نور التيمم بين الرقة والقرار ـ نقد تقريبي في تألق الشاعرة هبه عبد الوهاب/ سمرالجبوري



عجبا شواطيء المنصورة.....تبقين بتلك الصورة.....نور وموجك يتلاطم َبوحي .....باحلامك المغرورة .....عجبا نشيدُ صاح .....يبكي بضلّ الروح .....تتهادى وسطو الشعر.....حبيبكم المجروح....
وهناااا يابحر حين نصير نلملم امتعة السحربالخبز وباقي الع مر.....هنا على تلك الضفاف السمر يتأتى رحيق لاتمله الفصول....
سيقولون انني أنتصر للمرأة لكنهم لايقدرون البوح ولايصبرون ....لا أخفي أحبتي انني ومنذ ليس بالقليل وأنا اتدارس ما يتاح لي من وجد الشعراء والكتاب حتى صرت وكاني احفظهم على ظهر قلب من جديتي واخلاصي لكلمتي ورأيي الجادين في اختيار التميز من نجود الادب العربي ...اللذي المس فيه مستقبليةَََ تليق باجيالنا اولا وبالقراء من بعدنا ....وهنا وحين أقرا لكم لشاعرتنا الاجمل احساسا بالاجمل اباءا وصفوا للقلوب وبكل ماينتاب اسمها من وله وهدوء يسري بهيام المتلق أي أسراء وهي الشاعرة المصرية (هبه عبد الوهاب)واقول: ان مختزل التصورات الروتينية في قراءة الشعراء على ماكانت عليه قبل سنين باتت تغفل الانشاءات الروحية والتربوية لمقام تنسيب هذا الشاعر أو ذاك فتصير ان تكتب له سيرة تبدو وكانها رصف من الطابوق ليس الا ان تعود الناس على تتمة مليء اوراق المعرف الاتي كما التالي .....وعليه وحين قراتموني فيما سبق فانا بكلي صرت احب خذلان ذاك الروتين المهتريء بل ارتأيت النية والعمل على سبر غورقاعدة اساس موهبة الشاعر ومحاولة المرور اليه من خلال روحيته ووحيه في اتيان حرفه من حرفه وشموع قصيده وليس مما سبق ان ذكرناه ....وهنا وحين أقرا لكم لشاعرتنا:لفت انتباهي بانها شمولية الادب ومعناه انها تجمع القوافي بالفصحة والعاميه الوطنيه لبلدها ....ومن خلال تاملي لكثير من قوالب القصيدة والخواطر القديمة والحديثة للشاعرة ...وجدت ان الشعر فيها هو: (هوادة وطن مخلق بتربة الدم والاصل والاخلاص للذات الشاعرة نفسها) مماحذا انتاجها ليكون مترعا بفواصل الاصالة والرقي في ان واحد .....ومن هذا وذاك ووطن ثان تسكنه ويسكنها فيلزمان القوافي الا ان تكون كالتي نقراها من جود وجمال وحتمية وصول للهدف الذي طالته الشاعرة في شتى المواضيع فمن جذر نبع الموهبة الخالص ومحبة الموضوع والاجتهاد به الى حضن مدرسة ثنائية تتميز في مزج فصول التدارس والابداع المتكونة من زوجها (الشاعر محمود اسماعيل)وخلا ل كل ماذكرنا أسالكم احبتي :فكيف يغفل شاعرتنا النجاح أو الشمول بكل الرائع من الوجد والتقدم في مجال ماتطرحه فتمتعنا باجمل ماقديكون جمالا وأثرا على مر السنين؟وكيف وهي من قالت تتلو رقة حضور المرأة العربية بكل حنين الحرف في الاهل حين اترفتنا بقصيدها بالعامية والذي ارى تميز ذاك الجزء من روحها بانه الاروع لنا حيث تقول:
ايـّه قـولك
..........
ويا ممــدّد ف ضلايتـــى ..
ومتهدهــد على حروفــى..
ومدّارى فى احلامــي
وانا زايد عليك خوفـــى
بامـد ايديــه بارسمـلك..
معانـى الشوق على كفوفــى
وباهديلك غُنـا ف قلبـــى ..
وبسقيـك من كاســات حبــى..
وأغنيلك علـى الارغــول ..
بحبـــك..بس مش طايلــه
فى حبــك ليــه ..بحبــك لـو هتسمعــها .
.هقــولك قــول ..!!!
ندهتـلك ..على الأيــام ..
عشــان ترضــى تسيبنــا نعيـش
جمعتــلها نجــوم الليــل..
ف عقــد جميـــل..وقولتلــها ..ده غيــره ماليـــش
غزلتلهـــا على نـولك
وغنيتـــك كمـــا المــو او يـــل
عشــان القـــاك ..وبــرده مفيـــــش :أنا المشتاقه لاحضـــانك
أكــون أنغــــام ف بستـــانك
و نفــس البحــر مــن شعـــرك .
.أنـــا قلبــى رسمهــولك
عزفهــولك ..على الأوتـــار
بحبــك ..
حب دوّبتــه ف هـــوى الاشعـــار
هــدتهــولك بحبــــك ..طب ..
وايـــه قــولـك ..!!؟
كلمات / هبه عبد الوهاب
ياللجمال والرقة في نثر احساس شاعرة لاتبغي الى على الورد لتكون اعطر منه وحيا ولونا...حيث نستسلم بذات ما ارادتنا من عبث البحث عن كنه مدارات مكامن تلك القصيده والوله على الحصول على مايسعفنا للوصول لكيفية تلك المرأة وماهية مؤثرات الايحاء والمكان والعنوان علنا نصير على مرمى يتيح لنا ان نرسم صورة الشاعرة المتناثرة على تلك الضفاف في مدينة المنصورة التي لا أدري من أسعف من منهما أهل كانت المدينة أجمل اشراقا عليها أم كانت شاعرتنا الاجمل اشراقا على كل المدينه....وهناك وبعد موزلة فكرنا بالعامية والعيش في صور الحب المعتقة هناك ....تاتينا بالاجود والارقى بل بهمة قرار لاغبار به على كل الايام والافكار حين تتلونا قصيدها الاروع بالفصحة من فصيح القول والوزن والقصد الاروع.. حيت تقول :
لا أ’ختـَصـــــر
قســماً .. بقلبـِـك سيــد ى وأنت تــدرى جيــداً ..معنــى القســم
أنــّى أنـا كـُل البشــر وبأننىمـا كنــت يـومــاً ..أنتهىأو أ’ختصــر ..
قلبــى عبيــر’’تنتشـى منــّه الد’نــا كـل الحدائــق..
يا حبيبــى.. مــن رحيقــى..تزدهـــر
سحــر’ البيــانٍ فـى عيـونــى نـاطــق
و الجنـّيـــاتُ ..
مسسن ريقَ مباسمي
وكلهــن مــن بيـانــي ..قـد سَكـِــر
و ر ِمَــاح حـرفــي ..تستبــد عنـانكــم ..كى تستقــر
كـم مــن قلــوب..لـم تـذق طعــم الهــوى
الآن تــاهــت..
فــوق عرشي..مــن غرامـي تحتضـــر
قـد كـان قلبــي ..ذات يــوم مغــرمــاًيــرجــو ضيــاءك.
.سيدىوبنــور قلبــك مـدّ ثــر
وأنـا أ ُضمّـــدُ..كُــل جُـــرح..مـن جـروحـ
كانــت جــراحــك..فــى فــؤادى ..تستتــر
كــم مـن همــوم..
يومـهــا ذابـت هناكـم مــن دمــوع.
.فــوق كفــى ..مـن عيــونــك ..تنهمــر
وأنــا ألملـــم ..فــى شتـاتـك أبتغــى .
.يـومــا لقلبــى..المستقــر
هـدهــدتُ كــلَ الأمنيــات.
.علــى جنـاحــك ..مغرمى لكــى أضــئ َ..بمشعلــى وجـه القمـــر
وضممـــتُ حبــك..فـــى سطــورى أرتجـــى
..ودّ القوافــى كــى بوجــدك ..فــى حــروفــى ..أفتخـــر
وبــرغــم ذا ..قلبــى أنــا..حـــرّ قتــه ..
وتــركتـــه..فـــى نــار هجــرك ..يكتـــوي..بـل يستعــــر
غدر الهــوى ..جــرح’ الفؤادِ...ومقلتــى..بالــدمــع كادت .. تنفجـــر
وظننتـــى..يـومــا أجيئــك أبتهـــل.
.وفــى عيــونــك
نشــوةهـــى طعنـــة ..!!
فى البيـــن قلبـــى ..مــن هــواكــم ينتحـــر
إنــى أهُيبـــك ملهمـــى ..مـــن عودتــــى
..ايــاك يــوماً تــرتضي أو تنتظــر
الآن أقســم يا حبيبى أنـّكـم..
أيقنتَ حقــاًأننــى..مــا كنــت يــومــاً ..أنتهـــى...

أو أ ’ختصـر
*****
كلمـــات / هبــه عبــد الوهــاب وهنا ولا اقول اكثر مما قيل الا من أمر واحد وهو:يا اجود من قال بالرقة مرة وبحسن وثبات القرار.....واترك لاحبتي ماشاؤوا للحرف البهي يعشقون ....



عرض لكتاب "آفاق الفن السينمائي"/ محمد أحمد خضر

مساءكم سكر أصدقائى سنعرض اليوم لكتاب يوضح لنا كيفية عمل فيلم سينما ، و هو كتاب "آفاق الفن السينمائي" للأستاذ الدكتور ناجى فوزى ، هذا الكتاب يقدم لنا مراحل صناعة الفيلم من البداية و حتى عرض الفيلم و مكان العرض و شرح الأنواع المختلفة لدور العرض السينمائى وما الواجب توافره فيها و خصوصاً سينما السيارات التى تناسب نوع معين من شاشات العرض . فهناك كثيرين منا لا يعرف إن عملية إنتاج الفيلم السينمائى عملية شاقة جداً و مكلفة يشكل غير عادى و تحتاج إلى التعاون بين مجموعة عمل ضخمة كل فرد من أفراد تلك المجموعة له مسئولية محددة ،يكون ملزم بتفيذها بدقة و عملية إنتاج الفيلم السينمائى عملية مكلفة و هى تحتاج لتنظيم من نوع خاص.من المسئول عن هذا التنظيم و مرجعيته تكون لمن ؟
هذا ما سنحاول معاً الإجابة عنه معاً للوصول لمعرفة كيفية صناعة عمل فنى تجارى مربح هو الفيلم السينمائى ،وذلك من خلال عرضنا معاً لبعض الكتب التى عرضت ذلك الموضوع الشيق المثير .
و الآن سنذهب معاً لذلك العرض الممتع ،كيف نصنع فيلم و كتاب "آفاق الفن السينمائي" .
آفاق الفن السينمائي
أ. د. ناجي فوزي
أولاً: فنون أولويات البدء:
1) الإنتاج السينمائي:
هى عملية إقتصادية إدارية تتولى الإنفاق وتنظيم وتنسيق العمل بين العناصر الفنية للفيلم السينمائي فهو المسئول عن تجهيز أماكن التصوير الداخلي والخارجي وما يستلزم ذلك من بناء ديكورات التصوير الداخلي وتصاريح التصوير الخارجي فهو ليس مجرد تدبير المال للفيلم "المنتج الممول" فالمنتج السينمائي هو المسئول عن إدارة العمل في الفيلم السينمائي من الناحية الإقتصادية والفنية فهو الذي يختار الفنانين والفنيين ويتفاوض على توزيع الفيلم الداخلي والخارجي والفيديو والقنوات التليفزيونية ومراقبة جدول التنفيذ ويعد الميزانية وعليه أن لا يخرج عن نطاق الميزانية ويرتبط عمل مدير الإنتاج بشدة بمساعد المخرج في أعمال متعددة مثل مصاريف المجاميع (الكومبارس).

وميزانية الفيلم السينمائي تنقسم إلى ثلاث أقسام:
القسم الفني : الإجور للفنانين والفنيين المشتركين في الفيلم .
القسم الصناعي: مثل المواد الخام كالأفلام وتسجيل الصوت وإيجار الإستديوهات .
القسم الإداري: إجور ومرتبات الموظفين الإداريين ومساعديهم والدعاية والإعلانات والتأمينات على العاملين وكذلك التأمين على الفيلم ذاته ضد الحوادث أو الحرائق .
ويكون هناك مجموعة " مساعدي الإنتاج " الذين يعاونون المنتج ومدير الإنتاج وقد يكون المنتج فرد مثل "رمسيس نجيب ـ جمال الليثي....إلخ" وقد يكون شركة مثل "أفلام الشرق ـ يوسف شاهين وشركاه .... إلخ" والشركات قد تكون شركة حرة وقد تكون تابعة للقطاع الحكومي كالتي أنشئت خلال فترة القطاع العام السينمائي " شركة القاهرة العامة و الشركة العربية العامة ".
ـ وإذا بدأ المنتج السينمائي بإنتاج فيلمه بدون أن يكون على إستعداد كامل له من الناحية المادية والفنية فإنه يكون معرضاً لأن يتوقف عن إستكمال عمله كلية أو أن يستكمل الفيلم من خلال الإقتراض ليصبح العمل غالباً خاسراً.

2) الصياغة المكتوبة:
الصياغة المكتوبة للأفلام الروائية والتسجيلية وفكرة الفيلم يمكن تلخيصها في جملة واحدة مثل "الخيانة الزوجية تهدم السعادة الأسرية" والصياغة المكتوبة كنص سينمائي هى "السيناريو".
يبدأ الفيلم بفكرة أساسية تتقدم خطوة أخرى لتتحول الفكرة إلى "قصة الفيلم" وهى الصياغة المكتوبة في ما لا يقل عن عشر صفحات والأهم من حجمها هو البحث في مضمونها فالقصة السينمائية تشمل ملخص للحركة داخل الفيلم وعليها أن تمنح شعور لقارئها بطبيعة الفيلم " رومانسي ـ مغامرات .... إلخ ".
وتمنحه إحساساً مبدئياً بترشيح طاقم عمل وخصوصاً الممثلين كما تتيح للمنتج أو المخرج تحديد تكاليف الفيلم بشكل مبدئي ومدى إقبال الجماهير عليه. وهى التي تساعد على إتخاذ قرار الفيلم هل يتم إنتاجه الآن أم تأجيله أم يتم صرف النظر عنه تماماً .
وهناك مصادر أخرى للفيلم السينمائي غير القصة السينمائية مثل الأدب والأعمال المسرحية وكل المصادر يتم تحويلها إلى مادة سينمائية من خلال "الصياغة المكتوبة" وفي هذه المعالجة تظهر مسالة التتابع أي تركيز الأحداث وتطور الشخصيات من خلال عنصر الزمن وهو زمن أحداث الفيلم. وبرغم أن الفيلم قد يقدم تطور زمني من عصر إلى عصر إلا أنه لابد أن يكون في الفيلم في فترة زمنية محدودة لا تتعدى دقائق.
المعالجة السينمائية هى مرحلة متطورة من مراحل البناء الدرامي يقوم فيها المؤلف السينمائي بمهمة الإعداد الفني للقصة السينمائية أو العمل الأدبي أو المسرحية التي سيتم تحويلها إلى فيلم سينمائي وذلك إعتماداً على الصورة المرئية كوسيلة للتعبير من خلال خطة لتتابع المواقف والأحداث وتطور الشخصيات بما يتضمنه من عناصر فنية كالتشويق والإبهار وكسر الملل.
كذلك تتضمن المعالجة وصف تفصيلي لمكان معين يتم إستخدامه لوضع آلة التصوير ووصف لمكياج شخصية في جزء معين من الفيلم.
المرحلة الأخيرة هى " السيناريو " ويحدد في كل صفحة من صفحات السيناريو:
رقم المشهد ـ نهار / ليل ـ خارجي / داخلي.
وفي الجزء الأيمن من الصفحة وصف للحركة وفي الجزء الأيسر الحوار بين الشخصيات والسيناريست له صفات عديدة منها أن يجمع بين الدراية الأدبية والدراسة الفنية والخبرة العملية في مجال صناعة الأفلام السينمائية فهو "فنان أديب يجمع بين موهبة الكتابة الأدبية والكتابة السينمائية".
وقد يشارك المخرج السيناريست العمل أو يصبح هو نفسه السيناريست.
ثانياً: فنون موقع التصوير:
برغم أن عمل المخرج يبدأ من قراءة السيناريو إلا أنه لا يستطيع إعداد المشاهد إلا من بعد معاينة " اللوكيشن "( موقع التصوير ) كذلك فإن كل عناصر "فنون موقع التصوير" لا يمكن أن تؤدي عملها إلا في مكان التصوير أو بدءاً منه على الأقل .
1) المكان:
إما أن يكون مكان طبيعي أو مكان معد للتصوير السينمائي .
وقد يكون المكان طبيعي ونعده ليناسب ما سيتم به من التصوير .
والأماكن المعدة للتصوير السينمائي هى الإستديوهات ، ومهندس المناظر له مهمة في تحويل المكان المتحرك إلى مكان ثابت مثل تعطل مصعد فيلم"بين السماء والأرض" فالمكان المتحرك كان المصعد وتحول إلى مكان ثابت .
وغالباً يترك المكان بدون سقف لضبط الإضاءة ويتم الإهتمام بالإكسوارات "علبة سجائر ، مسدس .... إلخ" .
كذلك هناك "الماكيت" ويتم تصويره بطريقة خاصة تجعلنا نراه كما لو كان حقيقي . وهناك ما يعرف بإسم العرض الخلفي Back projection حيث يتم وضع السيارة وخلفها شاشة عرض خاصة يتم عرض فيلم سبق تصويره للمكان المطلوب إظهاره فيظهر الممثل كأنه يقود سيارة في المكان المصور مثلاً أنه يقود السيارة في منحدر جبلي متعرج سريع .
2) الإخراج:
هى العملية الفنية التي تحول لنا السيناريو إلى فيلم سينمائي نشاهده كصوت وصورة.
ومهمة المخرج مهمة شاقة وشخصيته يجب أن تجمع بين قوة الشخصية والإدارة والقيادة السياسية والخبرة الفنية على التعامل مع الطاقات البشرية والمعدات والآلات فهو مبدع خلاق وإداري.
عليه أن يتثقف ثقافة عامة وثقافة فنية ويكون دارساً لعلم النفس وملماً إلماماً كبيراً به حتى يعلم كيف يؤثر على الجمهور وكذلك يكون مطلعاً على الأحداث الجارية والتاريخية في بلاده والعالم من حوله وعلى علم بقوانين السينما في بلاده.
والمخرج المـميز هو من يجعل له طابع معين مثل "هنري بركات"، "نيازي مصطفى"و"يوسف شاهين" ويبدأ عمل المخرج من السيناريو ويتم عمل السيناريو التنفيذي وهو تحديد كل لقطة داخل المشهد. وقد يجهز المخرج السيناريو التنفيذي على الورق أو يجهزه في موقع التصوير.
ويتم من قبل ذلك تحديد المشاهد التي سيتم تصويرها في مكان واحد وتوقيت واحد مثل ميناء الإسكندرية بحيث يتم تصوير كل مشاهد ميناء الإسكندرية نهاراً ثم كل مشاهد الميناء ليلاً بحيث لا نحتاج للعودة إليه مرة أخرى ، حتى لا نضطر لدفع تكلفة إنتاجية لا نحتاج لدفعها .
ونستخدم عند بداية كل لقطة لوحة الكلاكيت ، والكلاكيت به بيانات ثابتة وبيانات متغيرة لتساعد على توضيح رقم كل لقطة وتسلسلها حسب المشاهد ، والمخرج يقرر مع مهندس الديكور شكل الديكور وفي التصوير الخارجي يتم تحديد كل ما يحتاجه المخرج من الإكسسوارات ليتناسب مع رؤيته ومع مدير الإضاءة ومدير التصوير يحدد حجم اللقطة وشكل الإضاءة ونوعها بما يتناسب مع ما يريد تقديمه للجمهور وكذلك تحديد اللقطات وما يريده من تأثير لها ووضع الكاميرا وزاوية التصوير وإرتفاع الكاميرا.
مساعدي المخرج:
مساعد المخرج الأول:
عمله يتصل بقطبي صناعة الفيلم المخرج ومدير الإنتاج فالأول يريد فيلم جيد والثاني يريد تنفيذ الفيلم وفقاً لجداول العمل والميزانية ومساعد المخرج يعمل لتحقيق هدف الإثنين لنحصل على فيلم جيد في نطاق الميزانية.
فيبدأ مساعد المخرج من مرحلة التحضير في العمل مع مدير الإنتاج بعمل تقسيم لتحديد المشاهد وإرقامها ومتطلباتها داخلي / خارجي، ليل / نهار ـ الممثلين والكومبارس ـ الإكسسوار ـ شكل الديكور ـ الملابس ـ المؤثرات المرئية والمسموعة حيث يمكن من خلال هذه التقسيمة تحديد كل ما يلزم إنتاج الفيلم وتحضيره.
ـ ويعاون مساعد المخرج الأول المساعد الثاني حيث يقوم بتنفيذ ما يعهد إليه مساعد المخرج الأول وأهم ما يقوم به هو مسئوليته عن المجاميع والممثلين الثانويين.
ـ وهناك " Script- Girl " وهو مساعد المخرج المسئول عن متابعة تنفيذ الصيانة المكتوبة أثناء التصوير وتسجيل كل ما يجري في المشهد بحيث أنه عند توقف تصوير مشهد ما ثم إستئناف إستكمال المشهد بعد فترة ولتكن شهر مثلاً و فى مكان أخر يكون كل شيء موجود كما كان في المشهد من شهر ، و يستعان الآن بكاميرا الفوتوغرافية لتسجيل ذلك كله ، بحيث حينما يبدأ فى إستئناف تصوير المشهد يتم إبلاغ الفنان المؤدى فى الإوردر بالملابس و الإكسسوارات بحيث لا يظهر بمظهر مختلف ، فلا يمكن أن أكون فى السيارة و أنا خارج من بوابات الطريق الصحراوى بقميص لونه بنى أنزل فى الأسكندرية بقميص أزرق .
الكلاكيت وهى تحدد بداية ونهاية كل لقطة وهى تحدد كل لقطة بالرقم ورقم المشهد وإسم المخرج والفيلم والمصور. وبعد إنتهاء التصوير لا يتم فك الديكور قبل مشاهدة نتيجة التصوير بعد المعمل ، لأن فك الديكور له تكلفته و كذلك لو أردنا إعادة مشهد سنضطر لإعادة بناء الديكور و هذا يكلف مبالغ طائلة .
3) التشخيص:
وهو ظهور الكائنات الحية "البشرية وغير البشرية" وغير الحية على الشاشة .
آداء الممثل وآداء المجاميع والبديل والدوبلير وتأثير الملابس والمكياج مع أداءه والإكسسوارات كذلك، فإن آداء شيء يختلف من فيلم إلى آخر فالنظارة مثلاً كانت في فيلم "النظارة السوداء" تختلف عن النظارة في فيلم "عمر المختار" والممثل يعطي حسب قدراته وثقافته وتحريك المخرج له .
4) التصوير:
حركة الفيلم 24 كدر / ثانية فإذا أردنا عمل خدعة معينة كتضخيم شيء نجعل الفيلم يدور بنسبة مختلفة. ويمكن عمل تأثير بالسرعة البطيئة وحركة الكاميرا تعطي ما يريد المخرج توصيله للمشاهد وتحديد العدسة وحجم اللقطة وعمل تأثيرات مرئية ويمكن إظهار نفس الشخصية أمام نفسها بحجب الضوء عن جزء من الفيلم ثم إعادة تصوير الجزء الذي تم حجب الضوء عنه مثل مشهد نجيب الريحاني في فيلم "سي عمر" و وسائل الإنتقال بين المشاهد يتم تنفيذها أثناء التصوير بالتحكم في الكاميرا وطاقم التصوير ينقسم إلى قسمين مهمته الكاميرا وقسم للإضاءة يرأسه مدير التصوير.
5) الصوت:
أول ظهور للصوت كان عام 1927 مع الفيلم الأمريكي "مغني الجاز". و تسجيل الصوت أثناء التصوير يتطلب بلاتوهات معزولة بشكل سليم والكاميرات مجهزة بصناديق عازلة للصوت والصوت على شريط الصوت عبارة عن الحوار والموسيقى التصويرية والموسيقى المصاحبة والموسيقى قد يضعها مؤلف موسيقي أو تستخدم موسيقى من المكتبة الموسيقية.
والمشاهد التي بها أغاني لا يتم تسجيلها أثناء التصوير بل يتم عمل play back حيث يتم التسجيل قبل التصوير ويحرك الممثل شفتيه أمام الكاميرا مع ضبط التزامن بين الصورة والصوت.
وهناك الدوبلاج وهو إنطاق الممثل بصوت شخص آخر وهناك
Post record ففي بعض المشاهد لوجود ضوضاء لا تساعد على تسجيل صوت الممثل فيتم بعد ذلك تسجيل صوت الممثل في كابينة الصوت.
وبعد كل هذا يتم عمل المكساج وهو "المزج بين كل هذه الشرائط على شريط واحد".
ثالثاً: فنون المشاركات اللاحقة:
ـ يتم إرسال ما تم تصويره يومياً إلى المعمل لتحميضه للتأكد من سلامة التصوير حيث يتم تحويل الفيلم النيجاتيف إلى بوزتيف هو ما يعرف بإسم "الرشيز".
ا) المونتاج:
هو عبارة عن تنسيق اللقطات المختارة الصالحة للعرض بحيث تظهر بصورتها النهائية على الشاشة. ويتم العمل على جهاز يسمى "المفيولا" وعمل المونتير ينقسم إلى قسمين:
أولهما روتيني وهو ترتيب الفيلم حسب السيناريو والديكوباج والمهمة الثانية فنية وهي إيجاد التأثيرات المختلفة على المتفرج.
ويقوم المونتير بعد ذلك بعمل الإنتقالات بين المشاهد عن طريق الإختفاء والظهور والمزج.
كذلك يتم عمل النسخة " النيجاتيف " وهو ما يسمى " المونتير النيجاتيف ".
وقد إنتقل جزء كبير من العمل الروتيني للمونتاج إلى الكمبيوتر بما يوفر قدر كبير للمونتير للإبداع الفني.
2) المؤثرات الخاصة: وهى سمعية وبصرية :
فالمؤثرات السمعية: قد تكون مما تسمعه في الواقع أو تكون غريبة كأصوات كائنات فضائية أو كائنات ما قبل التاريخ . والمؤثرات البصرية مثلاً مثل الطيران في الجو أو تضاءل حجم الشخص أو ضخامته. أو عمل كائنات من الصلصال وتحريكها بواسطة التصوير كدر كدر أي أن كل 24 حركة من النموذج تشكل ثانية زمنية وبذلك فإن السينما أعطت للأجسام الجامدة مظهر من مظاهر الحياة وهو الحركة. والكومبيوتر يقوم بهذه المهمة أسرع.
3) المعمل السينمائي:
يتدخل المعمل في إنتاج المؤثرات الخاصة في كل من إنقسام الكدر والإختفاء والظهور والمزج والتحكم في حركة الفيلم السالب إتجاهاً وسرعة وكذلك القناع المتحرك الذي يجعل الممثل يبدو وكأنه في مكان غريب وهو لم يغادر الإستديو أصلاً. كذلك تجميد الصورة وهو تثبيت الصورة على الشاشة في ختام الفيلم مثلاً.
والدور التقليدي للمعمل هو طبع وتحميض الفيلم وتجهيز النسخة السالبة من الفيلم وكذلك تتم عملية " تصحيح الألوان" وتحديد صور الطبع. كذلك فقد يتم عمل عدة نسخ سالبة. كذلك التنسيق حيث تسبق بداية مجرى الصوت على هذه النسخة بداية شريط الصورة وكذلك فالمعمل قد يشارك قبل بدء التصوير في البلاتوه مثل تجهيز أفلام العرض الخلفي وعمل إختبارات لنوع الفيلم الخام السالب الذي سيتم التصوير عليه حتى يمكن لمدير التصوير معرفة خصائصه وإحتماله للضوء والألوان .
رابعاً: فن العرض السينمائي :
نعتمد في هذا على رغبة الناس في ترك مساكنهم لساعات ليشاركوا في إنفعالات جمع من الناس. وهى رغبة قديمة قبل السينما كانت تتحقق من خلال عدد من وسائل الترفيه مثل المسرح والألعاب الرياضية والحفلات الموسيقية .
والفن السينمائي يتيح للمتفرج المشاهدة في كافة المستويات والدرجات "الأولى ـ الثانية ـ الثالثة" بنفس مواصفاته مع ملاحظة أن السينما تتيح للمشاهد التوحد مع العرض .
دار العرض السينمائي :
والذي به الفيلم هى ما تجعل الجمهور يذهب لمشاهدة الفيلم والمنتج يقدم كل المساعدات لأصحاب دور العرض ومديريها من أجل نجاح عرض فيلمه وصاحب دور العرض ومديرها يسعى لجعل الناس يشاهدون الفيلم ويقوم بتوفير كل سبل الراحة للجمهور .
والدعاية تكون عن طريق الصحافة والإذاعة والتليفزيون وعرض "تريلر" وهو ما نشاهده قبل الفيلم الذي حضرنا لنشاهده . وكذلك إثارة الشائعات حول الفيلم وكذلك الأفيشات الخاصة بالفيلم .
وأهم وسائل الدعاية للفيلم هو "التريلر" الذي يعرض في دور العرض قبل الفيلم الذي ستشاهده مثلاً . وكذلك هناك "البروشور" الذي يوزع على الفيلم. وغرفة العرض "الكابينة" هى ما يتم عرض الفيلم من خلالها لتسقط الصورة على الشاشة ليلاقيها المشاهدون. وهناك دور عرض السيارات ويراعى بها الإنحدار بدرجة معينة لكي تستطيع الصفوف الخلفية مشاهدة العرض دون أن تحجب الصفوف الأمامية عنها الرؤية .
هذا ما قدمه لنا ذلك الكتاب ، و سأقدم رأيي الشخصى فيه الآن .
رأيي الشخصي فيما يخص كتاب "آفاق الفن السينمائي"
إنه نجح تماماً في تقديم فنون صناعة السينما بشكل أكثر من ممتاز لكلاً من القارئ غير المتخصص في السينما والقارئ المتخصص في الفن السينمائي، حيث أنه قدم صناعة السينما بشكل مبسط مع شرح كافة المهن السينمائية والعناصر الفنية بشكل سهل يجعل القارئ غير المتخصص في هذا الفن يرغب في الإستمرار في قراءة الكتاب حتى نهايته ليعرف كل شيء عن هذا الفن، وفي شرحه أدخل أسماء معروفة تجعل المتلقي سعيد في قرائته لأنه يمكنه تخيل الفكرة . كذلك قدم لنا معرفة جيدة لعمل المنتج ومدير الإنتاج ـ فحين أتعرف على شخص ما من خارج المجال يسألني يعني إيه مدير إنتاج فأبدأ بالشرح فيقول: كل دا شغلك وأحنا منعرفش وبنعدي على إسم مدير الإنتاج في التتر ولا نقفش عنده دا ِإنت شغلك الفيلم كله .
وقد سعدت جداً بتقديم وتقدير د. ناجي فوزي لمهنة المنتج ومدير الإنتاج وتعريف المتلقي بهذه المهنة الهامة وإلقاء الضوء عليها .
كذلك فإن أكثر ما أثار إعجابي بهذا الكنز كتاب "آفاق الفن السينمائي" وأقول كنز لأنه ثري جداً في كل ما يقدمه من معلومات قيمة مفيدة لكل من يقرؤه هو كلمة "فنون" فكما درسنا من قبل أن بعض الأعمال تدخل بها عناصر الفن لتزيل منها ما يشوبها أو يعيقها حيث تجعلها عمل جماعي وبالتالي فإنه كان من الأجدر بنا في مجال صناعة السينما أن نقول: فنون التحضير ـ فنون موقع التصوير .... إلخ. ولكننا درجنا أن نقول مرحلة التحضير ـ مرحلة التصوير ... إلخ.
برغم أنه من الأجدر بنا أن نقول فنون لأنه عمل جماعي يحتاج إلى تنظيم وإيقاع وذلك للعمل دون أية عوائق. وعليه فإن تسمية "فنون أولويات البدء" هى جملة مفيدة تعني مرحلة التحضير بشكل حاسم فحين نقسم هذه الجملة والتي تعني لنا أنها تضم تحضير لبداية عمل الفيلم السينمائي فلنشرحها كلمة كلمة:
أولاً: فنون: الفن لفظ يطلق على كل عمل جماعي له إيقاع يجعله يسير في نظام يزيل كل العوائق والعقبات لإنجاح ذلك العمل .
ثانياً: أولويات: كلمة تعني أن هناك أولوية أي أن هناك عناصر متعددة نحددها الأول فالتالي فالذي يليه وهكذا بترتيبها لنصل إلى بداية العمل .
ثالثاً: البدء: أي قبل أن نشرع في عمل ما فنبدأ بشيء فمثلاً قبل الأكل نجهز مائدة الطعام وأدوات الطعام وبالطبع الطعام فأيهم نحضره أولاً حتى يتم الجلوس لتناول وجبة ساخنة بشكل سليم .
وهكذا يستمر الكتاب من صفحة إلى صفحة ليعرفنا بالعمل السينمائي بشكل سهل بسيط.
كذلك فقد أضاف الكتاب في فنون العرض سينما السيارات وشرحها لنا بشكل مبسط لنعرف أنه علينا عند عمل سينما للسيارات أختيار مكان بشكل معين وأنه ليس كل مكان يصلح لسينما السيارات .
الكتاب برغم أنه ليس مجلد ضخم إلا أن ما يحتويه ربما لا تحتويه المجلدات الضخمة ويتميز بسهولته وبساطة إسلوبه .
كلمة في النهاية: مشاهدة الفيلم السينمائي متعة لا تضاهيها أي متعة كانت حيث ينفصل المتفرج بذاته عن من حوله ليشارك أبطال الفيلم إنفعالتهم ويشعر إنه أحدهم ومشاهدة الفيلم كذلك تقوم بعمل ما درسناه قديماً في الدراما من عملية Catharsis أو التطهير حيث يخرج المشاهد من دار العرض وهو متطهر تماماً من أي شيء فعله من قبل ليكون شخصاً جديداً ولو لفترة محدودة .
محمد أحمد خضر
+20123128543
makarther@yahoo.com
makarther13@yahoo.com
makarther@live.com

التسامح ومنابع اللاتسامح و"تحديات العنف" في حفل توقيع للكاتب والباحث ماجد الغرباوي

 

سيدني: أشرف الحيدري / خاص بالمثقف
تمّ توقيع كتابين جديدين للكاتب والباحث ماجد الغرباوي وهما: "التسامح ومنابع اللاتسامح ـ فرص التعايش بين الثقافات والاديان" بطبعته الثانية، وكتاب "تحديات العنف" بطبعته الاولى (2009) في حفل حضره نخبة من أبناء الجالية العربية في سيدني ـ أستراليا، وكلا الكتابين صدرا عن معهد الابحاث والتنمية الحضارية (بغداد) ودار العارف (بيروت).

وكان في مقدّم الحضور السناتور شوكت مسلماني، عضو مجلس الشيوخ في ولاية نيو ساوث ويلز، وعدد من رجال الدين المتنوّرين منهم السيد محمد الموسوي والشيخ مهدي العطار والشيخ كمال مسلماني ممثل المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في أستراليا، ود. ماجد راضي، ممثل ائتلاف دولة القانون في استراليا، ود. ضياء الكبري، عن مجلس الكفاءات العراقية، والاستاذ كامل مسلماني ممثل حركة أمل في سيدني، والاستاذة وداد فرحان رئيسة تحرير صحيفة بانوراما، والاستاذ حسام شكاره عن المنتدى العراقي الاسترالي، والاستاذ جعفر بعلبكي ممثل الحزب القومي السوري الإجتماعي، والأستاذ فوزي أمين عن منظّمة حزب البعث العربي الإشتراكي في سوريا، والدكتور علي بزّي رئيس مجلس الجالية اللبنانيّة، والأستاذ إيلي ناصيف الرئيس السابق للمجلس ذاته، والكاتب والإعلامي عبّاس مراد، والباحث الإسلامي د. أحمد عبد المجيد حمّود، والضيفان الواصلان حديثاً من لبنان: الدكتور قاسم مصطفى من الجامعة اللبنانيّة في بيروت، والحاج محمّد سلامة الناشط الإجتماعي في جنوب لبنان، بالإضافة إلى شخصيات أكاديمية وثقافيّة وأدبيّة واجتماعيّة.

ابتدأ الحفل في تمام الساعة الرابعة والنصف بتقديم المهندس علي موسى حمود، الذي نوّه بالكتابين وبالمؤلف، بعد أن رحّبَ بالحضور، وتحدّثَ عن هوية الكاتب ومنجزه الثقافي والفكري، وقال: "إسمحوا لي في البداية أن أوجّه تحيّة إلى مؤسّسة المثقّف العربي على المبادرة إلى حفل التوقيع هذا باعتباره نشاطا ثقافيا حضاريا نحن بأمسّ الحاجة إليه في مرحلة تطغى القشورُ والكيدُ السياسي تحديداً على كلّ شيء، كما أوجّه التحيّة إلى إدارة مركز الإمام موسى الصدر وعلى رأسها الحاج كامل مسلماني لاحتضان هذا النشاط الذي نأمل أن يكون باكورة نشاطات مماثلة كثيرة تهتدي بالعقل النيِّر. والكاتب والباحث ماجد الغرباوي في كتابيه القيّمين "التسامح ومنابع اللاتسامح" و"تحديات العنف" يؤكّد أنّ الدين الإسلامي هو دين سماحة وإنسانيّة لا دين إنغلاق وقسوة، ويؤكّد أن هناك من يزجّ بالدين الإسلامي في متاهات لا تمت إليه بصلة. إن ماجد الغرباوي هو مثقّف تنويري له باع في الترجمة والكتابات ذات الأبعاد المضيئة المستقبليّة مهتدياً بالقرآن الكريم وسيرة المصطفى "ص" وأيضاً له موقع "المثقّف" المختصّ بنشر الرأي والرأي الاخر والذي يتابعه الكثيرون كتابةً وقراءةً".

وكانت الكلمة الأولى، للشاعر والكاتب الاستاذ شوقي مسلماني، عن كتاب "تحديات العنف" وتداعياته الخطيرة، وممّا جاء فيها: "ومن جهات العنف حركاتٌ متطرّفة، إنّها، فيما تدفع الأذى عن ذاتها من عنف مظلم واقع عليها، ذاتها لا تقيم حرمة، لا لطفل، ولا لامرأة، ولا لعجوز. حركاتُ إعصارٍ ينفجر في الأحياء السكنيّة، أو في الأسواق العامّة، أو في دور العبادة، فيما لو عقلتْ، كان أولى بها أن تدّخر غضبها لمنازلة جلودة، واعية، مدركة، بصيرة، مع العدوّ المجرم، المستبدّ، الغازي، الحقيقي، لا مع المدنيين، والعزّل، والأبرياء، أو العدوّ المفترَض بسذاجة وغباء، وربّما بشبهة، أسوةً بسيرة الرسول الصادق الأمين في صراعه مع ملأ قريش، وكيف نظرَ الرسولُ في هذا الصراع، وكيف انتهى إليه الفوز حتماً، لتقدّمه فيه بأخلاقه وعظيم بصره وبصيرته.

وبالطبع، إنّ القوّة عند الكاتب الغرباوي هي غير العنف، بما هي مجال أيضاً للإقتصاد وللسياسة والثقافة والفن والعمران، فيما العنف هو اتّجاه واحد، محدود. القرآن الكريم في عنوان رئيسي له يحضّ على هذه القوّة الحضاريّة، الخلاّقة، ولا يحضّ على العنف العدواني. الشريعة الإسلاميّة، بتأكيد الكاتب أيضاً ودائماً، لا تقرّ المبادأة ظلماً وعدواناً، الشريعة الإسلاميّة سمحاء، وفيها القاعدة وفيها الإستثناء. القاعدة هي آيات القربى والمودّة والحسنى، فيما الإستثناء، خصوصاً ما دام القرآن المبين هو مصدر التشريع الأوّل، هو آية السيف، وعلى رغم ذلك فإنّ للسيف ضوابط، حدود، قوانين، وإلاّ صار قتلاً وفساداً وإفساداً في الأرض".

ثم كانت المداخلة الثانية لرجل الدين المتنوِّر سماحة الشيخ عاشور البدري الذي خصص كلمته بقراءة عن كتاب "التسامح ومنابع اللاتسامح ـ فرص التعايش بين الاديان والثقافات" وقد أكد على القيمة الاجتماعية لمفهوم التسامح بمعناه الاصطلاحي، وتكلم عن ضرورة التسامح وأهميته، وقال: " إنّ مفهوم التسامح، بما يحمل من معنى قيمي، هو جديد على ساحتنا العربية والاسلامية التي تعج بالتعصب بكل أبعاده، والعنف والاستبداد السياسي والديني، وإقصاء الآخر المختلف دينيا أو مذهبيا أو عرقيا، بل محاولة الغائه تماما، وهو جديد على مجتمعاتنا التي تسيطر عليها جماعات التطرف الديني نتيجة لتوظيفها للنصوص الدينية بما يخدم مصالحها، لأن التسامح بمفهومه الجديد يعبر عن حق أصيل من حقوق الانسان، حقه في اختيار العقيدة والفكر والتعبير عن آرائه بكل حرية، ويعني فيما يعني قبول الآخر المختلف دينيا أو مذهبيا أو عرقيا أو فكريا، وعدم إقصائه أو إلغائه، يعني التعايش السلمي بين مختلف الديانات والملل والاعراق، وبعبارة أخرى يعني نبذ التعصب بكل مظاهره وأبعاده. ولا يخفى على أحد مدى الحاجة الماسة لمجتمعاتنا العربية والاسلامية للتسامح وخصوصا في ظل الظروف الراهنة التي أدّت فيها سيطرة الفكر الاحادي الالغائي على ساحتنا العربية والاسلامية الى ما نراه من تقاتل وتطاحن طائفي مؤلم، ومن ثم اشاعة الثنائيات البغيضة، فهناك دار شرك ودار ايمان، ودار كفر ودار إسلام، وفسطاط كفر وفسطاط ايمان، الى ان أصبح القتل على الهوية وما يجري في العراق وافغانستان وباكستان دليل صارخ على سيادة منطق التعصب والعنف والاقصاء بل الاستئصال والالغاء.

من هنا تأتي أهمية كتاب "التسامح ومنابع اللاتسامح فرص التعايش بين الاديان والثقافات" للباحث والكاتب القدير الاستاذ ماجد الغرباوي كتأصيل لهذا المفهوم ومحاولة لتبيئته أي نقله من بيئته التي ولد بها، واستنباته في بيئة أخرى، وهي مسألة ليست هينة بل تحتاج الى تضافر جهود وعمل توعوي وثقافي متواصل لغرس هذه النبتة الجديدة وتعهدها حتى تؤتي ثمارها، ونحن عندما نقول ان هذا المفهوم بما يحمل من مضامين حديثة تعتبر جديدة على بيئتنا الفكرية العربية لا ننفي وجوده بمعناه الاخر الذي يتضمن المنة والتفضل، لان التسامح كمفهوم يحمل قيمة أخلاقية تتناسب مع مضمون الكلمة لغة لأن التسامح في اللغة هو التساهل والجود، يقال فلان سمح أي جواد، فالتسامح كان يدل على تنازل الشخص عن حقه تكرما ومنة، لكن هذه الدلالة – كما يقول المؤلف- تطورت بفعل التنظير الفلسفي لتتحول الى جزء من واجب تفرضه الحرية الشخصية التي يراد لها أن تكون متساوية بين الجميع، فلكل فرد حقه في الاعتقاد وحقه في التعبير عن رأيه، وليس هناك ما يبرر إحتكار هذا الحق لجهة دون أخرى، فقبول الآخر وفقا لهذا الرأي ليس منة وإنما واجب تفرضه الحرية الشخصية".

ثمّ كانت كلمة صاحب المناسبة الباحث ماجد الغرباوي، فتحدّثَ بلمحةٍ مكثّفة عن المنهج في تأليف الكتابين. بعد أن بيّن أن البحث في ظاهرة العنف قد انتهى الى نتيجتين خطيرتين، الأولى: أن التسامح، الذي هو أساس إستقرار المجتمعات المتعددة دينيا ومذهبيا، هو تسامح هشّ، تسامح غير حقيقي، وان هناك فجوات واسعة، سرعان ما تنفجر لأدنى احتكاك بين الطوائف والاديان، لذا كرس كتاب التسامح لدراسة هذه الظاهرة، وطرح مفهوما آخر للتسامح يقوم على أساس الاعتراف الحقيقي بالاخر، باعتبار وحدة الحقيقة وتعدد الطرق اليها. ثم بحث الكاتب في منابع اللاتسامح، وكيفية نقدها وتفنيدها، سيما المفاهيم الدينية الخطيرة، كمهفوم المرتد، والمشرك، واهل الكتاب، وحديث الفرقة الناجيه، الذي تسبب في تشظي المجتمعات.

أما النتيجة الاخرى، فهي ان اغلب العمليات الارهابية تتبناها حركات اسلامية متطرفة، فكيف يمكن المواءمة بين سماحة الدين والاعمال الارهابية؟. لذا كرّس الكاتب كتاب "تحديات العنف" وهو كتاب كبير لدراسة ظاهرة العنف بكل تفصيلاتها، ودراسة تداعياتها الخطيرة. وبحثَ عن الاسباب الرئيسية وراء هذه الظاهرة ودور الحركات الاسلامية المتطرفة، والقراءات الخاطئة للنصوص الدينية، اضافة الى الفتوى ودور رجل الدين. وكان المنهج المتبع في قراءة النصوص المقدسة والسيرة النبوية الشريفة منهجا مختلفاً أفضى الى قراءات أخرى لتلك المفاهيم، اذ لا يمكن إعتماد نفس المنهج المتداول، سيما ونحن نتعامل مع نصوص ذات شحنات تحريضية عالية، وما لم يرتكز الى منهج آخر في قراءتها سوف تبقى على إطلاقها وفاعليتها. وقد بين الباحث بعض ملامح منهجه في البحث. ثم انتقل في حديثه الى فقرة أخرى، منوها بمؤسسة المثقّف العربي، ومشاريعها في تكريم الرموز والشخصيات الادبية والثقافية، وأطلع الحاضرين على كتاب: "تجليات الحنين" في تكريم الشاعر يحيى السماوي، وما هي دواعي تكريم هذا الرمز الادبي بالذات.

ثم بدأ الكاتب بتوقيع نسخ الكتابين، وتزامن حفل التوقيع مع صدور كتاب جديد للكاتب تحت عنوان "الضدّ النوعي للإستبداد .. استفهامات حول جدوى المشروع السياسي الديني" تمَّ عرض بعض النسخ منه.


لغز لوحة الزجاج الدامي/ نيفين ضياء الدين


يقع منزل الدكتور سعد القاضي في شمال شرق مدينة طرطوس السورية,ويحيط بالمنزل حديقة غَنّاء هي موطن لكثير من طيور المدينة علي إختلاف أنواعها والوانِها,يتسم المنزل بالبساطة النابعة من بساطة المعمار وبساطة الروح-كما يظن البعض-ولكن الحقيقة تكمُن في أن هذِة البساطة نابعة من فراغ الروح وهوّة النفس.وعلي عكس الصورة المعتادة فإن بساطة البناء الخارجي لا تعكس بساطة وتواضع في الأثاث الداخلي للمنزل,إنما تعكس صورة مغايرة للأولي تكمُن في مظاهر البهرجة والطرف المتعددة الأنواع والأشكال والألوان.فمثلآ في بهو المنزِل تجد قطع الأثاث الأسباني و الإيطالي والفِرنسي الباهظة الثمن مُحاطة بالفازات الشينواة الصينية وفي محيط هذا البهو تجد الأعمدة المصنوعة من المرمر والمزركشة بماء الذهب.
كان منزل الدكتور سعد القاضي أية في الفخامة والأناقة والجمال,ولكن هذِة الفخامة تخفي وراءِها نهرآ من برود المشاعر وتحجُر القلب كما سيتضح في شخصية الطبيب وزوجتة.
يُعد الدكتورسعد القاضي من أكفأ الجراحيين في مدينة طرطوس, وقد حصل علي زمالة الجراحيين الملكية في بريطانيا,وأجري العديد من العمليات الجراحية الناجحة,فحقق شهرة عالمية ومكانة مرموقة ليس فقط في عالم الطب ولكن أيضآ من الناحية الإجتماعية.
تزوج هذا الطبيب المرموق مِن إبنة عمة فاطمة القاضي ,وأنجبا طفلتين هما زينب وثريا.زينب- الإبنة الكبرى-أية في الجمال,كانت تشبة والِدتها كثيرآ,فشعرها المجعد مصبوبآ في قالب من الذهب الخالص,وعيناها ملونتين بزرقة  السماء الصافية,ولكن جمال زينب سطحي المعالم كجمال القشرة الخارجية للفازة الشينواة الصينية,لم يكن جمالِها غائرآ في الروح علي عكس شقيقتها الصغرى ثريا.ملامح ثريا الخارجية عادية جدآ,فبشرتها حنطية اللون,وشعرها وعيناها ملطختين بسواد الليل,بالإضافة إلي إعاقتها الجسمانية التي تمنعها من المشي كشقيقتها زينب, ولكن جمالها الحقيقي يكمُن في روحها الطيبة وشخصيتها الملائكية ومشاعِرها الرقيقة.
حاول والدها أن يعالج إعاقتها الجسمانية, عــرضها علي العديد من أطباء الأعصاب ولكن دون جدوى, فقد كان مرضها عيبآ خلقيآ لا يمكن عِلاجه.فبدلآ من أن يحيطها والدها ووالدتها وأختها بالحنان والرعاية والعطف,لم تجد سوى الإهمال والقسوة والبرود ومشاعر الإزدراء والكراهية فوالدتها كانت لا تحب أن تنظُر إليها,وكانت تأمر الخادمة بحبسها في غرفتِها بالطابق العلوي,بل وإدعت أمام الجيران و الأقارب بأن ابنتها الصغرى ثريا قد ماتت!حتي تتخلص من عار تلك الطفلة المشلولة! ووالدها كان هو الأخر يتجنب رؤيتها-وذلك لأنها علي حد قولة-وصمة عار تلطخ تاريخة في عالم الطب! وتنتقِص مِن مكانتة كطبيب!
عاشت الطفلة ثريا وحيدة حبيسة جدران حُجرتها,لم ترضع حليب صدر والِدتها كغيرها من الأطفال,حرموها من اللهو واللعب,وحتي من التعبير بحرية عن مشاعِرها,لم تذهب ثريا للمدرسة كأختها زينب و أكتفوا فقط بأن يتولي هذِة المهمة معلم خاص,وبالرغم من كل هِذة المعوقات,فقد حققت ثريا نجاحآ باهرآ في دراستها بالإضافة لموهبتها الفنية الواضحة المعالم منذ نعومة اظفارها.تعلمت ثريا مبادئ الرسم علي يد مُعلِمها الخاص ولكنها لم تكتفي بذلك,فبدأت تطلب من خادِمتها وصديقتها الوحيدة رقية أن تشتري لها كتب في فنون وأنواع الرسم والخطوط, وكانت تقوم رقية بهذِة المهمة خير قيام,تعرفت ثريا علي أنواع المدارس الفنية المُختلفة كالسريالية والواقعية والتكعيبية والتشكيلية وغيرهم وبدأت تعتبر الرسم وسيلتها الوحيدة للتعبير عن مشاعرها المكبوتة.
وفي إحدى الأيام,سمعت رقية بخبر إنعقاد مسابقة فنية عالمية في شهر يناير بالعاصمة.فنقلت هذا الخبر لثريا التي فرِحت كثيرآ وتمنت أن تشارك في هذة المسابقة بأي طريقة.قررت ثريا علي أن تشارك في هذة المسابقة دون عِلم أهلها وبأسم مستعّار ودون ذِكر أي بيانات شخصية عنها ووعدتها رقية بأن تقف إلي جانبِها وتساعِدها بكل ما أوتيت من قوة.بدأت ثريا تفكر في موضوع اللوحة التي ستُشارك بها في المسابقة,وشرعت في تنفيذِها,كانت اللوحة غامضة وغريبة,كانت لغزآ لا يستطيع أحد أن يفُك شفرات طلاسِمة.إنها لوحة غامضة للوح من الزجاج المكسور والمشقوق نصفين علي شكل حرف الثاء,مُلطخ باللون الأحمر وعلي أرضية اللوحة يوجد قطرات حمراء وفي منتصف هذا اللوح الزجاجي المكسور يوجد ينبوع ماء يتدفق ماءُه الحليبي اللون من قلب هذا اللون الأحمر ويتساقط علي هذا الينبوع بضع قطرات صفراء اللون وكأنها عسل ملِكات النحل ويحيط بالمكان دُخان كثيف بدايتة تقع في مغارة مجهولة ونهايتة تمتد في الأفق.إنتهت ثريا من رسم لوحتها الغامضة و أرسلتها مع رقية لتشارك بها في لجان تحكيم المسابقة.وجاء اليوم المحدد لبداية المسابقة وذهب الجميع لرؤية اللوحات المختلِفة وكان من بين الحاضرين الدكتور سعد القاضي وزوجتة.
أُعجب الجميع بتِلك اللوحة الغامِضة بالرغم من عجزِهم عن تفسيرها,وأجمع جميع أعضاء لِجان التحكيم علي فوزِها بالمركز الأول,ولكن اللوحة كانت مجهولة الصاحب فبقيت الجائِزة يتيمة ,لا تجد من يتسلمها.كان رأي الأستاذ سعد القاضي أن صاحب هذِة اللوحة يتمتع بزوق رفيع نابع من تربية أرستُقراطية عالية وكانت زوجتة تتفق معةه في الرأي.أنفض جميع الحاضريين بعد نهاية المسابقة ولم يتبقى منهم سوى شابآ يبدو عليه معالم الثراء وحُسن المظهر  والتربية,كان حائرآ في هذِة اللوحة, ويتمنى أن يعرف من هو صاحِبها؟وما مقصدة وعن ماذا يُعبر؟بدأ يسأل أعضاء اللجنة لعّلة يجد بيانات تُرشدة لصاحب اللوحة ولكن دون جدوى,فوقف يائسآ بائسآ أمام اللوحة وأخذ يُتمتم قائِلآ:
يا نهرآ داميآ قابعآ
في بطن حوت الزجاج المكسور
يا درةٍ مفقودةٍ في أرض التية
يتيمة الجذور داخِل قبو الدُخان الجريح
من أنتِ يا صاحبة القلب الذبيح؟
من أنتِ يا مليكة فقدت عرشها
غدرآ دون تلميح
هل أنتِ حنان الأم علي ولدِها الرضيع ؟
أم أنكِ تبرآ لامعآ في سماء
منجمٍ هنديٍ بديع ؟
كان ذلك الشاب يأتي كل يوم لمقر المُسابقة ويسأل لعّلة يجد بيانات ترشدة لصاحِب الصورة, وبعد مرور أسبوع وجد سيدة متواضعة الملبس تتسلم جائزة اللوحة فسألها هل أنتِ صاحبة اللوحة؟فقالت لا ولا أستطيع أن أدلك علي شخصية صاحبتها ,فهذا سِرآ عاهدتها علي كتمانة.حاول ذلك الشاب أن يعرف مِن تِلك السيدة من هي صاحبة اللوحة ولكن دون جدوى, فقرر أن يتتبعها ليعرف منزِلها لعّلة يرشدة لشخصية صاحبة اللوحة, وبالفعل أكتشف ذلك الشاب أنه منزل الطبيب سعد القاضي وأن صاحبة اللوحة هي ابنتة, فأمسك بيد السيدة المتواضعة قبل أن تدخل المنزل ورجاها أن تكشف له عن هوية صاحبة اللوحة, فإستحلفتة بالله أن لا يخبر السر لأحد,فوعدها بذلك,فأخبرتة بأن صاحبة اللوحة هي ثريا الأبنة الصُغرى للطبيب سعد القاضي وأنها مازالت علي قيد الحياة ولم تمُت كما أُشيع عليها وحكت لة رقية مأساة ثريا مُنذ طفولتها فتأثر ذلك الشاب كثيرآ, وقرر أن ينصف ثريا ويُعيد لها أدميتها المفقودة, وطلب من رقية أن تُخبر السيدة فاطمة بأن عريسآ سيتقدم لخُطبة إبنتها في مساء اليوم التالي.
وعندما نقلت رقية ذلك الخبر للسيدة فاطمة القاضي فرِحت كثيرآ وبدأت تُعد زينب لهذة المناسبة العظيمة وفي مساء اليوم التالي ذهب الشاب وأسرتة لزيارة منزل سعد القاضي في الموعد المتفق علية, وتم إستقبالة هو وأسرتة بالترحيب والسرور, وبعد تناول العشاء فوجِئ الجميع بطلب الشاب,إنة يطلب يد السيدة ثريا ! ويريدها زوجة لة!فأخبرتة السيدة فاطمة بأن ابنتها ثريا قد تُوفيت منذ طفولتها,وأنها أم لأبنة واحدة هي زينب, فرد عليها ذلك الشاب قائلآ:"إن ثريا لم تتوفى ولكن قلوبِكم هي التي قد فارقت الحياة,وحل محلها الواحآ ثلجية تسكن في صدوركم".
غضبت السيدة فاطِمة كثيرآ وإشتعلت نيران غضب السيد سعد القاضي ولكنهم لم يستطيعوا الأستمرار في نكران الحقيقة, وذلك لأن الشاب قد أخبرهم بأن صاحبة اللوحة الفائزة في المسابقة هي إبنتهم ثريا وبأن الخادمة رقية هي من أخبرتة بذلك,لم يتأثر ذلك الأب المُتبلد ولم تتحرك في الأم غريزة الأمومة الفطرية!,وعلي العكس أهتم سعد القاضي بمعرفة إجابة سؤال واحد وهو:"كيف يريد ذلك الشاب أن يتزوج مِن ثريا علي الرُغم من إعاقتها؟",كانت إجابة الشاب حاضِرة وشافية فقد أقحمة عندما رد قائلآ:"ثريا كسيرة البدن ولكنها ناضجة العقل,راجحة الرأي,رقيقةالمشاعر,ولها قلب نابض هو بئر من الحنان,يحوي المآ دفينآ لشخصية قوية بالرغم من هشاشة مظهرها".
نزلت إجابة ذلك الشاب كالصاعقة علي قلب والِدها ووالِدتها,وأستمر الأب في سؤال الشاب قائلآ:
"وهل عرفت لُغز اللوحة؟"
قال له:"بكل تأكيد".
"الزجاج المكسور يرمُز لإعاقة ثريا البدنية وعجزِها عن المشي"
"واللون الأحمر يرمز لجرحِها الداخلي والذي تسبب فية أقرب الناس لها"
" والقطرات الحمراء ترمُز لعذابِها النفسي, ولذبح روحها"
"والينبوع الحليبي اللون يرمُز لصفاء نفسها وطيبة خُلقها وطهر ونقاء شخصيتها"
"والقطرات الصفراء ترمُز لضغينة والِديها وكراهيتهم لها"
"والدخان الأسود يرمز للخُطة التي نصبِت مِن حولها وأفقدتها حريتها وهويتها كأنسانة ما زالت
علي قيد الحياة,تتنفس وتشعر وتتألم"
"والكهف المُظلم المجهول هو حُجرتها أو سِجنها التي تعيش حبيسة فيها".
تعّجب الأب من هذا التحليل الدقيق,ولكنة وافق علي الزواج بشروط أهمها أن لا يعرف أحد بأن ثريا مازالت علي قيد الحياة! وأن لا يتم عمل زفاف أو فرح حتي لا يراها أي إنسان!
إنتقلت ثريا إلي منزِل زوجِها في سرية تامة وفي منتصف إحدى الليالي,وتركت منزل الألواح الثلجية,وذهبت لتبدأ ربيع حياتهاالمفقود.حققت شهرة واسعة كرسامة وحصدت العديد من الجوائِز,ومع ذلك ظلّت شخصيتها الحقيقية محجوبة,لا يعرف أحد أسمها الحقيقي ولا جنسيتها,وفي نهاية الأمر ظلت ثريا-بالرغم من ما حققت من نجاح- معّرة في نظر والِديها وهبة من الله بل وجنة في عيون زوجِها الحبيب.

تخمينات شعيب حليفي المهملة



 
رواية جديدة لشعيب حليفي بعنوان ( أنا أيضا..تخمينات مهملة ) الصادرة ببيروت عن الدار العربية للعلوم ناشرون- الطبعة الأولى 2010 ، وهي الرواية الخامسة بعد نصوص :مساء الشوق، زمن الشاوية ، رائحة الجنة ، مجازفات البيزنطي ،لا أحد يستطيع القفز فوق ظله .

جاءت رواية (أنا أيضا..تخمينات مهملة ) في شكل قطعة موسيقية مؤلفة من ثلاث روايات :ارتياب المطمئن،هتاف البهاليل ، آثار العتمة.وكلها نص واحد صاغه الكاتب من أرشيف مسودات واختلاقات وسقْط الواقع، يحكي عن حيوات شخصيات حفرت هويتها في التراب والهواء داخل فضاء يقول عنه المؤلف :"في بداية الشارع الذي يسمى حينا النصر وحينا آخر المعتمد بن عباد ، وأعطيته اسم شارع الشيخ الهبطي، ما دامت الدولة المغربية ترفض أن تسمي أبطالنا وتكتفي بأبطالها وأبطال العالم، فلا ضير أن يكون لي نفس المنطق، وأنا الواحد الاوحد في عالم الرواية. ثم فكرت لاحقا في تسميته بشارع الملائكة."

أما شخصيات الرواية فيحاورها الراوي الذي يُقلب باستمرار في أوراق قديمة غير مكتملة ، يرممها ويضيف إليها لحكي حكاية واحدة بصوتيْ سمير الزعفراني وبشير السياف ، وعنهما ستتفرع الأصوات الحقيقية للرواية ،شخصيات ذات أطوار وبرامج يفركها اليومي بما يحمل من أثقال الزمن المغربي.



خواطر في الموت والحياة/ فريال حموري‏



ما بين الحياة والموت نكتشف عدة حقائق قد تكون جميلة وقد تكون مبكية وحتى الوجع الا انها في الختام تكون هي حقائق يجب أن نعترف بها وما أروع أن تكون قلوبنا طيبة ومفتوحة لحب الناس والبعد عن القسوة التي تؤذي النفوس لنحيا حياتنا من دونما أية آلام نتسببها للناس وللآخرين.

الحقيقة الأولى

تمضي وتمضي نشعر بان الحياة أطول مما يجب في أوقات الكد واتعب والمرض ونراها أقصر من أن نستغلها في اوقات السعادة والهناء ما دمنا ندخل من

بابها لنخرج عبر البرزخ نحو عالم الخلود الدائم في الحياة الأخرى ونترك خلفنا أحلاما لم تكتمل وآمالا تمنيناها لو تحققت

الحقيقة الثانية

لو ان العمر يقاس في حياة الآنسان بساعات او أيام الفرح التي يعيشها لكانت النتيجة أن تكون الغالبية العظمى من المتوفين هم ممن لم يقطعوا بعد سنوات طفولتهم وان كان البعض منهم قد وصل بالحقيقة الى مرحلة أرذل العمر أو حتى يفوقها بكثير

الحقيقة الثالثة

وأنا أقطع المسافات ما بين طبيب وآخر ومستشفى وأخر وبلد وآخر أدركت الحقيقة الكبرى بأن الموت هو الحقيقة الثابتة في العمر وبأن الانسان.

يأتي للحياة مثل الضيف يرحبون به ويكو ن محمولا ومحبوبا ومقبولا للجميع فيكبر هذا الصغير لينقلب الآمر وليصبح المحمول حاملا للهموم والآوجاع والمصاعب التي تثقل كاهله وحين يموت هذا الذي جاء ضيفا في ذات يوم للحياة فيصبح طيفا ملتحفا بالغياب ومتدثرا بأسباله فيرتحل خلف الحجب الكثيفة فما يلبث الآخرون الا أن ينسونه فتستمر الحياة وهكذا دواليك لذا ان الموت هو الحقيقة الوحيدة التي نصادفها في الحياة فأهلا به وأهلا بحقيقة ثابتة نبحث عنها منذ زمان

 
الحقيقة الرابعة

 
ايظا حول الموت تدور وهي ان الموت افضل الوسائل لراحة المريض من معاناته وانه ارحم واسهل من ان يموت الآنسان في كل يوم ومع كل آهة تصدر منه ويكون لذيذا ومريحا في الوقت الذي يعز على المريض نومه أو ارتخاء نفسه وراحتها وسكينتها فطوبى لمن نام مرتاحا للبال وهانئا

طوبى لكل المحرومين طوبى لكل الأشقياء طوبى لكل الضائعيين.

وأخيرا

ان أتاني الموت يوما

سوف أحيا بك شعري

خالد فصل ربيعي

دائم الخضرة عمري

ان ركبت البحر فجرا

بسفين الموت يجري

ان نبض الحب يبقى

ملْ أشعاري ونثري



أسميك حلماً وأنتظر ليلي*/ زياد جيوسي

تشدني نسمات الشوق لرام الله، فأغادر (سيدة الجبال والسهول والوديان، عمّان) بعد أسبوع من العناقِ (باتجاه ما تبقى من البيت)، أحلم أن أعانق مدينة العشق والجمال، أجول دروبها (لأروي شجرة الياسمين حتى تظلل أسماء الشهداء)، فتصل الحافلة إلى النهر المقدس، فيغلق الاحتلال بوابة العبور، وتضمنا الحافلة مع صراخ الأطفال، ومع تأفف النساء، ومع تعب الشيوخ، فأحلم بطيفي، أهامسه، ففي ساعات تمر لا تلوح لها نهاية، وحافلة مغلقة كزنزانة، أحلم بفنجان قهوة ولفافة تبغ، ففي الحافلة المغلقة (لا أثر لرائحة الخبز والقهوة)، فأنظر إلى النهر المقدس وأتأمل الحافلات المصطفة، وأهمس لنفسي (في قانا كما في بيروت، في غزة كما في بغداد، كان القاتل واحداً)، هو من يغلق البوابة.

ساعة إثر ساعة تمر، لا نعرف إن كنا سنعود إلى شرق النهر حيث (سيدة النور والحب والشعرِ) أم نمر إلى غربه حيث الاحتلال و(خفافيش الظلام وخدام الموت ورسل القبح)؟ يهبط الظلام فيتحول الخارج إلى قطع من الليل، أتساءل: ترى من غيرنا يطيل بأمد الاحتلال؟ فالإخوة من تصارعوا مع بعضهم البعض (والذي أطلق النار على وجه القمر كان أخي)، فهم من في صراعهم (وسوس لهم الشيطان وهو يسرق روحهم)، فأهمس لرام الله: (ماء البحر مالحٌ ودمعكِ) أشد ملوحة من حجم القهر والألم، أنتِ هناك أرنو إليك وأنا هنا على معبر الدخول لا أشتم سوى (رائحة الموت في ظهيرة قائظة)، وأنظر من النافذة فلا أرى سوى (فرق إعدام ومعسكرات اعتقال)، وأنظر إلى الجسر فلا أسمع ولا أرى إلا (رنة عودٍ حزينة وآثار أقدام الغزاة)، وينظر إليّ طفل من فوق أكتاف والدته التي تتلوى من طول الانتظار فأرى فيه (الشمس) وأفكر (أظن أنها أجمل وأكثر دفئاً)، وأفكر بحبيبتي و(العشق) وأبتسم وأهمس لنفسي: (أظن أنه مؤلم وأكثر من الفراشاتِ احتراقاً)، وأن الحب (حيث تكونين جاهزة للقطافِ وحيث أكون).

أنظر إلى السماء فأراك قمراً ينير ليلي وطول الانتظار، (كنت أظنني أمشي وحيداً)، لكنني وجدت روحك معي (وأن الطريق تمشي معي والقمر)، فأحلم بمعانقة الوطن على بعد خطوات، تحجبه عني بنادق الموت والاحتلال، فأفكر كثيراً (كأنني أتوق لبعض الجنون)، فمن إلاك إليها (يسبقني قلبي)، ومن غيرك للهمس إليها (يسبقني فمي)، ومن غيرك أناديها صحواً وحلماً (يا سيدة الكرم، يا جنية الليل الأزرق، افتحي لي الباب)، فـأنا قادم إليك (الندى يبلل وجهي)، وما زلت أنتظر أن أدخل الوطن، والوقت يمضي ويمضي و(كان الوطن يشير إلى وجع القلب)، فأنظر إلى أعلى (للسماء عينان جميلتان)، ربما هما عيناك تأتيان لتخففا من تعب الطريق وقرف الاحتلال.

يقترب الليل من منتصفه، أغفو قليلاً، فأحلم أني (كنت أغني للبنادقِ وللبرتقال الحزينِ وكان الليل رفيقي وكان الذئب رفيقي)، فأفتح عينيّ على بدء حركة الحافلة، فأرى إلى السماء (هناك قمرٌ يبكي)، فهل في سهوتي (كنت أحرس الأغنياتِ وأحلام الصبايا)، أو كنت (أنثر أغنياتي على نوافذكم)؟ تسير الحافلة ببطء حتى المحطة الأولى، ننـزل من الحافلة ليفتشوها، وتتحرك أقدامنا قليلاً بعد طول صلبنا في الحافلة، فأهمس إلى صحبي (تستطيعون الآن سماع تأوهاتِ شجرة الرمان)، فالرمان يتأوه ويتألم (عندما يستبدل الفدائي البندقية بالعصا)، وننشغل عن الوطن بممارسة (سفاح قربى).

يا برعم ياسميناتي، كل شيء يشدني إليكِ، (الورد الذي ينمو على جانب الطريق) لمدينة القمر، حلمي بأن أتنشق (رائحة القهوةِ عند النهوض من النوم)، فنجان القهوة أرتشفه متمازجاً مع رضابك (من بين شفتيك)، كل شيء منذ اجتزنا بعد منتصف الليل الطريق إلى أريحا (يأخذني إليك)، فمن غيرك (أشهد): (أنك قد ملأت الأرض ورداً)، و(أشهد): (أنك سيدة الحب والمقاومة) و(أن قمر ليلك أجمل)، فاستعجل الوصول إلى رام الله، ففي رام الله وحيث عبق حبك (الليلة نمضي صوب الشعر وصوب الحب)، وفي رام الله أرى شهداءنا يجولون الليل يبحثون عن مأوى، ففي دروبها (كان الشهداء يعبرون من تحت النوافذ إلى الأغنيات)، ومع حجم التعب والألم (القمر تغطيه ظلال سوداء) والليل طويل (وهذا الليل حالك)، حتى يخيل إلي أن (عصافير الدوري كفت عن الغناء) على نافذة صومعتي ككل صباح.

هي رام الله أصلها مع تباشير الصباح وحبكِ، فأجد (قهوة مرةٌ وعواء ذئب في ليل طويل)، وفيها (سأسمي الأشياء بأسمائها، سأسمي الحزن حزناً، الحب حباً)، وأصرخ بملء الصوت: لا تتوهموا فالاحتلال لا يعرف السلام (كل ما يعرفه ممارسة القتل، مغمض القلب والعينين ورائحة الدماء)، وهذه الأرض ستبقى مطمعاً لأنها تشابه (طعم شفاه النساء)، وأهمس لكل من يعشقون رام الله ويحلمون بلقائها: (الطريق إلى رام الله مغلقة، والذين أطلقوا النار على زهرة الخزامى، كانت وجوههم مظلمة)، ويبقى الحلم بالصباح الأجمل (بين المؤذن وصلاةِ الصبح)، مع شدو عاشق (يغني لها من خلف البحر، خذوووووووووني إلى حيفا).

أما أنت حبيبتي فسأهمس لك: ترى أين سألتقيكِ؟ هل سنلتقي (تحت شجرة الياسمين؟ في أغنية فيروزية؟)، هل ستجولين معي التلال الغربية ونتنشق نسمات بحرنا المستلب، أم سيضمنا (جدارٌ مغطى بالأغاني وأغنية حُبلى بالشموسِ)، فأنا عائد إليك كي (أمنح قلبكِ قليلاً من الحب والوجد، وأنتظر أن يزهر في كفيكِ المستحيل)، لذا وحتى ألتقيكِ وأضمك إلى صدري، أراقصك تحت ضوء قمر، فليس غيرك (فمك وشفتاك نبعان)، اسمحي لي أن أغفو وقبل أن تغمض عيناي بعد أحد عشر ساعة من التعب والمعاناة للوصول إلى رام الله، أنني (سأسميك حلماً وأنتظر ليلي).

(جسر الملك حسين 15/7/2010)

* كل ما هو بين أقواس للشاعر ماجد أبو غوش من ديوانه (أسميك حلماً وأنتظر ليلي) الصادر عن دار النهضة العربية 2009

العفيف تشارك في معرض صنعاء للكتاب وتدعو المثقفين للتفاعل مع برنامجها للعام القادم

تشارك مؤسسة العفيف الثقافية بجناح خاص في معرض صنعاء الـ 27 للكتاب والذي يفتتح فعالياته صباح السبت 25 سبتمبر إلى جانب مجموعة من دور الكتب العربية والعالمية، وتأتي مشاركة العفيف في هذا المعرض امتداداً لمشاركتها السابقة، حيث سيحتوي جناحها أكثر من 80 عنواناً مختاراً من إصدارات المؤسسة، أبرزها الموسوعة اليمنية بطبعتها الثانية، ومؤلفات الأستاذ أحمد جابر عفيف، والجزء الرابع من مذكرات الشيخ سنان أبو لحوم، وكتاب المتصرف اللبناني يوسف بك، ومؤلفات الروائي اليمني حبيب عبدالرب سروري، والكاتب عبدالباري طاهر، والشاعر عبدالودود سيف، وعبدالكريم الرازحي، وقادري أحمد حيدر، وعلي المقري، كما يضم الجناح حوليات العفيف والأعمال الفائزة بجايزة العفيف، كما وإصدارات أخرى تضم بين دفتيها بعض الفعاليات المقامة على رواق المؤسسة طيلة الأعوام الماضية وأبرزها كتاب "ندوة الثقافة في اليمن الواقع وآفاق المستقبل"..هذا وسيستمر جناح المؤسسة حتى انتهاء فعاليات المعرض..

من جانبٍ آخر تعلن إدارة البرامج والأنشطة الثقافية بالمؤسسة عن استقبالها الملاحظات والمقترحات التي يمكن الاستفادة منها في إعداد البرنامج الثقافي للعام 2011..حيث بدأت الإدارة في رسم الخطوط العامة لفعاليات البرنامج القادم، ولأنها حريصة على أراء المتابعين لأنشطتها، وسعياً منها لتجاوز العثرات في فعاليات برامجها السابقة، والاستفادة مما سيقدم لها في البرنامج القادم..تدعو العفيف جميع المثقفين والكتاب والأكاديميين إلى تقديم ملاحظاتهم ومقترحاتهم لفعاليات وأنشطة ذات ارتباط بالهم الثقافي الآني والمستقبلي لإدراجها ضمن الفعاليات القادمة إلى جانب أسماء الشخصيات الأكاديمية والثقافية التي تقترحون استضافتها.

أحمد عبدالرحمن
مسؤول البرامج والأنشطة الثقافية

حمامة العرب تحلق بجناح واحد للكاتبة بشرى شاكر من المملكة المغربية

عن دار الكتب و الوثائق ببغداد
الكتاب يجمع مقالات سبق كتاباتها في جرائد و مجلات عديدة، عربية و أجنبية، كلها تتحدث عن واقعنا العربي في كل دولة عربية على حدة و بالخصوص ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعراقية، و قد عرجت الكاتبة في رحلتها على دول أخرى، حيث جمعت بين دول عديدة وقضايا مختلفة تجمعنا في قضية واحدة موحدة حتى و إن كانت القضايا الفرعية شخصية أو فردية، ففي كل رحلة عبرة معينة و في كل مقال حلول ناجعة و نداء دفين يتم إطلاقه حروفا مدوية.
كما تضمن الكتاب جزءا أخيرا تتحدث فيه الكاتبة عن والدتها المتوفاة السنة الماضية، و ذلك لأن الكتاب كان مرتقبا قبل حدوث الوفاة و لكنه لم يصدر إلا بعد الوفاة و من ثمة جاء عنوان الكتاب: "حمامة العرب تحلق بجناح واحد"، فأهم جناح كان لديها قد رحل و لكنها استمرت في التحليق بجناح واحد، لأنها و كما تقول في كتابها، روح الجناح ما زالت ترعاها وتساعدها على التحليق و تمنعها من السقوط.
يتضمن الكتاب أيضا جزءا أخيرا تتحدث فيه الكاتبة عن زهرتها المتوفاة – والدتها- في موجز بسيط


على غلاف الكتاب نقرأ كلام الكاتبة كالتالي:

سردي لا يعتمد سياقا زمنيا معينا، لأنه و ببساطة إعادة تشكيل لتمثيليات مضت...و لكنها ما زالت تعيش بداخل قلب حمامة العرب، فلا هي من الماضي و لا هي من الحاضر و لكنها تطلعات نحو مستقبل أمة عربية مزدهر...
هي حكايات عن الحب ...
الحب إيمان بقضية تجمعنا، و بدم يوحدنا، و بشمل يلمنا فلا الفرقة تقتلنا و لا الدنيا تبدلنا...
الحب نعمة إذا ما وجدت و بدونها الديار خربت...
بدونها يتمكن الحقد من القلوب فتكثر الحروب و تتقاتل الشعوب...
الحب روح، إذا ما ذهبت تغدو القصور و كأنها سجون و يموت البريق في العيون و تخرس الأصوات و يحل السكون و تنتهي الأفراح و تعم الشجون...
حينما بدأت رحلتي كنت أملك جناحين...
فها هي ذي رحلتي و زهرتي و شهرزادي ترافقني...

و كتقديم للكتاب قام الأستاذ سعدي عوض الزيدي الذي اشرف على نشر الكتاب بكتابة ما يلي:

تعد الكاتبة بشرى شاكر، واحدة من الكاتبات العربيات اللاتي يجسدن الوعي بالكتابة واحترام الحرف الذي ينطلق من فكرها ووجدانها الذي لم تلوثه مغريات العصر ...نادرا ما نجد التنوع الكتابي من دون السقوط في هوة الاستسهال. كتبت المقالة والتحقيق الصحفي وكذلك الحكايات السردية ذات المغزى التعليمي وغالبا ما تنزع نزوعا تحليليا ومتأتى ذلك من اختصاصها الدقيق في علم النفس وأجد في غالب طروحاتها في هذا المضمار تفضل الدرس النفسي الاجتماعي، حتى في مقالها السياسي فإنها تتماهى مع ذلك التخصص التي مازالت وفية له.
وهذا الكتاب هو مقالات كتبتها بشرى في مناسبات عدة ولكنها تصرفت معها بطريقة تبتعد عن الأسلوب المقالي الكلاسيكي، أنها أدخلت في صياغة هذا الكتاب الجانب الشخصي وجدان الكاتبة، انفعالاتها، تلك الانفعالات هي الصوت المتبقي، المتدفق بالحيوية ويكشف عن تطلعاتها نحو غد سعيد......كتابها جديد في أسلوبه غني في معلومته، يحمل نكهة خاصة، وشرط مثوله بيننا.....وبهذا يمكن القول أن بشرى تضع بصمتها الخاصة وبثقة متناهية ..


فاطمة المزروعي تتلصص على الحياة من «زاوية حادة"/ جهاد هديب

في رواية شعرية تشبه «وجه امرأة فاتنة»

في روايتها «زاوية حادّة» الصادرة مؤخرا عن دار العين للنشر في القاهرة في 126 صفحة من القطع المتوسط، ترى الكاتبة فاطمة المزروعي العالم من وجهة نظر أخرى، وتكتب ما تراه، كما لو أنها لا تعيش الحكايا، بل تتلصص على الحياة من ثقب في باب.

كما لا تأتي بشخصياتها من الفراغ الباهت إنما من الواقع الذي تفوق بعض قصصه الروايات العجائبية، ولا تسمح للمخيلة الروائية أن تحلِّق في الشعرية لكن تسعى إلى أن تكون روايتها، بالمجمل أو كدلالة واسعة، شعرية من نوع ما، بحيث تشد تفاصيلها القارئ إلى واقع بعينه لم يكن قد أدرك مسبقا أن هذا الواقع يحيط به بالفعل.

ويمكن القول إن صاحبة المجموعة القصصية «وجه امرأة فاتنة» الصادرة عام 2008 قد كتبت روايتها هذه بالروح ذاتها التي تكتب بها قصتها القصيرة، بل بالتقنية ذاتها أيضا، حيث يجمع بين قصة فاطمة المزروعي وروايتها منطق السرد الذي يبدأ من النقطة ألف إلى النقطة ياء في مسار خطي يكاد يكون كرونولوجيا، وكذلك فكرة التداعي لدى الشخصية الرئيسية مختلطة بما يسمى بتيار الوعي في الكتابة الروائية حيث نرى العالم مسرودا من وجهة نظر واحدة، دون خلط في الأزمنة والأمكنة، ودون أن توضح هويتهما في الوقت نفسه تاركة للقارئ أن يدرك وحده من خلال تضاعيف «الحكي» أن هذه الشخصية الرئيسية تعيش في الجوار القريب منه وربما سبق له أنْ رآها أو احتك بها هنا أو هناك في مصعد عمارة يقطنها أو سوبر ماركت غادره للتوّ. ربما يكون العنوان «زاوية حادة» هو المساحة من الظلّ الذي تُحدثه شمس قائظة على رمال في ساحة بيت أو باحة سجن، فلا فرق هنا، لكن هذا الظلّ المتروك على الرمال قد عاشت فيه الشخصية الرئيسية الساردة حياة بأكملها فلم تر من العالم، ومن تجربتها في المرور به وبفكرة العيش، إلا ما يسمح برؤيته ثَقْب في زنزانة من الفضاء الواسع كله.

مع ذلك تكشف الشخصية الساردة عن نفسها عبر عدد من التمردات الصغيرة على منطق العيش السائد، حيث الذكورة تطغى على الأنوثة وتبقيها في الظلّ وحيث ما من إمكانية لتغيير الوضعية القائمة إلا باستيعاب كل الارتدادات نفسيا وبالتالي الاختناق من الداخل.

لكن هل يمكن القول إن من الممكن للشخصية أن تجرّ الكاتبة إلى عوالم أخرى فتبوح بما هو محرّم من وجهة نظر الذكورة ومكبوت في داخل أنوثة تُحتضَر؟ هل من الممكن أن تكون الشخصية قد مارست نوعا من البوح مع الكاتبة لتقول بجرأة ما كانت أن تودّ أن تقوله لمعلماتها، هي الطفلة التي اعتدي عليها وبهذا القَدْر من الجرأة؟ وبواقعية أكثر، هل من الممكن نشر هذا النوع من الأدب الإماراتي، بجرأته العالية، إماراتيا؟

قد يلمس المرء هنا مبالغة في السؤال، غير أنها أسئلة تأخذ مشروعيتها الكاملة من حياة الطفلة التي كانتها الشخصية الرئيسية، والتي في آخر الأمر لا تجد حلا لإشكالية ذاتها مع نفسها، إلا بأن تعود الطفلة التي كانتها دون أن تكون عُرضة لاضطهاد المجتمع الذكوري وأن تعيش حياتها فتكبر وتنمو كما ينمو أطفال الآخرين.

هكذا تكون الحياة هي صنو الرغبة ووجهها الآخر، لكنها رغبة صغيرة في التخلص من الحمولة الباهظة للماضي الشخصي، كما تقدمها فاطمة المزروعي. رغبة الخلاص من الوجع الكامن في أصل الرأس، والرغبة في احتضان الجد القاسي ثانية والرغبة في اللحاق بالأب إلى باب البيت دون خوف من أنها ستُضرب. لكن المزروعي لا تجعل من ذلك أمرا مؤثرا لأنه كذلك، هي تنزع في سردها إلى مسحة خفيفة من الحزن الذي تجعله –أي تجعل السرد– شفافا عن عمر هو ليس بالتأكيد عمر الورد بل عمر ذلك الظلّ الذي ما إن وجد منذ الطفولة حتى انتقل مع الحياة بتقلباتها كلها جاعلا من الأوجاع والمسرّات قناعا متبادلا بين الواحدة والأخرى.

يمكن القول هنا أيضا، إن الحياة في الظلّ والنظر إلى العالم من ثقب في الخزان هي رحلة بحث عن «هوية» تخص ذاتا قلِقَة ومستوحشة تعيش في عالمها الخاص الواقعي والمتخيَّل معا. لا تنهي فاطمة المزروعي روايتها ببكائية من نوع ما، بل تصير الرغبات في آخر الأمر أجنحة تحلّق بها فوق ماضيها راصدة ذكريات قديمة، من فرط ما تخصّها وحدها باتت تخص القارئ أيضا. وهذه واحدة من سمات «الطاقة» التي يبثها سرد فاطمة المزروعي في كتابيها: وجه أرملة فاتنة ثم زاوية حادّة.

 

الكتاب الحدث: أول كتاب ورقي يؤسس لأدب التعليقات/ عبدالله مالك القاسمي

كتب الشاعر التونسي الكبير عبدالله مالك القاسمي في زاويته (تداعيات) التي يزيّن بها الصفحة الثقافية في جريدة الأخبار التونسية هذا المقال الصادق الرائع، والذي يعتبر بحد ذاته حدثاً أدبياً باهراً. والمقال يسلّط الضوء على آخر إبداعات الكاتب التونسي المشهور كمال العيادي (شربل بعيني: الملك الأبيض)، والذي كما قال القاسمي: (هو أدب لم يكن موجوداً، ولم يصدر في أي كتاب تحت هذا المسمى، لا شرقاً ولا غرباً، لا في السند ولا في الهند).. أجل إنه أدب التعليقات الذي كان كمال العيادي رائده الأول في العالم أجمع.
وإليكم ما كتب القاسمي، مع ألف شكر له على شهادته الخالدة:
إنها المرة الأولى، في هذه الصفحة الأدبية، التي يبلغ عمرها أكثر من ربع قرن ( ست و عشرون سنة تحديدا 1984ـ 2010)، نقدم فيها كتابا(بأتم معنى الكلمة لغة و اصطلاحا ) دون أن نلمسه بالأصابع أو نستنشق روائح حروفه ،أو نتشمم أصباغ الألوان و حبر المطبعة فيه أوحتى عرق العمال و المصححين ، دون أن نرى الغبار العالق برفوف المكتبات أو نستمع إلى أنين البائعين و تذمراتهم الأبدية من عزوف الناس عن شراء الكتب علاوة على قراءتها .... إنها المرة الأولى التي نقدم فيها كتابا افتراضيا الكترونيا، لا هو من ورق و لا هو من حبر، لم يكن ليصدق بوجوده أحد من جيل أجدادنا أو حتى آبائنا كما لم يصدق البعض منا حتّى الآن صعود الإنسان إلى القمر

تقول بطاقة التعريف" إنه كتاب ورقي جديد للأديب التونسي كمال العيادي بعنوان: شربل بعيني الملك الأبيض، وهو عبارة عن تعليقات رائعة كتبها العيادي تحت مقالات الشاعر اللبناني شربل بعيني المنشورة في موقع (دروب) الالكتروني عام 2006، لتخرج اليوم إلى النور ضمن كتاب أنيق مؤلف من 112 صفحة من الحجم الوسط، مبشّرة بمدرسة جديدة في أدب التعليقات و قد صدر هذا الكتاب خلال الأسبوع الماضي في سيدني بأستراليا"

.قبل أن نتعرف أكثر على الكتاب لا بد من البحث عن صاحبه ليس للتعريف به فهذه مهمة مستحيلة لأنه موزع على أكثر من نشاط و على أكثر من فضاء و على أكثرمن بلد بل نقول فقط من باب التذكير :إن كمال العيادي ولد في تاريخ يتذكره كل العرب ( جوان 1967) و بعد دراسة ثانوية في القيروان و جامعية في موسكو، تحصّل على الدّبلوم الدّولي في الإقتصاد والتّصرّف الإداري من أكادميّة العلوم الإقتصاديّة والإداريّة وعلوم الإتصال والتّجارة الدّوليّة – صــابل - بمدينة ميونيخ.سنة 2001 مع متابعته لدروس في معاهد اللغات و الفنون الدرامية و السينمائية في الغرب، أسس عدة نواد ثقافية بتونس و ميونيخ أصدر عدة مجموعات شعرية و قصصية مراسل لعدة صحف و مجلات تونسية و عربية نائب أول لرئيس اتحاد كتاب الأنترنات العرب منذ 2009 رئيس تحرير القسم الأدبي و الإبداعي بموقع دروب و هو من أهم المواقع الإبداعية على مستوى الوطن العربي و أشهرها على الإطلاق و هو مدير عام و صاحب دار الكمال للنشر بالقاهرة (و ما دمنا في القاهرة ماالذي يمنعنا من البحث في أوراقه الشخصية لنقول من باب ممارسة النميمة إنه متزوج من زميلته في الدراسة الجامعية بروسيا: الشاعرة والروائية المصرية المعروفة د. سهير المصادفة.)
قد نكون أطنبنا في المقدمة و في ذكر بعض التفاصيل لأنها قد تفسر لنا قيمة السبق التاريخي باعتباره أول كتاب ورقي يِؤسس لأدب جديد أصبح يسمى الآن :" أدب التعليقات " و هو أدب لم يكن موجودا و لم يصدر في أي كتاب تحت هذا المسمى لاشرقا و غربا لا في السند و لا في الهند و هو كتاب من انجاز هذا الأديب التونسي الفذ ،هذا الكائن الافتراضي الجميل الذي اسمه كمال العيادي و الذي، بالرغم، من محبتي له كشخص لطيف و متواضع يفيض انسانية و كنص مكثف و متدفق، لم أكن أتابع كثيرا أخباره في الآنترنات بسبب خوفي من هذه الآلة العجيبة و لكني كنت أقرأ له( أكاد أقول خلسة ) من حين لأخر تعليقات على نصوص إبداعية أو مقالات أو ردود فتبهرني قدرته الإبداعية و صفاء لغته و حضور بديهته و سرعة استيعابه، فكنت أقول لنفسي إن هذه التعليقات ليست ردود سريعة أو انطباعات باهتة، إنها من صميم الأدب بل إنها من صميم الشعر، و في الحقيقة لم أكن أستغرب تماما ،ذلك لمعرفتي المسبقة بإمكانياته الإبداعية شعرا و نثرا، و لكني كنت أتمنى أن يوفر كل هذه الطاقات لقصيدة أو لقصة، ربما يكتبها لاحقا، و ها هي أمنيتي قد تكون تحققت بصدور هذا الكتاب و في كتابة أدب جديد اسمه أدب التعليقات

يحتوي الكتاب على مقدمة كتبها د. على البزّي رئيس مجلس الجالية اللبنانية في استراليا يقول في نهايتها " لو شئت لكتبت كتاباً في شرح هذه التعليقات، ولكنني سأكتفي بهذا القدر كي لا أؤخركم عن الاستمتاع بها، كونها البداية لأدب إلكترونيّ جديد، و يتضمن الكتاب في جوهره على تعليقات كتبها العيادي حول مقالات الكاتب اللبناني المهاجر في استراليا شربل بعيني ،التي ساهم بها في موقع دروب الإلكتروني ـكما ذكرنا ـ عام 2006 و قد اشتملت صفحة الغلاف الأخير على كلمة مؤثرة للمحتفى به نفسه الكاتب" شربل بعييني" يقول فيها "أنا أعرف تماماً أن العيادي كتب هذه التعليقات بسرعة الضوء، لأنها مضيئة كالشمس. كتبها وهو يرشف قهوته الصباحية، أو يتأهب للنوم.. كتبها وهو يسرع إلى قضاء حاجة، أو وهو يدخّن النرجيلة، ولكني ما زلت أجهل كيف تمكن وهو على هذه الحال من ابتكار عبارات أدبية وصور شعرية أقل ما يقال فيها إنها رائعة..."
.
و هل نختم هذه الورقة الصغيرة بتعليق للكاتبة رائدة سلمان حول أدب التعليقات تعبر فيه بكلمات تلقائية بسيطة و مباشرة عن عمق التجربة و اتساعها لدى العيادي تقول فيه : " عندما تقرأ تعليقا للأستاذ كمال العيادي فأنت بحاجة إلى كثير من الوقت و الجرأة و الارتقاء لأن تكتب تعليقا بعده ، فهو يشرب النص و ينتشي به و يسكر، و بعدها تجد هذا النص، يخرج من بين أصابعه كائنا آخر ، يدفع الكاتب لأن يقول في نفسه هل كتب حقا بهذا الجمال؟..."
هل نصدق أن هذا يحدث فعلا في زمن بدأت تتفشى فيه العداوة للكتاب الورقي وتتضاءل فيه مكانته أم أنها دعوة للأنترنات لتكون في خدمة الورقي أم دعوة للإفتراضي ليكون في خدمة الواقعي؟ و هل حكاية صعود الإنسان الى القمر حقيقة أم خيال؟

شعيب حليفي في نص جديد" لا أحد يستطيع القفز فوق ظله": نحو مفهوم جديد للكتابة/ سالم الفائدة



لماذا يكتب شعيب حليفي عن أحداث بسيطة يمكن أن تمر مع أي واحد منا كل يوم؟

كان هذا هو السؤال الذي طرحته عندما قرأت نصوص حليفي زمن صدورها منفصلة،أما الآن، وبعد أن صارت تشكل نصا واحدا في كتاب تحت عنوان :″لا أحد يستطيع القفز فوق ظله″، فقد صرت أدرك مدى أهمية كل كتابة كيفما كانت ،في رسم تاريخ جديد وحقيقي عن واقعنا الذي لا يحفل سادته إلا بما يدخل ضمن خانة الرسمي .



هكذا وجدت نفسي ″ضحية″ كتابة ملتبسة تنطلق من الذاتي واليومي لتسرح في اتجاهات مختلفة التاريخ السياسة الأدب الرحلة والخيال... قبل أن تعود من جديد لمعانقة الذاتي والعائلي لكاتبها الذي لا يمل من البحث عن مبررات مختلفة لبث مواقفه الفكرية والسياسية والأخلاقية.



هي إذن كتابة تمارس نوعا من الهروب، إذ أن كاتبها ينطلق من الذات ليقفز منها إلى مختلف المحكيات العزيزة على قلبه ووجدانه .



· حول الجنس الأدبي للنص

بدون شك يتساءل قارئ نص شعيب حليفي عن جنسه الأدبي، خاصة وهو يطالع على وجه الغلاف عنوانا فرعيا صغيرا أسفل العنوان الرئيسي: ″ الاحتمالات العشر لكتابة رواية واحدة″،عنوان يجعلنا بدون شك نرتبك في القراءة و تجنيس الكتاب لنترك المجال مفتوحا لأسئلة عدة.



هل نحن أمام نص سير ذاتي وشرط التطابق بين الذات الكاتبة والذات الساردة يختل حسب معايير فيليب لوجون ؟، أم أننا أمام يوميات وهو ما يبدو من قراءة بداية النص؟ أم أن الأمر يتعلق بنص روائي من طينة مختلفة عما ألفناه في مجال الكتابة الروائية؟.

تبعا لما سبق نجد أنفسنا أمام كتابة "ملتبسة" تقف في ملتقى الطرق الأدبية المعروفة، ترفض الكشف عن ذاتها مباشرة ،وتأبى تسليم نفسها منذ الوهلة الأولى . ترى أنحن أمام نص يجسد مقولة بلانشو بأن الأدب يسير نحو غاية هي ″التلاشي″؟ أم أننا أمام كاتب التقط صيحة سبستيان مرسيه عندما صاح سنة 1973 قائلا :″تساقطي تساقطي أيتها الجدران الفاصلة بين الأنواع ... ″.



· رواية الذات

ولأن خصائص كل نوع لا تبرز إلا بتعارضها مع خصائص أنواع أخرى ، حسب كيليطو ، ولأن هذه الكتابة إشكالية بما تختزنه من تنوع والتباس ، فقد اقترحنا أن نطلق عليها ″رواية الذات″، لأن كاتبها حاول أن يعصر فيها كل مقومات الكتابة السير ذاتية والروائية والنقدية التاريخية والسياسية والنقابية والشعرية الرحلية وغيرها، في نص متعدد الاحتمالات . وهنا لابد من التوقف عند إشارة تودوروف في قوله: ″فمن الضروري أمام نص أدبي، الانتباه إلى أمر مزدوج؛ يجب أولا أن لانجهل كونه يظهر خصائص يشترك فيها مع مجموع النصوص الأدبية أو مع واحد من المجموعات التحتية للأديب أي النوع ،إذ من الصعب تصديق الأطروحة الزاعمة بأن كل ما في الأثر فردي وإنتاج لإلهام الشخص دون علاقة بالآثار السابقة" 2

إنها رواية الذات، لأن كاتبها يفصح عن رغبتين: كتابة الرواية وكتابة تاريخ الذات وظلالها.



· سياسة الأبواب المفتوحة

حاول شعيب حليفي في "روايته الذاتية" ،أن يشرع أبواب اللغة أمام ظلاله المتعددة لتتحدث عن نفسها ،والظلال هنا بكل بساطة،ليست سوى مجموعة من الفضاءات والشخصيات والأحداث والتواريخ ،التي كان للكاتب ولازال علاقة بها ،فهو في هذا النص كتب عن أطفاله وبيته، عن مدينته وأبويه، عن أصدقائه وأجداده، عن تاريخه وتاريخ مدينته :سطات وأرض الشاوية ، عن قوسه الأموي وواقعه المغربي ...

هكذا إذن لا يمكن للذات أن تقفز فوق ظلالها فهي تلازمها خطوة خطوة ، وتلاحقها "كقدر محتوم" ، غير أن هذه الذات وبالرغم من كل ذلك " لا ترى الا ما تحب ولا تكتب سوى ما تريد".

إن حضور كلمة "الظل " في العنوان يجعلنا نتساءل ونحن نستحضر دلالة "الوهم " و"المثل" و"الخيال "، التي تحيل عليها هذه الكلمة، عن الواقع والحقيقة والتاريخ كعناصر مرتبطة بشكل جدلي بالكتابة ومنه، هل الكتابة عند شعيب حليفي تعبير عن الواقع والوهم "الظلال "، عن الحقيقة أم عن المثل؟ ، عن ما هو واقعي؟ أم عما به يحلم الكاتب ؟ أم عنهما معا؟.

للإجابة عن هذه التساؤلات وأخرى ، سنقف عند مفهوم الكتابة عند حليفي كما بسطه في نصه .



* مفهوم الكتابة: يمكن رصد مفهوم الكتابة عند شعيب حليفي من خلال مجموعة من الفقرات التي تحدث عنها على امتداد النص، إذ أن هذه الاخيرة شكلت سؤالا إشكاليا دفعه إلى التفكير فيها ومن تم التعبير عن تصوره .



و عموما يمكن حصر مفهوم الكتابة عند حليفي في:

*الكتابة باعتبارها طهرانية : يقول الكاتب: " الكتابة وظيفة وجدانية لا يمارسها الا المطهرون "؛ ويقول في نفس الموضع :" إذا أنا لم أكتب عمن أحس بهم وأحبهم فعمن أكتب وأتحدث؟ الكتابة لا تطلع إلا من قلب طاهر أو فكر منشغل بالطهر. " (ص 21)

وتبعا لما قاله الكاتب، تصير الكتابة تعبيرا عن طهرانية صاحبها،لكن ليس بالمعنى الديني للكلمة بل بحمولتها الإجتماعية والأخلاقية .يقول أيضا : الطهرانية هي ما يحصنني من الرجات المستمرة في كثير من قيم المثقفين، وهي ما يجعلني أحفظ الولاء لأصدقائي وأساتذتي "، (ص125-126)،هكذا تصير الكتابة رسالة لتأدية وظيفة اجتماعية وسياسية وأخلاقية في المجتمع الذي يعيش فيه، ولعل ما يفسر هذا القول، تعبيره في نهاية الاحتمال الثالث :" لماذا نسيت الكلام قليلا":" أحب الكتابة مثل رسالة سماوية خص الله بها بعضا من عباده دون الآخرين "(ص87) ، غير أنه من حقنا أن التساؤل هنا هل حقا لا يمارس الكتابة الا المطهرون؟.



*الكتابة باعتبارها مقاومة :بالإضافة إلى كونها تعبيرا عن الطهرانية، تحضر كنوع من المقاومة ضد مظاهر الزيف والإنحراف الأخلاقي والسياسي والثقافي، داخل المجتمع؛ فالكتابة عنده "مواجهة لتحديات ثقافية وحضارية ومحاولات طمس هويتنا التاريخية وشل تفكيرنا ومصادرة كل قيم الإبداع والمقاومة "(ص93).



تنطلق الكتابة إذن من وعي مدرك لأهمية الكتابة في مقاومة مختلف مظاهر الإحتلال والتفسخ المجتمعي والسياسي ،وكذا من وعي مدرك لقيمتها الحضارية والثقافية. وهي بذلك سلاح يمتلكه الإنسان إلى جانب مختلف الأسلحة الأخرى لصنع التغبير في مختلف البنى الاجتماعية والثقافية.



*الكتابة تاريخ: هنا لابد أن نشير إلى قوة حضور هذا الادراك في مفهوم الكتابة عند الكاتب ، فهي تصبح لديه مرادفا للتاريخ بمفهومه الواسع، ولعل هذا ما يبين اهتمامه بمختلف مظاهر الحياة المحيطة به، حيث يحرص على توثيق الكثير من التفاصيل والتي سرعان ما سيكشف خلفيتها بقوله: "الآن وجدت شيئا أتشبت به عند أجدادي وجداتي وأصدقائي الذين أحبهم أكثر من نفسي ..ووجدت شيئا أكتب عنه وأفخر به يقومني وأمشي على هديه. ماذا سنترك نحن لأبنائنا وحفدتنا بعد مائة سنة في تقديري - سيكون أصغر حفيد في السبعين من عمره- هل سيجد شيئا جميلا من أثرنا يحميه ويعتز به؟" (ص80-81).



شعيب حليفي إذن، يعيد النظر في مفهوم التاريخ من خلال كتابته التي تسعى إلى رسم تاريخ جديد يواجه المسخ، تاريخ ينطلق من الهامشي والذاتي وهو بذلك يدعونا جميعا لكتابة صورة جديدة عن تاريخنا الذي أريد له النسيان والضياع.



من خلال أنماط الكتابة الثلات التي ذكرناها، يمكن بشكل عام رصد مفهوم حليفي للكتابة بشكل مكثف، من خلال ما قاله في الاحتمال الرابع :" زلة العاشق":" لا أريد ربط الكتابة بما هو غيبي، ولكنني أعتقد أن الصدفة تلعب دورا كبيرا مع الكاتب والقارئ معا. الكتابة ليست بأية حال لعبة أو وقتا ثالثا أو هواية للتفريغ وإنما هي جزء من الحياة التي نتنفسها .فضلا عن كونها شيئا نبيلا ومقدسا ومهنة أزلية في اكتشاف حريتك وحرية الآخرين، هي المجال الأسمى مثل مجالات أخرى – للصراع الحقيقي ضد القهر والظلم والنسيان والمساهمة في بناء ذاكرة رمزية ومرجعية تؤسس لوعي مشترك وحسي يوسع متخيلنا الكلي." (ص89).



· كلمة أخيرة



يحتمل نص حليفي أكثر من قراءة ،نظرا لغناه وتعدد طبقاته وأساليبه،إنه نص إشكالي بما يخلقه من تشويش على مفاهيم القراءة، أحيانا. فكلما أعدت قراءة النص أحسبني أقرأ قصيدة طويلة حيث اللغة شعرية إلى أبعد الحدود، ونثرية إلى أبعد حد، وقلما يجمع نص ما بين اللغتين ،أو يثوي بين ثناياه أنواع أدبية عدة .



في النهاية لا يسعنا إلا أن نقول إن النص صورة طبق الأصل لصاحبه الذي جمع بين اهتمامات شعرية وروائية ورحلية ونقدية ونقابية وسياسية، و"النص اللي ما يشبه لمولاه حرام".





صدور كتاب "الهزيمة والطبقات المهزومة" للكاتب الفلسطيني: سلامة كيلة

صدر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع كتاب "الهزيمة والطبقات المهزومة" للكاتب والباحث الفلسطيني سلامة كيلة في 121 صفحة من القطع المتوسط.

وضع الكاتب مدخلاً تحليلياً مكثفاً لتثبيت الخلفية التاريخية فيما وراء الهزيمة العربية، مشيراً إلى أن محاولات التطور استمرت منذ بداية القرن التاسع عشر حينما أدت غزوة نابليون بونابرت إلى الشعور بالحاجة إلى "اللحاق"، واتخذت أشكالاً متعددة منذئذ.

وحقّب الكاتب هذا التاريخ الطويل في ثلاث مراحل مختلفة، رغم أنها تضمنت تحقيق الأهداف ذاتها. المرحلة الأولى بدأت مع محمد علي باشا (وربما داود باشا في العراق، وخير الدين التونسي في تونس)، واعتمدت على التحديث من "فوق"، أي عبر الدولة. والمرحلة الثانية بدأت نهاية فترة الدولة العثمانية وطمحت إلى الاستقلال عنها وتأسيس دولة عربية حديثة. ولكن كذلك مواجهة الميول الاستعمارية للرأسماليات الأوروبية. ولقد بدأت بفئات مثقفة عملت على تأسيس حركة قومية عربية دعت إلى تحقيق اللامركزية في إطار الدولة العثمانية أولاً، ثم سعت لتحقيق استقلال العرب ووحدتهم. وعادة ما يطلق على أفكار هؤلاء "عصر النهضة العربية".

والمرحلة الثالثة التي بدأت بنشوء الحركة القومية العربية الحديثة، ووصولها إلى السلطة في عدد من البلدان العربية عبر انقلابات عسكرية قام بها الجيش. لكن الجيش هو الذي حكم واتخذ هذه الحركة وشعاراتها غطاءً لسيطرته. ولقد مثلت الفئات الفلاحية الوسطى والفقيرة أكثر مما مثلت الفئات الوسطى المدينية التي شكلت تلك الحركة. وبالتالي عبرت عن أزمة الريف أكثر مما عبرت عن أزمة المجتمع، رغم أنَّ الريف كان يشكِّلُ الثقل الأساسَ في المجتمع.

ويحاول الكاتب الإجابة عن أسباب فشل المحاولات الثلاث، و لماذا العجز عن تحقيق التطور و لماذا لا زلنا لم ننجز اللحاق، مع الإشارة لجهود المفكر السوري الراحل ياسين الحافظ في كتابه الشهير "الهزيمة والايدولوجيا المهزومة"؛ ليخلص إلى أن سبب الهزيمة هو الطبقات التي قادت عملية التغيير وحاولت تحقيق التطور. حيث إنّ التطور وتحقيق الانتقال إلى الدولة المدنية الحديثة لم يكن يتقاطع مع مصلحة تلك الطبقات، لهذا كانت تحقق خطوة لكنها سرعان ما تتخلى عن مشروع التطور مسارعة لتحقيق مصالحها. لهذا فقد تحققت خطوات في مسار التطور، لكن مشروع التطور ظلَّ مجهضاً. حيث عملت الطبقات التي انتصرت (وهي البرجوازية المتداخلة مع الإقطاع، ثم الفئات الوسطى الفلاحية) على التكيّف مع النمط الرأسمالي العالمي التي كانت تتمرَّد عليه، وتكييف الوضع المحلي بما يخدم مصلحة الرأسمال الامبريالي عبر تحوّل فئات منها إلى أثرياء جدد يوظفون أموالهم في الهوامش التي يسمح بها ذاك الرأسمال. بمعنى أن مصالحها باتت تتقاطع مع مصلحة الرأسمال الامبريالي، وباتت جزءاً تابعاً في إطار تكوينه العالمي.

يذكر أن كيلة من مواليد مدينة بير زيت في فلسطين سنة 1955، له عدة أبحاث ودراسات فكرية، ومنها: العرب ومسألة الأمة، نقد الماركسية الرائجة، إشكالية الحركة القومية العربية -محاولة توضيح، الإمبريالية ونهب العالم، مقدمة عن ملكية الأرض في الإسلام، الاشتراكية أو البربرية، أطروحات من اجل ماركسية مناضلة، عصر الإمبراطورية الجديدة، مشكلات الماركسية في الوطن العربي، العولمة الراهنة: آليات إعادة إنتاج النمط الرأسمالي، الأبعاد المستقبلية: المشروع الصهيوني والمسألة الفلسطينية.