ذبح الحمير/ ممدوح أحمد فؤاد حسين

ببضع حبات من أقراص الفياجرا باع السجان ولائه للحمار وسمح لعم محمود بالهرب. اضطر عم محمود للتخفي والتنكر في تنقلاته حتي يفلت من أعين البصاصين, ولاحظ تغييرا أدخل السرور في قلبه وأنعش أماله بقرب التخلص من الحمار. سمع الرجال في مجالسهم الخاصة, والنساء في أعراسهم, والأطفال في شوارعهم, يتسامرون ويتغنون ببعض من الأبيات التي كتبها في سجنه . سمعهم يقولون:
لك يوم يا ظالم
هيجي
هيجي اليوم اللي أركبك
وأقولك شي يا حمار
شي يا حمار
فأدرك أن الوقت قد حان للقيام بعمل كبير للتخلص من الحمير .. كل الحمير.. أخذ يفكر حتى اهتدى إلى التقرب من كبير الجزارين, بعد حوار ونقاش اقتنع كبير الجزارين بضرورة ذبح الحمير, ولكنه قال لعم محمود : إني لا أستطيع أن أقنع الجزارين بالقيام بهذا العمل, فرد عليه: لا أريد منك إلا أن تجمع كل الجزارين وسوف أقوم بإقناعهم.
اجتمع الجزارين وبدأ عم محمود في شرح الفوائد العظيمة لذبح الحمير.
إخواني الجزارين:
بذبح الحمير سنزرع الطعام لأولادنا بدلا من البرسيم ويتحقق بذلك الرخاء والاستقلال الاقتصادي وما يتبعه من استقلال سياسي.. (لن تكون كلمتك من رأسك إلا إذا كانت لقمتك من فأسك).
وبذبح الحمير سيضطر العربجية لتشغيل الشباب العاطل فيتم القضاء على البطالة وآثارها النفسية والاجتماعية الخطيرة .
وبعد حل أزمة البطالة سيقبل الشباب علي الزواج فتنتهي أزمة العنوسة ونسمع زغرودة حلوة ترن في قريتنا.
والأهم من كل ذلك أنه بذبح الحمير سنتخلص من الاستبداد والفساد والتخلف وننعم بالحرية والرخاء والتقدم.
بدأ الحماس يشتعل في قلوب الجزارين, وبدأ كبير الجزارين الحديث بتشجيعهم على القيام بذبح الحمير وأعلن عن تبرعه بكل ممتلكاته لمن يقوم بذبح حمار عم محمود.
ثار الجزارين في الطرقات ولم يجدوا حمارا إلا ذبحوه, وانضم إليهم أهل القرية حتي ذبحوا كل الحمير, ولم يفلت حمار عم محمود من الذبح.
وسمع أهل القري المجاورة بثورة الجزارين فتشجعوا, وخرجوا يذبحون الحمير, وتخلصت قريتنا وكل القرى المجاورة من الخضوع للحمير.
واستباقا لغضب جمعيات الرفق بالحيوان أرسل عم محمود رسالة اعتذار لبرجييت باردوا يعتذر فيها عن ذبح الحمير, إلا أنها فاجأته برسالة تهنئة قالت فيها : إن الحمير التي قمت بذبحها كانت عار على كل حمير العالم قبل أن تكون عارا علي الجنس البشري. وبشرته بأنه قد تم ترشيحه للحصول علي جائزة نوبل للسلام تقديرا لجهوده في تحرير أهل قريتنا وقري المنطقة بأثرها.


محترف راشيا نظم ندوة لرواية محمود شباط


محمود شباط يقدم روايته لشوقي دلال

لمناسبة صدور رواية «عذراء قصر الشيخ» للكاتب اللبناني محمود شباط، أقامت «جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون» راشيا لبنان ندوة وتوقيع للرواية في قاعة المربي ضاهر المعلولي راشيا الوادي، وبحضور ممثل رئيس الجمهورية السابق الشيخ أمين الجميل رئيس إقليم البقاع الغربي في حزب الكتائب إيلي عجيل، وممثل قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي ممثلاً بالعقيد حسان هرموش وممثل مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي الرائد كمال البعلبكي، وممثل مدير عام أمن الدولة العميد مصطفى دكروب والملازم أول نبيل الحاج حسن وممثل مدير عام الدفاع المدني العميد الطيار درويش حبيقة، ممثلا برئيس مكتب راشيا سلمان فايق ورئيس بلدية راشيا زياد العريان وأعضاء المجلس البلدي ورئيس بلدية عيحا الدكتور أسد شرف الدين ورئيس الجمعية شوقي دلال ووفد من تجمع البيوت الثقافية في لبنان واتحاد الكتاب اللبنانيين وحشد من الفعاليات الدينية والاجتماعية والعميد المتقاعد مروان زاكي وهيئات المجتمع المدني.
بداية مع النشيد الوطني اللبناني، وإلى كلمة رئيس «جمعية محترف راشيا» شوقي دلال، كي تقول: «نلتقي اليوم حول الرواية الرابعة للكاتب اللبناني محمود شباط بعنوان عذراء قصر الشيخ، والتي تقع أحداثها في لبنان أيام الاحتلال العثماني، وتبين الفجوة الاجتماعية في قرية ريفية بين عائلتين مشايخ آل الجوري وفلاحي آل الشميساني وكيفية استغلال المحتل التركي لتلك الفجوة، واللعب على التناقضات بين العائلتين ومناصرة التركي لمشايخ آل الجوري ليس حباً بهم بل لإزكاء نار الصراع والفتنة بين العائلتين، من ناحية أخرى هناك نفوذ عنصري من الأمن العثماني عبر شخصين يفوق نفوذهما شيخ تل الباز نفسه ويعيثان فساداً في القرية دون حسيب أو رقيب، كما يتناول المؤلف بكثير من الإدهاش استقواء المشايخ آنذاك بالمحتل، ومحاولة تغيير الواقع».
وفي الختام وقع الكاتب الرواية للحضور، بعدها جولة على سوق راشيا الأثري وقلعة الاستقلال.

حكاية مع أول انسان/ ماهر طلبه

زمان ... زمان قوى ، كان فيه إنسان ... أول إنسان ، مش آدم لكن إنسان .. ، ولإنه لقى نفسه فجأة على الأرض بعد الطرد .. فتح باب دماغه وبدأ يحاول يحل مشكلتين ... الجوع والبرد ...

للأولى فكر فى الشغل ، وللثانية فكر فى الونيس .... للأولى مد فتلة حيرته وعمل من فكره نول وبدأ يغزل ، وللثانية نشر فى جريدة يومية إعلان " مطلوب ونيس " .. . للأولى كان كل يوم مع كل صبح يطول توبه مسافة يوم ، وللثانية كان كل يوم مع كل صبح توصل له رسالة يفتحها تطلع قدامه صفحة بيضا...

لما وصل توبه لطول البيع رفعه على أكتافه ونزل به ناحية السوق ، ولما فتح يوم صندوق جواباته ومالقاش رسالته – الفاضية – قلق وحس باليأس ....

فى السوق جت وقفته جنب تاجر خيش .. نزل توبه وعرضه ... " يمكن يكون نصيب بضاعتى زى نصيب بضاعته "... لكن كل واحد كان يلمس التوب أو يحطه على جسمه تنتابه الحيرة .. " من إيه اتعمل التوب دا ؟!!" .. ويحط التوب ويمشى ... لحد ما جاره – إللى لاحظ – قرب منه ... سأله

- أنت عامله من إيه التوب دا ؟

ومد إيده مسكه ، قلب فيه ... رماه وقال له

- مش هيتباع ألا للقاضى .. ماتتعبش نفسك .. هو بس إللى يعرف يتعامل مع الحيرة .

شال توبه على أكتافه من جديد ومشى ناحية بيت القاضى ...

فى الطريق .. كانت مشاكله بتتجسد قدام عينيه حيرة ويأس ... وقف على باب بيت القاضى ونده ... خرجت ... قلبه رفرف ... حَلْمُه ... سألته

- عايز إيه ؟

- عايز القاضى

- روح له بيت العدل

- أنا مش طالب عدل ، أنا طالب رحمة

لمحت على إيده التوب ... مدت إيدها لمسته .. قلبه رفرف ... حَلْمُه ... فردته على جسمها ... " الله جميلة "... ارتاح باله .. حست بالحيرة .. سابته وتوبه على الباب ودخلت تنده للقاضى ...

وقفته على الباب طالت .. ذهنه شرد منه ... قابلها فى مكان تانى .. وزمان تانى .. زى ما يكون جنة .. " الله جميلة " ... لمسها .. يا ترى هتوافق ، يا ترى هيوافق ... وحس بصوت جى من بعيد ، كأنه صوت جوا حلم ، كأنه إشارة للى جى ... حَلْمُه ... لكن إيد خبطته ، فتح عينيه .. الدنيا فيها الصبح وفيها الليل ... فيها النور وفيها العتمة ..فيها الملاك وفيها الشيطان .. فيها هى وفيها القاضى مالكها

- عايز إيه ؟ ليه ماجتش بيت العدل ؟

- أنا مش طالب عدل ..

وعرض عليه التوب .. القاضى مسكه .. " آه عارفه .. كل يوم أشرب من نفس الكأس لحد ما أَتْملِى فاقفل بيت العدل وأهرب ... " ... قَلَّبُه ... " مين هيقدر يلبسه ؟!! .. مين هيرضى يلبسه ؟!!"

- عايز فيه كام ؟

رجعت له تانى الحيرة ، حس إنه استرد توبه

- أنا عايز فلوس علشان آكل ، وعايزها عشان البرد

- أنا قاضى وظيفتى إنى أحكم بين الناس ، أوزن وأقيس بميزان العدل ... أنت جبت توب واحد .. يبقى من حقك حاجة واحدة .... فكر وأختار .

سابه القاضى واقف على بابه ودخل بعد ما حط قدامه .. كيس فلوس وصورة ليها .. لما فتح القاضى الباب الصبح علشان يروح بيت العدل ، لقاه لسه واقف صاحى بيفكر ... مرماش عليه السلام وسابه ومشى ..

يوم ، اثنين ، ثلاثة ........ باب القاضى بيتفتح ويتقفل من غير سلام ولا كلام ، وهو واقف محتار ...

"أنهى فيهم أهم ..؟!!.... الجوع ولا الدفى؟!!... " ... محتار .... لكن مع مرور الأيام كان بيحس بجوعه بيزيد .. ببطنه بتنادى عليه ... لحد ما جت اللحظة إللى كان خايف منها ... اللحظة إللى مايبقاش فيها حر فى الاختيار ... لحظة فرض الاختيار .. لحظة غياب العقل قدام الجوع .. لحظة فيها حس إنه لازم يأكل دلوقتى حالا وألا ... مد إيده ومسك كيس الفلوس ... مافكرش ، ماترددش .. رغم الآلم إللى شعر به فى صدره .. ومشى فى طريقه ..- القاضى إللى كان مراقبه من ورا بابه ، ضحك .. ضحك قوى لإنه كان عارف الحل من أول ما رمى قدامه السؤال – أخد أكله وراح على بيته كل ، فقدر ينام ...

الغريب والعجيب إللى حصل بقى .. إنه لما نام ، اتجسدت قدامه .. حَلْمُه .. جسم وروح .. لمسها .. قرا تفاصيلها .. فك شفرتها وحس بالدفى .

– مصر

http://Mahertolba.maktoobblog.com



دراسة في الفكر السياسي لحركة حماس

صدر عن مركز درسات الشرق الاوسط الاردن الطبعة الرابعة من كتاب دراسة في الفكر السياسي لحركة حماس

تتكون هذه الدراسة من خمسة أبواب وثلاثة عشر فصلاً بالإضافة إلى التمهيد، يُعتقد أنها تغطي الموضوعات المهمة كافّة في دراسة الفكر السياسي للحركة، وقد تناولت في معظمها حركة (حماس) من زواياها السياسية والتاريخية والفكرية وعلاقاتها المختلفة مع المنطق الإقليمي والدولي الحديث.
ففي التمهيد تتناول الدراسة جزأين، الأول: المفهوم العام للفكر السياسي والنظرية السياسية، ومقارنته بالمفهوم الإسلامي لهما بوصفه المرجعية الأيديولوجية للفكر السياسي للحركة، والثاني مدخل موسع لحركة (حماس) في جانبها التاريخي والتنظيمي، وبنائها الفكري، ومراحل تطور فكرها السياسي والعوامل المؤثرة فيه، وعلاقاتها بجماعة الإخوان المسلمين، كما يتناول مراحل الشكل والبناء التنظيمي للحركة منذ إنطلاقتها وحتى الوقت الحاضر .
ويتناول الباب الأول من الدراسة أهداف حركة (حماس) ووسائلها، ويتكون من ثلاثة فصول عن أهداف ووسائل الحركة وعملية التفاعل فيما بينها، ناقش الفصل الأول فلسفة التهديف لدى (حماس)، ومرجعيتها الفكرية، والتطورات التي اعترتها والعوامل التي أثرت في ذلك، كما ناقش الأهداف بأنواعها المختلفة الأربعة العامة والإستراتيجية والمرحلية والظرفية.
وفي الفصل الثاني تتناول الدراسة أبرز الوسائل التي تعمل الحركة على تحقيق أهدافها من خلالها في مجال التعبئة الفكرية والأيديولوجية، وفي مجال العمل السياسي والإعلامي، إضافة إلى تكوين البنية التحتية التي تعمل في إطار المجتمع المدني وبناء الحياة المدنية للمواطنين، كما تناولت منهج المقاومة المدنية والعسكرية اللذين لجأت إليهما (حماس) في التعامل مع الإحتلال الإسرائيلي، وأبرزت الدراسة فلسفة الحركة فيهما ومراحل تطورها والعوامل المؤثرة كذلك.
وفي الفصل الثالث تحاول الدراسة إجراء مقاربة علمية بين الأهداف والوسائل التي تتبناها حركة (حماس)، كما تناقش نجاحاتها وإخفاقاتها في تحقيق أهدافها.
ويتناول الباب الثاني المنطلقات والمفاهيم الفكرية والسياسية لحركة (حماس)، حيث يدرس في الفصل الأول فهم الحركة لطبيعة الصراع مع المشروع الصهيوني، ويتناول بالدراسة تصوراتها لإدارة الصراع من حيث الفلسفة والإستراتيجيات الأساسية، كما يناقش موضوع التكتيك والعمل المرحلي في هذا الصراع في فهم (حماس)، على الصعيدين المحلي الوطني، وفي التعامل مع الإحتلال الإسرائيلي.
وفي الفصل الثاني تتناول الدراسة فهم حركة (حماس) للآخر الصهيوني، والغرب، إذ تناقش مسألة الصهيونية واليهودية في فكرها، وفهمها لطبيعة نشأة وأهداف ووسائل الحركة الصهيونية ومرتكزاتها الفكرية حيال موضوع فلسطين.
كما تناقش الدراسة مسألة العلاقة بين الحركة الصهيونية، ومشروعها وبين الغرب ومشروعه الإستعماري، وتستنتج أسس الإرتباط والإنفكاك بين المشروعين وفق فهم الحركة.
وتناقش الدراسة في هذا الفصل أيضاً فهم الحركة للغرب وتعرض تعامله بإنفتاح مع حركة (حماس) خلال السنوات الأخيرة، والذي أحدث تحولاً مهماً في خطابها السياسي، وأعطاها فرصة لدخول المعادلة السياسية بشكل عملي في الشرق الأوسط.
وفي الفصل الثالث تتناول الدراسة موضوع الوطنية لدى الحركة، وتناقش الفهم الإسلامي والأيديولوجي للمسألة، وعملية التناقض الجدلي بينهما طوال السنوات الماضية، كما تناقش عمليات التحول في الخطاب السياسي الإسلامي حول مسألة الوطنية وأسبابه الواقعية والفكرية، وتستنتج الدراسة أن طرح حركة (حماس) الإسلامي - الوطني حل عقدة الخلاف والصراع الفكري بينهما، وفتح مجالات للتعاون ضد الإحتلال الإسرائيلي .
وفي الفصل الرابع تتحدث الدراسة عن موقف حركة (حماس) من التعددية الدينية والسياسية، وذلك من خلال الإطار الأيديولوجي الفكري النظري، ومن خلال التطبيق العملي، إذ توصلت الدراسة إلى أن الحركة تؤمن بمنهج التعددية في المجالين، وذلك على الصعيدين الديني والسياسي، وأنها قعّدت لهذه المسألة في سياساتها الداخلية وأدبياتها وممارساتها سواء على صعيد التعاون والتنسيق أم التعايش أم التحالف.
وفي الفصل الخامس تناقش الدراسة مسألة كانت محط إشكال في ساحة العمل الإسلامي طوال سنوات طويلة، وهي مسألة العمل السياسي والمشاركة السياسية، والحضور السياسي، وتأخذ الدراسة منحى التأصيل الأيديولوجي لهذا الموضوع من حيث محدداته ونطاقاته، كما تتناول مجمل نشاطات حركة (حماس) السياسي، وتبين بالقياس والمقارنة مدى تأثير مفاهيم الأيديولوجية الإسلامية على ممارسات الحركة ومفاهيمها ومواقفها وسياساتها في مجال العمل السياسي، إذ تؤكد الدراسة بأن عمل الحركة السياسي يلتزم المبادئ الإسلامية ويعنى في ساحة المتغيرات السياسية بالمناورة والتكتيك وفق الضوابط والمحددات والقيود الشرعية الأيديولوجية.
ويتناول الباب الثالث المواقف الأساسية لحركة (حماس) خلال فصلين، يتناول الأول منهما موقفها وسياستها من التفاوض أو إبرام التسوية السياسية مع إسرائيل، فيما يتناول الثاني موقفها وسياساتها من مشروع الحكم الذاتي الفلسطيني وما انبثق عنه من سلطة فلسطينية وإتفاقات أمنية مع الإحتلال، إذ تبين الدراسة أن الحركة تخضع في موقفها المبدئي من التسوية والتفاوض لقواعد أساسية، كما تخضع في موقفها التكتيكي لقواعد مصلحية واقعية لا تتعارض بالضرورة مع الأول، وأن موقف الحركة مر بمراحل عديدة على صعيد الوضوح والصلة بالواقع السياسي، وتصل الدراسة إلى أن الحركة تتعامل مع هذه المسألة وفق مقتضيات الظرف السياسي ما دام لا يتعارض مع ثوابتها الأيديولوجية سواء على صعيد التفاوض (شكلاً ومضموناً وأسلوباً) أم التسوية السياسية مع إسرائيل؛ وفيما يخص مشروع الحكم الذاتي في الفصل الثاني، فبرغم رفض الحركة للمشروع ومترتباته، إلا أنها حاولت أن تفوت - حسب فهمها - فرصة الوقيعة بينها وبين السلطة حسب نصوص الإتفاق، كما تبين من الدراسة، وأنها التزمت الوسائل السياسية والإعلامية في المعارضة.
ويتناول الباب الرابع علاقات حركة (حماس) السياسية، بنطاقاتها المتعددة: الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية، إذ تناقش الفصول الثلاثة دوافع الحركة وأهدافها من هذه العلاقات على كل ساحة ومحدداتها، كما تتناول الممارسة الواقعية للعلاقة بينها وبين الآخر، والسياسات التي التزمتها (حماس) في ذلك، وتبين الدراسة أنّها استطاعت أن تكوّن محيطاً سياسياً معقولاً حولها في الساحات الثلاث، كما استطاعت أن تكون جزءاً مهماً في حسابات مختلف القوى في هذه الساحات في المعادلة السياسية.
أما الباب الخامس والأخير فيتناول حركة (حماس) في بعدها الإقليمي والدولي في فصلين، يتناول الأول منهما مواقفها وتعاملها مع المنظمات الإقليمية (الجامعة العربية) والدولية (الأمم المتحدة) وقراراتهما المختلفة حول القضية الفلسطينية.
أما الفصل الثاني فيتناول حركة (حماس) ووضعها القانوني في ظل القانون الدولي المعاصر، وكذلك موقفها من هذا القانون، إذ ترى الدراسة أنّها حركة تحرير وطني تقف في صف الشرعية الدولية والقانون الدولي بجناحيها السياسي والعسكري، كما ترى الدراسة أن تعاطي الحركة وموقفها من القانون الدولي تطور بشكل ملحوظ، وأنّها اليوم تلجأ إلى نصوص القانون الدولي للدفاع عن قضيتها وبرامجها وأعمالها.
يقع الكتاب في (400) صفحة من القطع الكبير، ويباع بـ (5) دنانير أردنية فقط لا غير .

Middle East Studies Center
مركز دراسات الشرق الأوسط
Jordan Ammanالأردن - عمان
P.O.Box-20543 - Amman 11118
Tel. +962 (6) 4613451
6) 4613452) fax. +962



مملكة العبيد وأسئلتي/ أسماء سريبة

الحرية في زمن العبودية أصبت بشلل في التفكير وقلمي يعجز عن التعبير عما يصيب القلب ويوجع الضمير في زمن العبودية وحلم الإصلاح والتغير والعربي يعيش ذليلا عبيد عند عبيد لأبأس أن كنا عبيد عند الله ولكن مصيبتنا أكبر بكثير لأننا عبيد عند عبيد في مملكة العبيد سكانها يساقون كالحمير وان فتحنا أفواهنا لا تفتح ألا لملاه بالحليب نرفض ولا نقبل التغير نخدر العقل ونقتل الضمير ننام على الحرير ولا نقبل بالقليل وكل غايتنا راقصة بالجسد تجيد التعبير في مملكة العبيد عبيد يحكمون عبيد سكانها يساقون كالحمير وعذر أن أساكم التعبير. في يوم من الأيام سالت نفسي .!!!
لماذا نقبل حياة الذل ؟
لماذا نخضع للظلم ؟
لماذا نقف خائفين من كل شي ؟
لماذا كلما تكلمن نتلفت يمين وشمالا ؟
لماذا نحي ورقيب يقبع في داخلنا؟
لماذا نستسلم لمن هو اقل منا ؟
لماذا نقول نعم عندما لايجب أن تقال؟
ولماذا نصمت ونتراجع في حين أننا بحاجة للكلام ؟
لماذا نغضب حين يقتل الحلم ؟
لماذا نثور ونتهم كل من حولنا حين يقتل الأمل ؟
لماذا نرتكب الأخطاء ونتهم الأبرياء؟
لماذا نتهرب من ساعة المواجهة ؟
لماذا نخاف مواجهة أنفسنا بأننا ضعفاء؟
نختفي خلف الشعارات والهتافات لحظة الاغتيالات !!
نهتف للظالم والمستبد ونبكى ونندب على من رحلوا
نتصفح التاريخ نبكى على الأطلال نرفض ونندد وفى النهاية
نقدم التعازي مع برقية اعتذار إلى أخواننا الشهداء…!!!!
 ليبيا

"العبوة النازفة" أولى روايات الشاعر الفلسطيني فهيم أبو ركن


"العبوة النازفة" تقارب مصير الإنسانية في صراعاتها الأبدية

صدرت حديثاً عن دار فضاءات للنشر والتوزيع رواية "العبوة النازفة" في 141 صفحة من القطع المتوسط، وهي أولى روايات الكاتب الفلسطيني فهيم أبو ركن، بعد نشره مجموعات قصصية وشعرية في فلسطين المحتلة.

تتناول الرواية قصة بطلها يكتشف عبوة ناسفة في السفينة التي يبحر عليها مغتربا عن وطنه، ويعرف تفاصيل هامة وسرية عن هذه العبوة الناسفة، عندها يتحول إلى "عبوة نازفة" من المشاعر والأفكار، تتصارع في داخله قوى الخير والشر؛ فهل يبلّغ عنها ويتسبب بمأساة لرجل أعاد له ذكريات الماضي الجميلة، أم يتجاهل ذلك ويسبب بقتل مئات الأبرياء، وهل سينجو أم سيكون من ضحايا هذه العملية؟ ماذا يفعل، وكيف يتصرف، وكيف تكون النهاية.

"العبوة النازفة" رواية فريدة في موضوعها مبتكرة في توجهها، قوية في أسلوبها، شائقة محكمة الحبكة، تطرح قضايا إنسانية من الدرجة الأولى، وتضيف خطوة هامة في مسيرة الرواية العربية لفرادة أجوائها وانتزاع أحداثها المتخيلة من الواقع الفلسطيني لتلامس هموم الإنسان أينما كان.

يشار إلى أن الشاعر فهيم أبو ركن هو ابن قرية عسفيا القريبة من حيفا، صدر له العديد من الكتب وهي: شلال شوق (شعر 2007)، إنسان حمامة (شعر 1997)، رحلة إلى الأعماق (قصص 1987)، إبراهيم بن أدهم (مسرحية 1987)، لن أقاتل إخوتي (شعر 1981)، في القدس العارية (شعر 1979) وبحر النور (قصص قصيرة 1974)، وله تحت الطبع كتاب "نقد الإبداع وإبداع النقد" وهو مجموعة مقالات نقدية في الشعر.





مدير دار فضاءات

جهاد أبو حشيش

دار فضاءات للنشر والتوزيع

عمّان – الأردن

شارع السلط - مقابل مبنى سينما زهران

dar_fadaat@yahoo.com

تلفاكس: 0096264650885

جوال: 00962777911431


رِحْلَةٌ إِلَى عُنْوَانٍ مَفْقُودٍ" إصدارٌ شعريٌّ جديدٌ للشّاعرة آمال عوّاد رضوان


الوسط اليوم

أصدِرَ الدّيوانُ الشّعريُّ الجديدُ للشّاعرةِ والأديبةِ الفلسطينيّة آمال عواد رضوان، عن دارِ الوسط اليوم للإعلامِ والنّشرِ وبالتّعاون مع الرّقميّةِ للنشر والتوزيع، وجاءَ الدّيوانُ بعنوان "رِحْلَةٌ إِلَى عُنْوَانٍ مَفْقُودٍ"، في 125 صفحة مِن القطع المتوسّط، متضمّنًا 26 قصيدة حبَكتها الشّاعرة بإهداء:

"إليك يا الأسطورة" قائلةً:

يَا مَنْ تُهْتَ مَسَرَّةً بِجَغْرَافِيَّةِ الأَعْمَاقِ، تُعِدُّك طَرِيقُ الْوَجَعِ قَوَارِيرَ مِنْ بَتْلاَتٍ، مَغْمُوسَةٌ أَفْوَاهُهَا فِي الْوَلاَئِمِ، لِمَ اسْتَعْصَى عَلَيْك فَضَّ صَمْتِي، وَإِعَادَتِي إِلَى سِيرَتِي الْعَذْرَاء!... اليكَ يا الأسطورةُ.. إليكَ يا الوطنُ.

بهذهِ العباراتِ خطّتِ الشّاعرةُ آمال عوّاد رضوان بداياتِ إصدارِها الجديد " رِحْلَةٌ إِلَى عُنْوَانٍ مَفْقُودٍ"، وهو الإصدارُ الشّعريُّ الثّالث، الّذي يحملُ ذاتَ الخطى الّتي تتدحرجُ مِن سفحِ الجليلِ إلى بساتينِ الرّوحِ في مرمرِ الصّمت!

وكما هو الإهداءُ مُرصّعٌ بترانيمِ الوطن، هو الفهرسُ المنقوشُ على جسدِ القصيدة، "هَا ثَدْيُ تَارِيخِك

تَيَقَّظَ مِن مَكَامِنِهِ عَلَى بَوَّابَاتِ الْمَعَابِدِ، يُرْوِي عِشْقًا مَكنُونًا اعْتَرَاهُ بُكَاءُ شَذَاك، مُنْذُ تَشَهَّى تَمْتَمَةَ اسْتِفَاقَةِ نَوَافِيرِ حَلِيبٍ، تَهْدِلُ حَنِينَهَا الْمُعْتَكِفِ صَمْتًا مَبْحُوحًا".

وكما هي آمال تتربّعُ على عرشِ قصائدِها بصورةِ "طفلةٍ خضراءَ انبثقتْ مِن رمادِ وطن مسفوكٍ في عشٍّ فينيقيٍّ منذ أمدٍ بعيد"، وبعدما تربّعتْ على عرشِ المقالةِ أيضًا، تعودُ بجديدِها بعدَ غيابٍ، لتُشعلَ النّارَ في حوافِّ الصّمتِ في إصدارٍ شعريٍّ، تضمّنَ ستّةً وعشرين قصيدة، بدأتْ مِن فضاءِ التّوغّلِ بقصيدةٍ لمحمود درويش: "أقِمْ مِحرقةَ أقمارِكَ في أدغالِ مائي"، وانتهت بـ "تحليقاتٌ سماويّةٌ" نقشتْها عتمةً حافيةً!

وكما اختارتِ الشّاعرةُ آمال عوّاد رضوان عناوينَها على مدارج الموجِ الوَعِر، اختارتْ بواكيرَ الآمال لتعمّدَ في إصدارِها الجديدِ مولدَ حالةٍ متميّزةٍ، وتُدّشّنَ كياناتٍ ثقافيّةٍ في فضاءاتِ النّشرِ عبْرَ ديوانِها، الّذي صدرَ عن دار الوسط اليوم للإعلام والنّشرِ في رام الله، وقد استطاعَ الفنّانُ الفلسطينيّ رمزي الطّويل أن يصُبَّ الزّيتَ على الحرائقِ الشّعريّة، بريشتِهِ الّتي مزجَتْ بينَ العمقِ اللّغويِّ والعُمقِ الفنّيِّ، من خلالِ لوحاتِهِ الّتي عبّرتْ عن شاعرةٍ عشقتْ الموسيقا والغناء، "فتعلّمتِ العزفَ على الكمانِ منذ تفتّحتْ أناملُ طفولتِها على الأوتار وسلالم الموسيقا، وقد داعبتْ الأناشيدُ المدرسيّةُ والتّرانيمُ حنجرتَها، فصدحتْ في جوقةِ المدرسةِ، إلى أنِ اتّشحَ حضورُها بالغيابِ القسريّ مدّة سنوات، لتُعاودَ ظهورَها في كورال "جوقة الكروان" الفلسطينيّة، كما عشقتْ أقدامُها المعتّقةُ بالتّراثِ الرّقصَ الشّعبيّ، وكانَ لخطواتِها البحريّةِ نكهةً مائيّةً تراقصُ ظلالَ شبابٍ طافحٍ بالرّشاقةِ في فرقةِ دبكةٍ شعبيّةٍ، إِضَافَةً إِلَى نَشَاطَاتٍ كَشْفِيَّةٍ وَأُخْرَى عَدِيدَة، تَزْخَرُ بِهَا رُوحُ فَتَاةٍ تَتَقَفَّزُ نَهَمًا لِلْحَيَاة!

التقطتِ آمال عوّاد رضوان قصائدَها مِن كرومِ اللّغةِ، ونهلتْ مِن عينِ إبرةٍ تثاءبتْها وجعًا، فروتْ سيرتَها الذّاتيّةَ الّتي جاءتْ بمثابةِ تقديمٍ سهلٍ لشاعرةٍ عشقت القديمَ واستنفرتْ نفسَها لإجلِهِ، عبْرَ إحياءِ ما طوتْهُ التّكنولوجيا في صفحاتِ الأمس، فجاءتْ سيرتُها الذّاتيّة على الصفحاتِ الأولى مِنَ العنوان المفقودِ في رحلتِها الطّويلةِ المطوّبة ب ـ"سحر الكلمات"، "عجوزها المستعارُ، وراعي انتظاراتها المؤجّلةِ بفوّهةِ مغارتِهِ الخضراء، يحرسُ بتمائمِهِ ومشاعلِهِ عرائشَ كرومها، عندما تسلّقتْ عليها دوالي قلبها وذاكرتُها المنهوبةُ، ونصوصُها الوجدانيّةُ المكدّسةُ على رفوفِ فسحاتٍ تعذّرَ التقاطُها"، ولتعبُرَ بها جدارَ الصّمتِ عبْر لوحاتٍ تحملُ العناوين:

إِهْدَاء، السِّيرَةُ الذَّاتِيَّةُ، أَقِمْ مِحْرَقَةَ أَقْمَارِكَ بِأَدْغَالِ مَائِي، كَمْ مُوجِعٌ أَلاَّ تَكُونِي أَنَا، وَحْدَكِ تُجِيدِينَ قِرَاءَةَ حَرَائِقِي، طَعْمُكِ مُفْعَمٌ بِطَعْمِ الْآلِهَةِ، فُسْتَانُ زَفَافِكِ اعْشَوْشَبَ كَفَنًا، نَقْشٌ فِي عَتْمَةٍ حَافِيَةٍ، عَلَى مَدَارِجِ مَوْجِكِ الْوَعِرِ، آتٍ عَلَى نَاصِيَةِ هَوًى، مَرِّغُوا نَهْدَيَّ بِعِطْرِهِ الْأَزْرَقِ، تَجَاعِيدُ نَارِي مَوْشُومَةٌ بِالْعُزْلَةِ، نُعَاسُ السُّؤَالِ تَنَغَّمَ دَمْعًا، إِلَى شَفِيفِ سَوَاحِلِي أَؤُوبُ، مِرْجَلُ انْتِظَارِي الثَّلْجِيّ، لِلَوْعَةِ الْعَتَمَاتِ نَذَرْتُكِ، مَلِكُ الثَّلْجِ أَنَا، جَامِحًا يَصْهَلُ الْوَقْتُ، عَلَى مَرْمَى خَيْبَةٍ، مُزَنَّرٌ بِمِئْزَرِ مَلاَكِي، فَوْضَى أَلْوَانِي الْمُشَاكِسَةِ، بِشَامَةِ حَنِينٍ تَلُوذِينَ، عَيْنُ إِبْرَتِي تَتَثَاءَبُكِ، بِرْفِيرُ غُرُوبِكِ، أُسْطُورَةُ الْتِيَاعٍ، قِيثَارَةُ الْمَسَاءِ، نَاطُورُ الدُّجَى، تَحْلِيقَاتٌ سَمَاوِيَّةٌ.


قصاصات/ نورا عبد الفتاح

الرحيل
قررت اليوم ان احطم كل قيودي ..ان ارحل مني إليك ..اسكن بين ذراعيك..ابحث عن أماني في عينيك..الق بماض قاس عند قدميك..متمنيه ان تعيد لي ايام مضت كانت اشبه بحلم وردي ..يفوح براحة الامل
الف ليله وليله..
شهرذاد هي ..وهو شهريار ...بينهما الف ليله وليله من الاسرار .. لم يتقابلا سوي مرات قليله ولكن!! نسجت بينهم ليالي كثيره ذات تفاصيل جميله ..حولته هو إلي ملك هذا الزمان وهي أميرته التي لا تنام .. تقضي ليلتها بجواره تشاركه الأحلام..إنهما لم يتواعدا علي نهاية ... فقد اكتفيا ان هذة هي البدايه ..
قرار..
قررت ان لا أطلب منك بعد الان ان تغمض عينيك..
بل قررت ان اغلقها انا هذه المرة..علي صورتك في تلك الليله ..فأحملها معي حيث أذهب ..استمد منها قوة كانت قد فارقتني ..فأصبحت بدونها هشه
الصمت..
جعلتني اعشق الصمت وأزهد في الكلام... عندما ايقنت ان ما اعترفت به في صمتك ما كان ليصل بالكلمات
طفلا..
ان تكون طفلا بين يدي ..قادر ذلك علي جعلي انثي استثنائية

حكاية ..
اعتدت دوما ان اقص عليك حكايات الف ليله وليله..ولكنها ليست كالتي تعرفها انت ..إنما بمزاقي الخاص .. وبعد تلك الليله سويا..علمت إنها لم تكن بمزاقي انا وانما كانت بنكهتك انت ..
غريب !!

غريب ان احبك نبضا في خيالي
أعشقك.. فأتمناك..وعندما تأتي الفرصه لتتحول إلي حقيقه ..اخشاك!!!!
فأرفض ظهورك واتركك تحيا فقط في الخيال

حبيبي ..

منذ أول لقاء بيننا ايقنت أننا مفترقان..وانك ستنساني بمرور الزمان
ولكني ايقنت ايضا انني سأظل احبك مهما طال بي الزمان
حبيبي..
منذ أول لقاء بيننا أيقنت اننا مبتعدان بالموت حتما او بالحياة
وكنت اتمني ان يبارك حبنا كما باركنا الحياة .. ولكن هيهات ان نحصل علي ما تمنيناه

في حفل توقيع كتاب "العلماء والاستبداد" لوضاح عبدالباري/ أحمد عبدالرحمن


رزق: الكتاب ينبش داخل القارئ كثير من علامات الحيرة والأسى، واليافعي: كتاب يكشف استبداد بعض العلماء، والحميدي: الطريق إلى التحرير السياسي لن يكون معبداً ولا جاهزاً للإقلاع مالم نلج إليه من بوابة التحرير المعرفي، والشجاع، علينا ألا نتحرج من طرح العلمانية وكشف زيف من يسمون أنفسهم علماء..

قال الباحث حميد رزق بأنه تفاجأ وهو يقلب كتاب "العلماء والاستبداد" للباحث وضاح عبدالباري طاهر بواقع مرير ومحطات مزرية مرت بها هذه الأمة، الأمر الذي ينبش في داخل القارئ لهذا الكتاب كثير من علامات الحيرة والأسى، جاء ذلك في الفعالية التي أقامتها مؤسسة العفيف الثقافية احتفاءً بصدور كتاب "العلماء والاستبداد" للباحث والكاتب وضاح عبدالباري طاهر، وأضاف رزق وهو كاتب متخصص في الشأن الفكري بأن الأمة أصبحت نهباً للعابثين والفاسدين ومما يزيد الحسرة والأسى أن وصل غول الفساد والعبث باقتحام المؤسسة الدينية واختطاف رجل الدين ليمارس الفقيه والسلطان معاً مهمة الظلم ومصادرة الحقوق والحريات، وأشار إلى أن الكتاب استعرض نماذج تاريخية من الحوادث والقضايا التي تمثل الداء الحقيقي لهذه الأمة، وهو داء الصراع الدموي على السلطة والثروة وما ينتجه من مآسي وواقع مرير، وبمرور السنين وتبدل الظروف تمكنت السياسة من تدجين الدين وأفرزت أموراً أو مذاهب وعقائد سياسية شكلت ظاهرة تاريخية تجلت في إطارها مظاهر الصراع التاريخي في المجتمع العربي والإسلامي فنشأ التكفير لأغراض دنيوية لبست مسوح الدين وانتقل خطاب التكفير بعد ذلك ليغرس بذور الصراع الدموي الذي أنتج أشواكاً ومآسي على طول الطريق..كما تحدث في الفعالية الأستاذ عبدالفتاح اليافعي الذي قال بأن الكتاب فيه كثير من المميزات، كالطرافة والمتعة، الأمر الذي جعله كتاباً لا يُمل، وقد بذل فيه الباحث جهداً واضحاً سواء من حيث المادة أو من حيث السبك كما قال اليافعي وهو إمام جامع في أمانة العاصمة، وأضاف بأن الكتاب تطرق لمسألة مهمة وهي العلماء والاستبداد أو استبداد العلماء على حد قوله، قائلاً بأن التاريخ الإسلامي منذ القدم مليء بالصور التي تجلى فيها الاستبداد من قبل بعض العلماء، وهو ما تطرق له الكتاب بطرح هذه الإشكالية كظاهرة مقدماً حلولاً لها، كما أن الكتاب قد أثار قضايا فكرية جديدة كما قال اليافعي، وعالج كثير من المواضيع..من جانبه قال الكاتب والباحث مجيب الحميدي بأنه لا تتوقف أهمية الكتاب المُحتفى به من أهمية موضوعه وتصديه لمواجهة داء عضال ومرض مستشري في ثقافتنا العربية والإسلامية، ولا تتناها هذه الأهمية بحسب الحميدي مع متطلبات الحاجة الملحة إلى التحرير المعرفي، وأضاف في سياق حديثه "نحن نعتقد جازمين كما استفدنا من هذا الكتاب أن الطريق إلى التحرير السياسي لن يكون معبداً ولا جاهزاً للإقلاع مالم نلج إليه من بوابة التحرير المعرفي، وتحرير الوعي الديني حتى نطمئن أن كهنوتية السلطة الدينية لن تتدخل لإسعاف طاغوتية السلطة السياسية" أو الاستبداد السياسي كما قال، وأشار الحميدي وهو صحفي وكاتب مثير للجدل إلى أن الكتاب يستمد أهميته أيضاً من شخصية مؤلفه الذي عرف بجديته البحثية وتجرده والذي وصفه بأنه يجمع بين توقد الذهن وحكمة الآباء وتوهج العزيمة حماسة الشباب..وقال الحميدي وهو يتحدث عن موضوع الكتاب بأن مشكلة الأمة العربية تتمثل في "الزعماء والعلماء" الزعماء بتكبيلهم إرادة الأمة والعلماء بتكبيلهم عقول الأمة، وبالتالي لا يمكن أن تنهض هذه الأمة ما لم تتجاوز هذين العائقين، فالحديث عن الاستبداد المعرفي قد يأتي بحسب الحميدي قبل الحديث عن الاستبداد السياسي لأن الإرادة المكبلة بقيود الاستبداد المعرفي سرعان ما تنتكس تحت إرهاب فتاوى الكهنوتية وتخلد إلى واقع الاستكانة والتسليم، والإقلاع الحضاري المنشود لا يمكن أن يستند على إرادة حرة وعقل راسخ في قيود العبودية..متحدثاً بعد ذلك عن ثورات الحقوق والحريات في العالم الغربي..أما الدكتور عادل الشجاع فقد تحدث عن الاستبداد الديني الذي يمثله جبهة من العلماء في مواجهتهم لأي فعل تحرري يتجاوز الخطاب الديني، وقال الشجاع بأن مشكلتنا تتمحور في توقفنا عن صراع معاوية وعلي بن أبي طالب قائلاً "لا يجب أن نتوقف عند سقيفة بني ساعدة وصراع معاوية وعلي، ولا يجب أن نعيش صراعات الماضي، بل يجب أن نستعيده كقضية تاريخية، وعلينا أن نتوقف في هذه اللحظة التي نعيش فيها"..وأضاف في معرض حديثه عن استبداد من يسمون أنفسهم بالعلماء كما قال، نافياً أن يكون هؤلاء علماء، قائلاً بأن النص الديني هو ملك الجميع يفهمونه بحسب ما يمتلكونه من أدوات اللغة والتربية..داعياً إلى عدم التحرج من طرح مسألة العلمانية التي أكرمت المسلمين والإسلام في الغرب عندما كانت الكنيسة تأتي وتفتش في ضمائر الناس وتدفنهم أحياء، لتجيء العلمانية وسلمت بحق المعتقد لكل البشر.

وفي نهاية الفعالية التي أدارها الباحث والكاتب فهد سلطان تحدث مؤلف الكتاب وضاح عبدالباري طاهر عن كتابه مشيراً إلى بعض المسائل التي تضمنها الكتاب ومعقباً على ما تم طرح من المتحدثين، ليفتح بعد ذلك باب النقاش للحضور.

--
أحمد عبدالرحمن الشرعبي
- مشرف ملحق الديمقراطية الصادر كل يوم إثنين عن صحيفة الجمهورية ويعنى بالتعددية السياسية والفكرية وبالمدنية والحقوق
- سيار:734147191/ 773834966


مذكرات زَيـْنـُو (1)/ محمود شباط


نمت تلك الليلة وأنا أحلم بالسفر للعمل في بيروت، تضج مخيلتي الطفلية بانبهاري بصور تلك المدينة الجميلة التي لم أرها قبلاً، لا هي و لا بحرها ولامطارها ولا ميناءها ولا مبانيها الضخمة التي قالت عنها جدتي بأن الواحدة منها تستوعب الضيعة ببشرها وبقرها وماعزها وغنمها.
أيقظتني أمي قبيل الفجر كي لا يفوتني موعد السيارة. تناومت وتغطيت باللحاف إلى ما فوق رأسي متلذذا بدفء الفراش ونوم الصباح، دخان الحطب المتسلل من الفسحة الصغيرة أمام الدار يلفع أنفي، وقرقعة العيدان اليابسة المتأججة تحت إناء نحاسي كبير مليء بالحليب نسميه "دست" يصلني وميضها المتلألىء متماهياً بدغشة ما بعد الفجر، كانت أمي حينها تغلي الحليب "ليفور" كي تصنع منه لبناً وجبنة وقريشة، وبعضه تحوله كشكاً لتسلمه إلى عمي جادالله فيسوقه لحسابنا إلى زبائنه في زحلة وشتورة، تمغطت في فراشي وقلبت إلى الجهة الأخرى أتلذذ بسرقة غفوة قصيرة أعلم بأن أمي ستتغاضى عنها مـُقـَدّرَة ًتعلقي بالنوم في سويعات الصباح، مضت لحظات قبل أن أنغمس في غفوتي كنت خلالها أسمع تبرم أمي لخالتي سعدى من أعباء الحياة بعد وفاة أبي مبكراً لتربية أربعة أطفال أكبرهم أنا، و تشكو لها من إصرار أهلها على تزويجها لم أعلم ممن. ولا أعرف كم مر من الوقت قبل أن تعود خالتي إلى بيتها، و قبل أن يأتيني صوت أمي الحنون بطبيعته. سمعته ولكني تناومت في حضن لحظات تكاسل تتمطى، ثم تسللت غفوة قصيرة أخرى أنهتها أمي بصوت أعلى إنما رخيم محبب كما تحلله أذناي دائماً:
- يـَلــَّا يا زَيـْنـُو !
- بـَكـِّيـْرْ يـَمـِّي.
- لأ مْشْ بكير يا تقبرني . طـْلـْعْ لـْضَوّ وصار يـْنـْعَرَفْ لـْـكـَلـْبْ مْنْ لـْذِيبْ.
ببرود همة وفتور انبهاري ببيروت أزحت اللحاف عني ببطء. داهمتني موجة التعلق "بمسقط الرأس" وبـُعـْدي عن أمي وفراق أخوتي، تناهت لسماعي أصوات الحطابين ينهرون بغالهم ، وصياح الرعاة على كراريز تجلجل موسيقى الأجراس المعلقة بأحزمة جلدية في رقابها تتقدم القطعان صوب المراعي كما يتقدم حادي العيس القوافل في الصحراء. تثاءبت. نهضت بتثاقل وجررت قدمي نصف الخدرين نحو مطرة تنك مثبتة في الجدار الخارجي للدار نسميها مغسلة، في أسفلها سدة خشبية مخروطية الشكل نسميها حنفية، فتحت الحنفية ربع فتحة، قـَرَّبـْتُ يدي بحذر صوب الماء ونفرت من برودتها كممسوس بتيار كهربائي حين لامست أطراف أصابعي : أح ّحّ حّ حّ حـُوْ ! ، نظرت صوب الزقاق واطمأنيت إلى خـُلـُوّهِ من عابر محتمل يتفرج ويضحك، حـَمَّسْتُ نفسي وشحذت مروءتي كما أفعل كل يوم وغسلت وجهي ويَدَيَّ بسرعة "كغسيل لـْبـِسَسْ" كما تقول أمي ساخرة وأنا "أتأحأح" من سيبيرية تلك المياه اللعينة . أنهيت المعركة خلال ثوان وعدت إلى الداخل ركضاً. وقفت في الغرفة التي ننام ونأكل ونستقبل الضيوف فيها أجفف وجهي ويدي، بل أفركهم بقسوة لبعث إعادة الحرارة فيهم بقدر ما أستطيع، وبالتزامن أتملى بوجوه أحمد وحمزة وعمر النيام كزغاليل حمام رؤوسهم الجميلة على وسادة واحدة، أغبطهم لعدم بلوغهم سن العاشرة بعد، ولأنهم سوف يبقون ينعمون بتلك الغفوة الصبحية الحلوة ولن توقظهم أمي للعمل إلى أن "يبلغ" كل منهم كما "بـَلـَغـْتُ" أنا في العاشرة من عمري. ناولتني أمي صرة فيها حوائجي وزوادتي وهي تشرح لي بكلام كثير عن مبررات إرسالي للعمل في بيروت، فـَهـِمْتُ منها بأنها ما كانت لتطلب مني مساعدتها أو لتتحمل فراقي لو كان والدي لا زال حياً، ولو وُفـِّقـَتْ هي بالعمل في وظيفة مياومة لتنظيف المدرسة، ولكن قلة حظها وقلة الواسطة لدينا طـَيـَّرَتْ الوظيفة إلى من عندها واسطة. في تلك اللحظات تهدج صوتها فاعتقدت بأن حاقدة على من توسط لمنافستها في الوظيفة، ولكن أمي كانت ترمي باتجاه آخر فاخبرتني بأن امراة عمي نصحتها بعدم إرسالي إلى بيروت لأني " نـَيّ و مش شـِلـِشْ " كون بيروت "بـَدْهـَا رْجَالْ". وأنهت أمي توصيتها بأن أكون قـَدّ حَالـِيْ وأن لاأشَمِّت الناس فيها .
كنت أصغي إلى أمي وأتأمل وجوه أخوتي، ولكم تاقت الروح للبقاء معهم. كنت أتملى بعيونهم الملائكية المغمضة وألج هواجس افتقادي لهم في غربتي الأولى، قـَبـَّلـْتهم الواحد تلو الآخر. استوقفتني ملياً جبهة عمر، شقيقي الأصغر، مَرّرْتُ راحتي على وجنتيه المكتنزتين وعلى جبهته، أزحت شعره الأسود الفاحم الغزيرعن عينيه الواسعتين وقبلته وقبلته، لثمت يد أمي بتأثر، حـَمَلـْتُ صرة حوائجي وعدوت نحو الساحة حيث كان الشيخ يحيى يحمي محرك السيارة استعداداً للسفر إلى بيروت.
اثنان من الركاب سوف يترجلان في شتورة، عمي يوسف لتصريف منتجات قطيعه من الحليب والجبنة والقريشة في مطاعم شتورة ومنازلها، أما عمي جادالله فسوف يكمل إلى زبائنه في زحلة. كان بين رجلي عمي جادالله الجالس بجانبي في المقعد الخلفي نصف تنكة حليب غير محكمة السد يسعى جاهداً لتثبيتها بقدميه ولكنه يفشل في كل مرة فيتناثر منها رذاذ الحليب حين تتموج السيارة أو تعثر عجلتها في حفرة فأمسح ما يلحقني منها عن بنطالي بمنديلي، يضحك عمي جادالله : خايف ع َ لـْسْمُوكـِي يا زَيـْنـُو ؟ وعرفت لاحقاً بأنه يقصد بذلة السموكن . ترجل العمان وجاء راكبان آخران.
بعيد ساعة على انطلاقتنا، وحين بلغت السيارة شعاف ضهر البيدر في القمم الغربية من حيث تنحدر بعدها صوب بيروت، اجتاحني حنين غامر لرشف نظرة من السفوح الشرقية ولكني لم أرَ إلا جحافل غيم وضباب وطيف عمر ومرئيات أفول صور لقمم أحببتها.
عـَبـَرْنـَا مناطق جميلة عرفت من هرج الركاب بأنها صوفر وبحمدون اللتين قرأت عنهما في كتاب الجغرافيا، ورأيت سيارات فارهة لم أر بفخامتها وطولها قبلاً تحمل لوحات سعودية وكويتية وقطرية، وأدهشني كبر مساحة هذا "اللبنان" الذي يزعمون بأنه صغير، و بقيت أتمتع بالمشاهد الجديدة كلياً بالنسبة لي : عاليه ، الكحاله ، الجمهور إلى أن ولج الشيخ يحيى بطريق تزين جانبيه أشجار الكينا والصفصاف ، أوقف السيارة على يمين الطريق في الحازمية وأشار لي أن أبقى في مقعدي وألا أفتح الباب. ترجل وأحضر سطل حليب من صندوق السيارة، ثم جاء صوبي وأمسك بيدي ليساعدني في عبور الطريق خوفاً علي من أن تدهسني سيارة عابرة، همس لي وهو يضحك ناصحاً إياي بأن لا أطيل النظر في عيني المعلم سليم لأنه سوف يعتقد بأني أهزأ من حـَوَلِ عينيه فهززت رأسي كتلميذ مطيع. بعد وقوفنا للحظات وانتظارنا شـَدّ على يدي ونهرني : رْكـُوضْ ! عـَجـِّـلْ! ركضنا معاً وعبرنا الطريق نحو محل المعلم سليم. سلمه سطل الحليب واستلم منه الفارغ و سلمني إليه وعـَرَّفـَـهُ عـَنـِّي وغادر.
علمني المعلم سليم كيف أغسل الصحون والملاعق والأقداح وأواني اللبن الفخارية، وكيف أعجن وأخبز اللحم بعجين ومناقيش الزعتر، كما علمني ركوب الدراجة الهوائية لأوصل أغراضاً من محله إلى زبائنه من المصطافين وغيرهم في منطقتي الحازمية ومار تقلا، كما إلى "العصفورية" عبر الطريق، ومحطة التلفزيون القريبة. كنت أنام في غرفة صغيرة على سطح المحل أمامها عريشة عنب، تطل شرفتها على جزء من بيروت وقسم من بحرها كما صوب منطقتي المتن والساحل الجنوبي. أعمل أسبوعين وأقضي إجازة يومين في الضيعة وبذلك اعتبرت نفسي من قلة الصبيان والشبان المحظوظين الذين يعملون في بيروت، وفي ذلك امتياز لا يشعر بالزهو به إلا أبناء القرى الذين جذبهم قبس تلك المدينة الساحرة الجميلة.
سارت الأمور على ما يرام إلى أن أتى ذلك الصباح المشؤوم، حين عدت من مشوار توصيل طلبية لزبون وكان المعلم منشغلاً بزحمة لف السندويشات وخبز اللحم بعجين والمناقيش، لاأدري ما الذي أوقفني قريباً من باب المحل وشدني لتأمله بحركته السريعة المبالغ في مسرحيتها المهنية بهز كتفيه وردفيه، يفتح البراد ويناول زبوناً قنينة بيبسي أو كولا أو سفن آب أو ميرندا أو ويليامس او بيرة ثم يعود لحركته الآلية بمئزره الأبيض الملطخ بآثار زيت المناقيش والطحين، كنت أراه عبر زجاج البراد العريض الذي يفصل بيني وبينه والذي يعرض فيه ما لديه من لبنة وانواع المرتديلا والجبنة والمرطبات والبيرة، وجـَّهَ عينيه نحوي وقال : " شو ؟ شـَرَّفْتْ ؟" اعتقدت بأنه يخاطب شخصاَ آخر خلفي فالتفت إلى الوراء ولم أر احداً فابتسمت، لم تكن تلك هي المرة الأولى، أدرك سبب ابتسامتي فعبس وبربر بكلام كثير فهمت منه بأن علي أن ألم حوائجي "وانقبر إلى ضيعتي" لأن ليس لديه وقتاً لتربية سعادين. واستمر في العمل عابساً مكفهراً .
لـُمْتُ نفسي على تسرعي بتكرار ارتكاب تلك الغلطة رغم ملاحظتي سابقاً بأن المعلم لايستسيغ التفرس بوجهه والتبسم، ورغم نصيحة الشيخ يحيى لي بألا أنظر في عيني معلمي. لم أتجرأ على طلب السماح منه لأنه كان غاضباً جداً لا يطيق حتى النظر نحوي.
بقي المعلم حرداً مني فأسقط في يدي. ماذا لو أصر على طردي من العمل ؟ ليس لدي ما يكفي من المال لشراء الطعام، ولا أعرف أحداً في بيروت، ولا أين سأنام ؟ سيما وأن ملاحظة زوجة عمي عني بأني لست "رجال" لازالت تكوي بسياطها كرامتي المتبرعمة. آليت على نفسي أن أتحمل وألا أخذل أمي، سأبـْقـِيَ رأسها شامخاً معتزة "بزلمة البيت" الذي يعمل في بيروت ويساعدها، أجل ! سوف أبادلها جميلها وتضحياتها من أجلي وأجل أخوتي حين أبقت هي رؤوسنا شامخة بعد وفاة والدي ولم تقبل بالزواج وبتركنا وشأننا مع جدي وجدتي كما نصحها أهلها. شعرت بأني بدأت أقابل الدهر وجهاً لوجه منذ تلك اللحظة، وبأن علي أن أصبر، وبأني بدأت أعالج ما يعترضني من مشاكل بالتسويات والتنازلات وإحناء الرأس دون أن أسمع قبلاً عن أي منها. انسحبت بغيظ تسللاً إلى الخارج ، إنما بهدوء أزجي الوقت بالتفرج على السيارات والمارة إلى أن تنفرج غيوم عاصفة غضب معلمي ، جلست أتفيأ ظل شجرة كينا أم صفصاف هي لا أدري، لم أكن عطشاً ولكني كنت أعب من وقت لآخر من ساقية ماء تنساب ماؤها في قناة خرسانية كسا حافتيها طبقة طحلبية خضراء غامقة. بعيد ساعتين من الزمن ظننت بأن الوقت قد حان لأذكـِّرَ المعلمَ بي فعدت أدراجي نحوه، وما إن لمحني حتى صرخ بي: لـَيْـش بـَعْدَكْ هـَوْنْ؟ شـُو بـَدَّكْ ؟
- بـَدّي اشتغل . ثأثأتها بتفاجؤ من انفعاله المفرط ومن ثورته التي لم تبرد بعد.
- ما في شغل ، يْـلـْعـَنْ لـِّي رَبـَّاكْ ! صرخ بي وأشاح بوجهه عني .
ضاقت حنجرتي بغصة كبيرة كادت تخنقني و لـُمْتُ نفسي لأني تسببت في شتم روح أبي. لم أكرر سؤالي، غافلته وانسحبت بانكسار وقهر إلى غرفتي. جمعت حوائجي في الصرة إياها وعدت إلى القرية مُخـْفـِيـَاً أصلَ الحدثِ عن أمي وهي بدورها افترضت بأني في إجازة روتينية كالعادة.
عـَرَفـْتُ لاحقاً بأن المعلم سليم لم يكن يقصد طردي حقاً، وإنما لوضع حد لابتساماتي الخبيثة الساخرة. فوجىء بتركي العمل وبرحيلي بتلك السرعة فانشغل باله علي واتصل هاتفياً بمنزل مختار الضيعة الذي أبلغ أمي، وأكد لها الشيخ يحيى الخبر إذ قال لها بأن المعلم سليم طلب منه أن يطمئنه عني وفيما إذا كنت قد عدت إلى الضيعة أم لا. لامتني أمي برفق على ترك ذلك "الإبن الحلال" ورجتني أن أعود إلى عملي في بيروت لأساعدها في إعالة أخوتي فوعدتها ... وأوفيت بوعدي ... إنما على طريقتي.

في الحلقة القادمة سوف يتعرف زينو على ساحة البرج والأسواق المحيطة بها.
الخبر في :27/07/2010


بوح الروح جولة في فكر الكاتب والمفكر فايز محمود/ زياد جيّوسي

فايز محمود يرى في فلسفته أنّ الحياة طاقة وبالتّالي هي حركة، لذا يرى أنّ (تطوّر حياتنا الإنسانيّة بحسب ما نكتشف من طاقاتها، وتطوّر حركتنا التّاريخيّة بحسب ما نرتقي نفسيًّا واجتماعيًّا على مختلف الصّعد في هذا المجال). ورغم أنّه يؤمن بأنّ الإنسان هو الكائن العاقل، لكنّه يطرح سؤال: (هل كلّ إنسان يُعتبر مفكّرًا ؟)، فهو رغم قناعته بأنّ الوجود البشريّ قائم على الأساس العقليّ، إلاّ أنّ المفكّرين (الّذين ينكبّون على مشوار الحياة، فقلائل جدًّا جدًّا)، لذا يرى فيهم أنّهم هم (رسلنا، رسل الإنسانيّة، في رحلة الوجود الأصيل الرّائع)، وهو يرى أنّهم (هم الّذين يهبون عيشنا إشراقة الحياة)، والنّاس الذين يفكّرون هم الّذين يعيشون في القلق، فهو يرى بفلسفته أنّ (القلق هو أساس الفكر)، ومن يفكّر يتفلسف بمفهوم ارتقاء الإنسان مادّيًا وروحيًّا، تحديد هويّة الإنسان الحضاريّة والكونيّة في الوجود.

الحياة بكلّ مناحيها هي مجال للبحث في فلسفة فايز محمود؛ فهو يرى كم أنّ (الطّبيعة الإنسانيّة تحمل قدرة مذهلة على مقاساة البؤس)، لذا نراه يؤمن بالتّضحية والعمل الدّؤوب والإبداع والحبّ والتّسامح، فهو يرى أنّ الإنسان لا يعيش لنفسه فقط، ولو اختار ذلك (ما تركته الحياة ينعم بهذا الاختيار الخائب). ومن هنا يستطيع القارئ لأفكار فايز محمود أن يشعر بمدى معاناته الفكريّة، ولمن يعرفه شخصيًّا أن يشعر كم هي معاناته في الحياة بسبب أفكاره الّتي هي متقدّمة كثيرًا عن واقع المجتمع الّذي يعيش فيه. فتحمل الكثير حتّى أنّ فكرة الانتحار راودته ومشى بخطوات فيها، وجرّب السّجن والغربة، عرف خيانة الغير له وعرف المعاناة البشريّة في روحه؛ فهو في سلوكه وفكره يعامَل كغريب في مجتمع لا يفهمه ولا يفهم أفكاره، فيجد نفسه وحيدًا في مجتمع ليس من السّهل أن يكون الإنسان فيه وحيدًا، وخاصّة أنّه لا يؤمن بالوحدة والعزلة عن المجتمع، ويرى في الاختلاط إلى درجة الانصهار وسيلة فكريّة للبحث والتّأمّل في مناحي الحياة ومفاهيم الكون.

يرى في الحرّيّة بعث لموات الإنسان ليقوم من بين رماده، فهو يرى أنّه (ليس أطهر من المادّة الّتي اشتعلت بنورها الكامل وتجلببت بالرّوح)، وهذا يراه السّبيل الوحيد للانعتاق الكامل من جذور الغربة، وفي هذه الحالة من الانصهار المادّيّ بالرّوح، تكون الخطوات نحو الحقيقة ونحو السعادة ونحو أن لا يكون الإنسان غريبًا في مجتمعه، مغتربًا عنه، في فلسفة وحكمة ورحلة بحث لا تتوقّف نحو السّعادة والفر. وفي هذه الرحلة، ورغم المعاناة من الاضطهاد والجوع وسوء التّقدير والإملاق، إلاّ أنّه يرفض الحقد ويرفض أن لا يكون متسامحًا، فالمسألة الأساسيّة يراها في أن يظلّ الإنسان لصيقًا بالطّبيعة الأشمل له، فالحبّ هو الأفق الّذي لا يغيب أبدًا.

إنّ الحياة قصيرة كنسمة من ريح في طبيعتها وفي فهم فايز محمود، لذا يجب استغلال الحياة بالتّفكير والبحث؛ البحث الدّؤوب الّذي لا يتوقّف عن الحقيقة. فالوصول لذلك سيبني أفق المستقبل للقادمين من أجل أن يعيشوا حياة الحبّ وعلاقات الصّداقة الحقّة، وهذه الرّحلة بالنّسبة إليه هي: (قوّة الحلم بالحياة والحياة بالحلم خلاص لما يحاصرنا من جمود).

ترى كم من البشر من الممكن أن يؤمنوا بفلسفة فايز محمود وأفكاره؟ سؤال طرحته على نفسي كثيرًا وأنا أستمع إليه في أحاديثه أو أثناء قراءاتي لما يكتب، ودوما كنت أقول لنفسي أنّ أفكاره جميلة وتحمل أفقًا أجمل، وإن اختلفتُ معه ببعض المفاهيم والقناعات. ولكن كم من البشر يمكن أن يؤمنوا بهذه الأفكار؟ ورغم قناعتي أنّ البشر يحملون في دواخلهم الكثير من أفكار فايز، إلاً أنّ الفارق كبير بين وجود هذه الأفكار وبين تطبيقها، فالأنانيّة والرّغبة بالتّسلّط والكسب كلّها تلعب دورًا كبيرًا في التّناقض في السّلوك البشريّ، مضافًا لذلك أنّ الكثيرين من أصحاب العقائد لا يمكن أن يفكّروا خارج نصوص عقائدهم، ولا يقبلون إلاّ التعامل مع النّصوص الجامدة بلا حراك، فتغيب فكرة البحث والتّفكير والقلق، وبالتّالي يرون في فايز وأفكاره مروقًا مرفوضًا.

فايز في أفكاره يرى أنّ كوكبنا الأرضيّ ليس أكثر من غرفة في الكون الكبير الّذي هو بيتنا، هذا البيت (الّذي نعجز عن استشعاره مهما عمقت معارفنا)، وهو يرى أنّ حياتنا ليست أكثر من فقاعة تجعّدت وكبرت، والفقاعات متى كبرت وزاد حجمها لا بدّ أن تنفجر، هو يرى بنظرته أنّه (يكاد يؤون موعد الوداع، مهما طال وقته المتبقّي)، فالخلود برأيه ليس أكثر من شطآن مستحيلة، والحياة سفر دون وداع، (لأنه لا بدء ولا نهاية لانفجار الكون وتمدّده). فالقارب يدنو من الشّاطئ، شاطئ تمدّد الكون وانفلاشه، أو المعاكسة وانبجاسه من جديد، فنرى فايز يغوص في فلسفة الكون ونهايته ضمن فهم فيزيائيّ، ضمن ما يراه العلماء ضمن قوانين تحكم الكون ومساره، وإن كان لا يرى في هذه النّهايات منظورًا قريبًا، إلاّ أنّه يراه حتميًّا. ومن هنا يركّز على ضرورة أن نعمل لنعيش من خلال المعرفة والحقيقة والحبّ والصّداقة، فهو دائم البحث عن الفرح المحجوب، فيصرخ بقوّة: أين أنت يا فرحي؟ فهو يتوق إلى الفرح؛ (نتوق إلى الفرح، فنخيب به مع الصّديق، ومع الحبيب، مع النّاس جميعًا حتّى مع الأهل والأبناء).

إن فايز لم يسْعَ لامتلاك شيء في الدّنيا، بل يستغرب لماذا يسعى البشر للامتلاك وهناك نهاية لكلّ منهم لا بدّ منها. وهو يرى أنّه يسير إلى نهايته، فيقول: (لا أحد سيذكر هذا الطّيف المدفوع إلى الانسحاب من إكمال دورته قبل الأوان، لكم ضخّم في يقينه أنّ الإبداع ميزة اعتباريّة، وذاب هوى في المطلق، لم يحسّْ بأدنى رغبة لامتلاك أيّ شيء في هذه الدّنيا ولم يفهم قط لماذا يرغب النّاس في امتلاك الأشياء، فنحن غرباء غرباء حقًّا ولا شيء هناك غير أنّنا محض ذكرى زائلة تتكرّر في مشهد إبصارنا بعضنا بعضًا)، لذا نراه يتعامل مع كلّ المسائل ببساطة غريبة، فلا يهتمّ إن ذكره أحد بعد مماته، فهو لا يرى نفسه إلاّ طيفًا مهدورًا، وأنّه (لا يشعر بأسى البتّة لما سيحيق به من نسيان)، فكلّ شيء بالنّسبة له استحال إلى ذكرى، الذّكرى الّتي فيها جماع ما مضى من الحياة كاملاً.

إنّها رحلة طويلة بمقدار الجهد الّذي يبذله فايز محمود في رحلته الّتي لا تنتهي بانتهاء الفرد، فهو يضع أمام أجيال قادمة السّبيل في عمليّة البحث عن الحقيقة، فهي الطّريقة للوصول للسّعادة، وخلال رحلته الّتي لم تتوقّف منذ الطفولة، نرى فايز محمود يخاطب الإنسان بدون تمييز، وهو يرى فيما يطّلع عليه ويبحث فيه إحدى الطّرق للوصول للحقيقة. فنراه يكتب أبحاثًا في مجال الأدب والفنّ؛ ها هو يقف عند أبي العتاهية، وعند تطوّر فكرة الموت ومشكلته عند العرب في العصرين الجاهليّ والإسلاميّ، ويبحث في الذّاتيّة في أدب العقّاد، والضّمير عند تولستوي، والعديد من أبحاث ومقالات أدبيّة وفنّيّة لعدد كبير من الكُتّاب، يجمعها في كتابه (آفاق من العلم والفنّ). فيرى في الأدب والفنّ بعض ممّا يبحث عنه في رحلة التّجوال في البحار بحثًا عن مرفأ، ورغم ألمه وتعبه لا يتوقّف عن رحلته، لكنّه يحادث ابنته سلمى يبثّها همّه: (يدلف أبوك إلى خريفه مثخنًا بسموم العاصفة)، ويخاطب الأمّ بقوله: (لو أدخل الفرح لجنباتك)، فنستشعر الألم الّذي يسود روحه وهو يرى أنّ أوراق الخريف بدأت بالتّساقط في خريف العمر، تغزو الأمراض جسده، يغزو الألم روحه، لكنّه أبدًا لا يتوقّف عن رحلة البحث، عن إيمانه المطلق بأنّه لا بدّ من الوصول للحقيقة، عن إيمانه بالإنسان الحقيقيّ الّذي سيكتشف الحقيقة ويجعل من الحياة سعادة قائمة على الحبّ والصّداقة ومعرفة الحقيقة.

كثيرون لا يعرفون فايز محمود والكثيرون ربما لم يقرؤوه، حقيقة أشعر عبر سنوات طويلة مضت أنّ فايز لم ينل ما يجب أن يناله، ولم يمنحه المجتمع حقّه من التّكريم، فكبر في العمر وما زال يعاني، لكنه لا يفقد الأمل أبدًا. ولذا أرى فيمن يمكن أن يقرأ له، أنّه سيجد فلسفة جميلة ورائعة للحياة، قد نختلف معه في بعض من أفكاره وأسلوب صياغتها، لكنّه أبدًا لا يمكننا إلاّ أن نعجب بما يقول وبروحه المبدعة الخلاقة، ونرى فيها بعض نور قد ينير أنفسنا لو فهمنا أفكاره وفلسفته.

وختاماً أرى في رحلة فايز سفرًا متواصلاً في المكان والزّمان والدّاخل الإنسانيّ. وهذا يعيد لذاكرتي ما كتبته قبل سنوات في نصّ أراه ينطبق على فكر فايز محمود، ويلتقي مع أفكاره الّتي كنت بعيدًا عنها وعن لقاءه منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، حتّى التقينا في العام الفائت فأهداني كتبه الّتي التهمتها التهام الجائع، رغم أنّي كنت في تلك الفترة الّتي قاربت العشرين عامًا قد فقدت التّواصل مع فايز، فكلّ منّا أصبح في بلد يعاني من غربته مع الواقع، إلاّ أنّ أفكاره الّتي كنت أسمعها منه، أفكاره الّتي كنت أناقشه فيها في مرحلة الزّمن الصّعب الّتي عشناها معًا، تركت أثرها في روحي ولعلّها انعكست في نصّي بشكل أو آخر، فكتبت نصّي القصير وهو من كتابي تحت الإصدار (أطياف متمردة) أخاطب به الطّيف البعيد للأنثى الّتي أفتقد فقلت:

(وإن كان السّفر بالحالتين ذا جدوى، فالسّفر في المعبد الأزليّ "الجسد" أكثر جدوى، فأنا كما أنت مسافر لم يصل للمرفأ بعد، أجوس مجاهل نفسي وغابات الرّوح لعلّي أصل لمرفأي.. وفي زمن "الرّويبضة" ما أجمل السّفر بداخل النّفس، نخوض فيها أمواجًا متلاطمة وبحار الظّلمة للوصول لنور الحقيقة المطلقة..

ما أجمل السّفر على مركب الكلمة نخوضها متعة وإحساسًا، فكلّنا جوعى الحقيقة وكلّنا جوعى الإنسانيّة الحقّة. فقد تشوّهت دواخلنا حتّى أصبحنا أشباه بشر.. فإنْ عدتِ إلى الهدوء فقلمي أغصان النّخيل، وارفعي سجّادتك واخفي تحتها الفوضى ولا تلقيها من النّافذة، فنحن بحاجة للفوضى أحيانا لنخرجها من علب الذّاكرة، لأجل حقيقة لا تبان إلاّ من جسد فوضى.

أمّا الشّوائب فلنلقها خارجًا ونغسل أثارها، بما تبقّى من رحيق وشهد نستلّ منه الحكمة، ومهما كان وجع الرّحيل فهو الّذي يعطينا روح الاستقرار والرّغبة به، استقرار الجسد وسكون الرّوح.

فارتدي رداءك الّذي اخترتِ وحلّقي به عاليًا في سماوات رحبة، اقطفي من عالم انعدام الجاذبيّة سواسن وزنابق، لعلّها تعيدك من سفر ومن غربتين).

وهكذا هو فايز محمود سفر مستمرّ، بحث عن مرفأ الحقيقة، سفر في أعماق الرّوح الإنسانيّة والعقل البشريّ، سفر بين الذّات والمكان، رحلة بدأت ولا أعتقد بأنّها ستنتهي. ففايز لا يدّعي امتلاك الحقيقة، لكنّه يسعى بكلّ جهد للوصول إليها، الاقتراب منها، فهو مؤمن بها ولا يؤمن بالمستحيل، فالاستحالة مرفوضة عنده رغم تحقّق الاستحالة في الرّوح ذاتها، ويبقى البحث عن الحقيقة والحبّ والصداقة ثالوثًا مقدّسًا في حياة فايز محمود ورحلته في البحث.

(رام الله 2009)




هل تفهم؟/ ماهر طلبه


لم يكن موجودا في يوم من الأيام .. لكن أباه في شهادة الميلاد دمغه بالاسم والنوع ، وفي بطاقته العائلية دمغه بالترتيب العائلى وقال له ..
"أنت كنت ولم تكن من قبل ... هل تفهم ؟" ... لم يفهم
" ماذا تقصد يا أبتي ؟!" ...
" فقط تذكر أنك بأمر الأب كنت .."...
* * *
" بي كنت فأعرف قدري .. جلني .. وأعمل من أجلي ... أطعمني من كدك وعرقك ... " .. هكذا قال له الأب
فأخذ الفأس وذهب إلى الأرض البور ، وضربها بالفأس .. فانتفضت فزعا ...
" من هذا الذي يشق باطني بفأسه؟! .. " .. قالت
" أنا .. " ... قال
" ماذا تريد ؟... " ... قالت
" لا أريد لك شرا ، لكني سألقي في داخلك بذرتي التي لملمتها من الأيام ، فتنبت وتصيري خضراء ، زينة للناظرين وطعاما للجوعى " ... قال
" منذ زمان طويل لم يأت من يفعل هذا .. آخر من فعلها قُتل ، أخذني قاتله ، أكل من داخلي الكثير ، ثم تركني حتى صرت إلى حالتي تلك ... " قالت
" أبي لن يقتلني .." قال
" فإني أشتاق إلى بذرتك إذن ، فألقها .. " قالت .. وانفتحت بضربات الفأس قنواتها ..
" يا أبتي .. ألقيت اليوم بذرتي في الأرض ، وسقيتها ماء الحياة "
" فقط تذكر أنك بأمري كنت "
* * *
على السرير جلس الأب ، فتقدم منه حاملا بشائر الأرض ، ثمارا نضرة ...
" كل يا أبتي .. أمرتني أن أطعمك وها أنا ذا أطيع ، فأرض عني " .. قال الابن
" نلت بركتي يوم وضعت بذرتك في أرضي البور فخلقت فيها الحياة تلك التى وهبتها لك ... " قال الأب.. والتهم كل ثمار الأرض
" يا بني أريد المزيد ، أمامك الأرض واسعة ، فاسع في مناكبها ، وانفخ في قلب البور الحياة وأطعمني تطعني .. " قال الأب
فأخذ الفأس وذهب يوسع من مساحة خضرته حتى شبع الأب ، وفاض خير الأرض ..
" الثمار على الأشجار لا تجد من يأكلها ، فهل أتوقف ؟.." ... قال الابن
" لتبن خزانا يخزن فيه مازاد من ثمار الأرض ينفعنا في وقت الشدة " .. قال الأب
" وكيف البناء وأنا أعمل في الأرض طوال النهار .؟!.."... قال الابن
" ليكن النهار للزرع ، والليل للبناء "... قال الأب
" لكني متعب يا أبتي .. "
" تذكر أنى خلقتك ...... وتعبت ، لكن لم أتوقف قط حتى أتممت الخلق ، وصبرت .." قال الأب
" لكنى أسمع أنك في يوم ما قد ملكك التعب فاسترحت "
" تذكر أنك بأمري كنت ، فاطعني .."
* * *
أخذ من الأرض الطين ، ومن النهر الماء .. صب من ماء النهر على طين الأرض وبدأ البناء ...
" يا أبتي ... اليوم رفعت الجدران تصد الريح وجاء ميعاد الأرض "
" واليوم ألقيت السقف يحجب ضوء الشمس "
" واليوم أتممت البناء فانظر يا أبتي وتعجب " ... قال الابن
" خلقت فأحسنت الخلق ، املأه من ثمار الأرض وأغلقه " ... قال الأب
" يا أبتي ، ملئ الخزان ومازالت ثمار الأرض على الأشجار لا تجد من يأكلها " ... قال الابن
" ليكن خزانا آخر وآخر وآخر .. حتى تُسْتَوعَب كل ثمار الأرض " .. قال الأب
" يا أبتي قَتَل القمر السهر ويريد النوم " ... قال الابن
" سيأتي وقت النوم فلتصبر وتذكر أني حين خلقتك ....... وتعبت لم أتوقف حتى أتممت الخلق ... فأصبر وأطعني ... "
* * *
"يا أبتي كل خزان الأرض ملئت بالثمار ، ومازالت الأرض تعطي وتعطي ... " قال الابن
" دع الآرض ، أهملها حتى يتوقف عطاؤها ولتكن الخزان محل عمل لك " .. قال الأب
" ثمار الخزان تتزايد وثمار الأرض تسد الطرقات " .. قال الابن وخيوط القلق ترتسم على وجهه
" اعمل " .... قال الأب وداخلته غيوم الغيب
" ثمار الخزان تتزايد والأرض مازالت تعطي ... اليوم سُدّت أبواب الخزان " .. قال الابن وخيوط القلق تحجب عن عينيه الرؤيا
" اعمل " ... قال الأب وتحرك تاركا كرسيه يفكر علّه يمحو غيوم الغيب ...
"يا أبتي الثمار تمنعني الخروج .. سُدّ الباب علينا " ... قال الابن
" يا بني .. أنا أوجدتك وأنت أوجدت الثمار ... هذا من عملك فتوقف .." قال الأب
" خُلقت لأعمل .. أمرتني فأطعتك .. فكيف التوقف ؟!... فوق قدرتي ما تطلب " قال الابن
" في قدرتي ما أطلب ...هذا خنجري أوجدته لهذا اليوم " .. قال الأب وهو يدفع بخنجره في الصدر المفتوح .
" خلقتك .... ، وعدم تعود من جديد " ....
من هول الصدمة تراجعت الثمار عن الباب فزعا ..
ضحك الأب وانشرح صدره ، ومد يده يأكل من ثمار الطريق ...
واليوم انسحبت الثمار من الطرقات وصار براح ...
ضحك الأب وانشرح صدره ، ومد يده يأكل من خزان الأرض حتى فرغت
عندها سقط السقف وانهدمت الجدران ... ضحك الأب ورفع رأسه .. فرأى الرقعة الصفراء تبتلع الرقعة الخضراء تفنيها ، والبور يسود ، كانت الأرض تبكي وتموت ، عندها أحس الأب بالجوع ، فنظر في خارطة الأيام ...
" آن آوان الابن " .... قال .. وفي شهادة الميلاد دمغه بالاسم ، والنوع ، وفي بطاقته العائلية دمغه بالترتيب العائلى .. وقال له .. " أنت كنت ولم تكن من قبل ... "
..... هل تفهم ؟!!!!



مختارات يترجمها الشاعر محمد حلمي الريشة: "بمحاذاة النهر البطيء" يقدم تجارب شعرية وقصصية معاصرة

احدث إصدارات دار فضاءات للنشر والتوزيع

عمّان – صدر حديثاً عن "دار فضاءات للنشر والتوزيع" كتاب "بمحاذاة النهر البطيء"، وهو مجموعة من المختارات الشعرية والقصصية في (216) صفحة من القطع المتوسط ترجمها الشاعر محمد حلمي الريشة.

يضم الكتاب نصوصاً لمجموعة من مشاهير الشعر والقص هم: الشاعر المكسيكي أوكتافيو باث، والشاعر الأمريكي مارفن بيل، والشاعرة الأمريكية إليزابيث بيشوب، والشاعر الأمريكي ريتشارد كيني، والشاعرة البريطانية برناردين إيفاريستو، والشاعر البرازيلي كارلوس دي أندرادي، والشاعر البرازيلي فينيسيوس دي مورايس، والشاعر البرازيلي تشيكو دي هولنده، والشاعر البرازيلي جواكيم كاردوزو، والشاعر البرازيلي مانويل بانديرا، والقاص الأمريكي رون كارلسون، والقاصة والشاعرة الأمريكية باتريشيا هامبل، والقاصة الأمريكية ميشيل لاتيوليس.

يقول الشاعر والمترجم الريشة في "بقعة ضوء": "لو كانت للإنسان، منذ أن وجد على هذه الكرة المائية، لغة واحدة، وتعلمها الكل البشري على امتداد العصور، وإلى ما بعد الآن، لكان التواصل أسهل، رغم عجز اللغة، خصوصاً في الإبداع الكتابي/ الشعري منه أكثر، عن تحقيق شهوة الشاعر في بلوغ ذروة القصيدة. لكن، والحال في تعدد اللغات، كانت الترجمة، رغم بخلها (الترجمة بخيلة وليست خائنة، لأنها نص آخر)، وكأنها طائر بجناح واحد، وسيلة مقبولة لتنقل ثقافات الحضارات بين الأمم على زاجل جناحها.

يشار إلى أن هذا الكتاب هو الثالث والعشرون للريشة، حيث أصدر ثلاث عشرة مجموعة شعرية: "كأعمى تقودني قصبة النأي" (2008)، و"معجم بك" (2007)، و"أطلس الغبار" (2004)، و"هاويات مخصبة" (2003)، و"خلف قميص نافر" (1999)، و"كتاب المنادى" (1998)، و"كلام مرايا على شرفتين" (1997)، و"لظلالها الأشجار ترفع شمسها" (1996)، و"ثلاثية القلق" (1995)، و"أنت وأنا والأبيض سيء الذكر" (1995)، و"الوميض الأخير بعد التقاط الصورة" (1994)، و"حالات في اتساع الروح" (1992)، و"الخيل والأنثى" (1980). كذلك صدرت له "الأعمال الشعرية" في ثلاثة مجلدات (2008)، إضافة إلى أعماله الأخرى: "مرايا الصهيل الأزرق- رؤية. قراءات. حوارات" (2010)، و"محمود درويش- صورة الشاعر بعيون فلسطينية خضراء" بالاشتراك (2008)، ونوارس من البحر البعيد القريب- المشهد الشعري الجديد في فلسطين المحتلة 1948" بالاشتراك (2008)، وإيقاعات برية- شعريات فلسطينية مختارة" بالاشتراك (2007)، و"الإشراقة المجنحة- لحظة البيت الأول من القصيدة" بالاشتراك (2007)، و"شعراء فلسطين في نصف قرن" بالاشتراك (2004)، و"معجم شعراء فلسطين (2003)، و"زفرات الهوامش (2000). وكان صدر له عمل مترجم بعنوان "لماذا همس العشب ثانية؟"- مختارات شعرية من "مشاهدة النار" للشاعر كريستوفر ميريل.

مدير دار فضاءات
جهاد أبو حشيش

دار فضاءات للنشر والتوزيع
عمّان – الأردن
شارع السلط - مقابل مبنى سينما زهران
تلفاكس: 0096264650885
جوال: 00962777911431

القصة كمادة فكرية/ نبيل عودة

نشرتُ في الأشهر الأخيرة ما يقارب الثمانين قصة قصيرة... عدا بعض القصص القصيرة جدا والتي نشرتها كنوع من اثبات عقم تحويل هذا اللون، الى جنس أدبي، وان القصة القصيرة هي قصة قصيرة بغض النظر عن المساحة التي تحتلها على الورق. ولاحظت ان معظم ما قرأته من قصص قصيرة، مجرد فذلكات بلا حس لغوي او قصصي. وبالطبع هناك نصوص جميلة ولكنها قليلة جدا..
الملاحظات النقدية التي تلقيتها، من مختلف المثقفين، فتحت امامي آفاقا لرؤية جديدة لمضمون القصة القصيرة، واجد نفسي مدفوعا لقول ما كنت خلال الأشهر الماضية أتجاهل خوضه مباشرة، ترددا، بسبب تفضيلي التمهل لفهم أفضل لما بدأ يتشكل في ذهني من مفاهيم وتجارب وسعت حدود ادراكي لهذا الجنس الأدبي (القصة القصيرة) التي ظننت في فترة ما ان جهدي في صياغتها يذهب سدى، وان الساحة باتت ملكا لكتاب الرواية.. فكتبت ثلاث روايات ومسرحية، ولكني على قناعة ان قراء أعمالي الروائية من القلة، وهذه ظاهرة في كل نتاجنا الثقافي، رغم بعض الضجيج الكاذب الذي نشهده في ندوات معينة، الا انها تكاد تخلو من النقد أوالقراءة الجادة لما ينشر. وليعذرني زملائي الأدباء على صراحتي الفظة، بان ما نشر حول اعمال روائية او أجناس أدبية أخرى، لا يمكن تصنيف الا أقله كقراءة جادة، وأكاد لا ألمس النقد الثقافي في ما ينشر عن الندوات خاصة. ولكنه موضوع آخر...
في هذه الأجواء المأزومة ثقافيا، تختلف المعايير. كانت عودتي لهذا الانتاج الواسع للقصة القصيرة تعبيرا عن رؤية فلسفية جديدة لهذا الفن القصصي.
بدأت تتشكل مع عودتي بشكل واسع للقراءات الفلسفية والفكرية، مبتعدا بعض الشيء عن الكتابة السياسية، فامسكتني فكرة غريبة ان أدمج بين الفلسفة والفكر والقصة القصيرة، بأن أحاول التعبير عن مناهج فلسفية، بقصص تدمج بين الفكر الجاد واللعبة الإيهامية التي تميز فن القص.
محاولاتي الأولى كانت نصوصا فجة لم أنشرها. ولكن فيما بعد تدفقت معي النصوص، ووجدت نفسي أبحث عن طرائف تتماثل مع الفكرة القصصية المطروحة فلسفيا، لأعبّر بها عن رؤيتي القصصية والفكرية. بل واستعملت بعض الطرائف في مقالات فكرية وسياسية ايضا، ووجدت ان الطرفة تعطي خلفية لفهم جوهر الموضوع المطروح، واحيانا أفضل من آلاف الكلمات.
كنت على قناعة ان مثل هذا النهج الجدي، بالنسبة لي على الأقل... قادر على تشيكل اتجاه ثقافي فلسفي أرقى من مجرد حكايات مسلية هادفة او غير هادفة..
بعض قراء أعمالي الجديدة، ومنهم كتاب قصة من العالم العربي، لاحظوا ان قصصي الفلسفية، وهو اللون الذي طورته في الأشهر الأخيرة، تدمج بين المقال الفكري وفن القصة، وبعضهم بالغ بالقول ان الكاتب يبرز كفيلسوف أكثر من قصصي. وبعضهم تحمس بشكل مبالغ للجانب القصصي الفلسفي...
لم أشأ ان أطلب تفسيرهم لفن السرد ومدى قدرة الكاتب (انا في هذه الحالة) على جعل السرد مشوقا كما في أي نص قصصي ناجح، والتساؤل، هل طرح قضايا الإنسان الفكرية والفلسفية الجوهرية، الأمر الذي يقتضي أن يكون ذهن القارئ مفتوحا وأن يكون ذا يقظة فكرية كاملة، ما لا يتوفر لدى قارئ نصف نائم، كما تعودنا على قراءة القصص الممتعة المسلية، او مشاهدة التمثيليات الممتعة، يُخرج النص من صفته القصصية، الى جنس ثقافي آخر.. مقال مثلا؟.. او "قصة – مقال"؟!
أعرف ان هذا اللون القصصي، المتمثل بطرح فكرة فلسفية او رؤية فلسفية، كجوهر للقصة، يخاطب قارئاً من نوع جديد، قارئاً بمستوى ثقافي ومعرفي ما فوق المتوسط على الأقل، يقرأ القصة بذهن يقظ كما يقرأ، الى حد ما... موضوعاً فكرياً، والسؤال الذي يشغلني بدون إجابة كاملة حتى اليوم: هل يختزل ذلك فن القص ام يرقى به الى مستوى جديد؟
هذا أعادني، بدون حساسيات وبدون أفكار مسبقة، من منطلق ان الكاتب هو أفضل ناقد لنصوصه، أعادني الى مراجعة واسعة للتعقيبات الجادة فقط، التي تحمل لمحات نقدية، وتقييمات أوسع من مجرد التصفيق الحماسي والمديح. وأقول بثقة اني فوجئت من الاستقبال الحماسي لقصصي الفلسفية خاصة من القراء، وان ما كنت أظنه طروحات فلسفية – من الصعب ربطها بقضايا جوهرية ومصيرية لمجتمعاتنا، استُقبلت بفهم كامل وبتعليقات تلمّح الى ما تخاف النفس ان تصرح به علنا.
السلبيون في ملاحظاتهم، تركزوا أولا حول طول النص.. مبرزين ان مساحة استعدادهم للقراءة الواعية تقترب من الحدود الدنيا. وبشكل غير مباشر عبروا عن واقع القراءة الآخذ بالضيق والاختزال في المجتمعات العربية. وبعضهم اتبع ملاحظته حول الطول بأن القصص هي "شبه مقال شبه قصة!!" وربما استنتج من ذلك ان ما يشد القراء أكثر هي النصوص البسيطة، التي لا تحتاج لجهد عقلي. وان بعض دوافع القراءة، مع الأسف هي دوافع للترويح عن النفس، للتسلية، في انقطاع كامل عن التفكير واكتساب شيء جديد. والمستهجن ان البعض ذهب نحو استنتاجات دينية، او أُلصقت عنوةً بالدين، وعبأوا صفحات لا تقرأ، بمواعظ لا علاقة لها بالنص وما يطرحة من رؤية تنويرية او نقدية لواقع عربي مترهل ومتخلف في جميع مجالات الحياة. ولا أعرف ما دخل الدين في الدفاع عن التخلف والانغلاق الحضاري؟!
أي يمكن القول ان النهج السائد في أغلبية المجتمعات العربية، نهج فرض حظر متزايد على مساحة المواضيع المتاحة، وقمع حرية التعبير وحق الرأي ورفض التعددية الثقافية والدينية والإثنية، التي أطلّت برأسها ، من بعض الطروحات المتشنجة التي ارادت ان ترشدني، دينيا، لما هو مسموح وما هو ممنوع (؟؟!!) بعقلية بدائية، تفتقر لمقومات اولية من الوعي... مثلا سؤلت عن بطل احدى قصصي : هل هو كافر ؟ سألت الأديب المتسائل : "وما علاقة ذلك بجوهر النص وعناصر القصة؟ وهل البطل في القصة مشروط ان يكون نسخة مقرر فكرها وعقلها في مجلس فتاوي ؟ وهل القصة باتت مجرد خطاب وعظي آخر؟ وهل كل الأشخاص الذين نلقاهم في حياتنا اليومية هم نسخة طبق الأصل لما نعتقده انه الطريق الصحيح والسوي؟ وهل مجتمع من لون واحد وتفكير واحد ، هو مجتمع سليم العقل؟". واخرى انتقدت خروج أرملة الى الشاطئ للبحث عن حب جديد، بحجة انه لم يمض على موت زوجها أربعين يوما.. وان الدين يقول.. الخ.. الخ.. الخ!!.
مع مثل هذه العقول، يبدو ان كل كاتب يحتاج الى مُفتٍ ليرشده في ما يجوز ان يكتبه وما لا يجوز..!!.
وبالطبع هناك قراء فاجأوني برؤيتهم المتنورة والأكثر راديكالية مما تجرأت على طرحه. ولكنهم لم يجاهروا برأيهم علنا انما عبر رسائل خاصة، وهذا مفهوم وله مبرراته في مجتمعات تضيق فيه مساحة التفكير ، وتلغي العقل لحساب النقل وتسود فيها الخرافات والغيبيات وفكر المعاجز، الذي لم يقدم غير التخدير العقلي.
ان فهمي للقصة تجاوز منذ فترة طويلة مفهوم النص السردي الخفيف المعبر، والكاتب، كما ارى، لم يعد مجرد راو، يروى الحكايات في السهرات والمقاهي، او في وسائل الاعلام المختلفة، لتسلية الناس.
هذا الفن يتحول أكثر وأكثر الى مادة فكرية فلسفية تربوية سياسية اجتماعية ولغوية ثقافية تشمل كل ابواب الحياة، تميزه روح سردية إدهاشية قصصية ممتعة.. وهذا بحد ذاته يطرح إشكالية غير سهلة، تشمل تطوير فن السرد وعلاقة هذا الفن بطرح قضايا فكر وفلسفة ومجتمع من المستوى الأول... ودفع القارئ الى أجواء جديدة في فن القص... فيها متعة الحكاية، الى جانب متعة الفكر. ومتعة الفكر أجمل وأرقى من متعة الحكاية او الطرفة العابرة.
حقا هي مشكلة لدى المبدع، ولكنها مشكلة تتعلق أيضا بمستوى الوعي الذي يمتلكه الكاتب والقارئ على حد سواء. مستوى الإعداد الفكري للأجيال الجديدة، مستوى تطوير العقل المفكر ، وليس العقل الناقل .. في جميع مستويات التعليم.
انا شخصياً ارى ان فن القص هو مسالة مهنية صرف.. أي ان وعي الكاتب هو المقرر ، والحديث عن لحظة الإبداع، وشيطان الإبداع، ودخول الكاتب بجو خاص، ومعاناة الخلق... هو ثرثرة فارغة من المضمون، تخيلات عقيمة. لا يوجد شيء من ذلك. لا أعرف من طور هذا الوهم الثقافي. حقا هناك الموهبة، وتطوير ادوات المبدع اللغوية والفكرية والسردية او الشعرية، وكنت قرأت مجموعة مقالات في الشبكة الألكترونية لأصحاب القاب كبيرة، تتحدث عن فن كتابة القصة وشروطها، وترشد القراء الى كيفية كتابة قصة. أضحكتني وأشعرتني كم هو مبسط وبدائي ، تفكير اؤلئك الأساتذة ، بمحاولاتهم جعل كتابة القصة عملا يتعلق بمعرفة تركيبة القصة، حسب لوائح وبنود وتوجيهات سامية من الألف الى الياء.
ككاتب ورائي مئات القصص وروايات ومسرح وكتب نقد، لا أعرف حتى اليوم تركيبة قصصية يمكن ان انهج عليها. ولم تشغل فكري طروحات الأساتذة المبجلين، "الذين يكشفون للقراء أسرار كتابة القصة"، وهم أعجز عن صياغة جملة قصصية واحدة، من منطلق ان لغة القصة السردية تتميز عن اجناس السرد الأخرى.
شروحاتهم لقواعد التأليف القصصي وشخصيات القصة. أضحكتني بسبب "علمويتها" او " اكاديميتها المدعاة " . اعتقد اننا امام جنس أدبي حان الوقت ليتخذ له مكانة ابعد من التسلية فقط ، ان ننظر اليه بصفته "علم قصصي"، أجل هو علم.. يقتضي الموهبة كما في علم الرياضيات مثلا، ولكنه علم يتعلق أكثر بحياة الإنسان بكل تفاصيلها وإسقاطاتها ومؤثراتها، علم يحتاج الى تجربة حياتية واسعة جدا، والأهم علم يتعلق أيضا بالقدرة على اختراق عقل الإنسان ودفعه للاندماج بالنص، لغة وفكرا.. بما يتجاوز مساحة متعة القراءة فقط، لأن متعة الفكر والفلسفة أرقى وأكثر تنوعاً واختراقاً لنفس الإنسان من مجرد نص الحدوثة ومتعتها.
واضح ان القصة لن تكون بحثا. انما طرح معلومات ومواقف بسرد يختلف عن السرد العلمي... وهنا، كما ارى هو المجال الذي لا بد ان يخطو اليه فن السرد القصصي، ليخرج من الحواديث والجو الحكائي البسيط الى المعاضل الأساسية التي تقف أمام الإنسان العربي أساساً، والإنسان العالمي عموما.
هذا الاتجاه بات بارزاً في العديد من الأعمال الروائية والقصصية العربية، ولم يقلل ذلك من روعتها السردية ودراميتها، انما عمّق الى أبعد الحدود التصاقها بقضايا الإنسان والفكر الإنساني.
هذا النهج يجب تعميقه، ليس لتطوير الحكايات المسلية، انما لجعل فن القص لا يختلف عن إعلان الثورة الاجتماعية من أجل القضاء على الفساد وتعميق نهج التنوير.

نبيل عودة – nabiloudeh@gmail.com

لبنى والبحر/ لبنى صميدة‏

انتظرت قدوم شخص ليصطحبني إلى شاطئ قيل أنه غير بعيد، نظرت في لهفة إلى كرسيّي المتحرّك علّه يتحرّك بقوّة متدفّقة من عينيي...ألا يقولون بأنهما "نافذة الروح"؟ فلما لا تساعدانني في دفع الكرسي؟ جاءت المرافقة و لكن مرافقة الروح تأخرت. خرجنا و هي تدفع بي الكرسي، تتلاحق الكلمات من فمها تحاول أن تتواصل مع إدراكي بلا جدوى...

وصلنا أخيرا إلى شاطئ البحر سحبت نفسا عميقا و أحسست بالأكسجين يملأ رئتيّ ليتسرّب إلى دمي، نظرت إلى الأفق لم يكن بعيدا عنّي.
كانت الشخصيّة تحاول جلب انتباهي فاستمرّت في سرد قصّتها لكن و كأن النسمات التي تداعب وجهي تمنع أذنيّ من الإنصات إليها... كنت غارقة في سكينة غريبة عشقت الإيحاء الذي مَنَحَتْني إيّاه. كانت الأمواج تتراءى أمامي لتكتب قصّتي، تبسّمت و أنا أقرأ فصول روايتي على صفحة بحر بعمق أسراري، "كم أحبك أيتها الحياة فصفاؤك كرقّة أيام حصلت فيها أحلام كنت أظنّها"مستحيلة' آه! ذكريات استفاقت لترى أنها صارت حقائق...حدائق أملي أمامي زرعتها منذ سنين ترى لو كنت آمن بال'مستحيل' كيف كان يمكن أن يكون؟" ضحكت فسألتني من معي عمّا بي؛ في تلك اللحظات ارتديت صمتا دافئا حاكته لي خيوط الشمس. نظرت إليها بامتنان و بإيماءة من رأسي فهمت أنني أطلب قليلا من الانتظار؛ حرّكت بيديها كتفيّ كأنها تريد إزالة أمور ترهقني و همست بصدى خافت: "لا عليك حبيبتي سأبقى دائما سندا لك رفيقتك الوفيّة إلى أن تفيض روحك لتعود إلى مالكها،غير أنني لن أدفن معك لأنني سأظلّ في فكر كل من أحبك، ههههه و حتى من قد تجرّأ على كرهك."
- لبنى: "أنت تعلمين كل شيء عني، فهل أنت مرافقة روحي أم جسدي؟ "
- هي: "أنا معك منذ أن بدأ وعيك يضج بما يحدث لك و حولك"

استرخيت مسندة رأسي بين ذراعيها متمتمة: 'أجل أنت ذكريات لم أنساك يوما و لم أتجاهلك دوما و ستظلّين معي حتما، شَهِدْتِ معاركي و بطولاتي رَأَيْتِ كفاحي و أذقتك حصادي... ألا زلت تدوّنين كل ما يجري لي؟ بحق الله أ لم تملّي؟"
- ذكرياتي في حنوّ: "لا لن أتوقّف عن التدوين، لم أعرف طعم الملل لأنك لم تتركي لي فرصة الإطّلاع على كنهه. دعيني أبحث عنه في دفاتر ماضيك و حاضرك علّي أجد هذا المفهوم الغريب؛ أ هو شعور أم نمط فكري؟"
- لبنى: "دعك منه حبيبتي، إنه مرض يصيب النفس فتعمل على شلّ حركة الفكر. حالة عرضيّة تصيب بعض الأفراد، دعينا منه فقد تسبّب و لا يزال يتسبب في مشاكل للأسف قد تكون أخلاقيّة تحت شعار "الحرّية" و "عيش اللحظة"، قد لا تضر من يمارس هذا النوع "الوحشيّ" (و هذه عبارتي أنا المسؤولة عنها) من الحرية بل الضرر لبعض من يمتّون لهم بصلة للأسف."

عمّ المكان التقى الصمت بالكلام، فانسحب الأخير دون صدام... التفتّ في حركة استطراديّة لم أجد ذكريات؛ "من أنت؟" استفسرت.
أجابت رفيقتي الساحرة بجمال فاق جمال ذكرياتي الحبيبة: "أنا أماني يا لبنى، ذهبت ذكريات للدواوين و تركت لي مهمّة رفقتك فإلى أين تنوين؟"
نظرت إلى البحر و ابتسامة أَمَانِيَّ لم تفارق محياي، إذ أحسستها داخلي متغلغلة في أعماقي فرأيت السفن تحمل نواياي ترحل بها إلى كل مكان و لم أُلْزِمْهَا بزمان، جعلت إصراري كهذا البحر دون حدود... تحدٍّ فاق لطم أمواجه المتكرّر لكسر حاجز صخريّ يأبى إلاّ الصمود."أ يا بحر قد خُلِقْتَ آية من ربّ السماء حتّى لونك ليس فيك أو منك فهل أنا العصاميّة على كرسيّ أقوى منك؟"
قرأت على الأمواج إجابته: "كلّنا أقوياء آنستي، لكنّ القوّة السرمديّة ليست إلاّ لخالق كل شيء" أحببت هذه الرسالة القصيرة من بحر لو كان مدادا لزاد في الكلام و أفاض لكن أبلغ القول ما لم يُقَالُ، و أفضل منه تبقى الأفعال.

كانت هذه تجربة واقعيّة عشتها مؤخّرا على كرسيي المتحرّك قرب شاطئ البحر.

تحياتي للجميع



الصخــــــرة/ نورا السيد عبد الفتاح


استيقظ من نومه فجأه شاعرا بشئ ثقيل يجثم علي صدره .. تلفت حوله باحثا عن ساعته ليتعرف الوقت ..فوجدها ما تزال الخامسة صباحا وتناهي إلي مسانعه صوت المسجد القريب منه يقيم صلاة الفجر ..فتوضأ ونزل مسرعا إلي الصلاه ... وبعد انتهائها صعد إلي المنزل ، اخذ يتجول يمينا ويسارا باحثا عما يخرجه من حالة الملل التي أصابته والتي لا يعرف سببها .وعندما فشل في ايجاد هذا الشئ قرر ان يتغيب عن عمله في هذا اليوم ويذهب إلي العين السخنه .مكانه ا لمفضل والذي يجد فيه الراحه والهدوء وينعم فيه بالصفاء الذهني والروحي الذي يبحث عنه داخل نفسه ولا يجده .

استقل سيارته متجها إلي الشاطئ وقد انبعث من مسجلها صوت اغنية منير المفضله لديه عندما يكون في مثل هذه الحاله الغير مفهومه ( يا عذاب نفسي واخدني لفين ...قضيت معاك الليله بسنين) .

بعد مضي ساعه من الوقت بدأت تظهر أمامه رمال الشاطئ بلونها الذهبي وتتلالا صفحة الماء تحت أشاعة الشمس مما بعث في نفسه شعور بالراحه النسبية ...

اوقف محرك السيارة ونزل منها متجها إلي صخرته والتي يعدها صديقته ايضا !!ولما لا وهي تشبهه كثيرا أو انه هو من يشبهها ..نعم ..فلو تأملته لوجدته كالصخر حقا ، شئ ما في وجهه يجعله كذلك ولكنك لا تعرف ما هو .. اهي الوحده ؟ أم الزمن؟ أم المواقف التي تركت علامتها عليه كما الموج مع الصخر .. اعتقد إنها الاخيرة .. المواقف.. تلك التي صنعت منه رجلا حقا ولكنها انهكت روحه كثيرا.

تمدد بجوار الصخره كأنما يرقد بجوار حبيبته ..وأخذ يتطلع إلي السماء..فهذ هو الوضع الذي يشعر فيه بالراحه..وهو يري البراح يري كل شئ بدون حواجز ..بدون قيود...

وساعدته رقدته ان يغوص في ذاكرته.. يسترجع ذكريات ماض مرهق إلي اقصي حد ،
فتمر المشاهد سريعه متلاحقه أمام عينيه .
.بدايتها يوم خروجه من بيت عائلته بعد مشادته مع والده وطرده له وكان عليه هنا ان يتحمل مسئولية نفسه وهو مايزال صغيرا... صوت امه الحنون مازال يتردد في أذنه وهي تترجاه في الا يرحل ويترك البيت ..يومها فقط بدأ مرحلة تعليم من نوع اخر تعليم في مدرسة الحياه ... وكانت اولي دروسه في هذة المدرسه ان يتعلم معان جديده ..

معني كلمة العمل فقط من اجل لقمة العيش وليس من أجل الرفاهية وتحقيق الذات واستخدام ما تعلمه ..

معني ان يستغل موهبته الرياضيه في لعبة كره السله... فبعد ان كان يتدرب ليصبح لاعب اساسي في فريق اصبح يلعب ليتكسب منها .. فيلعب مباريات متفرقه للفرق المختلفه من أجل المال .. فينتقل في اليوم الواحد بين مباراة وثانية وثالثه..

معني ان يضطر لترك دراسته بكلية الهندسه برغم حبه لها واقتناعه وكل من حوله انه من الممكن ان يبدع فيها حقا لعدم توافر المال والوقت الكافي للدراسة فيكاد يفقد مستقبله..
وعند هذة النقطه لاح لو وجهان عزيزان عليه ..وجه والدته الطيب البشوش والتي ظلت تسانده حتي بعد خروجه من المنزل وتحاول اعادته ثانية بأي طريقه.. ولما فشلت في هذا لم تملك الا ان تحاول مساعدته بالقليل من المال عندما يتسني لها ذلك ...

والوجه الاخر كان وجه استاذه في الجامعه الذي ارغمه علي العوده إلي الكليه بعد لجوء والدته إليه كي يقنعه بأن يستمر في دراسته وبالرغم من عناد الشاب وترديده انه في كل الاحوال قد فقد هذا العام الدراسي الا ان الاستاذ اقنعه انه حتي وان كان هذا صحيحا فيجب ان يعاود مداومة الدراسة ولا ينقطع ...لقد كان الاستاذ مؤمن بمواهب الشاب وعقله ..
وإن من اجمل الاشياء ان نجد من يؤمن بنا حقا وبقدراتنا... فهذا يدفعنا دفعا الى الامام دون ان ندري ..

مازال الراقد يتذكر كيف سارت به الحياه علي هذة الوتيره القاسية عمل ودراسه وتدريب ..لم تكن حياة سهله نهائيا ..

وإن من أصعب الأوقات التي تمر علي الإنسان أن يحتاج إلي من يضمه.. يفهمه ..يهون عليه متاعبه..فيتلفت حوله باحثا.. ولكن !! لا يجد.. أن يشعر برهبة الليل عندما تمر ساعاته بطيئه ثقيله بارده فلا يجد ما ينتزعه من هذا الاحساس السخيف .. فيحاول التفكير في الغد عسي ان يجد فيه ما يقلل من توتره ..فيصطدم بالمجهول .. انه حتي لا يعلم ما يخبئه له الغد فيتمني لو ان الحال كان غير الحال ليس ضعفا وانما هربا مما لا يعرفه ...

فيعود ليتمني ان يجد من يسمع ويفهم ما لا يقوله ولا يبوح به ..يجد من يتفهم ما يشعر به ولا ينطق به لسانه..

يتخرج الشاب في كليته يمتهن الكثيرمن الأعمال لم يركن يوما إلي الظروف والملابسات ..لم يستخدم هذه الشماعه لتكون مبرر للفشل أو البطاله..

ذكريات قاسية ..ولكنه يعرف إنها مع ايلامها كانت السبب الرئيسي لما أصبحت عليه شخصيته من قوة وصلابه ... ذكريات لمواقف صنعت منه إنسان مختلف بكل ما تحمل الكلمة من معني وليس شبه من الأشباه المنتشرة في وقتتا الحالي
المشاهد أمامه مازالت كثيرة ومتلاحقه متألمة أحيانا باسمة قليلا ساخره منه أغلب الوقت ضاحكا عليها الان عندما قارب أن يصل إلي أمله ...عندما اصبح هو ...
هو .. المهندس الموهوب الذي آمن به استاذه قديما والذي يعمل في مكان مرموق الان وفي طريقه إلي أن يكون صاحب لشركة الكترونيات ...وهو لاعب كرة السله المحترف في أحد اكبر الانديه المصريه

ولكن!! واستيقظ من تاملاته فجأه علي رزاز الامواج التي تتكسر علي الصخرة فأبتسم عندما وجد قميصه يكاد يكون مبتل عن اخره بالماء وهو لم يشعر به من فرط استغراقه ..ويبدو انه لم يفق إلا بعد ان ئن جسده من بروده الماء التي فاقت احتماله ....

ابتعد قليلا عن الماء واذداد التصاقا بالصخره كأنه يحتمي بها وعاود التفكير مجددا في حياته، وسبب مجيئه إلي هنا ،وحالة الضيق التي تنتابه من حين لأخر دون سبب

فكر كثيرا كثيرا .. وبحث كثيرا ولم يهتد إلي جواب شاف

تري ما سر هذا الضيق الذي ينتابه؟؟ وما سر افتقاد كل ما حوله للبريق والمعني؟؟ وما سر فقدان الرغبه في عمل اي شئ بالرغم من حبه له ...

الكثير والكثير من الاسئله التي لم يعرف اجابة لاي منها فبدأ يضع احتمالات اجوبه لعله يجد بينها ما يجعله يهدأ ..

اتراها الوحده والاحتياج إلي دفئ وحنان جارف ينتزعه من بروده أيامه ؟؟
أتراه طموح كبير تئن تحت وطأته قواه ؟؟
أم رغبه في الأبتعاد عن كل شئ وأي شئ هنا والبداية بقوة من جديد في مكان اخر ؟؟
أو لعله عدم رضا بما هو عليه؟؟!! وعندما جال بخاطره هذا الخاطر نفضه مستغفر معاتبا نفسه .... فحاشا لله ان يكون غير راض ... حتما هناك سبب اخر غير عدم الرضا ولكنه لا يعرفه ..

وهنا قام منتصبا والقي نظرة اخيره علي صديقته قبل مغادرة المكان وكأنما يعاهدها علي لقاء اخر قريب متمنيا ان تكون عودته اليها وهو في حال غير الحال ...

واستقل سيارته عائدا إلي منزله مره اخري وفي هذة المرة ينطلق من المسجل آيات القرأن الكريم تبث فيه الطمأنينة... محاولا ان يستمد منها قوة جديده تساعده علي أكمال طريقه ...