاصمة السورية دمشق.
يعد الياس شوفاني احد ابرز الاكاديميين والمثقفين الفلسطينيين ، الذين التحقوا بحركة المقاومة والثورة الفلسطينية والعمل الوطني والسياسي الفلسطيني في اطار حركة "فتح" ، ومن المؤسسين الرواد للدراسة الاكاديمية والعلمية التاريخية الجادة والمعمقة للحركة الصهيونية ، واحد اهم الباحثين الفلسطينيين المتخصصين في الشؤون والقضايا الاسرائلية ، وله في هذا  المضمار مساهمات مهمة عديدة.
قضى الياس شوفاني حياته فقيراً وشريفاً نظيف اليد ، وعرف بالاستقامة والمبدئية ، ولم يساوم يوماً على قناعاته الفكرية والايديولوجية والسياسية . كان من قادة التيار الديمقرلطي في حركة "فتح" ، وقاد في العام 1983، بعد الخروج من بيروت، انتفاضة على قيادة الحركة عندما تيقن انها انحرفت عن دربها ومسارها الصحيح ، بعد ان كان يراهن على تأسيس وتجذير تيار يساري وديمقراطي وتعددي فيها ، وانتهى الامر الى الانشقاق عن الحركة وترك العمل السياسي واللجوء الى الصمت والزهد والتفرغ للكتابة والتأليف والبحث التاريخي.
الياس شوفاني من مواليد معليا الرابضة على قمة من قمم الجليل الاعلى، في العام 1932، تعلم الثانوية في عكا ثم اكمل دراسته الجامعية في القدس ، بعد ذلك سافر الى امريكا في العام 1962والتحق بالجامعة ونال شهادة الدكتوراة في التاريخ سنة 1968، وكان موضوع اطروحته "حروب الردة"، ثم عمل استاذاً مساعداً في جامعة ماريلاند وانضم الى صفوف حركة "فتح" خلال وجوده هناك ، واشغل مسؤلاً اعلامياً. بعدها ترك امريكا وتوجه الى بيروت بعد حرب تشرين سنة 1973 وعمل مسؤولاً في مركز الدرسات الفلسطينية ، متخصصاً في الشأن الاسرائيلي والحركة الصهيونية .
وضع الياس شوفاني في حياته عشرات الكتب والمؤلفات والاعمال والاصدارات التاريخية والسياسية والفكرية ، اضافة الى سيرته الذاتية "مرثية الصفاء". ومن اهم مؤلفاته ومنجزاته: "حرب الردة، طريق بيغن الى القاهرة، اسرائيل ومشروع كارتر بيروت ، اسرائيل والتسوية ، الكيان الصهيوني – الثكنة تمرحل اهدافها ، المشروع الصهيوني وتهويد فلسطين ، الموجز في تاريخ فلسطين السياسي ، اسرائيل في خمسين عاماً ، دروب التيه ، الخلل في ادارة الصراع العربي الصهيوني ، امن اسرائيل الاستراتيجي ، الحروب الاسرائلية العربية " وغير ذلك .
تبدو اعمال الياس شوفاني خطوة حاسمة على طريق الكتابة العلمية  ، وتقرأ بحوثه من عناوين دراسته واعماله ، ويبقى تحليل مضامينها في النقد اليومي والتقويم الاكاديمي والفعل السياسي المقاوم.
الياس شوفاني كاتب ومناضل ومثقف عضوي وباحث رصين وعميق واكاديمي بارز جسد ثقافة المقاومة فكراً وممارسة ، كان له صولات وجولات في ميادين البحث ودراسة الفكر الايديولوجي الصهيوني وواقع الحركة الصهيونية وممارساتها العنصرية ونشاطاتها العدوانية ضد شعبنا الفلسطيني ، وترك لنا وللاجيال القادمة ارثاً غنياً ومنجزاً كبيراً جديرين بالفخر والاعتزاز والتقدير . وما افدح خسارة الفكر السياسي الفلسطيني والثقافة الوطنية والديمقراطية والحركة الوطنية الفلسطينية برحيله . وتحية الوداع الواجبة مقرونة باعجاب كبير بما انجزه وقدمه الياس شوفاني وهو يغادرنا في رحلته الابدية باحثاُ عن هوية ووطن ومستقبل واكتشافات تاريخية جديدة ، وطاب ثراه.

فاطمة الزهراء فلا تكتب عن رحلتها مع البنج

رائع جداً... بل ما أروع أن تنسلخ عن الوجود، وتتحلق في ملكوت السموات ولا تعي شيئاً سوى أنك طائر بجناحين، وقد تركت نفسك بين أيدٍ تعبث بأعضائك في محاولة قد تنجح وقد تفشل في الشفاء..كنت انتظر دوري في مركز أورام مستشفى جامعة المنصورة لاستئصال غدة استفحلت حتى غطت قصبتي الهوائية وهذا تم اكتشافه منذ أكثر من خمس سنوات، وقد اكتشفته ابنتي الدكتورة ريهام بالصدفة وكانت لازالت في كلية الطب, لكني لم اهتم كثيرا بالموضوع وكان ساعتها مسلسل أم كلثوم يعاد عرضه وعرفت منها أنها كانت تعاني من تضخم الغدة وتخشى أن تستأصلها فتؤثر على أحبالها الصوتية، وانتقلت لي حمى عدوى وهوس أن يتأثر صوتي وهو مصدراً لأكل عيشي وعملي كشاعرة ومحاضرة ومديرة للندوات, وحاولت أن أتناسى هذا الموضوع لأسباب كثيرة أولها زواج رويدا ثم ريهام وحملهما ومتابعة رنا في سنواتها الدراسية الأخيرة ورئاسة اتحاد كُتاب مصر بالدقهلية، ولم الحظ في خضم المشاكل أن الغدة تضخمت وبانت وتدلت وأصبحت تنام على القصبة الهوائية وتسبب الأزمة تلو الأزمة، وقد لاحظ ذلك الإعلامي الكبير خالد لبيب أثناء تسجيلاته الإذاعية بأن هناك حشرجة قوية تظهر في التسجيلات ...وكان لابد من توديعها حتى لو ودعت معها صوتي ها...ما باليد الحيلة، ثم الاتصالات بين الدكتور محمد شاكر زوج ابنتي وأخيه  الأستاذ الدكتور أشرف شاكر- مدرس الأورام لتحديد موعد مع الدكتور عادل دنيور – مدير مركز الاورام، وتمت الترتيبات وتم عمل الأشعة لأرى كم كان حجمها المفزع حول قصبتي الهوائية ومرت أيام الانتظار ولم تكن طويلة، وها هم  يستدعوني  لأرتدي زي العملية ولونه أخضر فاقع.. وساقوني على سرير تروللي – دخلت غرفة الغيبوبة، أقصد العمليات وقد حقنت من طبيب التخدير الذي سألته عن اسمه فذكره، لكني نسيته في الحقيقة وكان شاباً دمث الخلق، وما أن انطلق البنج في أنفي ليدق أبواب الضجيج بداخلي لتهدأ أو تنام بالأمر، لم أشعر بشيء وكأني في رحلة في السماء بين النجوم أقول الشعر وكأني أسمع نفسي وبالفعل كتبت قصيدة طبعا لم أذكرها فهبطت مرة أخرى من الوقت مرة.. حتى سمعت عامل المستشفى يلقيني على سرير بين مهرجان من الأشعار والحب وبعض المحبين الذين كانوا يتابعوني من خلال التليفون خالد لبيب ومحمد خليل وفؤاد حجازي ومصباح المهدي وفرج مجاهد ونجوى محجوب وبدرية السعيد وهالة حسنين و د.محمد عبدالمتعال وأسامة حمدي وسهام بلح و عبده الريس وميمي قدري، وسمية عودة رغم وفاة والدها، والصديق الوفي محمد عبد الحافظ ناصف
 كل هؤلاء كنت أراهم وكأني في ندوة يشاركني الشعراء والأدباء ولأول مرة أرى العدد كبيرا ورائعاً وكنت أرتدي زيّا من التل الأخضر البراق وهذا الزي طبعا ما هو إلا الجلابية الخضراء المتواضعة التي ارتديتها أثناء العملية، خرجت من حجرة العمليات وأنا في حالة من الإحساس الداخلي – غناء وشعر وحكايات – وقد كنت قد انتهيت لتوي من كتاب جديد عنوانه "أصوات نسائية دلتاوية". فبدت لي في الحلم كل مبدعة في ثوب أبيض جميل وقد تقدميتهم المبدعة حنان فتحي التي لم تتركني لحظة واحدة ثم بدأ العزف والغناء  وزفة كبيرة أراها تقترب مني رويدا.. رويدا ثم أذهب للغيبوبة من جديد.
    استيقظت من نومي وأنا أحاول أن أغني  أنا هنا..هنا..يا ابن الحلال لأشعر أن صوتي لازال رقيقاً ومعبراً ولم تؤثر فيه مسألة الذبح من مقدمة الرقبة حتى القفا وكلما تحسسته شعرت بهم مكتوم لكن أنا دعوت الله في سري أن أرحل عن الدنيا إذا شعرت أن في الحياة شريد أهمني، شكر من القلب لكل من وقف بجانبي أثناء العملية والذين أثبتوا لي إخلاصهم وأن تواجدي بينهم لشرف كبير.

مرعى الغزال/ شوقي مسلماني

1 ـ (مقتطفات) 
قيل: "هذا ربيع للحريّة أم رجعة إلى جاهليّة"؟.
قيل: "وصمة عار على جبين المعارضة السوريّة استمرار اختطاف لبنانيين على قاعدة جبانة، ووصمة عار أشنع على جبين "لورانس التركي" أردوغان".
وقيل: "لا نتائج تعارض مقدّمات، هي جميعا في تناسب مع بعضها البعض".
**
2 ـ (ميزان) 
يبدو، ومن ردّة الفعل "الكلاميّة" القاسية التي بدرت من الساسة في أميركا وأوروبّا وتركيا، بعد خطاب بشّار الأسد الأخير، أنّهم أصيبوا بإحراج ما فزعقوا لكي يكون الإنتباه إليهم وليس عنهم. لكن ما هي النقطة التي أضاءها الأسد في خطابه وكان يجب أن تبقى مظلمة كي يستحقّ هذه التصريحات التصعيدية؟.
**
3 ـ (لا تعليق) 
ـ أو: نصيحة حازم صاغية إلى المعارضة السوريّة ـ 
أدعوكم إلى: " ... طمأنة العالم الديموقراطيّ إلى أنّ سوريّة الجديدة ستكون جزءاً منه". والخروج من "سياسة (حافظ) الأسد في اللاحرب واللاسلم" التي "منعت عن منطقة المشرق، لسنوات ترقى إلى 1974، كلّ استقرار سياسيّ ..."!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.
**
4 ـ (من مذكّرات ويكيليكس) 
"أو: لكي لا ننسى" 
يقول "مومس" مخاطباً جيفري فيلتمان بدهاء: وها نحن كما ترى مثل المومس في أحضان من يدفع أكثر.
**
5 ـ (عصام عيّاد) 
"كانت قراءاتي سابقاً في غاية المتعة، كنت متحدّياً، يعني مناضلاً في معجم العقود الفائتة، كانت القضايا مقدّسة، كانت الأحلام صوفيّة وكان لا بدّ من المتابعة بكلّ الجوارح كتابةً وقراءةً إلى أن كان الحصاد خيبات وخيبات. تعبت الجوارح وتراكمت الجراح، وكانت العزلة الطوعيّة أو الاعتزال. أمارس الآن القراءة كما الكتابة للتسلية، وغايتي تلطيف قسوة ما وصلتُ إليه من قَناعات قد تكون أيضاً قِناعات. وما زلتُ أقيم بين الكلمات، وتقيم فيّ الكلمات".
**
6 ـ (سمعتُها) 
"هونيك ليله طلعت صرخه، ركض يشوف شو في؟ قالوله: المي بالبنايه مسمّمي. وحضرة الأخ عايش بالبنايه، بس ما بيعتبر حاله من البناية، رجع وفات عا أوضة النوم بدّو ينام، سألتو مرتو: على شو طلعت الصرخة؟ قال: ما تشغلي بالك، ما في شي، اشربي مي ونامي!. 
**
7 ـ (اسكندر حبش)  
"الفنّان، لحظة التجربة والإبداع، يقطع دوماً حبال مركبه ليضيع في البحر وأمواجه، أي برأيه ليس هناك من معلّمين أو من تلامذة بالمعنى الحرفي للكلمة."
**
8 ـ (حياة) 
"أو: والوقت قاسي"
إمّا قلبي مات، وإمّا أنا لا أصدّق، وما يجري هو منامات سيّئة فقط.
**
9 ـ (مزرعة) 
"أو: كالأنعام وأضلّ سبيلا" 
لا تنس أن تبجّله تبجيلاً عندما تكون في حضرة عقول الدجاج.
**
10 ـ (مسافة فاصلة)   
"أو: مرعى غزال" 
يقترح نزار مرتضى تنظيماً لهذه العجقة في عشوائيّات عمائم أن تتعطّف الدولة وتطبّق على هذه العمائم بالذات عين القانون المفروض على الصيدليّات ومحطّات الوقود: أن تكون المسافة بين الواحدة والثانية نصف كلم على الأقل.
**
11 ـ (متحف)
"أو: الوقت متغيّراً" 
وملايين السنين اكتست عظاماً أو حجارة!.
**

12 ـ (خواء)  
"أو: هزيمة" 
كثيراً لا باب ولا نافذة.
Shawki1@optusnet.com.au

أنّى يُبَلِّلُني غُبارُ التَّثاؤُبِ جَذِلًا؟ آمال عوّاد رضوان

أَعْشاشُ البَريدِ التَتَخَضَّرُ بِطَلِّ ظِلِّكِ اللَّيْلِيِّ
بِسَرابِهِ ..
مَسَّدَ عَتْمُ الغِيابِ أَسْرابَها
هامَتْ فراخُ الفَراغِ
في فَيافي عُزْلَةِ الوَقْتِ
عُصْفورٌ أَنا
تَتَهَدَّلُ
روحُهُ تَصَحُّرا
أَتَيَمَّمُ بِالوِحْدَةِ..
تُشَقْشِقُني جُفونُ الأحْلامِ
تَنْتَفِضُ أقْفاصي
حينَما تَهُزُّها يَدُ فَجْرٍ يَتَفَجَّرُ
أنّى يُبَلِّلُني غُبارُ التَّثاؤُبِ جَذِلا؟
*
في دَهاليزِ المَرافِئِ الهارِبَةِ مِنْ مَناراتِكِ
تَتَوارى هِضابُ اللُّغاتِ
تُغَشِّي سِراجَ القَلْبِ
بِدُخانِ مَواعيدَ بَكْماءَ.. عَمْياء
وَيَشُقُّ الرَّحيلُ ثَوْبَ مِشْوارِهِ اليَزْأَرُ
*
في دُروبِ الحِكايَةِ تَتيهُ بوصَلَةُ القَلَمِ
في غُرْبَةِ الجِهاتِ
أيَشيبُ مِدادِيَ اليَتَوالَدُ آمَالا؟
*
بِفَضاءِ فَوْضاكِ أُقَدِّدُ أرْغِفَةَ الوَقْتِ المُكَهْرَبِ
عَلى
مَوائِدِ اللَّحَظاتِ
تُلَمْلِمُ فَيْضَ أحْزاني
يَتَرَنَّمُ غَمامِيَ اليَتَجَمَّلُ بِلَواعِجِ الأَحْلامِ
أيَتَناغَمُ الجَسَدُ وَالرُّوحُ في رَقْصَةِ ارْتِقاء؟
*
عَلى
حَوافِّ عَرْشِ اللِّقاءِ
تَتَهافَتُ زَرافاتُ الذِّكْرَياتِ
تَحْجِلُ مَمْهورَةً بِدَلالِها المَمْشوقِ
وَفي مِحْرَقَةِ اللَّهْوِ
يَغْفو سراجُ آمالي في حِضْنِ مَواقِدي
أَوَهْمًا تَمُرُّ ريحُكِ بِلا أَثَرٍ؟!
*
توقِظين مِحْطَباتي
فأَتْركُ لِبَحْرِكِ الصَّامِتِ انْطِفائي
عَلى
حينِ مَدٍّ 
يَغْدو يَمُّ الهَواجِسِ
مَرْتَعَ أمْواجِ رِحْلَةٍ تَتَضارَبُ
تَتَعانَقُ..
تَتَلَعْثَمُ التَّعابيرُ
يَنْدَهُ الشَّوْقُ مُتَشَظِّيًا:
تَعالَيْ
*
أُخْفي مَرايا الرُّوحِ خَلْفَ كُوَّةِ الانْتِظارِ
وَفِي حَشا السُّؤالِ ألْفُ بُرْكانٍ
كَيْفَ تَقْوى الكَفُّ عَلى المُغالَطَةِ
حينَ يَفيضُ ثَغْرُ الشَّمْسِ بِبَسْمَةٍ وَضَّاءَةٍ؟
*
أَفْلاكُ الفُؤادِ تَمْلَؤُها أَقْمارُكِ
تُضيئُني قَصائِدَ بِعَصْفِ اللَّيالي
تَسْكُبُ
خَوابِيَ اللَّيالي المُعَتَّقَةِ
خُمورًا
في خُضْرَةِ كُؤوسٍ تَتَوَسَّدُ عَيْنَيْكِ
*
قُصاصاتُ ابْتِساماتِكِ تَتَطايَرُ عُطورًا
تُزَقْزِقُ هساسَها .. تُهَدْهِدُ أَسِرَّةً
تَتَباهَجُ بِظِلالِ أَطْيافٍ تَحْتَشِدُ بِكِ
*
مِنْ أَعالي سُفوحِ القَلْبِ المَسْحورَةِ
تَنْداحُ
سَطْوَةُ النُّعاسِ العَذْبِ
تَتَجَلَّى عَرائِسُ عَيْنَيْكِ هَفْهافَةً
تَتَغَنَّجُ
تُوقِظُ عُمْرًا مِنْ لَيْلٍ كَسيحٍ
عَلى مَرْمى قُطْبِكِ الغافي
*
تَتَسَرَّبُ مِنْ قارورَةِ المُحالِ
أَسْرابُ فَراشِ
تَ
فْ
رُ
شُ
عَلى أَجْنِحَةِ الأسْرارِ بِساطًا
مِنْ وَميضِ بَراءَةٍ
يُلَوِّحُ باسِمًا بِكَوْنِ سُكوني
*
مُقَلُ الْحُروفِ تَتَرَقْرَقُ بِفَرَحٍ ساهِمٍ
يَسِحُّ
عَلى وَجْنَةِ البَوْحِ ذُهولاً
يَنْهَمِرُ العارِمُ بِكِ زاهِدًا
إلاَّ عَنْ وَجْهِكِ الآخَرَ
*
يَنْغَمِسُ خَمْرُ مَوْجي
في خِماراتِ خَفْقِكِ
يُشَكِّلُ اخْتِماراتِ الحَواسِّ
موسيقا..
دِفْءَ قَصيدَةٍ
عَصافيرَ بَوْحٍ
تَذوبُ ألْوانًا تَتَماهى بِأَقْدارِها
في خُفوتِ الألْسِنَةِ
*
جَمالُكِ؛ يَشُقُّ غِشاواتِ روحي بِطَلْعِهِ
صَداكِ؛ أزَلُ قَصائِدَ رَخيمَةٍ 
شَذاكِ؛ عَبَقُ أمْطارٍ تَتْلو صَلَواتٍ
تُحْيي بَصَرًا تَكَلَّسَ في عَيْنِيْ قَداسَتِكِ
*
خُطى وَرْدِكِ الضَّاحِكِ تَطَأُ بَساتينَ وَجْدي
تَضوعُ أَنْفاسي في باحاتِ أَريجِها
تَسْتَحِمُّ أَنْداءُ العُيونِ بِهَسيسِ النِّداءاتِ
تَنْدَلِعُ أمْطارُ اشْتِعالاتِها
تَتَنَهَّدُ شِعْرًا..
تَتَبَسَّمُ  عَفْوًا..
وَتَتَهَلَّلُ في أَرْواحِنا.. أَغْمارُ غِبْطَة!

من كتابي الثاني- سلامي لك مطرا


لا يمكننا امتلاك حرية الشاعر الجاهلي/ أسعد البصري

الكاتب مشروع شهيد حقيقي
لأن كل إنسان يفكر دائماً بنفسه ومصالحه إلا الكاتب
كلما فكّر أكثر نسي نفسه أكثر
الأمر الأكثر خطورة هو زمن الكتابة
لأن الكاتب يعيش عالما وهميا في زمن وهمي
هو زمن الكتابة
هذا الزمن يمتص الحياة الشخصية ويقضي عليها تماماً
طبعا نتحدث عن الكاتب بنسخته الأصلية وليس هؤلاء المرتزقة
مأزق الكتابة شعر به سعدي يوسف و تمرد عليه
هذا تمرد مأساوي يفشل دائماً
عبر عن ذلك بانحيازه إلى الشعر الجاهلي
قال هو شعر صادق يستحضر الأشياء نفسها
بينما في العصر العباسي ظهر المجاز والكذب في الشعر
هذا كلام يعكس مأساة سعدي يوسف كإنسان وجودي
لكي تكتب يجب أن تتوقف عن الحياة
فقط الشاعر الجاهلي يعيش و يبدع
في الوقت ذاته لا أعرف كيف كان ذلك ممكنا
غير أننا نسمع عن عزلة الرهبان والشعراء واختلاطهم بالجن في الوديان
مع هذا بشكل عام المعجزة في الشعر الجاهلي هي أن الشاعر يعيش و يبدع بلا توقف
نحن الآن نتذكر ونكتب
هذه مهمتنا في الحياة
يدعي سعدي يوسف مستحيلات كثيرة
واحدة منها انقضاضه الدائم على الحياة
وتفاؤله يحمل روح شاعر جاهلي أو يحاول ذلك
هذا مستحيل
أنظر إلى تجربتي و نفسي و أدعي بأنها تجربة أصيلة
فأرى أن الكتابة تميتني
تكسر استمراري بالزمن البشري
إننا نترهبن يا سعدي رغماً عنا لا نستطيع امتلاك حرية الشاعر الجاهلي
أنت شاعر تطلب المستحيل

زمن الصغار قادم/ عبداللطيف الحسيني


يا مَن تحاولُ فتحَ بابي بعدَ منتصف الليلة الليلاء حيث الظلمة والزمهريروالصمت المخيف , فأنا أدعوكَ لتدخلَ بيتي لتجدني أكتبُ أو أقرأ تحت ضوء شمعة راقصة  وتأخذ ما تشاء من منزلي , وبالمناسبة لو دعوتُكَ للدخول أودخلتَ أنت دون إذن منّي , فلن تجد في بيتي أيَّ شيءٍ تسرقه أوتأخذه غصباً عني ,ما أملكُه هوالبضاعةُ المنبوذة والكاسدة و(الفاسدة), تلك التي ابتعدَ عنها الجميع : كُتبٌ قديمة ماركسية وفلسفية وتراثية وعدّة أقلام برِيَشٍ سودٍ لأبيّض أو أسوّد بها سخافات وبشاعة الواقع المرّ والمريض , وأملكُ ثلاثة أولاد تأويهم غرفةٌ زمهريرية الأركان من جهات الأربع أوالست أوالمئة في هذا الشمال المعتوه والفقير والمظلم , أولادٌ تصطكّ أسنانُهم لا خوفاً , انتبهْ , بل برداً . يا مَنْ تطرقُ بابي بعنف لتثأر منّي , فأنا رجلٌ من حروف وكلمات وصرخات,انتبهْ : أنا رجلُ أفكار , ولستُ (المثقف) المكمّم والصائم والصامت, فهل تعلم بأنّ رجل الأفكار لا يُثأر منه ,بل يُناقَش ويُحاوَر ضمن اختصاصه أو إهتمامه ؟ . طَوَال عمري كنتُ أكتبُ عنكَ وأدافعُ عنك , بل كنتُ أتحدّثُ بلسانك لأنك – مثلي- مظلوم ومغبون ومقهور , أرجوك : ادخلْ بيتي وناقشني في أيّ موضوع تختارُه أنت وأنا سأناقشُك فيه , فلربما غلبتَني , فأنا رجلٌ تعوّدَ على الانهزام ورفع الراية البيضاء حين أجدُ الشراسة والغطرسة والجهل في السياسة والثقافة والفكر,والشارعُ امتلأ بالثالوث البغيض :الشراسة والغطرسة والجهل , لكن لو أردتَ الثأر مني , فأنا أدعوك أوّلاً لتقرأَ كتبي , وسهلٌ عليّ لأهديكَ كتابي الخامس من سلسلة إصداراتي , وبالمناسبة يا سيدي : دعني لأعيش سنة أخرى لأنجز كتابي السادس وسيكون بعنوان:( استراتيجية الإنسان الجديد)وهو بحثٌ مسحيّ – اجتماعي – نفسي أخذتُ إرهاصاته من نبض الشارع ( حيث أعيش , فأنا ابنُ الشارع , مدحاً - إنْ شئتَ - أو ذمّاً) – هذا الكتابُ غير المنجز يتحدّثُ عنك ويحملُ رائحتَك , فهو الكتابُ الذي يعرفُكَ أكثرَ منك , ألا هل استمعتَ ؟ اسمعْ إذن :"زمن الشعراء الصغار قادم. وداعاً ويتمان، دكنسون، فروست. مرحباً بك، يا مَنْ لن تتخطّى شهرتهُ محيطَ عائلته "

التحدي الثقافي العراقي/ اسعد البصري

التحدي الوحيد اليوم أمام المثقف العراقي هو أن يكون محترماً
كن شيوعيا و كن بعثيا و كن جعفرياً رافضياً وكن سنياً ناصبياً
كن ليبرالياً و كن عبثياً و كن متمرداً على نفسك هذا كله غير مهم
المهم أن تكتب وأنت تسمع النشيد الخالد للشعب
ليس مهما متى و كيف و أين تسمع ذلك النشيد الوطني الخفي الخالد
المهم أن تكون في هذا الزمن غير المحترم مثقفاً محترماً
لا تكتب مقابل النقود والطمع ولا حتى مقابل الحب
اكتب بلا مقابل
ما معنى أن يكون المثقف محترماً ؟؟
معناه أن تكتب بشجاعة قل لا يعجبني النبي ولا يعجبني عمر ولا يعجبني علي
لكن لا تكتبها كما يكتبها طائفي جبان يستعين بالسلطة والغوغاء
بل أرسلها رسالة شجاع مستنير متوحد يتحدى بنور عقله و روحه
لقد كتب معروف الرصافي صراحة بأن شخصية عليّ بن أبي طالب لا تعجبه
وعلى النقيض من مرافعة طه حسين التاريخية
في ( الفتنة الكبرى ) و كتاب ( علي و بنوه ) حيث كان
عميد الأدب العربي منتصرا لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب
كان معروف الرصافي يكتب صراحة بأن عليّ قائد فاشل
بل قال إنه بنصف الجنود العرب الذين ذبحوا في عهد عليّ بن أبي طالب
والتي كانت كلها حروبا داخلية و فتنا أهلكت صناديد العرب المسلمين
فتح الوليد بن عبد الملك الهند والأندلس و كان يوزع الذهب والصدقات
على بيت المقدس
لم يخف ولم يجامل بل وضع ذلك في كتابه (( رسالة العراق )) بلا تردد
ثم كتب في كتابه (( الرسالة المحمدية )) كوارث في السيرة النبوية بلا تردد
مع كل هذا و رغم مشاغباته الكبيرة لم يرفضه الشعب
لأنه لم يكتب حرفا مقابل نقود أو منصب بل مات معوزا فقيرا
الرصافي لا زوجة ولا أبناء ولا مال لكنه كان مثقفاً محترماً
حين مات قرأ الجواهري الخالد أمام الزعيم عبد الكريم قاسم
(( لغز الحياة و حيرة الألبابِ
أن يستحيل الفكر محض ترابِ
أنا أكره الموت اللئيم و طيفه
كرهي طيوف مخاتل نصابِ
ذئب ترصدني و بين نيوبه
دم إخوتي و أقاربي و صحابي ))
فلم يتمالك الزعيم نفسه في حفل التأبين ذاك
فوقف حين سمع هذه الأبيات في الرصافي
و وقف معه الوزراء والضباط والمثقفون
ثم وقف الشعب كله للرصافي إلى يومنا هذا لأنه كان محترماً و شجاعا
قل ما تشاء والشعب سيعرف ما إذا كنت رخيصا أم محترماً

جامعة طلال أبوغزاله وجامعة ماركوني الإيطالية توقعان اتفاقية تعاون

مجلة الغربة / القاهرة / كتب / عبدالواحد محمد

وقعت كل من جامعة طلال أبوغزاله تحت شعار "دمقرطة التعليم رفيع المستوى"، وجامعة غولييلمو ماركوني الإيطالية، وهي جامعة رفيعة المستوى ذات علاقات دولية هامة، اتفاقية تعاون لتزويد الطلبة ببرامج إلكترونية متنوعة.
 
وبموجب الإتفاقية، ستعمل جامعة طلال أبوغزاله كممثل مستقل لترويج وتقديم مجموعة مختارة من البرامج الإلكترونية المتوفرة في جامعة ماركوني الكترونياً، بالإضافة إلى تزويد الطلبة بمكتبة إلكترونية شاملة ومصادر التعلم الإلكتروني.
 
وحول توقيع الإتفاقية قال معالي الدكتور نبيل الشريف، رئيس الجامعة "نثمن التعاون مع إحدى الجامعات الرائدة في إيطاليا، جامعة غولييلمو ماركوني، اذ انها تتيح لطلبتنا الفرصة للتعرف على الثقافة الإيطالية، وتتبع هذه الاتفاقية خطى نجاح الشراكات الأخرى مع المؤسسات التعليمية رفيعة المستوى مثل جامعة ثندربيرد ومؤسسة "Genasthim" وبيرسون VUE"" وأخرى غيرها".
 
من جهة أخرى أشادت رئيسة جامعة ماركوني الدكتورة أليساندرا سبريمولا بريغانتي بالتعاون قائلة:" إننا في غاية السرور للإعلان عن هذا التعاون الاستراتيجي مع جامعة طلال أبوغزاله، فمن خلال هذه الاتفاقية ستتمكن جامعة ماركوني من تعزيز وجودها في منطقة تتميز بالابتكار واستخدام التكنولوجيا في التعليم. ونحن على ثقة أن هذه الشراكة سوف تسهم في تعزيز ودعم تبادل المعرفة والخبرات بين مؤسستينا مما يمنح الطلبة فرصة جوهرية للاستفادة من هذا التعاون".
 
جامعة طلال أبوغزاله
تسعى جامعة طلال أبوغزاله إلى دمقرطة التعليم رفيع المستوى من خلال عقد الشراكات مع مختلف المؤسسات التعليمية في جميع أنحاء العالم من أجل إتاحة البرامج وجعلها ميسورة التكلفة بالإضافة إلى تشجيع تواصل الطلبة والوعي العالمي. وتوفر جامعة طلال أبوغزاله تعليماً شاملاً لجميع الأفراد من مختلف مناحي الحياة وتشجع أيضا على التطور الذاتي وتوظيف المواطنة العالمية.
 
من ضمن الشراكات التي أبرمت، كلية ثندربيرد للإدارة الدولية، وكلية كانيشيوس، والمعهد البريطاني، والمجموعة الدولية للتدريب والتنمية الأسترالية، ومؤسسة Genashtim للتعلم الإبتكاري وبيرسون - ﺇﺩﻴﻜﺴل.
 
نبذة عن جامعة غولييلمو ماركوني   
هي جامعة رفيعة المستوى وذات علاقات دولية هامة، تقوم بترويج استخدام منهجيات التعلم الابتكاري وتجمع بين الحلول التقنية المتقدمة والنشاطات التقليدية (كالمحاضرات وورشات العمل والندوات). وتسعى هذه الجامعة إلى تخطي النموذج التقليدي للمعرفة الأكاديمية من خلال وضعها لأهداف طموحة ترتبط بالبحث والابتكار. وفي الوقت الحاضر، هنالك ما يفوق 14.000 طالب ملتحقين بالبرامج الجامعية وبرامج الدراسات العليا في الجامعة، بالإضافة إلى 300 عضو في هيئة التدريس وفريق إرشاد أكاديمي يتألف من أكثر من 200 خبير. 
عبدالواحد محمد
كاتب وصحفي مصري

نساء لكن حكيمات/ عبدالقادر رالة

كنت في الحافلة أثرثر لوحدي والناس صامتون ينصتون فاعتقدت أن كلامي صحيح وأني على صواب وأنهم يشاطرونني الرأي إلا امرأة شذت عن ذلك لأن الموضوع كان عن المرأة....
قالت :ـ هذه المرأة التي تسخر منها وتصفها بأقبح الأوصاف أليست الأم التي أنجبتك؟ وتحملت أشد الألم لأجلك؟
المرأة...أليست الأخت التي لا تختار لك إلا أجود الأفرشة إذا زرتها أو استضافتك؟ بينما أخوك ينغص عليك حياتك وينازعك ويخاصمك من أجل ميراث تافه تركه الوالد!
المرأة هي الجدة التي كنت تجلس في حجرها تستمتع بالحكايات الجميلة والأغاني المسلية ! بينما الجد ينهرك ويطردك قائلا أنك لا زلت صغيرا على أن تجالس الكبار!
ولا أذكر الزوجة فان تحدثت عنها فإن الحديث لن ينتهي....
قلت مقاطعا: ـ أنتن مذكورات في القرأن الكريم...إن كيدكن لعظيم !....
وشرعت تلك المرأة تقهقه ثم قالت : لم أرَ في حياتي رجلا غبيا مثلك...
وغضبت لكني ابتلعت غضبي بينما واصلت هي....
ـ بل كل الرجال جعلوا هذه المقولة معيارا للحكم علينا...ألا تدري أن هذه المقولة جاهلية؟...
ونظر اليها الركاب مستهجنين ، فأدركت أني أقمت عليها الحجة ....
ـ لا تفهموني خطأ...المقولة وردت فعلا في القرأن الكريم...لكن من قالها؟ أليس قطفير وزير الملك المصري في ذاك الزمن الغابر؟ وقطفير كان كافرا ،وعاش في مجتمع جاهلي، ولما قال هذه العبارة لم يكن يوسف عليه السلام قد نشر دعوة التوحيد في مصر.....إذا هي مقولة لا تمثل لا القيم الاسلامية ولا القيم العربية.... حتى كيد زليخة العاشقة كان شيئا يسيرا بالنسبة لكيد الأخوة الحاسدين...وكانوا رجالا وليسوا نساء... وزليخة تابت قبل أن يتوبوا هم...
لم أجد ما أقوله ....
ـ لا تحاولوا القاء اللوم على المرأة وإنما اللوم كله عليكم لأنكم أنتم الذين تحكمون وتصنعون التاريخ وتسنون القوانين وتختارون الزوجات وتلعبون بقلوب النساء العاطفيات....
قلت لها معترفا: ـ نعم كلنا يشترك في المأساة، ونحن نتحمل الوزر الأكبر لأننا دائما نتباهى بالقوة والعقل والذكاء ونحن غير ذلك.. وصفق جميع الركاب....